الالياف البصرية كبديل مثالي للكوابل.
حتى منتصف الثمانيناتكانت صناعة الاتصالات الهاتفية في أوروبا تخضع لسيطرة شركات حكومية ضخمة تعودجذورها إلى بداية الخدمة الهاتفية في العالم، هذه ا لشركات التي تمتعت في البدايةبكثير من حرية العمل والسيادة الذاتية حتى في بلادها حتى سيطرت على جميع نواحيالاتصالات وملحقاتها بما فيها البيئة التحتية والأجهزة والخدمات·
وقد تعرضذلك النظام لثورة حقيقية مذهلة، تمثلت في أداء أكبر تقنية في العالم تمثلت في تعاظمجريان المعلومات إلى كافة أنحاء المعمورة، فقد حلت الخيوط الرقيقة الشفافة المصنوعةمن الزجاج النقي محل الأسلاك النحاسية في نقل الصوت والصورة ومعطيات الحاسب الآليبسرعة نبض أشعة الليزر، وأصبحت عصب شبكات الهاتف والاتصالات في الولايات المتحدةوغيرها من الدول المتقدمة·
ولا شك أن الألياف البصرية تشكل اليوم قوة الحفزوراء تنامي شبكة الانترنت والفاكس والاجتماع عن بعد وظهور التلفاز شديد النقاء وغيرذلك كثير، حتى أن بعض الخبراء يتوقعون ويقررون أن الألياف البصرية هي القوة الدافعةللانتقال من الثورة المناعية إلى الثورة المعلوماتية·
نبذة عن تاريخالألياف الضوئية
يرى بعض العلماء أنالفراعنة صنعوا منذ 3000 سنة سمكة من الزجاج ا لمعقم برأس أزرق وحراشف بيضاء وزعانفصفراء، وقد حصلوا على هذه الألوان عن طريق إضافة أكاسيد معدنية إلى الزجاج المصنوعمن السيليكا (تم إضافة الكالوبالت لعمل اللون الأبيض، والانتيمون للون الأصفر)· ولميتمكن الفراعنة من صنع زجاج شفاف لأن المادة الأولية المستعملة كانت مشوبة ببقاياالأكاسيد·
ومع تقدم علم الكيمياء وتطور صناعة الزجاج تمكن علماء آخرون منصنع الزجاج الشفاف، وكان التقدم في هذه الصناعة سريعا ذلك إن شفافية أفضل العدساتالتي صنعت في بداية القرن العشرين كانت أعلى بعشرة آلاف مرة من شفافية الزجاجالمصنوع بمعرفة الفراعنة·
وفي الستينيات ارتفعت تلك الشفافية بعشرة آلافمرة أخرى بفضل تقنية إنتاج ثاني اكسيد السليكون عالي النقاء، مما مكن من صنعالألياف البصرية·
وتذكر المراجع أن أول من كتب مطالبا باستخدام الأليافالبصرية >بيرد< البريطاني و>هانسل< الأميركي وذلك عام 1927، وكانتمطالبتهما باستخدام الألياف البصرية لنقل الصور التلفازية، بيد أنهما لم يقوما بأيةتجربة علمية·
وظل العلماء يولون الألياف البصرية اهتمامهم طوال عقودمتوالية، إلا أنه لم يتم استخدام الألياف البصرية بصورة عملية إلا في بدايةالخمسينيات، حيث استخدمت في المناظير الطبية لفحص المعدة والأمعاء، وفي الصناعةلفحص مكائن الطائرات· غير أن أطوال هذه الألياف وقتئذ لم تتعد عدة أقدام، وكانحجمها كبيرا نسبيا، والفاقد منها مرتفع للغاية·
وعندما تم اكتشاف أشعةالليزر عام 1960 بدأ التفكير الجاد في استخدام الألياف البصرية، ذلك إن حزمة ضوئيةواحدة من أشعة الليزر يمكنها نقل آلاف الصور التلفازية· ومنذ ذلك الوقت بدأتالأبحاث تأخذ شكلا جديدا نظرا للإمكانات الهائلة التي تقدمها أشعة الليزر·
وفي اغسطس 1970 أطلق العالم >دونالد كيك< شعاع ليزر في عيّنة جديدةمن الزجاج مسحوبة بشكل خيط رفيع طوله 200 متر· وبواسطة المجهر بدأ كيك يحاول ضبطمسار انطلاق شعاع ليزر (يفوق الهيليوم) مع لب الخيط الزجاجي اللامتناهي في الضوء· فجأة لفت انتباهه ضربة نقطة الضوء المهجرية في عينه، كان الضوء قد انطلق عبر الخيطالزجاجي، واردا وارتد من الطرف الآخر إليه·
كشفت التجارب السابقة أن النبضالصوتي الذي يحمل المعلومات يصل إلى نهاية الخيط ثم يتحلل ويختفي، أما تلك اللحظةفقد كانت لحظة الانتصار المذهل، إذ بدا أن الاتصال عبر الألياف البصرية أصبح ممكنا· وبقي بعد ذلك مسألة التوصل إلى معادلة كيفية توليد ضوء بدرجة حرارة الغرفة، وفيأواخر أكتوبر 1970 كانت مختبرات شركة >بيل تليفون< الأميركية توصلت إلىالمعادلة المطلوبة·
ونتيجة للتقدم الهائل في تقنية صناعة الزجاج، وإنتاجثاني أكسيد السليكون النقي، تمكن العلماء عام 1979 من إنتاج ألياف زجاجية بلغ حدهاالأقصى من الشفافية والنقاء، وأن الإشارة لا تفقد أكثر من نصف طاقتها بعد قطعهامسافة 20 كيلومترا فيها· وبذلك اتضح أن الألياف البصرية يمكن أن تتفوق على جميعقنوات الاتصال الأخرى·
وفي 1987 استعملت شركة >بيل تليفون< جهازالليزر الدقيق والألياف الزجاجية لإجراء أول اتصال الكتروني ضوئي·
الالياف البصرية .
الألياف البصرية (Fiber Optics) هي أزواج منالأسلاك الزجاجية الرفيعة التي تمثل وسط نقل الطاقة· وكل من هذه الأزواج ذو سُمْكلا يزيد على سُمْك الشعرة،ومصنوع من مادة زجاجية نقية، ويحمل الخيط الليفي الواحدنبضات قصيرة من شعاع الليزر وهي عبارة عن ومضات بالغة القصر من أشعة الليزر بمعدلسرعة يبلغ مئات ملايين ومضة في الثانية، وقد أمكن للشركات العالمية تطوير استخدامهذه الألياف بإمكانية حشد ألوف المكالمات الهاتفية عبر زوج واحد من الألياف الزوجيةالضوئية وبذلك تصبح تكلفة أسلاك الزجاج عن استخدامها بأحجام كبيرة في نقل المكالماتوالمعلومات من قبل الحكومات وشركات الاتصال أقل بكثير من تكلفة الكابلات النحاسيةمما يشكل منافساً كبيراً لها·
واستخدام أشعة الليزر لبَثّ المعلومات عبرأسلاك رفيعة من الألياف الزجاجية سيمكن العالم من إجراء اتصالاته بتكلفة أقل منالتكلفة الحالية، بالإضافة إلى تحسن مستوى الأداء في هذا المجال· وبالفعل تم إنشاءخطوط اتصالات ليفية ضوئية لاستخدامها في كل الاتصالات في كثير من الدول المتقدمةكالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليابان وألمانيا·
ومنذ سنوات كان حلمرجال الصناعة استحداث وسيلة جديدة لنقل الصوت والصورة والمعلومات الأخرى بتكلفةقليلة وبدون تداخل، وقد تحقق حلمهم باستخدام الزجاج وأشعة الليزر· وقد استخدماليابانيون بالفعل هذا التكتيك الجديد في بلدة >هاي أوفيز< القريبة من >أوزاكا< وتمت تجربة الألياف البصرية المزدوجة ووفرت للمشتركين نظاما تلفازياسلكيا ذا سرعة بث عالية·
وتتكون الليفة الزجاجية من جزءين أساسيين ، الأول: الجزء المركزي (core) وله مُعَامِل انكسار معين محاط بطبقة أخرى تسمى: الكسوة (cladding) ومعامل انكسارها أقل من مُعَامِل انكسار الجزء المركزي حتى يتم حصرالضوء المستخدم لنقل المعلومات في مركز الليفة الزجاجية، كما تحاط الليفة بطبقة أوأكثر من مادة واقية حتى لا يتم خدشها أثناء التركيب·
أما عن رحلة الموجاتالصوتية عبر الألياف الزجاجية فتنطلق من مصدر هو عادة ليزر أو موصل ثنائي باعثللضوء (light Emihing Diode)، ويوضح هذا المصدر قرب أحد طرفي الليف فيضيء قلب الليفويمر بعض الضوء منه وفق استقامة محور، بينما يدخل فاتبقى مائلاً بزاوية ما، ويسقطعلى السطح الفاصل بين القلب والغلاف فيخترق هذا السطح ثم يخترق الغلاف وتمتصه طبقةلدنة تحيط بالليف لحمايته من التلف· وأما الضوء الذي يسقط على السطح الفاصل والغلافبزوايا إسقاط كبيرة، فإنه ينعكس عن هذا السطح انعكاسا كليا مرتدا نحو قلب الليف،وتتكرر هذه الانعكاسات الكلية مرات عديدة موجهة الأشعة الضوئية وفق استقامة طولالليف الزجاجي·
وينجم هذا الانعكاس الكلي عن أن الضوء وكل الموجاتالكهرومغناطيسية تنتقل في المواد المختلفة بسرعات مغايرة، ويعبر عن السرعة التيينتقل بها الضوء عبر مادة بمعامل الانكسار وهو يساوي نسبة سرعة الضوء في الفضاء - وهي أعلى سرعة - إلى سرعته في المادة نفسها·
أما عن سعة الألياف البصريةفقد نجحت تجارب مؤسسة التليفون والتلغراف الأميركية في تركيب كابل زجاجي بين مدينتينيويورك وواشنطن لا يتعدى سُسسْكة الإصبع، ويستطيع نقل 240 ألف مكالمة هاتفية فيوقت واحد، ولا تستطيع الألياف الزجاجية نقل المكالمات الهاتفية فقط وإنما نقلالمكالمات التلفازية أيضا، وهذا ما لا يمكن تحقيقه باستخدام الكابلات النحاسية، ذلكأن الصورة التلفازية فيها من التفاصيل المرئية ما تعجز أسلاك النحاس عن حملها (فيكل صورة تلفازية حوالى 100 ألف نقطة مضيئة على الشاشة تكّونْ الشكل العام للصورةالتلفازية)·
كما يتطلب الأمر إرسالها بمعدل 16 صورة كاملة في الثانية حتىتعطي العين البشرية الانطباع بالحركة على الشاشة (في حال استخدام أسلاك النحاس فإنذلك سيؤدي إلى تداخل النبضات الكهربائية نتيجة للمجال الكهرومغناطيسي الناتج ممايعني صورة مشوشة غير واضحة المعالم)·
أما إرسال مليون نبضة ضوئية فيالثانية عبر سلك زجاجي فيمكن دون أن يطرأ على البث أي تشويش، وذلك نظرا للقصرالشديد في طول موجة شعاع الليزر ومناعته ضد الموجات الكهرومغناطيسية·
ونظرالصغر حجم الألياف البصرية وخفة وزنها فإن كثيرا من شركات الاتصالات والطيرانوالبواخر والغواصات والأقمار الصناعية بدأت باستبدال الكابلات النحاسية بأليافبصرية ولتوضيح ذلك فإن كابلا من الألياف البصرية زنته 3.6 كيلوغرام يمكن أن يحل محلكابل نحاسي وزنه 95 كغم· من هذه المقارنة يتضح أن صغر الحجم وقلة الوزن يؤديان إلىخفض تكاليف الإنشاء وسهولة التمديد والنقل مقارنة بالكبلات النحاسية·
بعض استخدامات الأليافالبصرية .
يمكن لحزم الألياف أن تتسلل لترى مالا يمكن الوصول إليه من دونها، وهذا ما جعل لها قيمة خاصة في الطب، حيث يراقبالأطباء ما يحدث داخل جسم الإنسان بواسطة المناظير الباطنية الليفية - البصرية،وبإمكان الحزم الليفية أن تستخدم كـ >أنابيب ضوئية< لتركيز الضوء على أمكنةصغيرة يصعب الوصول إليها·
أما الاستعمال الأوسع والأشهر فهو في ميدنالاتصالات، إذ يمكن لليف مفرد أن يحمل إشارة بصرية بين مرسل ومستقبل، وتوفر الأليافالمزدوجة اتصالات في اتجاهين، ويمكنها أن تنقل الإشارات إلى مسافات أبعد وبسرعاتأكبر من الأسلاك من دون تضخيم أو تقوية في الاتصالات الهاتفية والتلفازيةوالحاسوبية·
وقد قطعت هذه التقنية مسافة كبيرة بسرعة هائلة، حتى أنه يتماليوم اختبار وصلات ليفية بصرية سوف تنقل خدمات اتصالات جديدة في المنازل· فالفائدةالرئيسية لأنظمة الألياف البصرية بالنسبة للاتصالات هي أنها يمكنها أن تبث معلوماتأكثر لمسافات أطول مما تفعل الأسلاك· ومقاومة الأسلاك الثخينة التي توصل الكهرباءإلى المنازل ضئيلة، وبالتالي فإنها لا تفقد إلا قليلا من القدرة، ولكنها لا تستطيعنقل معلومات مفيدة بسرعة عالية· ويمكن لأنواع أخرى من الكابلات المعدنية أن تنقلالمعلومات بسرعات عالية، ولكن ليس لمسافات بعيدة، نظراً لأن لها مقاومة عالية· أماالألياف البصرية فتنقل كمية كبيرة من المعلومات دون فقد قدرة كبيرة·
وإذاكانت معظم الألياف البصرية مصنوعة من زجاج خاص هو ثاني أكسيد السليكون، المفرطالنقاء، المخلوط بكميات ضئيلة من مواد أخرى مثل >الجرمانيوم< أو >البورون< المضافة· ويكون فاقد الإشارة قليلا· ويعتمد على موجة الضوء· وبالنسبة للانظمة البصرية - الليفية النموذجية فهذا يعني إمكانية إرسال الإشاراتإلى مسافة 50 -60 كيلو مترا بموجة طولها 1300 >نانومتر< وإلى ما يتراوح بين 120 و150 كيلو مترا بموجة طولها 1550 >نانومتر<·
وهذه القيم ملازمةللزجاج الذي يصنع منه الليف، ولا يمكن تخفيف الفاقد إلا بالتحول عن الزجاج إلى موادأخرى مختلفة· ولقد اختبر الباحثون بعض هذه المواد بما في ذلك أنواع من الزجاج تحتويعلى >الزير كونيوم< و>الفلور< وبعض العناصر القليلة الأخرى، ولكن مازالعليهم إثبات كون هذه المواد عملية إذا ما استخدمت في الألياف البصرية·
وفيالختام، فإن الاتجاهات التقنية اليوم واضحة تماما، فخلال أكثر من عقد بقليل، أصبحتالألياف البصرية تشكل الطريقة الأهم لنقل أنواع عديدة من الاتصالات بين نقاط ثابتة· وعموما فإن التقدم مازال مستمرا في مجالات عديدة من إمكانية نقل المزيد منالمعلومات والخدمات، وستزيد هذه التطورات من استعمال الألياف البصرية في شبكةالاتصالات العالمية·
وقد استخدمت تقنية الألياف البصرية في العديد من مناحيالحياة في الطب، وفي التعرف على قياس الحرارة والضغط بشكل دائم في حقول النفط،والتعرف على المنتجات النفطية عبر التقاط الاختلاف في اللون بين كل مادة تمر فيالأنابيب·
وفي مجال الطيران أثبتت الدراسات أن استخدام الألياف البصريةيؤدي إلى تقليل وزن أنظمة المراقبة في الطائرات بنسبة 30 -40 في المئة، وأنه يمكنوضع هذه الألياف بسهولة في المحركات وأجهزة الهبوط وأجهزة التحكم في الطيران· كمااستخدمت الألياف الضوئية بكثافة في الاتصالات بين أسلحة القوات المسلحة، وفيالغواصات، وغير ذلك كثير من مناحي الحياة· ولا شك أن التطورات الحالية في استعمالالألياف البصرية سوف تزيد من استعمالاتها في شبكة الاتصالات العالمية·
وقد تعرضذلك النظام لثورة حقيقية مذهلة، تمثلت في أداء أكبر تقنية في العالم تمثلت في تعاظمجريان المعلومات إلى كافة أنحاء المعمورة، فقد حلت الخيوط الرقيقة الشفافة المصنوعةمن الزجاج النقي محل الأسلاك النحاسية في نقل الصوت والصورة ومعطيات الحاسب الآليبسرعة نبض أشعة الليزر، وأصبحت عصب شبكات الهاتف والاتصالات في الولايات المتحدةوغيرها من الدول المتقدمة·
ولا شك أن الألياف البصرية تشكل اليوم قوة الحفزوراء تنامي شبكة الانترنت والفاكس والاجتماع عن بعد وظهور التلفاز شديد النقاء وغيرذلك كثير، حتى أن بعض الخبراء يتوقعون ويقررون أن الألياف البصرية هي القوة الدافعةللانتقال من الثورة المناعية إلى الثورة المعلوماتية·
نبذة عن تاريخالألياف الضوئية
يرى بعض العلماء أنالفراعنة صنعوا منذ 3000 سنة سمكة من الزجاج ا لمعقم برأس أزرق وحراشف بيضاء وزعانفصفراء، وقد حصلوا على هذه الألوان عن طريق إضافة أكاسيد معدنية إلى الزجاج المصنوعمن السيليكا (تم إضافة الكالوبالت لعمل اللون الأبيض، والانتيمون للون الأصفر)· ولميتمكن الفراعنة من صنع زجاج شفاف لأن المادة الأولية المستعملة كانت مشوبة ببقاياالأكاسيد·
ومع تقدم علم الكيمياء وتطور صناعة الزجاج تمكن علماء آخرون منصنع الزجاج الشفاف، وكان التقدم في هذه الصناعة سريعا ذلك إن شفافية أفضل العدساتالتي صنعت في بداية القرن العشرين كانت أعلى بعشرة آلاف مرة من شفافية الزجاجالمصنوع بمعرفة الفراعنة·
وفي الستينيات ارتفعت تلك الشفافية بعشرة آلافمرة أخرى بفضل تقنية إنتاج ثاني اكسيد السليكون عالي النقاء، مما مكن من صنعالألياف البصرية·
وتذكر المراجع أن أول من كتب مطالبا باستخدام الأليافالبصرية >بيرد< البريطاني و>هانسل< الأميركي وذلك عام 1927، وكانتمطالبتهما باستخدام الألياف البصرية لنقل الصور التلفازية، بيد أنهما لم يقوما بأيةتجربة علمية·
وظل العلماء يولون الألياف البصرية اهتمامهم طوال عقودمتوالية، إلا أنه لم يتم استخدام الألياف البصرية بصورة عملية إلا في بدايةالخمسينيات، حيث استخدمت في المناظير الطبية لفحص المعدة والأمعاء، وفي الصناعةلفحص مكائن الطائرات· غير أن أطوال هذه الألياف وقتئذ لم تتعد عدة أقدام، وكانحجمها كبيرا نسبيا، والفاقد منها مرتفع للغاية·
وعندما تم اكتشاف أشعةالليزر عام 1960 بدأ التفكير الجاد في استخدام الألياف البصرية، ذلك إن حزمة ضوئيةواحدة من أشعة الليزر يمكنها نقل آلاف الصور التلفازية· ومنذ ذلك الوقت بدأتالأبحاث تأخذ شكلا جديدا نظرا للإمكانات الهائلة التي تقدمها أشعة الليزر·
وفي اغسطس 1970 أطلق العالم >دونالد كيك< شعاع ليزر في عيّنة جديدةمن الزجاج مسحوبة بشكل خيط رفيع طوله 200 متر· وبواسطة المجهر بدأ كيك يحاول ضبطمسار انطلاق شعاع ليزر (يفوق الهيليوم) مع لب الخيط الزجاجي اللامتناهي في الضوء· فجأة لفت انتباهه ضربة نقطة الضوء المهجرية في عينه، كان الضوء قد انطلق عبر الخيطالزجاجي، واردا وارتد من الطرف الآخر إليه·
كشفت التجارب السابقة أن النبضالصوتي الذي يحمل المعلومات يصل إلى نهاية الخيط ثم يتحلل ويختفي، أما تلك اللحظةفقد كانت لحظة الانتصار المذهل، إذ بدا أن الاتصال عبر الألياف البصرية أصبح ممكنا· وبقي بعد ذلك مسألة التوصل إلى معادلة كيفية توليد ضوء بدرجة حرارة الغرفة، وفيأواخر أكتوبر 1970 كانت مختبرات شركة >بيل تليفون< الأميركية توصلت إلىالمعادلة المطلوبة·
ونتيجة للتقدم الهائل في تقنية صناعة الزجاج، وإنتاجثاني أكسيد السليكون النقي، تمكن العلماء عام 1979 من إنتاج ألياف زجاجية بلغ حدهاالأقصى من الشفافية والنقاء، وأن الإشارة لا تفقد أكثر من نصف طاقتها بعد قطعهامسافة 20 كيلومترا فيها· وبذلك اتضح أن الألياف البصرية يمكن أن تتفوق على جميعقنوات الاتصال الأخرى·
وفي 1987 استعملت شركة >بيل تليفون< جهازالليزر الدقيق والألياف الزجاجية لإجراء أول اتصال الكتروني ضوئي·
الالياف البصرية .
الألياف البصرية (Fiber Optics) هي أزواج منالأسلاك الزجاجية الرفيعة التي تمثل وسط نقل الطاقة· وكل من هذه الأزواج ذو سُمْكلا يزيد على سُمْك الشعرة،ومصنوع من مادة زجاجية نقية، ويحمل الخيط الليفي الواحدنبضات قصيرة من شعاع الليزر وهي عبارة عن ومضات بالغة القصر من أشعة الليزر بمعدلسرعة يبلغ مئات ملايين ومضة في الثانية، وقد أمكن للشركات العالمية تطوير استخدامهذه الألياف بإمكانية حشد ألوف المكالمات الهاتفية عبر زوج واحد من الألياف الزوجيةالضوئية وبذلك تصبح تكلفة أسلاك الزجاج عن استخدامها بأحجام كبيرة في نقل المكالماتوالمعلومات من قبل الحكومات وشركات الاتصال أقل بكثير من تكلفة الكابلات النحاسيةمما يشكل منافساً كبيراً لها·
واستخدام أشعة الليزر لبَثّ المعلومات عبرأسلاك رفيعة من الألياف الزجاجية سيمكن العالم من إجراء اتصالاته بتكلفة أقل منالتكلفة الحالية، بالإضافة إلى تحسن مستوى الأداء في هذا المجال· وبالفعل تم إنشاءخطوط اتصالات ليفية ضوئية لاستخدامها في كل الاتصالات في كثير من الدول المتقدمةكالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليابان وألمانيا·
ومنذ سنوات كان حلمرجال الصناعة استحداث وسيلة جديدة لنقل الصوت والصورة والمعلومات الأخرى بتكلفةقليلة وبدون تداخل، وقد تحقق حلمهم باستخدام الزجاج وأشعة الليزر· وقد استخدماليابانيون بالفعل هذا التكتيك الجديد في بلدة >هاي أوفيز< القريبة من >أوزاكا< وتمت تجربة الألياف البصرية المزدوجة ووفرت للمشتركين نظاما تلفازياسلكيا ذا سرعة بث عالية·
وتتكون الليفة الزجاجية من جزءين أساسيين ، الأول: الجزء المركزي (core) وله مُعَامِل انكسار معين محاط بطبقة أخرى تسمى: الكسوة (cladding) ومعامل انكسارها أقل من مُعَامِل انكسار الجزء المركزي حتى يتم حصرالضوء المستخدم لنقل المعلومات في مركز الليفة الزجاجية، كما تحاط الليفة بطبقة أوأكثر من مادة واقية حتى لا يتم خدشها أثناء التركيب·
أما عن رحلة الموجاتالصوتية عبر الألياف الزجاجية فتنطلق من مصدر هو عادة ليزر أو موصل ثنائي باعثللضوء (light Emihing Diode)، ويوضح هذا المصدر قرب أحد طرفي الليف فيضيء قلب الليفويمر بعض الضوء منه وفق استقامة محور، بينما يدخل فاتبقى مائلاً بزاوية ما، ويسقطعلى السطح الفاصل بين القلب والغلاف فيخترق هذا السطح ثم يخترق الغلاف وتمتصه طبقةلدنة تحيط بالليف لحمايته من التلف· وأما الضوء الذي يسقط على السطح الفاصل والغلافبزوايا إسقاط كبيرة، فإنه ينعكس عن هذا السطح انعكاسا كليا مرتدا نحو قلب الليف،وتتكرر هذه الانعكاسات الكلية مرات عديدة موجهة الأشعة الضوئية وفق استقامة طولالليف الزجاجي·
وينجم هذا الانعكاس الكلي عن أن الضوء وكل الموجاتالكهرومغناطيسية تنتقل في المواد المختلفة بسرعات مغايرة، ويعبر عن السرعة التيينتقل بها الضوء عبر مادة بمعامل الانكسار وهو يساوي نسبة سرعة الضوء في الفضاء - وهي أعلى سرعة - إلى سرعته في المادة نفسها·
أما عن سعة الألياف البصريةفقد نجحت تجارب مؤسسة التليفون والتلغراف الأميركية في تركيب كابل زجاجي بين مدينتينيويورك وواشنطن لا يتعدى سُسسْكة الإصبع، ويستطيع نقل 240 ألف مكالمة هاتفية فيوقت واحد، ولا تستطيع الألياف الزجاجية نقل المكالمات الهاتفية فقط وإنما نقلالمكالمات التلفازية أيضا، وهذا ما لا يمكن تحقيقه باستخدام الكابلات النحاسية، ذلكأن الصورة التلفازية فيها من التفاصيل المرئية ما تعجز أسلاك النحاس عن حملها (فيكل صورة تلفازية حوالى 100 ألف نقطة مضيئة على الشاشة تكّونْ الشكل العام للصورةالتلفازية)·
كما يتطلب الأمر إرسالها بمعدل 16 صورة كاملة في الثانية حتىتعطي العين البشرية الانطباع بالحركة على الشاشة (في حال استخدام أسلاك النحاس فإنذلك سيؤدي إلى تداخل النبضات الكهربائية نتيجة للمجال الكهرومغناطيسي الناتج ممايعني صورة مشوشة غير واضحة المعالم)·
أما إرسال مليون نبضة ضوئية فيالثانية عبر سلك زجاجي فيمكن دون أن يطرأ على البث أي تشويش، وذلك نظرا للقصرالشديد في طول موجة شعاع الليزر ومناعته ضد الموجات الكهرومغناطيسية·
ونظرالصغر حجم الألياف البصرية وخفة وزنها فإن كثيرا من شركات الاتصالات والطيرانوالبواخر والغواصات والأقمار الصناعية بدأت باستبدال الكابلات النحاسية بأليافبصرية ولتوضيح ذلك فإن كابلا من الألياف البصرية زنته 3.6 كيلوغرام يمكن أن يحل محلكابل نحاسي وزنه 95 كغم· من هذه المقارنة يتضح أن صغر الحجم وقلة الوزن يؤديان إلىخفض تكاليف الإنشاء وسهولة التمديد والنقل مقارنة بالكبلات النحاسية·
بعض استخدامات الأليافالبصرية .
يمكن لحزم الألياف أن تتسلل لترى مالا يمكن الوصول إليه من دونها، وهذا ما جعل لها قيمة خاصة في الطب، حيث يراقبالأطباء ما يحدث داخل جسم الإنسان بواسطة المناظير الباطنية الليفية - البصرية،وبإمكان الحزم الليفية أن تستخدم كـ >أنابيب ضوئية< لتركيز الضوء على أمكنةصغيرة يصعب الوصول إليها·
أما الاستعمال الأوسع والأشهر فهو في ميدنالاتصالات، إذ يمكن لليف مفرد أن يحمل إشارة بصرية بين مرسل ومستقبل، وتوفر الأليافالمزدوجة اتصالات في اتجاهين، ويمكنها أن تنقل الإشارات إلى مسافات أبعد وبسرعاتأكبر من الأسلاك من دون تضخيم أو تقوية في الاتصالات الهاتفية والتلفازيةوالحاسوبية·
وقد قطعت هذه التقنية مسافة كبيرة بسرعة هائلة، حتى أنه يتماليوم اختبار وصلات ليفية بصرية سوف تنقل خدمات اتصالات جديدة في المنازل· فالفائدةالرئيسية لأنظمة الألياف البصرية بالنسبة للاتصالات هي أنها يمكنها أن تبث معلوماتأكثر لمسافات أطول مما تفعل الأسلاك· ومقاومة الأسلاك الثخينة التي توصل الكهرباءإلى المنازل ضئيلة، وبالتالي فإنها لا تفقد إلا قليلا من القدرة، ولكنها لا تستطيعنقل معلومات مفيدة بسرعة عالية· ويمكن لأنواع أخرى من الكابلات المعدنية أن تنقلالمعلومات بسرعات عالية، ولكن ليس لمسافات بعيدة، نظراً لأن لها مقاومة عالية· أماالألياف البصرية فتنقل كمية كبيرة من المعلومات دون فقد قدرة كبيرة·
وإذاكانت معظم الألياف البصرية مصنوعة من زجاج خاص هو ثاني أكسيد السليكون، المفرطالنقاء، المخلوط بكميات ضئيلة من مواد أخرى مثل >الجرمانيوم< أو >البورون< المضافة· ويكون فاقد الإشارة قليلا· ويعتمد على موجة الضوء· وبالنسبة للانظمة البصرية - الليفية النموذجية فهذا يعني إمكانية إرسال الإشاراتإلى مسافة 50 -60 كيلو مترا بموجة طولها 1300 >نانومتر< وإلى ما يتراوح بين 120 و150 كيلو مترا بموجة طولها 1550 >نانومتر<·
وهذه القيم ملازمةللزجاج الذي يصنع منه الليف، ولا يمكن تخفيف الفاقد إلا بالتحول عن الزجاج إلى موادأخرى مختلفة· ولقد اختبر الباحثون بعض هذه المواد بما في ذلك أنواع من الزجاج تحتويعلى >الزير كونيوم< و>الفلور< وبعض العناصر القليلة الأخرى، ولكن مازالعليهم إثبات كون هذه المواد عملية إذا ما استخدمت في الألياف البصرية·
وفيالختام، فإن الاتجاهات التقنية اليوم واضحة تماما، فخلال أكثر من عقد بقليل، أصبحتالألياف البصرية تشكل الطريقة الأهم لنقل أنواع عديدة من الاتصالات بين نقاط ثابتة· وعموما فإن التقدم مازال مستمرا في مجالات عديدة من إمكانية نقل المزيد منالمعلومات والخدمات، وستزيد هذه التطورات من استعمال الألياف البصرية في شبكةالاتصالات العالمية·
وقد استخدمت تقنية الألياف البصرية في العديد من مناحيالحياة في الطب، وفي التعرف على قياس الحرارة والضغط بشكل دائم في حقول النفط،والتعرف على المنتجات النفطية عبر التقاط الاختلاف في اللون بين كل مادة تمر فيالأنابيب·
وفي مجال الطيران أثبتت الدراسات أن استخدام الألياف البصريةيؤدي إلى تقليل وزن أنظمة المراقبة في الطائرات بنسبة 30 -40 في المئة، وأنه يمكنوضع هذه الألياف بسهولة في المحركات وأجهزة الهبوط وأجهزة التحكم في الطيران· كمااستخدمت الألياف الضوئية بكثافة في الاتصالات بين أسلحة القوات المسلحة، وفيالغواصات، وغير ذلك كثير من مناحي الحياة· ولا شك أن التطورات الحالية في استعمالالألياف البصرية سوف تزيد من استعمالاتها في شبكة الاتصالات العالمية·
Comment