نحتفل في السادس من آب من كل عام بعيد التجلي أي ظهور لاهوت المسيح.
يروي الإنجيل سر حياة المسيح.
فيسوع، وبعد إعلان آلامه لتلاميذه، أخذ "بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه، وصعد بهم على انفراد إلى جبل عال، وتجلى أمامهم، فشع وجهه كالشمس، وصارت ثيابه بيضاء كالنور" (متى 17: 1، 2).
التجلي باللغة اليونانية μετεμορφώθη تعني "تحول"، "تغيّر".
ويدل الفعل على تحوّل روحي (روم 12/2). وهذا التحول أثّر في وجه يسوع (متى 17/ 2) ولوقا 9/ 29) وفي ثيابه (متى17/2 مرقس 9/3 لوقا 9/29).
وأما مكان التجلي فهو "جبل عال". كان الجبل يرتبط دائماً بالاقتراب إلى الله والاستعداد لسماع أقواله، فقد ظهر الله لكل من موسى (خروج 24/12-18)، وإيليا (املوك 19/ 8-18) على جبال.
لجبل التجلي دلالة لاهوتية أكثر منها جغرافية، فهو مكان للوحي (أشعيا 2/2-3).
على صعيد الحواس، إن نور الشمس هو الأقوى في الطبيعة، وأما على صعيد الروح، فإن التلاميذ رأوا خلال فترة وجيزة بهاء أقوى، بهاء مجد يسوع الإلهي الذي ينير كل تاريخ الخلاص.
في الرؤى اليهودية ترمز الثياب المتلألئة إلى المجد السماوي (رؤية 3 /4 و4/4).
ويقول العلاّمة ماكسيموس أن "الثياب التي أضحت بيضاء ترمز إلى كلمات الكتاب المقدس التي كادت تصبح واضحة وشفافة ونيرة" (pg 91, 1128).
فقد كان التجلي إعلاناً خاصاً عن ألوهية يسوع لثلاثة من تلاميذه، كما كان تأكيداً من الله لكل ما فعله يسوع ولكل ما كان على وشك أن يفعله من آلامه وموته وقيامته وصعوده إلى السماء وإرساله الروح القدس.
وإلى جانب يسوع المتجلي يقول الإنجيل أن، "موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتحدثان معه" (متى 17، 3). يظهر موسى وإيليا هنا بمظهر الشاهدين للعهد ويمثل موسى الشريعة وتنبأ عن مجي نبي عظيم (تثنية الإشتراع 18/ 15-19)، وإيليا يمثل الأنبياء الذين تنبأوا عن مجي المسيح (ملاخي 4/ 5،6). وكان ظهورهما مع يسوع ليس تأييداً لرسالته السماوية بصفته المسيح لإتمام شريعة الله وأقوال أنبياء الله ووعودهم فحسب إنما تأكيد انه هو ابن الله.
والجدير بالذكر أن "موسى" وإيليا "يتمتعان" بالمجد، لأنهما اُشركا في عمل الله (خروج 34/29 و 2 قور 3/7-11) وعادا إليه بطريقة غامضة (تثنية 34/5-6 و2 ملوك 2/11-12). يسوع يتمتع بهذا المجد في هذه الأرض قبل قيامته (لوقا 9/32).
وسيوهب "المجد" لجميع الذين سيُقبلون في العالم الآتي (1 تسالونيقي 2/12).
هتف بطرس بذهول: "يا رب، ما أحسن أن نبقى هنا! فإذا شئت، أنصب هنا ثلاث خيام: واحدة لك، وواحدة لموسى، وواحدة لإيليا" (متى 17، 4). قد يلمح بطرس هنا إلى "عيد الأكواخ أو المظال" (خروج 23/16) لعل بطرس كان يفكر في هذا العيد، حيث كانت تُنصب الخيام للاحتفال بتذكار الخروج وخلاص الله لبني إسرائيل من العبودية في مصر.
لكن القديس أوغسطينوس يعقب قائلاً أننا نملك مسكناً واحداً هو المسيح؛ فهو "كلمة الله، كلمة الله في الشريعة، كلمة الله في الأنبياء" (pl 38, 491). وعندما نضج بطرس في فهمه بعد ذلك، كتب بإرشاد الروح القدس عن يسوع أنه "حَجر لِلزَّاويَةِ مُختارًا كريمًا" (1 بطرس 2/6).
وفي الواقع، يعلن الآب بنفسه: "هذا هو ابني الحبيب الذي سررت به كل سرور. له اسمعوا! (متى 17، 5). يشير الصوت السماوي إلى أن يسوع هو الابن (مزمور 2/7) والعبد المتألم (أشعيا 42/1) والنبي الذي يجب على الشعب كله أن يسمع له (رسل 3/22).
والصوت هنا موجّه إلى التلاميذ ومن خلالهم إلى "الجموع". إن يسوع كابن الله، له قوة الله وسلطانه وهي مرجعنا الأخير. وعلى التلاميذ أن يسمعوا ليسوع، وليس لأفكارهم ورغباتهم الخاصة. إن القوة اللازمة لإتباع يسوع المسيح تنبع من ثقتنا أنه ابن الله.
أما "الغمام النيّر الذي ظللهم" فهو علامة تجلي الله كما كان الأمر على جبل سيناء (خروج 19/16) وعلى خيمة الموعد (خروج 40/34-35) وعلى الهيكل (1 ملوك 8/10-12). وكما أعطى صوت الله من السحابة على جبل سيناء السلطان لشريعته (خروج 19/9)، فإن صوت الله على جبل التجلي أضفى سلطاناً على أقوال يسوع.
يسلط التجلي الأضواء على صعود ابن الإنسان إلى أورشليم (متى 16/21)، مركز تاريخ الخلاص لأنها مدينة الآلام والموت والقيامة. فيسوع حقّق رحيله (أي الخروج الجديد) (لوقا 9/ 31) بموته وقيامته وصعوده من أورشليم فمكّن المؤمنين من الاقتراب من الله معه.
يتعذر على التلاميذ أن يفهموا لماذا اختار معلمهم ذلك الطريق (متى 16/22)، فأراهم الله شيئاً من مجد ابنه، وأمرهم أن يصغوا إلى تعليمه (متى 17/5).
التجلي لا يغيّر يسوع، بل يكشف ألوهيته، "في وحدته مع الآب، يسوع نفسه هو نور من نور". وإذ يتأمل بطرس ويعقوب ويوحنا بألوهية الرب، يصبحون مستعدين لمواجهة عار الصليب، كما يرنم في نشيد قديم: "لقد تجسدت على الجبل، وتأمل تلاميذك بقدر استطاعتهم مجدك أيها المسيح الله لكي يستطيعوا عند رؤيتك مصلوباً أن يفهموا أن آلامك طوعية ويعلنوا للعالم أنك حقاً إشراق الآب" (الليتورجية البيزنطية، نشيد عيد التجلي).
ولا يظهر معنى التجلي إلاَّ في فكرة قيامة المسيح المجيدة، وهو استباق لها.
يروي الإنجيل سر حياة المسيح.
فيسوع، وبعد إعلان آلامه لتلاميذه، أخذ "بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه، وصعد بهم على انفراد إلى جبل عال، وتجلى أمامهم، فشع وجهه كالشمس، وصارت ثيابه بيضاء كالنور" (متى 17: 1، 2).
التجلي باللغة اليونانية μετεμορφώθη تعني "تحول"، "تغيّر".
ويدل الفعل على تحوّل روحي (روم 12/2). وهذا التحول أثّر في وجه يسوع (متى 17/ 2) ولوقا 9/ 29) وفي ثيابه (متى17/2 مرقس 9/3 لوقا 9/29).
وأما مكان التجلي فهو "جبل عال". كان الجبل يرتبط دائماً بالاقتراب إلى الله والاستعداد لسماع أقواله، فقد ظهر الله لكل من موسى (خروج 24/12-18)، وإيليا (املوك 19/ 8-18) على جبال.
لجبل التجلي دلالة لاهوتية أكثر منها جغرافية، فهو مكان للوحي (أشعيا 2/2-3).
على صعيد الحواس، إن نور الشمس هو الأقوى في الطبيعة، وأما على صعيد الروح، فإن التلاميذ رأوا خلال فترة وجيزة بهاء أقوى، بهاء مجد يسوع الإلهي الذي ينير كل تاريخ الخلاص.
في الرؤى اليهودية ترمز الثياب المتلألئة إلى المجد السماوي (رؤية 3 /4 و4/4).
ويقول العلاّمة ماكسيموس أن "الثياب التي أضحت بيضاء ترمز إلى كلمات الكتاب المقدس التي كادت تصبح واضحة وشفافة ونيرة" (pg 91, 1128).
فقد كان التجلي إعلاناً خاصاً عن ألوهية يسوع لثلاثة من تلاميذه، كما كان تأكيداً من الله لكل ما فعله يسوع ولكل ما كان على وشك أن يفعله من آلامه وموته وقيامته وصعوده إلى السماء وإرساله الروح القدس.
وإلى جانب يسوع المتجلي يقول الإنجيل أن، "موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتحدثان معه" (متى 17، 3). يظهر موسى وإيليا هنا بمظهر الشاهدين للعهد ويمثل موسى الشريعة وتنبأ عن مجي نبي عظيم (تثنية الإشتراع 18/ 15-19)، وإيليا يمثل الأنبياء الذين تنبأوا عن مجي المسيح (ملاخي 4/ 5،6). وكان ظهورهما مع يسوع ليس تأييداً لرسالته السماوية بصفته المسيح لإتمام شريعة الله وأقوال أنبياء الله ووعودهم فحسب إنما تأكيد انه هو ابن الله.
والجدير بالذكر أن "موسى" وإيليا "يتمتعان" بالمجد، لأنهما اُشركا في عمل الله (خروج 34/29 و 2 قور 3/7-11) وعادا إليه بطريقة غامضة (تثنية 34/5-6 و2 ملوك 2/11-12). يسوع يتمتع بهذا المجد في هذه الأرض قبل قيامته (لوقا 9/32).
وسيوهب "المجد" لجميع الذين سيُقبلون في العالم الآتي (1 تسالونيقي 2/12).
هتف بطرس بذهول: "يا رب، ما أحسن أن نبقى هنا! فإذا شئت، أنصب هنا ثلاث خيام: واحدة لك، وواحدة لموسى، وواحدة لإيليا" (متى 17، 4). قد يلمح بطرس هنا إلى "عيد الأكواخ أو المظال" (خروج 23/16) لعل بطرس كان يفكر في هذا العيد، حيث كانت تُنصب الخيام للاحتفال بتذكار الخروج وخلاص الله لبني إسرائيل من العبودية في مصر.
لكن القديس أوغسطينوس يعقب قائلاً أننا نملك مسكناً واحداً هو المسيح؛ فهو "كلمة الله، كلمة الله في الشريعة، كلمة الله في الأنبياء" (pl 38, 491). وعندما نضج بطرس في فهمه بعد ذلك، كتب بإرشاد الروح القدس عن يسوع أنه "حَجر لِلزَّاويَةِ مُختارًا كريمًا" (1 بطرس 2/6).
وفي الواقع، يعلن الآب بنفسه: "هذا هو ابني الحبيب الذي سررت به كل سرور. له اسمعوا! (متى 17، 5). يشير الصوت السماوي إلى أن يسوع هو الابن (مزمور 2/7) والعبد المتألم (أشعيا 42/1) والنبي الذي يجب على الشعب كله أن يسمع له (رسل 3/22).
والصوت هنا موجّه إلى التلاميذ ومن خلالهم إلى "الجموع". إن يسوع كابن الله، له قوة الله وسلطانه وهي مرجعنا الأخير. وعلى التلاميذ أن يسمعوا ليسوع، وليس لأفكارهم ورغباتهم الخاصة. إن القوة اللازمة لإتباع يسوع المسيح تنبع من ثقتنا أنه ابن الله.
أما "الغمام النيّر الذي ظللهم" فهو علامة تجلي الله كما كان الأمر على جبل سيناء (خروج 19/16) وعلى خيمة الموعد (خروج 40/34-35) وعلى الهيكل (1 ملوك 8/10-12). وكما أعطى صوت الله من السحابة على جبل سيناء السلطان لشريعته (خروج 19/9)، فإن صوت الله على جبل التجلي أضفى سلطاناً على أقوال يسوع.
يسلط التجلي الأضواء على صعود ابن الإنسان إلى أورشليم (متى 16/21)، مركز تاريخ الخلاص لأنها مدينة الآلام والموت والقيامة. فيسوع حقّق رحيله (أي الخروج الجديد) (لوقا 9/ 31) بموته وقيامته وصعوده من أورشليم فمكّن المؤمنين من الاقتراب من الله معه.
يتعذر على التلاميذ أن يفهموا لماذا اختار معلمهم ذلك الطريق (متى 16/22)، فأراهم الله شيئاً من مجد ابنه، وأمرهم أن يصغوا إلى تعليمه (متى 17/5).
التجلي لا يغيّر يسوع، بل يكشف ألوهيته، "في وحدته مع الآب، يسوع نفسه هو نور من نور". وإذ يتأمل بطرس ويعقوب ويوحنا بألوهية الرب، يصبحون مستعدين لمواجهة عار الصليب، كما يرنم في نشيد قديم: "لقد تجسدت على الجبل، وتأمل تلاميذك بقدر استطاعتهم مجدك أيها المسيح الله لكي يستطيعوا عند رؤيتك مصلوباً أن يفهموا أن آلامك طوعية ويعلنوا للعالم أنك حقاً إشراق الآب" (الليتورجية البيزنطية، نشيد عيد التجلي).
ولا يظهر معنى التجلي إلاَّ في فكرة قيامة المسيح المجيدة، وهو استباق لها.
Comment