كبار ، صغار

[hatem22]

رد: كبار ، صغار

شكراااااا كتير

[MIRA]

رد: كبار ، صغار

كنوز الصغار ، وقلاعهم

في التاسعة من عمري ، كنت صغيرا ، وتصرفاتي كانت صغيرة ، شأن كل صغار الارض . والامور الصغيرة كانت في نظري كبيرة . وذات اهمية .
فوالدي كان كبيرا ، أكبر رجال القرية .
وخالي كان قويا ، اقوى شباب القرية .
وأستاذي يعرف كل شيء في الارض ، وفوق الارض .
ودولاب الهواء الذي صنعه عمي ، كان أحسن دولاب بين دواليب رفاقي .
وكنت أفاخر بهذه الاشياء ، واجاهر برأيي . وأقاتل رفاقي إذا عارضوني ، او زايدو على بأشيئهم . فمن لا يوافق على قولي ، ويسلم بقناعاتي ، أقاتله و أقاطعه .
فكنت من هذه الناحية عقائديا حقيقيا . وكل صغير ، عقائدي . فوالده اكبر والد . وخاله أقوى خال وأستاذه اعلم أستاذ . ولا يقبل اعتراضا على رأيه .
كنت أمينا على عقيدتي أدافع عنها ولا أقبل تنازلا . ولا أذكر أنني تنازلت إلا مرة واحدة بعد ان تقاتلت مع جاري ، ورفيقي في اللعب ، على أي من ابوينا هو أكثر أبناء القرية علما ، اتفقنا في النهاية ، على ان والدي ووالده هما أكثر أبناء القرية علما واجملهما خطا ، لقد تمت تلك المساومة
لان مصلحتنا كانت تقضى بذلك ولآننا كنا متعادلين في القوة . فالمصالح وحدها تحمل أحيانا على تحوير العقائد والقناعات .
وبعد ثلاث سنوات تقريبا ، كنت قد كبرت قليلا ، والاولاد في زمن حداثتي ، كانو يكبرون ببطء مثل النبات والصيصان التي لم تعرف المواد الكيماوية والهرمونات . اذ اننا لم نر تلفزيونا ، ولم نشهد افلاما سينمائية تخربط مراحل نمونا الطبيعي ، وتجعلنا نعيش كل الاعمار ، الا عمر طفولتنا .
وانا في هذه السن عاد الى القرية مهاجران تاجرا في الارجنيتن ورجعا بثروة محترمة ، فاشتريا بوسطة تؤمن نقل الركاب مابين البلدة والمناطق المجاورة لها والمدينة وكانت تتسع لعشرين راكبا . فكنت فخورا بها وبسائقها الذرب اللسان . كنت اجلس استمع اليه يروي مغامراته في القيادة .
كنت استمع اليه بشغف حتى بت احسن كل التعابير التي يستعملها . وإذا أفلتت مني واحدة من تلك الحلقات المثقفة ، كنت اعوض عنها بالاستماع إلى عنتريات معاونه يروي كيف شتم احد الركاب ورمى اكياسه من ظهر البوسطة ، وكيف يصعد إلى سطح البوسطة وينادي " راكب على القمر " .
وكنت أحفظ هذه النوادر وارددها على مسامع رفاقي في المدرسة بفخر و اعتزاز ، كأنني اروي قصة بطل أسطوري ، فكان السائق في مخيلتي بطلا اسطوريا.
وبعد سنة عاد مهاجر الى القرية المجاورة ورأى ان التعاطي في " تسفير " الناس هو تجارة مربحة . فاشترى بوسطة . والناس يتحاسدون كالطيور ويتبعون كالنمل. فاذا سافر واحد الى استراليا لحقه الكثير لآن الطريق النجاح مضمون واذا اشتغل واحد في شركة أو زرع تفاحا او بنى مزرعة لتربية الدواجن ، تشبه به آخرون ، لان وسائل الربح اكيدة .
لذلك اشترى صاحبنا الجديد بوسطة تتسع لاربعة وعشرين راكبا . وصدف ان كنت في المدرسة مع تلميذ من هذه البلدة ، وكان هو ايضا فخورا ببوسطة بلدته . وكان من الطبيعي أن نتكلم نحن الصغار ، عن البوسطة ، كنزنا ، وموضع اعتزازنا . والقلب لا يرتاح بعيدا عن كنزه .. فكانت البوسطتان موضوع شجار بيننا ، لان بوسطة بلدتي ، هي في نظري أكبر من بوسطة بلدته .
ولما افحمني ،و غلبني لانه لا يعقل أن تكون بوسطة من عشرين مقعدا اكبر من بوسطة من اربعة وعشرين مقعد شعرت بالهزيمة ، فقدت موضوع افتخاري ، وتعالي عليه . واذا سقط موضع الفخر و الاعتزاز سقطت معه حصوننا الداخلية . لذلك انتفضت ادافع عن قلعة ذاتي . واكدت له أن مقاعد " بوسطتي " متباعدة أكثر من مقاعد " بوسطته " ولذلك فهي أكبر منها ، وان ماركة "دي سوتو " هي اقوى من ماركة " دودج ". فسكت خائفا ، لآنه رآني عازما على الدفاع ، ولن ارضى بأن اتعرى امامه وأهزم . لم يبق أمامي الا القتال لكي ادافع عن بوسطتي كأنني ادافع عن قوميتي .
واليوم عندما اتذكر طفولتي ، تمر هذه الحادثة أمام عيني ، الاهم أن القتال في عالم الصغار ، هو السبيل الوحيد للاحتفاظ بأشيائهم والدفاع عن قناعاتهم . اذا فقدوها ، تسقط حصونهم وقلاعهم
الداخلية.

[karen sisco]

رد: كبار ، صغار

الموضوع كتير حلو الله يقويكي ميرا

[MIRA]

رد: كبار ، صغار

ويقويكي ياحلوة شكرا ع مرورك

[ELIAN]

رد: كبار ، صغار

ميرا قصص كتير معبرة ورائعة
&
حلوة متلك اكيد

[MIRA]

رد: كبار ، صغار

ياهلا بالحلو

[MIRA]

رد: كبار ، صغار

جزمة كاوتشوك، ومعنويات

استيقظت باكرا ،وبدأت البكاء على الخدعة التي اوقعتني فيها والدتي ...

أمي خدعتني !

يالهول ماحدث !

إذا خدع الولد في الخارج ، يلجأ إلى أمه .

أما أنا فإلى من ألجأ بعد ؟

قالت لي : " نم يا حبيبي ، لن يمسّك أحد " .
فنمت فرحانا ، عالي المعنويات ، مطمئنا إلى أن أحدا لن ينتزع مني ما أتشاوف به على أخوتي ، و أفاخر به على رفاقي .
وإذا بي في الصباح ، أجد أمي قد جعلتني مثل أخوتي . ومن يرضى ان يعرى مما يميزه عن أخوته ؟ فالناس ، أن جردهم الدهر ، يحتفظون بالالقاب ، وان عراهم الموت ، يبنون مقابر خاصة ... وأنا فقت في الصباح ، فوجدت أمي قد خلعت من رجلي جزمة الكاوتشوك ، التي اشتراها لي والدي من طرابلس ، وتركتني حافي القدمين ، فساوتني بأخوتي .
في الرابعة من عمري ، أصبت بآلام في اذني اليسرى فظلت " تنبع " قيحا ، حتى بلغت الثالثة عشر من عمري . وأنا كنت راضيا بألمي ، لانه كان يجلب لي عطفا زائدا ، لايلقاه أخوتي ، وكل صغير يحب مرضه ، اذا كان يوفر له عطفا ، وعناية . ولا يرضى أن يقلل الناس من مرضه ، او أن يقولوا له أنه شفي . لانه يخسر اهتمام الآخرين به .
وكان والدي يطوف بي المنطقة من طبيب لآخر .وأثناء زيارتي للاطباء ، كان يشتري لي كعك بسمسم وحلاوة " بمرقد أفرنجي " . وفي طفولتي ، كان الكعك بسمسم شهوة الشهوات . فمن ينزل إلى طرابلس ، ولا يأكل كعكا بسمسم ، لايتعبر نفسه نزل الى المدينة .
أما الحلاوة مع الخبز الافرنجي ، فقد كانت حلمنا كلنا في القرية . فمن ينزل إلى طرابلس ، يتغذى حلاوة و " مرقدة " افرنجية ، ويجلب معه الى البيت هدية منها ، تعد أفخر الهدايا . وكنا نشتهي الخبز الافرنجي المصنوع من كل شيء الا من القمح الصافي ، ونفضله على خبز القمح الذي تخبزه امهاتنا على الفرن ، او على الصاج . نفضله لأنه افرنجي ، وابيض . ومن لايفضل لافرنجي على الوطني ... ؟ ومن لايفضل الابيض على الاسمر ، والاسود ن ففي نهاية الحرب العالمية الثانية ، اتتنا جيوش انكليزية ، وهندية ، وافريقية ، فلم تلهف قلوبنا الا للجنود الانكليزيين البيض ، سبحانه تعالى ! مع أننا لم نكن نفهم لغة الواحد أكثر من لغة الثاني . والافريقيون والهنود ، كانوا مثلنا " معترين " مستغلين . ولكننا كنا نفضل وجه الانكليزي الابيض ، وننسب الى صاحبه فضائل ،الافريقي ، والشرقي ، كانت تضيع تحت وجهه الاسود ، أو الاسمر .
وفي هذه الفترة من الحرب ، كانت توزع علينا اعانة من القمح من السكر ، فكانت تنفر قلوبنا من السكر الاسمر ، ونفضل الابيض عليه ، مع ان السكر الاسمر صحي ، أكثر من الابيض، فللابيض ، سبحانه وتعالى ... رونق جذاب ، كان يجعلنا نفضل الخبز الافرنجي على خبزنا الاسمر .
وفي واحدة من تلك الزيارات للاطباء ، اشترى لي والدي جزمة كاوتشوك . ومن كان يحلم بجزمة كاوتشوك في تلك الايام ؟ أخي الاكبر ، ورفاقي ، يحتذون مشايات من صنع عساف بابا ، وانا وحدي بينهم احتذي جزمة . وجزمة كاوتشوك حمراء ايضا . انها في نظري أفضل من سيارة مصفحة . " امرطس " بها في الماء ، وأدوس في الاوحال والاشواك ولا يصيبني اذى ، فأنا بين رفاقي كالملك ...
جاء رفاقي يتفرجون على جزمتي ويدهشون ، كانها فرس أصيل بين حمير بيض ، أو معطف فرو من أشهر المحلات . وأمام اعجاب رفاقي ، ودهشتهم ، شعرت بأن قيمتي قد ازدادت ، ومعنوياتي قد ارتفعت كثيرا ، والاحذية مثل المعاطف و الاساور ، ترفع من قيمة الصغار ومعنوياتهم . وماكنت اعرف ذلك لو لم يشتري لي والدي جزمة كاوتشوك .
لذلك حان وقت النوم ن رفضت أن اخلع الجزمة من رجلي .
حاولت امي بكل الوسائل اللطيفة ، فلم أرض معها .
لقد اصبحت الجزمة عزيزة عليّ ، غالية على قلبي أغلى من لقب كبير خلعه الاتراك على المتمشيخ وورثه عنه ابناؤه . فيها استظهر على رفاقي ، ومنها تأتي رفعتي في عيون أصحابي .
نمت مع الجزمة كمن ينام على مجد أثيل . وكم كنت أتمنى الا أنام ، والا ينام رفاقي ، حتى يظلوا ينظرون الى جزمتي ، ويدهشون .
وكنت أنا م في فراش واحد مع أخي الاكبر . فرأت والدتي في دخولي الفراش مع جزمتي ، اهانة لاخي ، وضررا على الفراش . ولكنها لم تجابه تعنتي ، لم تقاومني ، لانيي كنت " مريضا"
وفي الصباح ، افقت حافي القدمين ، أبكي كملك مخلوع . فسبب تعنتي ، دبرت لي والدتي هذا الانقلاب أثناء غفوتي . وكل الانقلابات تحصل في غفوة .
لقد خدعتني والدتي ، وكل مخلوع يعد نفسه مخدوعا ، حتى لو كان ذلك بسبب دخوله بجزمته في فراش اخوته .

[داليا]

رد: كبار ، صغار

ميرسي كتير ميرا قصص كتير حلوة ومعبرة كل وحدة منهم الها خصوصيتها يسلمو ايديك

[terrific]

رد: كبار ، صغار

مرمور القصة بس تقريها بترجعك
لوقت الي كنا صغار
وكل واحد بيشوف حالو بالقصة شكرا الك كتير حلوة

[king1000]

رد: كبار ، صغار

دائما بكون سعيد بقراءة مواضيعك هون
ترجعيلنا بالسلامة مرمور

[MIRA]

رد: كبار ، صغار

ياهلا بالحلوين

[amooora]

رد: كبار ، صغار

الله يعطيكي العافيه يا ميرا القصص كتير حلوين
وفيهن عبره
شكرا على الموضوع يا احلا ميرا

[bero]

رد: كبار ، صغار

شكرا كتير يا ميرا عنجد حلو كتير