• If this is your first visit, be sure to check out the FAQ by clicking the link above. You may have to register before you can post: click the register link above to proceed. To start viewing messages, select the forum that you want to visit from the selection below.

Announcement

Collapse

قوانين المنتدى " التعديل الاخير 17/03/2018 "

فيكم تضلو على تواصل معنا عن طريق اللينك: www.ch-g.org

قواعد المنتدى:
التسجيل في هذا المنتدى مجاني , نحن نصر على إلتزامك بالقواعد والسياسات المفصلة أدناه.
إن مشرفي وإداريي منتدى الشباب المسيحي - سوريا بالرغم من محاولتهم منع جميع المشاركات المخالفة ، فإنه ليس بوسعهم استعراض جميع المشاركات.
وجميع المواضيع تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا يتحمل أي من إدارة منتدى الشباب المسيحي - سوريا أي مسؤولية عن مضامين المشاركات.
عند التسجيل بالمنتدى فإنك بحكم الموافق على عدم نشر أي مشاركة تخالف قوانين المنتدى فإن هذه القوانين وضعت لراحتكم ولصالح المنتدى، فمالكي منتدى الشباب المسيحي - سوريا لديهم حق حذف ، أو مسح ، أو تعديل ، أو إغلاق أي موضوع لأي سبب يرونه، وليسوا ملزمين بإعلانه على العام فلا يحق لك الملاحقة القانونية أو المسائلة القضائية.


المواضيع:
- تجنب استخدام حجم خط كبير (أكبر من 4) او صغير (أصغر من 2) او اختيار نوع خط رديء (سيء للقراءة).
- يمنع وضع عدد كبير من المواضيع بنفس القسم بفترة زمنية قصيرة.
- التأكد من ان الموضوع غير موجود مسبقا قبل اعتماده بالقسم و هالشي عن طريق محرك بحث المنتدى او عن طريق محرك بحث Google الخاص بالمنتدى والموجود بأسفل كل صفحة و التأكد من القسم المناسب للموضوع.
- إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع و ذكر المصدر بنهاية الموضوع.
- مو المهم وضع 100 موضوع باليوم و انما المهم اعتماد مواضيع ذات قيمة و تجذب بقية الاعضاء و الابتعاد عن مواضيع العاب العد متل "اللي بيوصل للرقم 10 بياخد بوسة" لأنو مخالفة و رح تنحزف.
- ممنوع وضع الاعلانات التجارية من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- ممنوع وضع روابط دعائية لمواقع تانية كمان من دون موافقة الادارة "خارج قسم الاعلانات".
- لما بتشوفو موضوع بغير قسمو او فيو شي مو منيح او شي مو طبيعي , لا تردو عالموضوع او تحاورو صاحب الموضوع او تقتبسو شي من الموضوع لأنو رح يتعدل او ينحزف و انما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.
- لما بتشوفو موضوع بقسم الشكاوي و الاقتراحات لا تردو على الموضوع الا اذا كنتو واثقين من انكم بتعرفو الحل "اذا كان الموضوع عبارة عن استفسار" , اما اذا كان الموضوع "شكوى" مافي داعي تردو لأنو ممكن تعبرو عن وجهة نظركم اللي ممكن تكون مختلفة عن توجه المنتدى مشان هيك نحن منرد.
- ممنوع وضع برامج الاختراق او المساعدة بعمليات السرقة وبشكل عام الـ "Hacking Programs".
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات مخالفة للكتاب المقدس " الانجيل " وبمعنى تاني مخالفة للايمان المسيحي.
- ممنوع طرح مواضيع او مشاركات تمس الطوائف المسيحية بأي شكل من الاشكال "مدح او ذم" والابتعاد بشكل كامل عن فتح اي نقاش يحمل صبغة طائفية.
- ضمن منتدى " تعرفون الحق و الحق يحرركم " بالامكان طرح الاسئلة بصيغة السؤال والجواب فقط ويمنع فتح باب النقاش والحوار بما يؤدي لمهاترات وافتراض اجوبة مسبقة.


عناوين المواضيع:
- عنوان الموضوع لازم يعبر عن محتوى الموضوع و يفي بالمحتوى و ما لازم يكون متل هيك "الكل يفوت , تعوا بسرعة , جديد جديد , صور حلوة , الخ ....".
- لازم العنوان يكون مكتوب بطريقة واضحة بدون اي اضافات او حركات متل "(((((((((العنوان)))))))))))) , $$$$$$$$$ العنوان $$$$$$$$$".
- عنوان الموضوع ما لازم يحتوي على اي مدات متل "الــعــنـــوان" و انما لازم يكون هيك "العنوان".


المشاركات:
- ممنوع تغيير مسار الموضوع لما بكون موضوع جدي من نقاش او حوار.
- ممنوع فتح احاديث جانبية ضمن المواضيع وانما هالشي بتم عالبرايفت او بالدردشة.
- ممنوع استخدام الفاظ سوقية من سب او شتم او تجريح او اي الفاظ خارجة عن الزوق العام.
- ممنوع المساس بالرموز و الشخصيات الدينية او السياسية او العقائدية.
- استخدام زر "thanks" باسفل الموضوع اذا كنتو بدكم تكتبو بالمشاركة كلمة شكر فقط.
- لما بتشوفو مشاركة سيئة او مكررة او مو بمحلها او فيا شي مو منيح , لا تردو عليها او تحاورو صاحب المشاركة او تقتبسو من المشاركة لأنو رح تنحزف او تتعدل , وانما كبسو على "التقرير بمشاركة سيئة" و نحن منتصرف.


العضوية:
- ممنوع استخدام اكتر من عضوية "ممنوع التسجيل بأكتر من اسم".
- ممنوع اضافة حركات او رموز لاسم العضوية متل " # , $ , () " و انما يجب استخدام حروف اللغة الانكليزية فقط.
- ممنوع اضافة المدات لاسم العضوية "الـعـضـويـة" و انما لازم تكون بهل شكل "العضوية".
- ممنوع استخدام اسماء عضويات تحتوي على الفاظ سوقية او الفاظ بزيئة.
- ممنوع وضع صورة رمزية او صورة ملف شخصي او صور الالبوم خادشة للحياء او الزوق العام.
- التواقيع لازم تكون باللغة العربية او الانكليزية حصرا و يمنع وضع اي عبارة بلغة اخرى.
- ما لازم يحتوي التوقيع على خطوط كتيرة او فواصل او المبالغة بحجم خط التوقيع و السمايليات او المبالغة بمقدار الانتقال الشاقولي في التوقيع "يعني عدم ترك سطور فاضية بالتوقيع و عدم تجاوز 5 سطور بحجم خط 3".
- ما لازم يحتوي التوقيع على لينكات "روابط " دعائية , او لمواقع تانية او لينك لصورة او موضوع بمنتدى اخر او ايميل او اي نوع من اللينكات , ما عدا لينكات مواضيع المنتدى.
- تعبئة كامل حقول الملف الشخصي و هالشي بساعد بقية الاعضاء على معرفة بعض اكتر و التقرب من بعض اكتر "ما لم يكن هناك سبب وجيه لمنع ذلك".
- فيكم تطلبو تغيير اسم العضوية لمرة واحدة فقط وبعد ستة اشهر على تسجيلكم بالمنتدى , او يكون صار عندكم 1000 مشاركة , ومن شروط تغيير الاسم انو ما يكون مخالف لشروط التسجيل "قوانين المنتدى" و انو الاسم الجديد ما يكون مأخود من قبل عضو تاني , و انو تحطو بتوقيعكم لمدة اسبوع على الاقل "فلان سابقا".
- يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.


الرسائل الخاصة:
الرسائل الخاصة مراقبة مع احترام خصوصيتا وذلك بعدم نشرها على العام في حال وصلكم رسالة خاصة سيئة فيكم تكبسو على زر "تقرير برسالة خاصة" ولا يتم طرح الشكوى عالعام "متل انو توصلكم رسالة خاصة تحتوي على روابط دعائية لمنتجات او مواقع او منتديات او بتحتوي على الفاظ نابية من سب او شتم او تجريح".
لما بتوصلكم رسائل خاصة مزعجة و انما ما فيها لا سب ولا شتم ولا تجريح ولا روابط دعائية و انما عم يدايقكم شي عضو من كترة رسائلو الخاصة فيكم تحطو العضو على قائمة التجاهل و هيك ما بتوصل اي رسالة خاصة من هالعضو.
و تزكرو انو الهدف من الرسائل الخاصة هو تسهيل عملية التواصل بين الاعضاء.


السياسة:
عدم التطرق إلى سياسة الدولة الخارجية أو الداخلية أو حتى المساس بسياسات الدول الصديقة فالموقع لا يمت للسياسة بصلة ويرجى التفرقة بين سياسات الدول وسياسات الأفراد والمجتمعات وعدم التجريح أو المساس بها فالمنتدى ليس حكر على فئة معينة بل يستقبل فئات عدة.
عدم اعتماد مواضيع أو مشاركات تهدف لزعزعة سياسة الجمهورية العربية السورية أو تحاول أن تضعف الشعور القومي أو تنتقص من هيبة الدولة ومكانتها أو أن يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر بزعزعة الأمن والاستقرار في الجمهورية العربية السورية فيحق للادارة حذف الموضوع مع ايقاف عضوية صاحب الموضوع.


المخالفات:
بسبب تنوع المخالفات و عدم امكانية حصر هالمخالفات بجدول محدد , منتبع اسلوب مخالفات بما يراه المشرف مناسب من عدد نقط و مدة المخالفة بيتراوح عدد النقط بين 1-100 نقطة , لما توصلو لل 100 بتم الحظر الاوتوماتيكي للعضو ممكن تاخدو تنبيه بـ 5 نقط مثلا على شي مخالفة , و ممكن تاخد 25 نقطة على نفس المخالفة و ممكن يوصلو لل 50 نقطة كمان و هالشي بيرجع لعدد تكرارك للمخالفة او غير مخالفة خلال فترة زمنية قصيرة.
عند تلقيك مخالفة بيظهر تحت عدد المشاركات خانة جديدة " المخالفات :" و بيوصلك رسالة خاصة عن سبب المخالفة و عدد النقط و المدة طبعا هالشي بيظهر عندكم فقط.


الهدف:
- أسرة شبابية سورية وعربية مسيحية ملؤها المحبة.
- توعية وتثقيف الشباب المسيحي.
- مناقشة مشاكل وهموم وأفكار شبابنا السوري العربي المسيحي.
- نشر التعاليم المسيحية الصحيحة وعدم الإنحياز بشكل مذهبي نحو طائفة معينة بغية النقد السيء فقط.
في بعض الأحيان كان من الممكن أن ينحني عن مسار أهدافه ليكون مشابه لغيره من المنتديات فكان العمل على عدم جعله منتدى ديني متخصص كحوار بين الطوائف , فنتيجة التجربة وعلى عدة مواقع تبين وبالشكل الأكبر عدم المنفعة المرجوة بهذا الفكر والمنحى , نعم قد نشير ونوضح لكن بغية ورغبة الفائدة لنا جميعا وبتعاون الجميع وليس بغية بدء محاورات كانت تنتهي دوما بالتجريح ومن الطرفين فضبط النفس صعب بهذه المواقف.



رح نكتب شوية ملاحظات عامة يا ريت الكل يتقيد فيها:
• ابحث عن المنتدى المناسب لك و تصفح أقسامه ومواضيعه جيداً واستوعب مضمونه وهدفه قبل ان تبادر بالمشاركة به , فهناك الكثير من المنتديات غير اللائقة على الإنترنت .وهناك منتديات متخصصة بمجالات معينة قد لا تناسبك وهناك منتديات خاصة بأناس محددين.
• إقرأ شروط التسجيل والمشاركة في المنتدى قبل التسجيل به واستوعبها جيدأ واحترمها و اتبعها حتى لا تخل بها فتقع في مشاكل مع الأعضاء ومشرفي المنتديات.
• اختر اسم مستعار يليق بك وبصفاتك الشخصية ويحمل معاني إيجابية ، وابتعد عن الأسماء السيئة والمفردات البذيئة ، فأنت في المنتدى تمثل نفسك وأخلاقك وثقافتك وبلدك ، كما أن الاسم المستعار يعطي صفاته ودلالته لصاحبه مع الوقت حيث يتأثر الإنسان به بشكل غير مباشر ودون ان يدرك ذلك.
• استخدم رمز لشخصيتك " وهو الصورة المستخدمة تحت الاسم المستعار في المنتدى " يليق بك و يعبر عن شخصيتك واحرص على ان يكون أبعاده مناسبة.
• عند اختيارك لتوقيعك احرص على اختصاره ، وأن يكون مضمونه مناسباً لشخصيتك وثقافتك.
• استخدم اللغة العربية الفصحى وابتعد عن اللهجات المحكية " اللهجة السورية مستثناة لكثرة المسلسلات السورية " لانها قد تكون مفهومة لبعض الجنسيات وغير مفهومة لجنسيات أخرى كما قد تكون لكلمة في لهجتك المحكية معنى عادي ولها معنى منافي للأخلاق أو مسيء لجنسية أخرى . كذلك فإن استخدامك للغة العربية الفصحى يسمح لزوار المنتدى وأعضائه بالعثور على المعلومات باستخدام ميزة البحث.
• استخدم المصحح اللغوي وراعي قواعد اللغة عند كتابتك في المنتديات حتى تظهر بالمظهر اللائق التي تتمناه.
• أعطي انطباع جيد عن نفسك .. فكن مهذباً لبقاً واختر كلماتك بحكمة.
• لا تكتب في المنتديات أي معلومات شخصية عنك أو عن أسرتك ، فالمنتديات مفتوحة وقد يطلع عليها الغرباء.
• أظهر مشاعرك وعواطفك باستخدام ايقونات التعبير عن المشاعر Emotion Icon's عند كتابة مواضيعك وردودك يجب ان توضح مشاعرك أثناء كتابتها ، هل سيرسلها مرحة بقصد الضحك ؟ او جادة أو حزينه ؟ فعليك توضيح مشاعرك باستخدام Emotion Icon's ،لأنك عندما تتكلم في الواقع مع احد وجها لوجه فانه يرى تعابير وجهك وحركة جسمك ويسمع نبرة صوتك فيعرف ما تقصد ان كنت تتحدث معه على سبيل المزاح أم الجد. لكن لا تفرط في استخدام أيقونات المشاعر و الخطوط الملونة و المتغيرة الحجم ، فما زاد عن حده نقص.
• إن ما تكتبه في المنتديات يبقى ما بقي الموقع على الإنترنت ، فاحرص على كل كلمة تكتبها ، فمن الممكن ان يراها معارفك وأصدقائك وأساتذتك حتى وبعد مرور فترات زمنية طويلة.
• حاول اختصار رسالتك قدر الإمكان :بحيث تكون قصيرة و مختصرة ومباشرة وواضحة وفي صلب مضمون قسم المنتدى.
• كن عالمياً : واعلم أن هناك مستخدمين للإنترنت يستخدمون برامج تصفح مختلفة وكذلك برامج بريد الكتروني متعددة ، لذا عليك ألا تستخدم خطوط غريبة بل استخدم الخطوط المعتاد استخدامها ، لأنه قد لا يتمكن القراء من قراءتها فتظهر لهم برموز وحروف غريبة.
• قم بتقديم ردود الشكر والتقدير لكل من أضاف رداً على موضوعك وأجب على أسئلتهم وتجاوب معهم بسعة صدر وترحيب.
• استخدم ميزة البحث في المنتديات لمحاولة الحصول على الإجابة قبل السؤال عن أمر معين أو طلب المساعدة من بقية الأعضاء حتى لا تكرر الأسئلة والاستفسارات والاقتراحات التى تم الإجابة عنها قبل ذلك.
• تأكد من أنك تطرح الموضوع في المنتدى المخصص له: حيث تقسم المنتديات عادة إلى عدة منتديات تشمل جميع الموضوعات التي يمكن طرحها ومناقشتها هنا، وهذا من شأنه أن يرفع من كفاءة المنتديات ويسهل عملية تصنيف وتبويب الموضوعات، ويفضل قراءة الوصف العام لكل منتدى تحت اسمه في فهرس المنتديات للتأكد من أن مشاركتك تأخذ مكانها الصحيح.
• استخدم عنوان مناسب ومميِّز لمشاركتك في حقل الموضوع. يفضل عدم استخدام عبارات عامة مثل "يرجى المساعدة" أو "طلب عاجل" أو "أنا في ورطة" الخ، ويكون ذلك بكتابة عناوين مميِّزة للموضوعات مثل "كيف استخدم أمر كذا في برنامج كذا" أو "تصدير ملفات كذا إلى كذا".
• إحترم قوانين الملكية الفكرية للأعضاء والمواقع والشركات، وعليك أن تذكر في نهاية مشاركتك عبارة "منقول عن..." إذا قمت بنقل خبر أو مشاركة معينة من أحد المواقع أو المجلات أو المنتديات المنتشرة على الإنترنت.
• إن أغلب المنتديات تكون موجهه لجمهور عام ولمناقشة قضايا تثقيفية وتعليمية . لذلك يجب ان تكون مشاركتك بطريقة تحترم مشاعر الآخرين وعدم الهجوم في النقاشات والحوارات. وأي نشر لصور أو نصوص أو وصلات مسيئة، خادشة للحياء أو خارج سياق النهج العام للموقع.
• المنتدى لم يوجد من أجل نشر الإعلانات لذا يجب عدم نشر الإعلانات أو الوصلات التي تشير إلى مواقع إعلانية لأي منتج دون إذن او إشارة إلى موقعك أو مدونتك إذا كنت تمتلك ذلك.
• عدم نشر أي مواد أو وصلات لبرامج تعرض أمن الموقع أو أمن أجهزة الأعضاء الآخرين لخطر الفيروسات أو الدودات أو أحصنة طروادة.
•ليس المهم أن تشارك بألف موضوع فى المنتدى لكن المهم أن تشارك بموضوع يقرأه الألوف،فالعبرة بالنوع وليس بالكم.
• عدم الإساءة إلى الأديان أو للشخصيات الدينية.
•عند رغبتك بإضافة صور لموضوعك في المنتدى ، احرص على ألا يكون حجمها كبير حتى لا تستغرق وقتاً طويلاً لتحميلها وأن تكون في سياق الموضوع لا خارجه عنه.
•الالتزام بالموضوع في الردود بحيث يكون النقاش في حدود الموضوع المطروح لا الشخص، وعدم التفرع لغيره أو الخروج عنه أو الدخول في موضوعات أخرى حتى لا يخرج النقاش عن طوره.
• البعد عن الجدال العقيم والحوار الغير مجدي والإساءة إلى أي من المشاركين ، والردود التي تخل بأصول اللياقة والاحترام.
• احترم الرأي الآخر وقدر الخلاف في الرأي بين البشر واتبع آداب الخلاف وتقبله، وأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
• التروي وعدم الاستعجال في الردود ، وعدم إلقاء الأقوال على عواهلها ودون تثبت، وأن تكون التعليقات بعد تفكير وتأمل في مضمون المداخله، فضلاً عن التراجع عن الخطأ؛ فالرجوع إلى الحق فضيلة. علاوة على حسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر ، وتفهمها تفهما صحيحا.
• إياك و تجريح الجماعات أو الأفراد أو الهيئات أو الطعن فيهم شخصياً أو مهنياً أو أخلاقياً، أو استخدام أي وسيلة من وسائل التخويف أو التهديد او الردع ضد أي شخص بأي شكل من الأشكال.
• يمنع انتحال شخصيات الآخرين أو مناصبهم من خلال الأسماء أو الصور الرمزية أو الصور الشخصية أو ضمن محتوى التوقيع أو عن طريق الرسائل الخاصة فهذا يعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال.
• إذا لاحظت وجود خلل في صفحة أو رابط ما أو إساءة من أحد الأعضاء فيجب إخطار مدير الموقع أو المشرف المختص على الفور لأخذ التدابير اللازمة وذلك بإرسال رسالة خاصة له.
• فريق الإشراف يعمل على مراقبة المواضيع وتطوير الموقع بشكل يومي، لذا يجب على المشاركين عدم التصرف "كمشرفين" في حال ملاحظتهم لخلل أو إساءة في الموقع وتنبيه أحد أعضاء فريق الإشراف فوراً.
See more
See less

مجموعة قصص غابرييل غارسيا ماركيز

Collapse
This topic is closed.
X
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • مجموعة قصص غابرييل غارسيا ماركيز

    رجل عجوز بجناحين كبيرين
    ترجمة : سهيل نجم

    بعد اليوم الثالث للمطر كانوا قد قتلوا الكثير جدًا من السرطانات داخل البيت مما اضطر بيلايو أن يعبر باحته
    الموحلة ليرميها في البحر، ذلك لأن الوليدة الجديدة قد أصيبت بالحمى طوال الليل واعتقدوا أن ذلك بسبب
    الرائحة النتنة .
    العالم حزينًا منذ الثلاثاء. صار البحر والسماء قطعة واحدة من الرماد ورمال الشاطئ التي تلمع في ليالي آذار
    مثل ضوء مطحون، وقد أمست مزيجًا من الطين والمحار. وهن الضوء جدًا في وقت الظهيرة حتى أن بيلايو
    عندما عاد إلى بيته بعد أن رمى السرطانات، كان من الصعب عليه أن يرى ذلك الذي يتحرك ويئن في آخر
    الباحة. تحتم عليه أن يقترب جدًا ليرى أنه رجل عجوز، عجوز جدًا، منكب على وجهه في الطين، وهو على
    الرغم من كل الجهود المضنية التي يبذلها، لا يستطيع النهوض، إذ أن جناحين هائلين كانا يعيقانه. أرعبه هذا
    الكابوس فهرع ليأتي بأليسندا زوجته، التي تضع الكمادات على الطفلة المريضة، وأخذها إلى آخر الباحة.
    نظرا إلى الجسد الملقى بذهول أخرس. كان يرتدى أسمال جامعي الخرق. لم تكن هناك سوى بضعة شعيرات
    على صلعته وبضعة اسنان في فمه، وحالته المثيرة للشفقة لجد كبير واقع في الوحل أزالت أي شعور بالمهابة
    كان من الممكن أن يحمله. جناحاه الصقريان الضخمان، الوسخان والنصف منتوفان، عالقان أبدًا في الطين.

    كان بيلايو وأليساندا قد نظرا إليه طوي ً لا وعن قرب حتى تغلبا على ذهولهما فوجداه في الأخير أليفًا. ثم تجرأا
    للكلام معه وأجابهما بصوت قوي غير مفهوم لبحار. هكذا تخطيا غرابة الجناحين واستخلصا بذكاء أنه قد قذف
    بمفرده من سفينة أجنبية غارقة بفعل عاصفة. ولذلك استدعيا جارتهما، التي كانت تعرف كل شيء عن الحياة
    والموت، لتراه. كلما كانت تحتاج إليه هي نظرة واحدة لتبين لهما خطأهما.

    قالت لهما،"إنه ملاك. لابد أنه قد جاء من أجل الطفلة، لكن المسكين هرم جدًا مما جعل المطر يطيح به".

    في اليوم التالي عرف الجميع قد أن ملاكًا بدمه ولحمه قد وقع أسيرًا في منزل بيلايو. وإزاء الرأي الحكيم
    الذي طرحته الجارة، التي كانت ترى أن الملائكة في تلك الأزمنة لاجئون انقذوا من مؤامرة روحية، لم
    تطاوعهم قلوبهم على ضربه بالهراوات حتى الموت. كان بيلايو يراقبه طوال وقت العصر من نافذة المطبخ،
    متسلحًا بهراوته البوليسية، وقبل أن يأوي إلى فراشه أخرجه من الطين وحشره في القن مع الدجاجات. وعند
    منتصف الليل، عندما توقف المطر، كان بيلايو وأليساندا لايزالان يقتلان السرطانات. بعد ذلك بوقت قصير
    أفاقت الطفلة من الحمى وصارت لديها رغبة في تناول الطعام. فشعرا بشهامة دفعتهما إلى أن يقررا أن يضعا
    الملاك على طوف مع ماء عذب وزوادة لثلاثة أيام ويتركانه لمصيره في أعالي البحار. لكنهما حين ذهبا إلى
    الباحة مع ظهور أول خيط للفجر، شاهدا أن الجيران كلهم هناك أمام قن الدجاج ويتسلون بالملاك، ومن دونما
    وازع، يرمونه عبر الفتحات بمختلف الأشياء ليأكلها كأنه لم يكن كائنًا سماويًا بل مجرد حيوان سيرك.
    وصل الأب غونزاكا قبل السابعة، بعد أن ذعرته الأخبار الغريبة. خلال ذلك الوقت كان قد وصل متفرجون
    أقل طيشًا من أولئك الذين جاؤوا مع الفجر وكانوا يقومون بكل انواع الحدوس التي تتعلق بمستقبل الأسير.
    وأبسطها فكرة أن من الأحرى تعيينه عمدة للعالم. آخرون من امتلكوا عق ً لا صارمًا شعروا أنه من الأحرى أن
    يرقى مرتبة جنرال بخمس نجوم من أجل كسب جميع الحروب. البعض من الحالمين تأملوا أنه من الممكن أن
    يوضع للاستيلاد من أجل أن تنتشر في الأرض سلالة من البشر المجنحين الحكماء الذين من الممكن أن يتولوا
    مسؤولية الكون. لكن الأب قبل أن يكون كاهنًا، كان يعمل في تقطيع الأخشاب. فراجع ثقافته الشفاهية بلحظة
    وطلب منهم فتح الباب كي يلقي نظرة فاحصة على ذلك الرجل المسكين الذي كان يبدو أشبه بدجاجة ضخمة
    عاجزة بين الدجاجات الرائعات. كان يضطجع في الزاوية يجفف جناحيه المفتوحين تحت ضوء الشمس بين
    قشور الفواكه وبقايا طعام الإفطار التي رماها عليه من جاؤوه مبكرا. وعندما دخل الأب غونزاكا القن وقال له
    صباح الخير باللاتينية. وشعر بالغربة إزاء وقاحة العالم فلم يستطع الملاك إلا أن يرفع عينيه الأثريتين ويتمتم
    بشيء ما بلغته الخاصة. عندما لم يفهم لغة الرب ولم يعرف كيف يحيي كهنته صار لدى كاهن الإبرشية شك
    بأن هذا دجال لا غير. وعندما اقترب منه لاحظ أنه اقرب إلى البشر؛ فلديه رائحة مشردين لا تطاق، الجانب
    الخلفي من جناحيه قد اكتسى بالطفيليات كما أن الريش الكبيرة قد عبثت بها الريح، وليس ثمة شيء يمكن أن
    يحيله إلى كرامة وفخر الملائكة. ثم خرج من قن الدجاج وبموعظة موجزة حذر من المتطفلين ومن خطر
    كونه مخلصًا. وذكرهم أن الشيطان كانت له تلك العادة السيئة في استعمال خدع الكرنفال من أجل إيهام
    الغافلين. وكانت حجته أنه إذا كانت الأجنحة هي العنصر الأساسي في الأقرار بالاختلاف بين الصقر
    والطائرة، فهي اقل من ذلك أهمية لدى التعرف على الملائكة. لكنه رغم ذلك قد وعد بأن يكتب رسالة إلى
    اسقفه كي يكتب الأخير رسالة إلى كبير أساقفته الذي بدوره سيكتب إلى الحبر الأعظم لغرض الحصول على
    الحكم الأخير من أعلى السلطات.
    لقد وقعت حكمته على قلوب عقيمة. وانتشرت أخبار الملاك الأسير بسرعة هائلة حتى أن الباحة قد امتلأت
    بعد سويعات بضجة كضجة السوق وتحتم عليهم أن يطلبوا النجدة من قوات يحملون حراب مشرعة لتفريق
    جمهور الغوغاء الذين أوشكوا أن يطيحوا بالبيت. وكان ظهر أليسندا قد انقصم من تنظيف نفايات ذلك السوق،
    حتى تولدت لديها فكرة وضع سياج للباحة وطلب خمس سنتات رسم دخول لمشاهدة الملاك.
    وجاء حب الاستطلاع من مكان بعيد. إذ وصل كرنفال من الرحالة ومعهم بهلوان طائر كان يئز فوق الجمهور
    المزدحم مرة إثر مرة من دون أن ينتبه إليه أحد لأن جناحيه لم يكونا لملاك بل، بالأحرى، لخفاش نجمي.
    وحضر أغلب التعساء من المرضى الباحثين عن الشفاء؛ إمرأة مسكينة تحصي دقات قلبها وقد نفدت الأرقام
    لديها؛ رجل برتغالي لم يستطع النوم لأن ضوضاء النجوم تقلق راحته؛ سائر في نومه نهض في الليل وألغى
    كل ما عمله عندما كان في اليقظة، والكثير ممن لديهم مصائب أقل جدية. في خضم تلك الفوضى التي جاءت
    من السفينة الغارقة، كان بيلايو وأليسندا سعيدان ومرهقان، لأنهما في أقل من أسبوع امتلأت غرفهما بالأموال
    ولا يزال هنالك طابور جد طويل للحجاج ينتظر دوره للدخول يصل مداه إلى ما بعد الأفق .
    كان الملاك هو الوحيد الذي لم يشترك في مشهده. فقضى وقته محاو ً لا أن يستريح في عشه المستعار، مربكًا
    من الحرارة الجحيمية لمصابيح الزيت وشموع السر المقدس التي وضعت بمحاذاة أسلاك القن .حاولوا في
    البداية أن يجعلوه يأكل كرات العث، الطعام الذي يوصف للملائكة تبعًا إلى توصية الجارة الحكيمة. لكنه
    رفضها كما رفض وجبات الطعام البابوية التي جلبها له المرضى، ولم يعرفوا أن رفضه قد جاء بسبب أنه
    كان ملاكًا أو بسبب أنه رجل عجوز. ولم يأكل في الأخير غير الباذنجان المهروس. كانت ميزته الخارقة
    للطبيعة الوحيدة هي الصبر. خصوصًا في الأيام الأولى، عندما نقرته الدجاجات بحثًا عن الطفيليات المفضلة
    لديها والتي تتكاثر في جناحيه وكان المشلولون ينزعون عنه الريش ليضعوه على أعضائهم المصابة، وحتى
    أكثرهم عطفًا عليه كانوا يرجمونه بالأحجار محاولين إيقافه لينظروا إليه وهو منتصبا. والمرة الوحيدة التي
    نجحوا في إيقافه عندما حرقوا جنبه بسيخ لوسم الثيران المخصية، لأنه كان جامدًا لساعات طويلة حتى ظنوا
    أنه ميت. نهض مذعورًا زاعقًا بلغته السحرية تتساقط الدموع من عينيه ونفض جناحيه عدة مرات مما اثار
    زوبعة من غبار ذروق الدجاج ونوبة ذعر بدت آتية من عالم غير هذا العالم. ورغم أن الكثيرين ظنوا ان رد
    الفعل هذا لم يأت من الغضب بل من الألم، صاروا حذرين في أن لا يزعجونه، لأنهم أدركوا أن سلبيته لم
    تتأت من انه يريد أن يستريح بل هو هدوء العاصفة. كان الأب غونزاكا يرد الجموع المندفعة بكلمات
    مستوحات من الخادمة بينما كان في انتظار وصول الحكم النهائي بشأن طبيعة الأسير. ولكن بريد روما لم تبد
    عليه العجلة. فالوقت في معرفة إذا كان الاسير له سرة، أو إن كانت لغته لها علاقة بالآرامية، وكم مرة يمكنه
    أن يثبت رأس الدبوس، أو فيما إذا لم يكن غير نرويجي له أجنحة. هذه الرسائل الهزيلة لربما تستمر في أن
    تأتي وتذهب إلى آخر الزمان لو لم تضع العناية الألهية نهاية للمصائب التي على رأس الكاهن.
    وحدث في تلك الأيام، أن من بين كرنفالات الجذب، وصل المدينة عرض لرحالة ظهرت فيه المرأة التي
    انقلبت إلى عنكبوت لأنها لم تطع والديها. كان الرسم الذي يدفع لرؤيتها ليس أقل مما يدفع لرؤية الملاك
    فحسب، بل سمح للناس أن يسألوها كل أنواع الأسئلة حول حالتها المزرية ويتفحصونها من كل جوانبها حتى
    لايشك أحد بحقيقة رعبها. كانت عبارة عن عنكبوت ضخم بحجم الكبش ولها رأس فتاة حزينة. وما كان يمزق
    القلب هو ليس شكلها الغريب بل الألم الصادق المنبعث من روايتها لتفاصيل حظها العاثر. فعلى الرغم من
    أنها كانت لاتزال طفلة تسللت من منزل والديها لتذهب للرقص، وأثناء عودتها عبر الغابات بعد أن قضت
    الليل بطوله ترقص من دون السماح لها بذلك، صعق رعد السماء وفلقها وعبر ذلك الانفلاق جاء صاعق
    برقي كبريتي وحولها إلى عنكبوت. كان غذاؤها الوحيد هو من الكرات اللحمية التي يتصدق بها المحسنون
    ويدفعونها في فمها. مشهد مثل هذا، مليء بالحقيقة البشرية وبدرس مروع، كان على وشك أن يقضي على
    مشهد ملاك متعجرف نادرًا ما كان يتلطف بالنظر إلى الناس. فض ً لا عن ذلك ثمة بضعة معجزات أوعزت إلى
    الملاك توضح اختلاله العقلي، مثل الرجل الأعمى الذي لم يشفه بل زرع له ثلاثة اسنان جديدة، والمشلول
    الذي لم يتمكن من السير بل كاد يربح اليانصيب، والمجذوم الذي نبتت في تقرحاته زهور عباد الشمس. عزاء
    المعجزات هذا، الذي كان أشبه بالسخرية، كان قد حطم سمعة الملاك التي سحقت تمامًا في الأخير مع مجيء
    المرأة التي تحولت إلى عنكبوت. وهكذا شفي الأب غونزاكا تمامًا من أرقه وخلت باحة دار بيلايو مثلما كانت
    خالية عندما أمطرت السماء لثلاثة أيام ودخلت السرطانات إلى غرف النوم.
    لم يكن ثمة من داع لإلقاء اللوم على صاحبي المنزل. فقد بنيا بالمال الذي حصلا عليه بيتا بطابقين وله
    شرفات وحدائق وشبكة عالية تمنع السرطانات من النزول داخل البيت عند الشتاء، ووضعا قضبانًا حديدية
    تمنع الملائكة من الدخول .وعمل بيلايو مزرعة أرانب قرب المدينة وتخلى عن عمل وكيل مزرعة إلى الأبد،
    واشترت أليسندا أحذية ساتانية فاخرة بكعب عال والكثير من الثياب القزحية الحريرية، التي ترتدى في تلك
    الأيام من قبل اغلب النساء في يوم الأحد. كان قن الدجاج هو الوحيد الذي لم ينتبهوا إليه. وإن كانوا يغسلونه
    بالكريولين وقطرات من الصمغ الراتينجي بين الحين والحين. لكن ذلك ليس إجلا ً لا للملاك بل لإبعاد رائحة
    الروث التي لاتزال عالقة في كل مكان كالشبح وتحيل البيت الجديد إلى بيت قديم. وعندما تعلمت الطفلة المشي
    لأول مرة حرصا على أن لا تقترب من قن الدجاج. لكنهما فيما بعد أبعدا مخاوفهما وألفا الرائحة، وقبل أن
    يظهر السن الثاني لطفلتهما كانت قد ذهبت لتلعب قرب قن الدجاج حيث تداعى الجدار السلكي للقن. كان
    الملاك فاترًا معها مثلما كان مع باقي الكائنات، لكنه تحمل أبشع سلوك بريء بصبر كلب لا أوهام لديه.
    وأصيبا كلاهما بجدري الدجاج .الطبيب الذي جاء لمعلجة الطفلة لم يستطع مقاومة أغراء الاستماع إلى قلب
    الملاك، ووجد صوت صفير في القلب وسمع الكثير من الأصوات في كليتيه حتى بدا للطبيب أن من الاستحالة
    أن يكون حيا. الشيء الأغرب هو منطق جناحيه. لقد كانا يبدوان طبيعيين على ذلك الجسم البشري حتى أنه
    استغرب لماذا لا يملك البشر الآخرون مثلهما.
    عندما بدأت الطفلة بالذهاب إلى المدرسة كان قد مر بعض الوقت الذي هدمت فيه الشمس والأمطار قن
    الدجاج. وظل الملاك يجر نفسه هنا وهناك مثل رجل ضال يلفظ أنفاسه الأخيرة. كانوا يطردونه من غرفة
    النوم بالمكنسة فيجدونه قد ذهب إلى المطبخ. حتى ظهر لهم أنه موجود في عدة أماكن في اللحظة نفسها
    وظنوا أنه صار أكثر من واحد، كأنه يولد من نفسه آخرين ينتشرون داخل البيت، مما جعل أليسندا الساخطة
    والمشوشة أن تصرخ أن هذه حياة بائسة في جحيم مليء بالملائكة. كان نادرًا ما يأكل وأمست عيناه الأثريتين
    مضببتين أدت به إلى أن يصطدم بالأعمدة .
    كل ما بقي له هي الإبر المجردة لآخر ريشات له. رمى عليه بيلايو بطانية وتفضل عليه أيضًا بالسماح له
    بالمنام في السقيفة ولاحظوا عندذاك أن حرارته قد ارتفعت في الليل وبدأ بالهذيان ملتوي اللسان مثل عجوز
    نرويجي. وكانت تلك هي من المرات القليلة التي يشعرون فيها بالخطر، لاعتقادهم أنه سوف يموت ولن
    تستطيع حتى جارتهم الحكيمة أن تنصحهم بما يجب أن يعملونه بملاك ميت.
    ولكنه لم يعش طوال الشتاء فحسب بل بدا أنه تحسن مع الأيام المشمسة الأولى. وبقي دون حراك لعدة أيام في
    ابعد زاوية من الباحة، حيث لا أحد يراه، ومع بواكير كانون الثاني نبتت له بعض الريش الكبيرة الصلبة،
    ريش فزاعة، هي اشبه بعجز مأساوي آخر. ولكن لابد أنه كان يعلم سبب تلك التغيرات، لأنه كان حريصًا جدًا
    على أن لا يلاحظه أحد ، ولا أحد يسمع الأناشيد البحرية التي كان يغنيها أحيانًا تحت النجوم. وفي احد الأيام
    عندما كانت أليسندا تقطع البصل للغداء دخلت إلى المطبخ ريح بدت كأنها آتية من أعالي البحار. ثم أطلت من
    النافذة ورأت الملاك وهو في أولى محاولاته للطيران. كانت غير متقنة لدرجة أن أظافره قد فتحت حفرة في
    البقعة الخضراء وكان على وشك أن يطيح بالسقيفة برفرفته الخرقاءالمنفلتة في الضياء والتي لم توفق في
    قبض الهواء. ولكنه تمكن من تحقيق بعض العلو. وأطلقت اليسندا تنهيدة راحة، من أجل نفسها ومن أجله،
    عندما راقبته يمر من فوق أخر المنازل، رافعًا نفسه على نحو ما برفرفة مجازفة كأنها لنسر عجوز. ظلت
    تراقبه وهي لاتزال تقطع البصل واستمرت تراقبه حتى حين لم يعد بإمكانها رؤيته، لأنه عند ذاك لم يعد يمثل
    أي قلق لحياتها بل مجرد نقطة خيالية في أفق البحر
    في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
    أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
    وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

  • #2
    ذاكرة غانياتي الحزينة

    رجل عجوز بجناحين كبيرين


    ترجمة

    : سهيل نجم

    بعد اليوم الثالث للمطر كانوا قد قتلوا الكثير جدًا من السرطانات داخل البيت مما اضطر بيلايو أن يعبر باحته
    الموحلة ليرميها في البحر، ذلك لأن الوليدة الجديدة قد أصيبت بالحمى طوال الليل واعتقدوا أن ذلك بسبب

    الرائحة النتنة
    .

    العالم حزينًا منذ الثلاثاء
    . صار البحر والسماء قطعة واحدة من الرماد ورمال الشاطئ التي تلمع في ليالي آذار

    مثل ضوء مطحون، وقد أمست مزيجًا من الطين والمحار
    . وهن الضوء جدًا في وقت الظهيرة حتى أن بيلايو

    عندما عاد إلى بيته بعد أن رمى السرطانات، كان من الصعب عليه أن يرى ذلك الذي يتحرك ويئن في آخر

    الباحة
    . تحتم عليه أن يقترب جدًا ليرى أنه رجل عجوز، عجوز جدًا، منكب على وجهه في الطين، وهو على

    الرغم من كل الجهود المضنية التي يبذلها، لا يستطيع النهوض، إذ أن جناحين هائلين كانا يعيقانه
    . أرعبه هذا

    الكابوس فهرع ليأتي بأليسندا زوجته، التي تضع الكمادات على الطفلة المريضة، وأخذها إلى آخر الباحة
    .

    نظرا إلى الجسد الملقى بذهول أخرس
    . كان يرتدى أسمال جامعي الخرق. لم تكن هناك سوى بضعة شعيرات

    على صلعته وبضعة اسنان في فمه، وحالته المثيرة للشفقة لجد كبير واقع في الوحل أزالت أي شعور بالمهابة

    كان من الممكن أن يحمله
    . جناحاه الصقريان الضخمان، الوسخان والنصف منتوفان، عالقان أبدًا في الطين.

    كان بيلايو وأليساندا قد نظرا إليه طوي ً لا وعن قرب حتى تغلبا على ذهولهما فوجداه في الأخير أليفًا
    . ثم تجرأا

    للكلام معه وأجابهما بصوت قوي غير مفهوم لبحار
    . هكذا تخطيا غرابة الجناحين واستخلصا بذكاء أنه قد قذف

    بمفرده من سفينة أجنبية غارقة بفعل عاصفة
    . ولذلك استدعيا جارتهما، التي كانت تعرف كل شيء عن الحياة

    والموت، لتراه
    . كلما كانت تحتاج إليه هي نظرة واحدة لتبين لهما خطأهما.

    قالت لهما،
    "إنه ملاك. لابد أنه قد جاء من أجل الطفلة، لكن المسكين هرم جدًا مما جعل المطر يطيح به".

    في اليوم التالي عرف الجميع قد أن ملاكًا بدمه ولحمه قد وقع أسيرًا في منزل بيلايو
    . وإزاء الرأي الحكيم

    الذي طرحته الجارة، التي كانت ترى أن الملائكة في تلك الأزمنة لاجئون انقذوا من مؤامرة روحية، لم

    تطاوعهم قلوبهم على ضربه بالهراوات حتى الموت
    . كان بيلايو يراقبه طوال وقت العصر من نافذة المطبخ،

    متسلحًا بهراوته البوليسية، وقبل أن يأوي إلى فراشه أخرجه من الطين وحشره في القن مع الدجاجات
    . وعند

    منتصف الليل، عندما توقف المطر، كان بيلايو وأليساندا لايزالان يقتلان السرطانات
    . بعد ذلك بوقت قصير

    أفاقت الطفلة من الحمى وصارت لديها رغبة في تناول الطعام
    . فشعرا بشهامة دفعتهما إلى أن يقررا أن يضعا

    الملاك على طوف مع ماء عذب وزوادة لثلاثة أيام ويتركانه لمصيره في أعالي البحار
    . لكنهما حين ذهبا إلى

    الباحة مع ظهور أول خيط للفجر، شاهدا أن الجيران كلهم هناك أمام قن الدجاج ويتسلون بالملاك، ومن دونما

    وازع، يرمونه عبر الفتحات بمختلف الأشياء ليأكلها كأنه لم يكن كائنًا سماويًا بل مجرد حيوان سيرك
    .

    وصل الأب غونزاكا قبل السابعة، بعد أن ذعرته الأخبار الغريبة
    . خلال ذلك الوقت كان قد وصل متفرجون

    أقل طيشًا من أولئك الذين جاؤوا مع الفجر وكانوا يقومون بكل انواع الحدوس التي تتعلق بمستقبل الأسير
    .

    وأبسطها فكرة أن من الأحرى تعيينه عمدة للعالم
    . آخرون من امتلكوا عق ً لا صارمًا شعروا أنه من الأحرى أن

    يرقى مرتبة جنرال بخمس نجوم من أجل كسب جميع الحروب
    . البعض من الحالمين تأملوا أنه من الممكن أن

    يوضع للاستيلاد من أجل أن تنتشر في الأرض سلالة من البشر المجنحين الحكماء الذين من الممكن أن يتولوا

    مسؤولية الكون
    . لكن الأب قبل أن يكون كاهنًا، كان يعمل في تقطيع الأخشاب. فراجع ثقافته الشفاهية بلحظة

    وطلب منهم فتح الباب كي يلقي نظرة فاحصة على ذلك الرجل المسكين الذي كان يبدو أشبه بدجاجة ضخمة

    عاجزة بين الدجاجات الرائعات
    . كان يضطجع في الزاوية يجفف جناحيه المفتوحين تحت ضوء الشمس بين

    قشور الفواكه وبقايا طعام الإفطار التي رماها عليه من جاؤوه مبكرا
    . وعندما دخل الأب غونزاكا القن وقال له

    صباح الخير باللاتينية
    . وشعر بالغربة إزاء وقاحة العالم فلم يستطع الملاك إلا أن يرفع عينيه الأثريتين ويتمتم

    بشيء ما بلغته الخاصة
    . عندما لم يفهم لغة الرب ولم يعرف كيف يحيي كهنته صار لدى كاهن الإبرشية شك

    بأن هذا دجال لا غير
    . وعندما اقترب منه لاحظ أنه اقرب إلى البشر؛ فلديه رائحة مشردين لا تطاق، الجانب

    الخلفي من جناحيه قد اكتسى بالطفيليات كما أن الريش الكبيرة قد عبثت بها الريح، وليس ثمة شيء يمكن أن

    يحيله إلى كرامة وفخر الملائكة
    . ثم خرج من قن الدجاج وبموعظة موجزة حذر من المتطفلين ومن خطر

    كونه مخلصًا
    . وذكرهم أن الشيطان كانت له تلك العادة السيئة في استعمال خدع الكرنفال من أجل إيهام

    الغافلين
    . وكانت حجته أنه إذا كانت الأجنحة هي العنصر الأساسي في الأقرار بالاختلاف بين الصقر

    والطائرة، فهي اقل من ذلك أهمية لدى التعرف على الملائكة
    . لكنه رغم ذلك قد وعد بأن يكتب رسالة إلى

    اسقفه كي يكتب الأخير رسالة إلى كبير أساقفته الذي بدوره سيكتب إلى الحبر الأعظم لغرض الحصول على

    الحكم الأخير من أعلى السلطات
    .

    لقد وقعت حكمته على قلوب عقيمة
    . وانتشرت أخبار الملاك الأسير بسرعة هائلة حتى أن الباحة قد امتلأت

    بعد سويعات بضجة كضجة السوق وتحتم عليهم أن يطلبوا النجدة من قوات يحملون حراب مشرعة لتفريق

    جمهور الغوغاء الذين أوشكوا أن يطيحوا بالبيت
    . وكان ظهر أليسندا قد انقصم من تنظيف نفايات ذلك السوق،

    حتى تولدت لديها فكرة وضع سياج للباحة وطلب خمس سنتات رسم دخول لمشاهدة الملاك
    .

    وجاء حب الاستطلاع من مكان بعيد
    . إذ وصل كرنفال من الرحالة ومعهم بهلوان طائر كان يئز فوق الجمهور

    المزدحم مرة إثر مرة من دون أن ينتبه إليه أحد لأن جناحيه لم يكونا لملاك بل، بالأحرى، لخفاش نجمي
    .

    وحضر أغلب التعساء من المرضى الباحثين عن الشفاء؛ إمرأة مسكينة تحصي دقات قلبها وقد نفدت الأرقام
    لديها؛ رجل برتغالي لم يستطع النوم لأن ضوضاء النجوم تقلق راحته؛ سائر في نومه نهض في الليل وألغى

    كل ما عمله عندما كان في اليقظة، والكثير ممن لديهم مصائب أقل جدية
    . في خضم تلك الفوضى التي جاءت

    من السفينة الغارقة، كان بيلايو وأليسندا سعيدان ومرهقان، لأنهما في أقل من أسبوع امتلأت غرفهما بالأموال

    ولا يزال هنالك طابور جد طويل للحجاج ينتظر دوره للدخول يصل مداه إلى ما بعد الأفق
    .

    كان الملاك هو الوحيد الذي لم يشترك في مشهده
    . فقضى وقته محاو ً لا أن يستريح في عشه المستعار، مربكًا

    من الحرارة الجحيمية لمصابيح الزيت وشموع السر المقدس التي وضعت بمحاذاة أسلاك القن
    .حاولوا في

    البداية أن يجعلوه يأكل كرات العث، الطعام الذي يوصف للملائكة تبعًا إلى توصية الجارة الحكيمة
    . لكنه

    رفضها كما رفض وجبات الطعام البابوية التي جلبها له المرضى، ولم يعرفوا أن رفضه قد جاء بسبب أنه

    كان ملاكًا أو بسبب أنه رجل عجوز
    . ولم يأكل في الأخير غير الباذنجان المهروس. كانت ميزته الخارقة

    للطبيعة الوحيدة هي الصبر
    . خصوصًا في الأيام الأولى، عندما نقرته الدجاجات بحثًا عن الطفيليات المفضلة

    لديها والتي تتكاثر في جناحيه وكان المشلولون ينزعون عنه الريش ليضعوه على أعضائهم المصابة، وحتى

    أكثرهم عطفًا عليه كانوا يرجمونه بالأحجار محاولين إيقافه لينظروا إليه وهو منتصبا
    . والمرة الوحيدة التي

    نجحوا في إيقافه عندما حرقوا جنبه بسيخ لوسم الثيران المخصية، لأنه كان جامدًا لساعات طويلة حتى ظنوا

    أنه ميت
    . نهض مذعورًا زاعقًا بلغته السحرية تتساقط الدموع من عينيه ونفض جناحيه عدة مرات مما اثار

    زوبعة من غبار ذروق الدجاج ونوبة ذعر بدت آتية من عالم غير هذا العالم
    . ورغم أن الكثيرين ظنوا ان رد

    الفعل هذا لم يأت من الغضب بل من الألم، صاروا حذرين في أن لا يزعجونه، لأنهم أدركوا أن سلبيته لم

    تتأت من انه يريد أن يستريح بل هو هدوء العاصفة
    . كان الأب غونزاكا يرد الجموع المندفعة بكلمات

    مستوحات من الخادمة بينما كان في انتظار وصول الحكم النهائي بشأن طبيعة الأسير
    . ولكن بريد روما لم تبد

    عليه العجلة
    . فالوقت في معرفة إذا كان الاسير له سرة، أو إن كانت لغته لها علاقة بالآرامية، وكم مرة يمكنه

    أن يثبت رأس الدبوس، أو فيما إذا لم يكن غير نرويجي له أجنحة
    . هذه الرسائل الهزيلة لربما تستمر في أن

    تأتي وتذهب إلى آخر الزمان لو لم تضع العناية الألهية نهاية للمصائب التي على رأس الكاهن
    .

    وحدث في تلك الأيام، أن من بين كرنفالات الجذب، وصل المدينة عرض لرحالة ظهرت فيه المرأة التي

    انقلبت إلى عنكبوت لأنها لم تطع والديها
    . كان الرسم الذي يدفع لرؤيتها ليس أقل مما يدفع لرؤية الملاك

    فحسب، بل سمح للناس أن يسألوها كل أنواع الأسئلة حول حالتها المزرية ويتفحصونها من كل جوانبها حتى

    لايشك أحد بحقيقة رعبها
    . كانت عبارة عن عنكبوت ضخم بحجم الكبش ولها رأس فتاة حزينة. وما كان يمزق

    القلب هو ليس شكلها الغريب بل الألم الصادق المنبعث من روايتها لتفاصيل حظها العاثر
    . فعلى الرغم من

    أنها كانت لاتزال طفلة تسللت من منزل والديها لتذهب للرقص، وأثناء عودتها عبر الغابات بعد أن قضت
    الليل بطوله ترقص من دون السماح لها بذلك، صعق رعد السماء وفلقها وعبر ذلك الانفلاق جاء صاعق

    برقي كبريتي وحولها إلى عنكبوت
    . كان غذاؤها الوحيد هو من الكرات اللحمية التي يتصدق بها المحسنون

    ويدفعونها في فمها
    . مشهد مثل هذا، مليء بالحقيقة البشرية وبدرس مروع، كان على وشك أن يقضي على

    مشهد ملاك متعجرف نادرًا ما كان يتلطف بالنظر إلى الناس
    . فض ً لا عن ذلك ثمة بضعة معجزات أوعزت إلى

    الملاك توضح اختلاله العقلي، مثل الرجل الأعمى الذي لم يشفه بل زرع له ثلاثة اسنان جديدة، والمشلول

    الذي لم يتمكن من السير بل كاد يربح اليانصيب، والمجذوم الذي نبتت في تقرحاته زهور عباد الشمس
    . عزاء

    المعجزات هذا، الذي كان أشبه بالسخرية، كان قد حطم سمعة الملاك التي سحقت تمامًا في الأخير مع مجيء

    المرأة التي تحولت إلى عنكبوت
    . وهكذا شفي الأب غونزاكا تمامًا من أرقه وخلت باحة دار بيلايو مثلما كانت

    خالية عندما أمطرت السماء لثلاثة أيام ودخلت السرطانات إلى غرف النوم
    .

    لم يكن ثمة من داع لإلقاء اللوم على صاحبي المنزل
    . فقد بنيا بالمال الذي حصلا عليه بيتا بطابقين وله

    شرفات وحدائق وشبكة عالية تمنع السرطانات من النزول داخل البيت عند الشتاء، ووضعا قضبانًا حديدية

    تمنع الملائكة من الدخول
    .وعمل بيلايو مزرعة أرانب قرب المدينة وتخلى عن عمل وكيل مزرعة إلى الأبد،

    واشترت أليسندا أحذية ساتانية فاخرة بكعب عال والكثير من الثياب القزحية الحريرية، التي ترتدى في تلك

    الأيام من قبل اغلب النساء في يوم الأحد
    . كان قن الدجاج هو الوحيد الذي لم ينتبهوا إليه. وإن كانوا يغسلونه

    بالكريولين وقطرات من الصمغ الراتينجي بين الحين والحين
    . لكن ذلك ليس إجلا ً لا للملاك بل لإبعاد رائحة

    الروث التي لاتزال عالقة في كل مكان كالشبح وتحيل البيت الجديد إلى بيت قديم
    . وعندما تعلمت الطفلة المشي

    لأول مرة حرصا على أن لا تقترب من قن الدجاج
    . لكنهما فيما بعد أبعدا مخاوفهما وألفا الرائحة، وقبل أن

    يظهر السن الثاني لطفلتهما كانت قد ذهبت لتلعب قرب قن الدجاج حيث تداعى الجدار السلكي للقن
    . كان

    الملاك فاترًا معها مثلما كان مع باقي الكائنات، لكنه تحمل أبشع سلوك بريء بصبر كلب لا أوهام لديه
    .

    وأصيبا كلاهما بجدري الدجاج
    .الطبيب الذي جاء لمعلجة الطفلة لم يستطع مقاومة أغراء الاستماع إلى قلب

    الملاك، ووجد صوت صفير في القلب وسمع الكثير من الأصوات في كليتيه حتى بدا للطبيب أن من الاستحالة

    أن يكون حيا
    . الشيء الأغرب هو منطق جناحيه. لقد كانا يبدوان طبيعيين على ذلك الجسم البشري حتى أنه

    استغرب لماذا لا يملك البشر الآخرون مثلهما
    .

    عندما بدأت الطفلة بالذهاب إلى المدرسة كان قد مر بعض الوقت الذي هدمت فيه الشمس والأمطار قن

    الدجاج
    . وظل الملاك يجر نفسه هنا وهناك مثل رجل ضال يلفظ أنفاسه الأخيرة. كانوا يطردونه من غرفة

    النوم بالمكنسة فيجدونه قد ذهب إلى المطبخ
    . حتى ظهر لهم أنه موجود في عدة أماكن في اللحظة نفسها

    وظنوا أنه صار أكثر من واحد، كأنه يولد من نفسه آخرين ينتشرون داخل البيت، مما جعل أليسندا الساخطة

    والمشوشة أن تصرخ أن هذه حياة بائسة في جحيم مليء بالملائكة
    . كان نادرًا ما يأكل وأمست عيناه الأثريتين

    مضببتين أدت به إلى أن يصطدم بالأعمدة
    .

    كل ما بقي له هي الإبر المجردة لآخر ريشات له
    . رمى عليه بيلايو بطانية وتفضل عليه أيضًا بالسماح له

    بالمنام في السقيفة ولاحظوا عندذاك أن حرارته قد ارتفعت في الليل وبدأ بالهذيان ملتوي اللسان مثل عجوز

    نرويجي
    . وكانت تلك هي من المرات القليلة التي يشعرون فيها بالخطر، لاعتقادهم أنه سوف يموت ولن

    تستطيع حتى جارتهم الحكيمة أن تنصحهم بما يجب أن يعملونه بملاك ميت
    .

    ولكنه لم يعش طوال الشتاء فحسب بل بدا أنه تحسن مع الأيام المشمسة الأولى
    . وبقي دون حراك لعدة أيام في

    ابعد زاوية من الباحة، حيث لا أحد يراه، ومع بواكير كانون الثاني نبتت له بعض الريش الكبيرة الصلبة،

    ريش فزاعة، هي اشبه بعجز مأساوي آخر
    . ولكن لابد أنه كان يعلم سبب تلك التغيرات، لأنه كان حريصًا جدًا

    على أن لا يلاحظه أحد ، ولا أحد يسمع الأناشيد البحرية التي كان يغنيها أحيانًا تحت النجوم
    . وفي احد الأيام

    عندما كانت أليسندا تقطع البصل للغداء دخلت إلى المطبخ ريح بدت كأنها آتية من أعالي البحار
    . ثم أطلت من

    النافذة ورأت الملاك وهو في أولى محاولاته للطيران
    . كانت غير متقنة لدرجة أن أظافره قد فتحت حفرة في

    البقعة الخضراء وكان على وشك أن يطيح بالسقيفة برفرفته الخرقاءالمنفلتة في الضياء والتي لم توفق في

    قبض الهواء
    . ولكنه تمكن من تحقيق بعض العلو. وأطلقت اليسندا تنهيدة راحة، من أجل نفسها ومن أجله،

    عندما راقبته يمر من فوق أخر المنازل، رافعًا نفسه على نحو ما برفرفة مجازفة كأنها لنسر عجوز
    . ظلت

    تراقبه وهي لاتزال تقطع البصل واستمرت تراقبه حتى حين لم يعد بإمكانها رؤيته، لأنه عند ذاك لم يعد يمثل
    أي قلق لحياتها بل مجرد نقطة خيالية في أفق البحر
    في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
    أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
    وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

    Comment


    • #3
      ثمن عشرين قتيلاً

      ثمن عشرين قتي ً لا
      بزغ يوم الاثنين دافئًا و بلا مطر
      .. و كالطير فتح " أوريليو اسكوفار " طبيب الأسنان غير المؤهل و المبكر في
      يقظته
      , عيادته في الساعة السادسة .. ثم أخرج بعض أسنان صناعية مازالت مركبة في قالب المصيص من
      الدولاب الزجاجي
      , و وضع على المنضدة مجموعة أدوات رتبها حسب الحجم .. كما لو كانت للعرض .. و كان
      يلبس قميصًا مخططًا بلا ياقة
      , أقفل حول الرقبة بمشبك ذهبي, و بنطلونًا معلقًا بحمالة .. و كان مستقيم العود نحيل
      الجسم
      , لا تبدو عليه مسحة المهنة , و كانت هيأته أقرب إلى هيئة رجل أصم ..

      و لما فرغ من ترتيب الأدوات فوق المنضدة جذب المثقب إلى قرب كرسي الأسنان و جلس لصقل الأسنان
      الصناعية
      .. لقد بدا أنه لا يفكر في العملية التي يقوم بها, بيد أنه راح يواصل العمل و هو ينفخ كور الثقب بقدميه,

      حتى و هو لا يحتاج إلى ذلك
      .

      و عندما بلغت الساعة الثامنة توقف برهة لكي ينظر من النافذة إلى السماء
      , فرأى طائرين من الجوارح يجففان
      نفسيهما في الشمس على إفريز سطح البيت المجاور
      .. و ما لبث أن استأنف عمله متوقعًا أن يعود المطر إلى
      الانهمار قبل موعد الغداء
      .. إلى أن قطع عليه تركيزه صوت ابنه الحاد البالغ من العمر احدى عشرة سنة يناديه

      ..
      و لدى سؤاله قال له :
      -
      العمدة يريد أن يعرف إذا كان يمكن أن تخلع سنه ..
      -
      قل له انني غير موجود
      و أخذ يصقل سنًا مذهبة
      .. ثم امسك بها على قيد ذراع و فحصها بعينين نصف مقفلتين .. و عندئذ انبعث صوت
      ابنه صائحًا من غرفة الانتظار الصغيرة
      :
      -
      العمدة يقول أنك موجود, لأنه يسمع صوتك!..

      استمر الطبيب يفحص السن
      .. و لم يرد إلا بعد أن وضعها فوق المنضدة بجانب ما تم إنجازه من الأسنان, إذ قال

      :
      -
      الأحسن أن يسمع ..

      و أدار الثقب من جديد
      .. ثم أخرج عدة قطع من " كوبري " من خزانة بها الأشياء التي عليه أن يتمها, و أخذ
      يصقل الذهب
      .. و لكن ابنه ناداه مرة أخرى .. فسأله ماذا يريد دون أن تتغير ملامح وجهه, فقال الصبي :
      -
      قال العمدة إنك إذا لم تخلع له السن, فسوف يضربك بالرصاص !..

      و بدون ما أدنى تعجل
      , و بحركة جد هادئة, توقف عن تحريك الثقب, و دفعه على الكرسي, ثم جذب الدرج
      الأسفل للمنضدة عن آخره
      , فإذا به مسدس .. و قال لإبنه :
      -
      حسن .. قل له أن يدخل و يقتلني ..

      و دحرج الكرسي في مواجهة الباب
      .. و ظهر العمدة في المدخل و قد بدا خده الأيسر حليقًا, أما الخد الثاني فكان
      مورمًا موجعًا
      , نبتت فيه لحية عمرها خمسة أيام, فقد شهد العمدة ليالي كثيرة من العذاب و المعاناة بدت آثارها في
      عينيه المتبلدتين
      ..

      أغلق الطبيب الدرج بأنامله
      , و قال بليونة : اجلس ..

      فقال العمدة
      : صباح الخير ..

      فرد الطبيب بنصف السلام
      و بينما كانت أدوات الخلع تغلي
      , مال العمدة برأسه على المسند حتى شعر بتحسن .. و كانت العيادة متواضعة :

      بها كرسي خشبي عتيق
      , و المثقب, و دولاب زجاجي به قناني خزفية .. و أمام النافذة ستار لا يعلو عن ارتفاع
      الكتف
      .. و عندما شعر العمدة باقتراب الطبيب, شد على عقبيه و فتح فمه ..

      و ما لبث
      " أوريليو اسكوفار " أن أدار رأس العمدة إلى ناحية الضوء .. و بعد أن فحص السن المصابة أقفل فك
      العمدة بضغطة محاذرة من أصابعه
      .. و قال :
      -
      لابد من الخلع بغير مخدر ..
      -
      و لماذا ؟ ..
      -
      لوجود خراج ..

      فنظر العمدة مواجهة
      , ثم قال : لا بأس ...

      قالها محاو ً لا أن يبتسم فلم يرد الطبيب على الابتسامة
      .. بل جاء بإناء الأدوات المعقمة إلى المنضدة و أخرجها من
      الماء بملقط بارد
      ..

      كلّ ذلك دون أن يتعجل في حركاته
      .. ثم دفع المبصقة بطرف حذائه و انتقل لغسل يديه في الحوض .. لقد فعل
      هذا كله دون أن ينظر على العمدة
      .. غير أن العمدة لم يرفع نظره عنه لحظة ..

      كان المعطوب
      " ضرس العقل " السفلي .. و ما لبث الطبيب أن وسع قدميه و أمسك الضرس " بالجفت " الساخن

      ..
      فتشبث العمدة بذراعي الكرسي ة شد على قدميه بكل قوته و هو يشعر بخواء بادر في كليته, بيد أنه لم يحدث
      أي صوت
      .. و لم يكن يتحرك من الطبيب سوى معصمه .. و دون ما ضغينة, بل برفق تشوبه المرارة, قال
      للعمدة
      :
      -
      الآن سوف تدفع ثمن قتلانا العشرين !..

      شعر العمدة بقصف كقصف العظام في فكه
      , و امتلأت عيناه بالدموع .. بيد أنه لم يتنفس إلى أن شعر بخروج
      الضرس
      .. ثم رآه من خلال الدموع .. و قد بدا غريبًا جدًا عن الآلام التي كابدها إلى حد أنه عجز عن فهم هذا
      العذاب الذي تجرعه مدى الأيام الخمسة الفائتة
      ..

      و بينما انحنى فوق المبصقة عارقًا لاهثًا
      , فك أزرار كسوته الرسمية و مد يده إلى جيب بنطلونه يلتمس منديله ..

      فأعطاه الطبيب قطعة قماش نظيفة قائ ً لا
      :
      -
      امسح دموعك !..

      فعل العمدة هذا
      .. كان يرتعد و بينما أخذ الطبيب يغسل يديه, كان هو يتطلع إلى السقف المتآكل الذي يتدلى منه
      عنكبوت و حشرات ميتة
      .. و ما لبث الطبيب أن عاد و هو يمسح يديه .. و قال له :
      -
      اذهب إلى فراشك .. و " غرغر " بماء مالح ..

      فقام العمدة
      , و سلم بتحية عسكرية فاترة, ثم اتجه إلى الباب باسطًا ساقيه, و دون أن يزرر سترته ..

      و عند الباب قال
      : إبعث الفاتورة ..
      -
      لك, أو لمكتب الحكومة ؟..

      لم ينظر إليه العمدة
      , بل قال و هو يغلق الباب : هذا و ذاك سيان, لعنة الله !..

      في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
      أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
      وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

      Comment


      • #4
        رد: مجموعة قصص غابرييل غارسيا ماركيز

        حلو الاختيار كتير
        مع انو ما ببين عليكي انك بتهتمي بهيك شخص
        وبالشي الي بطرحو عادة برواياتو

        عملتي شي كتير حلو بدي اشكرك عليه ما بعرف ازا عرفتي شو هو؟



        It's not the years in your life that count.It's the life in your years

        Comment


        • #5
          رد: مجموعة قصص غابرييل غارسيا ماركيز

          ما فهمت و لا حرف من اول قصة يا الهي ساعدني سرطانات و ملاك و كاهن موعارف الله وين زاتو و شو صار بالبنت وليش ضربو للملاك و كيف ملاك و شكلو متل البشر و عم ياكل قتل من الناس و ريحتو وسخة ما استوعبت شي
          عندما تحاول ان تنسى يعود الماضي و يطرق باب الاحلام فتولد الاحزان من جديد و تتمنى لو انك بلا احلام لكي لا ترى صورته في كل ليلة ...

          Comment


          • #6
            رد: مجموعة قصص غابرييل غارسيا ماركيز

            روعة كتير
            شكرا على طرحها يادودي
            يـــــــــــســـوع مـــــــعـــــــي فـــــــمـــــــن عــــــــــــــلـــــــي ...,,
            تـــــــحـــــــيـــــــاتـــــــي
            داريــــن لــحــــدو
            ♰ ܕܐܪܝܢ ܠܚܕܘ ♰



            Comment


            • #7
              رد: مجموعة قصص غابرييل غارسيا ماركيز

              نورتو غايز وفادي بالنسبة للقصة الاولى بشرحلك فكرتا برسالة خاصة
              في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
              أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
              وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

              Comment


              • #8
                عينا كلب أزرق

                عينا كل ٍ ب أزرق
                ثم ، نظر ْ ت إل  ي
                . في البداية اعتقد ُ ت أنها تراني للمرة الأولى ، لكنها عندما استدارت خلف الموقد
                ، و بقي ُ ت أشعر بنظرتها المراوغة تنزلق على ظهري ، و تعبر فوق كتفي ، عندها أدرك ُ ت أنني
                من يراها للمرة الأولى
                . أشعل ُ ت سيجارًا ، و سحب ُ ت نفسًا عميقًا و قويًا من الدخان قبل أن أدير
                المقعد لأجعله يتزن على ساق خلفية واحدة
                . وبعدها أصبح بإمكاني مشاهدتها حقًا ، كما كانت تقف
                بجانب الموقد و ترمقني ، كل ليلة
                . لدقائق وجيزة كان ذلك كلّ ما فعلناه : تبادل النظرات. أنا
                رمقُتها من مقعدي المت  زن على ساق خلفية واحدة ، فيما هي واقفة ويدها الطويلة الساكنة فوق
                الموقد ، ترمقني بدورها
                . شاهدت الألق الذي انفرج عنه جفناها ، كما في كل ليلة ؛ فتذكر ُ ت
                عادتي في أن أقول لها
                : ( عينا كل ٍ ب أزرق ). وبدون أن ترفع يدها عن الموقد قالت: ( تلك
                العبارة، لن ننساها أبدًا
                . ) . ثم غادرت مكانها و تابعت متنهدة : ( عينا كل ٍ ب أزرق. لقد كتبُتها في
                كل مكان
                .)

                راقبتها تسير متجهة إلى منضدة التزين، وشاهد ُ ت صورتها تظهر في المرآة المستديرة ترمقني
                كلما طالني شيء من الضوء
                . مستمرة في مراقبتي بعينيها البراقتين كجمر ، بدأ ْ ت بفتح العلبة
                الصغيرة المغطاة بنسيج وردي ذو لآلئ ، ثم رش ْ ت المسحوق على أنفها ، كل هذا و أنا أراقب
                .

                حين انته ْ ت أغلقت العلبة و انتصب ْ ت معاودة السير نحو الموقد ، قالت
                : ( أخشى أ  ن أحدهم يحلم
                بهذه الغرفة ويستكشف أسراري
                .) ، ومدت ذات اليد الطويلة المرتجفة فوق الوهج ، تلك التي
                كانت تعمل على تدفئتها قبل الجلوس للمرآة
                . قالت : ( أنت لا تشعر بالبرد. ) فأجبت : ( أحيانًا ).

                وعادت تقول
                : ( يجب أن تكون تشعر به الآن ). وعندها أدرك ُ ت لِ م ل  م يمكنني البقاء وحيدًا على
                الكنبة ؛ لقد كان البرد هو الباعث على شعوري بالوحدة
                . قلت : ( الآن أشعر به.) ثم استطرد ُ ت :
                (
                وهذا غريب لأن الليل صا  ف ، ربما سقطت الملاءة). لكنها لم تحر جوابًا. مرة أخرى أراها
                تغادر مكانها لتتجه إلى المرآة ، فأدير المقعد لأبقي على ظهري مواجهًا لها
                . و بدون النظر إليها ،
                عرف ُ ت ما كانت تقوم به
                . عرف ُ ت أنها جلست أمام المرآة مرة أخرى ، تراقب ظهري الذي حظي
                بالوقت ليصل إلى أعماق مرآتها ، ويقبض عليه من قبل نظراتها ، تلك التي بدورها حظيت
                بالوقت لتصل إلى الأعماق و ترجع
                كل هذا قبل أن تبدأ اليد دورتها الثانية حتى أصبحت
                شفتاها مرسومة بالقرمزي في دورة واحدة من يدها ، وهي جالسة أمام المرأة
                .

                في مقابلي ، كنت أتطلع الى الجدار الاملس ، الذي بدا كمرآة عمياء لا يمكنني عبرها النظر إلى
                تلك الجالسة خلفي ، ولكن بوسعي تخيلها كما لو كانت هناك مرآة معلقة على الحائط تنقل إل  ي
                صورتها ، و قلت
                ( أنا أرا  ك ) . و على الجدار أمكنني أن أراها فع ً لا ، كما لو رفعت عينيها إلى
                المرآة وشاهدتني بظهري المقابل لها على المقعد ، و في عمق المرآة ، وجهي المصوب باتجاه
                الحائط
                . ثم شاهدُتها تخفض عينيها ، دون أن تنطق بكلمة. قلت لها مرة أخرى ( أنا أرا  ك ).

                فرفعت عينيها ثانية وقالت
                : ( هذا مستحيل. ) سألتها عن السبب الذي يجعله مستحي ً لا ، و بعيون
                هادئة و منخفضة أجابت
                : ( لأن وجهك بإتجاه الحائط ). عندها أدر ُ ت المقعد ، قابضًا على
                السيجار في فمي
                . وحين بقي ُ ت مواجهًا لها عاد ْ ت إلى مكانها خلف الموقد . هاهي ترفع كفيها فوق
                الموقد، كما ترفع دجاجة جناحيها ، تدفيء نفسها ، بينما ظلال أصابعها تغطي وجهها ، و قالت
                :
                (
                أعتقد أني على وشك الإصابة بالبرد. لابد أن تكون هذه مدينة الصقيع. ) أدارت وجهها جانبًا ،
                فتحولت بشرتها من النحاسية إلى الحمراء ، و فجأة بدت حزينة
                . قالت : ( افعل شيئًا بهذا الصدد.)

                و بدأت بخلع ملابسها
                . قلت : ( سأدير وجهي للحائط ) لكنها قاطعتني : ( لا جدوى ، سيمكنك
                رؤيتي على أية حال ، كما فعلت قب ً لا
                .)

                الوهج ينزلق على بشرتها النحاسية فيجعلها تلمع ، قلت لها
                : ( لطالما أرد ُ ت رؤيتك هكذا ، و
                بطنك المكسوة بالحفر كما لو تم ضربك
                .) و قبل أن أدرك كم كانت كلماتي غبية و غير لبقة ،
                كانت هي قد أصبحت عديمة الحس بماحولها ، مشغولة بتدفئة نفسها قرب الموقد
                . قالت : ( أحيانًا
                أشعر أني مصنوعة من معدن
                .) ، و صمتت فيما تحرك كفيها بخفة فوق اللهب. قلت : ( أحيانًا ،
                في أحلام أخرى ، اعتقدُت  ك مجرد تمثال برونزي صغير مقام في زاوية أحد المتاحف ؛ ربما لهذا
                أن  ت باردة
                .)
                - (
                في بعض الأوقات ، عندما أنام على قلبي ، أستطيع أن أشعر بالفراغ يكبر في جسدي ،
                بشرتي تصبح رقيقة كصفيحة معدن ، ثم عندما يزداد تدفق الدم ، أشعر بالقرع في داخلي
                . كما لو
                أن شخصًا يناديني بالطرق على معدتي ، يصبح حتى بوسعي سماع صوت النحاس خاصتي في
                الفراش، يبدو مثل
                ماذا يسمونه ؟ - المعدن المصفح.)

                ثم سكتت و اقترب ْ ت أكثر من الموقد
                . قل ُ ت لها : ( أح  ب أن أسمع  ك).
                - (
                اذا استطعنا العثور على بعضنا يومًا ، ضع أذنك على أضلعي عندما أنام على جانبي الأيسر
                ، و ستسمعني أقرع
                . لطالما أردت  ك أن تفعلها يومًا.)

                سمعُتها تلهث بقوة فيما تتحدث
                . قالت أنها لسنوات لم تفعل شيئًا مختلفا ؛ً وهب ْ ت عمرها للبحث
                عني في أرض الواقع
                . ودليلها الوحيد إل  ي كان تلك العبارة : ( عينا كل ٍ ب أزرق ). سارت عبر
                الشارع و صرخت عاليًا بها ، أرادت أن تخبر ذلك الشخص الوحيد القادر على الفهم
                : ( أنا
                الشخص الذي يزورك في أحلامك كل ليلة ، ليقول لك
                : عينا كل ٍ ب أزرق ). كانت تذهب إلى
                المطاعم ، و قبل أن تطلب شيئًا تقول للنادل
                : ( عينا كل ٍ ب أزرق ) لكن الندل جميعهم كانوا
                ينحنون مجاملين باحترام ، دون أن يتذكر أحدهم أنه قال تلك العبارة في أحلامه قط
                . بعدها لجأ ْ ت
                إلى الكتابة على الشراشف أو الحفر بسكين على أسطح الطاولات المصقولة
                : ( عينا كل ٍ ب أزرق )
                .
                و على النوافذ المتشحة بالضباب جميعها ، نوافذ الفنادق ، و المحطات ، و جميع المباني
                الحكومية ، خطتها بسبابتها
                : ( عينا كل ٍ ب أزرق ).

                قالت أنها ذات مرة دخلت محل صيدلة ، ش  مت هناك ذات الرائحة التي شمتها م  رة في غرفتها ،
                بعد أن حلم ْ ت بي ، ذات ليلة
                . قالت لنفسها : ( لابد أنه قريب ) و بعد أن تفحصت القرميد الجديد
                النظيف اتجهت للصيدلي و قالت
                : ( أحلم كل ليلة برجلٍ يقول لي : عينا كل ٍ ب أزرق. ) يومها
                حدق الصيدلي بعينيها ثم قال
                : ( بالواقع يا آنستي ، إن لك عيونًا كتلك بالفعل.). قالت له : ( عل  ي
                أن أعثر على الرجل الذي قال لي هذه الكلمات حرفيًا ، في أحلامي
                .) لكن الصيدلي بدأ بالضحك
                ثم اتجه للزاوية البعيدة من منضدة العرض
                . بقي ْ ت ترمق القرميد النظيف و تشم تلك الرائحة
                المميزة ، ثم فتحت حقيبتها و أخرجت حمرة شفاهها القرمزية و كتبت بحروف  محم  رة
                : ( عينا
                كل ٍ ب أزرق
                .). و حين عاد الصيدلي قال لها : ( سيدتي ، لقد لوث  ت القرميد.) ثم أعطاها قطعة
                قماش رطبة مستطردًا
                : ( ن ّ ظفيها الآن).

                و تابعت الحديث من موقعها بجوار الموقد ، لتقول أنها أمضت طوال فترة ما بعد الظهر جاثية
                على أربع ، تنظف القرميد و تردد دون انقطاع
                : ( عينا كل ٍ ب أزرق.) حتى تجمع الناس عند
                الباب و قالوا أنها مجنونة
                .

                و الآن بعد أن توقف ْ ت عن الكلام ، كن ُ ت ما أزال جالسًا في الزاوية ، أتأرجح فوق المقعد
                . قلت لها

                : (
                في كل يوم أحاول تذكر العبارة التي ستقودني الي  ك ، و الآن أعتقد أني لن أنساها. لكني لم أفتأ
                أبيت النية ذاتها ، و عندما أستيقظ أكون قد نسيت الكلمات التي تمكنني من العثور علي  ك
                ).
                - (
                أن َ ت من ابتكرها في اليوم الأول).
                - (
                لقد ابتكرُتها لأني شاهدت عينا  ك الرماديتين ، لكن لم يكن بوسعي أبدًا التذكر في الصباح
                التالي
                ).

                بقبضة مطبقة مرفوعة فوق الوهج ، تنهد ْ ت بعمق ، وقالت
                : ( لو أن بوسعك على الأقل أن تذكر
                الآن اسم المدينة التي كتب ُ ت بها تلك العبارات
                . )

                أسنانها المتراصة المنتظمة تعكس وميض اللهب ؛ قلت لها
                : ( أود لو ألمس  ك الآن.)

                رفع ْ ت وجهها الذي كان مسّلطًا على الموقد ، رفع ْ ت أنظارها الملتهبة ، الدافئة في الآن ذاته ،
                تمامًا مثلها و مثل يديها ، و شعر ُ ت بها ترمقني ، في الزاوية حيث أجلس متأرجحًا فوق المقعد
                .

                نطقت
                : ( لم تخبرني بهذا قب ً لا)
                - (
                أنا أقولها ل  ك الآن ، و هي الحقيقة. )

                و من الجهة الآخرى خلف الموقد ، طلب ْ ت سيجارًا
                . عندها شعر ُ ت بسيجاري الذي توارى بين
                أصابعي ؛ كن ُ ت قد نسيت أني أدخ  ن واحدًا
                . قالت : ( لا أدري لم لا يمكنني التذكر .. أين كتبُتها
                تلك العبارات
                )
                - (
                للسبب نفسه ، غدًا لن يكون بوسعي تذكر الكلمات)

                و بحزن قالت
                : ( لا . أحيانًا أفكر أني ربما أكون قد حلم ُ ت بتلك الكتابة أيضًا.)

                وقف ُ ت ، وسرت باتجاه الموقد ، حيث تجلس هي خلفه ، حام ً لا السيجار و عود الثقاب في يدي ،
                التي لن يكون بوسعها الوصول الى ما خلف الموقد
                . مدد ُ ت لها السيجار فوق الموقد فالتقطته
                بشفتاها ، ثم مالت على اللهب قبل أن يتاح لي الفرصة لإشعال عود ثقاب
                . قلت لها : ( في مدينة
                ما في العالم ، على كل الجدران ، لابد أن تلك الكلمات مكتوبة
                : عينا كل ٍ ب أزرق. و اذا تذكرُتها
                في الصباح فسيكون بإمكاني العثور علي  ك
                .) . رفعت وجهها ثانية عن الموقد ، بسيجار مشتعل
                بين شفتيها
                . همس ْ ت : ( عينا كل ٍ ب أزرق) ، و بدأت تسترجع الذكرى فيما تذر الرماد ، و عينها
                نصف مفتوحة
                . نفثت الدخان ، قبضت على السيجار بين أصابعها و استطردت : ( شي  ء قد
                اختلف الآن
                . بدأ ُ ت أشعر بالدفء.) قالتها بصو  ت فاتر و سريع ، كما لو أنها لم تقلها حقًا. كما لو
                أنها كتبتها على قطعة ورق و قربتها من النور فيما أقرأ
                : ( بدأ ُ ت اشعر بالدفء) ممسكة اياها
                بسبابتها وابهامها ، قبل أن تبدأ بلفها وإتلافها ، و فيما أنا بالكاد أكمل القراءة
                ( .. دفء) كانت قد
                صيرتها كرة و ألقتها إلى النار ، لتصير خيوطًا من رماد و وهج
                .

                قل ُ ت لها
                : (هكذا أفضل. أحيانًا يشعرني مرآ  ك ترتجفين بجوار اللهب ، بالخوف).

                كانت قد مرت سنين طوال علينا و نحن مستمرين في رؤية بعضنا
                . في بعض الأوقات عندما
                نكون معًا ، شخ  ص ما كان يلقي ملعقة بالخارج ، و كنا عندها نستيقظ
                . وببطء أدركنا أن صداقتنا
                كانت خاضعة للأشياء الخارجية ، لأبسط حدث
                . لقاءاتنا جميعها انتهت بالطريقة ذاتها ، سقوط
                الملعقة ، حالما يحلّ الفجر
                . و الآن ها هي بجوار الموقد تحدق بي ، مما يجعلني أتذكر أنها
                نظرت لي بالطريقة ذاتها في الماضي أيضًا ، منذ ذلك الحلم البعيد ، حين جعلت المقعد يدور على
                ساق خلفية واحدة ، و بقيت أحدق في إمراة غريبة ذات عيون رمادية
                . لقد حدث عندها ، في ذلك
                الحلم أن سألتها للمرة الأولى
                : ( من أن  ت ؟ ) و أجابتني : ( لا أتذكر. ) و عدت أقول لها مص  را

                : (
                لكني أعتقد أننا شاهدنا بعضنا قب ً لا . ) و بغير اكتراث جاءني جوابها :
                - (
                أعتقد أني حلم ُ ت ب  ك مرة ، و بهذه الغرفة ذاتها)
                - (
                صحيح . لقد بدأ ُ ت أتذكر الآن)
                - (
                يا للغرابة . من المؤكد أننا التقينا قب ً لا ، في أحلام أخرى. )

                سحب ْ ت نفسين من السيجار
                . كن ُ ت لم أزل واقفًا أمام الموقد ، و فجأة وجدتني لا أنفك عن التحديق
                بها، ارتفاعا و هبوطًا ، كانت لم تزل نحاسية
                . ليس ذاك النحاس القاسي البارد ، بل كان نحاسها
                أصفرًا ، ناعمًا ، و لين
                . و قلت لها ثانية : ( أود لو ألمس  ك الآن).
                - (
                ستفسد كل شيء).
                - (
                لم يعد مهمًا. كل ما علينا فعله هو قلب المخدة ليتسنى لنا اللقاء ثانية).

                و رفع ُ ت يدي فوق الموقد ، لكنها لم تتحرك
                . فقط كررت الجملة ذاتها ( ستفسد كل شيء.) ، قبل
                أن أتمكن من لمسها
                .

                قالت
                : ( ربما إن استطع َ ت الوصول إلى خلف الموقد ، سيكون بإمكاننا أن نستيقظ معًا ، من
                يدري في أي بقعة من العالم
                ).
                - (
                لم يعد مهمًا.)

                قالت
                : ( ان استطعنا قلب المخدة سيكون بامكاننا اللقاء ثانية ، لكنك عندما تستيقظ ستكون قد
                نسيت على أية حال
                .)

                كن ُ ت قد عاود ُ ت سيري تجاه الزاوية ، فيما هي خلفي مستمرة في الإستدفاء بالوهج
                . و قبل أن أبلغ
                المقعد سمعتها تقول
                :
                (
                عندما أستيقظ في منتصف الليل ، أبقى أتقلب في الفراش ، حاشية المخدة تحرق ركبتي ، لكني
                أبقى أردد حتى الفجر
                : عينا كل ٍ ب أزرق).

                قلت لها و أنا أحدق في الجدار ، كما كن ُ ت قب ً لا
                : ( إنه الفجر فع ً لا.) ، و واصل ُ ت دون الإلتفات
                إليها
                : ( عندما قرع ْ ت الساعة الثانية بعد منتصف الليل كن ُ ت مستيقظًا ، و لكن ذلك كان منذ وق  ت
                بعيد
                .)

                اتجه ُ ت للباب و حين أوشك ُ ت على لمس المقبض ، جاءني صوتها مجددًا ، بذات الثبات
                : ( لا
                تفتح ذلك الباب
                .) و تابع ْ ت بعد صمت ( إن الرواق مليء بالأحلام المبهمة.) سألُتها : ( ما أدراك؟

                )
                و أجابت : ( لأني كن ُ ت هناك بالفعل قبل لحظ  ة مرت ، لكني عدت إلى هنا حين اكتشفت أني
                نائمة على قلبي
                ).

                كن ُ ت قد فتحت الباب تقريبًا ، و من الفرجة الصغيرة جاءني نسيم بارد ناعم حمل لي رائحة منعشة
                للأرض المخض  رة و الحقول الندية
                . عاد ْ ت تتحدث لكني واصل ُ ت فتح الباب و قلت لها : ( لا أعتقد
                أن هناك أي رواق في الخارج ، أني اشم رائحة الريف
                ).
                - (
                أنا أدرى بهذا خيرًا منك . هناك إمرأة بالخارج تحلم بالريف.) و عقد ْ ت ذراعيها فوق اللهب
                متابعة
                : ( إنها تلك المرأة التي طالما تمنت أن يكون لها بيت بالريف ، لكنها لم تكن قادرة قط
                على مغادرة المدينة
                .)

                عندها تذكر ُ ت رؤيتي لتلك المرأة في بعض أحلامي السابقة ، لكني أدرك ُ ت أيضًا ، فيما الباب شبه
                مفتوح، أن أمامي نصف ساعة قبل أن يتوجب عل  ي الذهاب لتناول افطاري
                . لذا قلت : ( على أية
                حال ، يجب عل  ي أن أغادر هذه الغرفة ، استعدادا للإستيقاظ
                ).

                في الخارج عوت الريح للحظة ، ثم هدأت، و أصبح بإمكاني سماع الأصوات الناجمة عن تنفس
                شخص نائم ، انقلب في فراشه للتو
                . النسيم القادم من الحقول توقف و لم يعد هناك روائح . قلت
                لها
                : ( في الغد سأتذكرك بهذا ؛ عندما أسير في الشارع و أشاهد امرأة تكتب عبارة ( عينا كل ٍ ب
                أزرق
                ) على الجدران. ) قالت فيما ارتسمت بسمة حزينة على شفتيها - بسمة مذعن للمستحيل -
                : (
                رغم ذلك لن تتذكر شيئًا أثناء النهار. ) و عادت تضع كفيها فوق الموقد فيما تغيب ملامحها
                وسط غمامة أسى
                .
                (
                أن َ ت الرجل الوحيد في العالم ، الذي لا يتذكر شيئًا مما حلم به ، حين يستيقظ . )

                في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                Comment


                • #9
                  أشباح أغسطس

                  أشباح أغسطس ل
                  :غابرييل غارسيا ماركيز

                  ترجمها عن الإسبانية
                  :إدريس الكنبوري

                  وصلنا إلي أريزو قبل منتصف النهار بقليل، وقضينا أزيد من ساعتين في البحث عن القصر الذي يدل علي
                  عصر النهضة، الواقع في ذاك المكان الشاعري من القرية البدائية، والذي اشتراه الكاتب الفنزويلي ميغيل
                  أوتيرو سيلفا
                  .كان يوم أحد من أول أسبوع من شهر آب (أغسطس)، حارا ومثيرا للأعصاب، ولم يكن من
                  السهل مصادفة شخص يعرف شيئا عن القصر في الشوارع التي تغص بالسائحين
                  . وبعد عدة محاولات
                  للبحث بدون جدوي عدنا إلي السيارة وغادرنا البلدة عبر طريق صغير تحفه أشجار السرو دون هدف
                  واضح، لكن امرأة عجوزا كانت ترعي الإوز دلتنا في النهاية علي مكان القصر بالتحديد، وقبل أن تودعنا
                  سألتنا إن كنا سنقضي الليلة هناك، فأجبناها، وفقا لما كان مقررا في الدعوة، بأننا ذاهبون فقط للغذاء،
                  فقالت
                  :

                  هذا لحسن الحظ، لأن المكان يثير الرعب
                  .

                  وبما أننا، زوجتي وأنا، لم نكن نؤمن بأشباح منتصف النهار، فقد سخرنا من كلامها، لكن طفلينا، البالغين
                  من العمر تسعا وست سنوات، انتابهما الفرح لكونهما سوف يريان أشباحا حقيقية
                  .

                  وجدنا ميغيل أوتيرو سيلفا، الذي كان علاوة علي كونه كاتبا جيدا مضيافا رحب الصدر، ينتظرنا بطعام
                  الغذاء الذي لا يمكن نسيانه أبدا
                  . وبما أننا وصلنا متأخرين فلم يكن لدينا وقت لكي نتجول في أرجاء القصر
                  قبل الجلوس إلي مائدة الطعام، ولكن منظره من الخارج لم يكن مما يثير الخوف، بل إن مشهد المدينة التي
                  كانت تبدو لنا من المكان المرتفع الذي نتغذي فيه كان كافيا لطرد أي شعور بالكآبة
                  .

                  كان من الصعب أن يتصور المرء كيف يمكن أن يولد في هذه البيوت المتكاتفة فيما بينها فوق هذه
                  الهضبة، حيث يعيش حوالي تسعة آلاف من الأفراد متزاحمين أشخاص ذوو عبقرية دائمة، لكن ميغيل
                  أوتيرو سيلفا قال لنا بمزاجه الكاريبي أن أيا من هؤلاء الأشخاص الممتازين ليس أفضل ما في أريزو،
                  وأضاف
                  :

                  إن أفضلهم كان هو لودوفيكو
                  .

                  هكذا
                  : لودوفيكو، بدون ألقاب زائدة، أحسن رجال الفن والحرب الذي بني هذا القصر الحزين، والذي
                  استفاض ميغيل أوتيرو سيلفا في الحديث عنه طيلة وقت الغذاء، عن قوته التي لا تقهر وغرامياته التعسة
                  وموته المأساوي، وكيف أنه في لحظة جنون قاسية قتل عشيقته علي السرير الذي مارسا فيه الحب ثم أثار
                  عليه بعد ذلك كلاب الحرب الذين قطعوه أربا
                  . وأكد لنا، بلهجة يقينية، أن شبح لودوفيكو يخرج بعد منتصف
                  الليل ويبدأ في التسكع في جنبات القصر وسط الظلمة محاولا إعادة السكينة إلي مطهر حبه
                  .

                  لقد كان القصر في الحقيقة واسعا جدا ومعتما، غير أن قصة ميغيل لم تبد لنا في واضحة النهار مع امتلاء
                  المعدة وانشراح القلب إلا مجرد مزحة شبيهة بمزحاته الكثيرة التي يحاول الترويح بها علي ضيوفه
                  . وخلال
                  تجوالنا بعد فترة القيلولة من دون أي شعور بالخوف بدت لنا الغرف الإثنتان والثمانون التي يتكون منها
                  القصر وكأنها خضعت لتغييرات كثيرة من طرف ملاكيه المتعاقبين
                  . قام ميغيل بإصلاح الطابق الأسفل كاملا
                  وبني غرفة نومه بطريقة حديثة وجعل أرضيتها من الرخام، وحماما بخاريا علي الطريقة الفنلدنية، وشرفة
                  زودها بورود فاقعة حيث تناولنا طعام الغذاء
                  . أما الطابق الثاني الذي خضع للاستعمال كثيرا خلال القرون
                  الماضية فقد كان عبارة عن سلسلة من الغرف التي لا تحمل سمات معينة خاصة بها، فيها أثاث ينتمي إلي
                  مختلف العصور ترك بلا عناية
                  . لكن في الطابق العلوي كانت هناك غرفة لم تمس في السابق يبدو أن
                  الزمن لم يتمكن من الوصول إليها فبقيت كما كانت
                  . إنها غرفة نوم لودوفيكو.

                  كانت لحظة ساحرة
                  . فهناك كان السرير المحاط بالستائر الموشاة بخيوط من الذهب، والأغطية الحريرية
                  العجيبة المتغضنة التي لا يزال بها أثر دم العشيقة المقتولة، والمدفئة الرمادية المتجمدة التي تحول فيها
                  الحطب الأخير إلي حجر، والدولاب التي لا تزال به الأسلحة الفتاكة، والبورتريه الزيتي في إطار من الذهب
                  للفارس وهو يتأمل، مرسومة بيد واحد من كبار فناني فلورنسة، لكن الذي أثار اندهاشنا هو وجود رائحة
                  الفراولة ما تزال نفاذة في غرفة النوم دون تفسير واضح
                  .

                  الأيام في الصيف في توسكانا طويلة وبطيئة، حيث يبقي الأفق مستقرا في مكانه حتي التاسعة ليلا
                  . وعندما
                  انتهينا من التجول داخل القصر كانت الساعة تشير إلي الخامسة من بعد الظهر، ولكن ميغيل أصر علينا بأن
                  يأخذنا لنري اللوحات الجدارية لبييرو ديلا فرانسيسا في كنيسة سان فرانسيسكو، وبعد ذلك جلسنا لتناول
                  القهوة والدردشة تحت تعريشة المكان، وحينما عدنا إلي القصر لحمل حقائبنا وجدنا أنهم أعدوا طعام
                  العشاء، وهكذا اضطررنا للبقاء
                  .

                  فيما كنا نتعشي تحت سماء خبازية اللون لا توجد بها سوي نجمة يتيمة، أخذ الولدان المشاعل من المطبخ
                  وراحا يستكشفان غرف الطابق العلوي وسط الظلمة
                  . ومن مكاننا في الأسفل سمعنا أصوات ركضهم الذي
                  كانا يقلدان به الخيول علي السلم، وأنين الأبواب، والأصوات الناعمة السعيدة التي تنادي لودوفيكو في
                  الغرف المظلمة
                  . وخطرت للولدين تلك الفكرة السيئة بأن نقضي الليلة هنا، وساندهم ميغيل أوتيرو سيلفا
                  سعيدا بها، فلم نجد في أنفسنا الشجاعة الأدبية لنرفض الدعوة
                  . بعكس ما كنت أتخوف، نمنا تلك الليلة
                  جيدا، زوجتي وأنا، في غرفة نوم بالطابق السفلي بينما نام الولدان في الغرفة المجاورة
                  . كانت الغرفتان معا
                  قد أدخلت عليهما إصلاحات بشكل جعلهما حديثتين، لذلك لم تكونا معتمتين
                  . وفي انتظار أن يأخذني النوم
                  بدأت أتلهي بتعداد الضربات الإثنتي عشرة للساعة الجدارية الكبيرة، فتذكرت تحذير راعية الإوز، لكننا كنا
                  متعبين جيدا فنمنا نوما ثقيلا مليئا بالأحلام، وصحوت بعد الساعة السابعة صباحا بقليل علي نور الشمس
                  المتسلل عبر فتحات النوافذ، وكانت زوجتي إلي جانبي ما تزال نائمة، فقلت في نفسي
                  : يا لها من حماقة،
                  أن يؤمن المرء في هذا الزمن بالأشباح
                  .

                  وفي تلك اللحظة بالذات اجتاحتني رائحة الفراولة التي كأنها قطفت للتو، وصورة المدفئة الرمادية المتجمدة
                  التي تحول فيها الحطب الأخير إلي حجر، والبورتريه الزيتي للفارس الحزين في الإطار المذهب وهو ينظر
                  إلينا من وراء ثلاثة قرون
                  . واكتشفت بأننا لم نكن في الحقيقة نائمين في نفس الغرفة التي نمنا فيها ليلة
                  أمس بالطابق السفلي، بل في غرفة نوم لودوفيكو، تحت الستائر التي علق بها الغبار والأغطية الملطخة
                  بالدم الذي لا يزال طريا علي السرير اللعين

                  في كل يوم يصلب الانسان الف مرة ومرة ويصلب الوطن على طريق الجلجلة يسير شعب يحمل المسمار والصليب لانه يعيش في موطنه الحنون كالغريب وزهرة الخلاص في يديه مقصلة وسائر على طريق الجلجلة قد كللته المحنة السوداء بالسواد ومزقته اربا رصاصة الاحقاد
                  أنا لا أحد وأنت،من تكون؟هل أنت أيضاً لا أحد وإذاً فثمة إثنان منا، إياك أن تخبرأحدا!وإلاألقوا بنا في المنفى
                  وراء كل فوضى واشنطن وتل أبيب

                  Comment

                  Working...
                  X