النص الكامل لكلمة وزير الخارجية وليد المعلم
أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
ألقى وزير الخارجية وليد المعلم كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تحدث فيها عن عملية السلام ، والأوضاع في الشرق الأوسط ، ووجهة نظر سوريا وموقفاها تجاه هذه القضايا.أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
وفيما يلي نص الكلمة :
... ...
منذ عقود عديدة والشرق الأوسط منطقة تعج بالتوتر والأحداث الكبيرة عاشت حروبا عدة وعلى أرضها تفاعلت حينا وتصادمت حينا آخر سياسات ومصالح وتيارات وهي بحكم موقعها الجغرافي الوسيط من عالمنا تؤثر وتتأثر بشكل كبير في البلدان المجاورة لها آسيوية وأوروبية وأفريقية.. وسورية التي تقع في القلب من الشرق الأوسط عايشت وتفاعلت مع توترات المنطقة وسياساتها وأحداثها ونتائجها جميعا.
وأشار المعلم إلى أنه من خلال هذا الواقع بكل عناصره سلبا وايجابا حددت سورية منظورها في التعاطي مع الشأن الخارجي وخاصة منه طبيعة علاقاتها الدولية الذي يأخذ بالاعتبار أولوية الحفاظ على المصالح السورية والعربية وصيانتها ولهذا نفتح الباب للحوار المعمق الهادف إلى جسر جوانب الخلاف مع الأطرف الأخرى بهدف الوصول إلى نقاط التقاء يمكن البناء عليها مضيفا.. قلنا هذا خلال سنوات محاولة حصار سورية ونؤكده اليوم في وقت تمارس فيه سورية دورها كلاعب أساسي بالنسبة لأمن المنطقة واستقرارها.
وقال المعلم: إن سورية ترى أن العلاقات الدولية الحضارية هي تلك التي تقوم على الانفتاح والحوار لا الانغلاق والعزل والتصادم والعدوان.. هذا ما تنتهجه وهذا ما تأمل أن يسود عالم اليوم المتنوع المصالح والرؤى والزاخر بالمشاكل والتعقيدات من جهة وبالآمال والرؤى النبيلة من جهة أخرى.
إسرائيل تعمل وبشكل مكثف على تهويد القدس وإفراغها من سكانها الفلسطينيين وتقوم بما يهدد سلامة الأماكن المقدسة فيها
أضاف وزير الخارجية: إن العالم بأسره يعلن أنه ينشد إحلال السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط ويؤكد أن ذلك ضرورة ملحة يقتضيها الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة وفي إسرائيل يتحدثون عن السلام ويقومون في الوقت نفسه بقرع طبول الحرب وبابتلاع الأرض عن طريق الاستيطان.. ويقولون إنهم يفاوضون حاليا من أجل السلام وعلى أساس حل الدولتين في وقت أوشكت فيه مشاريعهم الاستيطانية أن تجعل من حل الدولتين مجرد كلام يقال ولا مكان له على الأرض لافتا إلى أن إسرائيل تعمل وبشكل مكثف على تهويد القدس وإفراغها من سكانها الفلسطينيين وتقوم بما يهدد سلامة الأماكن المقدسة فيها.
وقال المعلم إن استمرار إسرائيل بالاستيطان وبما تقوم به وتعلنه بالنسبة للقدس إنما تفرض موقفها على الأرض كأمر واقع بمعزل عن التفاوض أو عدمه لافتا إلى أن السلام يكون بصدق إرادة صنعه على محك الموقف العملي أما المناورات السياسية التفاوضية تحت مظلة الحديث عن الرغبة في السلام فإنها تزيد الأوضاع تعقيدا وتوترا ويمكن أن تدفعها نحو التفجر.
واكد المعلم أن ما تنشده سورية هو السلام العادل والشامل على أساس تنفيذ القرارين 242 و338 ومبادرة السلام العربية وأن موقف سورية معروف ومعلن منذ سنوات عدة فهي تمتلك إرادة صنع السلام وتمتلك قرارها من منطلق ثابت لا يتغير وهو أن الجولان السوري المحتل ليس موضع تفاوض أو مقايضة وإقرار استعادته كاملا هو الأساس الذي تنبني عليه الترتيبات التي يتطلبها صنع السلام.
وقال المعلم: إن سورية مستعدة لاستئناف مفاوضات السلام من حيث توقفت عبر الوسيط التركي ذلك في حال وجدت في إسرائيل شريكا ملتزما بمرجعيات صنع السلام ولديه الإرادة السياسية لتحقيقه.
وعبر المعلم عن ارتياح سورية لما جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان بصدد الاعتداء الإسرائيلي على قافلة الحرية التي كانت متجهة إلى غزة في مهمة إنسانية بحتة لافتا إلى تطلع سورية إلى ما سيصدر عن لجنة التحقيق الدولية بهذا الصدد وخاصة أن لجنة تقصي الحقائق قد وفرت الأرضية القانونية والوقائع اللازمة.
الوحدة الوطنية العراقية هي حجر الزاوية الذي يقوم عليه البنيان العراقي الآمن والقوي والمزدهر
وحول الأوضاع في العراق قال المعلم: إن سورية كبلد عربي شقيق للعراق ومجاور له يظل العراق موضع اهتمامها وقلقها لدى تردي الأوضاع فيه وموضع ارتياحها الكبير لدى تقدم هذه الأوضاع.. مؤكدا أن استعادة سيادة العراق واستقلاله التامين والحفاظ على هويته العربية الإسلامية وعلى وحدته أرضا وشعبا تشكل الأولوية المطلقة في منظور سورية للمستقبل المنشود للعراق وموضحا أن الوحدة الوطنية العراقية هي حجر الزاوية الذي يقوم عليه البنيان العراقي الآمن والقوي والمزدهر.
وأشار المعلم إلى أن سورية دعت وما زالت إلى انسحاب كل القوات الأجنبية من العراق وتجد فيما تم حتى الآن من انسحاب للقوات الأمريكية خطوة إيجابية في الطريق لإمساك العراق بزمام أموره وتحقيق سيادته التامة على أرضه وتتطلع إلى أن يمتلك العراق الشقيق القدرة العسكرية والأمنية القوية الضامنة لأمنه الداخلي ولمنعته كدولة سيدة مستقلة.
وجدد المعلم التأكيد على أن أمن العراق رهن بوحدته الوطنية التي تقوم على أساس هويته العربية الإسلامية أولا وعلى مبدأ مشاركة كل مكونات الشعب العراقي في صنع حاضره ومستقبله مؤكدا استعداد سورية للتعاون مع العراق في كل ما فيه مصلحته ومصلحة مشتركة للبلدين الشقيقين.
وحول إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي قال المعلم: إن موقف سورية معروف في الدعوة إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي وفي عام 2003 تقدمت بمشروع قرار إلى مجلس الأمن طالبت فيه بذلك وما زالت تؤكد على إلزام إسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية التي تدعوها إلى الانضمام لمعاهدة عدم الانتشار النووي وإخضاع منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لما لذلك من أهمية كبيرة بالنسبة لأمن منطقتنا واستقرارها.
التأكيد على حق جميع الدول بحيازة التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية
وتساءل المعلم.. لماذا يتحدثون عن عالمية معاهدة عدم الانتشار النووي وعندما يتعلق الأمر بإسرائيل يبذلون الجهد المضني لجعلها في منأى عن رقابة الوكالة ويشجعون بذلك على مواصلة إسرائيل لبرنامجها النووي الحربي موضحا أن هذا الواقع يشكل عامل قلق لشعوب منطقة الشرق الأوسط وأن الكيل بمكيالين في هذا الشأن بالذات أمر لا يتفق مع مقتضيات منع الانتشار النووي ليس في الشرق الأوسط فحسب بل في العالم أجمع.
وجدد وزير الخارجية التأكيد على حق جميع الدول بحيازة التكنولوجيا النووية للاستخدامات السلمية وهذا ما كفلته معاهدة الحد من الانتشار النووي داعيا إلى حل كل المشاكل ذات الصلة من خلال الحوار وبالوسائل السلمية.
وفي الشأن السوداني قال المعلم: إن سورية تتابع تطورات الوضع في هذا البلد العربي من منطلق حرصها على وحدة السودان وسيادته وأمنه واستقراره معبرا عن تقدير سورية للجهود التي تقوم بها دولة قطر والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي وتثمن وتدعم جهود الاتحاد الأفريقي من أجل حل النزاعات في السودان وفي مناطق أخرى في القارة الأفريقية ولتعزيز الدور الأفريقي في المنظومة الدولية.
وجدد وزير الخارجية دعوة سورية الشديدة لرفع الحصار المفروض على كوبا منذ عقود عدة.
وقال المعلم: إن عالمنا شهد هذه السنة كوارث طبيعية كثيرة بسبب التغيرات المناخية الناجمة عن الاحتباس الحراري وليس بيننا من يجهل ان هذه الكوارث هي مقدمات لكوارث اشد واكثر اتساعا من شأنها ان تهدد الحياة الطبيعية على الكرة الارضية.
لافتا إلى أن الإنسان أسرف في انكار حق الطبيعة عليه وأسرفت دول عدة في تجاهل انذارات العلماء وتحذيرات الطبيعة نفسها داعيا الى التعاطي مع هذا الامر الخطير بما يرقى الى مستوى المسوءولية التاريخية وبما يتجاوز الخلل والتقصير السابقين.
وتابع وزير الخارجية.. نحن بحاجة لان يتحقق في مؤتمر كانكون المقبل تضامن دولي يرتكز على الاسس العلمية ويقوم على مبدأ المسؤولية المشتركة لكن المتباينة وياخذ بالاعتبار اولويات التنمية المستدامة بغية الوصول الى اتفاق اطاري شامل وملزم قانونا لما بعد عام 2012 لافتا الى ان تصحيح الخلل الذي نشأ في مؤتمر كوبنهاغن وتجديد الالتزام بمبادئ خطة عمل بالي واسس بروتوكول كيوتو امور تراها سورية ضرورية جدا.
نريد عالما أفضل أكثر عدلا وأكثر أمنا ونريد تعزيز وتفعيل دور منظمة الامم المتحدة والتأكيد على احترام القانون الدولي
واعتبر المعلم ان الوضع المؤلم الذي آلت إليه باكستان جراء التغيرات المناخية هو نموذج لكوارث أخرى بالغة القسوة علينا ان نتوقعها ان لم نبادر الى التضامن والعمل الجاد لاصلاح هذا الوضع الخطير مشيرا الى تأثر سورية البالغ شعبا وحكومة بالكارثة التي ألمت بباكستان وبلدان أخرى مؤكدا على الضرورة الملحة لأن تقوم الدول جميعا بتقديم المزيد من المساعدات المادية والعينية خاصة لباكستان حيث الاضرار واسعة النطاق ومأساوية وذلك للحيلولة دون اتساع وتعمق هذه الاضرار.
وختم المعلم كلمته بالقول: نريد عالما أفضل أكثر عدلا وأكثر أمنا ونريد تعزيز وتفعيل دور منظمة الامم المتحدة والتأكيد على احترام القانون الدولي ولكن علينا الا نغفل حقيقة ان العالم الذي نريد تؤويه كرة ارضية تواجه متغيرات مناخية تنذر بأخطار جمة شهدنا هذا العام مقدماتها الكارثية ونامل ان يشكل مؤتمر كانكون بداية لجهد الانقاذ المطلوب.
المصدر