نزعة زياد في التمرد على التراث الرحباني تلاشت في أغنية «إيه في أمل»
«ما شاورت حالي» أغنية مشاكسة مشاغبة أدتها فيروز بطرافة نادرة
محمد ناصر
وسط ملل التكرار السائد في الساحة الغنائية ظهرت بارقة الأمل.. هاهما فيروز وزياد في جديدهما «ايه في أمل» ينتشلاننا من «زمن الفن عالطناجر» ـ بحسب تعبير زياد ـ ليشرعا أبواب الأمل على مصراعيها بفن أرقى وأسمى كان كالوردة الحمراء وسط غابة من الثلج وكالواحة وسط الصحراء.
هي الحدث وكل الحدث، هي المستريحة على عرشها في قلوب جماهيرها لا تتزحزح مكانتها ولا تترجل، انما ترتحل صعودا دائما، فالاستماع لعمل جديد لفيروز هو تاريخ يؤرخ ومتعة لا يدرك قيمتها وأهميتها إلا الفيروزيون الذين رأوا في عملها الجديد توليفة متكاملة من الفضاءات الموسيقية التي صاغها زياد الرحباني متنقلا فيها من الشعبي الى الكلاسيكي فالجاز والفالس ليقدما عملا موسيقيا نهضويا وثقافيا في آن واحد.
البوح والاعتراف والألم والعتب والرضا مناخات زياد في الألبوم الجديد الذي وضعنا فيه أمام الكلمة ذات البساطة المدهشة والمعقدة في آن والتي تستدعي التأويل والإسقاط على أي حدث مضى أو آت، فرغم ان الحالة في الأغنية الزيادية ظاهرها البوح بين عاشقين يحمل باطنها ايضا تأويلا، او كما يحلو لعشاقه ان يسقطوها على أحداث معينة، كمقطع من أغنية «ما شاورت حالي» التي غنتها عام2003 في بيت الدين، «كل الهم انو يخف عني النق ومعهن نق هَوْ أهلي» فيحمِّلوها اسقاطات عديدة آنية على نزاعات العائلة الرحبانية حاليا رغم ابتعاد زياد كليا عن الموضوع.
ليس بغريب على فيروز وزياد ان يشكل جديدهما حالة ابداعية متفردة تثير النقاشات وتفجر الجدالات التي بدأت منذ عام 1979 عندما صدرت أولى اسطواناتهما معا «وحدن» والتي لقيت نقدا كبيرا وصولا الى «ايه في أمل» التي تحذو حذو أعمالهما السابقة في تحريك المياه الراكدة في الساحة الفنية خاصة النقاشات حول خفوت نبرات صوت فيروز وتبدله متناسين ان فيروز تغني بروحها قبل صوتها فهي «شخصية صوت» وليست صوتا فقط تستطيع ان تحاكمه بمعيار القوة والضعف.
«إيه في أمل»
يفضل زياد في ألبوماته المتتالية مع السيدة فيروز اختيار الأغنية الأكثر جدلا لتكون عنوانا للألبوم بدءا من اختياره لأغنية «وحدن» الصادمة حينها التي تصدرت العمل المتضمن أغنيات كـ «حبيتك تنسيت النوم» و«انا عندي حنين».. مرورا بألبوم «معرفتي فيك» و«كيفك انت».. وصولا الى «مش كاين هيك تكون» و«ولا كيف».
إذن أحس زياد مسبقا ان اغنية «ايه في أمل» ستكون الحدث فمناخها الشاعري بعيد كل البعد عن أجواء زياد حتى تخال ان الأغنية رحبانية بامتياز، فكلمات مثل «سنونو، قرميد، زهر ومنتور وياسمين» كلها كلمات غريبة على قاموسه وهو الذي ما انفك في أعماله السابقة يهدم رومانسية الخمسينيات والستينيات الداعية لانتظار الحبيب على المفارق حيث الحبيبة حاملة الشمسية ومرسلة المراسيل والمكاتيب فيفاجئنا زياد هنا بقوله:
«في قدامي مكاتيب من سنين زهقت ورد ومنتور وياسمين».
ان نزعة زياد في التمرد على التراث الرحباني اضمحلت وتلاشت في هذه الأغنية، بل نستطيع القول انها تماهت الى حد التطابق مع تراث الأخوين رحباني.
وزياد الذي أعطى فيروز «لا والله» عام 2001 بكلمات «حاج تنفخ دخنة بوجي ولو بتدخن لايت وكيف طل الورد بشباكي مع انو ما دقيت ويا ريت انت وانا بالبيت بس كل واحد ببيت». والتي مثَّل كلامها الذروة في انتقاد زياد للأغنية الرحبانية وفضح مثالياتها، اتت «ايه في امل» لتثير النقاشات عن لجوء زياد مجددا لمحاكاة اسلوب الأخوين رحباني ليكون التوصيف الامثل لهذه الاغنية ما ذكره الشاعر الكبير انسي الحاج عندما قال ان زياد تفيرز.
الجدل حول الاسلوب الشعري المختلف لزياد في هذه الاغنية لا يلغي الجمالية الشعرية لها «شوف القمح اللي بيطلع بسهول، شوف المي اللي بتنزل عطول... يومية في ليل وبعدو نهار عمري قدامي عم ينقضي». سكينة مباغتة تعتري روحك ومشاعرك عند سماع كلمات «ايه في امل» المترافقة مع موسيقى الفالس التي تنساب كالجدول العذب الى اعماقك مباشرة، بالصوت الفيروزي المتألق خاصة مع «فيه امل ايه في امل اوقات بيطلع من ملل» لتتربع الاغنية على عرش الألبوم منضمة الى اغنيات خالدات في تاريخ الفالس العربي كـ «ليالي الأنس وأنا قلبي دليلي وغيرهما».
«ما شاورت حالي»
هنا يلعب زياد في ساحته المفضلة خاصة على صعيد الكلمة، فالأغنية زيادية بامتياز مشاكسة مشاغبة متفلتة من كل رباط تستخرج الضحكات منك بعفوية وانت تسمعها وتتعجب من مقدرة السيدة الكبيرة على تأديتها بظرف نادر مانحة الاغنية اجواء وصورا لا يبرع فيها الا زياد ولا يوصلها بالطريقة المثلى الا فيروز.
«رايحة جايي بالبيت طاوشني خلخالي»
لنتخيل فقط الصور المتتالية في تلك المفردات المعبرة عن حيرة وعصبية وارتباك في حالاتها القصوى حيث تتشكل المشهدية الكوميدية في اعلى مراتبها وبكلمات معدودة فقط.
لطالما عشق زياد هذه الكلمة وبحث عنها فقوننها وقولبها وقدمها في مسرحياته واغنياته وادخلها في القاموس الفيروزي ليجعل منها نجمة كل المراحل وكل الانماط الغنائية مبعدها بذلك عن مجاورة النجوم فقط.
تندرج هذه الأغنية بكلماتها الشعبية في خانة «شعر الشارع» وهذا التوصيف لا يزعج زياد، بل يفاخر به ونتلمسه بوضوح شديد في مقاطع عديدة كـ «مش يعني اللي تجوّز بكير أكلة» فكلمة «أكلة» المغرقة في لبنانيتها بل في شعبيتها دليل على ولع زياد في بحثه عن تلك الكلمات التي تزخر بها هذه الاغنية مثل «كذاب مش كذاب رد الباب هلق بس، اخفي الحس ليك الناس كيف جمّعتا علي» وايضا «مفوتني بطريق ما شكلها بتودي..».
خلفية زياد الماركسية يمررها ايضا هنا عبر «ما عرفنا ان كان بتفنى ما بتفنى وتبقى ان مرة فضيت شرفنا وعرفنا».
فـ «ما شاورت حالي» التي قدمتها فيروز لأول مرة في دبي عام 2003 ثم في مهرجانات بيت الدين في ذات العام رددها وعرفها الجمهور بـ «يا ضيعانو» وهي كلمة مفضلة يكاد لا يخلو كاسيت لفيروز وزياد منها تحمل الفرح بنغمها وبموسيقاها الكردية التي شكلت روح الاغنية.
عوامل عدة منها الفلكلورية الطاغية في هذه الأغنية والتهكم الذي تعج به يحملانها لتكون إحدى اكثر الاغاني تفضيلا عند الجمهور الزيادي وهو ما لا يتوافق مع آراء الجمهور الفيروزي هنا رغم ان الألبوم السابق «ولا كيف» حمل اغنية مشابهة هي «انشالله ما بوشي» عشقها الفيروزيون الكلاسيكيون كما فعل جمهور زياد.
«الأرض لكم»
وأخيرا هاهي رائعة فيروز وزياد وجبران تتخلد موسيقيا في البوم «إيه في أمل» حيث سبق لفيروز غناؤها قبل أكثر من خمسة وعشرين عاما في الشام عام 1985 لتغنيها لاحقا في لندن وسويسرا حيث اختارتها منظمة الصليب الأحمر ممثلة للعرب في احتفال الذكرى الخمسين لمعاهدة جنيف.
هي الأغنية الوحيدة باللغة العربية الفصحى والوحيدة لجبران خليل جبران والوحيدة التي تطرق موضوعا مختلفا حول الإنسانية والدعوة للاخاء والمحبة، والوحيدة المختلفة كليا عن السياق والنهج العام للعمل.
فيروز لا تغني هاهنا إنما تصلي وترنم داعية لإزالة الفوارق بين الأمم وبين شعوب الأرض يكون صوتها رسالة سلام دائم كما انشدت او صلت سابقا في «بيتي أنا بيتك» و«المحبة» و«في ظلام الليل» و«ساعدني» وغيرها.
زياد عمد في هذه الاغنية لان يكون الصوت والكلمة هما الاساس فآثر أن يعانق فقط البيانو صوت فيروز تاركا الساحة لهما ليسترسلا في تشكيل اكوان وعوالم من المعاني حفلت بها القصيدة الجبرانية التي كان بحارها زياد وشراعها فيروز.
الأرض لكم وأنتم الطريق فانهضوا من قيدكم عراة أقوياء.
الأرض لكم. قدسوا الحرية حتى لا يحكمكم طغاة الأرض.
الأرض لنا وأنت أخي لماذا إذاً تخاصمني.
أنا لا أسمع وأنت لا ترى وبنا شوق ليدرك بعضنا الآخر فهذي يدي هاتِ يدك.
«كل ما الحكي»
يبرز الكورال في هذه الأغنية بطلا موازيا لثالوث الكلمة والصوت واللحن حيث يُخرج زياد هنا الكورال عن المهمة المعتادة والمرسومة له سلفا عبر ترديد المطلع خلف المطرب ليصبح هنا شريكا أساسيا باعطائه جملا لحنية مختلفة تتردد اثناء غناء المطرب ولكن بطريقة فيها بعض التمايز والاختلاف وقد سبق لزياد اقتراف هذه الخاصية الجمالية في ألحان سابقة له.
لحن الأغنية ليس بجديد بل هو نسخة مطابقة عن اغنية «كل الصفات فيك» التي سبق لزياد وضعها عام 1987 ضمن البوم «حكايا للأطفال» التي كتبها عبيدو باشا، فأضفى التوزيع الموسيقي الجديد واللحن المتميز والصوت الفيروزي ابعادا جديدة للاغنية حيث درج زياد في البوماته الأخيرة على إهداء جمهوره أغنية قديمة له وتقديمها بتوزيع جديد كما حدث في بيت الدين عندما استعاد اغنية المقاومة الوطنية وفي ألبوم لطيفة التونسية في «دورت أيام الشتي» والآن يختار «كل الصفات فيك» لتصبح «كل ما الحكي».
أما الكلمات فاختارها زياد «حمالة أوجه» فالتلطيشات السياسية تسمعها من كل حدب وصوب في هذه الأغنية.
«كل ما الحكي يطول أكتر بتقول بتصير معقول تحكي تمام» و«ما تفكر بدي انشا ومودة كل اللي بدي صدق الكلام» و«كل ما الحكي يبان لو كيف ما كان بتصير انسان طالب سلام».
«قال قايل»
الجملة الموسيقية الشرقية وسلطنتها طاغية هنا يفجر زياد فيها حوارا طريفا بين عاشق ومعشوقته يتخلله اللوم والعتاب والاسترضاء عبر كلمة «معليش» التي احتكرها للكورال والآتية من بعد عتب فيروزي «قال قايل اشيا بشعة عني» «معليش معليش».
و«أخبارك مش عم بتطمني» «معليش معليش».
عندما غنت فيروز الأغنية للمرة الأولى في «مهرجان بيت الدين 2003» تلمست مباشرة مدى التفاعل الجماهيري الكبير معها فمقومات النجاح الشعبي للأغنية متوافرة من لحن شرقي وشعبي في آن واحد وكلمة جميلة وطريفة تنتزع منك الابتسامة خاصة مع «أخبارك يعني كلها منيحة» «معليش معليش».
«الحمد لله يومية في فضيحة» «معليش معليش».
أو «إذا كاين حلو وصفى مش حلو
الك مني وعلي عيدو من اولو».
«الله كبير»
الأغنية التي أعلن زياد سابقا انها ستكون عنوان ألبوم فيروز الجديد ليفضل عليها الوليدة الجديدة «إيه في أمل» تحمل في طياتها عناصر التميز مكتملة من صوت وكلمات وموسيقى وجرعات شجن هي الأكثر، خاصة مع آهات فيروز التي تنطلق في ختام الأغنية لتذكرنا ببدايات أغنية «يا طير» التي تبدؤها بصوتها الملائكي «اوووووه».
لا تختلف هذه الأغنية بجوها العام عن أغاني ألبوم «كيفك انت» خاصة مع «في شي عم بيصير» و«عندي ثقة فيك» من ناحية قصر المقدمة الموسيقية وقصر الجملة اللحنية فيها وتكثيف جرعات السحر في الكلمة واللحن.
عندما غنت «الله كبير» في بيت الدين 2003 لأول مرة اتفق جمهور المطربة الكبيرة على تميزها بكلمات رقيقة حالمة تدخل فيروز في صلب معاناتها مع حبيبها.
«ذاكر شو كنت تقلي مهما يصير
انتظريني وضلك صلي الله كبير
من يومها شوعاد صار ع مدى كذا نهار
ما صار شي كثير كل اللي صار وبعدو بيصير الله كبير»
ثم تنطلق عبقرية لحن زياد الشجي المتوائم مع عذوبة الكلمات والصوت الرنان لفيروز ليشارك مستمعو الأغنية رأيهم بفيروز انها بالفعل كما تقول كلمات الأغنية «انو انا ما في مثلي».
«قصة زغيرة»
بل «قصة كبيرة» وبالمفهوم الزيادي الأغنية هذه شغلة كتير كبيرة تستحضر مباشرة انت وتسمعها اجواء «كيفك انت» وخاصة في بدايتها وتحملك الى عوالم «بما انو» وترميك في بحور الأيام والأحلام التي كبرت على مدى الأرض والبسيطة ليوقظك زياد مجددا بطرافته وواقعيته..
«بقلك قلقانة وانت تفوت تنام
يا سلام على حبك يا سلام»
يتحرك زياد في هذه الأغنية لحنيا بوتيرة متصاعدة بدءا من المدخل الموسيقي الهادئ للأغنية وصولا الى آلات النفخ التي ترافق الأغنية وتعطيها رونقا وحياة مضاعفين.
«كبيرة المزحة هاي»
ليست المرة الأولى التي تغني فيروز نمط موسيقى الجاز وكذلك التي تؤدي هذه الأغنية ولكنها حتما المرة الأولى التي وضعت نفسها بعد «كبيرة المزحة هاي» في مصاف محترفات ومغنيات الجاز الكبيرات ببراعتها في الدخول بجو الأغنية، ومواكبتها المحترفة للنحاسيات النفخية.
يهندس زياد ويتكتك هنا في توزيع الأغنية بعدما اصدرها في حفلة حية في بيت الدين 2000 ويترك الموسيقى تنساب في ختام الأغنية مهيمنا على بدايتها ونهايتها، حيث اعطاها توزيعا بإضافات عديدة.
«ما بعرف كيف بتحس وما بتعرف شو عم بتحس
ما بعرف كيف بتحب وما بتعرف اذا عم بتحب»
بل نعرف ونعرف اننا امام فسحة من الابداع تتسلل الينا فنحبسها في عوالمنا الداخلية خوفا من هروب أو رغبة في الحفاظ على نقاء سريرتنا التي زادت طهرانية عندما لامسها صوت فيروز.
«البنت الشلبية»
عندما اصدر زياد ألبوم «الى عاصي» عام 1995 عبر توزيع موسيقي جديد لاغان قديمة للاخوين رحباني اثار ردود فعل متناقضة، هاهو في «البنت الشلبية»، يعيد الكرة بتوزيع جديد وبصوت فيروزي ادى الاغنية بحيوية فائقة، خاصة مع المدخل «حد القناطر محبوبي ناطر وكسر الخواطر يا ولفي ما هان عليا»، فبدا صوت فيروز مغردا بطريقة مختلفة عن كل اغاني الالبوم.
اما في «بكتب اساميهن» والتي غاب عنها صوت فيروز فأرادها زياد مختلفة موسيقى ونصا لتكون تحية للاخوين رحباني في لفتة جميلة اتت في عز احتدام الخلاف بين العائلة الرحبانية وليكرس زياد نفسه طرفا محايدا في الازمة التي شغلت الجمهور مؤخرا.
«بترجع ذكرى يا حبيبي عن عاصي ومنصور
ع انطلياس العتيقة وكل شي حولها جسور
وبكرا بتشتي الدني والطرقات مزيحة
يبقى اسمن قد الساحة ما عم ينمحى».
«تل الزعتر»
المقطوعات الموسيقية حاضرة دائما في اعمال زياد وهو يمررها غالبا في ألبومات المطربين لمعرفته المسبقة بصعوبة ايصال تلك الاعمال منفردة وعدم اقتناع المنتجين بألبوم موسيقي كامل دون اغنيات.
في «ايه في امل»، يؤكد زياد على ريادته في هذا المجال بمقطوعتين، الاولى «تل الزعتر» التي جعل موسيقاها تستحضر مباشرة في الذاكرة واقعا أليما في تلك الفترة، حيث البداية مسكونة بالاسى والالم يتبعها الدفق الموسيقي الصاخب المترافق مع آلات النفخ تعبيرا عن وقوع المأساة ومستلهما فيها بعضا من اجواء مقطوعة «ابوعلي».
وتأكيدا منه على تاريخية «حفلات بيت الدين 2003» ومدى الاتقان المتكامل فيها، ارتأى زياد ان تكون المقطوعة في الالبوم هي نفسها التي عزفت في المهرجان، ويظهر ذلك من خلال البداية المترافقة مع التصفيق.
اما في «ديار بكر» او كما يسميها احيانا «ضربة» فهي كانت بالفعل اسما على مسمى.
أمل لا ينضب
فمن «لولا فسحة الامل» الى «ايه في امل» يواصل زياد مشروعه ورؤيته الموسيقية وتتابع السيدة فيروز العطاء كنهر متدفق لا رتابة فيه ولا ملل بل الجمال المكتنف بسحر الصوت وألق الموسيقى لتعطي الروح الفنية التي ضحلت ووهنت جرعة حياة وترياقا عله يشفي بعض الحناجر والاصوات التي ظنت بنفسها غرورا انها تستحق الغناء.
فحيثما توجد الحياة يوجد الامل، وحيثما يوجد صوت فيروز يوجد نبع الامل الذي لا ينضب.
«ما شاورت حالي» أغنية مشاكسة مشاغبة أدتها فيروز بطرافة نادرة
محمد ناصر
وسط ملل التكرار السائد في الساحة الغنائية ظهرت بارقة الأمل.. هاهما فيروز وزياد في جديدهما «ايه في أمل» ينتشلاننا من «زمن الفن عالطناجر» ـ بحسب تعبير زياد ـ ليشرعا أبواب الأمل على مصراعيها بفن أرقى وأسمى كان كالوردة الحمراء وسط غابة من الثلج وكالواحة وسط الصحراء.
هي الحدث وكل الحدث، هي المستريحة على عرشها في قلوب جماهيرها لا تتزحزح مكانتها ولا تترجل، انما ترتحل صعودا دائما، فالاستماع لعمل جديد لفيروز هو تاريخ يؤرخ ومتعة لا يدرك قيمتها وأهميتها إلا الفيروزيون الذين رأوا في عملها الجديد توليفة متكاملة من الفضاءات الموسيقية التي صاغها زياد الرحباني متنقلا فيها من الشعبي الى الكلاسيكي فالجاز والفالس ليقدما عملا موسيقيا نهضويا وثقافيا في آن واحد.
البوح والاعتراف والألم والعتب والرضا مناخات زياد في الألبوم الجديد الذي وضعنا فيه أمام الكلمة ذات البساطة المدهشة والمعقدة في آن والتي تستدعي التأويل والإسقاط على أي حدث مضى أو آت، فرغم ان الحالة في الأغنية الزيادية ظاهرها البوح بين عاشقين يحمل باطنها ايضا تأويلا، او كما يحلو لعشاقه ان يسقطوها على أحداث معينة، كمقطع من أغنية «ما شاورت حالي» التي غنتها عام2003 في بيت الدين، «كل الهم انو يخف عني النق ومعهن نق هَوْ أهلي» فيحمِّلوها اسقاطات عديدة آنية على نزاعات العائلة الرحبانية حاليا رغم ابتعاد زياد كليا عن الموضوع.
ليس بغريب على فيروز وزياد ان يشكل جديدهما حالة ابداعية متفردة تثير النقاشات وتفجر الجدالات التي بدأت منذ عام 1979 عندما صدرت أولى اسطواناتهما معا «وحدن» والتي لقيت نقدا كبيرا وصولا الى «ايه في أمل» التي تحذو حذو أعمالهما السابقة في تحريك المياه الراكدة في الساحة الفنية خاصة النقاشات حول خفوت نبرات صوت فيروز وتبدله متناسين ان فيروز تغني بروحها قبل صوتها فهي «شخصية صوت» وليست صوتا فقط تستطيع ان تحاكمه بمعيار القوة والضعف.
«إيه في أمل»
يفضل زياد في ألبوماته المتتالية مع السيدة فيروز اختيار الأغنية الأكثر جدلا لتكون عنوانا للألبوم بدءا من اختياره لأغنية «وحدن» الصادمة حينها التي تصدرت العمل المتضمن أغنيات كـ «حبيتك تنسيت النوم» و«انا عندي حنين».. مرورا بألبوم «معرفتي فيك» و«كيفك انت».. وصولا الى «مش كاين هيك تكون» و«ولا كيف».
إذن أحس زياد مسبقا ان اغنية «ايه في أمل» ستكون الحدث فمناخها الشاعري بعيد كل البعد عن أجواء زياد حتى تخال ان الأغنية رحبانية بامتياز، فكلمات مثل «سنونو، قرميد، زهر ومنتور وياسمين» كلها كلمات غريبة على قاموسه وهو الذي ما انفك في أعماله السابقة يهدم رومانسية الخمسينيات والستينيات الداعية لانتظار الحبيب على المفارق حيث الحبيبة حاملة الشمسية ومرسلة المراسيل والمكاتيب فيفاجئنا زياد هنا بقوله:
«في قدامي مكاتيب من سنين زهقت ورد ومنتور وياسمين».
ان نزعة زياد في التمرد على التراث الرحباني اضمحلت وتلاشت في هذه الأغنية، بل نستطيع القول انها تماهت الى حد التطابق مع تراث الأخوين رحباني.
وزياد الذي أعطى فيروز «لا والله» عام 2001 بكلمات «حاج تنفخ دخنة بوجي ولو بتدخن لايت وكيف طل الورد بشباكي مع انو ما دقيت ويا ريت انت وانا بالبيت بس كل واحد ببيت». والتي مثَّل كلامها الذروة في انتقاد زياد للأغنية الرحبانية وفضح مثالياتها، اتت «ايه في امل» لتثير النقاشات عن لجوء زياد مجددا لمحاكاة اسلوب الأخوين رحباني ليكون التوصيف الامثل لهذه الاغنية ما ذكره الشاعر الكبير انسي الحاج عندما قال ان زياد تفيرز.
الجدل حول الاسلوب الشعري المختلف لزياد في هذه الاغنية لا يلغي الجمالية الشعرية لها «شوف القمح اللي بيطلع بسهول، شوف المي اللي بتنزل عطول... يومية في ليل وبعدو نهار عمري قدامي عم ينقضي». سكينة مباغتة تعتري روحك ومشاعرك عند سماع كلمات «ايه في امل» المترافقة مع موسيقى الفالس التي تنساب كالجدول العذب الى اعماقك مباشرة، بالصوت الفيروزي المتألق خاصة مع «فيه امل ايه في امل اوقات بيطلع من ملل» لتتربع الاغنية على عرش الألبوم منضمة الى اغنيات خالدات في تاريخ الفالس العربي كـ «ليالي الأنس وأنا قلبي دليلي وغيرهما».
«ما شاورت حالي»
هنا يلعب زياد في ساحته المفضلة خاصة على صعيد الكلمة، فالأغنية زيادية بامتياز مشاكسة مشاغبة متفلتة من كل رباط تستخرج الضحكات منك بعفوية وانت تسمعها وتتعجب من مقدرة السيدة الكبيرة على تأديتها بظرف نادر مانحة الاغنية اجواء وصورا لا يبرع فيها الا زياد ولا يوصلها بالطريقة المثلى الا فيروز.
«رايحة جايي بالبيت طاوشني خلخالي»
لنتخيل فقط الصور المتتالية في تلك المفردات المعبرة عن حيرة وعصبية وارتباك في حالاتها القصوى حيث تتشكل المشهدية الكوميدية في اعلى مراتبها وبكلمات معدودة فقط.
لطالما عشق زياد هذه الكلمة وبحث عنها فقوننها وقولبها وقدمها في مسرحياته واغنياته وادخلها في القاموس الفيروزي ليجعل منها نجمة كل المراحل وكل الانماط الغنائية مبعدها بذلك عن مجاورة النجوم فقط.
تندرج هذه الأغنية بكلماتها الشعبية في خانة «شعر الشارع» وهذا التوصيف لا يزعج زياد، بل يفاخر به ونتلمسه بوضوح شديد في مقاطع عديدة كـ «مش يعني اللي تجوّز بكير أكلة» فكلمة «أكلة» المغرقة في لبنانيتها بل في شعبيتها دليل على ولع زياد في بحثه عن تلك الكلمات التي تزخر بها هذه الاغنية مثل «كذاب مش كذاب رد الباب هلق بس، اخفي الحس ليك الناس كيف جمّعتا علي» وايضا «مفوتني بطريق ما شكلها بتودي..».
خلفية زياد الماركسية يمررها ايضا هنا عبر «ما عرفنا ان كان بتفنى ما بتفنى وتبقى ان مرة فضيت شرفنا وعرفنا».
فـ «ما شاورت حالي» التي قدمتها فيروز لأول مرة في دبي عام 2003 ثم في مهرجانات بيت الدين في ذات العام رددها وعرفها الجمهور بـ «يا ضيعانو» وهي كلمة مفضلة يكاد لا يخلو كاسيت لفيروز وزياد منها تحمل الفرح بنغمها وبموسيقاها الكردية التي شكلت روح الاغنية.
عوامل عدة منها الفلكلورية الطاغية في هذه الأغنية والتهكم الذي تعج به يحملانها لتكون إحدى اكثر الاغاني تفضيلا عند الجمهور الزيادي وهو ما لا يتوافق مع آراء الجمهور الفيروزي هنا رغم ان الألبوم السابق «ولا كيف» حمل اغنية مشابهة هي «انشالله ما بوشي» عشقها الفيروزيون الكلاسيكيون كما فعل جمهور زياد.
«الأرض لكم»
وأخيرا هاهي رائعة فيروز وزياد وجبران تتخلد موسيقيا في البوم «إيه في أمل» حيث سبق لفيروز غناؤها قبل أكثر من خمسة وعشرين عاما في الشام عام 1985 لتغنيها لاحقا في لندن وسويسرا حيث اختارتها منظمة الصليب الأحمر ممثلة للعرب في احتفال الذكرى الخمسين لمعاهدة جنيف.
هي الأغنية الوحيدة باللغة العربية الفصحى والوحيدة لجبران خليل جبران والوحيدة التي تطرق موضوعا مختلفا حول الإنسانية والدعوة للاخاء والمحبة، والوحيدة المختلفة كليا عن السياق والنهج العام للعمل.
فيروز لا تغني هاهنا إنما تصلي وترنم داعية لإزالة الفوارق بين الأمم وبين شعوب الأرض يكون صوتها رسالة سلام دائم كما انشدت او صلت سابقا في «بيتي أنا بيتك» و«المحبة» و«في ظلام الليل» و«ساعدني» وغيرها.
زياد عمد في هذه الاغنية لان يكون الصوت والكلمة هما الاساس فآثر أن يعانق فقط البيانو صوت فيروز تاركا الساحة لهما ليسترسلا في تشكيل اكوان وعوالم من المعاني حفلت بها القصيدة الجبرانية التي كان بحارها زياد وشراعها فيروز.
الأرض لكم وأنتم الطريق فانهضوا من قيدكم عراة أقوياء.
الأرض لكم. قدسوا الحرية حتى لا يحكمكم طغاة الأرض.
الأرض لنا وأنت أخي لماذا إذاً تخاصمني.
أنا لا أسمع وأنت لا ترى وبنا شوق ليدرك بعضنا الآخر فهذي يدي هاتِ يدك.
«كل ما الحكي»
يبرز الكورال في هذه الأغنية بطلا موازيا لثالوث الكلمة والصوت واللحن حيث يُخرج زياد هنا الكورال عن المهمة المعتادة والمرسومة له سلفا عبر ترديد المطلع خلف المطرب ليصبح هنا شريكا أساسيا باعطائه جملا لحنية مختلفة تتردد اثناء غناء المطرب ولكن بطريقة فيها بعض التمايز والاختلاف وقد سبق لزياد اقتراف هذه الخاصية الجمالية في ألحان سابقة له.
لحن الأغنية ليس بجديد بل هو نسخة مطابقة عن اغنية «كل الصفات فيك» التي سبق لزياد وضعها عام 1987 ضمن البوم «حكايا للأطفال» التي كتبها عبيدو باشا، فأضفى التوزيع الموسيقي الجديد واللحن المتميز والصوت الفيروزي ابعادا جديدة للاغنية حيث درج زياد في البوماته الأخيرة على إهداء جمهوره أغنية قديمة له وتقديمها بتوزيع جديد كما حدث في بيت الدين عندما استعاد اغنية المقاومة الوطنية وفي ألبوم لطيفة التونسية في «دورت أيام الشتي» والآن يختار «كل الصفات فيك» لتصبح «كل ما الحكي».
أما الكلمات فاختارها زياد «حمالة أوجه» فالتلطيشات السياسية تسمعها من كل حدب وصوب في هذه الأغنية.
«كل ما الحكي يطول أكتر بتقول بتصير معقول تحكي تمام» و«ما تفكر بدي انشا ومودة كل اللي بدي صدق الكلام» و«كل ما الحكي يبان لو كيف ما كان بتصير انسان طالب سلام».
«قال قايل»
الجملة الموسيقية الشرقية وسلطنتها طاغية هنا يفجر زياد فيها حوارا طريفا بين عاشق ومعشوقته يتخلله اللوم والعتاب والاسترضاء عبر كلمة «معليش» التي احتكرها للكورال والآتية من بعد عتب فيروزي «قال قايل اشيا بشعة عني» «معليش معليش».
و«أخبارك مش عم بتطمني» «معليش معليش».
عندما غنت فيروز الأغنية للمرة الأولى في «مهرجان بيت الدين 2003» تلمست مباشرة مدى التفاعل الجماهيري الكبير معها فمقومات النجاح الشعبي للأغنية متوافرة من لحن شرقي وشعبي في آن واحد وكلمة جميلة وطريفة تنتزع منك الابتسامة خاصة مع «أخبارك يعني كلها منيحة» «معليش معليش».
«الحمد لله يومية في فضيحة» «معليش معليش».
أو «إذا كاين حلو وصفى مش حلو
الك مني وعلي عيدو من اولو».
«الله كبير»
الأغنية التي أعلن زياد سابقا انها ستكون عنوان ألبوم فيروز الجديد ليفضل عليها الوليدة الجديدة «إيه في أمل» تحمل في طياتها عناصر التميز مكتملة من صوت وكلمات وموسيقى وجرعات شجن هي الأكثر، خاصة مع آهات فيروز التي تنطلق في ختام الأغنية لتذكرنا ببدايات أغنية «يا طير» التي تبدؤها بصوتها الملائكي «اوووووه».
لا تختلف هذه الأغنية بجوها العام عن أغاني ألبوم «كيفك انت» خاصة مع «في شي عم بيصير» و«عندي ثقة فيك» من ناحية قصر المقدمة الموسيقية وقصر الجملة اللحنية فيها وتكثيف جرعات السحر في الكلمة واللحن.
عندما غنت «الله كبير» في بيت الدين 2003 لأول مرة اتفق جمهور المطربة الكبيرة على تميزها بكلمات رقيقة حالمة تدخل فيروز في صلب معاناتها مع حبيبها.
«ذاكر شو كنت تقلي مهما يصير
انتظريني وضلك صلي الله كبير
من يومها شوعاد صار ع مدى كذا نهار
ما صار شي كثير كل اللي صار وبعدو بيصير الله كبير»
ثم تنطلق عبقرية لحن زياد الشجي المتوائم مع عذوبة الكلمات والصوت الرنان لفيروز ليشارك مستمعو الأغنية رأيهم بفيروز انها بالفعل كما تقول كلمات الأغنية «انو انا ما في مثلي».
«قصة زغيرة»
بل «قصة كبيرة» وبالمفهوم الزيادي الأغنية هذه شغلة كتير كبيرة تستحضر مباشرة انت وتسمعها اجواء «كيفك انت» وخاصة في بدايتها وتحملك الى عوالم «بما انو» وترميك في بحور الأيام والأحلام التي كبرت على مدى الأرض والبسيطة ليوقظك زياد مجددا بطرافته وواقعيته..
«بقلك قلقانة وانت تفوت تنام
يا سلام على حبك يا سلام»
يتحرك زياد في هذه الأغنية لحنيا بوتيرة متصاعدة بدءا من المدخل الموسيقي الهادئ للأغنية وصولا الى آلات النفخ التي ترافق الأغنية وتعطيها رونقا وحياة مضاعفين.
«كبيرة المزحة هاي»
ليست المرة الأولى التي تغني فيروز نمط موسيقى الجاز وكذلك التي تؤدي هذه الأغنية ولكنها حتما المرة الأولى التي وضعت نفسها بعد «كبيرة المزحة هاي» في مصاف محترفات ومغنيات الجاز الكبيرات ببراعتها في الدخول بجو الأغنية، ومواكبتها المحترفة للنحاسيات النفخية.
يهندس زياد ويتكتك هنا في توزيع الأغنية بعدما اصدرها في حفلة حية في بيت الدين 2000 ويترك الموسيقى تنساب في ختام الأغنية مهيمنا على بدايتها ونهايتها، حيث اعطاها توزيعا بإضافات عديدة.
«ما بعرف كيف بتحس وما بتعرف شو عم بتحس
ما بعرف كيف بتحب وما بتعرف اذا عم بتحب»
بل نعرف ونعرف اننا امام فسحة من الابداع تتسلل الينا فنحبسها في عوالمنا الداخلية خوفا من هروب أو رغبة في الحفاظ على نقاء سريرتنا التي زادت طهرانية عندما لامسها صوت فيروز.
«البنت الشلبية»
عندما اصدر زياد ألبوم «الى عاصي» عام 1995 عبر توزيع موسيقي جديد لاغان قديمة للاخوين رحباني اثار ردود فعل متناقضة، هاهو في «البنت الشلبية»، يعيد الكرة بتوزيع جديد وبصوت فيروزي ادى الاغنية بحيوية فائقة، خاصة مع المدخل «حد القناطر محبوبي ناطر وكسر الخواطر يا ولفي ما هان عليا»، فبدا صوت فيروز مغردا بطريقة مختلفة عن كل اغاني الالبوم.
اما في «بكتب اساميهن» والتي غاب عنها صوت فيروز فأرادها زياد مختلفة موسيقى ونصا لتكون تحية للاخوين رحباني في لفتة جميلة اتت في عز احتدام الخلاف بين العائلة الرحبانية وليكرس زياد نفسه طرفا محايدا في الازمة التي شغلت الجمهور مؤخرا.
«بترجع ذكرى يا حبيبي عن عاصي ومنصور
ع انطلياس العتيقة وكل شي حولها جسور
وبكرا بتشتي الدني والطرقات مزيحة
يبقى اسمن قد الساحة ما عم ينمحى».
«تل الزعتر»
المقطوعات الموسيقية حاضرة دائما في اعمال زياد وهو يمررها غالبا في ألبومات المطربين لمعرفته المسبقة بصعوبة ايصال تلك الاعمال منفردة وعدم اقتناع المنتجين بألبوم موسيقي كامل دون اغنيات.
في «ايه في امل»، يؤكد زياد على ريادته في هذا المجال بمقطوعتين، الاولى «تل الزعتر» التي جعل موسيقاها تستحضر مباشرة في الذاكرة واقعا أليما في تلك الفترة، حيث البداية مسكونة بالاسى والالم يتبعها الدفق الموسيقي الصاخب المترافق مع آلات النفخ تعبيرا عن وقوع المأساة ومستلهما فيها بعضا من اجواء مقطوعة «ابوعلي».
وتأكيدا منه على تاريخية «حفلات بيت الدين 2003» ومدى الاتقان المتكامل فيها، ارتأى زياد ان تكون المقطوعة في الالبوم هي نفسها التي عزفت في المهرجان، ويظهر ذلك من خلال البداية المترافقة مع التصفيق.
اما في «ديار بكر» او كما يسميها احيانا «ضربة» فهي كانت بالفعل اسما على مسمى.
أمل لا ينضب
فمن «لولا فسحة الامل» الى «ايه في امل» يواصل زياد مشروعه ورؤيته الموسيقية وتتابع السيدة فيروز العطاء كنهر متدفق لا رتابة فيه ولا ملل بل الجمال المكتنف بسحر الصوت وألق الموسيقى لتعطي الروح الفنية التي ضحلت ووهنت جرعة حياة وترياقا عله يشفي بعض الحناجر والاصوات التي ظنت بنفسها غرورا انها تستحق الغناء.
فحيثما توجد الحياة يوجد الامل، وحيثما يوجد صوت فيروز يوجد نبع الامل الذي لا ينضب.
Comment