يسارع الجنس البشري الآن في عجالة من أمره نحو تطوير و تطويع مصادر الطاقة النظيفة و المتجددة المتمثلة في طاقة الشمس و الرياح، في زمن أصبح فيه مصير البشرية على المحك مع قرب نفاذ المخزون العالمي من الموارد البترولية و النفطية التي هي مصدره الوحيد للطاقة. إلا أن الإنسان يصبح أكثر إبداعا و إبتكارا في أوقات الأزمات، ففي الوقت الذي انحصر فيه تركيز جموع العلماء على الطاقة المتجددة شمسية منها و ريحية ، أتى البعض الآخر بحلول مبتكرة لمشكلة الطاقة و تكمن تلك الحلول في الحصول على الطاقة من "القمر".
إذا تحدثنا عن القمر فلابد من ذكر أنه أقرب جيران الأرض، الذي يبدد ظلام سمائها ليلا بضوء خافت ، ذلك الضوء الخافت هو أقصى ما يمكن أن يجود به القمر على الأرض، فهو بطبيعته جرم سماوي معتم يضئ بفعل إنعكاس ضوء الشمس على سطحه ، فلا هو مضئ بذاته و لا يشع حرارة. و بذلك يكون القمر مجرد جار ودود نتطلع إليه في سماء الليل ، إلا أن العقول المفكرة وجدت الحل لمشكلة الطاقة من القمر، فمن تأثير جاذبيته "طاقة مائية" ، و من الغازات المختزنة في تربته "طاقة إندماجية"، و من موقعه بين الشمس و الأرض "طاقة شمسية"!!
الطواحين المائية
إعتمد البشر لسنوات طويلة على القمر في إنتاج الكهرباء فهي ليست فكرة مستحدثة، بإستغلال تأثير جاذبية القمر على الأرض و التي تسبب حدوث ظاهرة المد و الجزر. تنتشر السدود على المسطحات المائية حول العالم لتحصر المياه الزائدة في أوقات المد و تطلق سراحها في أوقات الجزر فتندفع بقوة لتدير توربينات تحول الطاقة الحركية إلى كهرباء تمد آلاف المنازل و المصانع. لكن ليست تلك هي الطريقة الوحيدة الممكنة للإستفادة من ظاهرة المد و الجزر ، فكما نستفيد من طاقة الرياح و نحولها إلى كهرباء بإستخدام طواحين الرياح ،يمكننا بالمثل الإستفادة من طاقة التيارات المائية لتتحول إلى طاقة كهربائية عن طريق طواحين مائية!!
في قاع البحار و المحيطات تكون المياه في حالة حركة دائمة متأثرة بسيطرة جاذبية القمر عليها.عندما يسطع القمر على بقعة ما على الأرض فإن منسوب ما تحتويه من مياه يرتفع و هو ما يعرف بالمد ،أما المناطق المجاورة التي لم ترى سطوع القمر بعد لا تتأثر بقوة جذبه فينخفض منسوب المياه لديها و هذا ما يسمى بالجزر.و لكن من أين تأتي المياه التي تسبب إرتفاع المنسوب في حالة المد و كذلك إلى أين تذهب المياه المنقوصة في حالة الجزر؟ و الإجابة على هذا السؤال أن المياه يعاد توزيعها بشكل عام فالنقص في مياه الجزر تخدم الزيادة في مياه المد ، بحيث أن المياه المنقوصة في مناطق الجزر تتحرك بتأثير جذب القمر لترفع منسوب المياه في مناطق المد لذا نجد المياه في حركة دائمة ذهابا و إيابا بين مد و جزر.
المقطع المصور التالي يوضح إرتفاع مستوى الغطاء المائى للأرض تأثرا بجاذبية القمر و العكس بالعكس:
http://www.youtube.com/watch?v=l37of...layer_embedded
إذن طاقة الحركة تلك قادرة على تدوير شفرة مروحة عملاقة توضع في قاع البحار و المحيطات ، تتصل تلك المراوح بتوربينات تحول الحركة إلى كهرباء تسري في كابلات طويلة وصولا إلى الشاطئ حيث شبكة توزيع الكهرباء.
تتميز الطواحين المائية بعدم حاجتها إلى مساحات من اليابسة أو مزارع واسعة لتُنشئ عليها، بعكس طواحين الرياح و هي أحد الأمور الموضوعة على طاولة النقاشات بشأن الطاقة فقد أصبحت المساحة المتاحة قضية محل إهتمام ، مع تزايد عدد سكان الأرض بشكل متطرد و بلوغ تعدادهم 7 مليارات نسمة فى عام 2011. ميزة أخرى تتمتع بها الطواحين المائية و هي أن التيارات المائية تتبع نمط ثابت يمكن التنبؤ به من زيادة أو نقص في السرعة حسب دورة القمر و تأثيره من مد و جزر بعكس الرياح التي يصعب التنبؤ بوقت هبوبها و سرعته. و نطمئن القلقين بشأن الحياة البحرية بأنه لا تأثير لتلك الشفرات العملاقة عليها فسرعة دورانها بطيئة نحو 20 دورة في الدقيقة لتسمح بمرور الأسماك و الكائنات البحرية من خلالها فلا تشكل خطرا على حياتها.
أول طاحونة مائية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2008
تم بالفعل إنشاء أول طاحونة مائية تجارية في العالم عام 2003 تنتج 300 كيلو وات في إنجلترا، و توالى إنشاء مئات الطواحين المائية حول العالم منذ ذلك الحين ، منها نحو 79 طاحونة مائية فقط في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2009 بالإضافة إلى 149 طاحونة أخرى بإنتظار الموافقة النهائية لتنتج طاقة نظيفة و آمنة تقدر بآلاف الكيلو وات، برغم من مواجهة توربيناتها لبعض التحديات مثل تحمل الظروف القاسية من الكثافة المرتفعة للمياه بالمقارنة بكثافة الهواء و مقاومة الصدأ.
الطاقة الإندماجية القمرية
...و من جاذبية القمر إلى تربته التي تزخر بملايين الأطنان من غاز "هيليوم-3 "، و بالرغم من عدم وجوده في الطبيعة على الأرض إلا أنه مطمع للبشر، فهو الوقود المنتظر للتفاعلات الإندماجية. تلك التفاعلات مثيلة لما تحدث في قلب الشمس و تولد الطاقة و الحرارة التي تصلنا هنا على كوكب الأرض، تحدث نتيجة "إندماج" أو إلتحام ذرتين أو أكثر لتصبح ذرة واحدة و يصاحب هذه العملية إنطلاق طاقة هائلة . تُعد تلك هي الطاقة المستقبلية التي يطمح العلماء في التوصل إلى وسيلة لإنتاجها على كوكب الأرض لتكون بديلا للبترول و النفط، و هذه الوسيلة المرتقبة بالطبع هي مفاعل نووي "إندماجى" يتحكم في تلك التفاعلات و ينظمها ثم يحول الطاقة الناتجة عنها إلى كهرباء تشبع حاجات البشر. تقنيات المفاعلات الإندماجية ما زالت قيد البحث و التطوير و من المتوقع أن تكون جاهزة للإستخدام التجاري في غضون 20 سنة. في هذه الأثناء لابد من البدأ في عمليات البحث و التنقيب عن الوقود المحفز لتلك التفاعلات الإندماجية "هيليوم-3"....من تربة القمر.
قلب المفاعل الإندماجي "جيت" قيد التطوير
عملية التنقيب عن غاز الهيليوم-3 تعد هي المهمة الأصعب ولكنها تستحق بكل تأكيد ، فحمولة مركبة فضائية واحدة من هيليوم -3 بسعة 20 طن تكفي لإمداد الولايات المتحدة الأمريكية بالطاقة لمدة سنة كاملة. لكن هذا الأمر متوقف على مقدرة تقنية التنقيب الحالية على إستخراج هيليوم-3 من تربة القمر دون تكلفة عالية و هو الأمر المستبعد بالنظر إلى كون عنصر هيليوم-3 يمثل نسبة واحد على ثلاثة آلاف فقط من الهيليوم الكلى الموجود فى تربة القمر بالإضافة إلى أن نسبة الهيليوم نفسه تقدر بحوالى 10 إلى 220 جزء من المليون ،و الذي يعني بالضرورة الحاجة إلى حفر ملايين الكيلوجرامات من التربة من أجل إستخراج كيلوجرام واحد من غاز هيليوم-3 !! و هو الأمر الذي أثار حفيظة العلماء المناهضين لمشروع التنقيب عن الهيليوم-3 في تربة القمر آخذين في الإعتبار أن العملية بأكملها بدأ من نقل المعدات المستخدمة في التنقيب إلى عودة غاز هيليوم-3 الجاهز للإستخدام ، تعني حرق مليارات من وقود الصواريخ ، و يرون الأمر برمته حل غير عملي على الإطلاق.
أجهزة التنقيب عن هيليوم-3 تختلف عن الأجهزة العادية التي تستخدم في البحث عن البترول و الغاز الطبيعي في باطن الأرض، و ذلك لأن الهيليوم يمثل جزءا لا يتجزأ من تربة القمر و لا يوجد في آبار أو جيوب غازية في باطنه. لذلك فإن التربة نفسها تخضع لتحليل و عمليات كيميائية تستمد طاقتها من أشعة الشمس التي يلتقطها الهوائي الخاص بمحطة التنقيب و يركزها لخدمة عملية التحليل و في النهاية يتصاعد غاز هيليوم-3 منها و يعبأ في إسطوانات.
جهاز التنقيب عن هيليوم-3 في تربة القمر
تتميز الطاقة الناتجة عن المفاعلات الإندماجية القائمة على هيليوم-3 أنها نظيفة و صديقة للبيئة و ذلك لأنها تكون مشعة بقدر ضئيل جدا، تقريبا بنفس كم الإشعاعات الناتجة عن قسم العلاج الإشعاعي بالمستشفيات،بعكس المفاعلات النووية التقليدية التي تقوم على التفاعلات الإنشطارية و فيها تنشطر الذرة إلى أجزاء أصغر منها و يصاحب الإنشطار طاقة كبيرة تستغل في إنتاج الكهرباء ،لأن الوقود المحفز في المفاعلات الإنشطارية هو عنصر اليورانيوم المشع المتواجد في الطبيعة على الأرض بعكس هيليوم-3 إلا أن تسربه يؤدي إلى كارثة محققة مثل تشيرنوبل تهدد بفناء البشر و الكائنات الحية على حد سواء.
هذا التخطيط الكامل للتنقيب عن و إستخراج هيليوم-3 من تربة القمر، كان جزءا من مهمة "مشروع العودة إلى القمر" الذي أسسه الرئيس الأمريكي جورش بوش عام 2004 و ألغاه الرئيس أوباما عام 2009 و الذي كان من المخطط له ببناء قاعدة قمرية أمريكية بحلول عام 2024 تبدأ في تنفيذ مشروعات ناسا على القمر و من ضمنها مشروع التنقيب عن هيليوم-3 .فهل تتبنى وكالة فضاء أخرى المشروع أم يذهب أدراج الريح؟
بعد كارثة مفاعلات فوكوشيما اليابانية أعادت الكثير من الدول التفكير بشأن مصادر طاقتها، لتتجنب أي مخاطر مستقبلية تتبع الخيار النووي. و عليه كشفت شركة "شيميزو SHIMIZU" اليابانية عن فكرة لتحويل القمر إلى محطة ضخمة لتوليد الطاقة ثم تعيد بثها إلى الأرض.كانت هذه الفكرة احدى مخططات ناسا للعودة إلى القمر إلا أنها توقفت أيضا بسبب إيقاف المشروع ككل كما ذكرنا سلفا، إلى أن جاءت شركة "شيميزو" لتعيد إحياء الفكرة مرة أخرى.
يتميز القمر بموقع إستراتيجي بين الأرض و الشمس فكما تتمتع الأرض بضوء الشمس ، ينال القمر أيضا قسطا وافر منه كافي لجعله مضيئا و تقدر كمية الطاقة التي تصله من الشمس بنحو 13000 تريليون وات تكفي نسبة واحد بالمئة منها لسد حاجة الأرض من الطاقة.
تسعى شيميزو إلى تنفيذ ذلك المشروع الضخم تحت إسم "حلقة لونا LUNA ring" و هي حزام من الخلايا الشمسية يغطي محيط القمر بالكامل من عند خط الإستواء يقدر بـ 6800 ميل طولا و 12 ميل عرضا حيث يتعرض خط الإستواء إلى كم ثابت و دائم من الضوء. تقوم الخلايا على الجانب المواجهه للشمس بتحويل الأشعة الضوئية إلى كهرباء تسري في كابلات طويلة حتى تصل إلى محطات الإرسال على الجانب الآخر المواجهه لكوكب للأرض. تعمل محطات الإرسال على تحويل الكهرباء إلى موجات ميكروية و أشعة ليزرية ثم تبثها إلى محطات الإستقبال على الأرض، و ما أن تتحول الموجات و الليزر إلى كهرباء مرة أخرى فإنها تتوزع حول العالم لتغذى حاجات البشر جميعا بشكل متساوي و عادل.
يتميز "حزام لونا" بالكفاءة العالية في الإستفادة الكاملة من ضوء الشمس تصل إلى 10 أضعاف كفاءة المزارع الشمسية على الأرض ، فلا وجود لغلاف جوي يحيط بالقمر و بالتبعية لا سحب أو مناخ سيئ يمكن أن يؤثر على كفاءة وصول ضوء الشمس إليه. أيضا تدفق الطاقة من القمر إلى الأرض لا يتوقف 24 ساعة في اليوم و 7 أيام في الأسبوع، في كل الأوقات يتعرض جزء منه للشمس بعكس المزارع الشمسية التقليدية التي تعمل نهارا بحسب الحالة الجوية و لا تعمل ليلا بالطبع.
تمتلك شيميزو رؤية كاملة لبناء حزام لونا من موارد القمر، بالنظر إلى تكلفة بناءه على الأرض و إرساله إلى القمر ثم مهمة تركيبه و تجهيزه ،تجعل الفكرة غير مقبولة. إلا أن شيميزو تنوي إستغلال موارد القمر مع بعض المساعدات البسيطة من الأرض و الأهم من ذلك هو الإعتماد بشكل شبه كامل على الروبوتات لبناء الحزام و التي يتم التحكم فيها عن بعد من كوكب الأرض!
عن المياه اللازمة للبناء فمن تربة القمر مع إضافة الهيدروجين المنقول من الأرض يمكن الحصول عليها . و الإسمنت أيضا يستخرج من التربة و بخلطه مع الحصى و التربة القمرية مرة أخرى نحصل على المواد الخرسانية للبناء. أما القرميد و الألياف الضوئية و المواد اللازمة الأخرى يمكن الحصول عليها بالمعالجة بحرارة الشمس. الخلايا الشمسية نفسها تصنع من السيليكون الذي يتوفر بنسبة 23 بالمئة من التربة و بذلك يتم توفير تكاليف وقود الصواريخ اللازم لنقل الخلايا و كذلك كلفة تصنيعها من موارد أرضية.سوف تبث حلقة لونا 220 تريليون وات من الطاقة ، و بينما يفقد جزء كبير منها في الفضاء، يصلنا على الأرض 8.8 تريليون وات سنويا.
طبقا للجدول الزمني الموضوع لتجهيز ذلك المشروع الطموح، من المتوقع البدأ فى تنفيذه فعليا عام 2035 بالتقنيات المتوفرة و المثبتة حتى الآن من خلايا شمسية و محطات إرسال ليزرية و ميكروية و حتى الروبوتات الآلية ، مع الأخذ في الإعتبار عدم تحديد نسبة معينة للعقبات أو المشكلات التي قد تواجه بناء محطات الطاقة الليزرية على القمر.
القمر هو التابع الطبيعى للأرض و يعتقد أنه كان في يوم ما جزءا لا يتجزأ منها ،لذا فإن إستغلاله لخدمة بني آدم و ضمان إستمرار بقاءهم هو أمر ضروري ، و بخاصة لإمتلاكه المقومات اللازمة لحل مشكلة عويصة تنتظرنا عاجلا أم آجلا، فمن القمر طاقة تبث في الأرض حياة...
إذا تحدثنا عن القمر فلابد من ذكر أنه أقرب جيران الأرض، الذي يبدد ظلام سمائها ليلا بضوء خافت ، ذلك الضوء الخافت هو أقصى ما يمكن أن يجود به القمر على الأرض، فهو بطبيعته جرم سماوي معتم يضئ بفعل إنعكاس ضوء الشمس على سطحه ، فلا هو مضئ بذاته و لا يشع حرارة. و بذلك يكون القمر مجرد جار ودود نتطلع إليه في سماء الليل ، إلا أن العقول المفكرة وجدت الحل لمشكلة الطاقة من القمر، فمن تأثير جاذبيته "طاقة مائية" ، و من الغازات المختزنة في تربته "طاقة إندماجية"، و من موقعه بين الشمس و الأرض "طاقة شمسية"!!
الطواحين المائية
إعتمد البشر لسنوات طويلة على القمر في إنتاج الكهرباء فهي ليست فكرة مستحدثة، بإستغلال تأثير جاذبية القمر على الأرض و التي تسبب حدوث ظاهرة المد و الجزر. تنتشر السدود على المسطحات المائية حول العالم لتحصر المياه الزائدة في أوقات المد و تطلق سراحها في أوقات الجزر فتندفع بقوة لتدير توربينات تحول الطاقة الحركية إلى كهرباء تمد آلاف المنازل و المصانع. لكن ليست تلك هي الطريقة الوحيدة الممكنة للإستفادة من ظاهرة المد و الجزر ، فكما نستفيد من طاقة الرياح و نحولها إلى كهرباء بإستخدام طواحين الرياح ،يمكننا بالمثل الإستفادة من طاقة التيارات المائية لتتحول إلى طاقة كهربائية عن طريق طواحين مائية!!
في قاع البحار و المحيطات تكون المياه في حالة حركة دائمة متأثرة بسيطرة جاذبية القمر عليها.عندما يسطع القمر على بقعة ما على الأرض فإن منسوب ما تحتويه من مياه يرتفع و هو ما يعرف بالمد ،أما المناطق المجاورة التي لم ترى سطوع القمر بعد لا تتأثر بقوة جذبه فينخفض منسوب المياه لديها و هذا ما يسمى بالجزر.و لكن من أين تأتي المياه التي تسبب إرتفاع المنسوب في حالة المد و كذلك إلى أين تذهب المياه المنقوصة في حالة الجزر؟ و الإجابة على هذا السؤال أن المياه يعاد توزيعها بشكل عام فالنقص في مياه الجزر تخدم الزيادة في مياه المد ، بحيث أن المياه المنقوصة في مناطق الجزر تتحرك بتأثير جذب القمر لترفع منسوب المياه في مناطق المد لذا نجد المياه في حركة دائمة ذهابا و إيابا بين مد و جزر.
المقطع المصور التالي يوضح إرتفاع مستوى الغطاء المائى للأرض تأثرا بجاذبية القمر و العكس بالعكس:
http://www.youtube.com/watch?v=l37of...layer_embedded
إذن طاقة الحركة تلك قادرة على تدوير شفرة مروحة عملاقة توضع في قاع البحار و المحيطات ، تتصل تلك المراوح بتوربينات تحول الحركة إلى كهرباء تسري في كابلات طويلة وصولا إلى الشاطئ حيث شبكة توزيع الكهرباء.
تتميز الطواحين المائية بعدم حاجتها إلى مساحات من اليابسة أو مزارع واسعة لتُنشئ عليها، بعكس طواحين الرياح و هي أحد الأمور الموضوعة على طاولة النقاشات بشأن الطاقة فقد أصبحت المساحة المتاحة قضية محل إهتمام ، مع تزايد عدد سكان الأرض بشكل متطرد و بلوغ تعدادهم 7 مليارات نسمة فى عام 2011. ميزة أخرى تتمتع بها الطواحين المائية و هي أن التيارات المائية تتبع نمط ثابت يمكن التنبؤ به من زيادة أو نقص في السرعة حسب دورة القمر و تأثيره من مد و جزر بعكس الرياح التي يصعب التنبؤ بوقت هبوبها و سرعته. و نطمئن القلقين بشأن الحياة البحرية بأنه لا تأثير لتلك الشفرات العملاقة عليها فسرعة دورانها بطيئة نحو 20 دورة في الدقيقة لتسمح بمرور الأسماك و الكائنات البحرية من خلالها فلا تشكل خطرا على حياتها.
أول طاحونة مائية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2008
تم بالفعل إنشاء أول طاحونة مائية تجارية في العالم عام 2003 تنتج 300 كيلو وات في إنجلترا، و توالى إنشاء مئات الطواحين المائية حول العالم منذ ذلك الحين ، منها نحو 79 طاحونة مائية فقط في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2009 بالإضافة إلى 149 طاحونة أخرى بإنتظار الموافقة النهائية لتنتج طاقة نظيفة و آمنة تقدر بآلاف الكيلو وات، برغم من مواجهة توربيناتها لبعض التحديات مثل تحمل الظروف القاسية من الكثافة المرتفعة للمياه بالمقارنة بكثافة الهواء و مقاومة الصدأ.
الطاقة الإندماجية القمرية
...و من جاذبية القمر إلى تربته التي تزخر بملايين الأطنان من غاز "هيليوم-3 "، و بالرغم من عدم وجوده في الطبيعة على الأرض إلا أنه مطمع للبشر، فهو الوقود المنتظر للتفاعلات الإندماجية. تلك التفاعلات مثيلة لما تحدث في قلب الشمس و تولد الطاقة و الحرارة التي تصلنا هنا على كوكب الأرض، تحدث نتيجة "إندماج" أو إلتحام ذرتين أو أكثر لتصبح ذرة واحدة و يصاحب هذه العملية إنطلاق طاقة هائلة . تُعد تلك هي الطاقة المستقبلية التي يطمح العلماء في التوصل إلى وسيلة لإنتاجها على كوكب الأرض لتكون بديلا للبترول و النفط، و هذه الوسيلة المرتقبة بالطبع هي مفاعل نووي "إندماجى" يتحكم في تلك التفاعلات و ينظمها ثم يحول الطاقة الناتجة عنها إلى كهرباء تشبع حاجات البشر. تقنيات المفاعلات الإندماجية ما زالت قيد البحث و التطوير و من المتوقع أن تكون جاهزة للإستخدام التجاري في غضون 20 سنة. في هذه الأثناء لابد من البدأ في عمليات البحث و التنقيب عن الوقود المحفز لتلك التفاعلات الإندماجية "هيليوم-3"....من تربة القمر.
قلب المفاعل الإندماجي "جيت" قيد التطوير
عملية التنقيب عن غاز الهيليوم-3 تعد هي المهمة الأصعب ولكنها تستحق بكل تأكيد ، فحمولة مركبة فضائية واحدة من هيليوم -3 بسعة 20 طن تكفي لإمداد الولايات المتحدة الأمريكية بالطاقة لمدة سنة كاملة. لكن هذا الأمر متوقف على مقدرة تقنية التنقيب الحالية على إستخراج هيليوم-3 من تربة القمر دون تكلفة عالية و هو الأمر المستبعد بالنظر إلى كون عنصر هيليوم-3 يمثل نسبة واحد على ثلاثة آلاف فقط من الهيليوم الكلى الموجود فى تربة القمر بالإضافة إلى أن نسبة الهيليوم نفسه تقدر بحوالى 10 إلى 220 جزء من المليون ،و الذي يعني بالضرورة الحاجة إلى حفر ملايين الكيلوجرامات من التربة من أجل إستخراج كيلوجرام واحد من غاز هيليوم-3 !! و هو الأمر الذي أثار حفيظة العلماء المناهضين لمشروع التنقيب عن الهيليوم-3 في تربة القمر آخذين في الإعتبار أن العملية بأكملها بدأ من نقل المعدات المستخدمة في التنقيب إلى عودة غاز هيليوم-3 الجاهز للإستخدام ، تعني حرق مليارات من وقود الصواريخ ، و يرون الأمر برمته حل غير عملي على الإطلاق.
أجهزة التنقيب عن هيليوم-3 تختلف عن الأجهزة العادية التي تستخدم في البحث عن البترول و الغاز الطبيعي في باطن الأرض، و ذلك لأن الهيليوم يمثل جزءا لا يتجزأ من تربة القمر و لا يوجد في آبار أو جيوب غازية في باطنه. لذلك فإن التربة نفسها تخضع لتحليل و عمليات كيميائية تستمد طاقتها من أشعة الشمس التي يلتقطها الهوائي الخاص بمحطة التنقيب و يركزها لخدمة عملية التحليل و في النهاية يتصاعد غاز هيليوم-3 منها و يعبأ في إسطوانات.
جهاز التنقيب عن هيليوم-3 في تربة القمر
تتميز الطاقة الناتجة عن المفاعلات الإندماجية القائمة على هيليوم-3 أنها نظيفة و صديقة للبيئة و ذلك لأنها تكون مشعة بقدر ضئيل جدا، تقريبا بنفس كم الإشعاعات الناتجة عن قسم العلاج الإشعاعي بالمستشفيات،بعكس المفاعلات النووية التقليدية التي تقوم على التفاعلات الإنشطارية و فيها تنشطر الذرة إلى أجزاء أصغر منها و يصاحب الإنشطار طاقة كبيرة تستغل في إنتاج الكهرباء ،لأن الوقود المحفز في المفاعلات الإنشطارية هو عنصر اليورانيوم المشع المتواجد في الطبيعة على الأرض بعكس هيليوم-3 إلا أن تسربه يؤدي إلى كارثة محققة مثل تشيرنوبل تهدد بفناء البشر و الكائنات الحية على حد سواء.
هذا التخطيط الكامل للتنقيب عن و إستخراج هيليوم-3 من تربة القمر، كان جزءا من مهمة "مشروع العودة إلى القمر" الذي أسسه الرئيس الأمريكي جورش بوش عام 2004 و ألغاه الرئيس أوباما عام 2009 و الذي كان من المخطط له ببناء قاعدة قمرية أمريكية بحلول عام 2024 تبدأ في تنفيذ مشروعات ناسا على القمر و من ضمنها مشروع التنقيب عن هيليوم-3 .فهل تتبنى وكالة فضاء أخرى المشروع أم يذهب أدراج الريح؟
بعد كارثة مفاعلات فوكوشيما اليابانية أعادت الكثير من الدول التفكير بشأن مصادر طاقتها، لتتجنب أي مخاطر مستقبلية تتبع الخيار النووي. و عليه كشفت شركة "شيميزو SHIMIZU" اليابانية عن فكرة لتحويل القمر إلى محطة ضخمة لتوليد الطاقة ثم تعيد بثها إلى الأرض.كانت هذه الفكرة احدى مخططات ناسا للعودة إلى القمر إلا أنها توقفت أيضا بسبب إيقاف المشروع ككل كما ذكرنا سلفا، إلى أن جاءت شركة "شيميزو" لتعيد إحياء الفكرة مرة أخرى.
يتميز القمر بموقع إستراتيجي بين الأرض و الشمس فكما تتمتع الأرض بضوء الشمس ، ينال القمر أيضا قسطا وافر منه كافي لجعله مضيئا و تقدر كمية الطاقة التي تصله من الشمس بنحو 13000 تريليون وات تكفي نسبة واحد بالمئة منها لسد حاجة الأرض من الطاقة.
تسعى شيميزو إلى تنفيذ ذلك المشروع الضخم تحت إسم "حلقة لونا LUNA ring" و هي حزام من الخلايا الشمسية يغطي محيط القمر بالكامل من عند خط الإستواء يقدر بـ 6800 ميل طولا و 12 ميل عرضا حيث يتعرض خط الإستواء إلى كم ثابت و دائم من الضوء. تقوم الخلايا على الجانب المواجهه للشمس بتحويل الأشعة الضوئية إلى كهرباء تسري في كابلات طويلة حتى تصل إلى محطات الإرسال على الجانب الآخر المواجهه لكوكب للأرض. تعمل محطات الإرسال على تحويل الكهرباء إلى موجات ميكروية و أشعة ليزرية ثم تبثها إلى محطات الإستقبال على الأرض، و ما أن تتحول الموجات و الليزر إلى كهرباء مرة أخرى فإنها تتوزع حول العالم لتغذى حاجات البشر جميعا بشكل متساوي و عادل.
يتميز "حزام لونا" بالكفاءة العالية في الإستفادة الكاملة من ضوء الشمس تصل إلى 10 أضعاف كفاءة المزارع الشمسية على الأرض ، فلا وجود لغلاف جوي يحيط بالقمر و بالتبعية لا سحب أو مناخ سيئ يمكن أن يؤثر على كفاءة وصول ضوء الشمس إليه. أيضا تدفق الطاقة من القمر إلى الأرض لا يتوقف 24 ساعة في اليوم و 7 أيام في الأسبوع، في كل الأوقات يتعرض جزء منه للشمس بعكس المزارع الشمسية التقليدية التي تعمل نهارا بحسب الحالة الجوية و لا تعمل ليلا بالطبع.
تمتلك شيميزو رؤية كاملة لبناء حزام لونا من موارد القمر، بالنظر إلى تكلفة بناءه على الأرض و إرساله إلى القمر ثم مهمة تركيبه و تجهيزه ،تجعل الفكرة غير مقبولة. إلا أن شيميزو تنوي إستغلال موارد القمر مع بعض المساعدات البسيطة من الأرض و الأهم من ذلك هو الإعتماد بشكل شبه كامل على الروبوتات لبناء الحزام و التي يتم التحكم فيها عن بعد من كوكب الأرض!
عن المياه اللازمة للبناء فمن تربة القمر مع إضافة الهيدروجين المنقول من الأرض يمكن الحصول عليها . و الإسمنت أيضا يستخرج من التربة و بخلطه مع الحصى و التربة القمرية مرة أخرى نحصل على المواد الخرسانية للبناء. أما القرميد و الألياف الضوئية و المواد اللازمة الأخرى يمكن الحصول عليها بالمعالجة بحرارة الشمس. الخلايا الشمسية نفسها تصنع من السيليكون الذي يتوفر بنسبة 23 بالمئة من التربة و بذلك يتم توفير تكاليف وقود الصواريخ اللازم لنقل الخلايا و كذلك كلفة تصنيعها من موارد أرضية.سوف تبث حلقة لونا 220 تريليون وات من الطاقة ، و بينما يفقد جزء كبير منها في الفضاء، يصلنا على الأرض 8.8 تريليون وات سنويا.
طبقا للجدول الزمني الموضوع لتجهيز ذلك المشروع الطموح، من المتوقع البدأ فى تنفيذه فعليا عام 2035 بالتقنيات المتوفرة و المثبتة حتى الآن من خلايا شمسية و محطات إرسال ليزرية و ميكروية و حتى الروبوتات الآلية ، مع الأخذ في الإعتبار عدم تحديد نسبة معينة للعقبات أو المشكلات التي قد تواجه بناء محطات الطاقة الليزرية على القمر.
القمر هو التابع الطبيعى للأرض و يعتقد أنه كان في يوم ما جزءا لا يتجزأ منها ،لذا فإن إستغلاله لخدمة بني آدم و ضمان إستمرار بقاءهم هو أمر ضروري ، و بخاصة لإمتلاكه المقومات اللازمة لحل مشكلة عويصة تنتظرنا عاجلا أم آجلا، فمن القمر طاقة تبث في الأرض حياة...