إن الغلاف الجوي الذي نعيش فيه ونتنفسه مصدر لظواهر جمالية مثيرة للإعجاب. وأحد ضروب هذه المظاهر هو ما يشاهده الناس: السراب الذي يشاهد غالبا تحت هيئة مستنقعات صغيرة على الطريق في الصيف. والمراد من الأسطر التالية تقديم شرحا لتكون السراب وكذلك بعضا من خصائصه المهمة.
أساس السراب
يتميز الوسط البصري بوجود معامل يطلق عليه معامل الانكسار الذي يقيس سرعة الضوء بهذا الوسط، فكلما زاد هذا المعامل كلما كانت سرعة انتشار الضوء بالوسط صغيرة. ويتوقف معامل الانكسار للهواء على كثافته وبالتالي على درجة حرارته، فكلما زادت كثافة الهواء كلما انخفض معامل الانكسار.
لا ينطبق القانون الأصلي لعلم البصريات الهندسية- وهو مبدأ انتشار الضوء في خطوط مستقيمة- إلا في الأوساط المتجانسة التي يكون فيها معامل الانكسار واحد. وبصفة عامة فإن المسار الذي يسلكه الضوء هو المسار الذي يبلغ مداه الحد الأقصى (الأدنى أو الأعلى) وهذا هو مبدأ "فيرما" الذي تنحدر منه قوانين ديكارت للانعكاس والانكسار.
فنلاحظ عند وضع عصا بالماء انحراف أشعة الضوء الصادرة عن العصا عند انتقالها من الماء إلى الهواء لاختلاف معامل الانكسار للهواء عنه للماء، فتبدو العصا وكأنها مكسورة، أما إذا كان معامل الانكسار يتغير من نقطة إلى أخرى بنفس الوسط فلن يسلك الضوء مسارات مستقيمة بل منحنية؛ وبالتجربة التالية يقوم شعاع ليزر بالانتقال عبر وعاء يقل معامل الانكسار به كلما اتجهنا من الأسفل إلى الأعلى فنشاهد انحراف الشعاع بالأماكن ذات معامل الانكسار الكبيرة.
التغيرات المحلية والعالمية في درجات الحرارة والضغط الجوي في حدوث تلك الظواهر البصرية الخاصة ومنها السراب.
السراب السفلي والعلوي
قد يوجد على مستوى الأرض اختلاف في معامل الانكسار ذي امتداد صغير يتراوح من بعض الأمتار إلى بعض عشرات الأمتار، ويرجع ذلك إلى الاختلاف في درجة الحرارة عند الارتفاع أو إلى سخونة أو برودة الهواء عند سطح الأرض فينتج عن ذلك حدوث حالتان أساسيتان.
تستطيع الأرض أو مستوى ماء ساخن خلق فرق في درجات الحرارة باتجاه الأسفل، أي فرق في معامل الانكسار باتجاه الأعلى، وفي هذه الحال تتقوس الأشعة الصادرة عن الجسم نحو الأعلى، وتبلغ المشاهد وكأنها صادرة من الأرض فنتمكن من رؤية صورة مقلوبة للجسم، ويقصد بهذا السراب السفلي، وهذا ما يعطي الإيحاء برؤية مستنقعات مياه صغيرة على الطريق الساخن بالصيف. وفي الواقع فإننا نشاهد الأشعة القادمة من السماء ويهيأ لنا إنها قادمة من الأرض.
وها هو مثال على السراب السفلي:
ويخلق في المقابل السطح البارد (بحر بارد أو جليد ساحلي مثلا) اختلاف في معامل الانكسار باتجاه الأعلى. وفي هذه الحالة تنحني أشعة الضوء نحو الأسفل فيقصد بهذا السراب العلوي.
وها هو بالأسفل مثال على السراب العلوي لناقل للمعادن بالبحيرات الكبرى الأمريكية:
الظهور
عند مشاهدة الأجسام البعيدة ينتج عن تقوس الأرض والتقوس الطبيعي لأشعة الضوء (التي يرجع سببها إلى الاختلاف في معامل الانكسار بالجو) حجب تقوس الأرض لجزء من الجسم إذا ما وقع بعد مسافة معينة كجبل أو جزيرة مثلا. وفي مثل هذه الحالة فإن ظهور السراب العلوى يكون مثيرا للدهشة، حيث يسمح تعزيز تقوس أشعة الضوء بظهور الجزء المختفي للجسم، أو حتى الجسم بأكمله (ويظهر في وضع مقلوب).
ولقد تم مشاهدة تلك الظاهرة عدة مرات بالمواني لسهولة حدوث السراب العلوي أعلى البحار الباردة، حيث تم رؤية السفن قبل وصولها بعدة أيام، فبسبب حجب الأفق لها لا يمكن رؤيتها بالوقت الطبيعي! ولنفس هذا السبب يمكن رؤية جزيرة كوسيكا من نيس، رغم أن مونت سينتو، وهي أعلى نقطة بها ( حيث يبلغ ارتفاعها ٢٧١٠ مترا، وتقع على بعد ٢٢٥كم) عادة ما تكون غير مرئية.
ويمكننا مشاهدة التأثير المعاكس في وجود سراب سفلي يؤثر على قاعدة صورة الجسم المشاهد على مسافة بعيدة والذي يستطيع الاختفاء خلف الأفق بينما لا يتأثر الباقي بالسراب: فيهيأ لنا رؤية الجسم طائفا في الأفق.
وبالتالي فأثناء المشاهدة على مسافات بعيدة، قد يظهر خط الأفق بعيدا في وجود السراب العلوي وقريبا في وجود السراب السفلي.
وهناك نوع آخر من الظهور، وهو تأثير نوفايا زمليا (والمسمى نسبة إلى جزر زمبل بالمحيط شمال سلسلة الأورال بروسيا حيث شاهده الناجون من غرق سفينة الاستكشاف) حيث تظهر الشمس بعد غروبها تحت الخط الفعلي للأفق. ويرجع هذا إلى صفة خاصة جدا لمعامل الانكسار للجو. حيث يلعب الجو دور مرشد للموجات (أنظر الشكل بالأسفل) فينتشر جزء من أشعة الشمس تبعا لمسار خاص، وتستطيع أن تبلغ جانب الأرض الغارق في الظلام حيث تتم مشاهدتها. ويشاهد تأثير مرشد الموجات على الأشعة الصادرة والتي تكون قليلة الانحناء (تاثير نوفايا زمليا) بالأماكن المرتفعة على وجه الخصوص.
التشوهات
وقد تؤدي بعض الخواص المعقدة لمعامل الانكسار إلى تشوهات جسيمة ببعض المناطق للجسم المرئي ، ولذلك فبعض الأساطير الخاصة بالوحوش البحرية ما هي إلا سراب. وتعد الفاتا مرجانا جمعا استثنائيا للسراب العلوي والسفلي معا حيث تتمثل صورة لنقطة معينة بقطاع أفقي، فتمنح تلك الأسربة لأفق غير منتظم مظهر مشهدا مليئا بالأبراج والحواجز، مما جعلها مصدرا لعديد من الأساطير- وإليكم مثالا على ذلك بالأسفل :
مشكلة بالمراصد الفلكية
بعيدا عن التذبذب الناتج عن التغيرات في درجة الحرارة فهناك تغيرات في كثافة الهواء عند الارتفاع، ومرتبطة بانخفاض الضغط. ففي الواقع كلما ارتفعنا في الجو كلما انخفضت كثافة الهواء وضغطه، فيتوجه الفرق في معامل الانكسار الناتج إلى الأسفل، ولكنه يكون أقل وضوحا كلما زاد الارتفاع. لذا تنحني أشعة الضوء عند اختراقها للغلاف الجوي مما يؤدي إلى تغيير في مواقع الكواكب والنجوم التي تظهر وكأنها مرفوعة على الأفق لمن يشاهدها من الأرض. ويطلق على هذا الانكسار الجوي (الذي يتسبب كذلك في ظواهر بصرية فلكية أخرى كالشعاع الأخضر مثلا) وينتج عن ذلك خطأ في قياس الموقع المزوي للكوكب أو النجم لهذا ينبغي إجراء التصحيحات للقياسات الفلكية.
يوضح هذا الشكل التالي الظاهرة الأكثر شيوعا للشمس (تم التغاضي عن النسب لرؤية أوضح).
وعلاوة إلى عدم وضوح الفرق بين معامل الانكسار في الارتفاعات الكبيرة فإن الأشعة الصادرة من الجانب السفلي للشمس أكثر انحناءا من الأشعة الصادرة من الجانب العلوي مما يصغر من قطرها الرأسى الظاهر. وفي المقابل يمكن تجاهل التغيير في معامل الانكسار أفقيا فلا يحدث تغيير بالقطر الأفقي الظاهر. وبالتالي فبلوغ سمك الغلاف الجوي لأقصى سمك عند غروب الشمس يسمح بمشاهدة تلك الظاهرة بالعين، فنرى الشمس مسطحة في الأفق.
أساس السراب
يتميز الوسط البصري بوجود معامل يطلق عليه معامل الانكسار الذي يقيس سرعة الضوء بهذا الوسط، فكلما زاد هذا المعامل كلما كانت سرعة انتشار الضوء بالوسط صغيرة. ويتوقف معامل الانكسار للهواء على كثافته وبالتالي على درجة حرارته، فكلما زادت كثافة الهواء كلما انخفض معامل الانكسار.
لا ينطبق القانون الأصلي لعلم البصريات الهندسية- وهو مبدأ انتشار الضوء في خطوط مستقيمة- إلا في الأوساط المتجانسة التي يكون فيها معامل الانكسار واحد. وبصفة عامة فإن المسار الذي يسلكه الضوء هو المسار الذي يبلغ مداه الحد الأقصى (الأدنى أو الأعلى) وهذا هو مبدأ "فيرما" الذي تنحدر منه قوانين ديكارت للانعكاس والانكسار.
فنلاحظ عند وضع عصا بالماء انحراف أشعة الضوء الصادرة عن العصا عند انتقالها من الماء إلى الهواء لاختلاف معامل الانكسار للهواء عنه للماء، فتبدو العصا وكأنها مكسورة، أما إذا كان معامل الانكسار يتغير من نقطة إلى أخرى بنفس الوسط فلن يسلك الضوء مسارات مستقيمة بل منحنية؛ وبالتجربة التالية يقوم شعاع ليزر بالانتقال عبر وعاء يقل معامل الانكسار به كلما اتجهنا من الأسفل إلى الأعلى فنشاهد انحراف الشعاع بالأماكن ذات معامل الانكسار الكبيرة.
التغيرات المحلية والعالمية في درجات الحرارة والضغط الجوي في حدوث تلك الظواهر البصرية الخاصة ومنها السراب.
السراب السفلي والعلوي
قد يوجد على مستوى الأرض اختلاف في معامل الانكسار ذي امتداد صغير يتراوح من بعض الأمتار إلى بعض عشرات الأمتار، ويرجع ذلك إلى الاختلاف في درجة الحرارة عند الارتفاع أو إلى سخونة أو برودة الهواء عند سطح الأرض فينتج عن ذلك حدوث حالتان أساسيتان.
تستطيع الأرض أو مستوى ماء ساخن خلق فرق في درجات الحرارة باتجاه الأسفل، أي فرق في معامل الانكسار باتجاه الأعلى، وفي هذه الحال تتقوس الأشعة الصادرة عن الجسم نحو الأعلى، وتبلغ المشاهد وكأنها صادرة من الأرض فنتمكن من رؤية صورة مقلوبة للجسم، ويقصد بهذا السراب السفلي، وهذا ما يعطي الإيحاء برؤية مستنقعات مياه صغيرة على الطريق الساخن بالصيف. وفي الواقع فإننا نشاهد الأشعة القادمة من السماء ويهيأ لنا إنها قادمة من الأرض.
وها هو مثال على السراب السفلي:
ويخلق في المقابل السطح البارد (بحر بارد أو جليد ساحلي مثلا) اختلاف في معامل الانكسار باتجاه الأعلى. وفي هذه الحالة تنحني أشعة الضوء نحو الأسفل فيقصد بهذا السراب العلوي.
وها هو بالأسفل مثال على السراب العلوي لناقل للمعادن بالبحيرات الكبرى الأمريكية:
الظهور
عند مشاهدة الأجسام البعيدة ينتج عن تقوس الأرض والتقوس الطبيعي لأشعة الضوء (التي يرجع سببها إلى الاختلاف في معامل الانكسار بالجو) حجب تقوس الأرض لجزء من الجسم إذا ما وقع بعد مسافة معينة كجبل أو جزيرة مثلا. وفي مثل هذه الحالة فإن ظهور السراب العلوى يكون مثيرا للدهشة، حيث يسمح تعزيز تقوس أشعة الضوء بظهور الجزء المختفي للجسم، أو حتى الجسم بأكمله (ويظهر في وضع مقلوب).
ولقد تم مشاهدة تلك الظاهرة عدة مرات بالمواني لسهولة حدوث السراب العلوي أعلى البحار الباردة، حيث تم رؤية السفن قبل وصولها بعدة أيام، فبسبب حجب الأفق لها لا يمكن رؤيتها بالوقت الطبيعي! ولنفس هذا السبب يمكن رؤية جزيرة كوسيكا من نيس، رغم أن مونت سينتو، وهي أعلى نقطة بها ( حيث يبلغ ارتفاعها ٢٧١٠ مترا، وتقع على بعد ٢٢٥كم) عادة ما تكون غير مرئية.
ويمكننا مشاهدة التأثير المعاكس في وجود سراب سفلي يؤثر على قاعدة صورة الجسم المشاهد على مسافة بعيدة والذي يستطيع الاختفاء خلف الأفق بينما لا يتأثر الباقي بالسراب: فيهيأ لنا رؤية الجسم طائفا في الأفق.
وبالتالي فأثناء المشاهدة على مسافات بعيدة، قد يظهر خط الأفق بعيدا في وجود السراب العلوي وقريبا في وجود السراب السفلي.
وهناك نوع آخر من الظهور، وهو تأثير نوفايا زمليا (والمسمى نسبة إلى جزر زمبل بالمحيط شمال سلسلة الأورال بروسيا حيث شاهده الناجون من غرق سفينة الاستكشاف) حيث تظهر الشمس بعد غروبها تحت الخط الفعلي للأفق. ويرجع هذا إلى صفة خاصة جدا لمعامل الانكسار للجو. حيث يلعب الجو دور مرشد للموجات (أنظر الشكل بالأسفل) فينتشر جزء من أشعة الشمس تبعا لمسار خاص، وتستطيع أن تبلغ جانب الأرض الغارق في الظلام حيث تتم مشاهدتها. ويشاهد تأثير مرشد الموجات على الأشعة الصادرة والتي تكون قليلة الانحناء (تاثير نوفايا زمليا) بالأماكن المرتفعة على وجه الخصوص.
التشوهات
وقد تؤدي بعض الخواص المعقدة لمعامل الانكسار إلى تشوهات جسيمة ببعض المناطق للجسم المرئي ، ولذلك فبعض الأساطير الخاصة بالوحوش البحرية ما هي إلا سراب. وتعد الفاتا مرجانا جمعا استثنائيا للسراب العلوي والسفلي معا حيث تتمثل صورة لنقطة معينة بقطاع أفقي، فتمنح تلك الأسربة لأفق غير منتظم مظهر مشهدا مليئا بالأبراج والحواجز، مما جعلها مصدرا لعديد من الأساطير- وإليكم مثالا على ذلك بالأسفل :
مشكلة بالمراصد الفلكية
بعيدا عن التذبذب الناتج عن التغيرات في درجة الحرارة فهناك تغيرات في كثافة الهواء عند الارتفاع، ومرتبطة بانخفاض الضغط. ففي الواقع كلما ارتفعنا في الجو كلما انخفضت كثافة الهواء وضغطه، فيتوجه الفرق في معامل الانكسار الناتج إلى الأسفل، ولكنه يكون أقل وضوحا كلما زاد الارتفاع. لذا تنحني أشعة الضوء عند اختراقها للغلاف الجوي مما يؤدي إلى تغيير في مواقع الكواكب والنجوم التي تظهر وكأنها مرفوعة على الأفق لمن يشاهدها من الأرض. ويطلق على هذا الانكسار الجوي (الذي يتسبب كذلك في ظواهر بصرية فلكية أخرى كالشعاع الأخضر مثلا) وينتج عن ذلك خطأ في قياس الموقع المزوي للكوكب أو النجم لهذا ينبغي إجراء التصحيحات للقياسات الفلكية.
يوضح هذا الشكل التالي الظاهرة الأكثر شيوعا للشمس (تم التغاضي عن النسب لرؤية أوضح).
وعلاوة إلى عدم وضوح الفرق بين معامل الانكسار في الارتفاعات الكبيرة فإن الأشعة الصادرة من الجانب السفلي للشمس أكثر انحناءا من الأشعة الصادرة من الجانب العلوي مما يصغر من قطرها الرأسى الظاهر. وفي المقابل يمكن تجاهل التغيير في معامل الانكسار أفقيا فلا يحدث تغيير بالقطر الأفقي الظاهر. وبالتالي فبلوغ سمك الغلاف الجوي لأقصى سمك عند غروب الشمس يسمح بمشاهدة تلك الظاهرة بالعين، فنرى الشمس مسطحة في الأفق.
Comment