مرة أخرى تجدد الجدل حول وجود حياة في كواكب أخرى غير الأرض، ويتشابك مع الجدل الفلسفي حول هوية الإنسان وعلاقته بالكون، إذ عثر علماء الفضاء على مادة الهيدركربون التي تتيح إمكانية الحياة على سطح ثامن أكبر الأقمار التي تدور في فلك كوكب زحل، وفق الصور التي التقطها المسبار (كاسيني) الذي أطلقته وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) .
وفي دراسة له نشرتها مجلة (نيتشر) العلمية المرموقة، قال عالم الفلك دالي كروكشانك، إن العثور على مادة الهيدروكربون على سطح القمر "هيبريون" لا يعني بالضرورة وجود حياة هناك، غير أنها تعد "دليلا إضافيا على إمكانية وجود هذه المادة الكيميائية ـ والتي تتكون من ذرات الكربون والهيدروجين ـ اللازمة للحياة على نطاق واسع في الكون" .
الفلسفة والعلم
وأشارت الأبحاث إلى وجود مادة الهيدروكربون في الشهب والنيازك والمذنبات من خلال الصور التي التقطتها أجهزة رسم الطيف التي تعمل بالأشعة فوق البنفسجية وأجهزة قياس الطيف التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء .
وقديماً اعتبر أرسطو أن الأرض هي مركز النظام الشمسي وان الشمس تدور حولها، ثم جاء كوبرنيكوس ليقزم الأرض من المركز الى التابع الذي يدور حول الشمس وأدى الأمر إلى انهيار منظومات فلسفية كاملة كانت مركزية الأرض في القلب من تصوراتها ثم اخذ الكون بالاتساع في عين الانسان، لكنه هو بقي في "المركز" من ظاهرة الحياة وبيولوجيتها.
وقبل نحو ثلاثة آلاف عام ناقش الفيلسوف اليوناني هيراقليطس لصالح فكرة وجود حياة أخرى في الكون الفسيح، وقد استند الفيلسوف اليوناني إلى مقولات أولية مثل وحدة قوانين الكون وان ما ينطبق منها على الأرض، يصلح ايضا في الكواكب البعيدة، والتي افترض هو وجودها كذلك .
ويميل علم البيولوجيا الى دعم نظرية "مركزية الانسان"، ورغم كل النقاش والجدل، فإنه لم توجد ـ حتى الآن ـ أية أدلة مباشرة على وجود حياة أخرى في مكان ما من هذا الفضاء الرحب .
خلايا من المريخ
وفي العام 1996، انبعث النقاش مجدداً حول الحياة الكونية إثر إعلان مدير وكالة الفضاء والطيران الأميركية، المعروفة اختصاراً باسم : (ناسا)، عن اكتشاف بكتيريا من أصل مريخي في أحد النيازك واسمه العلمي هو : "أي أل أتش 84001"، (ALH 10048) .
وفي الحياة البيولوجية، فإن كل الأنواع الحية تتشارك في قاسم مشترك هو "الحامض النووي الريبوزي الناقص الاوكسجين أو (Dcoxyribo Nucleic Acid) أو الـ (DNA) أي "د. ن. أ".
ويعتبر العثور على (د. ن. أ) دليلا على وجود الكائنات الحية، لذا اثار اعلان غولدن صدمة عميقة، وبدا ان الانسان قد تفرد الأرض بامتلاك الحياة التي يمثل البشر أعلى حلقاتها، ولم توافق جموع من العلماء على ما قدمته وكالة الناسا من ادلة حول وجود الحياة في النيزك القادم من المريخ.
وفي التفاصيل ان ما عثر عليه في النيزك لم يكن البكتيريا نفسها، وانما مجرد أخاديد وخطوط في قلب النيزك، لا يزيد عرضها عن مئة نانومتر، رأى فيها اختصاصيو (الناسا) دليلا على وجود البكتيريا .
وهناك آراء ضد نظرية (ناسا)، اشار فيها بعض العلماء إلى إمكانية حدوث خطأ تقني، في ما ركز آخرون على أن حجم تلك البكتيريا هو اصغر من أي بكتيريا معروفة على الأرض .
وجاء احتجاج جاد في خريف العام 1998، حين توافق رأي ورشة عمل عقدتها "الاكاديمية الأميركية للعلوم" على أن حجم مائة نانومتر لا يسمح بوجود اي شكل من اشكال الحياة، واعتبر الأمر بمثابة "الضربة القاضية" لنظرية البكتيريا المريخية .
لكن فريقا فرنسيا من "الكلية العليا للعلوم الطبيعية" في ليون، يرى رأيا مغايرا ومؤيدا لإمكانية وجود خلايا حية، حتى في حيز ضيق بمقدار مئة نانومتر .
أسئلة مفتوحة
نشر ذلك الفريق، الذي قاده فيليب جيليه، دراسته في مجلة (نيتشر)، وركز الفريق عمله على النيزك المعروف باسم "تاتاهوين"، وهي قرية تونسية سقطت الصخور الفضائية في الصحراء المحيطة بها، ويعتقد ان النيزك الذي سقط عام 1931، ربما كان جزءا من إحدى المذنبات، ووجد الفريق مجموعات من البكتيريا في بقايا النيزك والعديد منها بحجم المئة نانومتر .
وبالطبع فإن احدا لا يعتقد بأن هذه البكتيريا أتت من الفضاء، والأرجح أنها بكتيريا أرضية تفاعلت وتكاثرت داخل النيزك، لكن اعمال الفريق الفرنسي تثبت إمكانية وجود أشكال متناهية الصغر للحياة، مما يؤيد دعوى الناسا في احتواء النيزك ALH 10048 على بكتيريا من المريخ .
ويطرح الفريق سوء الأحوال إمكانية أن تكون تلك البكتيريا المريخية قد تسربت من نيزكها إلى الخارج، وفي هذه الحال، فإنها تتوالد بأحجام تفوق ما كانت عليه قبلا داخل النيزك، فإذا كان ما ذهب إليه الفريق الفرنسي صحيحا، فهل ينطبق الأمر على هذه "البكتيريا المريخية" ؟
وهل غادرت حجرها الفضائي ؟
أو أنها تكاثرت في المحيط، وتواءمت معه، أم أنها قضت بفعل الاختلاف البيئي ؟
هذه مجرد عينة بسيطة من أسئلة تشير إلى فتح زاوية رؤية جديدة لمسألة الحياة الفضائية وعلاقاتها بظاهرة الحياة على الأرض .
وفي دراسة له نشرتها مجلة (نيتشر) العلمية المرموقة، قال عالم الفلك دالي كروكشانك، إن العثور على مادة الهيدروكربون على سطح القمر "هيبريون" لا يعني بالضرورة وجود حياة هناك، غير أنها تعد "دليلا إضافيا على إمكانية وجود هذه المادة الكيميائية ـ والتي تتكون من ذرات الكربون والهيدروجين ـ اللازمة للحياة على نطاق واسع في الكون" .
الفلسفة والعلم
وأشارت الأبحاث إلى وجود مادة الهيدروكربون في الشهب والنيازك والمذنبات من خلال الصور التي التقطتها أجهزة رسم الطيف التي تعمل بالأشعة فوق البنفسجية وأجهزة قياس الطيف التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء .
وقديماً اعتبر أرسطو أن الأرض هي مركز النظام الشمسي وان الشمس تدور حولها، ثم جاء كوبرنيكوس ليقزم الأرض من المركز الى التابع الذي يدور حول الشمس وأدى الأمر إلى انهيار منظومات فلسفية كاملة كانت مركزية الأرض في القلب من تصوراتها ثم اخذ الكون بالاتساع في عين الانسان، لكنه هو بقي في "المركز" من ظاهرة الحياة وبيولوجيتها.
وقبل نحو ثلاثة آلاف عام ناقش الفيلسوف اليوناني هيراقليطس لصالح فكرة وجود حياة أخرى في الكون الفسيح، وقد استند الفيلسوف اليوناني إلى مقولات أولية مثل وحدة قوانين الكون وان ما ينطبق منها على الأرض، يصلح ايضا في الكواكب البعيدة، والتي افترض هو وجودها كذلك .
ويميل علم البيولوجيا الى دعم نظرية "مركزية الانسان"، ورغم كل النقاش والجدل، فإنه لم توجد ـ حتى الآن ـ أية أدلة مباشرة على وجود حياة أخرى في مكان ما من هذا الفضاء الرحب .
خلايا من المريخ
وفي العام 1996، انبعث النقاش مجدداً حول الحياة الكونية إثر إعلان مدير وكالة الفضاء والطيران الأميركية، المعروفة اختصاراً باسم : (ناسا)، عن اكتشاف بكتيريا من أصل مريخي في أحد النيازك واسمه العلمي هو : "أي أل أتش 84001"، (ALH 10048) .
وفي الحياة البيولوجية، فإن كل الأنواع الحية تتشارك في قاسم مشترك هو "الحامض النووي الريبوزي الناقص الاوكسجين أو (Dcoxyribo Nucleic Acid) أو الـ (DNA) أي "د. ن. أ".
ويعتبر العثور على (د. ن. أ) دليلا على وجود الكائنات الحية، لذا اثار اعلان غولدن صدمة عميقة، وبدا ان الانسان قد تفرد الأرض بامتلاك الحياة التي يمثل البشر أعلى حلقاتها، ولم توافق جموع من العلماء على ما قدمته وكالة الناسا من ادلة حول وجود الحياة في النيزك القادم من المريخ.
وفي التفاصيل ان ما عثر عليه في النيزك لم يكن البكتيريا نفسها، وانما مجرد أخاديد وخطوط في قلب النيزك، لا يزيد عرضها عن مئة نانومتر، رأى فيها اختصاصيو (الناسا) دليلا على وجود البكتيريا .
وهناك آراء ضد نظرية (ناسا)، اشار فيها بعض العلماء إلى إمكانية حدوث خطأ تقني، في ما ركز آخرون على أن حجم تلك البكتيريا هو اصغر من أي بكتيريا معروفة على الأرض .
وجاء احتجاج جاد في خريف العام 1998، حين توافق رأي ورشة عمل عقدتها "الاكاديمية الأميركية للعلوم" على أن حجم مائة نانومتر لا يسمح بوجود اي شكل من اشكال الحياة، واعتبر الأمر بمثابة "الضربة القاضية" لنظرية البكتيريا المريخية .
لكن فريقا فرنسيا من "الكلية العليا للعلوم الطبيعية" في ليون، يرى رأيا مغايرا ومؤيدا لإمكانية وجود خلايا حية، حتى في حيز ضيق بمقدار مئة نانومتر .
أسئلة مفتوحة
نشر ذلك الفريق، الذي قاده فيليب جيليه، دراسته في مجلة (نيتشر)، وركز الفريق عمله على النيزك المعروف باسم "تاتاهوين"، وهي قرية تونسية سقطت الصخور الفضائية في الصحراء المحيطة بها، ويعتقد ان النيزك الذي سقط عام 1931، ربما كان جزءا من إحدى المذنبات، ووجد الفريق مجموعات من البكتيريا في بقايا النيزك والعديد منها بحجم المئة نانومتر .
وبالطبع فإن احدا لا يعتقد بأن هذه البكتيريا أتت من الفضاء، والأرجح أنها بكتيريا أرضية تفاعلت وتكاثرت داخل النيزك، لكن اعمال الفريق الفرنسي تثبت إمكانية وجود أشكال متناهية الصغر للحياة، مما يؤيد دعوى الناسا في احتواء النيزك ALH 10048 على بكتيريا من المريخ .
ويطرح الفريق سوء الأحوال إمكانية أن تكون تلك البكتيريا المريخية قد تسربت من نيزكها إلى الخارج، وفي هذه الحال، فإنها تتوالد بأحجام تفوق ما كانت عليه قبلا داخل النيزك، فإذا كان ما ذهب إليه الفريق الفرنسي صحيحا، فهل ينطبق الأمر على هذه "البكتيريا المريخية" ؟
وهل غادرت حجرها الفضائي ؟
أو أنها تكاثرت في المحيط، وتواءمت معه، أم أنها قضت بفعل الاختلاف البيئي ؟
هذه مجرد عينة بسيطة من أسئلة تشير إلى فتح زاوية رؤية جديدة لمسألة الحياة الفضائية وعلاقاتها بظاهرة الحياة على الأرض .