النجوم تهرب من مجرتنا
إكتشف الفلكيين مجموعة من النجوم (الشموس) تبتعد عن مجرتنا بسرعة عظيمة. هذه الشموس الهاربة يمكن ان تقدم لنا معلومات جديدة عن الثقوب السوداء في مركز مجرتنا، وحتى عن المادة المظلمة.
في بداية عام 2006 اكتشف الفلكي Warren Brown شمسين تبتعدان عن المجرة بسرعة هائلة تصل الى مليونين كيلزمتر في الساعة. هاتين الشمسين بدأو هروبهم قبل 100 مليون سنة، وهم الان على بعد 180 - 240 الف سنة ضوئية عن مركز المجرة.
الشمس الاولى من هذه الشموس الهاربة إكتشفت قبل ثلاث سنوات، ومنذ ذلك الوقت تم إكتشاف ثمانية شموس اخرى، اعطيت الرموز من HVS1-HVS9. بالرغم من ان القياسات لازالت غير دقيقة ولكنها تشير الى ان ثمانية من هذه الشموس التسعة قد جاءت من مركز المجرة، وانهم قد " قذفوا" قبل مابين 30-160 مليون سنة. الشمس التاسعة منهم جاءت على الاغلب من سحابة Magellanska, التي تعتبر "قمر" تدور حول درب التبانة.
على خلفية هذه الملاحظات يقدر الفلكيين ان هناك حوالي 1000 شمس اخرى في طريقها الى الخروج من المجرة.
إكتشاف هروب الشموس كان مفاجأة كبيرة، إذ انه من الصعب للغاية على الشموس الخروج من قوة الجاذبية الهائلة للمجرة. لكي يتمكن نجم من النجوم من الابتعاد عن مركز المجرة يجب ان يملك سرعة اكثر من 700 كيلومتر في الثانية او اكثر من 2,5 مليون كيلومتر في الساعة، وهذه السرعة لاتملكها عادة النجوم.
إكتشاف الشمس الهاربة الاولى جرى عام 2004، عن طريق الصدفة. Warren Brown كان مشغولا بمشروع اخر عندما وجد فجأة نجم غريب يتحرك بسرعة تصل الى 706 كيلومتر في الثانية. لقد كان الامر غريباً الى درجة انه كان من الصعب عليه اقناع زميله بأنه فعلا اكتشف ذلك. لقد كان من الصعب التصديق ان الشموس قادرة على الحركة بهذه السرعة.
وبالرغم ذلك فقد كان هناك بعض الباحثين الذين كانوا يرصدون هذه الظاهرة سابقاً إنطلاقا من حسابات نظرية. منذ عام 1988 كان الفيزيائي Jack Hills يدرس ماهي آفاق وجود شمسن توآمين قرب الثقب الاسود، لتصل الى سؤال كيف تتمكن مجرة درب التبانة من قذف النجوم الى خارجها..
الحسابات اظهرت ان كلا من الشمسين سيكون مصيرهم مختلف، بحيث ان احداهم تُجذب الىمدار جديد اقرب الى الثقب الاسود في حين تُقذف الاخرى بعيداً بسرعة هائلة. من الناحية النظرية يمكن للثقب الاسود قذف الشموس بسرعة تصل الى 4000 كيلومتر في الثانية. ولكن هذه السرعة الهائلة لن يستطيع النجم المحافظة عليها كاملة، إذ انها ستكبح بقوة جاذبية المجرة.
النجوم الهاربة التي نعرفها اليوم تقع بعيدة جدا عن مركز المجرة، وقد خسروا قسما كبيرا من سرعة إنطلاقهم الاولى، ومع ذلك لازالوا يحتفظون بما يكفي من السرعة تكفي لترك المجرة الى الابد.
حسابات هيلز تشير ايضاً الى ان قذف النجوم من مركز المجرة عملية نادرة للغاية وتحدث في المتوسط مرة واحدة كل 100000 سنة.
حسب نظرية جديدة يمكن ان يكون قسم من هذه النجوم قد تم قذفها بواسطة ثقوب سوداء ثانوية. الفيزيائين يعتقدون ان هناك العديد من الثقوب السوداء تحوم في مدارات حول الثقب الاسود الرئيسي في مركز المجرة. وبإعتبار ان الثقوب السوداء الثانوية اصغبر بكثير حيث يمكن ان تصل كثافتها الى كثافة عشرة شموس مثل شمسنا، فلايمكنها ان تقذف النجوم بهذه السرعة الفائقة. الثقوب الثانوية تستطيع "فقط" ان تقذف بسرعة تصل الى 2000 كيلومتر في الثانية، ولكن ذلك يكفي لإخراج الشمس من المجرة.
إذا صحت هذه النظرية، يمكنها ان توضح بشكل افضل العدد الكبير للنجوم الهاربة، بسبب ان إحتمال الإلتقاء بثقب اسود ثانوي اكبر من احتمال الالتقاء بالثقب الرئيسي. البعض يقترح توضيحا آخر يقول بأن الشمس يمكن ان تقذف بنتيجة تأثير مجموعة من النجوم، والثقب الاسود المركزي وثقب اسود آخر قريب له تصل كثافته الى 10000 كثافة شمسنا. بالطبع لازال هذا الامر مجرد فرضيات ولكن المراقبة الدقيقة لهذه الشموس يمكن ان تعطينا المزيد من المعلومات عن عددها وتوزيع الثقوب السوداء قرب مركز المجرة.
معلومات جديدة عن المادة المظلمة
هذه الشموس الهاربة يمكن ان تشكل وسيلة فعالة لمساعدة العلماء بقضية اخرى. احدىاكبر المعضلات التي لم تزل بدون حل في عالم الفلك اليوم هو وجود المادة المظلمة. الجزء الاكبر من مجرة التبانة تتآلف من المادة المظلمة وحسب النظرية فأن المادة المظلمة تحيط بالمجرة كالجلاتين الغير مرئي. الشموس الهاربة توجد الان في "الجيلاتين" المفترض. من خلال مراقبة حركتهم بدقة يمكن معرفة كثافة المادة المظلمة وطريقة توزعها.
وبالرغم من اننا لن نستطيع رؤية المادة المظلمة نفسها ولكنها ستظهر نفسها من خلال شكل التأثير الذي ستتعرض له الشموس المنطلقة. هذا الامر يحتاج الى العديد من القياسات الدقيقة للغاية لحركة النجوم الفارة.
النظرية الحالية عن المادة المظلمة تقول ان " الجيلاتين" له شكل الاهليلي او كرة القدم الامريكية، وإذا اعطتنا الملاحظات مادة جديدة لربما يصبح من الضروري إعادة كتابة النظرية.
مصادر:
Česká astronomická společnos
Dark and Distant Heavenly Bodies
Dr. Warren R. Brown
إكتشف الفلكيين مجموعة من النجوم (الشموس) تبتعد عن مجرتنا بسرعة عظيمة. هذه الشموس الهاربة يمكن ان تقدم لنا معلومات جديدة عن الثقوب السوداء في مركز مجرتنا، وحتى عن المادة المظلمة.
في بداية عام 2006 اكتشف الفلكي Warren Brown شمسين تبتعدان عن المجرة بسرعة هائلة تصل الى مليونين كيلزمتر في الساعة. هاتين الشمسين بدأو هروبهم قبل 100 مليون سنة، وهم الان على بعد 180 - 240 الف سنة ضوئية عن مركز المجرة.
الشمس الاولى من هذه الشموس الهاربة إكتشفت قبل ثلاث سنوات، ومنذ ذلك الوقت تم إكتشاف ثمانية شموس اخرى، اعطيت الرموز من HVS1-HVS9. بالرغم من ان القياسات لازالت غير دقيقة ولكنها تشير الى ان ثمانية من هذه الشموس التسعة قد جاءت من مركز المجرة، وانهم قد " قذفوا" قبل مابين 30-160 مليون سنة. الشمس التاسعة منهم جاءت على الاغلب من سحابة Magellanska, التي تعتبر "قمر" تدور حول درب التبانة.
على خلفية هذه الملاحظات يقدر الفلكيين ان هناك حوالي 1000 شمس اخرى في طريقها الى الخروج من المجرة.
إكتشاف هروب الشموس كان مفاجأة كبيرة، إذ انه من الصعب للغاية على الشموس الخروج من قوة الجاذبية الهائلة للمجرة. لكي يتمكن نجم من النجوم من الابتعاد عن مركز المجرة يجب ان يملك سرعة اكثر من 700 كيلومتر في الثانية او اكثر من 2,5 مليون كيلومتر في الساعة، وهذه السرعة لاتملكها عادة النجوم.
إكتشاف الشمس الهاربة الاولى جرى عام 2004، عن طريق الصدفة. Warren Brown كان مشغولا بمشروع اخر عندما وجد فجأة نجم غريب يتحرك بسرعة تصل الى 706 كيلومتر في الثانية. لقد كان الامر غريباً الى درجة انه كان من الصعب عليه اقناع زميله بأنه فعلا اكتشف ذلك. لقد كان من الصعب التصديق ان الشموس قادرة على الحركة بهذه السرعة.
وبالرغم ذلك فقد كان هناك بعض الباحثين الذين كانوا يرصدون هذه الظاهرة سابقاً إنطلاقا من حسابات نظرية. منذ عام 1988 كان الفيزيائي Jack Hills يدرس ماهي آفاق وجود شمسن توآمين قرب الثقب الاسود، لتصل الى سؤال كيف تتمكن مجرة درب التبانة من قذف النجوم الى خارجها..
الحسابات اظهرت ان كلا من الشمسين سيكون مصيرهم مختلف، بحيث ان احداهم تُجذب الىمدار جديد اقرب الى الثقب الاسود في حين تُقذف الاخرى بعيداً بسرعة هائلة. من الناحية النظرية يمكن للثقب الاسود قذف الشموس بسرعة تصل الى 4000 كيلومتر في الثانية. ولكن هذه السرعة الهائلة لن يستطيع النجم المحافظة عليها كاملة، إذ انها ستكبح بقوة جاذبية المجرة.
النجوم الهاربة التي نعرفها اليوم تقع بعيدة جدا عن مركز المجرة، وقد خسروا قسما كبيرا من سرعة إنطلاقهم الاولى، ومع ذلك لازالوا يحتفظون بما يكفي من السرعة تكفي لترك المجرة الى الابد.
حسابات هيلز تشير ايضاً الى ان قذف النجوم من مركز المجرة عملية نادرة للغاية وتحدث في المتوسط مرة واحدة كل 100000 سنة.
حسب نظرية جديدة يمكن ان يكون قسم من هذه النجوم قد تم قذفها بواسطة ثقوب سوداء ثانوية. الفيزيائين يعتقدون ان هناك العديد من الثقوب السوداء تحوم في مدارات حول الثقب الاسود الرئيسي في مركز المجرة. وبإعتبار ان الثقوب السوداء الثانوية اصغبر بكثير حيث يمكن ان تصل كثافتها الى كثافة عشرة شموس مثل شمسنا، فلايمكنها ان تقذف النجوم بهذه السرعة الفائقة. الثقوب الثانوية تستطيع "فقط" ان تقذف بسرعة تصل الى 2000 كيلومتر في الثانية، ولكن ذلك يكفي لإخراج الشمس من المجرة.
إذا صحت هذه النظرية، يمكنها ان توضح بشكل افضل العدد الكبير للنجوم الهاربة، بسبب ان إحتمال الإلتقاء بثقب اسود ثانوي اكبر من احتمال الالتقاء بالثقب الرئيسي. البعض يقترح توضيحا آخر يقول بأن الشمس يمكن ان تقذف بنتيجة تأثير مجموعة من النجوم، والثقب الاسود المركزي وثقب اسود آخر قريب له تصل كثافته الى 10000 كثافة شمسنا. بالطبع لازال هذا الامر مجرد فرضيات ولكن المراقبة الدقيقة لهذه الشموس يمكن ان تعطينا المزيد من المعلومات عن عددها وتوزيع الثقوب السوداء قرب مركز المجرة.
معلومات جديدة عن المادة المظلمة
هذه الشموس الهاربة يمكن ان تشكل وسيلة فعالة لمساعدة العلماء بقضية اخرى. احدىاكبر المعضلات التي لم تزل بدون حل في عالم الفلك اليوم هو وجود المادة المظلمة. الجزء الاكبر من مجرة التبانة تتآلف من المادة المظلمة وحسب النظرية فأن المادة المظلمة تحيط بالمجرة كالجلاتين الغير مرئي. الشموس الهاربة توجد الان في "الجيلاتين" المفترض. من خلال مراقبة حركتهم بدقة يمكن معرفة كثافة المادة المظلمة وطريقة توزعها.
وبالرغم من اننا لن نستطيع رؤية المادة المظلمة نفسها ولكنها ستظهر نفسها من خلال شكل التأثير الذي ستتعرض له الشموس المنطلقة. هذا الامر يحتاج الى العديد من القياسات الدقيقة للغاية لحركة النجوم الفارة.
النظرية الحالية عن المادة المظلمة تقول ان " الجيلاتين" له شكل الاهليلي او كرة القدم الامريكية، وإذا اعطتنا الملاحظات مادة جديدة لربما يصبح من الضروري إعادة كتابة النظرية.
مصادر:
Česká astronomická společnos
Dark and Distant Heavenly Bodies
Dr. Warren R. Brown
Comment