الزهرة السوداء فى عوالم الغرباء

[The D.I.S]

الزهرة السوداء...إسم يصلح عنوناً لرواية رومانسية ذات نهاية مأساوية أو إسم حركي لبطلة رواية بوليسية !! إلا أن وجود زهور سوداء أمر محتمل إذا ما إمتلكنا يوما شمسين بدلا من شمس واحدة!



بالطبع اللون الأسود ليس نتيجة إحتراقها كما قد يخيل للبعض!، أنما هو لون ينتج عن تكيف النباتات و الأشجار على الحياة في بيئة لكوكب يدور في نظام شمسي يتكون من نجمين و ليس نجما واحدا فقط.
في دراسة فريدة من نوعها قدمها دكتور "جاك أومالي" مؤخرا في إجتماع الجمعية الفلكية الملكية في ويلز، يطرح دكتور أومالي عدة تساؤلات يحاول الإجابة عنها من خلال دراسته أولها:

"ما هو اللون المتوقع للحياة النباتية على كوكب يدور حول قزم أحمر ؟"

هذا القزم الأحمر ليس قزما بالمعنى الحرفي للكلمة بل هو نجم صغير تقل كتلته عن نصف كتلة الشمس ،كما أنه بارد نسبيا فدرجة حرارة سطحه لا تتجاوز 4000 درجة كلفن. أما عن سبب إختيار دكتور "أومالي" لقزم الأحمر ليكون محل دراسته فيرجع إلى كون مجرتنا درب التبانة تعج بهم! و معظم الكواكب التي يحتمل إمكانية وجود حياة على سطحها تدور حول نجوم من هذا النوع.بمحاكاة الحياة النباتية على كوكب يدور حول قزم أحمر وُجد أن لون النباتات لابد و أن يكون أسود أو رمادى على أقل تقدير، لكن لماذا؟ لنجيب على هذا السؤال دعونا اولا نجيب على تساؤل آخر... لماذا تبدو نباتاتنا الارضية باللون الأخضر؟ النباتات الأرضية تتغذى و تستمد طاقتها من ضوء الشمس الذى يتكون من طيف كامل من الألوان بداية من البنفسجى و إنتهاءا بالأحمر، من خلال عملية كيميائية معروفة بإسم "البناء الضوئي".

الطيف الضوئى

خلال عملية البناء الضوئي يسقط شعاع الضوء على ورق النبات، فيمتص منه الطيف الأحمر و البنفسجي و مابينهما فيما عدا اللون الأخضر الذي لا يمتصه إطلاقا إنما يعكسه من على سطح الورقة لتره أعيننا باللون الأخضر المعتاد. هناك عدة عوامل يتحدد على أساسها لون النبات أهمها نوعية الضوء الساقط عليه و كذلك ظروف البيئة المحيطة به من تربة و مناخ. ففي حالة نباتاتنا الأرضية ،بيئة نموها و ضوء الشمس بألوانه ما بين الأحمر و البنفسجى هما فقط ما يحتاجه النبات لكي يتغذى و ينمو أما اللون الأخضر فغير ضروري لنموه لذلك هو يعكسه و لا يمتصه. اللون الأخضر بمفهومنا نحن البشر يختلف عن مفهومه بالنسبة إلى النبات ،فاللون الأخضر بالنسبة لنا ما هو إلا طريقة ترجمة من المخ البشري لموجات لها طول معين تنعكس من على سطح النبات لتسقط على أعيننا. أما من وجه النظر الكيميائية للنبات فهو يحتاج إلى الموجات ذات طول موجي "معين" لكي تتم عملية "البناء الضوئي" أما الموجات الضوئية ذات الطول الموجي الخاص باللون الأخضر كما نراه ، يعكسها النبات لأنها لن تفيد في عملياته الكيميائية الخاصة بالبناء الضوئي.بعض النباتات الأخرى قد تبدو بألوان مختلفة سوى الاخضر لأنها لا تستفيد من اللون الذي تبدو عليه فتعكسه و ذلك لإختلاف ظروف نموها و بيئتها عن تلك النباتات التي تظهر باللون الأخضر.



إذا عدنا مرة أخرى إلى الحياة النباتية على كوكب يدور في نظام شمسي من الأقزام الحمر، نذكر أن القزم الأحمر نجم خافت الضوء أي أن جميع أشكال الحياة على كوكب يدور حوله قد لا يصلها نفس كم الضوء الذي يصلنا على كوكب الأرض من الشمس، لذلك في حالة النبات قد تجده في لهفة و تعطش ليمتص كل ألوان الطيف الممكنة بما فيها الأشعة تحت الحمراء و الفوق البنفسجية حتى يستفيد من كل شعاع ضوء حتى أخر فوتون فيه! لكي يتسنى له القيام بعملية "البناء الضوئي" و معنى أن يمتص النبات كل الضوء المرئي الساقط عليه إذاً هو لا يعكس أي قدر منه لذا لا بد و ان يبدو باللون الأسود ! و هنا تظهر قوة التطور البيولوجي الذي يجعل أشكال الحياة المختلفة بما فيها النباتات تتكيف مع البيئة المحيطة و الموارد المتاحة حتى تستطيع النجاة فى ظل الظروف القاسية التي تفرضها الطبيعة.

إنتقل دكتور أومالي إلى تساؤل أخر و هو:

ماذا لو كان الكوكب يدور فى نظام شمسى يحتوى على نجمين متباينين أحدهما قزم أحمر و الأخر نجم أصفر مثل شمسنا ؟



في الأنظمة الثنائية من نجمين "أصفر" و "قزم أحمر" قد يكونا إما في حالة "إقتران" أي أنهما على مسافة قريبة من بعضهما البعض بحيث يقع كلاهما داخل المدار الخاص بالكوكب،

النجمان فى حالة الإقتران

أو يكونا في حالة "تقابل" فيدور الكوكب بإنتظام حول أحدهما بينما يقطع مداره المسافة بينهما.

النجمان فى حالة التقابل

يدرس دكتور أومالي الإحتمالات العديدة تلك من خلال برنامج محاكاة ليدرس تأثير الأوضاع المختلفة للنجمين بالنسبة للكوكب على الكيفية التي يمكن أن يتصرف بها النبات و طريقة تكيفه مع تلك الأوضاع المتعددة. فقد يجد النبات نفسه مضطرا لكي يمتص الإشعاعات القادمة من نجمين في آن واحد تارة، أو أن يتعايش مع ضوء نجم واحد بعد حرمانه من أحد النجوم التي تمده بالطاقة في أحد مراحل حركته تارة أخرى أو قد يحرم من كليهما معا و يعيش في ظلام دامس لبعض الوقت، و هو ما يرغمه على تطوير نظام ذاتي لديه للحصول على الطاقة اللازمة لحياته و يتكيف مع وضعه. و بناءا عليه قد نجد النبات متلون و متغير Technicolor لونه مثل الحرباء على حسب حاجته للضوء و وضعه الحالى بالنسبة لنجميه!

اذا كان النجمان في حالة تقابل (في الصورة) يتعرض الكوكب إلى ضوء النجمين بنسب متفاوتة على حسب قربه أو بعده عن كل منهما إلا انه في مرحلة ما يصبح في حالة إظلام حيث لا يطالع سمائه أي من النجمين. هذه الصدمات التى يتعرض لها النبات من وفرة غزيرة من الضوء ثم حرمان و تقطير منه ،قد يؤدي بالنبات إلى إبتكار أساليب غريبة لا تخطر لنا على بال، فمثلا قد يتحول النبات إلى هجين نباتي-حيوانى بمعنى أنه يتعايش في "ثوبه" النباتي في حالة تعرضه بشكل ملائم إلى الضوء للقيام بعملية بناءه الضوئي، لكن حالما يغيب نجمه ينزع عنه ثوبه النباتي و يتحول إلى الجزء الحيواني منه لكي يتحرك و يبحث له عن مؤنه من الغذاء حتى سطوع نجمه مره أخرى أو ربما يجد طريقة ما ينتقل بواسطتها إلى النصف الأخر من الكوكب الذي يسطع عليه نجمه المحبب!!

لا تستنكر أو تستغرب عزيزى القارئ، فالحياة النباتية على الأرض قد تحمل نفس القدر من الغرابة أيضا



إنظر إلى تلك الورقة الطافية التي تصطنع قدرا من البراءة، حذاري ان تنخدع . هذه نوع من اليرقان البحري الأخضر و تسمى eastern emerald Elysia ، تلك اليرقانة تتغذى على طحالب البحر الخضراء كأي حيوان بحري يبحث عن قوت يومه ثم تعود فتستخدم "البلاستيدات الخضراء" الخاصة بالطحالب التي تغذت عليها سلفا (و هى الخلايا الأساسية فى أى نبات) لتساعدها فى القيام بعملية "البناء ضوئى" أي انها تتصرف ككائن بحري و نبات في آن واحد!!

قد يظن البعض أن دراسة دكتور أومالي درب من دروب الرفاهية ، إلا أنها دراسة غاية فى الذكاء و الأهمية. تنصب أبحاث العلماء في الوقت الحالي على إيجاد الكواكب الشبيهه بالأرض و التي تدور في مجموعات شمسية مجاورة داخل مجرتنا درب التبانة و قد وُجد منها المئات بالفعل. ما يحصل عليه العلماء هو مجموعة من الصور التي تلتقطها التلسكوبات لتلك الكواكب و تحتوي هذه الصور على مجموعة من الأطياف اللونية التي قد يصعب تفسير ماهيتها لأن بيئتها تختلف عن بيئتنا الأرضية و كذلك ألوانها الطبيعية قد تكون مغايرة لما تعودنا عليه، لذلك بمحاكاة علمية كالتي قام بها دكتور أومالي ، يمكننا التعرف على طبيعة الكواكب المجاورة لنا بسهولة و قد نجد منها ما يصلح لحياة البشر.

[Black eye]

رد: الزهرة السوداء فى عوالم الغرباء

amazing

[The D.I.S]

رد: الزهرة السوداء فى عوالم الغرباء

amazing

مشكور مرورك Black eye