هل عرفت قصة حياتي؟
أحداث من الكتاب المقدس يخبروننا عن سير حياتهم
عيسو ويعقوب
نحن توأمان. ولدنا في ذات اليوم وفي ذات الوقت تقريباً، فلنا نفس العمر.
أُدعى يعقوب وإنني أصغر قليلاً من أخي التوأم عيسو، الذي وُلد قبلي بلحظات.
إنما ملامح أخي عيسو تختلف كثيراً جداً عن ملامحي، فبشرته مغطاة بالشعر بينما بشرتي بيضاء ملساء.
وكنا نختلف بطبيعتنا أيضاً، فقد كان عيسو نشيطاً وحيوياً أكثر مني.
لقد أحبّ التجوّل في الحقول والغابات، وهكذا أصبح صيّاداً ماهراً يصطاد الكثير من الحيوانات البرية كالغزلان وغيرها.
وكان والدنا اسحق يلتذّ كثيراً بأكل لحوم الطرائد ﴿الحيوانات﴾ الشهية التي كان عيسو يصطادها ويعدّها له.
ولذلك أصبح أخي مفضلاً ومحبوباً لدى والدي.
أما أنا فكنت أفضل أن أبقى في الخيمة أساعد أمي رفقة في أعمالها المنزلية.
وغالباً ما كنت أجلس هناك أفتكر في أمور كثيرة.
وكم تمنيّت لو أنني كنت بكر أبي لأن البكر يحصل على بركة خاصة، لا يحصل عليها بقيّة الأخوة.
وكم كان يتردّد في ذهني إيجاد وسيلة ما للحصول على حق البكورية.
وفي صبيحة أحد الأيام ذهب أخي عيسو إلى الحقل كعادته، بينما بقيت في البيت وطبخت قدراً من حساء العدس الأحمر الذكي الرائحة، فنظرت إليّ أمي نظرة استحسان.
فمنذ وقت طويل كنت أعلم أنني المفضل والمحبوب لديها.
عاد أخي فجأة من الحقل، وكان شديد التعب والجوع.
فاستنشق رائحة حساء العدس وقال:
«أعطني من حسائك لآكل».
كنت مستعداً أن ألبّي طلبه، لكن ليس دون مقابل.
فقلت بسرعة: «أعطيك الحساء كله إن أقسمت لي بتنازلك عن حقك في البكورية».
فأجابني ضاحكاً:
«خذ هذا الحق، ماذا تهمني البكورية؟
فسوف أموت يوماً ما».
وهكذا أعطيته حساء العدس والخبز، فأكل وشبع، ثم قام وذهب في طريقه.
وبعد مرور سنوات عديدة، أصبح أبي شيخاً هرماً ولم يعد باستطاعته الرؤية بوضوح.
حتى أنه فقد قوة بصره في النهاية، وضعف جسده كثيراً.
فكان يقضي معظم وقته مستلقياً على فراشه في الخيمة.
وفكّر بما أنه قد يموت قريباً، فعليه أن يجعل عيسو سيداً على بيته وعشيرته، لأنه البكر.
فنادى عيسو وقال له:
«يا ابني اذهب إلى الحقل، واصطد لي صيداً وأعدّه لي، وبعدما أشبع أباركك».
وهكذا نكث عيسو بقسمه لي وذهب ليفعل ما أمره به والدي.
أما أمي فقد سمعت الحديث الذي دار بين أبي وأخي.
فأتت إليّ مسرعة وأخبرتني به، ثم اقترحت عليّ قائلة:
«أسرع واحضر لي جديين من القطيع، كي أعدّهما طعاماً لوالدك.
فتأخذه إلى فراشه ليأكل فيباركك».
فأحضرت لها الجديين وأعدَّتهما، ثم ألبستني ثياب عيسو التي كانت رائحتها كرائحة الحقل وربطت جلد الجديين حول رقبتي ويديّ كي يتحسس والدي الشعر عليهما كشعر عيسو، ثم أعطتني الطعام لأقدّمه لأبي.
خفق قلبي واضطرب ضميري عندما دخلت إلى خيمة والدي.
فسألني أبي قائلاً: «من أنت يا ابني؟».
كذبت وقلت: «إنني عيسو بكرك».
فتعجب كيف أنني رجعت بسرعة من الحقل وأعددت الطعام.
ثم طلب مني أن أقترب إليه ليتحسس رقبتي ويديّ ويتأكد أن الذي أمامه هو عيسو.
وبعدما تأكد أخذ الطعام وأكل.
بعد ذلك طلب مني أن أقبّله، فشم رائحة ثياب عيسو، وتأكد مرة أخرى بأنّ الذي أمامه هو ابنه البكر.
فوضع يديه على رأسي وباركني، ووعدني بأني سوف أكون سيداً على أخي والمسؤول عن البيت كله وطلب إلى الله أن يهبني خيراته وبركاته بغنى.
وقال لي في النهاية: «ملعون لاعنك ومبارك مباركك».
قد حلّت عليّ بركة الله العظيمة، إنما لم يكن لديّ الوقت الكافي كي أفرح لها.
وما أن خرجت من الخيمة حتى رجع عيسو من الصيد.
كان غضبه عظيماً عندما علم بما فعلته، وتحوّل غضبه إلى سخط وحقد، وصمم على قتلي عند وفاة أبي.
خافت أمي على حياتي وقالت لي:
«عليك أن تهرب فوراً من هنا.
اذهب إلى خالك «لابان» في أرض الغربة وامكث هناك فترة من الزمن إلى أن يعود عيسو إلى رشده وينسى ما صنعت به».
وهكذا لم أجد أمامي إلا وسيلة واحدة وهي الهرب من البيت.
هذا ما حصدته نتيجة الكذب والخداع.
كان السفر إلى خالي في بلاد الغربة طويلاً ومتعباً.
شعرت بنفسي وحيداً، وكنت حزيناً ونادماً لأنني خدعت أبي العجوز ولم يعد يوجد أحد يهتم بي، حتى الله لم يسأل عني لأنني تصرفت باطلاً.
هذا ما فكرت به، والأسوأ من هذا كله فقد شعرت أن الله مغتاظ مني فخفت خوفاً عظيماً.
غابت الشمس وحلّ المساء ولم يعد يوجد أي إنسان لا عن قرب ولا عن بعد مني.
وكان عليّ أن أنام خارجاً في الصحراء، فاستلقيت على الأرض وأسندت رأسي إلى حجر.
كان الله بعيداً عني وحتماً لم يرد أن ينظر إليّ، أنا المحتال.
فكرت، يا ليت الله يعود ويرحمني، فكم نادم أنا على تصرفي الخاطئ، لقد فشلت بسبب خداعي وأكاذيبي.
ثم شعرت بعينيّ تغمضان، فنمت ورأيت حلماً غريباً وجميلاً.
رأيت في نومي سلّماً امتدّت من الأرض إلى السماء، وملائكة الله نازلة وصاعدة عليها.
وعلى طرفها الأعلى كان الرب واقفاً فنظر إليّ قائلاً:
«أنا هو الربّ إله إبراهيم أبيك وإله اسحق.
سأرافقك حيثما تذهب وأرجعك إلى هذه الأرض ولن أتركك ولا أهملك».
عندما استيقظت من نومي كان قد طلع الصباح وظننت أنّ رؤيتي هذه كانت حلماً ولكن الذي رأيته كان حقيقة.
لقد قابلني الله، أنا الكذاب والمحتال، بلطفه.
لم يطردني خارجاً ولم يحتقرني، بل وعدني بحمايته، ولم يتركني لكنه اهتم بي.
حلّ عليّ خوف شديد وشكر عظيم لله.
لقد كان القدوس حاضراً في هذا المكان ولن أنسى هذا الحادث أبداً.
أخذت الحجر الذي كان تحت رأسي وأوقفته.
تمنيّت أن أقدم تقدمة شكر لله وأردت أن أعطيه شيئاً ثمينا ً كي أعبّر عن شكري وفرحي له، ولكن لم يكن لديّ سوى جرة زيت.
فسكبت ذلك الزيت فوق الحجر
ونذرت نذراً قائلاً:
«يا رب، إذا رافقتني وحفظتني في طريقي ستكون إلهي إلى الأبد وأنا عبدك العابد لك».
وهكذا أصبح الرب الحي إلهي الأمين.
لقد كان عليّ بعد ذلك أن أتعلّم الكثير لأدرك حقيقة نفسي وعرفت أنني كاذب وماكر،
إنما انكسرت أمام الله وشكرته لأنه بالرغم من سيئاتي المتعددة،
قبلني وغيرني إلى إنسان مستقيم واستخدمني لمجد اسمه.
أحداث من الكتاب المقدس يخبروننا عن سير حياتهم
عيسو ويعقوب
نحن توأمان. ولدنا في ذات اليوم وفي ذات الوقت تقريباً، فلنا نفس العمر.
أُدعى يعقوب وإنني أصغر قليلاً من أخي التوأم عيسو، الذي وُلد قبلي بلحظات.
إنما ملامح أخي عيسو تختلف كثيراً جداً عن ملامحي، فبشرته مغطاة بالشعر بينما بشرتي بيضاء ملساء.
وكنا نختلف بطبيعتنا أيضاً، فقد كان عيسو نشيطاً وحيوياً أكثر مني.
لقد أحبّ التجوّل في الحقول والغابات، وهكذا أصبح صيّاداً ماهراً يصطاد الكثير من الحيوانات البرية كالغزلان وغيرها.
وكان والدنا اسحق يلتذّ كثيراً بأكل لحوم الطرائد ﴿الحيوانات﴾ الشهية التي كان عيسو يصطادها ويعدّها له.
ولذلك أصبح أخي مفضلاً ومحبوباً لدى والدي.
أما أنا فكنت أفضل أن أبقى في الخيمة أساعد أمي رفقة في أعمالها المنزلية.
وغالباً ما كنت أجلس هناك أفتكر في أمور كثيرة.
وكم تمنيّت لو أنني كنت بكر أبي لأن البكر يحصل على بركة خاصة، لا يحصل عليها بقيّة الأخوة.
وكم كان يتردّد في ذهني إيجاد وسيلة ما للحصول على حق البكورية.
وفي صبيحة أحد الأيام ذهب أخي عيسو إلى الحقل كعادته، بينما بقيت في البيت وطبخت قدراً من حساء العدس الأحمر الذكي الرائحة، فنظرت إليّ أمي نظرة استحسان.
فمنذ وقت طويل كنت أعلم أنني المفضل والمحبوب لديها.
عاد أخي فجأة من الحقل، وكان شديد التعب والجوع.
فاستنشق رائحة حساء العدس وقال:
«أعطني من حسائك لآكل».
كنت مستعداً أن ألبّي طلبه، لكن ليس دون مقابل.
فقلت بسرعة: «أعطيك الحساء كله إن أقسمت لي بتنازلك عن حقك في البكورية».
فأجابني ضاحكاً:
«خذ هذا الحق، ماذا تهمني البكورية؟
فسوف أموت يوماً ما».
وهكذا أعطيته حساء العدس والخبز، فأكل وشبع، ثم قام وذهب في طريقه.
وبعد مرور سنوات عديدة، أصبح أبي شيخاً هرماً ولم يعد باستطاعته الرؤية بوضوح.
حتى أنه فقد قوة بصره في النهاية، وضعف جسده كثيراً.
فكان يقضي معظم وقته مستلقياً على فراشه في الخيمة.
وفكّر بما أنه قد يموت قريباً، فعليه أن يجعل عيسو سيداً على بيته وعشيرته، لأنه البكر.
فنادى عيسو وقال له:
«يا ابني اذهب إلى الحقل، واصطد لي صيداً وأعدّه لي، وبعدما أشبع أباركك».
وهكذا نكث عيسو بقسمه لي وذهب ليفعل ما أمره به والدي.
أما أمي فقد سمعت الحديث الذي دار بين أبي وأخي.
فأتت إليّ مسرعة وأخبرتني به، ثم اقترحت عليّ قائلة:
«أسرع واحضر لي جديين من القطيع، كي أعدّهما طعاماً لوالدك.
فتأخذه إلى فراشه ليأكل فيباركك».
فأحضرت لها الجديين وأعدَّتهما، ثم ألبستني ثياب عيسو التي كانت رائحتها كرائحة الحقل وربطت جلد الجديين حول رقبتي ويديّ كي يتحسس والدي الشعر عليهما كشعر عيسو، ثم أعطتني الطعام لأقدّمه لأبي.
خفق قلبي واضطرب ضميري عندما دخلت إلى خيمة والدي.
فسألني أبي قائلاً: «من أنت يا ابني؟».
كذبت وقلت: «إنني عيسو بكرك».
فتعجب كيف أنني رجعت بسرعة من الحقل وأعددت الطعام.
ثم طلب مني أن أقترب إليه ليتحسس رقبتي ويديّ ويتأكد أن الذي أمامه هو عيسو.
وبعدما تأكد أخذ الطعام وأكل.
بعد ذلك طلب مني أن أقبّله، فشم رائحة ثياب عيسو، وتأكد مرة أخرى بأنّ الذي أمامه هو ابنه البكر.
فوضع يديه على رأسي وباركني، ووعدني بأني سوف أكون سيداً على أخي والمسؤول عن البيت كله وطلب إلى الله أن يهبني خيراته وبركاته بغنى.
وقال لي في النهاية: «ملعون لاعنك ومبارك مباركك».
قد حلّت عليّ بركة الله العظيمة، إنما لم يكن لديّ الوقت الكافي كي أفرح لها.
وما أن خرجت من الخيمة حتى رجع عيسو من الصيد.
كان غضبه عظيماً عندما علم بما فعلته، وتحوّل غضبه إلى سخط وحقد، وصمم على قتلي عند وفاة أبي.
خافت أمي على حياتي وقالت لي:
«عليك أن تهرب فوراً من هنا.
اذهب إلى خالك «لابان» في أرض الغربة وامكث هناك فترة من الزمن إلى أن يعود عيسو إلى رشده وينسى ما صنعت به».
وهكذا لم أجد أمامي إلا وسيلة واحدة وهي الهرب من البيت.
هذا ما حصدته نتيجة الكذب والخداع.
كان السفر إلى خالي في بلاد الغربة طويلاً ومتعباً.
شعرت بنفسي وحيداً، وكنت حزيناً ونادماً لأنني خدعت أبي العجوز ولم يعد يوجد أحد يهتم بي، حتى الله لم يسأل عني لأنني تصرفت باطلاً.
هذا ما فكرت به، والأسوأ من هذا كله فقد شعرت أن الله مغتاظ مني فخفت خوفاً عظيماً.
غابت الشمس وحلّ المساء ولم يعد يوجد أي إنسان لا عن قرب ولا عن بعد مني.
وكان عليّ أن أنام خارجاً في الصحراء، فاستلقيت على الأرض وأسندت رأسي إلى حجر.
كان الله بعيداً عني وحتماً لم يرد أن ينظر إليّ، أنا المحتال.
فكرت، يا ليت الله يعود ويرحمني، فكم نادم أنا على تصرفي الخاطئ، لقد فشلت بسبب خداعي وأكاذيبي.
ثم شعرت بعينيّ تغمضان، فنمت ورأيت حلماً غريباً وجميلاً.
رأيت في نومي سلّماً امتدّت من الأرض إلى السماء، وملائكة الله نازلة وصاعدة عليها.
وعلى طرفها الأعلى كان الرب واقفاً فنظر إليّ قائلاً:
«أنا هو الربّ إله إبراهيم أبيك وإله اسحق.
سأرافقك حيثما تذهب وأرجعك إلى هذه الأرض ولن أتركك ولا أهملك».
عندما استيقظت من نومي كان قد طلع الصباح وظننت أنّ رؤيتي هذه كانت حلماً ولكن الذي رأيته كان حقيقة.
لقد قابلني الله، أنا الكذاب والمحتال، بلطفه.
لم يطردني خارجاً ولم يحتقرني، بل وعدني بحمايته، ولم يتركني لكنه اهتم بي.
حلّ عليّ خوف شديد وشكر عظيم لله.
لقد كان القدوس حاضراً في هذا المكان ولن أنسى هذا الحادث أبداً.
أخذت الحجر الذي كان تحت رأسي وأوقفته.
تمنيّت أن أقدم تقدمة شكر لله وأردت أن أعطيه شيئاً ثمينا ً كي أعبّر عن شكري وفرحي له، ولكن لم يكن لديّ سوى جرة زيت.
فسكبت ذلك الزيت فوق الحجر
ونذرت نذراً قائلاً:
«يا رب، إذا رافقتني وحفظتني في طريقي ستكون إلهي إلى الأبد وأنا عبدك العابد لك».
وهكذا أصبح الرب الحي إلهي الأمين.
لقد كان عليّ بعد ذلك أن أتعلّم الكثير لأدرك حقيقة نفسي وعرفت أنني كاذب وماكر،
إنما انكسرت أمام الله وشكرته لأنه بالرغم من سيئاتي المتعددة،
قبلني وغيرني إلى إنسان مستقيم واستخدمني لمجد اسمه.
Comment