سلسلة هل عرفت قصة حياتي؟
الجزء الأول: قايين وهابيل
أحداث من الكتاب المقدس يخبروننا عن سير حياتهم
قايين وهابيل
اسمي قايين.
هل سبق لك يا صديقي العزيز أن سمعت باسمي أو عرفت شيئاً عني قبل الآن؟
فأنا أول طفل وُلد في العالم.
أبي يُدعى آدم، وأمي حواء.
لقد فرحا كثيراً عندما أنعم الله عليهما بولد سليم البنية.
أحبّاني كثيراً واعتنيا بي دائماً وأمّنا لي كل احتياجاتي.
لم أبق وحيد والديّ لفترة طويلة، لأنّ الله عاد فأنعم عليهما بولد ثان سمّياه هابيل.
عندما كبر هابيل، كنّا نقضي الأيام معاً نلهو بالألعاب المتنوعة ونستمتع بها.
وفي بعض الأحيان كنا نرافق والدنا إلى الحقل لنساعده في عمله الشاق.
وفي كل مساء كان أبي وأمي يرويان لنا عن الله الخالق وخلائقه الحسنة وعن الفردوس المفقود.
ولا شك أنّ ذلك الفردوس كان بديعاً يفوق كل وصف.
فالأشجار كانت جميلة والأزهار رائعة الألوان،
والحيوانات المتعددة كانت تعيش معاً بسلام واطمئنان، وكانت المياه متوفرة بكثرة.
ولكن الأجمل من كل ذلك، أنّ الله نفسه كان يزور الفردوس باستمرار، وكان يكلّم والديّ وجهاً لوجه.
يا ليت والديّ أطاعا وصية الله ولم يأكلا من الشجرة المحرّمة: شجرة معرفة الخير والشر.
فلو أطاعا الرب الحكيم لكنا ما زلنا نسكن في الفردوس.
ولكن عقاباً لعصيانهما أخرجهما الله من ذلك المكان ووضع ملاكاً حاملاً سيفاً ملتهباً ليمنعهما من العودة إليه.
فكان على والديّ أن يشتغلا بمشقة لتحصيل قوتهما اليومي وذلك قصاصاً لعدم طاعتهما الله.
علّمنا والدانا أن نصلي لله.
وكانا يرشداننا لنعبد الله بخوف ومحبة. وكثيراً ما حذرانا من الشيطان المحتال،
الذي يريد أن يضلّ كل إنسان ويقوده بالنهاية إلى عصيان الله. فقد اختبرا هذه التجربة شخصياً.
فالشرير يسرع ليضلّ الناس بكلماته الماكرة ويجعلهم متكبرين وغير مطيعين لله.
وُلدنا، هابيل وأنا، بعد مرور عدة سنوات على طرد والدينا من الجنة.
فكبرنا وأصبحنا شابين قويين، وكان علينا أن نشتغل بجهد وتعب كل يوم مثل والدنا.
اخترت لنفسي أن أكون فلاحاً، لأن الفلاحة كانت متعة لي.
وكم سررت وأنا أراقب نمو القمح ومن ثم حصاد السنابل الذهبية المثقلة بالحبوب.
وهكذا ملأت الكبرياء نفسي من جراء قيامي بتلك الأعمال الناجحة،
ظاناً أنّ نجاحي كفلاح كان متوقفاً على مهارتي وذكائي.
أما أخي هابيل فاختار أن يصبح راعياً للخراف،
فكان يذهب مع خرافه صباح كل يوم إلى البرية ليجد لها المراعي الخصبة.
وكانت خرافه تتبعه وتعطيه حليباً لذيذ الطعم ولحماً شهي المذاق.
وهكذا أحبّ هابيل رعاية الماشية وأصبح يملك خلال فترة قصيرة قطيعاً كثير العدد يحنو عليه ويحبّه.
وكلما تقدمنا في العمر، ازداد الفرق بيني وبين أخي هابيل أكثر فأكثر.
كان اخي هابيل يحب الله من كل قلبه، ويخدمه ويشكره على كل بركاته.
وتعبيراً عن شكره لله، بنى له مذبحاً من الحجارة، ووضع عليه الحطب الجاف كي تشتعل النيران جيداً.
ثم اختار من قطيعه أفضل خروف - بلا عيب - وقدمه ذبيحة لله.
وشعر هابيل أن الله رضي عن ذبيحته، الأمر الذي أسعده جداً.
وأنا كذلك أحضرت تقدمة لله، إنما لم أفهم تماماً لماذا كان عليّ أن أشكر الله.
ألم أزرع القمح بنفسي؟
ألم أشتغل بكدّ ونشاط كي أحصل على ثمار وفيرة؟
إلا أنني لم أرض أن يكون أخي هابيل أفضل مني أمام الله.
فذهبت ووضعت أجود ثمار الحقل على المذبح الذي بنيته تقدمة لله.
لكن الله رأى أنّي لم أكن أحبّه فعلاً، فرفض تقدمتي.
فغضبت على الله وحقدت على أخي هابيل.
لقد أصبحت غيوراً وحسوداً من أخي وظننت أن الله يفضّل هابيل عليّ.
إنما حذرني الله قائلاً:
«يا قايين. لماذا أنت مغتاظ جداً؟
إنك مذنب بسبب غضبك.
أحببني يا قايين فتصبح سعيداً مثل أخيك.
اغلب الشر في داخلك وكن مطيعاً لروحي في قلبك».
لكني لم أصغ إلى كلمات الرب الموجهة إليّ شخصياً وبقيت في حقدي على أخي.
فذات يوم قلت لأخي:
«تعال يا هابيل لنذهب معاً إلى الحقل».
وعندمت أصبحنا بمفردنا بدأت أتشاجر معه.
فضربته بشدة وعنف فسقط على الرض ميتاً.
يا لفظاعة ما قمت به.
ها هو جسد أخي ملقى على الأرض ملطخاً بالدماء.
كنت خائفاً جداً وهربت بسرعة.
وازداد خوفي بتبكيت ضميري وتمنيت لو أنّ الرب لم ير جرمي الفظيع.
ولكنه قد رأى كل ما حدث، فهو يرى كل ما يجري على الأرض؟
فناداني الله فجأة قائلاً:«أين هابيل أخوك؟».
حاولت أن أخبّئ نفسي، فكذبت وقلت:«لا أعلم أين هو هابيل، أحارس أنا لأخي؟».
إلا أنّ الله تابع كلامه قائلاً:«ماذا فعلت؟
صوت دم أخيك صارخ إليّ من الأرض.
ملعون أنت من الأرض.
إذا زرعت حقلك فلن ترى ثماراً ولا تستطيع البقاء هنا فيما بعد.
وأينما ذهبت لن تجد راحة ولا اطمئناناً».
وهذا ما حدث فعلاً.
لقد هربت بعيداً وبقيت طوال حياتي مطروداً وغير سعيد.
ويا للأسف، فكثيرون من الناس يرتكبون نفس الخطأ مثلي،
يتشاجرون بعضهم مع بعض ويكرهون بعضهم البعض، فلا يجدون السلام في حياتهم،
بل يستمرون بالحقد والقتل وإقامة الحروب.
في تلك الليلة المظلمة لم يرجع أحد منا إلى والدينا.
كم كانا خائفين وهما يبحثان عنا. لكنني سمعت بعد فترة، أنّ الله باركهما ثانية ومنحهما بنيناً وبنات.
وكان أحدهم يشبه أخي هابيل وأحبّ الرب حقاً وكان اسمه شيثا.
أيها القارئ العزيز، هل تعلّمت شيئاً من سيرة حياتي؟
إنّ الإنسان الذي يعيش مستقلاً وبعيداً عن الله لن يعيش سعيداً.
أما الذي يخاف الله ويحبه من كل قلبه فله سلام في نفسه وبركة الله عليه.
الجزء الأول: قايين وهابيل
أحداث من الكتاب المقدس يخبروننا عن سير حياتهم
قايين وهابيل
اسمي قايين.
هل سبق لك يا صديقي العزيز أن سمعت باسمي أو عرفت شيئاً عني قبل الآن؟
فأنا أول طفل وُلد في العالم.
أبي يُدعى آدم، وأمي حواء.
لقد فرحا كثيراً عندما أنعم الله عليهما بولد سليم البنية.
أحبّاني كثيراً واعتنيا بي دائماً وأمّنا لي كل احتياجاتي.
لم أبق وحيد والديّ لفترة طويلة، لأنّ الله عاد فأنعم عليهما بولد ثان سمّياه هابيل.
عندما كبر هابيل، كنّا نقضي الأيام معاً نلهو بالألعاب المتنوعة ونستمتع بها.
وفي بعض الأحيان كنا نرافق والدنا إلى الحقل لنساعده في عمله الشاق.
وفي كل مساء كان أبي وأمي يرويان لنا عن الله الخالق وخلائقه الحسنة وعن الفردوس المفقود.
ولا شك أنّ ذلك الفردوس كان بديعاً يفوق كل وصف.
فالأشجار كانت جميلة والأزهار رائعة الألوان،
والحيوانات المتعددة كانت تعيش معاً بسلام واطمئنان، وكانت المياه متوفرة بكثرة.
ولكن الأجمل من كل ذلك، أنّ الله نفسه كان يزور الفردوس باستمرار، وكان يكلّم والديّ وجهاً لوجه.
يا ليت والديّ أطاعا وصية الله ولم يأكلا من الشجرة المحرّمة: شجرة معرفة الخير والشر.
فلو أطاعا الرب الحكيم لكنا ما زلنا نسكن في الفردوس.
ولكن عقاباً لعصيانهما أخرجهما الله من ذلك المكان ووضع ملاكاً حاملاً سيفاً ملتهباً ليمنعهما من العودة إليه.
فكان على والديّ أن يشتغلا بمشقة لتحصيل قوتهما اليومي وذلك قصاصاً لعدم طاعتهما الله.
علّمنا والدانا أن نصلي لله.
وكانا يرشداننا لنعبد الله بخوف ومحبة. وكثيراً ما حذرانا من الشيطان المحتال،
الذي يريد أن يضلّ كل إنسان ويقوده بالنهاية إلى عصيان الله. فقد اختبرا هذه التجربة شخصياً.
فالشرير يسرع ليضلّ الناس بكلماته الماكرة ويجعلهم متكبرين وغير مطيعين لله.
وُلدنا، هابيل وأنا، بعد مرور عدة سنوات على طرد والدينا من الجنة.
فكبرنا وأصبحنا شابين قويين، وكان علينا أن نشتغل بجهد وتعب كل يوم مثل والدنا.
اخترت لنفسي أن أكون فلاحاً، لأن الفلاحة كانت متعة لي.
وكم سررت وأنا أراقب نمو القمح ومن ثم حصاد السنابل الذهبية المثقلة بالحبوب.
وهكذا ملأت الكبرياء نفسي من جراء قيامي بتلك الأعمال الناجحة،
ظاناً أنّ نجاحي كفلاح كان متوقفاً على مهارتي وذكائي.
أما أخي هابيل فاختار أن يصبح راعياً للخراف،
فكان يذهب مع خرافه صباح كل يوم إلى البرية ليجد لها المراعي الخصبة.
وكانت خرافه تتبعه وتعطيه حليباً لذيذ الطعم ولحماً شهي المذاق.
وهكذا أحبّ هابيل رعاية الماشية وأصبح يملك خلال فترة قصيرة قطيعاً كثير العدد يحنو عليه ويحبّه.
وكلما تقدمنا في العمر، ازداد الفرق بيني وبين أخي هابيل أكثر فأكثر.
كان اخي هابيل يحب الله من كل قلبه، ويخدمه ويشكره على كل بركاته.
وتعبيراً عن شكره لله، بنى له مذبحاً من الحجارة، ووضع عليه الحطب الجاف كي تشتعل النيران جيداً.
ثم اختار من قطيعه أفضل خروف - بلا عيب - وقدمه ذبيحة لله.
وشعر هابيل أن الله رضي عن ذبيحته، الأمر الذي أسعده جداً.
وأنا كذلك أحضرت تقدمة لله، إنما لم أفهم تماماً لماذا كان عليّ أن أشكر الله.
ألم أزرع القمح بنفسي؟
ألم أشتغل بكدّ ونشاط كي أحصل على ثمار وفيرة؟
إلا أنني لم أرض أن يكون أخي هابيل أفضل مني أمام الله.
فذهبت ووضعت أجود ثمار الحقل على المذبح الذي بنيته تقدمة لله.
لكن الله رأى أنّي لم أكن أحبّه فعلاً، فرفض تقدمتي.
فغضبت على الله وحقدت على أخي هابيل.
لقد أصبحت غيوراً وحسوداً من أخي وظننت أن الله يفضّل هابيل عليّ.
إنما حذرني الله قائلاً:
«يا قايين. لماذا أنت مغتاظ جداً؟
إنك مذنب بسبب غضبك.
أحببني يا قايين فتصبح سعيداً مثل أخيك.
اغلب الشر في داخلك وكن مطيعاً لروحي في قلبك».
لكني لم أصغ إلى كلمات الرب الموجهة إليّ شخصياً وبقيت في حقدي على أخي.
فذات يوم قلت لأخي:
«تعال يا هابيل لنذهب معاً إلى الحقل».
وعندمت أصبحنا بمفردنا بدأت أتشاجر معه.
فضربته بشدة وعنف فسقط على الرض ميتاً.
يا لفظاعة ما قمت به.
ها هو جسد أخي ملقى على الأرض ملطخاً بالدماء.
كنت خائفاً جداً وهربت بسرعة.
وازداد خوفي بتبكيت ضميري وتمنيت لو أنّ الرب لم ير جرمي الفظيع.
ولكنه قد رأى كل ما حدث، فهو يرى كل ما يجري على الأرض؟
فناداني الله فجأة قائلاً:«أين هابيل أخوك؟».
حاولت أن أخبّئ نفسي، فكذبت وقلت:«لا أعلم أين هو هابيل، أحارس أنا لأخي؟».
إلا أنّ الله تابع كلامه قائلاً:«ماذا فعلت؟
صوت دم أخيك صارخ إليّ من الأرض.
ملعون أنت من الأرض.
إذا زرعت حقلك فلن ترى ثماراً ولا تستطيع البقاء هنا فيما بعد.
وأينما ذهبت لن تجد راحة ولا اطمئناناً».
وهذا ما حدث فعلاً.
لقد هربت بعيداً وبقيت طوال حياتي مطروداً وغير سعيد.
ويا للأسف، فكثيرون من الناس يرتكبون نفس الخطأ مثلي،
يتشاجرون بعضهم مع بعض ويكرهون بعضهم البعض، فلا يجدون السلام في حياتهم،
بل يستمرون بالحقد والقتل وإقامة الحروب.
في تلك الليلة المظلمة لم يرجع أحد منا إلى والدينا.
كم كانا خائفين وهما يبحثان عنا. لكنني سمعت بعد فترة، أنّ الله باركهما ثانية ومنحهما بنيناً وبنات.
وكان أحدهم يشبه أخي هابيل وأحبّ الرب حقاً وكان اسمه شيثا.
أيها القارئ العزيز، هل تعلّمت شيئاً من سيرة حياتي؟
إنّ الإنسان الذي يعيش مستقلاً وبعيداً عن الله لن يعيش سعيداً.
أما الذي يخاف الله ويحبه من كل قلبه فله سلام في نفسه وبركة الله عليه.
Comment