فن قراءة الشخصيات (لغة العيون)
العيون ...... الكتاب المفتوح
بقلم الصحفي محي الدين اسماعيل
تغنَّى بجمالها الشعراء، وتبادلها الأحبة، واستغلها الحساد..
"رمتني بسهام عينيها" , "غمزتني بعينها", "حسدتني بنظرة من عينيها", "في عينها بريق غريب", تعابير عاشت معنا وتداولناها بكثرة في أوساطنا الشعبية.
أحاسيسنا ومشاعرنا كلها تكشفها نظرة واحدة, الخوف, الحنان, الضجر, الحسد, الجاذبية, وأحاسيس كثيرة منوعة, فتتوسع الأحداق, وترف الرموش, وتذبل العيون .......
أحيانًا ترى عزيزي القارئ أشخاصًا تحبهم بعد طول غياب، فترى في أعينهم فرحة اللقاء، كما يقال: "عيناه ترقص من الفرحة"، وأحيانًا أخرى تقابل أشخاصًا يحاولون مجاملتك بابتسامة صفراء، لكنَّ أعينهم تفضحهم وتبدي ما يخفون؛ فالعين مرآة الروح، كما يقول المثل الأجنبي القديم: بعض الأصدقاء لا يجيدون التعبير عن مشاعرهم شفاهةً، لكن ذوي المشاعر المرهفة يفهمونهم من أعينهم.
إن العيون ليست وسيلة فقط لرؤية الخارج بل هي وسيلة بليغة للتعبير عما في الداخل أي ما في النفوس والقلوب ونقله للخارج .
فهناك النظرات القلقة المضطربة وغيرها المستغيثة المهزومة المستسلمة ، وأخرى حاقدة ثائرة ، والساخرة ، والمصممة ، وأخرى سارحة لا مبالية ، و المستفهمة والمحبة ، وهكذا تتعدد النظرات المعبرة وقد سمى القرآن بعض النظرات ( خائنة الأعين ) .
والإنسان في تعامله مع لغة العيون يتعامل معها كوسيلة تعبير عما في نفسه للآخرين ، وكذا يتعامل معها كوسيلة لفهم ما في نفوس الآخرين .
وقد قام علماء النفس بالكثير من التجارب للوصول إلى معرفة دلالات حركات العيون عمّا في النفوس. ومما وصلوا إليه أن النظر أثناء الكلام إلى جهة الأعلى لليسار: يعني أن الإنسان يعبر عن صور داخلية في الذاكرة, وإن كان يتكلم وعيناه تزيغان لجهة اليمين للأعلى فهو ينشئ صوراً داخلية ويركبها ولم يسبق له أن رآها, أما إن كانت عيناه تتجهان لجهة اليسار مباشرة فهو ينشي كلاماً لم يسبق أن سمعه، وإن نظر لجهة اليمين للأسفل فهو يتحدث عن إحساس داخلي ومشاعر داخلية, وإن نظر لجهة اليسار من الأسفل فهو يستمتع إلى نفسه ويحدثها في داخله كمن يقرأ مع نفسه مثلاً, هذا في حالة الإنسان العادي ، أما الإنسان الأعسر فهو عكس ما ذكرنا تماماً.
وبناء على ذلك يمكن أن تحدد من أي الأنماط يتحدث الإنسان أثناء حديثه معك بل ويُمكنك عند قراءة قصيدة أو قطعة نثرية أن تحدد النمط الذي كان يعيشه صاحبها عند إعداده لها هل هو النمط السمعي أو البصري من الذاكرة أو مما ينشئه أو من الأحاسيس الداخلية ، وذلك من خلال تأمل كلامه وتصنيفه في أحد الأصناف السابقة.
فصمتها حروف تنطق، وبريقها بالحب يشع ،وبالسعادة يتراقص، وبالحزن والألم يخبو وينكسر… فالعيون وحدها تتخطى كل اللغات وتغزو كل الحصون فتلتقي في لحظة لتحكي بلمحة مايعجز عنه اللسان وتتسلل الى أعماق النفس لتقول كلماتها الخاصة جدا والصادقة جدا، فهي لغة لاتعرف الكذب ولا الرياء…لغه ليست بلغة لكنها مرآه صافيه تعكس مباشرة كل المشاعر وتبوح بالأسرار وقالوا فى وصفها بأن :-
العيون الواسعة تدل على الخبرة والذكاء, والعميقة على القلق و الكآبة, الكبيرة تدل على صفاء النفس, أما الصغيرة فحدّة العاطفة ووفرة النشاط, بينما المستديرة و اللوزية فهي الحنان والرقة , أما السود فحصتها كبيرة من تقلب المزاج والغيرة, والاحساس المرهف بقي للعيون الزرق.
بعض النظرات تريحنا وبعضها يزعجنا. فالنظرة توحي بالثقة أو بعدمها, يرتبط تعاطفنا أو كراهيتنا العميقة لأحدهم بنوع نظرته. وهناك نظرات هاربة لانحبذها قط ( لكن انتبه عزيزي القارئ قد يكون الشخص خجولاً ), وهناك من يخلب ألبابنا من أول نظرة النظرة المغرية نظرة مدعّمة بأحداق موسّعة, والنظرة غير الودودة نظرة بأحداق صغيرة كرأس الدبوس. فاذا أردت اقامة صلات طيبة , انظر أغلب الأحيان في عيني محدثك وسوف يجدك ودوداً ولطيفاً, الا اذا كان عصبياً أو خجولاً, في هذه الحالة ربما أنت الذي ستشعر بالضيق لأن لدى الخجول نظرات هاربة تستمر مدة أقل ثلاث مرات من النظرة الطبيعية, لا تكن قاسياً كثيراً معه, ولا تعامله مثلما تعامل الخبيثين الذين لا يوحون بالثقة.
خذ بلد محدثك بعين الاعتبار, تتغير العادات والتقاليد في مجال النظر حسب الثقافات. يركز الياباني عينيه على رقبتك وليس في عينيك, اذ لا تتسرع في اطلاق أحكامك.
تبوح النظرات بمكنون النفس, والقسم الذي تشخص بصرك عليه من جسم محدثك يكشف قصدك, فيعرف الآخر نواياك تجاهه. اذا كنتما كلاكما من رجال الأعمال حدق ببصرك على جبينه, وسيتلقى نظرتك بشكل طيب.
ما رأيك عزيزي القارئأن نبحر في مختلف تقنيات النظرات المتنوعة تنوع ظروف الحياة مقتبسة من كتاب " لغة الجسد .. الايماءات والايحاءات " للكاتب الكبير آلان بيز.
فاذا كنت تفاوض في مجال الأعمال وترغب في خلق مناخ جيد ثبت نظرك على مثلث وهمي مرسوم فوق جبين محدثك, حافظ على نظرتك فوق نظرته فتبقى سيد الموقف, وهذه هي النظرة المهنية . بينما اذا رغبت في جو اجتماعي أكثر ألفة, ارسم مثلثك الوهمي واصلاً عيني محدثك بخط مع فمه, وهذه تكون النظرة المتمدنة واذا كنت تطمع في علاقة أكثر ودية, سدّد نظرتك فوق مثلث يصل بين العينين والذقن وحتى أدنى من ذلك حسب حد الودية التي ترغب الوصول اليه. عندما يود الرجل جعل المرأة تدرك مدى اعجابه بها, يخفض بصره الى الصدر أو أدنى . اذا حصل ووافقت المرأة بأدلته بنظرة مماثلة وهذه تكون النظرة الودية. وهناك نظرة من جانب مع ابتسامة أو حاجب مرفوع هي نظرة اهتمام وأحياناً اغراء, ونظرة بمؤخرة العين مع حاجبين مقطبين وزوايا فم مزمومة تدل على شخص عدواني وناقد. فعزيزي القارئ طريقة نظرك للآخرين تحدد طابع اللقاء بينك وبينهم.
عزيزي المدير اذا أردت توبيخ مرؤوسك, لا تعطه ملاحظاتك وأنت تنظر اليه نظرة متمدنة, لأنه لن يبالي حينذاك بما تقول ولو كانت نبرة صوتك عنيفة, تجنب أيضاً النظرة الودية التي قد تزعجه وتجعله يفقد السيطرة على أعصابه, كل ما يلزمك في ظروف كهذه نظرة مهنية وبعض الحزم.
وهناك النظرة الشاردة فالأكيد عزيزي القارئ لاشيء يزعجك أكثر من متحدث شارد النظر يقطع الاتصال معك بخلجة واحدة من عينه, يجعلك تدرك بهذه الطريقة مدى سأمه من وجودك . اذا أباح لنفسه التصرف على هذا النحو فذاك لأنه يعتبر نفسه أعلى منزلة, وهذا لاتسامح فيه.
في الأحوال العادية والطبيعة ترف الرموش ثمان مرات في الدقيقة. أما في حالة النظرة الشاردة تبقى مغمضة بثانية أكثر في كل رفة, وهي ثانية تكفي ازالة الآخرين من الوجود وتغييبهم طي النسيان. وهناك الأسوأ: يمكن أن تبقى العيون مغلقة الى مالا نهاية يرافقها شخير خفيف, وهكذا ينام محدثك.
اذا شعر أحدهم تجاهك بالفوقية قالها لك بصراحة: يسبل جفونه ويرد رأسه كما لو أنه ينظر الى طرف أنفه, حينئذ صدقني لقد آن الأوان بالنسبة لك لتنهي اللقاء وتغلق دونه الباب مثلما أغلق دونك عينيه.
عزيزي القارئ اذا أردت أن يكون جليسك أسير حديثك فخذ قلم رصاص واجعل طرفه فوق الوثيقة وأنت تشرح ما يراه, ارفع القلم عن الوثيقة وأبقه على مسافة متساوية بين نظرك ونظره, النتيجة ستكون مدهشة: سيرفع رأسه وينظر في عينيك ويمكنك وقتئذ أن تنقل أقصى ما يمكنك من رسائل, وينبغي أن تظل يدك الأخرى مرئية طوال الوقت.
ولايمكننا أن ننكر الألوان المتنوعة للعيون ودلالاتها:
فالعيون الخضراء: تدلّ على أن أصحابها ذوي شخصية قوية، ويمتازون بقوة الإرادة والعاطفة, وصلابة الرأي، يحبون مساعدة الغير إلى أقصى الدرجات، لكنهم في بعض الأحيان أنانيون، وهذه الأنانية نابعة من ثقتهم الزائدة بأنفسهم، لكن أهم ما يميز أصحاب العيون الخضراء أنهم عاطفيون للغاية ويتمتعون بالكمّ الهائل من الحنان.
والعيون الزرقاء: تعطي صاحبها نظرة عميقة، فيبحر الناظر إليها بشخصية صاحبها، الذي يكون حساساً جداً فيعامل الغير برقة وشفافية، ويفرض نفسه ورأيه على الآخرين بخفة شديدة، كما أن أصحاب هذه العيون يمتازون بالجرأة والإقدام لكنهم نرجسيون بعض الشيء وخصوصاً في الأمور التي تتعلّق بأغراضهم الخاصة ومعظم أصحاب العيون الزرقاء عندهم حس فني ملموس.
العيون السود: أصحاب هذه العيون هم أناس حالمون يعيشون أجواء الشِعِر، كما أنهم أناس أسخياء وكرماء للغاية، يساندون الغير حتى على حساب أنفسهم، لكنهم يتمتعون بشخصية قوية. الغيرة ترافقهم باستمرار ومشاعرهم الرقيقة تجعلهم (أرضاً خصبة) للأصحاب. فهم إجتماعيون للغاية، لكن في حال انزعاجهم من أمر يفقدون السيطرة على أنفسهم.
أماالعيون البنيه: هي رمز الحنان والعطف، وكلما مالت العيون إلى اللون البني الغامق دلّت على أن صاحبها يتمتع بحنية أكبر وبعطف شديد على الغير. أصحاب العيون البنية بالإجمال لا يكترثون للمظاهر الخارجية، يحصلون على ما يريدون بهدوء لأنهم لبقون للغاية ولا يعرفون معنى العصبية. ومن جهة أخرى هم أناس حالمون يعيشون في عالم من التأمّل ويسعون إلى الهدوء النفسي والإستقرار.
والعيون الرماديه: أصحاب هذه العيون هم على نوعين، إمّا يتمتعون بشخصية هادئة ونفس مطمئنة وسخية، وإما يتمتعون بشخصية عصبية وثائرة. وهم يبحثون بشكل دائم عن الهدوء لكن نادراً ما يجدونه. كما أن طابعهم عنيف وميّالون إلى القسوة.
وأخيراً العسليه: رغم القلب الطيب الذي يتمتعون به، فهم أناس غير صريحين مع أنفسهم كما مع غيرهم، يبحثون بشكل دائم عن الصحبة لكنهم يلفّون ويدورون كما لو أنهم في دوّامة. ويعتمد أصحاب هذه العيون على أنفسهم منذ الصغر فلا يحبّون الإتكال على الغير أبداً.
فالحديث يطول ويطول ولغة العيون لغة موحَّدة يفهمها كل الناس مهما كانت أوطانهم وأجناسهم وألسنتهم، فلنحرص على تعلمها.
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عيني في لغة الهوى عيناك
هكذا وصف الشاعر الكبير أحمد شوقي لغة العيون، اللغة الصافية التي لا كلام فيها، اللغة التي تصمت فيها الأفواه وتتكلم العيون كلاماً قد يكون أبلغ مما ينطق به اللسان.
ج
العيون ...... الكتاب المفتوح
بقلم الصحفي محي الدين اسماعيل
تغنَّى بجمالها الشعراء، وتبادلها الأحبة، واستغلها الحساد..
"رمتني بسهام عينيها" , "غمزتني بعينها", "حسدتني بنظرة من عينيها", "في عينها بريق غريب", تعابير عاشت معنا وتداولناها بكثرة في أوساطنا الشعبية.
أحاسيسنا ومشاعرنا كلها تكشفها نظرة واحدة, الخوف, الحنان, الضجر, الحسد, الجاذبية, وأحاسيس كثيرة منوعة, فتتوسع الأحداق, وترف الرموش, وتذبل العيون .......
أحيانًا ترى عزيزي القارئ أشخاصًا تحبهم بعد طول غياب، فترى في أعينهم فرحة اللقاء، كما يقال: "عيناه ترقص من الفرحة"، وأحيانًا أخرى تقابل أشخاصًا يحاولون مجاملتك بابتسامة صفراء، لكنَّ أعينهم تفضحهم وتبدي ما يخفون؛ فالعين مرآة الروح، كما يقول المثل الأجنبي القديم: بعض الأصدقاء لا يجيدون التعبير عن مشاعرهم شفاهةً، لكن ذوي المشاعر المرهفة يفهمونهم من أعينهم.
إن العيون ليست وسيلة فقط لرؤية الخارج بل هي وسيلة بليغة للتعبير عما في الداخل أي ما في النفوس والقلوب ونقله للخارج .
فهناك النظرات القلقة المضطربة وغيرها المستغيثة المهزومة المستسلمة ، وأخرى حاقدة ثائرة ، والساخرة ، والمصممة ، وأخرى سارحة لا مبالية ، و المستفهمة والمحبة ، وهكذا تتعدد النظرات المعبرة وقد سمى القرآن بعض النظرات ( خائنة الأعين ) .
والإنسان في تعامله مع لغة العيون يتعامل معها كوسيلة تعبير عما في نفسه للآخرين ، وكذا يتعامل معها كوسيلة لفهم ما في نفوس الآخرين .
وقد قام علماء النفس بالكثير من التجارب للوصول إلى معرفة دلالات حركات العيون عمّا في النفوس. ومما وصلوا إليه أن النظر أثناء الكلام إلى جهة الأعلى لليسار: يعني أن الإنسان يعبر عن صور داخلية في الذاكرة, وإن كان يتكلم وعيناه تزيغان لجهة اليمين للأعلى فهو ينشئ صوراً داخلية ويركبها ولم يسبق له أن رآها, أما إن كانت عيناه تتجهان لجهة اليسار مباشرة فهو ينشي كلاماً لم يسبق أن سمعه، وإن نظر لجهة اليمين للأسفل فهو يتحدث عن إحساس داخلي ومشاعر داخلية, وإن نظر لجهة اليسار من الأسفل فهو يستمتع إلى نفسه ويحدثها في داخله كمن يقرأ مع نفسه مثلاً, هذا في حالة الإنسان العادي ، أما الإنسان الأعسر فهو عكس ما ذكرنا تماماً.
وبناء على ذلك يمكن أن تحدد من أي الأنماط يتحدث الإنسان أثناء حديثه معك بل ويُمكنك عند قراءة قصيدة أو قطعة نثرية أن تحدد النمط الذي كان يعيشه صاحبها عند إعداده لها هل هو النمط السمعي أو البصري من الذاكرة أو مما ينشئه أو من الأحاسيس الداخلية ، وذلك من خلال تأمل كلامه وتصنيفه في أحد الأصناف السابقة.
فصمتها حروف تنطق، وبريقها بالحب يشع ،وبالسعادة يتراقص، وبالحزن والألم يخبو وينكسر… فالعيون وحدها تتخطى كل اللغات وتغزو كل الحصون فتلتقي في لحظة لتحكي بلمحة مايعجز عنه اللسان وتتسلل الى أعماق النفس لتقول كلماتها الخاصة جدا والصادقة جدا، فهي لغة لاتعرف الكذب ولا الرياء…لغه ليست بلغة لكنها مرآه صافيه تعكس مباشرة كل المشاعر وتبوح بالأسرار وقالوا فى وصفها بأن :-
العيون الواسعة تدل على الخبرة والذكاء, والعميقة على القلق و الكآبة, الكبيرة تدل على صفاء النفس, أما الصغيرة فحدّة العاطفة ووفرة النشاط, بينما المستديرة و اللوزية فهي الحنان والرقة , أما السود فحصتها كبيرة من تقلب المزاج والغيرة, والاحساس المرهف بقي للعيون الزرق.
بعض النظرات تريحنا وبعضها يزعجنا. فالنظرة توحي بالثقة أو بعدمها, يرتبط تعاطفنا أو كراهيتنا العميقة لأحدهم بنوع نظرته. وهناك نظرات هاربة لانحبذها قط ( لكن انتبه عزيزي القارئ قد يكون الشخص خجولاً ), وهناك من يخلب ألبابنا من أول نظرة النظرة المغرية نظرة مدعّمة بأحداق موسّعة, والنظرة غير الودودة نظرة بأحداق صغيرة كرأس الدبوس. فاذا أردت اقامة صلات طيبة , انظر أغلب الأحيان في عيني محدثك وسوف يجدك ودوداً ولطيفاً, الا اذا كان عصبياً أو خجولاً, في هذه الحالة ربما أنت الذي ستشعر بالضيق لأن لدى الخجول نظرات هاربة تستمر مدة أقل ثلاث مرات من النظرة الطبيعية, لا تكن قاسياً كثيراً معه, ولا تعامله مثلما تعامل الخبيثين الذين لا يوحون بالثقة.
خذ بلد محدثك بعين الاعتبار, تتغير العادات والتقاليد في مجال النظر حسب الثقافات. يركز الياباني عينيه على رقبتك وليس في عينيك, اذ لا تتسرع في اطلاق أحكامك.
تبوح النظرات بمكنون النفس, والقسم الذي تشخص بصرك عليه من جسم محدثك يكشف قصدك, فيعرف الآخر نواياك تجاهه. اذا كنتما كلاكما من رجال الأعمال حدق ببصرك على جبينه, وسيتلقى نظرتك بشكل طيب.
ما رأيك عزيزي القارئأن نبحر في مختلف تقنيات النظرات المتنوعة تنوع ظروف الحياة مقتبسة من كتاب " لغة الجسد .. الايماءات والايحاءات " للكاتب الكبير آلان بيز.
فاذا كنت تفاوض في مجال الأعمال وترغب في خلق مناخ جيد ثبت نظرك على مثلث وهمي مرسوم فوق جبين محدثك, حافظ على نظرتك فوق نظرته فتبقى سيد الموقف, وهذه هي النظرة المهنية . بينما اذا رغبت في جو اجتماعي أكثر ألفة, ارسم مثلثك الوهمي واصلاً عيني محدثك بخط مع فمه, وهذه تكون النظرة المتمدنة واذا كنت تطمع في علاقة أكثر ودية, سدّد نظرتك فوق مثلث يصل بين العينين والذقن وحتى أدنى من ذلك حسب حد الودية التي ترغب الوصول اليه. عندما يود الرجل جعل المرأة تدرك مدى اعجابه بها, يخفض بصره الى الصدر أو أدنى . اذا حصل ووافقت المرأة بأدلته بنظرة مماثلة وهذه تكون النظرة الودية. وهناك نظرة من جانب مع ابتسامة أو حاجب مرفوع هي نظرة اهتمام وأحياناً اغراء, ونظرة بمؤخرة العين مع حاجبين مقطبين وزوايا فم مزمومة تدل على شخص عدواني وناقد. فعزيزي القارئ طريقة نظرك للآخرين تحدد طابع اللقاء بينك وبينهم.
عزيزي المدير اذا أردت توبيخ مرؤوسك, لا تعطه ملاحظاتك وأنت تنظر اليه نظرة متمدنة, لأنه لن يبالي حينذاك بما تقول ولو كانت نبرة صوتك عنيفة, تجنب أيضاً النظرة الودية التي قد تزعجه وتجعله يفقد السيطرة على أعصابه, كل ما يلزمك في ظروف كهذه نظرة مهنية وبعض الحزم.
وهناك النظرة الشاردة فالأكيد عزيزي القارئ لاشيء يزعجك أكثر من متحدث شارد النظر يقطع الاتصال معك بخلجة واحدة من عينه, يجعلك تدرك بهذه الطريقة مدى سأمه من وجودك . اذا أباح لنفسه التصرف على هذا النحو فذاك لأنه يعتبر نفسه أعلى منزلة, وهذا لاتسامح فيه.
في الأحوال العادية والطبيعة ترف الرموش ثمان مرات في الدقيقة. أما في حالة النظرة الشاردة تبقى مغمضة بثانية أكثر في كل رفة, وهي ثانية تكفي ازالة الآخرين من الوجود وتغييبهم طي النسيان. وهناك الأسوأ: يمكن أن تبقى العيون مغلقة الى مالا نهاية يرافقها شخير خفيف, وهكذا ينام محدثك.
اذا شعر أحدهم تجاهك بالفوقية قالها لك بصراحة: يسبل جفونه ويرد رأسه كما لو أنه ينظر الى طرف أنفه, حينئذ صدقني لقد آن الأوان بالنسبة لك لتنهي اللقاء وتغلق دونه الباب مثلما أغلق دونك عينيه.
عزيزي القارئ اذا أردت أن يكون جليسك أسير حديثك فخذ قلم رصاص واجعل طرفه فوق الوثيقة وأنت تشرح ما يراه, ارفع القلم عن الوثيقة وأبقه على مسافة متساوية بين نظرك ونظره, النتيجة ستكون مدهشة: سيرفع رأسه وينظر في عينيك ويمكنك وقتئذ أن تنقل أقصى ما يمكنك من رسائل, وينبغي أن تظل يدك الأخرى مرئية طوال الوقت.
ولايمكننا أن ننكر الألوان المتنوعة للعيون ودلالاتها:
فالعيون الخضراء: تدلّ على أن أصحابها ذوي شخصية قوية، ويمتازون بقوة الإرادة والعاطفة, وصلابة الرأي، يحبون مساعدة الغير إلى أقصى الدرجات، لكنهم في بعض الأحيان أنانيون، وهذه الأنانية نابعة من ثقتهم الزائدة بأنفسهم، لكن أهم ما يميز أصحاب العيون الخضراء أنهم عاطفيون للغاية ويتمتعون بالكمّ الهائل من الحنان.
والعيون الزرقاء: تعطي صاحبها نظرة عميقة، فيبحر الناظر إليها بشخصية صاحبها، الذي يكون حساساً جداً فيعامل الغير برقة وشفافية، ويفرض نفسه ورأيه على الآخرين بخفة شديدة، كما أن أصحاب هذه العيون يمتازون بالجرأة والإقدام لكنهم نرجسيون بعض الشيء وخصوصاً في الأمور التي تتعلّق بأغراضهم الخاصة ومعظم أصحاب العيون الزرقاء عندهم حس فني ملموس.
العيون السود: أصحاب هذه العيون هم أناس حالمون يعيشون أجواء الشِعِر، كما أنهم أناس أسخياء وكرماء للغاية، يساندون الغير حتى على حساب أنفسهم، لكنهم يتمتعون بشخصية قوية. الغيرة ترافقهم باستمرار ومشاعرهم الرقيقة تجعلهم (أرضاً خصبة) للأصحاب. فهم إجتماعيون للغاية، لكن في حال انزعاجهم من أمر يفقدون السيطرة على أنفسهم.
أماالعيون البنيه: هي رمز الحنان والعطف، وكلما مالت العيون إلى اللون البني الغامق دلّت على أن صاحبها يتمتع بحنية أكبر وبعطف شديد على الغير. أصحاب العيون البنية بالإجمال لا يكترثون للمظاهر الخارجية، يحصلون على ما يريدون بهدوء لأنهم لبقون للغاية ولا يعرفون معنى العصبية. ومن جهة أخرى هم أناس حالمون يعيشون في عالم من التأمّل ويسعون إلى الهدوء النفسي والإستقرار.
والعيون الرماديه: أصحاب هذه العيون هم على نوعين، إمّا يتمتعون بشخصية هادئة ونفس مطمئنة وسخية، وإما يتمتعون بشخصية عصبية وثائرة. وهم يبحثون بشكل دائم عن الهدوء لكن نادراً ما يجدونه. كما أن طابعهم عنيف وميّالون إلى القسوة.
وأخيراً العسليه: رغم القلب الطيب الذي يتمتعون به، فهم أناس غير صريحين مع أنفسهم كما مع غيرهم، يبحثون بشكل دائم عن الصحبة لكنهم يلفّون ويدورون كما لو أنهم في دوّامة. ويعتمد أصحاب هذه العيون على أنفسهم منذ الصغر فلا يحبّون الإتكال على الغير أبداً.
فالحديث يطول ويطول ولغة العيون لغة موحَّدة يفهمها كل الناس مهما كانت أوطانهم وأجناسهم وألسنتهم، فلنحرص على تعلمها.
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عيني في لغة الهوى عيناك
هكذا وصف الشاعر الكبير أحمد شوقي لغة العيون، اللغة الصافية التي لا كلام فيها، اللغة التي تصمت فيها الأفواه وتتكلم العيون كلاماً قد يكون أبلغ مما ينطق به اللسان.
ج
Comment