تمهيد
يرجع تاريخ سوريا إلى اولى الحضارات الانسانية منذ بداية العصر البرونزي لوجود المياه الكثيرة ، ومن سوريا كانت بداية الزراعة وتدجين الحيوانات وكان أساس النشاط البشري فيها حيث قامت الكثير من الحضارات منذ انسان العصر الحجري وحتى الحضارات التى تعاقبت على سوريا منذ الاف السنين وحتى العصور الحديثة . " عندما نكون في سوريا نجد أنفسنا نمتزج مع التاريخ ذاته فهي بوابة التاريخ كما يطلق عليها بعض المؤرخين والباحثين ، فكل ذرة من ترابها حرف مضيء في سفر الإنسانية الخالد " هذا ما قاله رئيس البعثة الأثرية الأمريكية التي عملت في الكشف عن مملكة كانا في منطقة قرب التقاء نهر الفرات ونهر الخابور في منطقة الجزيرة السورية . ويمكن القول أن التاريخ الغني الذي شهدته سورية جعل منها موطنا لكثير من الثقافات والحضارات فكانت وريثة ومسؤولة عن هذا التاريخ السحيق . ويعود سبب تسمية سوريا بهذا الأسم نسبة إلى الشعوب القديمة التي سكنتها وهم ( السريان )
قامت في سورية أعرق وأهم الحضارات في التاريخ الانساني ، فمن مملكة ( كانا ) القديمة التي ازدهرت في الألف الثانية ق.م قرب التقاء نهري الفرات والخابور وكانت من أول الحضارات الزراعية منذ أكثر من عشرة آلاف عام . كما اكتشف النحاس وابتدعت خلطة البرونز في تل حلف على ضفاف نهر الخابور منذ الالف الثالثة ق.م . وفي مملكة ماري ( تل الحريري ) على نهر الفرات كانت قصور ورسوم شهدت ازدهارا ثقافيا وتجاريا في الفرات الاوسط وبين الشرق والغرب . وفي ( مملكة اوغاريت ) قرب ميناء اللاذقية على البحر المتوسط تطورت طريقة كتابة ابجدية إحدى اقدم الأبجديات في العالم . أما في مملكة ابلا ( تل مرديخ ) فقد اكتشف في قصرها الملكي مكتبة وثائقية كبيرة تضم الاف الرقم والمخطوطات تنظم أمور الإدارة والتجارة والدبلوماسية والصناعة وعلاقات الحرب و السلم مع الحضارات الأخرى في عصرها. أهل الممالك التي وقعت على أرض سورية العصرية كانوا يعرفون بالعموريون أو أموريين ( الالف الثالثة قبل الميلاد ) وبالكنعانيين والفينيقيين ( سكان الساحل السورى ) وبالآراميين (سكان المناطق العليا والجنوب) في سوريا الداخل والأنباط (بعض من سكان الجنوب ) وفي الشمال ممالك الحثيين
وقد قامت على ارض سوريا حضارات كثيرة اخرى مثل حضارة اليونان والرومان ، وتنتشر الاثار والمدن الرومانية بكثرة في مناطق مختلفة من سوريا وتعد من أهم المدن الاثرية الرومانية في العالم ، وعبر أراضيها كان يمر طريق الحرير القادم من الصين وكانت محطته السورية الاولى دورا أوروبوس ( الصالحية ) ثم تدمر الشهيرة وبصرى وحمص وحلب إلى أن يصل إلى مرافيء البحر الابيض المتوسط منطلقا من السواحل والموانىء السورية .
يعتبر علماء الآثار سوريا مركزا لإحدى أقدم الحضارات على وجه الأرض . ولا ننسى المملكة الأثرية ايبلا في شمال سوريا بنت امبراطورية امتدت من البحر الأحمر جنوبا حتى تركيا شمالا وحتى الفرات شرقا مستمرة من عام 2500 إلى 2400 قبل الميلاد
قامت على ارض سوريا حضارات كثيرة وسكنها شعوب شتى يمكن تعدادها على الترتيب : الكنعانيون ، العبرانيون ، الأراميون ، الحثيون ، البابليون ، الفرس ، الاغريق ، الرومان ، النبطيون ، البيزنطيون ، العرب ، و جزئيا الصليبيون ، وأخيرا كانت تحت سيطرة الأتراك العثمانيون ، كما انها خضعت للانتداب الفرنسي بين عام 1921 و 1946
سوريا ذات أهمية خاصة للمسيحيين الذين يشكلون 10% من سكانها ومنها انطلق بولس الرسول لنشر المسيحية في أوروبا وفيها أهم المقدسات و الكنائس الاولى والاديرة والاضرحة والمقدسات الهامة مثل كنيسة القديس حنانيا في دمشق وكنيسة قلب لوزة وكنيسة ام الزنار ودير القديس سمعان ودير مار موسى ودير اليعقوبية ودير مار الياس الريح و دير السيدة و دير مار جرجس ودير القديسة تقلا البطريركي و كتدرائية القديس سرجيو وبلدات مازالت تتكلم لغة السيد المسيح حتى اليوم مثل معلولا التى تحوى اديرة وكنائس وبيوتها محفورة في الصخر ، وجبعدين و صيدنايا وبصرى
عاصمة سوريا هي دمشق التي يعرف بأنها مأهولة منذ عام 000,8 الى 000,10 قبل الميلاد وبهذا تكون أول اقدم عاصمة مأهولة بالسكان باستمرار واقدم مدينة في العالم فهي قديمة بقدم الانسانية وعاصمة للكثير من الممالك والحضارات والامبراطوريات والدول عبر التاريخ وحاضرة قائمة منذ اقدم العصور ، مرت بها وعرفتها كافة الحضارات التي قامت في الشرق واهم الامبراطوريات في الغرب ، كانت موطنا للآراميين في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد، تعاقب على حكمها الآشوريون والكلدانيون و الرومان والفرس، وسقطت بأيدي الاسكندر الأكبر عام 333 ق.م. وبعد وفاته، أصبحت دمشق جزءاً من المملكة السلوقية. احتلها الإمبراطور الروماني بومبيي الأكبر عام 64 ق.م واصبحت من أهم المدن في العصر الروماني . دخلت المسيحية إلى دمشق في السنوات الاولى لانتشار المسيحية ، وأصبحت فيما بعد مركزاً مسيحياً مهماً انارت الدنيا بالحضارة ومنها انطلق القديسين والرسل لنشر والتبشير بالديانة المسيحية منهم القديس بولص . وقد ارتبط تاريخ دمشق بالعالم اليوناني لفترة تقدر بحوالى عشرة قرون، عرفت المدينة خلالها ازدهار الحضارة الهلنستية، حيث تمازجت عناصر الثقافة اليونانية مع الحضارة السورية الشرقية وثقافته وكذلك كافة الحضارت التي مرت بالمدينة في العصور القديمة .. أصبحت دمشق تحت حكم المسلمين في عام 636 للميلاد . بعد ذلك بمدة وجيزة أصبحت المدينة في أوج ازدهارها بعد أن أصبحت عاصمة للأمويين وامبراطوريتهم التي امتدت من إسبانيا إلى حدود الصين في الفترة من 661 إلى 750 للميلاد وكونت أكبر دولة اسلامية في التاريخ ( الدولة الاموية ) التي لها اهمية كبيرة في كافة العصور . كانت عاصمة لعدة ممالك ودول ومنذ الاف السنين فوق ارضها ازدهرت كافة ثقافات وفنون وادب وصناعات الشعوب ، منها انطلق مشاهير التاريخ من علماء ومفكرين وادباء وشعراء وفلكيون ورجال دين وفقهاء وقديسون ورسل لنشر الحضارة والعلم والمعرفة والتبشير بالعقائد والديانات إلى كل مكان وكانت مقر ومنطلق القاده والسلاطين والحكام والامراء والملوك
جذور مصطلح السريانية
لسريان الأرثوذكس هم طائفة مسيحية شرقية عريقة تُرجِع جذورها إلى رسل السيد المسيح الاوائل ، فسلسلة بطاركة هذه الطائفة تبدا من القديس بطرس كبير تلامذة السيد المسيح ، و اسم السريان بالنسبة لؤرخي الكنيسة السريانية يشمل بمعنى اوسع معظم المسيحيين في بلاد الشام وبلاد الرافدين بغض النظر عن عقائدهم المذهبية ، فالروم الأرثوذكس مثلا يسمون ايضا بالسريان الملكيين وذلك لانهم آثروا اتباع مذهب الملك البيزنطي مارقيانوس عقب مجمع خلقيدونية عام451م ، وكذلك الموارنة الكاثوليك تسمى كنيستهم بالكنيسة السريانية المارونية وكذلك الكلدان الكاثوليك وهكذا بالنسبة لبقية كنائس المنطقة عدا كنيستي الارمن الأرثوذكس و الأرمن الكاثوليك فهم أرمن بطبيعة الحال ، فالسريان إذن هم سكان البلاد الاصليين واحفاد بناة حضارات سوريا وبلاد الرافدين المتعاقبة قبل قدوم الاحتلال العربي الإسلامي .
هناك العديد من الفرضيات حول منشأ كلمة سرياني او سريان فيعتقد البعض ان السريانيون سميوا بهذا الاسم نسبة إلى سوريا وطنهم التاريخي Syria - Syrian فباللغة السريانية يقال للشخص السرياني Suryoyo اي سوري ، اما العرب فقد استخدموا ذات اللفظة التي استعملها البيزنطيين للدلالة على هذا الشعب وهي سريان syrian ولازالوا يستعملونها حتى اليوم . هناك فرضية اخرى تشير إلى ان السريان و السريانية مصدرها الملك سورس الذي ظهر قبيل النبي موسى و هو من الجنس الآرامي و قد أستولى على بلاد سوريا و ما بين النهرين و بأسمه سميت هذه البلاد سوريا و أهلها سورسيين باللغة الآرامية ثم حذفت السين فصارت سوريين وكذلك سميت قيليقية نسبة إلى قيليقوس أخي سورس . إستنادا إلى كتابات المؤرخ البير ابونا والمستندة بدورها على تفسير ايليا (974 - 1046) مطران نصيبين النسطوري هناك شبه إجماع على ان السريان هو اسم ديني للكنيسة الانطاكية ولايحمل اي مدلول سياسي اوقومي ولم يكن يوما الاسم السرياني يشير إلى امة بل إلى الديانة المسيحية لا غير
إستنادا إلى المطران لويس ساكو أستاذ اللاهوت في جامعة بغداد و الحاصل على دكتوراة في التاريخ المسيحي القديم، أطلق مصطلح " السريان " و " السريانية " منذ القرنين الثاني والثالث الميلاديّ على الآراميين وعلى الآرامية ، أي على اللغة و الثقافة التي سادت المنطقة ، بينما بقي الاسم الآرامي القديم غير مستحبّ و مرتبطاً بالوثنية . و بالتالي ، يحسب السريان أنفسهم ورثة الآراميين مباشرة . بينما يعتبر البعض كالتنظيم الآرامي الديمقراطي أن " السريان أقلية قومية تعيش في بلدان الشرق الاوسط ، وخاصة قي لبنان وسوريا وتركيا والعراق و الأردن ، دون أن يُعطى لها الحق في ممارسة وجودها القومي ودون ان تعترف دول العالم بحقوقها " بينما يعتبر حزب شورايا ان السريان قوميا وسياسيا هم الاشوريون واتباع الكنيسة السريانية هم من أبناء الشعب الاشوري
كان للسريان دور كبير في النهضة الفكرية والعلمية الإسلامية وخاصة في عهد الخلافة العباسية حيث اشتهر الكتاب السريان بدقتهم في الترجمة وخاصة ترجمة فلسفة أرسطو وأفلاطون وكانت لهذه الترجمات اثر كبير في بدايات الفلسفة الإسلامية حيث بدأ وتحديدا في عصر المأمون العصر الذهبي للترجمة ونقل العلوم الإغريقية والهلنستية إلى العربية مما مهد لانتشار الفكر الفلسفي اليوناني بشكل كبير وكانت المدرسة الفلسفية الأكثر شيوعا خلال العصر الهلنستي هي المدرسة الإفلاطونية المحدثة Neoplatonism التي كان لها أكبر تأثير في الساحة الإسلامية في ذلك الوقت
تأسيس الكنيسة الأنطاكية
كانت مدينة أنطاكية أثناء حكم الامبراطورية الرومانية عاصمة سوريا وإحدى عواصم الامبراطورية الثلاث إضافة إلى روما والإسكندرية ، اعطتها هذه المكانة الافضلية لتكون عاصمة المسيحية في الشام واسيا فكان اسقفها هو الاب العام او البطريرك العام للمشرق اي ان سلطانه الروحي شمل جميع المسيحيين في تلك البقعة الجغرافية الواسعة على اختلاف قومياتهم واجناسهم ولغاتهم ، دخلت المسيحية أنطاكية على يد اتباع المسيح الذين وصلوا إليها بعد ان تشتتوا في كل مكان بسبب الاضطهاد الذي اثاره عليهم اليهود حوالي سنة 34 م ، وزارها لاحفا الرسول بولس ومكث فيها سنة كاملة يعظ ويبشر بالدين الجديد ثم جاء إليها ايضا بطرس الرسول حيث يعتقد انه اسس كرسيه الرسولي فيها سنة 37 م ، وفي هذه المدينة اطلق اسم مسيحيين على اتباع المسيح للمرة الاولى ، وفي القرن الخامس حصل الانشقاق في جسم الكنيسة إلا ان قادة الكنائس السورية حافظوا على لقب بطريرك أنطاكية وذلك لإضفاء مظهر الشرعية في خلافة بطرس الرسول في قيادة الكنيسة ، ومنهم بطاركة السريان الأرثوذكس ولقب البطريرك الرسمي في هذه الكنيسة هو بطريرك انطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس
عندما أنقسمت بلاد الرافدين إلى قسمين ، بين الأستعمارين الفارسي و الروماني تعرض السريان إلى ضغوطات سياسية وفكرية وبعد ان اصبحت المسيحية دين الدولة الرومانية وظهرت إلى السطح افكار نسطور المتعلقة بالعذراء مريم بأنها ليست والدة الاله فقام الإمبراطور الروماني بطرد نسطور وملاحقة وتعذيب اتباعه حتى اضطر أغلبهم للهروب إلى فارس الدولة المعادية للرومان . واستمر هذا الحال حتى قدوم الاسلام في بداية القرن السابع الميلادي الميلادي فعقدوا اتفاقات سلام مع الخلفاء الراشدين وبالأخص عمر بن الخطاب وحرروا عقوداً بينهم وبين السلطات الدينية للكنيسة السريانية الأرثوذكسية والنسطورية يتعهد العرب المسلمون بموجبها بحماية الديار السريانية الأرثوذكسية والنسطورية و السماح لهم بممارسة حقوقهم الدينية و الثقافية وبناء دور العبادة وإعطائهم حريتهم الاجتماعية لقاء دفع جزية سنوية معينة
اثناء الحملات الصليبية ابيد عشرات الألاف من السريان وتم تدمير القرى السريانية كما عانى السريان من مذابح كبرى منذ بداية الحكم العثماني وحتى بداية الحرب العالمية الأولى وكان أعنفها وأقساها مذابح 1914 ـ 1919 حيث ذهب خلالها أكثر من 000,300 قتيل . كانت أنطاكية مقر الكرسي السرياني الأنطاكي حتى سنة 518 م ، وبسبب الاضطهادات التي عانت منها هذه الكنيسة نقل مقر رئاستها إلى اديرة اعالي بلاد مابين النهرين واستقر في دير الزعفران في القرن الثالث عشر قرب ماردين شمال شرق سوريا وبقي هناك حتى عام 1933 م حيث انتقل إلى مدينة حمص السورية واخيرا انتهى به المطاف في دمشق العاصمة السورية عام 1959
حاضر الكنيسة
على طول تاريخها الطويل عانت هذه الكنيسة في سبيل إيمانها الامرين حتى ان بطريركها السابق إغناطيوس يعقوب الثالث في إحدى مؤلفاته اعتبر وجودها واستمرارها حتى اليوم معجزة ، وفي اثناء الحرب العالمية الأولى قتل وذبح من السريان قرابة النصف مليون بحسب المصادر السريانية والغربية وذلك على يد الأتراك العثمانيين والمليشيات الكردية في منطقة طور عبدين في جنوب تركيا ، تزامنت تلك المذابح مع مذابح الأرمن التي قتل فيها المليون ونصف المليون أرمني على يد الأتراك و الأكراد أيضا ، قدم المؤرخون اراء عديدة بتحديد اسباب تلك المذابح ولكن السبب الرئيسي والمعلن كان القضاء على الكفار من غير المسلمين واعتبارهم بحكم الهوية الدينية عملاء للدول الغربية ، مع العلم بأن السريان كانوا يعيشون عيشة القرويين البسطاء ولم تتمكن اي دولة غربية من فرض الوصاية عليهم فهم يعتبرون أنفسهم كنيسة مستقلة إداريا خاضعة لسلطة بطريركها الأنطاكي الشرعي
يذكر التاريخ موقف العرب المشرف والذين احتضنوا المسيحيين الهاربين من هول جلاديهم وقدموا لهم المأوى والمساعدة اللازمة لحين انتهاء تلك المحنة ، وهذا إن دل على شئ إنما يدل على معرفة العرب بزيف افتراءات التهم التركية الموجهة للمسيحيين فغاية الأتراك كانت أخلاء شمال سوريا من سكانه الأصليين لضمه بشكل نهائي لتركيا وهذا ماتحقق لهم عقب اتفاقية سايكس بيكو وغيرها من اتفاقيات التقسيم حيث نجحوا يالاستيلاء على ولايات ماردين ديار بكر الرها وغيرها
وفي الكنيسة اليوم أكثر من اربعين ابرشية ويرأس كلا من هذه الابرشيات مطران يدير امورها الروحية والاجتماعية ، وكان لهذه الكنيسة فيما مضى مئات الأديرة العامرة بقي منهم اليوم عددا قليلا ، اشهرها دير مار متي قرب الموصل في العراق ، و دير مار كبرئيل في طور عبدين جنوب تركيا ، و دير الزعفران خارج ماردين في تركيا أيضا ، وأخيرا دير مار مرقس في القدس والذي يعتقد ان فيه أقام السيد المسيح عشاءه الأخير ، ويوجد للكنيسة معاهد لاهوتية عدة أهمها معهد مار افرام اللاهوتي في دمشق - معرة صيدنايا الذي دشنه البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص عام 1996 م ، وتقوم هذه المعاهد بإمداد الكنيسة بالكهنة والرهبان والراهبات
الكنيسة السريانية الأرثوذكسية هي عضو مؤسس في مجلس كنائس الشرق الأوسط ، وقد انضمت إلى مجلس الكنائس العالمي عام 1960 م وتشترك باستمرار في الحوارات اللاهوتية على كل المستويات ، ونجح بطاركتها في القرن العشرين من إقامة أسس علاقات طيبة وأخوية مع باقي الكنائس المسيحية الأخرى الشرقية منها والغربية ، كما أنها تلعب دورا هاما في الحوار المسيحي الإسلامي . من كبار اباء و قديسين هذه الكنيسة ، مار إغناطيوس الأنطاكي ، مار أفرام السرياني ، مار كبرئيل ، مار ميخائيل الكبير ، العلامة ابن العبري وغيرهم
يربو عدد أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية اليوم على 2 مليون نسمة الأغلبية منهم في الهند والبقية منتشرون في سوريا , لبنان ، العراق ، الأردن ، الأراضي الفلسطينية المحتلة ، تركيا ، مصر واوروبا وأمريكا الشمالية و أمريكا الجنوبية والوسطى واستراليا ونيوزيلندا وتتالف الكنيسة في الوقت الحالي من 24 أبرشية عدا أبرشياتها في الهند
يرجع تاريخ سوريا إلى اولى الحضارات الانسانية منذ بداية العصر البرونزي لوجود المياه الكثيرة ، ومن سوريا كانت بداية الزراعة وتدجين الحيوانات وكان أساس النشاط البشري فيها حيث قامت الكثير من الحضارات منذ انسان العصر الحجري وحتى الحضارات التى تعاقبت على سوريا منذ الاف السنين وحتى العصور الحديثة . " عندما نكون في سوريا نجد أنفسنا نمتزج مع التاريخ ذاته فهي بوابة التاريخ كما يطلق عليها بعض المؤرخين والباحثين ، فكل ذرة من ترابها حرف مضيء في سفر الإنسانية الخالد " هذا ما قاله رئيس البعثة الأثرية الأمريكية التي عملت في الكشف عن مملكة كانا في منطقة قرب التقاء نهر الفرات ونهر الخابور في منطقة الجزيرة السورية . ويمكن القول أن التاريخ الغني الذي شهدته سورية جعل منها موطنا لكثير من الثقافات والحضارات فكانت وريثة ومسؤولة عن هذا التاريخ السحيق . ويعود سبب تسمية سوريا بهذا الأسم نسبة إلى الشعوب القديمة التي سكنتها وهم ( السريان )
قامت في سورية أعرق وأهم الحضارات في التاريخ الانساني ، فمن مملكة ( كانا ) القديمة التي ازدهرت في الألف الثانية ق.م قرب التقاء نهري الفرات والخابور وكانت من أول الحضارات الزراعية منذ أكثر من عشرة آلاف عام . كما اكتشف النحاس وابتدعت خلطة البرونز في تل حلف على ضفاف نهر الخابور منذ الالف الثالثة ق.م . وفي مملكة ماري ( تل الحريري ) على نهر الفرات كانت قصور ورسوم شهدت ازدهارا ثقافيا وتجاريا في الفرات الاوسط وبين الشرق والغرب . وفي ( مملكة اوغاريت ) قرب ميناء اللاذقية على البحر المتوسط تطورت طريقة كتابة ابجدية إحدى اقدم الأبجديات في العالم . أما في مملكة ابلا ( تل مرديخ ) فقد اكتشف في قصرها الملكي مكتبة وثائقية كبيرة تضم الاف الرقم والمخطوطات تنظم أمور الإدارة والتجارة والدبلوماسية والصناعة وعلاقات الحرب و السلم مع الحضارات الأخرى في عصرها. أهل الممالك التي وقعت على أرض سورية العصرية كانوا يعرفون بالعموريون أو أموريين ( الالف الثالثة قبل الميلاد ) وبالكنعانيين والفينيقيين ( سكان الساحل السورى ) وبالآراميين (سكان المناطق العليا والجنوب) في سوريا الداخل والأنباط (بعض من سكان الجنوب ) وفي الشمال ممالك الحثيين
وقد قامت على ارض سوريا حضارات كثيرة اخرى مثل حضارة اليونان والرومان ، وتنتشر الاثار والمدن الرومانية بكثرة في مناطق مختلفة من سوريا وتعد من أهم المدن الاثرية الرومانية في العالم ، وعبر أراضيها كان يمر طريق الحرير القادم من الصين وكانت محطته السورية الاولى دورا أوروبوس ( الصالحية ) ثم تدمر الشهيرة وبصرى وحمص وحلب إلى أن يصل إلى مرافيء البحر الابيض المتوسط منطلقا من السواحل والموانىء السورية .
يعتبر علماء الآثار سوريا مركزا لإحدى أقدم الحضارات على وجه الأرض . ولا ننسى المملكة الأثرية ايبلا في شمال سوريا بنت امبراطورية امتدت من البحر الأحمر جنوبا حتى تركيا شمالا وحتى الفرات شرقا مستمرة من عام 2500 إلى 2400 قبل الميلاد
قامت على ارض سوريا حضارات كثيرة وسكنها شعوب شتى يمكن تعدادها على الترتيب : الكنعانيون ، العبرانيون ، الأراميون ، الحثيون ، البابليون ، الفرس ، الاغريق ، الرومان ، النبطيون ، البيزنطيون ، العرب ، و جزئيا الصليبيون ، وأخيرا كانت تحت سيطرة الأتراك العثمانيون ، كما انها خضعت للانتداب الفرنسي بين عام 1921 و 1946
سوريا ذات أهمية خاصة للمسيحيين الذين يشكلون 10% من سكانها ومنها انطلق بولس الرسول لنشر المسيحية في أوروبا وفيها أهم المقدسات و الكنائس الاولى والاديرة والاضرحة والمقدسات الهامة مثل كنيسة القديس حنانيا في دمشق وكنيسة قلب لوزة وكنيسة ام الزنار ودير القديس سمعان ودير مار موسى ودير اليعقوبية ودير مار الياس الريح و دير السيدة و دير مار جرجس ودير القديسة تقلا البطريركي و كتدرائية القديس سرجيو وبلدات مازالت تتكلم لغة السيد المسيح حتى اليوم مثل معلولا التى تحوى اديرة وكنائس وبيوتها محفورة في الصخر ، وجبعدين و صيدنايا وبصرى
عاصمة سوريا هي دمشق التي يعرف بأنها مأهولة منذ عام 000,8 الى 000,10 قبل الميلاد وبهذا تكون أول اقدم عاصمة مأهولة بالسكان باستمرار واقدم مدينة في العالم فهي قديمة بقدم الانسانية وعاصمة للكثير من الممالك والحضارات والامبراطوريات والدول عبر التاريخ وحاضرة قائمة منذ اقدم العصور ، مرت بها وعرفتها كافة الحضارات التي قامت في الشرق واهم الامبراطوريات في الغرب ، كانت موطنا للآراميين في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد، تعاقب على حكمها الآشوريون والكلدانيون و الرومان والفرس، وسقطت بأيدي الاسكندر الأكبر عام 333 ق.م. وبعد وفاته، أصبحت دمشق جزءاً من المملكة السلوقية. احتلها الإمبراطور الروماني بومبيي الأكبر عام 64 ق.م واصبحت من أهم المدن في العصر الروماني . دخلت المسيحية إلى دمشق في السنوات الاولى لانتشار المسيحية ، وأصبحت فيما بعد مركزاً مسيحياً مهماً انارت الدنيا بالحضارة ومنها انطلق القديسين والرسل لنشر والتبشير بالديانة المسيحية منهم القديس بولص . وقد ارتبط تاريخ دمشق بالعالم اليوناني لفترة تقدر بحوالى عشرة قرون، عرفت المدينة خلالها ازدهار الحضارة الهلنستية، حيث تمازجت عناصر الثقافة اليونانية مع الحضارة السورية الشرقية وثقافته وكذلك كافة الحضارت التي مرت بالمدينة في العصور القديمة .. أصبحت دمشق تحت حكم المسلمين في عام 636 للميلاد . بعد ذلك بمدة وجيزة أصبحت المدينة في أوج ازدهارها بعد أن أصبحت عاصمة للأمويين وامبراطوريتهم التي امتدت من إسبانيا إلى حدود الصين في الفترة من 661 إلى 750 للميلاد وكونت أكبر دولة اسلامية في التاريخ ( الدولة الاموية ) التي لها اهمية كبيرة في كافة العصور . كانت عاصمة لعدة ممالك ودول ومنذ الاف السنين فوق ارضها ازدهرت كافة ثقافات وفنون وادب وصناعات الشعوب ، منها انطلق مشاهير التاريخ من علماء ومفكرين وادباء وشعراء وفلكيون ورجال دين وفقهاء وقديسون ورسل لنشر الحضارة والعلم والمعرفة والتبشير بالعقائد والديانات إلى كل مكان وكانت مقر ومنطلق القاده والسلاطين والحكام والامراء والملوك
جذور مصطلح السريانية
لسريان الأرثوذكس هم طائفة مسيحية شرقية عريقة تُرجِع جذورها إلى رسل السيد المسيح الاوائل ، فسلسلة بطاركة هذه الطائفة تبدا من القديس بطرس كبير تلامذة السيد المسيح ، و اسم السريان بالنسبة لؤرخي الكنيسة السريانية يشمل بمعنى اوسع معظم المسيحيين في بلاد الشام وبلاد الرافدين بغض النظر عن عقائدهم المذهبية ، فالروم الأرثوذكس مثلا يسمون ايضا بالسريان الملكيين وذلك لانهم آثروا اتباع مذهب الملك البيزنطي مارقيانوس عقب مجمع خلقيدونية عام451م ، وكذلك الموارنة الكاثوليك تسمى كنيستهم بالكنيسة السريانية المارونية وكذلك الكلدان الكاثوليك وهكذا بالنسبة لبقية كنائس المنطقة عدا كنيستي الارمن الأرثوذكس و الأرمن الكاثوليك فهم أرمن بطبيعة الحال ، فالسريان إذن هم سكان البلاد الاصليين واحفاد بناة حضارات سوريا وبلاد الرافدين المتعاقبة قبل قدوم الاحتلال العربي الإسلامي .
هناك العديد من الفرضيات حول منشأ كلمة سرياني او سريان فيعتقد البعض ان السريانيون سميوا بهذا الاسم نسبة إلى سوريا وطنهم التاريخي Syria - Syrian فباللغة السريانية يقال للشخص السرياني Suryoyo اي سوري ، اما العرب فقد استخدموا ذات اللفظة التي استعملها البيزنطيين للدلالة على هذا الشعب وهي سريان syrian ولازالوا يستعملونها حتى اليوم . هناك فرضية اخرى تشير إلى ان السريان و السريانية مصدرها الملك سورس الذي ظهر قبيل النبي موسى و هو من الجنس الآرامي و قد أستولى على بلاد سوريا و ما بين النهرين و بأسمه سميت هذه البلاد سوريا و أهلها سورسيين باللغة الآرامية ثم حذفت السين فصارت سوريين وكذلك سميت قيليقية نسبة إلى قيليقوس أخي سورس . إستنادا إلى كتابات المؤرخ البير ابونا والمستندة بدورها على تفسير ايليا (974 - 1046) مطران نصيبين النسطوري هناك شبه إجماع على ان السريان هو اسم ديني للكنيسة الانطاكية ولايحمل اي مدلول سياسي اوقومي ولم يكن يوما الاسم السرياني يشير إلى امة بل إلى الديانة المسيحية لا غير
إستنادا إلى المطران لويس ساكو أستاذ اللاهوت في جامعة بغداد و الحاصل على دكتوراة في التاريخ المسيحي القديم، أطلق مصطلح " السريان " و " السريانية " منذ القرنين الثاني والثالث الميلاديّ على الآراميين وعلى الآرامية ، أي على اللغة و الثقافة التي سادت المنطقة ، بينما بقي الاسم الآرامي القديم غير مستحبّ و مرتبطاً بالوثنية . و بالتالي ، يحسب السريان أنفسهم ورثة الآراميين مباشرة . بينما يعتبر البعض كالتنظيم الآرامي الديمقراطي أن " السريان أقلية قومية تعيش في بلدان الشرق الاوسط ، وخاصة قي لبنان وسوريا وتركيا والعراق و الأردن ، دون أن يُعطى لها الحق في ممارسة وجودها القومي ودون ان تعترف دول العالم بحقوقها " بينما يعتبر حزب شورايا ان السريان قوميا وسياسيا هم الاشوريون واتباع الكنيسة السريانية هم من أبناء الشعب الاشوري
كان للسريان دور كبير في النهضة الفكرية والعلمية الإسلامية وخاصة في عهد الخلافة العباسية حيث اشتهر الكتاب السريان بدقتهم في الترجمة وخاصة ترجمة فلسفة أرسطو وأفلاطون وكانت لهذه الترجمات اثر كبير في بدايات الفلسفة الإسلامية حيث بدأ وتحديدا في عصر المأمون العصر الذهبي للترجمة ونقل العلوم الإغريقية والهلنستية إلى العربية مما مهد لانتشار الفكر الفلسفي اليوناني بشكل كبير وكانت المدرسة الفلسفية الأكثر شيوعا خلال العصر الهلنستي هي المدرسة الإفلاطونية المحدثة Neoplatonism التي كان لها أكبر تأثير في الساحة الإسلامية في ذلك الوقت
تأسيس الكنيسة الأنطاكية
كانت مدينة أنطاكية أثناء حكم الامبراطورية الرومانية عاصمة سوريا وإحدى عواصم الامبراطورية الثلاث إضافة إلى روما والإسكندرية ، اعطتها هذه المكانة الافضلية لتكون عاصمة المسيحية في الشام واسيا فكان اسقفها هو الاب العام او البطريرك العام للمشرق اي ان سلطانه الروحي شمل جميع المسيحيين في تلك البقعة الجغرافية الواسعة على اختلاف قومياتهم واجناسهم ولغاتهم ، دخلت المسيحية أنطاكية على يد اتباع المسيح الذين وصلوا إليها بعد ان تشتتوا في كل مكان بسبب الاضطهاد الذي اثاره عليهم اليهود حوالي سنة 34 م ، وزارها لاحفا الرسول بولس ومكث فيها سنة كاملة يعظ ويبشر بالدين الجديد ثم جاء إليها ايضا بطرس الرسول حيث يعتقد انه اسس كرسيه الرسولي فيها سنة 37 م ، وفي هذه المدينة اطلق اسم مسيحيين على اتباع المسيح للمرة الاولى ، وفي القرن الخامس حصل الانشقاق في جسم الكنيسة إلا ان قادة الكنائس السورية حافظوا على لقب بطريرك أنطاكية وذلك لإضفاء مظهر الشرعية في خلافة بطرس الرسول في قيادة الكنيسة ، ومنهم بطاركة السريان الأرثوذكس ولقب البطريرك الرسمي في هذه الكنيسة هو بطريرك انطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس
عندما أنقسمت بلاد الرافدين إلى قسمين ، بين الأستعمارين الفارسي و الروماني تعرض السريان إلى ضغوطات سياسية وفكرية وبعد ان اصبحت المسيحية دين الدولة الرومانية وظهرت إلى السطح افكار نسطور المتعلقة بالعذراء مريم بأنها ليست والدة الاله فقام الإمبراطور الروماني بطرد نسطور وملاحقة وتعذيب اتباعه حتى اضطر أغلبهم للهروب إلى فارس الدولة المعادية للرومان . واستمر هذا الحال حتى قدوم الاسلام في بداية القرن السابع الميلادي الميلادي فعقدوا اتفاقات سلام مع الخلفاء الراشدين وبالأخص عمر بن الخطاب وحرروا عقوداً بينهم وبين السلطات الدينية للكنيسة السريانية الأرثوذكسية والنسطورية يتعهد العرب المسلمون بموجبها بحماية الديار السريانية الأرثوذكسية والنسطورية و السماح لهم بممارسة حقوقهم الدينية و الثقافية وبناء دور العبادة وإعطائهم حريتهم الاجتماعية لقاء دفع جزية سنوية معينة
اثناء الحملات الصليبية ابيد عشرات الألاف من السريان وتم تدمير القرى السريانية كما عانى السريان من مذابح كبرى منذ بداية الحكم العثماني وحتى بداية الحرب العالمية الأولى وكان أعنفها وأقساها مذابح 1914 ـ 1919 حيث ذهب خلالها أكثر من 000,300 قتيل . كانت أنطاكية مقر الكرسي السرياني الأنطاكي حتى سنة 518 م ، وبسبب الاضطهادات التي عانت منها هذه الكنيسة نقل مقر رئاستها إلى اديرة اعالي بلاد مابين النهرين واستقر في دير الزعفران في القرن الثالث عشر قرب ماردين شمال شرق سوريا وبقي هناك حتى عام 1933 م حيث انتقل إلى مدينة حمص السورية واخيرا انتهى به المطاف في دمشق العاصمة السورية عام 1959
حاضر الكنيسة
على طول تاريخها الطويل عانت هذه الكنيسة في سبيل إيمانها الامرين حتى ان بطريركها السابق إغناطيوس يعقوب الثالث في إحدى مؤلفاته اعتبر وجودها واستمرارها حتى اليوم معجزة ، وفي اثناء الحرب العالمية الأولى قتل وذبح من السريان قرابة النصف مليون بحسب المصادر السريانية والغربية وذلك على يد الأتراك العثمانيين والمليشيات الكردية في منطقة طور عبدين في جنوب تركيا ، تزامنت تلك المذابح مع مذابح الأرمن التي قتل فيها المليون ونصف المليون أرمني على يد الأتراك و الأكراد أيضا ، قدم المؤرخون اراء عديدة بتحديد اسباب تلك المذابح ولكن السبب الرئيسي والمعلن كان القضاء على الكفار من غير المسلمين واعتبارهم بحكم الهوية الدينية عملاء للدول الغربية ، مع العلم بأن السريان كانوا يعيشون عيشة القرويين البسطاء ولم تتمكن اي دولة غربية من فرض الوصاية عليهم فهم يعتبرون أنفسهم كنيسة مستقلة إداريا خاضعة لسلطة بطريركها الأنطاكي الشرعي
يذكر التاريخ موقف العرب المشرف والذين احتضنوا المسيحيين الهاربين من هول جلاديهم وقدموا لهم المأوى والمساعدة اللازمة لحين انتهاء تلك المحنة ، وهذا إن دل على شئ إنما يدل على معرفة العرب بزيف افتراءات التهم التركية الموجهة للمسيحيين فغاية الأتراك كانت أخلاء شمال سوريا من سكانه الأصليين لضمه بشكل نهائي لتركيا وهذا ماتحقق لهم عقب اتفاقية سايكس بيكو وغيرها من اتفاقيات التقسيم حيث نجحوا يالاستيلاء على ولايات ماردين ديار بكر الرها وغيرها
وفي الكنيسة اليوم أكثر من اربعين ابرشية ويرأس كلا من هذه الابرشيات مطران يدير امورها الروحية والاجتماعية ، وكان لهذه الكنيسة فيما مضى مئات الأديرة العامرة بقي منهم اليوم عددا قليلا ، اشهرها دير مار متي قرب الموصل في العراق ، و دير مار كبرئيل في طور عبدين جنوب تركيا ، و دير الزعفران خارج ماردين في تركيا أيضا ، وأخيرا دير مار مرقس في القدس والذي يعتقد ان فيه أقام السيد المسيح عشاءه الأخير ، ويوجد للكنيسة معاهد لاهوتية عدة أهمها معهد مار افرام اللاهوتي في دمشق - معرة صيدنايا الذي دشنه البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص عام 1996 م ، وتقوم هذه المعاهد بإمداد الكنيسة بالكهنة والرهبان والراهبات
الكنيسة السريانية الأرثوذكسية هي عضو مؤسس في مجلس كنائس الشرق الأوسط ، وقد انضمت إلى مجلس الكنائس العالمي عام 1960 م وتشترك باستمرار في الحوارات اللاهوتية على كل المستويات ، ونجح بطاركتها في القرن العشرين من إقامة أسس علاقات طيبة وأخوية مع باقي الكنائس المسيحية الأخرى الشرقية منها والغربية ، كما أنها تلعب دورا هاما في الحوار المسيحي الإسلامي . من كبار اباء و قديسين هذه الكنيسة ، مار إغناطيوس الأنطاكي ، مار أفرام السرياني ، مار كبرئيل ، مار ميخائيل الكبير ، العلامة ابن العبري وغيرهم
يربو عدد أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية اليوم على 2 مليون نسمة الأغلبية منهم في الهند والبقية منتشرون في سوريا , لبنان ، العراق ، الأردن ، الأراضي الفلسطينية المحتلة ، تركيا ، مصر واوروبا وأمريكا الشمالية و أمريكا الجنوبية والوسطى واستراليا ونيوزيلندا وتتالف الكنيسة في الوقت الحالي من 24 أبرشية عدا أبرشياتها في الهند
Comment