سنة 1516 سقطت سوريا في أيدي الأتراك العثمانيين، وباتت جزءاً من الدولة العثمانية التي استمرت سيطرتها على البلاد مدة أربع قرون، شهدت خلالها سوريا تراجعاً كبيراً في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. في عام 1916 استغل العرب الحرب العالمية الأولى ليعلنوا ثورتهم الكبرى ضد الحكم العثماني. انطلقت الثورة من الحجاز بقيادة الشريف حسين وبمساعدة من القوات الإنكليزية، وحاول العثمانيون قمعها بوحشية؛ في السادس من أيار (مايو) 1916 علقت المشانق في دمشق وبيروت للعشرات من الزعماء الوطنيين السوريين الذين اتهموا بالعمل على استقلال البلاد العربية. لكن الثورة العربية سرعان ما تمكنت من الانتصار على العثمانيين، وفي عام 1918 دخلت إلى دمشق القوات العربية والإنكليزية منهية 400 عام من الاحتلال العثماني.
في نفس العام، أعلن السوريون استقلالهم تحت قيادة الملك فيصل الأول، ابن الشريف حسين. إلا أن بريطانيا وفرنسا، المنتصرتين في الحرب العالمية الأولى، كانت تخططان لاقتسام المناطق التي حررت من السيطرة العثمانية فيما بينهما. ووفقاً لاتفاقية سايكس-بيكو السرية، اتفقت الدولتان على تقسيم الشرق الأوسط إلى مناطق نفوذ بريطانية وفرنسية، واتفق على أن تكون سوريا في منطقة النفوذ الفرنسية. في أوائل عام 1920 نزلت القوات الفرنسية على الساحل السوري، وبعد عدة معارك مع الجيش السوري المتأخر عدة وعديداً، ومع الثوار الذين تصدوا للفرنسيين في عدة مناطق من البلاد، تمكن الفرنسيون من إخضاع سوريا لسيطرتهم، وأعلنت عام 1923 بداية الانتداب الفرنسي على سوريا بتفويض من عصبة الأمم.
قرر السوريون مقاومة الاحتلال الجديد. في عام 1925 أعلنوا ثورتهم ضد الانتداب، ودارت معارك طاحنة بين الثوار والقوات الفرنسية في منطقة جبل العرب ومحيط دمشق، وقصف الفرنسيون العاصمة انتقاماً لمساعدة أهلها للثوار، وتمكنوا في النهاية من قمع الثورة، إلا أن المقاومة استمرت بشكلها السياسي. في سنة 1936 وافقت فرنسا على منح سوريا استقلالاً جزئياً، ووقعت معاهدة بين البلدين تنص على منح سوريا الاستقلال، إلا أن فرنسا تنصلت من بنود المعاهدة بسرعة، وبقيت قواتها على الأرض السورية وظلت فرنسا الحاكم الفعلي للبلاد. خلال الحرب العالمية الثانية، أصبحت سوريا تحت سيطرة حكومة فيشي الفرنسية الموالية للألمان، وشهدت الأراضي السورية صداماً بين قوات حكومة فيشي وقوات فرنسا الحرة والقوات البريطانية، انتهى بسيطرة الحلفاء على سوريا سنة 1941، وتقديمهم الوعود باستقلال البلاد التام بعدما تنتهي الحرب.
انتهت الحرب سنة 1945 وتنصل الفرنسيون من وعودهم مجدداً. قاوم السوريون؛ وفي 29 أيار 1945 ردت فرنسا بوحشية من جديد، إذ قصفت مبنى البرلمان السوري في دمشق، مما أثار المزيد من الاحتجاجات في سوريا والعالم العربي، وانتقلت الأزمة إلى مجلس الأمن الدولي الذي طالب بجلاء القوات الفرنسية عن البلاد. في 17 نيسان 1946، وتحت ضغوط دولية متزايدة، انسحبت آخر القوات الفرنسية من سوريا، وأعلن ذلك اليوم، الذي شكل بداية عهد جديد، عيداً وطنياً.
تميزت مرحلة ما بعد الاستقلال بعدم الاستقرار السياسي. في عام 1948 أعلنت دولة إسرائيل على أرض فلسطين العربية، وكانت سوريا من بين الدول العربية التي أرسلت قواتها إلى فلسطين للتصدي للدولة الصهيونية الوليدة. خسر العرب الحرب، وفي تموز (يوليو) 1949 كانت سوريا آخر الدول العربية التي وقعت اتفاقية هدنة مع إسرائيل. كانت تلك فقط بداية الصراع العربي الإسرائيلي، الذي لا زال مستمراً حتى اليوم.
في 1949، تلقت الديمقراطية في سوريا ضربة موجعة، بقيام أول انقلاب عسكري في البلاد بقيادة حسني الزعيم. لم يدم حكم الزعيم سوى 139 يوماً، أزيح بعدها بانقلاب قاده سامي الحناوي، الذي سرعان ما قلب حكمه العقيد أديب الشيشكلي. استمر حكم الشيشكلي حتى سنة 1954، عندما أجبرته المعارضة الشعبية المتزايدة على الاستقالة ومغادرة البلاد. أعيدت الحكومة الوطنية وعادت الحياة الديمقراطية تدريجياً، لكنها واجهت اضطرابات سياسية أتت هذه المرة من الخارج. مع تطور العلاقات بين السورية السوفييتية في أواسط الخمسينات، بدأت علاقات سوريا مع الغرب تسوء، ووجدت سوريا نفسها في متاهات الحرب الباردة وما نتج عنها من قيام أحلاف وتكتلات في الشرق الأوسط. في عام 1957 كادت الخلافات بين سوريا وجارتها الشمالية تركيا، أن تصل إلى حد المجابهة العسكرية، فقد حشدت تركيا قواتها على الحدود مهددة بغزو سوريا. ازداد التقارب السوري مع الاتحاد السوفييتي، وازدادت الفرقة مع الغرب، وكانت التهديدات الغربية أحد العوامل التي دفعت السوريين إلى الاتحاد مع مصر في دولة واحدة أطلق عليها اسم الجمهورية العربية المتحدة، تم إعلانها في 22 شباط (فبراير) 1958، واختير الرئيس المصري جمال عبد الناصر رئيساً لها. لم تستمر الوحدة مع مصر طويلاً، فقد كان حل الأحزاب السياسية السورية وتطبيق الأنظمة الاشتراكية في سوريا من الأسباب التي دفعت الجيش السوري إلى فصم الوحدة وإعلان الانفصال عن الجمهورية العربية المتحدة في 28 أيلول (سبتمبر) 1961.
في 8 آذار (مارس) 1963 قاد حزب البعث العربي الاشتراكي انقلاباً آخر، عرف باسم ثورة آذار. أنهى البعث القطيعة مع مصر وأعلن نيته إعادة الوحدة، إلا أن المفاوضات التي جرت بهذا الخصوص باءت بالفشل. كانت الخلافات التي نشبت داخل حزب البعث نفسه عائقاً أمام تنفيذ مشروعه التنموي في سوريا، وتميزت أواسط الستينات بمزيد من الاضطرابات السياسية، قادت إلى حركة 23 شباط (فبراير) 1966 التي وضعت -إلى حد ما- حداً للخلافات الحزبية.
في نفس العام، أعلن السوريون استقلالهم تحت قيادة الملك فيصل الأول، ابن الشريف حسين. إلا أن بريطانيا وفرنسا، المنتصرتين في الحرب العالمية الأولى، كانت تخططان لاقتسام المناطق التي حررت من السيطرة العثمانية فيما بينهما. ووفقاً لاتفاقية سايكس-بيكو السرية، اتفقت الدولتان على تقسيم الشرق الأوسط إلى مناطق نفوذ بريطانية وفرنسية، واتفق على أن تكون سوريا في منطقة النفوذ الفرنسية. في أوائل عام 1920 نزلت القوات الفرنسية على الساحل السوري، وبعد عدة معارك مع الجيش السوري المتأخر عدة وعديداً، ومع الثوار الذين تصدوا للفرنسيين في عدة مناطق من البلاد، تمكن الفرنسيون من إخضاع سوريا لسيطرتهم، وأعلنت عام 1923 بداية الانتداب الفرنسي على سوريا بتفويض من عصبة الأمم.
قرر السوريون مقاومة الاحتلال الجديد. في عام 1925 أعلنوا ثورتهم ضد الانتداب، ودارت معارك طاحنة بين الثوار والقوات الفرنسية في منطقة جبل العرب ومحيط دمشق، وقصف الفرنسيون العاصمة انتقاماً لمساعدة أهلها للثوار، وتمكنوا في النهاية من قمع الثورة، إلا أن المقاومة استمرت بشكلها السياسي. في سنة 1936 وافقت فرنسا على منح سوريا استقلالاً جزئياً، ووقعت معاهدة بين البلدين تنص على منح سوريا الاستقلال، إلا أن فرنسا تنصلت من بنود المعاهدة بسرعة، وبقيت قواتها على الأرض السورية وظلت فرنسا الحاكم الفعلي للبلاد. خلال الحرب العالمية الثانية، أصبحت سوريا تحت سيطرة حكومة فيشي الفرنسية الموالية للألمان، وشهدت الأراضي السورية صداماً بين قوات حكومة فيشي وقوات فرنسا الحرة والقوات البريطانية، انتهى بسيطرة الحلفاء على سوريا سنة 1941، وتقديمهم الوعود باستقلال البلاد التام بعدما تنتهي الحرب.
انتهت الحرب سنة 1945 وتنصل الفرنسيون من وعودهم مجدداً. قاوم السوريون؛ وفي 29 أيار 1945 ردت فرنسا بوحشية من جديد، إذ قصفت مبنى البرلمان السوري في دمشق، مما أثار المزيد من الاحتجاجات في سوريا والعالم العربي، وانتقلت الأزمة إلى مجلس الأمن الدولي الذي طالب بجلاء القوات الفرنسية عن البلاد. في 17 نيسان 1946، وتحت ضغوط دولية متزايدة، انسحبت آخر القوات الفرنسية من سوريا، وأعلن ذلك اليوم، الذي شكل بداية عهد جديد، عيداً وطنياً.
تميزت مرحلة ما بعد الاستقلال بعدم الاستقرار السياسي. في عام 1948 أعلنت دولة إسرائيل على أرض فلسطين العربية، وكانت سوريا من بين الدول العربية التي أرسلت قواتها إلى فلسطين للتصدي للدولة الصهيونية الوليدة. خسر العرب الحرب، وفي تموز (يوليو) 1949 كانت سوريا آخر الدول العربية التي وقعت اتفاقية هدنة مع إسرائيل. كانت تلك فقط بداية الصراع العربي الإسرائيلي، الذي لا زال مستمراً حتى اليوم.
في 1949، تلقت الديمقراطية في سوريا ضربة موجعة، بقيام أول انقلاب عسكري في البلاد بقيادة حسني الزعيم. لم يدم حكم الزعيم سوى 139 يوماً، أزيح بعدها بانقلاب قاده سامي الحناوي، الذي سرعان ما قلب حكمه العقيد أديب الشيشكلي. استمر حكم الشيشكلي حتى سنة 1954، عندما أجبرته المعارضة الشعبية المتزايدة على الاستقالة ومغادرة البلاد. أعيدت الحكومة الوطنية وعادت الحياة الديمقراطية تدريجياً، لكنها واجهت اضطرابات سياسية أتت هذه المرة من الخارج. مع تطور العلاقات بين السورية السوفييتية في أواسط الخمسينات، بدأت علاقات سوريا مع الغرب تسوء، ووجدت سوريا نفسها في متاهات الحرب الباردة وما نتج عنها من قيام أحلاف وتكتلات في الشرق الأوسط. في عام 1957 كادت الخلافات بين سوريا وجارتها الشمالية تركيا، أن تصل إلى حد المجابهة العسكرية، فقد حشدت تركيا قواتها على الحدود مهددة بغزو سوريا. ازداد التقارب السوري مع الاتحاد السوفييتي، وازدادت الفرقة مع الغرب، وكانت التهديدات الغربية أحد العوامل التي دفعت السوريين إلى الاتحاد مع مصر في دولة واحدة أطلق عليها اسم الجمهورية العربية المتحدة، تم إعلانها في 22 شباط (فبراير) 1958، واختير الرئيس المصري جمال عبد الناصر رئيساً لها. لم تستمر الوحدة مع مصر طويلاً، فقد كان حل الأحزاب السياسية السورية وتطبيق الأنظمة الاشتراكية في سوريا من الأسباب التي دفعت الجيش السوري إلى فصم الوحدة وإعلان الانفصال عن الجمهورية العربية المتحدة في 28 أيلول (سبتمبر) 1961.
في 8 آذار (مارس) 1963 قاد حزب البعث العربي الاشتراكي انقلاباً آخر، عرف باسم ثورة آذار. أنهى البعث القطيعة مع مصر وأعلن نيته إعادة الوحدة، إلا أن المفاوضات التي جرت بهذا الخصوص باءت بالفشل. كانت الخلافات التي نشبت داخل حزب البعث نفسه عائقاً أمام تنفيذ مشروعه التنموي في سوريا، وتميزت أواسط الستينات بمزيد من الاضطرابات السياسية، قادت إلى حركة 23 شباط (فبراير) 1966 التي وضعت -إلى حد ما- حداً للخلافات الحزبية.
Comment