جذبت البادية الشامية إليها الإنسان منذ أقدم العصور وأثارها تشهد بمجدها الغابر , ومن يزر البتراء وتدمر والرصافة وأسيس والرحبة ,
يدرك تماما أنها ليست تلك الصحراء القاحلة التي يتيه بها الإنسان ,وإنما تلك الأراضي الشاسعة التي كانت تجوبها القبائل العربية باستمرار, وفيها الحركة المتواصلة حيث الطرق التجارية العالمية التي تعبرها من الجنوب إلى الشمال ومن أقصى الشرق إلى الغرب ,وتتوفر فيها المياه حيث البحيرات التي تتجمع فيها مياه الأمطار والآبار المعروفة أسماؤها ومواقعها لأهل البادية منذ مئات السنين .
وقد أدرك الأمويون عظمتها فأشادوا فيها القصور التي تناسب أهميتها وتوافق مكانتها .فقد عرفوا فيها قصر السدير والحيرة ,وما إن فتحت هذه البادية للعرب المسلمين حتى كان قصر الوليد في أسيس ,وقصر الحير الشرقي , وقصر الحير الغربي ,وقصر هشام بن عبد الملك في الرصافة بالإضافة إلى (قصر عمرة وقصر المشتى ,وقصر المفجر )في البادية الأردنية .
ضمن إطار احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية وضمن فعالية ألف تحفة وتحفة التي تقوم على تقديم شهري في أول جمعة من كل شهر ,تعرض تحف أثرية من قبل المختصين للمجموعة الأثرية المجهولة والمحفوظة في مستودعات المتحف الوطني بدمشق ترافق هذا التقديم حفلة موسيقية في القاعة الدمشقية -في المتحف الوطني بدمشق .
وفي 5/8/2008 ألقيت محاضرة بعنوان (روعة فن النحت الأموي ) وكما عودنا الدكتور ميشيل المقدسي قدم للمحاضرة منى المؤذن مديرة شؤون المتاحف في المديرية العامة للآثار .
وتناولت المحاضرة البادية في العصر الأموي فقالت : البادية من أجمل المناطق في سورية ولتوفر الماء فيها فقد كانت في العصر الأموي مأهولة في فترة الإسلام وماقبل الاسلام وهكذا تم تجهيزها بما يتناسب مع طبيعتها من المباني باعتبارها عقدة هامة بين ولايات الدولة الأموية مترامية الأطراف, وكان لهذه المنشآت مهمات عديدة منها سكن الخلفاء الأمويين الذين فضلوا الإقامة في البادية ,على السكن في المدن حيث يستطيعون فيها الالتقاء بالقبائل العربية وشيوخها وكذلك لحل مشكلاتهم وخلافاتهم ,ويشرفون بشكل مباشر على طرق المواصلات وذلك لتأمين الأمن والنظام للقوافل التجارية والبريد , ويتلقون فيها اللغة العربية القويمة, بالإضافة إلى ذلك فهم يتمتعون فيها بحياة الأنس واللهو من خلال رحلات الصيد وكل ذلك بعيدا عن أجواء المدينة ومواسمها التقليدية .
وقد قام بتنفيذ المباني مهندسون معماريون وفنانون وعمال عرب سوريون وقد وردت أسماؤهم في الوثائق أمثال حسان بن ما هويه الأنطاكي ,وسليمان بن عبيد ,وثابت بن أبي ثابت ,وقد ظهرت بهندسة رائعة تتوافق مع الهدف الذي أنشئت من أجله .
وخصصت السيدة منى المؤذن في محاضرتها من العمائر الأموية قصر الحير الغربي الذي تزين واجهته مدخل المتحف الوطني بدمشق .
بدأت أعمال التنقيب عن بقايا قصر الحير الغربي اعتبارا من عام 1936 بعثة فرنسية وبعد دراسة هذه الآثار تبين أنه من أجمل قصور بني أمية في بادية الشام
المنشآت المعمارية في منطقة الحير الغربي : كانت عبارة عن مجموعة معمارية مدنية متكاملة وكان قصر الحير الغربي من ضمنها المنشأة الأضخم والأجمل, وهي تشمل خانا وحماما وسدا وبستانا ومستودعات للمياه ,يقع هذا المجمع في واحة تبعد 80كم إلى الجنوب الغربي من تدمر .
أما القصر فكان ذا طابع تحصيني له شكل مربع سوره الخارجي مزين بأبراج شبه مستديرة عند زواياه (ما عدا الزاوية الشمالية الغربية حيث البرج الذي يعود للعصر البيزنطي ) أما الجهة الشرقية فنجد برجين نصف إسطوانيين يحصران بينهما جبهة الباب .
ويتكون القصر من طابقين الأول مخططه واضح أما العلوي فمتهدم تماما أثناء عمليات التنقيب وجد في أنقاض القصر مجموعة كبيرة من التماثيل الجصية والقطع الخشبية, هذه التماثيل منحوتة بأشكال إنسانية وحيوانية ونباتية مختلفة كانت تزين الواجهتين الخارجية والداخلية للقصر .
وتضيف السيدة منى, لقد اخترنا في هذا المعرض التماثيل الإنسانية التي كانت تزين الواجهة الداخلية والخارجية للقصر هذه الأشكال الإنسانية التي دخلت في زخارف القصر كانت عديدة وتنتمي إلى مدارس فنية مختلفة ومواد متنوعة فنحن نجد اللوحات الجصية وقد رسم عليها الربة جيا (ربة الأرض) وهي مأخوذة من المثيولوجيا اليونانية وكذلك لوحة الصيد وهي من المثيولوجيا الفارسية الساسانية وتعتمد على ملحمة فارسية باسم (بهرام جور في الصيد) وكذلك وجوه عربية سواء كان أنثى أو رجلا أو عبدا وهي منتهى الواقعية وتعتبر من أقدم ماوصل إلينا من العصر الإسلامي للأشكال الإنسانية وهناك التماثيل كبيرة الحجم مثل جذع المرأة شبه العارية التي ترتدي إزارا معقودا, وعندخصرها وعلى ذراعها الأيمن سوار, وتحمل بيدها ما يشبه الإبريق .كما نجد أجزاء من تمثال شخص على رأسه عمامة شرقية وفي أذنه قرط وهو يرتدي ثيابا فاخرة متأثرا بالطراز الساساني ,ويعتقد بعض علماء الآثار بأنه تمثال هشام بن عبد الملك .
بالإضافة إلى تمثال نصفي للمرأة ذات الضفيرتين والتي تضع على رأسها تاجا وفي أذنيها قرطان وتمسك بيدها اليمنى إحدى ضفائرها بينما تحتضن بيدها اليسرى حمامة وهي من واجهة القصر الخارجية . أما أجزاء التماثيل الصغيرة التي تمثل أشخاصاً في وضعيات مختلفة مثل الذي يحمل كرة .. أو مروحة فهي من الواجهة الداخلية للقصر التي تطل على الساحة الداخلية المكشوفة وجميع هذه التماثيل من الجص وكذلك الرجل الذي يرتدي ما يشبه اللباس الروماني .
كما وجدت أجزاء عديدة من صور جدرانية تامة أو ناقصة وهي تمثل مواضيع هندسية أو نباتية أو مشاهد حية ولوحات فريسك فرشت أرض القصر .
إن العصر الأموي جمع في أسلوب بنائه وزخرفته ثقافات وفنونا متنوعة إذ نلاحظ فيه تزيينات لها طابع الغرب وأخرى ذات تأثير شرقي وأخرى ذات أصالة العمارة العربية السورية القديمة في تدمر وبصرى والرصافة وغيرها.
وفي نهاية المحاضرة قدم طلاب المعهد العالي للموسيقا بدمشق حفلة موسيقية من إعداد وتقديم الأستاذ حسام الدين بريمو والعازفون صالح كاتبة (عود) وفاء سفر (ناي ) مازن حمزة (رق ) توفيق ميرخان ( قانون ) ..
فارس مراد قسم الاثار جامعة دمشق 2007
يدرك تماما أنها ليست تلك الصحراء القاحلة التي يتيه بها الإنسان ,وإنما تلك الأراضي الشاسعة التي كانت تجوبها القبائل العربية باستمرار, وفيها الحركة المتواصلة حيث الطرق التجارية العالمية التي تعبرها من الجنوب إلى الشمال ومن أقصى الشرق إلى الغرب ,وتتوفر فيها المياه حيث البحيرات التي تتجمع فيها مياه الأمطار والآبار المعروفة أسماؤها ومواقعها لأهل البادية منذ مئات السنين .
وقد أدرك الأمويون عظمتها فأشادوا فيها القصور التي تناسب أهميتها وتوافق مكانتها .فقد عرفوا فيها قصر السدير والحيرة ,وما إن فتحت هذه البادية للعرب المسلمين حتى كان قصر الوليد في أسيس ,وقصر الحير الشرقي , وقصر الحير الغربي ,وقصر هشام بن عبد الملك في الرصافة بالإضافة إلى (قصر عمرة وقصر المشتى ,وقصر المفجر )في البادية الأردنية .
ضمن إطار احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية وضمن فعالية ألف تحفة وتحفة التي تقوم على تقديم شهري في أول جمعة من كل شهر ,تعرض تحف أثرية من قبل المختصين للمجموعة الأثرية المجهولة والمحفوظة في مستودعات المتحف الوطني بدمشق ترافق هذا التقديم حفلة موسيقية في القاعة الدمشقية -في المتحف الوطني بدمشق .
وفي 5/8/2008 ألقيت محاضرة بعنوان (روعة فن النحت الأموي ) وكما عودنا الدكتور ميشيل المقدسي قدم للمحاضرة منى المؤذن مديرة شؤون المتاحف في المديرية العامة للآثار .
وتناولت المحاضرة البادية في العصر الأموي فقالت : البادية من أجمل المناطق في سورية ولتوفر الماء فيها فقد كانت في العصر الأموي مأهولة في فترة الإسلام وماقبل الاسلام وهكذا تم تجهيزها بما يتناسب مع طبيعتها من المباني باعتبارها عقدة هامة بين ولايات الدولة الأموية مترامية الأطراف, وكان لهذه المنشآت مهمات عديدة منها سكن الخلفاء الأمويين الذين فضلوا الإقامة في البادية ,على السكن في المدن حيث يستطيعون فيها الالتقاء بالقبائل العربية وشيوخها وكذلك لحل مشكلاتهم وخلافاتهم ,ويشرفون بشكل مباشر على طرق المواصلات وذلك لتأمين الأمن والنظام للقوافل التجارية والبريد , ويتلقون فيها اللغة العربية القويمة, بالإضافة إلى ذلك فهم يتمتعون فيها بحياة الأنس واللهو من خلال رحلات الصيد وكل ذلك بعيدا عن أجواء المدينة ومواسمها التقليدية .
وقد قام بتنفيذ المباني مهندسون معماريون وفنانون وعمال عرب سوريون وقد وردت أسماؤهم في الوثائق أمثال حسان بن ما هويه الأنطاكي ,وسليمان بن عبيد ,وثابت بن أبي ثابت ,وقد ظهرت بهندسة رائعة تتوافق مع الهدف الذي أنشئت من أجله .
وخصصت السيدة منى المؤذن في محاضرتها من العمائر الأموية قصر الحير الغربي الذي تزين واجهته مدخل المتحف الوطني بدمشق .
بدأت أعمال التنقيب عن بقايا قصر الحير الغربي اعتبارا من عام 1936 بعثة فرنسية وبعد دراسة هذه الآثار تبين أنه من أجمل قصور بني أمية في بادية الشام
المنشآت المعمارية في منطقة الحير الغربي : كانت عبارة عن مجموعة معمارية مدنية متكاملة وكان قصر الحير الغربي من ضمنها المنشأة الأضخم والأجمل, وهي تشمل خانا وحماما وسدا وبستانا ومستودعات للمياه ,يقع هذا المجمع في واحة تبعد 80كم إلى الجنوب الغربي من تدمر .
أما القصر فكان ذا طابع تحصيني له شكل مربع سوره الخارجي مزين بأبراج شبه مستديرة عند زواياه (ما عدا الزاوية الشمالية الغربية حيث البرج الذي يعود للعصر البيزنطي ) أما الجهة الشرقية فنجد برجين نصف إسطوانيين يحصران بينهما جبهة الباب .
ويتكون القصر من طابقين الأول مخططه واضح أما العلوي فمتهدم تماما أثناء عمليات التنقيب وجد في أنقاض القصر مجموعة كبيرة من التماثيل الجصية والقطع الخشبية, هذه التماثيل منحوتة بأشكال إنسانية وحيوانية ونباتية مختلفة كانت تزين الواجهتين الخارجية والداخلية للقصر .
وتضيف السيدة منى, لقد اخترنا في هذا المعرض التماثيل الإنسانية التي كانت تزين الواجهة الداخلية والخارجية للقصر هذه الأشكال الإنسانية التي دخلت في زخارف القصر كانت عديدة وتنتمي إلى مدارس فنية مختلفة ومواد متنوعة فنحن نجد اللوحات الجصية وقد رسم عليها الربة جيا (ربة الأرض) وهي مأخوذة من المثيولوجيا اليونانية وكذلك لوحة الصيد وهي من المثيولوجيا الفارسية الساسانية وتعتمد على ملحمة فارسية باسم (بهرام جور في الصيد) وكذلك وجوه عربية سواء كان أنثى أو رجلا أو عبدا وهي منتهى الواقعية وتعتبر من أقدم ماوصل إلينا من العصر الإسلامي للأشكال الإنسانية وهناك التماثيل كبيرة الحجم مثل جذع المرأة شبه العارية التي ترتدي إزارا معقودا, وعندخصرها وعلى ذراعها الأيمن سوار, وتحمل بيدها ما يشبه الإبريق .كما نجد أجزاء من تمثال شخص على رأسه عمامة شرقية وفي أذنه قرط وهو يرتدي ثيابا فاخرة متأثرا بالطراز الساساني ,ويعتقد بعض علماء الآثار بأنه تمثال هشام بن عبد الملك .
بالإضافة إلى تمثال نصفي للمرأة ذات الضفيرتين والتي تضع على رأسها تاجا وفي أذنيها قرطان وتمسك بيدها اليمنى إحدى ضفائرها بينما تحتضن بيدها اليسرى حمامة وهي من واجهة القصر الخارجية . أما أجزاء التماثيل الصغيرة التي تمثل أشخاصاً في وضعيات مختلفة مثل الذي يحمل كرة .. أو مروحة فهي من الواجهة الداخلية للقصر التي تطل على الساحة الداخلية المكشوفة وجميع هذه التماثيل من الجص وكذلك الرجل الذي يرتدي ما يشبه اللباس الروماني .
كما وجدت أجزاء عديدة من صور جدرانية تامة أو ناقصة وهي تمثل مواضيع هندسية أو نباتية أو مشاهد حية ولوحات فريسك فرشت أرض القصر .
إن العصر الأموي جمع في أسلوب بنائه وزخرفته ثقافات وفنونا متنوعة إذ نلاحظ فيه تزيينات لها طابع الغرب وأخرى ذات تأثير شرقي وأخرى ذات أصالة العمارة العربية السورية القديمة في تدمر وبصرى والرصافة وغيرها.
وفي نهاية المحاضرة قدم طلاب المعهد العالي للموسيقا بدمشق حفلة موسيقية من إعداد وتقديم الأستاذ حسام الدين بريمو والعازفون صالح كاتبة (عود) وفاء سفر (ناي ) مازن حمزة (رق ) توفيق ميرخان ( قانون ) ..
فارس مراد قسم الاثار جامعة دمشق 2007
Comment