هـذي حـمـاة مـديـنـة جـمـيـلـــة ... وأنا امرءٌ بجمالها مسحورُ
يا ليت شعري ما أقول بوصفها ... وحماة شعر كلها وشعور
يا ليت شعري ما أقول بوصفها ... وحماة شعر كلها وشعور
تقع مدينة حماة في وسط دولة سورية، مرتفعة عن سطح البحر بقدر 270 متراً، يمر فيها نهر العاصي فيقسمها إلى نصفين، هواؤها معتدل رطوبته قليلة.
تاريخ حماة القديم
تقع مدينة حماة وسط سورية، وتعدّ من أقدم المدن في العالم، حيث عُثر فيها على مكتشفات تعود إلى الألف الخامس قبل الميلاد .
حَكَمها العمالقة ، وهم من العرب الأقدمين سكان شمال الحجاز ، ثم الأموريون عام 2600 ق.م ، ثم السومريون فالأكاديون ...... فالكلدانيون ثم الفراعنة . كما حكمها نبوخذ نصّر ثم قورش الفارسي الذي أحرقها . استولى عليها الإسكندر الأكبر سنة 331 ق.م ، وبقيت بين خلفائه من الهلسنتيين ، حيث تعدّ فترة حكمهم لها فترة ذهبية استعادت فيها حماة ازدهارها وحضارتها ورقيها الزراعي ، فقد تطورت فيها الزراعة والسقاية بابتكار النواعير ( وهي دواليب خشبية ضخمة تدور بقوة الماء الذي يرتفع معها ) ، وقد صارت هذه النواعير سِمَة خاصة بمدينة حماة . وفي عام 64 ق.م وقعت حماة تحت الحكم الروماني الذي استعمرها حتى عام 638م ـ 17هـ حيث انضوت حماة تحت راية الحكم الإسلامي صلحاً على يد الصحابي الجليل أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه .
استقرت بها قبيلة قيس ، وقد روى الطبراني في الأوسط والكبير عن غالب بن أبجر ذُكرت قيس عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " رحم الله قيساً ، قيل : يارسول الله ، ترحم على قيس ؟ قال : نعم ، إنه كان على دين أبينا إبراهيم خليل الله . ياقيس حي يمناً ، يا يمن حي قيساً ، إن قيساً فرسان الله في الأرض ، والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان ليس لهذا الدين ناصر غير قيس ، إنما قيس بيضة ففلقت عن أهل البيت ، إن قيساً ضرّاء الله " يعني أسد الله .
وفي فترة الحروب الصليبية وقفت حماة سَدَّاً منيعاً في وجه الصليبيين فلم يتمكنوا من دخولها ، مع أنّهم احتلُّوا كامل ساحل بلاد الشام وبعض المدن الداخلية الهامة كبيت المقدس .
وفي العهد الأيوبي الذي استمر 167 سنة ، كانت حماة في أوج قوتها علمياً وعمرانيّاً وعسكرياً . فقد كانت ميمنة الجيوش الأيوبية حموية ، واشتهرت في المعارك الكبرى مثل : معركة حطين ، وفتح طرابلس ، وفتح عكا ، وقلعة الأكراد ، والكرك .
وفي هذه الفترة برز اسم ملكها العالم المؤرخ أبي الفداء إسماعيل الأيوبي الذي خلدّها في كتبه ، وأضحت حماة في عهده مَحَجَّاً للعلماء والأدباء حتى قيل : " إنه لم يجتمع في بلاط حاكم من الحكام من العلماء والأدباء والشعراء بعد سيف الدولة الحمداني في حلب كمثل ما اجتمع في بلاط أبي الفداء في حماة " . وقد مات أبو الفداء ودفن فيها ، فصارت تنسب إليه فيقال : " مدينة أبي الفداء " .
وفي القرن السابع للهجرة غزاها هولاكو ، وكاد يقضي على ما فيها من عمران وحضارة . ثم ازدهرت في عصر المماليك ازدهاراً رائعاً ... وبعد ذلك دخلت حماة تحت لواء الخلافة العثمانية من عام 1517م إلى 1920م يوم وقعت حماة مع سائر المدن السورية تحت سيطرة الاستعمار الفرنسي مُدّة ست وعشرين سنة .
استهلت حماة تاريخها الحديث بثورات وانتفضات شعبية متتالية ضد الاستعمار الفرنسي . وكان لها مواقف رائعة في البطولة والتضحية . وكانت قمّة عطائها في معارك الجلاء عام 1945م حيث أوسعها الفرنسيون ضرباً وعدواناً . ولأهل حماة سجلاّت شرف في كلّ ميادين الجهاد .
تُشْتَهر مدينة حماة بجوامعها وقصورها وحماماتها وخاناتها وأسواقها المسقوفة ومكتباتها ، وفيها الكثير من الزوايا والتكايا للعباد والزهاد ...
أسماؤها
لحماة عدة أسماء قديمة وأخرى حديثة ، فقد ورد اسمها في التوراة باسم " حمت الكبرى " ، ويقال إنّ اسمها مأخوذ من اسم أول ملك آرامي لها كان يدعى "حماة " .. أو من اسم "حام" المدفون فيها ( في حماة اليوم مسجد يقال له مسجد النبي حام ، على اعتقاد أن " حاماً " نبي ، وأنه مدفون بجوار المسجد ) .والكتب القديمة وما سجل على الأنصاب تعطينا أن حماة تعني الحصن أو القلعة وفي اللغات الشرقية يسمى الحصن (( حامات )) وهناك من يقول بان حماة اسم جاء للمدينة من اسم أول ملك آرامي حكمها ... ثم تبدل اسمها (( ابيفانيا )) وذلك في عام ( 301 ) قبل الميلاد نسبة إلى الملك السلوقي انطوخيوس ابيفانس الرابع .هذا في القديم وفي العصر الحاضر تشتهر حماة باسمين آخرين هما:
مدينة أبى الفداء: وأبو الفداء هو ملكها العالم المؤرخ المشهور وصاحب المختصر في اخبارا لبشر
مدينة النواعير : والنواعير دوائر خشبية تدور على نهر العاصي وترفع المياه إلى الأعالي وهي كثيرة في المدينة وضواحيها
مساجدها
لعل الجامع الكبير يقف في مقدمة المساجد الاثرية في حماة وهو يقع في حي المدينة وفيه تظهر آثار ثلاث مدنيات كبرى متغايرة في اللغة والعنصر والدين وهي اليونان والرومان والعرب المسلمون فقد كان لليونانيين معبدا وثنيا ثم كاتدرائية كبرى للرومان البيزنطيين فجامعا إسلاميا في عام (17) هجري _ (638) ميلادي
وثاني هذه المساجد هو الجامع النوري الذي بناه نور الدين الزنكي وتأتى قبابه الخمس لتتم روعة هذا الجامع فهي كبيرة ومختلفة في الشكل والحجم ويوجد على جداره الشمالي ثلاث كتابات أثرية هامة أولها باليونانية وتشيد بعظمة سكان المدينة وآبائهم وصلابتهم ضد المتسلطين الرومان والثانية بالعربية منقوشة ضمن لوحة مزخرفة بديعة فيها اسم الباني وتاريخ البناء والثالثة بالعربية أيضا ويبدو أن الجامع كان مركزا تقام فيه الحلقات العلملية من قبل طلاب منقطعين للدرس ينفق عليهم من أوقاف المدينة
وثالث هذه المساجد هو جامع أبي الفداء في محلة باب الجسر وعلى الضفة الشمالية من نهر العاصي وفي موقع سياحي رائع جدا ولقد بناه الملك العالم أبو الفداء عام (726) هجري _ (1325) ميلادي وتزين وجهة الحرم ومحرابه فسيفساء صدفية بأشكال زخرفية هندسية بديعة وهناك عضادة رخامية مزدوجة بين النافذتين الشرقيتين تتشابك في زواياها الأربع أفاعي ثمان تشكل بالتفافها تضفيرا جميلا رائعا ولهذا أطلقت العامة على المسجد اسم ( جامع الحيات) وفي صحن الجامع مئذنة وغرفة سقفها قبة مضلعة تضم بداخلها ضريح الملك العالم وباني المسجد أبى الفداء .
ومن المساجد التي تستحق الذكر (( جامع الحسنين)) الذي يقع تحت القلعة من الجنوب وقد بني في القرن الرابع الهجري ثم جرى تجديده من قبل نور الدين زنكي بعد حادثة الزلزلة الحموية وفيه قبتان رائعتان واحدة تعود إلى البناء القديم والثانية إلى عهد تجديده وفي الجانب الشرقي منه قبة تضم ضريحا منسوباً للنبي يونس .
قلعة حماه
قلعة حماه اليوم تقع في وسط المدينة بشكل ركام ترابي يكاد يكون خالياً إلا من آثار الحفريات الأثرية التي نقلت مكتشفاتها إلى متاحف دمشق وحلب وكوبنهاكن وباريس أما أطلال القلعة والأتربة والبقايا ماهي إلا أصداء للسومريين والأكاديين والعموريين والهيكسوس والحوريين والميثانيين والآراميين والآشوريين والبابليين والفرس واليونان والسلوقيين والرومان والبيزنطيين جميعاُ.وما القباب والأسوار والجدران الموجودة فيها إلا سطور من العهود الإسلامية المتتابعة حتى القرن التاسع الهجري الخامس عشر الميلادي.كانت قلعة حماه كاملة وشبيهة ببناء قلعة حلب وبعد تدميرها وإحراقها منذ 500 عام نُقلت أحجار أسوارها و أبراجها إلى شرقي نهر العاصي واستعملت في البناء وصارت القلعة كما تبدو الآن ركاماً ترابياً .والنواعير أبرز منشآتها الأثرية والتاريخية والسياحية والطبيعية معاُ
*أما المؤرخ أبو الفداء الذي كان ملكاً على حماة فقال عن مدينته هذه و نواعيرها :
حماة من الشام مدينة أزلية و هي من أنزه البلاد الشامية ...و بها نواعير على العاصي تسقي أكثر بساتينها و يدخل منها الماء إلى كثير من دورها.
سورها وأبوابها
بني سور حماة الكبير في زمن الإمبراطور انستاسيوس الأول (491_518) وفي أول سنتين من حكمه لكنه تهدم بفعل الزلزلة الحموية من جانب وعاديات الزمن من جانب ثان وهجمات الغزاة وعمليات الهدم من جانب ثالث واخيرا لم يبقى منه الآن سوى أمتار معدودة في المنطقة الشرقية وقد بني بجواره مسجد واتخذ من حائط السور جدارا استناديا له وهذه البقية مكونة من أحجار كبيرة تدعمها روابط من الأعمدة وهناك كتابة باقية.
ومن المعروف أن نور الدين محمود زنكي هو الذي جدد السور بعد زلزال عام (552) هجري _ (1157) ميلادي وكتب التاريخ تذكر أن لهذا السور عشرة أبواب هي : الغربي _ المغار _ النهر _ القبلي _ العميان _ العدة _ الجسر _ حمص _ النصر _ النقفي .
وحين امتد عمران المدينة في حي السوق أقيمت أربعة أبواب جديدة هي : العرس _ دمشق _ طرابلس _ البلد على امتداد السور والان لم يبقى من هذه الأبواب سوى أسمائها فهناك أحياء باب النهر وباب القبلي وباب الجسر وباب طرابلس ... وليس فيها أي اثر للأبواب ولقد كان باب البلد آخر الأبواب حيث زالت معالمه في عام 1960 م
نهر العاصي
يمرّ نهر العاصي في مدينة حماة فيشطرها شطرين ، تَحُفُّهما الخضرة والجمال . وتحيط بالمدينة سلسلة من التلال المرتفعة في الشرق والشمال والجنوب .
وإن مرور نهر العاصي في منطقة حماة ووقوعها بين سلاسل من المرتفعات الجبلية هما اللذان جعلاها مكنا للإنسان البدائي ثم للإنسان المتحضر والمستقر وكان ذلك في عهد الاموريين الذين أرادوا مجابهة الغزوات المتلاحقة التي تتساقط عليها فاضطروا إلى بناء مدينتين إحداهما في الشمال وهي حماة والثانية في الجنوب وهي بعلبك وذلك حوالي عام ( 2100 ) قبل الميلاد
صناعاتها وزراعتها
مع أن حماة لم تشتهر بالصناعة كاشتهارها بالزراعة ، إلا أن هناك مصنوعات تقليدية اشتهرت بها منذ القدم مثل : صناعة الصوف والمنسوجات ، والمصنوعات التي أساسها حيواني مثل : الألبان والأجبان والقشدة ، ويتبع ذلك الدباغة وصناعة الجلود وغيرها.
لكن حماة زراعية أكثر منها صناعية، تشتهر بزراعة الحنطة والشعير والذرة الصفراء والبيضاء، والحمص والعدس.
ماذا قال الرحالة ابن سعيد الأندلسي عنها :
حماة المدينة الساحرة التي ذكرها الرحالة ابن سعيد الأندلسي في قوله :
((منذ خرجت من جزيرة الأندلس وطفت في بر العدوة ورأيت مدنها العظيمة كمراكش وفارس وسلا وسبته ثم طفت في أفريقيا وما جاورها من المغرب الأوسط فرأيت بجباية وتونس ثم دخلت الديار المصرية فرأيت الإسكندرية والقاهرة والفسطاط ثم دخلت الشام فرأيت دمشق وحلب وما بينهما ... لم أر ما يشبه الأندلس في مياهها و اشجارها إلا مدينة فاس بالمغرب الأقصى ومدينة دمشق بالشام وفي حماة مسحة أندلسية ))
ويقول الرحالة مونمارشيه صاحب (( الدليل الأزرق )) :
(( حماة لا يحتاج المتجول فيها إلى ركوب المركبة فضياع الوقت يكاد لا يذكر ناهيك أن الماشي يتملى اكثر بمشاهدة الطرق والقصور والنواعير والمساجد والجسور والحمامات
تاريخ حماة القديم
تقع مدينة حماة وسط سورية، وتعدّ من أقدم المدن في العالم، حيث عُثر فيها على مكتشفات تعود إلى الألف الخامس قبل الميلاد .
حَكَمها العمالقة ، وهم من العرب الأقدمين سكان شمال الحجاز ، ثم الأموريون عام 2600 ق.م ، ثم السومريون فالأكاديون ...... فالكلدانيون ثم الفراعنة . كما حكمها نبوخذ نصّر ثم قورش الفارسي الذي أحرقها . استولى عليها الإسكندر الأكبر سنة 331 ق.م ، وبقيت بين خلفائه من الهلسنتيين ، حيث تعدّ فترة حكمهم لها فترة ذهبية استعادت فيها حماة ازدهارها وحضارتها ورقيها الزراعي ، فقد تطورت فيها الزراعة والسقاية بابتكار النواعير ( وهي دواليب خشبية ضخمة تدور بقوة الماء الذي يرتفع معها ) ، وقد صارت هذه النواعير سِمَة خاصة بمدينة حماة . وفي عام 64 ق.م وقعت حماة تحت الحكم الروماني الذي استعمرها حتى عام 638م ـ 17هـ حيث انضوت حماة تحت راية الحكم الإسلامي صلحاً على يد الصحابي الجليل أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه .
استقرت بها قبيلة قيس ، وقد روى الطبراني في الأوسط والكبير عن غالب بن أبجر ذُكرت قيس عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " رحم الله قيساً ، قيل : يارسول الله ، ترحم على قيس ؟ قال : نعم ، إنه كان على دين أبينا إبراهيم خليل الله . ياقيس حي يمناً ، يا يمن حي قيساً ، إن قيساً فرسان الله في الأرض ، والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان ليس لهذا الدين ناصر غير قيس ، إنما قيس بيضة ففلقت عن أهل البيت ، إن قيساً ضرّاء الله " يعني أسد الله .
وفي فترة الحروب الصليبية وقفت حماة سَدَّاً منيعاً في وجه الصليبيين فلم يتمكنوا من دخولها ، مع أنّهم احتلُّوا كامل ساحل بلاد الشام وبعض المدن الداخلية الهامة كبيت المقدس .
وفي العهد الأيوبي الذي استمر 167 سنة ، كانت حماة في أوج قوتها علمياً وعمرانيّاً وعسكرياً . فقد كانت ميمنة الجيوش الأيوبية حموية ، واشتهرت في المعارك الكبرى مثل : معركة حطين ، وفتح طرابلس ، وفتح عكا ، وقلعة الأكراد ، والكرك .
وفي هذه الفترة برز اسم ملكها العالم المؤرخ أبي الفداء إسماعيل الأيوبي الذي خلدّها في كتبه ، وأضحت حماة في عهده مَحَجَّاً للعلماء والأدباء حتى قيل : " إنه لم يجتمع في بلاط حاكم من الحكام من العلماء والأدباء والشعراء بعد سيف الدولة الحمداني في حلب كمثل ما اجتمع في بلاط أبي الفداء في حماة " . وقد مات أبو الفداء ودفن فيها ، فصارت تنسب إليه فيقال : " مدينة أبي الفداء " .
وفي القرن السابع للهجرة غزاها هولاكو ، وكاد يقضي على ما فيها من عمران وحضارة . ثم ازدهرت في عصر المماليك ازدهاراً رائعاً ... وبعد ذلك دخلت حماة تحت لواء الخلافة العثمانية من عام 1517م إلى 1920م يوم وقعت حماة مع سائر المدن السورية تحت سيطرة الاستعمار الفرنسي مُدّة ست وعشرين سنة .
استهلت حماة تاريخها الحديث بثورات وانتفضات شعبية متتالية ضد الاستعمار الفرنسي . وكان لها مواقف رائعة في البطولة والتضحية . وكانت قمّة عطائها في معارك الجلاء عام 1945م حيث أوسعها الفرنسيون ضرباً وعدواناً . ولأهل حماة سجلاّت شرف في كلّ ميادين الجهاد .
تُشْتَهر مدينة حماة بجوامعها وقصورها وحماماتها وخاناتها وأسواقها المسقوفة ومكتباتها ، وفيها الكثير من الزوايا والتكايا للعباد والزهاد ...
أسماؤها
لحماة عدة أسماء قديمة وأخرى حديثة ، فقد ورد اسمها في التوراة باسم " حمت الكبرى " ، ويقال إنّ اسمها مأخوذ من اسم أول ملك آرامي لها كان يدعى "حماة " .. أو من اسم "حام" المدفون فيها ( في حماة اليوم مسجد يقال له مسجد النبي حام ، على اعتقاد أن " حاماً " نبي ، وأنه مدفون بجوار المسجد ) .والكتب القديمة وما سجل على الأنصاب تعطينا أن حماة تعني الحصن أو القلعة وفي اللغات الشرقية يسمى الحصن (( حامات )) وهناك من يقول بان حماة اسم جاء للمدينة من اسم أول ملك آرامي حكمها ... ثم تبدل اسمها (( ابيفانيا )) وذلك في عام ( 301 ) قبل الميلاد نسبة إلى الملك السلوقي انطوخيوس ابيفانس الرابع .هذا في القديم وفي العصر الحاضر تشتهر حماة باسمين آخرين هما:
مدينة أبى الفداء: وأبو الفداء هو ملكها العالم المؤرخ المشهور وصاحب المختصر في اخبارا لبشر
مدينة النواعير : والنواعير دوائر خشبية تدور على نهر العاصي وترفع المياه إلى الأعالي وهي كثيرة في المدينة وضواحيها
مساجدها
لعل الجامع الكبير يقف في مقدمة المساجد الاثرية في حماة وهو يقع في حي المدينة وفيه تظهر آثار ثلاث مدنيات كبرى متغايرة في اللغة والعنصر والدين وهي اليونان والرومان والعرب المسلمون فقد كان لليونانيين معبدا وثنيا ثم كاتدرائية كبرى للرومان البيزنطيين فجامعا إسلاميا في عام (17) هجري _ (638) ميلادي
وثاني هذه المساجد هو الجامع النوري الذي بناه نور الدين الزنكي وتأتى قبابه الخمس لتتم روعة هذا الجامع فهي كبيرة ومختلفة في الشكل والحجم ويوجد على جداره الشمالي ثلاث كتابات أثرية هامة أولها باليونانية وتشيد بعظمة سكان المدينة وآبائهم وصلابتهم ضد المتسلطين الرومان والثانية بالعربية منقوشة ضمن لوحة مزخرفة بديعة فيها اسم الباني وتاريخ البناء والثالثة بالعربية أيضا ويبدو أن الجامع كان مركزا تقام فيه الحلقات العلملية من قبل طلاب منقطعين للدرس ينفق عليهم من أوقاف المدينة
وثالث هذه المساجد هو جامع أبي الفداء في محلة باب الجسر وعلى الضفة الشمالية من نهر العاصي وفي موقع سياحي رائع جدا ولقد بناه الملك العالم أبو الفداء عام (726) هجري _ (1325) ميلادي وتزين وجهة الحرم ومحرابه فسيفساء صدفية بأشكال زخرفية هندسية بديعة وهناك عضادة رخامية مزدوجة بين النافذتين الشرقيتين تتشابك في زواياها الأربع أفاعي ثمان تشكل بالتفافها تضفيرا جميلا رائعا ولهذا أطلقت العامة على المسجد اسم ( جامع الحيات) وفي صحن الجامع مئذنة وغرفة سقفها قبة مضلعة تضم بداخلها ضريح الملك العالم وباني المسجد أبى الفداء .
ومن المساجد التي تستحق الذكر (( جامع الحسنين)) الذي يقع تحت القلعة من الجنوب وقد بني في القرن الرابع الهجري ثم جرى تجديده من قبل نور الدين زنكي بعد حادثة الزلزلة الحموية وفيه قبتان رائعتان واحدة تعود إلى البناء القديم والثانية إلى عهد تجديده وفي الجانب الشرقي منه قبة تضم ضريحا منسوباً للنبي يونس .
قلعة حماه
قلعة حماه اليوم تقع في وسط المدينة بشكل ركام ترابي يكاد يكون خالياً إلا من آثار الحفريات الأثرية التي نقلت مكتشفاتها إلى متاحف دمشق وحلب وكوبنهاكن وباريس أما أطلال القلعة والأتربة والبقايا ماهي إلا أصداء للسومريين والأكاديين والعموريين والهيكسوس والحوريين والميثانيين والآراميين والآشوريين والبابليين والفرس واليونان والسلوقيين والرومان والبيزنطيين جميعاُ.وما القباب والأسوار والجدران الموجودة فيها إلا سطور من العهود الإسلامية المتتابعة حتى القرن التاسع الهجري الخامس عشر الميلادي.كانت قلعة حماه كاملة وشبيهة ببناء قلعة حلب وبعد تدميرها وإحراقها منذ 500 عام نُقلت أحجار أسوارها و أبراجها إلى شرقي نهر العاصي واستعملت في البناء وصارت القلعة كما تبدو الآن ركاماً ترابياً .والنواعير أبرز منشآتها الأثرية والتاريخية والسياحية والطبيعية معاُ
*أما المؤرخ أبو الفداء الذي كان ملكاً على حماة فقال عن مدينته هذه و نواعيرها :
حماة من الشام مدينة أزلية و هي من أنزه البلاد الشامية ...و بها نواعير على العاصي تسقي أكثر بساتينها و يدخل منها الماء إلى كثير من دورها.
سورها وأبوابها
بني سور حماة الكبير في زمن الإمبراطور انستاسيوس الأول (491_518) وفي أول سنتين من حكمه لكنه تهدم بفعل الزلزلة الحموية من جانب وعاديات الزمن من جانب ثان وهجمات الغزاة وعمليات الهدم من جانب ثالث واخيرا لم يبقى منه الآن سوى أمتار معدودة في المنطقة الشرقية وقد بني بجواره مسجد واتخذ من حائط السور جدارا استناديا له وهذه البقية مكونة من أحجار كبيرة تدعمها روابط من الأعمدة وهناك كتابة باقية.
ومن المعروف أن نور الدين محمود زنكي هو الذي جدد السور بعد زلزال عام (552) هجري _ (1157) ميلادي وكتب التاريخ تذكر أن لهذا السور عشرة أبواب هي : الغربي _ المغار _ النهر _ القبلي _ العميان _ العدة _ الجسر _ حمص _ النصر _ النقفي .
وحين امتد عمران المدينة في حي السوق أقيمت أربعة أبواب جديدة هي : العرس _ دمشق _ طرابلس _ البلد على امتداد السور والان لم يبقى من هذه الأبواب سوى أسمائها فهناك أحياء باب النهر وباب القبلي وباب الجسر وباب طرابلس ... وليس فيها أي اثر للأبواب ولقد كان باب البلد آخر الأبواب حيث زالت معالمه في عام 1960 م
نهر العاصي
يمرّ نهر العاصي في مدينة حماة فيشطرها شطرين ، تَحُفُّهما الخضرة والجمال . وتحيط بالمدينة سلسلة من التلال المرتفعة في الشرق والشمال والجنوب .
وإن مرور نهر العاصي في منطقة حماة ووقوعها بين سلاسل من المرتفعات الجبلية هما اللذان جعلاها مكنا للإنسان البدائي ثم للإنسان المتحضر والمستقر وكان ذلك في عهد الاموريين الذين أرادوا مجابهة الغزوات المتلاحقة التي تتساقط عليها فاضطروا إلى بناء مدينتين إحداهما في الشمال وهي حماة والثانية في الجنوب وهي بعلبك وذلك حوالي عام ( 2100 ) قبل الميلاد
صناعاتها وزراعتها
مع أن حماة لم تشتهر بالصناعة كاشتهارها بالزراعة ، إلا أن هناك مصنوعات تقليدية اشتهرت بها منذ القدم مثل : صناعة الصوف والمنسوجات ، والمصنوعات التي أساسها حيواني مثل : الألبان والأجبان والقشدة ، ويتبع ذلك الدباغة وصناعة الجلود وغيرها.
لكن حماة زراعية أكثر منها صناعية، تشتهر بزراعة الحنطة والشعير والذرة الصفراء والبيضاء، والحمص والعدس.
ماذا قال الرحالة ابن سعيد الأندلسي عنها :
حماة المدينة الساحرة التي ذكرها الرحالة ابن سعيد الأندلسي في قوله :
((منذ خرجت من جزيرة الأندلس وطفت في بر العدوة ورأيت مدنها العظيمة كمراكش وفارس وسلا وسبته ثم طفت في أفريقيا وما جاورها من المغرب الأوسط فرأيت بجباية وتونس ثم دخلت الديار المصرية فرأيت الإسكندرية والقاهرة والفسطاط ثم دخلت الشام فرأيت دمشق وحلب وما بينهما ... لم أر ما يشبه الأندلس في مياهها و اشجارها إلا مدينة فاس بالمغرب الأقصى ومدينة دمشق بالشام وفي حماة مسحة أندلسية ))
ويقول الرحالة مونمارشيه صاحب (( الدليل الأزرق )) :
(( حماة لا يحتاج المتجول فيها إلى ركوب المركبة فضياع الوقت يكاد لا يذكر ناهيك أن الماشي يتملى اكثر بمشاهدة الطرق والقصور والنواعير والمساجد والجسور والحمامات
Comment