واحدة من البِدع والشِّيع التبشيريّة الخلافية هي شيعة "شهود يهوه"، والتي كانت تسمّي نفسها حتى عام 1931 "جماعة باحثي التوراة الحقيقيّين". وبعد الحرب العالميّة الثانية أبدلت اسمها هذا واتّخذت الإسم الحالي "أنصار شهود يهوه". برزت هذه البدعة إلى حيّز الوجود في القرن التاسع عشر على يد المبشّر التّاجر الأمريكي Charles Taze Russell، المولود عام 1852 في مدينة Pittsburg التّابعة لولاية Pennsylvania بين نيويورك وواشنطن، وهذا يعني أنّها ليست كنيسة حقيقيّة قديمة يحقّ الإعتراف بها.
(راجع منشور البابا بندكتس السّادس عشر: من يحق تسميته كنيسة؟ عام 2008)، لأنّها غير مرتبطة بالكنيسة الّتي أسّسها المسيح برئاسة بطرس وخلفائه ولا تعترف بكل تعاليم المسيح الموجودة في الكتاب المقدّس. كل هذه الكنائس (مع التحفّظ بإعطائها هذا الإسم) يجب تسميتها بدعة، هرطقة، شيعة تُبلبل بتعليمها، إذ تخلط الحابل بالنّابل.
المؤسس شارل روسِّل هو ابن عائلة تجاريّة مثرية من أمريكا كانت ديانتها من الشيعة الPresbiterian الّتي لا تعترف بسلطة أي رئاسة بابوية أو أسقفيّة او كهنوتيّة، إذ تقول كلّ معمّد هو كاهن. هذه الفكرة وُلدت على يد Calvin السّويسري خليفة لوثر والمصلح المتشدّد في الكنيسة البروتستانتيّة، إذ ألغى كلّ ما تركه لوثر من عقائد مرتبطة مع الكنيسة الكاثوليكيّة. منذ صغره كان شارل روسِّل مؤمنا مُتردّدا، تدور في رأسه سؤالات جمّة تُشكِّك بالدّين، وآخر سُؤال كان يزعجه كثيرا(كما كانت أيضا مشكلة لوثر بالذّات) هو سؤال الPredestination أي مسألة القضاء النّهائي المُحدّد من الله سلفا قبل الموت. فلكي يجد حلآّ يريحه دخل في سن السابعة عشر فريق الشبيبة الدّيني في بلده، لكنّه لم يجد الهدوء كما افتكر، فانتقل إلى شيعة ال Adventist أي الّذين ينتظرون مجيء المسيح الثّاني، وذلك عن طريق الصّدفة، كما كتب هو نفسه. ففي أحد الأيام كان سائرا في شارع مظلم وأمامه قاعة منيرة تخرج منها أنغام المرتّلين، فدخلها، وإذا هي شيعة ال Adventist تحتفل بساعة صلاة، تخلّلتها عظة للمُترئِسٍ، واسمه Jonas Wendell أشعل في قلبه ناراً لمحبّة التوراة وقراءتها. ومن ذلك اليوم راح لا يقاطع حضور الصلاة مع هذه الشيعة، الّتي كان الموضوع الرّئيسي للوعظات فيها هو نهاية العالم. خاصة بعدما سمع عن مُلكُ المسيح الألفي(1000) المذكور في كتاب الرّؤيا 4:20. وبما أن شّيعة ال Adventist تنكر وجود جهنّم، وهذا يعني عكس ما تعلَّمه من شيعة Calvin فقد وجد العزاء والسّلام الدّاخلي، كما قال هو نفسه. وكان عمره آنذاك 20 عاما.
وظيفيّا كان شارل روسِّل يمارس التّجارة مع والده الثّري، وكانت لهما فروع تجاريّة في ولايات عديدة بين واشنطن ونيويورك وفي مسقط رأسه. لكن الوظيفة والتّجارة لم تستطع قتل الشّعور الدّيني، الّذي كان يشعر به، فراح يخلط مواضيع التّجارة بحديث عن الدّين مع زملائه وزبائنه. وهكذا استطاع من تجميع بعض الزّبائن، الّذين أقنعهم أن ينظمّوا إليه وبدأوا بالبحث في التوراة عن الحقيقة، تحت اسم "جمعيّة باحثي التوراة الحقيقيّين" الّتي كانت أرضيّة الجمعيّة الّتي اتّخذت اسم "شهود يهوه" فيما بعد.
شارل روسِّل نفسه كان رئيس هذه الجمعيّة، علما بأنّه ما كان حاصلا على أيّةِ ثقافة، لا دينيّة ولا لاهوتيّة ولا علميّة، كما الحال مع كلّ الّذين انظمّوا إليه في حقبة التأسيس تلك. لذا فكانت كلّ الأفكار الّتي يقدِّمها للتّباحث فيها في هذه الإجتماعات غير عميقة، ومؤسّسة على الأغلاط التّحتيّة التي كانت لا تزال تدور في رأسه. ومن أوّل الأفكار الّتي نشرها، أنّه ما وُجد إنسان حتّى اليوم، فهم التّوراة على حقيقتها، كما وأنّه لن يوجد إنسان يفهم أفكار الله الواردة فيها. وبهذا استطاع هو على عاتقه بثّ ونشر أفكاره الغير مُثبَتة علمِيّاً، خاصّة تلك النّظريّة الّتي لقى منها العزاء والسّلام الدّاخلي، أي نظريّة شيعة ال Adventist الّتي تنكر وجود جهنّم، معتمدا بذلك على قول بولس إلى أهل روما 21:6 "إنّ جزاء الخطيئة هو الموت" (لا جهنّم).
والفكرة الثّانية الّتي بنى عليها نظريّته هي مُلكُ المسيح الألفي. فلقد افتكر أنّه وجد لها حلاًّ بهذه الفكرة: إنّ البشر، الّذين لم يُكمِلوا في حياتهم الأرضيّة الأعمال الّتي تمكّنهم من الدّخول في ملكوت الله، ستُعطى لهم مناسبة ثانية بعد مرور 1000 سٍنة ليقوموا من الموت ويكمِّلوا ما بقي ناقصا عليهم من أعمال صالحة تُمكِّنهم آخيرا من الدّخول إلى ملكوت المسيح.
وفي السّنين اللآحقة تعمّق في هذه الفكرة فوجد نظريّة ثانيّة هي نظريّة عودة المسيح الثانية إلى الأرض.
يتبع ...
الأب منويل بدر
(راجع منشور البابا بندكتس السّادس عشر: من يحق تسميته كنيسة؟ عام 2008)، لأنّها غير مرتبطة بالكنيسة الّتي أسّسها المسيح برئاسة بطرس وخلفائه ولا تعترف بكل تعاليم المسيح الموجودة في الكتاب المقدّس. كل هذه الكنائس (مع التحفّظ بإعطائها هذا الإسم) يجب تسميتها بدعة، هرطقة، شيعة تُبلبل بتعليمها، إذ تخلط الحابل بالنّابل.
المؤسس شارل روسِّل هو ابن عائلة تجاريّة مثرية من أمريكا كانت ديانتها من الشيعة الPresbiterian الّتي لا تعترف بسلطة أي رئاسة بابوية أو أسقفيّة او كهنوتيّة، إذ تقول كلّ معمّد هو كاهن. هذه الفكرة وُلدت على يد Calvin السّويسري خليفة لوثر والمصلح المتشدّد في الكنيسة البروتستانتيّة، إذ ألغى كلّ ما تركه لوثر من عقائد مرتبطة مع الكنيسة الكاثوليكيّة. منذ صغره كان شارل روسِّل مؤمنا مُتردّدا، تدور في رأسه سؤالات جمّة تُشكِّك بالدّين، وآخر سُؤال كان يزعجه كثيرا(كما كانت أيضا مشكلة لوثر بالذّات) هو سؤال الPredestination أي مسألة القضاء النّهائي المُحدّد من الله سلفا قبل الموت. فلكي يجد حلآّ يريحه دخل في سن السابعة عشر فريق الشبيبة الدّيني في بلده، لكنّه لم يجد الهدوء كما افتكر، فانتقل إلى شيعة ال Adventist أي الّذين ينتظرون مجيء المسيح الثّاني، وذلك عن طريق الصّدفة، كما كتب هو نفسه. ففي أحد الأيام كان سائرا في شارع مظلم وأمامه قاعة منيرة تخرج منها أنغام المرتّلين، فدخلها، وإذا هي شيعة ال Adventist تحتفل بساعة صلاة، تخلّلتها عظة للمُترئِسٍ، واسمه Jonas Wendell أشعل في قلبه ناراً لمحبّة التوراة وقراءتها. ومن ذلك اليوم راح لا يقاطع حضور الصلاة مع هذه الشيعة، الّتي كان الموضوع الرّئيسي للوعظات فيها هو نهاية العالم. خاصة بعدما سمع عن مُلكُ المسيح الألفي(1000) المذكور في كتاب الرّؤيا 4:20. وبما أن شّيعة ال Adventist تنكر وجود جهنّم، وهذا يعني عكس ما تعلَّمه من شيعة Calvin فقد وجد العزاء والسّلام الدّاخلي، كما قال هو نفسه. وكان عمره آنذاك 20 عاما.
وظيفيّا كان شارل روسِّل يمارس التّجارة مع والده الثّري، وكانت لهما فروع تجاريّة في ولايات عديدة بين واشنطن ونيويورك وفي مسقط رأسه. لكن الوظيفة والتّجارة لم تستطع قتل الشّعور الدّيني، الّذي كان يشعر به، فراح يخلط مواضيع التّجارة بحديث عن الدّين مع زملائه وزبائنه. وهكذا استطاع من تجميع بعض الزّبائن، الّذين أقنعهم أن ينظمّوا إليه وبدأوا بالبحث في التوراة عن الحقيقة، تحت اسم "جمعيّة باحثي التوراة الحقيقيّين" الّتي كانت أرضيّة الجمعيّة الّتي اتّخذت اسم "شهود يهوه" فيما بعد.
شارل روسِّل نفسه كان رئيس هذه الجمعيّة، علما بأنّه ما كان حاصلا على أيّةِ ثقافة، لا دينيّة ولا لاهوتيّة ولا علميّة، كما الحال مع كلّ الّذين انظمّوا إليه في حقبة التأسيس تلك. لذا فكانت كلّ الأفكار الّتي يقدِّمها للتّباحث فيها في هذه الإجتماعات غير عميقة، ومؤسّسة على الأغلاط التّحتيّة التي كانت لا تزال تدور في رأسه. ومن أوّل الأفكار الّتي نشرها، أنّه ما وُجد إنسان حتّى اليوم، فهم التّوراة على حقيقتها، كما وأنّه لن يوجد إنسان يفهم أفكار الله الواردة فيها. وبهذا استطاع هو على عاتقه بثّ ونشر أفكاره الغير مُثبَتة علمِيّاً، خاصّة تلك النّظريّة الّتي لقى منها العزاء والسّلام الدّاخلي، أي نظريّة شيعة ال Adventist الّتي تنكر وجود جهنّم، معتمدا بذلك على قول بولس إلى أهل روما 21:6 "إنّ جزاء الخطيئة هو الموت" (لا جهنّم).
والفكرة الثّانية الّتي بنى عليها نظريّته هي مُلكُ المسيح الألفي. فلقد افتكر أنّه وجد لها حلاًّ بهذه الفكرة: إنّ البشر، الّذين لم يُكمِلوا في حياتهم الأرضيّة الأعمال الّتي تمكّنهم من الدّخول في ملكوت الله، ستُعطى لهم مناسبة ثانية بعد مرور 1000 سٍنة ليقوموا من الموت ويكمِّلوا ما بقي ناقصا عليهم من أعمال صالحة تُمكِّنهم آخيرا من الدّخول إلى ملكوت المسيح.
وفي السّنين اللآحقة تعمّق في هذه الفكرة فوجد نظريّة ثانيّة هي نظريّة عودة المسيح الثانية إلى الأرض.
يتبع ...
الأب منويل بدر
Comment