البلمند أو بلمونت Abbatia Belimontis تسمية لاتينية، تعريبها الجبل الجميل، وهو على اسم والدة الإله لذلك يدعى بدير سيدة البلمند.
ورد هذا الاسم أيضاً في بعض المصادر التاريخية بومون، فالمون.
ويقول البطريرك الماروني اسطفان الدويهي: «إن اللفظة بلمند مشتقة من اسم الأمير “بوهيموند” صاحب إمارة طرابلس اللاتينية الذي أنشأ هذا البناء متنزهاً له في سنة 1287». ولكن هذا القول مرفوض تاريخياً، لأن بوهيموند قضى سنواته الأخيرة منحصراً في طرابلس، لا يستطيع الخروج منها، لِما كان يلاقيه من مضايقة على يد السلطان قلاوون. وقد توفي بوهيموند في طرابلس في 29 تشرين الأول عام 1287.
في الموقع:
يقع هذا الدير التاريخي ــ وهو قبلة الكرسي الانطاكي المقدس اليوم ــ بين قريتي أنفة والقلمون في الجنوب الشرقي من مدينة طرابلس اللبنانية حيث يربض على تلة جميلة (وقد أتت تسمية الجبل الجميل منها)، تطل على بلدة القلمون.
في تاريخه:
بُنيت الطبقة الأولى من هذا الدير في 30 أيار عام 1157م بأيدي رهبان القديس برناردوس “ألكسترسيون” أو “ألكستركيون” أو “السيستارسيان” الذين كانوا قد وفدوا مع الفرنجة(1) في حملاتهم المشرقية، وجعلوه مكاناً للعبادة والصلاة.
من المرجح أنهم بنوه على بناء دير بيزنطي سابق، يعود إلى القرن 8 م، والبعض يقول إلى القرن 6م على بناء وثني، وهذا القول الأخير مرفوض إذ إن الامبراطور قسطنطين أصدر مرسوم ميلانو الشهير في مطلع القرن الرابع بإطلاق حرية العبادة للمسيحيين، ثم أصبحت بفضل الإمبراطور ثيوذوسيوس الكبير دين الدولة الرسمي في الثلث الأخير من القرن الرابع.
أما المستند الأثري الذي يؤكد حجة بنائه على دير بيزنطي (يعود إلى القرن الثامن الميلادي)، فهو وجود تاج عمود بيزنطي في البناء. يُضاف إلى ذلك خروج رهبان برناردوس عن المألوف عندهم وتشييد بنائهم هذا على ارتفاع مئتي متر عن سطح البحر. وتتجه كنيسة سيدة البلمند نحو الشرق الشمالي وتتضمن حنيّة كبيرة وسوقاً واحداً ومذبحاً واحداً. والاكتفاء بمذبح واحد خروجٌ على تقاليد هؤلاء الرهبان(2).
بالإضافة إلى ما يمكن ملاحظته من نقوش وتيجان أيونية وكورنثية. ومعظم الرخام المفروشة به أرض كنيسة القديس جاورجيوس في دير البلمند وقفه آل زخريا من حامات(3) في حوالي سنة 1840، ونقلوه بحراً إلى البلمند من آثار كنيسة قديمة، كانت لا تزال باقية في قرية حنوش بالقرب من حامات عند ساحل البحر، ولعلها من بقايا مدينة كوشار البيزنطية، ولا يزال اسم كوشار يطلق على مضيق صغير يؤدي إلى قرية حنوش.
ووفق مصادر حملات الفرنجة والبراءات البابوية المتعاقبة وقتئذٍ، يلاحظ أن دير البلمند كان أكبر أديار الإفرنج في إمارة طرابلس اللاتينية، وكان خاضعاً لأسقفية بيروت اللاتينية في منتصف القرن 13م. وفي عام 1289 خرج منه رهبان برناردوس وانسحبوا مع بقايا حملات الفرنجة، “ولعلهم ذبحوا ذبحاً”(4). وبعد خروجهم تسكت المصادر التاريخية عن ذكر البلمند إلى مستهل القرن السابع عشر حيث تقول: إنه كان خرباً في معظم نواحيه، وهذا أمر طبيعي، لأن الرهبان هجروه كما سلف، فأصبح خلواً من الحياة الرهبانية، وبالتالي ليس من يد لترممه.
وفي عام 7111 لآدم الموافق 1603 مسيحية أُعيدَ افتتاحه بعد إصلاحه (بعد أن هُجر مدة 330 سنة). وكان ذلك باهتمام من مطران طرابلس والكورة يواكيم ابن الخوري جرجس في عهد البطريرك الأنطاكي يواكيم السادس{(ابن زيادة) من السيسنية بقضاء صافيتا 1593ــ 1604} ومن ذاك الوقت دخلت الرهبنة إليه وأصبح من أهم الأديار الرهبانية في الكرسي الأنطاكي يليه دير القديس جاورجيوس الحميراء(5).
وقد جاء في كرّاس قديم بخط سيميون القس الراهب الذي اشترك في حفلات افتتاحه ثانية ما نصه(6): “بسم الله الخالق الحي الأزلي الناطق، لما كان بتاريخ شهر أيلول المبارك سنة سبعة آلاف وماية وأحد عشر لكون العالم (1603) اتفق على بركة الله وحسن توفيقه تاريخ فتوح دير ستنا السيدة ومارجرجس المعروف بدير الفالمند بإشارة السيد المطران يواكيم مطران محروسة طرابلس، وإنه اعتنى وأشار بعمارته، وإنه طلع لعند الحقير مكاريوس الديراني الذي كان سابقاً رئيساً على دير ستنا السيدة الذي يُعرف بدير كفتون. وإنه أجاب الأب الحقير بإشارة السيد المطران كير يواكيم مطران ثغر بيروت برأي المشايخ أبو صالح والحاج سليمان ياضجي ويوسف باشاسيفا ومشايخ قرية فيع الحاج فرحات والحاج بطرس وابتدينا بفتوحه، لأنه كان خراب داشر من زمان دخلوا الإسلام إلى البلاد، وهو تاريخ ثلاث ماية وثلاثين سنة”. أما الطبقة الثانية من الدير فقد تم بناؤها في القرن 18 وتعتبر (الشقة الحلبية) واحدة من أبرز معالمها، فقد بناها الرهبان الحلبيون، وقسّموها غرفاً، استُخدمت لأغراض مختلفة، ثم استُخدمت هذه الطبقة الثانية داراً للمدرسة الإكليريكية التي سيرد ذكرها في فصل قادم، وهناك عدد كبير من القلايات الرهبانية فيها.
ورد هذا الاسم أيضاً في بعض المصادر التاريخية بومون، فالمون.
ويقول البطريرك الماروني اسطفان الدويهي: «إن اللفظة بلمند مشتقة من اسم الأمير “بوهيموند” صاحب إمارة طرابلس اللاتينية الذي أنشأ هذا البناء متنزهاً له في سنة 1287». ولكن هذا القول مرفوض تاريخياً، لأن بوهيموند قضى سنواته الأخيرة منحصراً في طرابلس، لا يستطيع الخروج منها، لِما كان يلاقيه من مضايقة على يد السلطان قلاوون. وقد توفي بوهيموند في طرابلس في 29 تشرين الأول عام 1287.
في الموقع:
يقع هذا الدير التاريخي ــ وهو قبلة الكرسي الانطاكي المقدس اليوم ــ بين قريتي أنفة والقلمون في الجنوب الشرقي من مدينة طرابلس اللبنانية حيث يربض على تلة جميلة (وقد أتت تسمية الجبل الجميل منها)، تطل على بلدة القلمون.
في تاريخه:
بُنيت الطبقة الأولى من هذا الدير في 30 أيار عام 1157م بأيدي رهبان القديس برناردوس “ألكسترسيون” أو “ألكستركيون” أو “السيستارسيان” الذين كانوا قد وفدوا مع الفرنجة(1) في حملاتهم المشرقية، وجعلوه مكاناً للعبادة والصلاة.
من المرجح أنهم بنوه على بناء دير بيزنطي سابق، يعود إلى القرن 8 م، والبعض يقول إلى القرن 6م على بناء وثني، وهذا القول الأخير مرفوض إذ إن الامبراطور قسطنطين أصدر مرسوم ميلانو الشهير في مطلع القرن الرابع بإطلاق حرية العبادة للمسيحيين، ثم أصبحت بفضل الإمبراطور ثيوذوسيوس الكبير دين الدولة الرسمي في الثلث الأخير من القرن الرابع.
أما المستند الأثري الذي يؤكد حجة بنائه على دير بيزنطي (يعود إلى القرن الثامن الميلادي)، فهو وجود تاج عمود بيزنطي في البناء. يُضاف إلى ذلك خروج رهبان برناردوس عن المألوف عندهم وتشييد بنائهم هذا على ارتفاع مئتي متر عن سطح البحر. وتتجه كنيسة سيدة البلمند نحو الشرق الشمالي وتتضمن حنيّة كبيرة وسوقاً واحداً ومذبحاً واحداً. والاكتفاء بمذبح واحد خروجٌ على تقاليد هؤلاء الرهبان(2).
بالإضافة إلى ما يمكن ملاحظته من نقوش وتيجان أيونية وكورنثية. ومعظم الرخام المفروشة به أرض كنيسة القديس جاورجيوس في دير البلمند وقفه آل زخريا من حامات(3) في حوالي سنة 1840، ونقلوه بحراً إلى البلمند من آثار كنيسة قديمة، كانت لا تزال باقية في قرية حنوش بالقرب من حامات عند ساحل البحر، ولعلها من بقايا مدينة كوشار البيزنطية، ولا يزال اسم كوشار يطلق على مضيق صغير يؤدي إلى قرية حنوش.
ووفق مصادر حملات الفرنجة والبراءات البابوية المتعاقبة وقتئذٍ، يلاحظ أن دير البلمند كان أكبر أديار الإفرنج في إمارة طرابلس اللاتينية، وكان خاضعاً لأسقفية بيروت اللاتينية في منتصف القرن 13م. وفي عام 1289 خرج منه رهبان برناردوس وانسحبوا مع بقايا حملات الفرنجة، “ولعلهم ذبحوا ذبحاً”(4). وبعد خروجهم تسكت المصادر التاريخية عن ذكر البلمند إلى مستهل القرن السابع عشر حيث تقول: إنه كان خرباً في معظم نواحيه، وهذا أمر طبيعي، لأن الرهبان هجروه كما سلف، فأصبح خلواً من الحياة الرهبانية، وبالتالي ليس من يد لترممه.
وفي عام 7111 لآدم الموافق 1603 مسيحية أُعيدَ افتتاحه بعد إصلاحه (بعد أن هُجر مدة 330 سنة). وكان ذلك باهتمام من مطران طرابلس والكورة يواكيم ابن الخوري جرجس في عهد البطريرك الأنطاكي يواكيم السادس{(ابن زيادة) من السيسنية بقضاء صافيتا 1593ــ 1604} ومن ذاك الوقت دخلت الرهبنة إليه وأصبح من أهم الأديار الرهبانية في الكرسي الأنطاكي يليه دير القديس جاورجيوس الحميراء(5).
وقد جاء في كرّاس قديم بخط سيميون القس الراهب الذي اشترك في حفلات افتتاحه ثانية ما نصه(6): “بسم الله الخالق الحي الأزلي الناطق، لما كان بتاريخ شهر أيلول المبارك سنة سبعة آلاف وماية وأحد عشر لكون العالم (1603) اتفق على بركة الله وحسن توفيقه تاريخ فتوح دير ستنا السيدة ومارجرجس المعروف بدير الفالمند بإشارة السيد المطران يواكيم مطران محروسة طرابلس، وإنه اعتنى وأشار بعمارته، وإنه طلع لعند الحقير مكاريوس الديراني الذي كان سابقاً رئيساً على دير ستنا السيدة الذي يُعرف بدير كفتون. وإنه أجاب الأب الحقير بإشارة السيد المطران كير يواكيم مطران ثغر بيروت برأي المشايخ أبو صالح والحاج سليمان ياضجي ويوسف باشاسيفا ومشايخ قرية فيع الحاج فرحات والحاج بطرس وابتدينا بفتوحه، لأنه كان خراب داشر من زمان دخلوا الإسلام إلى البلاد، وهو تاريخ ثلاث ماية وثلاثين سنة”. أما الطبقة الثانية من الدير فقد تم بناؤها في القرن 18 وتعتبر (الشقة الحلبية) واحدة من أبرز معالمها، فقد بناها الرهبان الحلبيون، وقسّموها غرفاً، استُخدمت لأغراض مختلفة، ثم استُخدمت هذه الطبقة الثانية داراً للمدرسة الإكليريكية التي سيرد ذكرها في فصل قادم، وهناك عدد كبير من القلايات الرهبانية فيها.
Comment