لمحة تاريخية عن كنيسة المهد بيت لحم عبر العصور
لمحة تاريخية عن كنيسة المهد بيت لحم عبر العصور
"ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك اذا مجوس من المشرق قد قد جاءوا الى أورشليم قائلين أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمة في المشرق وأتينا لنسجد له فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع أورشليم معه فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسألهم أين يولد المسيح فقالوا له في بيت لحم اليهودية، لأنه هكذا مكتوب بالنبي "وأنت
يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي اسرائيل "( متى 2: 1-6 ).
نلاحظ هنا من بشارة القديس متى الانجيلي الذي كرز لليهود مستخدماً شواهد كثيرة من العهد القديم ليثبت صحة وقوة البشارة واثبات تجسد الكلمة اذ يقول في الاصحاح الأول والآية 23: هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعى اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا " القديس متى يستشهد من أقوال النبي اشعيا، كذلك نراه يستشهد بما قاله النبي ميخا في الاصحاح الخامس والآية الثانية " وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي اسرائيل، لذلك نرى تحديداً للمكان لأن بيت لحم تقع في سبط يهوذا جنوبي سبط بنيامين وهي في أرض اليهودية ونرى كذلك الشهرة التي ستصل اليها مدينة بيت لحم بسبب ولادة السيد يسوع المسيح فيها.
مدينة بيت لحم حيث ولد المسيح فيها عاشت هذا الحدث – منذ قدوم الرعاة الى المهد بعد أن قبلوا البشارة من الملائكة – حتى يومنا هذا محافظة على التقليد المعطى لها، لكننا سنذكر لمحات سريعة تاريخية لما مر على هذا الحدث على المغارة والتي هي مهد السلام لأن السيد المسيح هو سلامنا الحقيقي.نرى أن الحدث المهم يبدأ في القرن الرابع ما بين العام 326-339
فقد تم بناء كنيسة المهد فوق مغارة الميلاد تخليداً لذكرى ميلاد السيد المسيح له المجد على يد الامبراطورة البيزنطية القديسة "هيلانة" بأمر من ابنها الامبراطور القديس قسطنطين الكبير فدعيت هذه الكنيسة الأولى باسم والدة الاله ( ثيوطوكوس).
في العام 529 تعرضت الكنيـسة الى تـدمير بسبـب ثـورة السامريين بقيـادة "بن سبار" ضد البيزنطيين بعد 6 سنوات في العام 535 تم إعادة بناء الكنيسة للمرة الثانية على يد الامبراطور البيزنطي "يوستينيانوس" بدعوة ومبادرة القديس "سابا" المتقدس الغيورة لإعادة احيائها حيث دعيت باسم كنيسة المهد، هذا وقد تم تغيير شكل الكنيسة "الباسيليكا" أي الهيكل الملوكي من الشكل المثمن بحنية واحدة دون رواق في البناء الأول الى باسيليكا بشكل صليب ذات حنيات اضافة الى النرثكس في البناء الثاني.
في العام 614 بغزو الفرس للمنطقة تم هدم الكنائس في الأرض المقدسة بفلسطين ما عدا كنيسة المهد التي سلمت وذلك بسبب وجود قطعة من الفسيفساء على جدران الواجهة الغربية من المدخل والمرسوم عليها صورة تمثل المجوس ملوك المشرق بزيهم الفارسي التقليدي وهم يقدمون السجود والهدايا للطفل المولود يسوع وهو في المذود فباحترامهم لملوكهم ظناً منهم بما يتعلق بهم أعرضوا عن تدمير الكنيسة سامحين ببقائها، لكنهم قاموا باضطهاد الرهبان والكهنة الموجودين فيها لذلك تعتبر هذه الكنيسة الباسيليكا أقدم كنيسة في الأرض المقدسة اذا لم تكن في العالم أجمع.
في العام 638 بدخول المسلمين الى الأراضي المقدسة، تم عقد معاهدة صداقة في الاخاء والمساواة ما بين المسحيين والمسلمين بالمعاهدة العمرية المعروفة التي تمت ما بين بطريرك الملة الملكية – بطريرك الروم الأرثوذكس بالقدس البطريرك صفرونيوس والخليفة عمر بن الخطاب بإعطاء الأمان للجميع وفرض الاحترام المتبادل ما بين الطرفين في المحبة والتسامح وحكمة عدم المساس بحرمة الأماكن المقدسة للمسيحيين أو الصلاة في كنائسهم جماعة.
وبعدها من فترة حكم الأمويين حتى العباسيين في القرن التاسع بقيت الأمور كما هي محافظ عليها والكنيسة أنقذت سالمة رغم بعض المحاولات من بعض الفئات المغرضة أما في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي في العام 1009 فقد قام بهدم معظم المزارات المسيحية المقدسة، ولكنه هنا قد استثنى كنيسة المهد من الهدم وذلك نظراً لما ورد عن زيارة وصلاة الخليفة عمر بن الخطاب في الكنيسة في الحنية الجنوبية، فكان نتيجة هذا الاحترام لسلفه بهذه الميزة الخاصة أن أعرض عن هدمها وخاصة في اعتقاده الديني بمكانة سيده النبي عيسى كما يسموه، وإجلاله لميلاده الكريم.
وهذا ما جاء مؤكداً في القرن التاسع، بما ورد في نصوص كتابات المؤرخ البطريرك افتيخيوس الاسكندري كما أوضح هذا البطريرك مؤكداً عن واقعة البناء الثاني للكنيسة من قبل "جوستينيان" في القرن السادس.
أما هنا بعد حوادث الزلازل المتعددة كما في العام 1834 والعام 1927 فقد اضطر حينها للبدء في النظر لأساسات الكنيسة ودراسة الوضع ففي العام 1934 في فترة الانتداب البريطاني وإشرافهم على الكنيسة قامت دائرة الآثار بالتحريات والكشف في ارض الكنيسة بإشراف "هاملتون" وذلك للصيانة والبرهنة في التنقيب حيث تم ملاحظة أن قواعد الأعمدة مطمورة في ارض الكنيسة بأساسات متينة،
لا سيما بعد الكشف عنها بحفريات علماء بريطانيين والباحث "وليم هارفي" اذ ظهرت على عمق 70 سم بقايا الفسيفساء الرائعة التي تعود الى الكنيسة الأولى زمن القديسة "هيلانة"، والقرن الرابع حيث وجدت الرموز المسيحية وبعض الصلبان التي وضعت رسماً في ذلك الحين على أرضية الكنيسة، وهذا إثبات رسمي للبناء القسطنطيني الأول لأنه بعد العام 427 عقد مجمع محلي في مدينة اللد من قبل الإمبراطور البيزنطي "ثيوذوسيوس" الثاني بمنع وضع الصلبان على الأرض اذ أنها طريقة غير صحيحة في أن تكون مداساً للأرجل فاقتصر رسمها على الجدران أما رجوعاً الى التسلسل التاريخي للأحداث فبعد الفاطميين كذلك كان الحال مع الأيوبيين وخاصة بقيادة "صلاح الدين" في العام 1187 الذي قام بدوره هو أيضاً في احترام المكان المقدس حيث سلمت الكنيسة في عهده، أما في زمن خلفائه من المماليك الذين حولوا مراراً هدمها في القرن 13 "كالظاهر بيبرس" الذي لم يستطع ذلك بفعل آيات وعجائب حدثت كما جاء ذكرها في تاريخ تقليد كنيستنا الأرثوذكسية.
في العام 1099 كان قدوم الصليبيين وسيطرتهم على البلاد التي كانت لأهداف خاصة ذات أطماع ذاتية قاموا من خلالها بتتويج بعض ملوكهم الصليبيين، بالهيمنة على إدارة زمام الأمور في الكنيسة طامحين الى تأسيس المملكة اللاتينية في القدس، ولكن قد باءت بالفشل هذه الأطماع عند مجئ القائد "صلاح الدين" وتصديه لهم، ولكن أيضاً قد تم هنا اتفاق تعاون رغم الصراعات المريرة التي مرت بها الكنيسة لنرى في هذه الفترة الصليبية ما بين العام 1169-1165 فنرى الفسيفساء المزين الجدران على الجوانب العليا من كلا القسمين الحائط الجنوبي بما يمثله من أشخاص من أجيال المسيح
حسب ( متى 1: 1-16) والحائط الشمالي الشرقي، بما يمثله من أشخاص من أجيال السيد المسيح حسب إنجيل لوقا ( لو 3: 23-28) وهناك الى فوق صور المجامع المسكونية السبعة والمجامع المكانية الستة بتفاصيلهم على كلا الجهتين والتي تؤكد المبادئ العقائدية لايماننا القويم في دحض البدع والهرطقات التى ظهرت في ذلك الوقت من القرن الثالث وبعده، وخاصة في الحديث عن شخص السيد المسيح وطبيعتيه الإلهية والإنسانية الكاملتين وبالفعل فقد كان هذا الفسيفساء المثال الحسن في الاتفاق والوحدة ما بين الشرق والغرب، بالتعاون مع الامبراطور البيزنطي "امانوئيل كومينينوس" والفنان "باسيليوس" مصمم العمل، ومنفذه الراهب اليوناني الفنان "أفرام"، كما نرى أيضاً رسومات على أعمدة كنيسة "الباسيليكا" من صور القديسين من الكنيسة الشرقية والغربية التي وضعت ما بين القرن 12-14 ميلادي.
أما الباسيليكا الحاضرة التي من القرن السادس فتشمل على خمسة مقاطع لأربعة صفوف من الأعمدة على كلا الجهتين يمثلون 44 عمداً تبين أنها قطعت أصلاً من محجر من ضواحي بيت لحم يدعى " المصلب " حيث يبلغ طول العمود 6 أمتار كل منها قطعة حجرية واحدة من الرخام الوردي تتوجها راسيات كورنثية بيزنطية (نسبة لزهرة الكورنثس/اللوتس) الطابع من الرخام الأبيض بالاقتراب من مصطبة مربعة في صحن الكنيسة وترتفع عن أرضها حوالي متر لتعطي للزائر فكرة عن كونها سطح مغارة المهد وهو "الكاثوليكون" القـسم المـركزي لصحن كنيسة الروم الأرثـوذكس، فنــشاهـد " الأيوقونسطاس" وهي كلمة يونانية تعني الحائط الخشبي الذي يحمل الأيقونات حاجباً أو فاصلاً ما بين داخل الهيكل مكان "المذبح" وصحن الكنيسة مكان وقوف المؤمنين والمصليين، وهو الهيكل الأرثوذكسي الطابع المصنوع من خشب أرز لبنان والمحفور في القرن 17م، فتزينها الأيقونات البيزنطية المرسومة الذهبية منها والفضية، بالإضافة إلى الثريات النحاسية والفضية الضخمة التي صنعت في ننبرغ بالمانيا عام 1869م والتي قدمت من العائلة الروسية المالكة القيصر "نيقولا الثاني وزوجته الكسندرا".
في العام 1517م بمجئ العثمانيين الأتراك أجريت التعديلات الأخيرة للكنيسة حيث صغر المدخل الى باب ضيق رمزاً للتواضع وحماية للمكان، كذلك تم تعديل سقف الكنيسة الخشبي التي تعرض الى الخراب لمرات عديدة، فعدل من جميع طوائف الكنيسة مما أدى إلى زرع حقوق وامتيازات لكافة الأطراف، وهذا الأمر استدعى ان يتم حل الوضع بنظام عالمي أي بقانون دولي ينظم أوقات ومواقع العبادات بين الطوائف وخاصة بعد حرب القرن 1854م، وبالتالي بعدها تم عقد مؤتمر في باريس عام 1856م ليكون هذا النظام نظام الوضع الرهن "الاستاتسكفو" نظام المزار بقوانين خاصة تجمع بين كافة الفئات كنتيجة للأحكام والفرمانات التي أعطيت من قبل المماليك والأتراك، وهكذا اتبع هذا النظام بإشراف الحكومة التركية وبعدها البريطانية وما تلي ذلك لتبقى الكنيسة موزعة ما بين الأطراف الثلاثة كل في موقعه بالتزام شديد حساس، إنهاء للنزاعات التي
زرعت سابقاً وهكذا فإننا نحتفل بعيد الميلاد المجيد ثلاث مرات في السنة نظراً لاختلاف التقويم حسب كل طائفة، اذ أن الروم الأرثوذكس يعيدون حسب التقويم "اليولياني الشرقي القديم" في 25 ديسمبر شرقي الواقع في 7 يناير غربي، أما الغربيين فيحتفلون بعيد الميلاد في 25 ديسمبر غربي فكلا الكنيستين تعيدان في25 من شهر ديسمبر لكن نتيجة الفرق بين التقويم "اليولياني" القديم الذي وضعه "يوليوس قيصر" سنة 45 قبل ميلاد المسيح، والتقويم "الغريغورياني الجديد" الذي وضعه البابا "غريغوريوس الثالث عشر" سنة 1582 في روما ونتيجة الفرق في يومنا هذا هو 13 يوماً.
أما طائفة الأرمن فتعتبر أن ميلاد السيد المسيح مرتبط بظهوره في المعمودية في نهر الأردن لذلك يكون عيد الميلاد والظهور عند الأرمن في نفس يوم عيد الظهور عند الروم الأرثوذكس أي في 6 يناير شرقي19 يناير غربي.
فالنسبح ونرتيل قائلين: "المجد الله في الأعلى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة"
منقووول
لمحة تاريخية عن كنيسة المهد بيت لحم عبر العصور
"ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك اذا مجوس من المشرق قد قد جاءوا الى أورشليم قائلين أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمة في المشرق وأتينا لنسجد له فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع أورشليم معه فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسألهم أين يولد المسيح فقالوا له في بيت لحم اليهودية، لأنه هكذا مكتوب بالنبي "وأنت
يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي اسرائيل "( متى 2: 1-6 ).
نلاحظ هنا من بشارة القديس متى الانجيلي الذي كرز لليهود مستخدماً شواهد كثيرة من العهد القديم ليثبت صحة وقوة البشارة واثبات تجسد الكلمة اذ يقول في الاصحاح الأول والآية 23: هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعى اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا " القديس متى يستشهد من أقوال النبي اشعيا، كذلك نراه يستشهد بما قاله النبي ميخا في الاصحاح الخامس والآية الثانية " وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي اسرائيل، لذلك نرى تحديداً للمكان لأن بيت لحم تقع في سبط يهوذا جنوبي سبط بنيامين وهي في أرض اليهودية ونرى كذلك الشهرة التي ستصل اليها مدينة بيت لحم بسبب ولادة السيد يسوع المسيح فيها.
مدينة بيت لحم حيث ولد المسيح فيها عاشت هذا الحدث – منذ قدوم الرعاة الى المهد بعد أن قبلوا البشارة من الملائكة – حتى يومنا هذا محافظة على التقليد المعطى لها، لكننا سنذكر لمحات سريعة تاريخية لما مر على هذا الحدث على المغارة والتي هي مهد السلام لأن السيد المسيح هو سلامنا الحقيقي.نرى أن الحدث المهم يبدأ في القرن الرابع ما بين العام 326-339
فقد تم بناء كنيسة المهد فوق مغارة الميلاد تخليداً لذكرى ميلاد السيد المسيح له المجد على يد الامبراطورة البيزنطية القديسة "هيلانة" بأمر من ابنها الامبراطور القديس قسطنطين الكبير فدعيت هذه الكنيسة الأولى باسم والدة الاله ( ثيوطوكوس).
في العام 529 تعرضت الكنيـسة الى تـدمير بسبـب ثـورة السامريين بقيـادة "بن سبار" ضد البيزنطيين بعد 6 سنوات في العام 535 تم إعادة بناء الكنيسة للمرة الثانية على يد الامبراطور البيزنطي "يوستينيانوس" بدعوة ومبادرة القديس "سابا" المتقدس الغيورة لإعادة احيائها حيث دعيت باسم كنيسة المهد، هذا وقد تم تغيير شكل الكنيسة "الباسيليكا" أي الهيكل الملوكي من الشكل المثمن بحنية واحدة دون رواق في البناء الأول الى باسيليكا بشكل صليب ذات حنيات اضافة الى النرثكس في البناء الثاني.
في العام 614 بغزو الفرس للمنطقة تم هدم الكنائس في الأرض المقدسة بفلسطين ما عدا كنيسة المهد التي سلمت وذلك بسبب وجود قطعة من الفسيفساء على جدران الواجهة الغربية من المدخل والمرسوم عليها صورة تمثل المجوس ملوك المشرق بزيهم الفارسي التقليدي وهم يقدمون السجود والهدايا للطفل المولود يسوع وهو في المذود فباحترامهم لملوكهم ظناً منهم بما يتعلق بهم أعرضوا عن تدمير الكنيسة سامحين ببقائها، لكنهم قاموا باضطهاد الرهبان والكهنة الموجودين فيها لذلك تعتبر هذه الكنيسة الباسيليكا أقدم كنيسة في الأرض المقدسة اذا لم تكن في العالم أجمع.
في العام 638 بدخول المسلمين الى الأراضي المقدسة، تم عقد معاهدة صداقة في الاخاء والمساواة ما بين المسحيين والمسلمين بالمعاهدة العمرية المعروفة التي تمت ما بين بطريرك الملة الملكية – بطريرك الروم الأرثوذكس بالقدس البطريرك صفرونيوس والخليفة عمر بن الخطاب بإعطاء الأمان للجميع وفرض الاحترام المتبادل ما بين الطرفين في المحبة والتسامح وحكمة عدم المساس بحرمة الأماكن المقدسة للمسيحيين أو الصلاة في كنائسهم جماعة.
وبعدها من فترة حكم الأمويين حتى العباسيين في القرن التاسع بقيت الأمور كما هي محافظ عليها والكنيسة أنقذت سالمة رغم بعض المحاولات من بعض الفئات المغرضة أما في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي في العام 1009 فقد قام بهدم معظم المزارات المسيحية المقدسة، ولكنه هنا قد استثنى كنيسة المهد من الهدم وذلك نظراً لما ورد عن زيارة وصلاة الخليفة عمر بن الخطاب في الكنيسة في الحنية الجنوبية، فكان نتيجة هذا الاحترام لسلفه بهذه الميزة الخاصة أن أعرض عن هدمها وخاصة في اعتقاده الديني بمكانة سيده النبي عيسى كما يسموه، وإجلاله لميلاده الكريم.
وهذا ما جاء مؤكداً في القرن التاسع، بما ورد في نصوص كتابات المؤرخ البطريرك افتيخيوس الاسكندري كما أوضح هذا البطريرك مؤكداً عن واقعة البناء الثاني للكنيسة من قبل "جوستينيان" في القرن السادس.
أما هنا بعد حوادث الزلازل المتعددة كما في العام 1834 والعام 1927 فقد اضطر حينها للبدء في النظر لأساسات الكنيسة ودراسة الوضع ففي العام 1934 في فترة الانتداب البريطاني وإشرافهم على الكنيسة قامت دائرة الآثار بالتحريات والكشف في ارض الكنيسة بإشراف "هاملتون" وذلك للصيانة والبرهنة في التنقيب حيث تم ملاحظة أن قواعد الأعمدة مطمورة في ارض الكنيسة بأساسات متينة،
لا سيما بعد الكشف عنها بحفريات علماء بريطانيين والباحث "وليم هارفي" اذ ظهرت على عمق 70 سم بقايا الفسيفساء الرائعة التي تعود الى الكنيسة الأولى زمن القديسة "هيلانة"، والقرن الرابع حيث وجدت الرموز المسيحية وبعض الصلبان التي وضعت رسماً في ذلك الحين على أرضية الكنيسة، وهذا إثبات رسمي للبناء القسطنطيني الأول لأنه بعد العام 427 عقد مجمع محلي في مدينة اللد من قبل الإمبراطور البيزنطي "ثيوذوسيوس" الثاني بمنع وضع الصلبان على الأرض اذ أنها طريقة غير صحيحة في أن تكون مداساً للأرجل فاقتصر رسمها على الجدران أما رجوعاً الى التسلسل التاريخي للأحداث فبعد الفاطميين كذلك كان الحال مع الأيوبيين وخاصة بقيادة "صلاح الدين" في العام 1187 الذي قام بدوره هو أيضاً في احترام المكان المقدس حيث سلمت الكنيسة في عهده، أما في زمن خلفائه من المماليك الذين حولوا مراراً هدمها في القرن 13 "كالظاهر بيبرس" الذي لم يستطع ذلك بفعل آيات وعجائب حدثت كما جاء ذكرها في تاريخ تقليد كنيستنا الأرثوذكسية.
في العام 1099 كان قدوم الصليبيين وسيطرتهم على البلاد التي كانت لأهداف خاصة ذات أطماع ذاتية قاموا من خلالها بتتويج بعض ملوكهم الصليبيين، بالهيمنة على إدارة زمام الأمور في الكنيسة طامحين الى تأسيس المملكة اللاتينية في القدس، ولكن قد باءت بالفشل هذه الأطماع عند مجئ القائد "صلاح الدين" وتصديه لهم، ولكن أيضاً قد تم هنا اتفاق تعاون رغم الصراعات المريرة التي مرت بها الكنيسة لنرى في هذه الفترة الصليبية ما بين العام 1169-1165 فنرى الفسيفساء المزين الجدران على الجوانب العليا من كلا القسمين الحائط الجنوبي بما يمثله من أشخاص من أجيال المسيح
حسب ( متى 1: 1-16) والحائط الشمالي الشرقي، بما يمثله من أشخاص من أجيال السيد المسيح حسب إنجيل لوقا ( لو 3: 23-28) وهناك الى فوق صور المجامع المسكونية السبعة والمجامع المكانية الستة بتفاصيلهم على كلا الجهتين والتي تؤكد المبادئ العقائدية لايماننا القويم في دحض البدع والهرطقات التى ظهرت في ذلك الوقت من القرن الثالث وبعده، وخاصة في الحديث عن شخص السيد المسيح وطبيعتيه الإلهية والإنسانية الكاملتين وبالفعل فقد كان هذا الفسيفساء المثال الحسن في الاتفاق والوحدة ما بين الشرق والغرب، بالتعاون مع الامبراطور البيزنطي "امانوئيل كومينينوس" والفنان "باسيليوس" مصمم العمل، ومنفذه الراهب اليوناني الفنان "أفرام"، كما نرى أيضاً رسومات على أعمدة كنيسة "الباسيليكا" من صور القديسين من الكنيسة الشرقية والغربية التي وضعت ما بين القرن 12-14 ميلادي.
أما الباسيليكا الحاضرة التي من القرن السادس فتشمل على خمسة مقاطع لأربعة صفوف من الأعمدة على كلا الجهتين يمثلون 44 عمداً تبين أنها قطعت أصلاً من محجر من ضواحي بيت لحم يدعى " المصلب " حيث يبلغ طول العمود 6 أمتار كل منها قطعة حجرية واحدة من الرخام الوردي تتوجها راسيات كورنثية بيزنطية (نسبة لزهرة الكورنثس/اللوتس) الطابع من الرخام الأبيض بالاقتراب من مصطبة مربعة في صحن الكنيسة وترتفع عن أرضها حوالي متر لتعطي للزائر فكرة عن كونها سطح مغارة المهد وهو "الكاثوليكون" القـسم المـركزي لصحن كنيسة الروم الأرثـوذكس، فنــشاهـد " الأيوقونسطاس" وهي كلمة يونانية تعني الحائط الخشبي الذي يحمل الأيقونات حاجباً أو فاصلاً ما بين داخل الهيكل مكان "المذبح" وصحن الكنيسة مكان وقوف المؤمنين والمصليين، وهو الهيكل الأرثوذكسي الطابع المصنوع من خشب أرز لبنان والمحفور في القرن 17م، فتزينها الأيقونات البيزنطية المرسومة الذهبية منها والفضية، بالإضافة إلى الثريات النحاسية والفضية الضخمة التي صنعت في ننبرغ بالمانيا عام 1869م والتي قدمت من العائلة الروسية المالكة القيصر "نيقولا الثاني وزوجته الكسندرا".
في العام 1517م بمجئ العثمانيين الأتراك أجريت التعديلات الأخيرة للكنيسة حيث صغر المدخل الى باب ضيق رمزاً للتواضع وحماية للمكان، كذلك تم تعديل سقف الكنيسة الخشبي التي تعرض الى الخراب لمرات عديدة، فعدل من جميع طوائف الكنيسة مما أدى إلى زرع حقوق وامتيازات لكافة الأطراف، وهذا الأمر استدعى ان يتم حل الوضع بنظام عالمي أي بقانون دولي ينظم أوقات ومواقع العبادات بين الطوائف وخاصة بعد حرب القرن 1854م، وبالتالي بعدها تم عقد مؤتمر في باريس عام 1856م ليكون هذا النظام نظام الوضع الرهن "الاستاتسكفو" نظام المزار بقوانين خاصة تجمع بين كافة الفئات كنتيجة للأحكام والفرمانات التي أعطيت من قبل المماليك والأتراك، وهكذا اتبع هذا النظام بإشراف الحكومة التركية وبعدها البريطانية وما تلي ذلك لتبقى الكنيسة موزعة ما بين الأطراف الثلاثة كل في موقعه بالتزام شديد حساس، إنهاء للنزاعات التي
زرعت سابقاً وهكذا فإننا نحتفل بعيد الميلاد المجيد ثلاث مرات في السنة نظراً لاختلاف التقويم حسب كل طائفة، اذ أن الروم الأرثوذكس يعيدون حسب التقويم "اليولياني الشرقي القديم" في 25 ديسمبر شرقي الواقع في 7 يناير غربي، أما الغربيين فيحتفلون بعيد الميلاد في 25 ديسمبر غربي فكلا الكنيستين تعيدان في25 من شهر ديسمبر لكن نتيجة الفرق بين التقويم "اليولياني" القديم الذي وضعه "يوليوس قيصر" سنة 45 قبل ميلاد المسيح، والتقويم "الغريغورياني الجديد" الذي وضعه البابا "غريغوريوس الثالث عشر" سنة 1582 في روما ونتيجة الفرق في يومنا هذا هو 13 يوماً.
أما طائفة الأرمن فتعتبر أن ميلاد السيد المسيح مرتبط بظهوره في المعمودية في نهر الأردن لذلك يكون عيد الميلاد والظهور عند الأرمن في نفس يوم عيد الظهور عند الروم الأرثوذكس أي في 6 يناير شرقي19 يناير غربي.
فالنسبح ونرتيل قائلين: "المجد الله في الأعلى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة"
منقووول
Comment