بعض العموديين حول حلب
1) مار ابراهيم عمودي تلعدّا – وتبعد تلعدّا 50 كم عن حلب وهي أمام الترمانين. لا يزال عمود مار ابراهيم في مكانه والبئر بالقرب منه، على جانب الطريق المعبّد. وقد أصبح مار ابراهيم فيما بعد مطراناً على أورفا عام 936.2) مار شمعون عمودي إرحاب وهي على مسافة 40 كم من حلب، قبل الترمانين.
3) مار اوسطات، عمودي تُقاد وهي على مسافة 35 كم من حلب بعد أورم الصغرى.
4) مار يوحنا الأثاربي – والأتارب تبعد 30 كم عن حلب ويوحنا هو عمودي ومؤرخ وعالم معاً توفي عام 736 وكان عموده في باحة ثانوية الأثارب اليوم طُحن حجر العمود وبقي بالقرب منه " جب العمود "
5) عمودي قمار واسم هذا العمودي مجمهول – تبعد قمار 50 كم عن حلب وتقع في الجبل المطلّ على باسوطا – وعمود قمار أعلى عمود نعرفه.
6) يوحنا الرابع، عمودي كرزاحل وهي تبعد 65 كم عن حلب، بقرب عفرين. وقد انتخب هذا العمودي بطريركاً سريانياً عام 910 وتوفي عام 922 في رأس العين.
7) يوحنا السادس، عمودي كرزاحل أيضاً. وقد انتخب بطريركاً سريانياً سنة 956 وتوفي بعد سنتين ونصف في عنتاب.
8) بولس، عمودي اليحمول وهي قرب معره مصرين على بعد 45 كم عن حلب. وهي مزرعة كبيرة ولا تزال قطعة من عموده موجودة بالقرب من " جب أبو عمود ". ولربما كان هذا الدير دير مار مرقس. وقد جاء ذكره في شعر حمدان بن عبد الرحيم عام 1160.
9) عمودي قرية دير سمعان وهو غير سمعان العمودي – اسمه مجهول لكنَّ عموده محفوظ حفظاً جيداً.
10) يونان، عمودي كفر دريان وهي على مسافة 55 كم عن حلب.
دير سمعان
قرية دير سمعان تقع قرية " دير سمعان " غربي مدينة حلب، وتبعد عنها مسافة ستين كيلومتراً بطريق السيارة، وأربعين كيلومتراً بطريق القوافل القديم.
ففي أعلى القرية كنيسة عظيموة شيّدها المؤمنون إكراماً للقديس سمعان العمودي. ولا تزال بقايا وآثار هذه الكنيسة تدهش الناظرين لما يتجلى فيها من عظمة، وما تتحلى به من ذوق رفيع في فن البناء والهندسة. وهذه الكنيسة الرائعة مبنية في أعلى الجبل، خارج قرية دير سمعان، وهي معروفة بكنسية قلعة سمعان. لنترك الآن هذه الكنيسة العظيمة وننزل إلى القرية ذاتها، لنرى ما فيها من كنائس وأديار وفنادق.
اسم القرية القديم
كان اسم القرية قديماً " تل نيشين " ومعناه بالسريانية " جبل النساء " وقد أهمل الناس هذا الاسم وسموها " دير سمعان " نسبة إلى الناسك القديس سمعان العمودي الذي قضى قسماً من حياته النسكية قبل أن يغادرها ويصعد إلى قمة الجبل حيث بنى المسيحيون الكنيسة العظيمة.
موقعها الجغرافي
تقع قرية " دير سمعان " في أسفل جبل الشيخ بركات. وهو أعلى جبل ينتصب بين مدينتي حلب وانطاكية. ويبلغ علوه 907 أمتار. ويراه الناس من بعيد. وبإمكانهم أن يشاهدوا قمته من مدينة حلب نفسها، ولا سيما عند غروب الشمس.
ويفصل هذا الجبل بين سهول حلب وسهول انطاكية وعفرين. وينخفض في قرية " دير سمعان " ويؤلف نقطة المرور بين هذه السهول الفسيحة.
أديار القرية
في أطراف القرية ثلاث أديار وكنيسة. ينتصب الواحد في جهتها الشرقية، والاثنان الآخران في ناحيتها الغربية. والاثنان الآخران في ناحيتها الغربية وهذان الديران يطلان على سهول عفرين. هذا بالإضافة إلى الدير الريسي الكبير القائم في " قلعة سمعان " المبني إلى جانب الكنيسة العظيمة التي أشرنا إلى ضخامتها وهندستها الرائعة.
والدير الذي نحن بصدده هو أصغر الأديار الأربعة، وهو يقع في الناحية الغربية الجنوبية من القرية. وقد حافظ على بنائه وكيانه أكثر منها جميعاً. فلم تنله يد التخريب كما نالت غيره من الأديار المنتشرة في املنطقة، سواء أكان التخريب من قبل الزلازل الكثيرة أم من جراء الحروب المتوالية.
عدد الرهبان في هذه الأديار
كان عدد الرهبان في هذه الأديار كبيراً جداً، يكاد لا يصدق. فقد علمنا من مصادر ثقة بأن الأديار الثلاثة القائمة في قرية " دير سمعان " كانت تحتوي على مائتي راهب. يدلُّ على ذلك كثرة المدافن الرهبانية وكان الإقبال عليها كبيراً حتى القرن العاشر.
كان جبل سمعان في تلك الأيام شبيهاً بجبل لبنان اليوم أو بجبل آثوس في بلاد اليونان. ففي كل قرية من قراه دير أو أكثر من دير. وكانت الديورة لا تسع الرهبان لكثرتهم. فكان بعضهم يأوي إلى المغاور أو إلى الأكواخ المجاورة للدير.
وكان حول جبل سمعان ثمانون ديراًَ، نعرف أسماء هذه الديورة وأسماء رؤسائها. وبعض هذه الديورة كبير جداً مثل دير تل عاده الرئيسي، وفيه قبر مار يعقوب الرهاوي الملفان وقبر أربعة من البطاركة السريان، ودير الترمانين.
ونكر أيضاً دير الباتبو القريب من سرمدا ومعناه بيت الأب العام وقد كان أكبر الأديار مساحة ودير مار دانيال على طريق حارم ودير احسان وغيره....
جنسية الرهبان في دير سمعان ولغتهم
ظنَّ البعض أنَّ هؤلاء الرهبان كانوا من الرومانيين أو من الروم اليونانيين. إنَّ هذا الظن مخطىء تمام الخطأ لأنه مبني على معلومات مغلوطة. فالرهبان كانوا سوريين، من ابناء بلادنا. لقد كانوا من سكان الدانا أو من سرمدا او من حارم أو من حلب... وإليك بعض أسمائهم: حبيبو – سلمان – وابن ماء السماء – وابن سحب السماء – ظليل – زينوب – عبد الأحد – ابراهيم – يوحنا – سمعان – سرجيس.
وقد كانوا قبل انتشار العربية يتكلمون بالسريانية. والمعروف أنَّ السريانية والعربية من اللغات السامية، والشبه بينهما كبير جداً. فقد كان عظماء مؤرخي السريان يكتبون تارة بالسريانية وأخرى بالعربية من دون أية صعوبة أو مشقّة.
إنَّ انتشار الرهبان في هذه المنطقة الجبلية الهادئة دليل على تقوى سكان بلادنا وحيوتهم الدينية وتقديرهم للقيم الروحية السامية.
وصف كنيسة الدير
كان لحياة الراهب سمعان العمودي تأثير عظيم في قلوب الناس. فلم ينسوه بعد وفاته سنة 460، بل شيَّدوا هذا الدير والكنيسة سنة 550 تذكاراً له. ويبلغ طول الكنيسة الغربية الجنوبية في القرية، القائمة اليوم، سبعة عشر متراً، وعرضها ثمانية أمتار، وليس فيها أعمدة. فكان الرجال يقفون أثناء الصلاة في القسم الأمامي من الكنيسة مع الشمامسة والرهبان، والنساء في القسم الخلفي منها.
وقد شيدت عن يمين المذبح وشماله غرفتان صغيرتان. فالغرفة اليمنى كانت مخصصة للكهنة، فيها يرتدون حللهم الكهنوتية، ويضعون الكتب الدينية الضخمة المخطوطة المعدّة للقراءات والترانيم في أثناء الاحتفالات الطقسية. وكانت هذه الغرفة تسمى " بغرفة الشهداء " لأن المؤمنين كانوا يحفظون في جرن حجري منصوب فيها عظام الشهداء، فيصبّون فوقها بعض الزيت ويدهَّنون به ويتبركون. أمّا الغرفة اليسرى فكانت تدعى " غرفة الشمامسة " لأنهم كانوا يتقبلون فيها تقادم المؤمنين من قمح وزيت وخمر ويضعون الزيت والخمر في جرار من الفخار أو في جرار محفورة في الصخر.
ولم تكن هذه الكنيسة معدة للرهبان وحدهم، بل كان الحجاج الكثيرون يؤمونها شأنها في ذلك شأن الكانئس الأخرى المنتشرة في منطقة جبل سمعان. بيد أنها كانت صغيرة إذا قابلناها بكنيسة الدير الشمالي القريبة منها، أو بكنيسة قلعة سمعان المبنية بشكل صليب. فإن مساحة كنيسة الدير الشمالي تبلغ ضعف هذه الكنيسة، وكنيسة قلعة سمعان هي من اكبر كنائس العالم اليوم. وهذه الكنيسة منوَّرة جيداً وتمتاز بتناسق أقسامها ومتانة بنيانها وحسن ذوق تفاصيلها ولا ينقصها سوى السقف. وأمام الكنيسة باحة واسعة، لا تزال أرضها مرصوفة بقطع الحجر الكبيرة المتراصة. وعلى أطراف الباحة بيت ذو طابقين لسكن الرهبان، وعلى بابه ونوافذه صلبان منقوشة بشكل جميل. وتسكن فيه الآن أسرة من الفلاحين. وهذه الكنيسة سريانية مثل كنيسة المشبك وكنيسة قلب لوزة ومئات من الكنائس التي لا تزال قائمة اليوم.
عمل الرهبان في منطقة جبل سمعان
لم يكن هذا الجيش من الرهبان عالةً على المجتمع السوري، بل كان الرهبان يزاولون بعض المهن الحرّة وأخصّها الزراعة. فقد زرعوا أشجار الزيتون والتين وكروم العنب. يشهد على ذلك كثرة المعاصر الصخرية المنتشرة في الجبال إلى اليوم. وكان العدد القليل منهم يهتم بالثقافة، مثل نسخ كتب الصلاة وكتب التاريخ والعلوم او يعلم القرويين القراءة والكتابة، وقد أكبَّ عدد صغير منهم على تعلّم اللغة اليونانية السائدة آنذاك وقد نبغ فيها بعضهم مثل مار يعقوب الرهاوي ومار يوحنا الأثاربي.
مار يعقوب الرهاوي ( + 708 )
دُعي مار يعقوب بالرهاوي لأنه صار أسقفاً على الرها أو اورفه سنة 684، وُلد في عين ديبة في الجومة. وتبعد عن ديبة 5 كيلومتر شمالي عفرين وهي تشبه مشعلة بغزارة مياهها وخضارها ويفصلها عن مشعلة نهر عفرين.
في هذه القرية نبع مار يعقوب وصار فيما بعد فيلسوفاً وشارحاً بارعاً للكتب المقدسّة ومتقناً اللغات السريانية واليونانية فضلاً عن العربية وقد تعلم اليونانية في الاسكندرية وقضى معظم حياته في دير تلعّدا وقضى فيه عام 708 ولا يزال قبره محفوظاً تحت الدير.
مار يوحنا الأثاربي ( + 737 )
كان هذا الراهب العمودي من الأتارب أو من القرى التي حولها.
وتبعد الأتارب ثلاثين كيلومتراً عن حلب. كتب هذا الراهب تاريخاً يذكره المؤرخ ميخائيل الكبير. " لقد اختصرنا الكتاب الذي كتبه يوحنا الأتاربي وانتهى إلى هنا " ورد هذا الكلام في الفصل العشرين – القسم الحادي عشر من تاريخ ميخائيل الكبير.
وكان فضلاً عن ذلك عالماً بعلم النفس. يقع ديره وعموده في باحة ثانوية الأتارب اليوم.
جنسية الحجاج:
كان أغلب الحجاج من أبناء سورية، وكان جبل سمعان جبلاً مقدّساً بالنسةب إليهم.
قال المؤرخ تيودوره ( رزق الله ) وهو مطران المنطقة: إنَّ العرب كانوا يأتون من الجزيرة العربية ليشاهدوا القديس سمعان أو تلاميذه من بعده.
وكان حجاج الغرب أيضاً يأتون إلى منطقة جبل سمعان، يذكر منهم الإيطاليين والفرنسيين والاسبان والبريطانيين...
وإنَّ سيل الحجاج من عرب وأجانب لم ينقطع إلى اليوم، لا بل هو في ازدياد متواصل. هذا وإن هؤلاء الحجاج كانوا يساعدون الرهبان بمالهم لتشييد الكنائس الواحدة تلو الأخرى ولكي يسبّحوا الله ويمجدوه بصلواتهم.
منقول .......
Comment