المشهد هو مكان للإعدام، مكان للموت. هناك كان المسيح مع شخصين اخرين. هذان الشخصان لم يكونا شخصين عاديين، لقد كانا مجرمين. الكتاب المقدس لا يقول لنا ما هي جرائمهما، ولكن هذا غير مهم، المهم انهما مجرمان. ولكن مجرد إعدامهما بالصلب كان كافي ليقول لنا انهما ارتكبا جرائم فظيعة.
أمامنا يا أخوتي نوعان مختلفان من البشر، مجرمان يمثلان طبقتين من البشر. اللص الأول، المجرم الذي لم يؤمن و الذي سوف نطلق عليه في هذه العظة صليب الرفض، يمثل الخطيئة ويمثل الأشخاص الذين يعيشون ويموتون في تمرد ضد الله وشرائعه. المجرم الثاني، اللص الذي آمن، سوف نطلق عليه اليوم صليب القبول و التوبة، و يمثل الأشخاص الذين سوف يخلصون عبر نعمة الله و من خلال دم ربنا يسوع المسيح.
قد نتفاجأ اذا علمنا ان المجرم الذي تاب كان ايضاً يسخر من يسوع قبل الحادثة التي قرأناها الان، في مرقس 15: 29-32 نقرأ: "وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم قائلين آه يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة ايام. خلّص نفسك وانزل عن الصليب. وكذلك رؤساء الكهنة وهم مستهزئون فيما بينهم مع الكتبة قالوا خلّص آخرين واما نفسه فما يقدر ان يخلّصها. لينزل الآن المسيح ملك اسرائيل عن الصليب لنرى ونؤمن. واللذان صلبا معه كانا يعيّرانه". كلاهما كانا متشابهان، كلاهما كان مذنبين بجرائم فظيعة، وتم أدانتهم، وهم الان يحصلان على العقاب العادل. لم يكن هناك أي اختلاف بين هذين الشخصين، لقد كانا متشابهين.
هذان المجرمان يمثلوننا بشكل كبير، انهما يمثلان البشر من حيث اننا نحن ايضا مجرمين، لا يوجد اختلاف بيننا. كلنا متشابهون من حيث اننا منفصلين عن الله بسبب خطايانا، منفصلين عن الله القدوس. نحن متشابهون من حيث اننا تحت قوة الخطية و سيطرتها: "لانه لا فرق. اذ الجميع اخطأوا واعوزهم مجد الله" (رومية 3: 22-23). لكن هناك كان اختلاف جوهري في نهاية القصة. واحد من المجرمان تاب و الأخر لم يتب.
لقد ركزت في معظم مقدمة في هذه العظة على المجرمين في هذا المشهد، ولكن كان هناك شخص ثالث، لقد كان يسوع المسيح. لنطلق أسم صليب التبرير و النعمة على صليب المسيح. في هذا اليوم سوف ننظر الى ثلاثة صلبان و ثلاثة أشخاص و ثلاثة قصص مختلفة.
في يوحنا 19: 18 نقرأ "حيث صلبوه وصلبوا اثنين آخرين معه من هنا ومن هنا ويسوع في الوسط". اليوم يا أخوتي سوف نتعمق بهذه القصة. سوف نتمعن بصليب الرفض و الخطيئة. سوف نتمعن بصليب القبول و التوبة. و أخيرا سوف نتمعن بصليب النعمة و التبرير.
أولا: لننظر الى صليب الخطيئة و الرفض:
في لوقا 23: 39 نقرأ ان واحد من المجرمين تكلم مع يسوع و قال:" وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا ان كنت انت المسيح فخلّص نفسك وإيانا."
هذا العدد من إنجيل لوقا ممكن ان يخبرنا الكثير عن هذا الشخص و صفاته، و لكن سأركز اليوم على ثلاثة أمور تخبرنا بها هذه الأعداد:
1) هذا المجرم لم يؤمن:
تمعن في الكلمات التي قالها هذا المجرم "ان كنت انت المسيح؟" أخوتي، الشيطان يتكلم هنا. هل تذكرون ما الذي يقوله انجيل متى4: 3 عندما قال الشيطان تقريبا نفس الكلمات عندما كان يجرب الرب يسوع :" فتقدم اليه المجرب وقال له ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا."
تذكر يا أخي و يا أخوتي عندما تجد شك و ارتياب في حياتك في امور تتعلق في علاقتك مع الله، ان الشيطان هو الذي يقوم بهذا العمل وهو الذي يحرك هذه الامور في حياتك. الشيطان هو مصدر التشويش. ان يحب و يتمنى وبل يشجع الناس على الشك و الارتياب وعدم الأيمان بكلام الله وخاصة فيما يتعلق بالخلاص عن طريق الرب يسوع.
اسمعوا ما الذي يقوله الكتاب المقدس في رسالة العبرانيين 11: 6 :" ولكن بدون ايمان لا يمكن ارضاؤه لانه يجب ان الذي يأتي الى الله يؤمن بانه موجود وانه يجازي الذين يطلبونه." أي شخص يريد ان يؤمن بالرب يسوع فيجب عليه ان يؤمن به بشكل كامل و لا يترك للشك مجال في حياته.
على الأغلب فأن هذا المجرم قد سمع الجنود و الأشخاص الذين كانوا تحت الصليب يهزئون من يسوع و يسخرون منه قائلين: "ان كنت ملك اليهود فخلص نفسك". لابد ان هذا اللص فكر بالأمر بشكل منطقي. انه من غير المعقول ان يكون يسوع ملك على اليهود او ملك على أي شيء اذا لم يكن بإمكانه ان ينقذ نفسه من الصليب.!! لو كان في الحقيقة ذلك الإنسان الذي يدعى انه "ابن الله" لماذا لا يطلب من اباه ان يرسل ملائكة تنقذه وتنقذ المجرمين معه من هذا الموت الفظيع؟
من المغري ان نذهب مع التيار كما فعل هذا المجرم. لكن في نفس الوقت فان هذه الأمور قد تجلب لنا دينونة عظيمة عندما يأتي يسوع مرة اخرى. أخوتي لنأخذ صليب الرفض و الخطيئة كتحذير لنا. يجب ان نأخذ الرب يسوع كمصدر و أساس الخلاص و ان لا نشك في كلامه او وعوده لنا.
كثير من البشر في هذا الوقت لا يختلفون عن الشخص المعلق على صليب الرفض. الكثير من الناس يقولون: ان يسوع كان إنسان جيد و انه فعل بعض المعجزات ولكنه لم يكن انسان يختلف عن غيره، انظروا انه حتى لم يخلص نفسه من الموت على الصليب.
الشيطان يفرح جداً لأن يسمع هذه الكلمات تخرج من أفواهنا. لكن يجب ان نتمهل قبل ان ننطق بهذه الكلمات التي سوف تجلب لنا الدينونة. الكتاب المقدس لم ينتهي بموت يسوع على الصليب. القصة لها تكملة، الرب يسوع قام من الموت قاهراً الشيطان و شوكة موته. هذا دليل واضح ان يسوع لو اراد ان يخلص نفسه لفعل ذلك بسهولة لكنه كان يريد ان يحقق هدف اعظم و أسمى و هو تخليص البشرية من تحت وطأة الخطيئة من خلال دمه المسفوك الذي سوف يعطي الأمل بالمستقبل المشرق بالشركة مع الله.
2) ملء الشك قلب هذا المجرم:
الشك الموجود في قلب هذا المجرم يذكرني بقصة توما، توما الشكاك. الكثير منا يعرف قصته عندما لم يصدق التلاميذ الآخرين عندا اخبروه انهم رأوا الرب يسوع بعد ان قام من بين الأموات. رفض التصديق حتى يرى يسوع بعينه و يعاين جراحه. الرب يسوع لم يكن غاضب منه عندما ظهر مرة اخرى و كان توما وقتها مع التلاميذ. لقد تفهم الرب يسوع وضع توما و أراده ان يعرف انه انسان غير كامل. قد يحدث ان يشك البشر بعض الاحيان. الامر العظيم في هذه القصة ان الرب يسوع تفهم الأمر.
الشك هو شيء طبيعي في الطبيعة البشرية الخاطئة. توما هو ليس الانسان الوحيد في العالم الذي يشك. أريد أن اقرأ لكم إحصائية نشرتها جريدة مسيحية بعد ان قامت بعمل استفتاء بين أعضاء إحدى الكنائس المعروفة في أمريكا:
22% غير متأكدين بشكل كامل ان الله موجود
31% غير مقتنعين بقصة الميلاد من مريم عذراء
38% غير مقتنعين ان يسوع مشى على الماء
43% لديهم شكوك ان الرب يسوع سوف يعود مرة اخرى
33% لديهم شكوك ان الشيطان موجود.
3)بدا هذا المجرم متكبراً
بدل ان يكون هذا المجرم متواضع يتطلع الى الرأفة و الرحمة نقرأ في الكتاب المقدس انه كان يجدف على الرب يسوع. كان لدى هذا المجرم مشكلة الكبرياء في حياته. الرب يسوع كان من الناحية النظرية على الأقل الشخص الوحيد الذي يمكن ان ينقذه في تلك اللحظة اذا كان لديه الأيمان انه ابن الله. لكن لا، لم يكن يريد ان يكون متواضع و يطلب من يسوع ان يساعده. لقد ضيع فرصة عظيمة لن تعود مرة أخرى. يجب ان نتعلم درس هذه اليوم من خلال هذا المجرم، هذا الدرس هو ان لا نكون متكبرين بل يجب ان تتميز حياتنا بالتواضع.
يوحنا المعمدان يعلمنا درس عظيم عن التواضع. اسمعوا ما يقول في إنجيل يوحنا 1: 27 "هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست بمستحق ان احل سيور حذائه." يوحنا المعمدان الذي كان نبي عظيم، شعر انه غير مستحق ان يفك رباط حذاء الرب يسوع. على الرغم ان الرب يسوع قال في لوقا 7: 28" لاني اقول لكم انه بين المولودين من النساء ليس نبي اعظم من يوحنا المعمدان". اذا كان يوحنا أعظم الأنبياء كان يعتبر نفسه غير مستحق حتى ان يمس حذاء الرب يسوع، فماذا عنا؟ يا أخوتي يجب علينا ان نضع الكبرياء جانباً.
أريد أن أخبركم بنكتة حدثت في الحقيقة ترينا كيف ان الانسان يحب التكبر:
كلكم تعرفون محمد على كلاي الملاكم المشهور. يوم من الأيام حجز مقعد في طائرة و وصعد جلس في مقعده بالطائرة لكنه لم يربط حزام الأمان. فطلبت منه المضيفة بأدب ان يربط حزامه فرد عليها ان سوبرمان لا يحتاج الى حزام أمان (يقصد نفسه) فردت عليه المضيفة: طبعا سوبرمان لا يحتاج الى حزام أمان لأنه لا يحتاج الى طائرة. فقام محمد على كلاي بربط حزامه بعد ان شعر بالحرج.
ثانيا: لنتكلم عن صليب القبول التوبة:
1) لقد خاف الله
في إنجيل لوقا العدد 40 نقرأ :" فاجاب الآخر وانتهره قائلا أولا انت تخاف الله اذ انت تحت هذا الحكم بعينه."
أسمعوا ما يقوله مزمور 111: 10: " رأس الحكمة مخافة الرب". مخافة الله يا أخوتي تعني ان نعرف من هو الله وبالتالي يكون لدينا نفس موقف الله من الخطية. وعندما يحصل هذا، نقدر ان نحصل على صورة أوضح عن أنفسنا و عن طبيعتنا الخاطئة. عندما نعرف من هو الله فمن من الطبيعي و المطلوب أنه في تلك اللحظة يجب علينا ان نركع تحت الصليب في تواضع. فقط في تلك اللحظة نقدر ان نذهب اليه و نطلب المغفرة، و ايضا ان نطلب البركة منه. هذا تماما الذي فعله المجرم على صليب التوبة.
هذا المجرم عرف ان الله هو المسيطر، و انه هو الذي سيحاكم العالم و البشرية عندما يعود. و أنه هو الشخص الوحيد الذي يمكن ان يساعده. ربما ليس مساعدة أرضية في تلك اللحظة بأن ينجيه من الصليب، بل مساعدة سماوية ان يكون معه في السماء. يا لها من مساعدة أتمناها لي و لكم.
2) اعترف بخطاياها:
انتبهوا الى العدد 40 و خاصة الجزء الثاني منه:" فاجاب الآخر وانتهره قائلا أولا انت تخاف الله اذ انت تحت هذا الحكم بعينه." و ايضا العدد 41 "اما نحن فبعدل لاننا ننال استحقاق ما فعلنا."
لقد أعترف هذا المجرم انه خاطئ، و هذه يا أخوتي أول خطوة في عملية الخلاص.لا يمكن يا أخوتي ان تكونوا على علاقة بالله مع الاحتفاظ بخطاياكم. ألهنا هو اله قدوس و لايقدر ان يقبل او يتحمل الخطية بأي طريقة.
يا أخوتي ان مجرد الاعتراف الشفهي بالخطية ليس كافي. يجب ان يكون هناك تغيير يميز نمط الحياة الجديدة التي سوف نحصل عليها عندما نقرر ان نمشي في الطريق الضيق مع الرب يسوع. يجب ان يحدث تغيير نحو الأفضل في حياتنا قبل ان نقدر ان نقول اننا نفهم و نطبق الرسالة التي جاء الرب يسوع لينشرها في عالمنا.
هذه نفس المشكلة التي كانت تواجه الفريسين في أيام السيد المسيح. لم يكن يريدون أن يتوبوا عن خطاياهم لأنهم كانوا يعتبرون أنفسهم مبررين و مخلصين بسبب أعمالهم و انهم لا يحتاجوا الى مساعدة أحد في ذلك.
عالمنا اليوم ليس أفضل حال من الأيام و التصرفات التي كان يقوم بها الفريسين. الخطية ما زالت نفسها، و الناس ما زالوا على نفس طبيعتهم. البشر اليوم يبحث عن طرق كثيرة ليخلص نفسه من صعاب هذا العالم. اليوجا ، و السحر، و الشعوذة والى غير ذلك لكن ليس عن طريق دم ربنا يسوع المسيح لأنه صعب جدا على الناس ان تقبل حقيقة ان يكون الخلاص بهذه السهولة المجانية التي يتكلم عنها الرب يسوع.
3) أعترف هذا المجرم انه يستحق العقاب الذي حصل عليه:
اسمعوا ما الذي يقوله العدد41: " اما نحن فبعدل لاننا ننال استحقاق ما فعلنا."
لقد عرف هذا المجرم تماما انه جنى ما حصد. و قبل العقاب الذي حصل له نتيجة أعماله. لقد أنبه ضميره بسبب خطاياه، لم يؤنبه ضميره لأنه القي القبض عليه و أنه لم يفعل كفاية لكي يهرب و لا يعتقل. و لكن ضميره كان يؤنبه لأن أخطأ باتجاه الناس و الله. لقد كان حزين حزن روحي و ليس حزن أرضي كالمجرم الاخر.
لم يكن لدى المجرم الرغبة ان ينجى من الصليب الذي هو معلق عليه. ها هو الان امام ابن الله الذي يعرف خباية القلوب، و لا يوجد مجالا بعد الان ليخبئ او ينكر خطاياه. هذا المجرم لم يعترف و يقر بأنه مخطئ و مذنب فقط، بل أيضا قبل العقاب الذي هو يستحقه، يا له من تصرف يجب ان تميز حياة كل شخص فينا.
4)اقر هذا المجرم ان الرب يسوع لا يستحق ان يصلب:
نقرأ في العدد 41: " واما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله." لقد أقر هذا المجرم ان الرب يسوع قدوس لا يوجد به خطية. و بنفس الوقت فأنه أقر انه هو و المجرم الأخر مخطئ.
كان هناك شيء واحد باقي لهذا المجرم ان يقوم به، وهللويا فلقد قام به. لقد تاب و طلب بركة الله. قلبي يمتلئ بالفرح اذا قمنا بنفس الشيء الذي فعله هذا اللص. لقد نظر الى الصليب في الوسط. صليب النعمة و التبرير و قال هذه الكلمات التي أتمنى ان يقولها كل واحد منا هذا اليوم :"ثم قال ليسوع اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك (العدد 42)."
على العكس من المجرم الاخر فأن هذا المجرم لم يكن لديه أي شك من هو الشخص المعلق على الصليب بجانبه. ولذلك ذهب بقلب متواضع معترف بخطاياه، راضي بحكم الموت نتيجة خطاياه، ولكن بنفس الوقت فلقد ذهب الى الرب يسوع صارخاً و طالباً الرحمة السماوية و ليس الرحمة الأرضية كالمجرم الاخر. لقد آمن هذا المجرم ان الرب يسوع هو الوحيد الذي ممكن ان يساعده في تلك اللحظة.
هل تصدقوني عندما أقول ان هذا المجرم كان لديه إيمان أكثر من كل التلاميذ مجتمعين مع بعضهم البعض، التلاميذ الذين شاهدوا يسوع يقيم الأموات، يفتح عيون العمي، يشفى البرص. نعم لقد احبوا يسوع ولكنهم فقدوا الأمل في يسوع لأنه ها هو معلق على الصليب. لقد نسوا كل ما قاله يسوع انه ابن الله و انه السيد على الحياة و الموت، كلهم هربوا و اختبئوا. حتى اسمعوا الى ما يقوله واحد من تلاميذه في الإصحاح 24: 21 " ونحن كنا نرجو انه هو المزمع ان يفدي اسرائيل.ولكن مع هذا كله اليوم له ثلاثة ايام منذ حدث ذلك." ولكن انظروا الى ايمان هذا المجرم المقبل على الموت. اسمعوا ما أحلى هذه الكلمات و ما اعظم و اقوى الكلمات التي تطلب من يسوع ان يذكره في السماء.
هذا الشخص كان سوف يموت في بضع ساعات ان لم يكن دقائق. ولكنه اتجه الى صليب الرب يسوع و طلب منه المغفرة، و الرب يسوع قبل هذه الكلمات و غفر له ذنبه. الذي نراه في هذه القصة ان أعمالنا لا تكفي لكي نخلص، و انه ليس على أعمالنا فقط سوف يعتمد دخولنا الى السماء او لا. يا أخوتي ما زال لديك الوقت في هذه اللحظة ان تطلب المغفرة من الرب يسوع. الرب يسوع على الرغم من العذاب و الآلام التي كانت تحصل له بسبب الصلب و لكنه رحم هذه النفس التائبة التي عرفت انها مخطئة و طلبت الرحمة.
ثالثا: لنتكلم عن أهم صليب في هذه القصة، صليب التبرير و النعمة:
يا أخوتي لقد كنا عبيد للخطية و لكن الرب يسوع اشترانا بدمه ليطلق سراحنا من سلاسل العبودية. ولم يفعل هذا فقط بل عيننا أبناء له. من الهلاك الأبدي الى البركات الإلهية. لكن يا أخوتي تذكروا ان هذا العمل لم يكن سهل، لقد كلف الرب يسوع سعر غالي، الا و هو حياته.
لنسمع ما يقوله الكتاب المقدس عن عمل يسوع الفدائي على الصليب: كما هو مكتوب في عبرانيين 9: 14 " فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح ازلي قدم نفسه للّه بلا عيب يطهر ضمائركم من اعمال ميتة لتخدموا الله الحي."
أخوتي دم يسوع المسيح عمل لنا الكثير من الأشياء. عن طريق دمه حررنا من لسعة الخطية، حررنا من قوة و سيطرة الشيطان. اذا شعرت يوم انك انسان خاطئ لا يمكن إصلاحه، إنسان لا يمكن ان يهتم به الله انظر فقط الى القصة الموجودة بين يديك.
نحن يا أخوتي لسنا أفضل من هؤلاء الخطاة المعلقين بجانب الرب يسوع. نحن نستحق نفس العقاب و نفس الآلام. نحن نستحق ان نموت روحياً وجسدياً في نار جهنم الأبدية بسبب خطايانا وجرائمنا بحق الله و الناس. ولكن يا أخوتي لدي لكم اليوم أخبار رائعة و مفرحة. اسمعوا ما يقوله الكتاب المقدس في رسالة كولوسي 1: 14" الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا."
أخيرا يا أخوتي لننتبه الى ما يقوله الرب يسوع في العدد 43: " فقال له يسوع الحق اقول لك انك اليوم تكون معي في الفردوس." الأخبار الرائعة يا أخوتي هي انه في يسوع لنا التأكيد اننا سوف نذهب الى السماء. كل ما عليك يا أخي و أختي ان تفعلوه هو ان تتوبوا و تقبلوا دم يسوع ليكون الأساس لينظف يغسل خطاياكم و يعطيكم حياة جديدة. لا يوجد إنسان على وجه هذا الأرض، و لا يوجد دين او طريقة لأن تتأكد من ذهابك الى السماء لتكون في شركة مع الله الا عن طريق الرب يسوع الذي من خلاله سوف تحصل على التأكيد السماوي من خلاصك. يسوع المعلق على الصليب في الوسط.
الخاتمة:
الأمر المثير للاهتمام في هذه القصة ان هذه الحادثة الوحيدة في الكتاب المقدس التي يسجل في أيمان ومغفرة في الدقائق الأخيرة من حياة أحد الأشخاص. الله لن يرفض الأشخاص الذين سوف يؤمنوا في لحظاتهم الأخيرة. البعض منكم سوف يفرح لهذه الحادثة لأن البعض منكم سوف يقول في نفسه سوف أخطئ طول عمري و قبل ان أموت بلحظات سوف أذهب الى الله بالصلاة ليسامحني و يعطيني الحياة الأبدية. لكن أنتظر لحظة، لا يوجد إنسان على وجه هذه الأرض يعرف متى سوف تأتي لحظة موته. الان هي اللحظة المناسبة لكم لتذهبوا الى الله بالصلاة التائبة و تطلبوا منه ان يسامحك و يذكركم امام الله في السماء.
في نهاية هذه العظة أريد ان اوجه إليكم سؤال وهو اين ترى نفسك في مشهد الصلب هذا؟ هل ترى نفسك معلق على صليب الرفض و الخطيئة ام صليب التوبة و القبول؟
اذا لم تطلب حتى الان من الرب يسوع ان يكون هو السيد على حياتك و ليذكرك أمام الله في السماوات الا تطلب منه ذلك الان؟ السماوات سوف تفرح بخاطئ واحد يتوب. المطلوب منك فقط هو ان تتوجه الى الصليب المعلق عليه يسوع وتطلب منه ان يستلم حياتك.
أريد ان ألخص هذه القصة في بعض كلمات: واحد من هاذين المجرمين حصل على الخلاص و الاخر لا. واحد منذ 2000 سنة يتمتع بالشركة مع الله في السماء، و الاخر في جهنم يتمتع بشيء أخر. أعيد و أقول هذه الجملة: المجرمين يمثلان القسمين اللذاين ينقسم بهما جنسنا البشري منذ ان حدثت الخطيئة الأصلية. أين تجد نفسك واقف هذا اليوم؟
البعض سوف يخلص و البعض الاخر سوف يهلك. البعض يريد ان يبادل الله نفس مشاعر المحبة التي يرسلها الله لنا والبعض الاخر لا يريد ذلك. البعض سوف يفدى بدم يسوع الغالي و البعض الاخر لن يفدى و يحرق بنار جهنم الملتهبة.
لدي شيء واحد أقوله في هذا اليوم : " لا تنتظر ان يأتي الوقت المناسب الذي سوف تسلم به حياتك للرب يسوع. الوقت المناسب هو اليوم الان.
أمامنا يا أخوتي نوعان مختلفان من البشر، مجرمان يمثلان طبقتين من البشر. اللص الأول، المجرم الذي لم يؤمن و الذي سوف نطلق عليه في هذه العظة صليب الرفض، يمثل الخطيئة ويمثل الأشخاص الذين يعيشون ويموتون في تمرد ضد الله وشرائعه. المجرم الثاني، اللص الذي آمن، سوف نطلق عليه اليوم صليب القبول و التوبة، و يمثل الأشخاص الذين سوف يخلصون عبر نعمة الله و من خلال دم ربنا يسوع المسيح.
قد نتفاجأ اذا علمنا ان المجرم الذي تاب كان ايضاً يسخر من يسوع قبل الحادثة التي قرأناها الان، في مرقس 15: 29-32 نقرأ: "وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم قائلين آه يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة ايام. خلّص نفسك وانزل عن الصليب. وكذلك رؤساء الكهنة وهم مستهزئون فيما بينهم مع الكتبة قالوا خلّص آخرين واما نفسه فما يقدر ان يخلّصها. لينزل الآن المسيح ملك اسرائيل عن الصليب لنرى ونؤمن. واللذان صلبا معه كانا يعيّرانه". كلاهما كانا متشابهان، كلاهما كان مذنبين بجرائم فظيعة، وتم أدانتهم، وهم الان يحصلان على العقاب العادل. لم يكن هناك أي اختلاف بين هذين الشخصين، لقد كانا متشابهين.
هذان المجرمان يمثلوننا بشكل كبير، انهما يمثلان البشر من حيث اننا نحن ايضا مجرمين، لا يوجد اختلاف بيننا. كلنا متشابهون من حيث اننا منفصلين عن الله بسبب خطايانا، منفصلين عن الله القدوس. نحن متشابهون من حيث اننا تحت قوة الخطية و سيطرتها: "لانه لا فرق. اذ الجميع اخطأوا واعوزهم مجد الله" (رومية 3: 22-23). لكن هناك كان اختلاف جوهري في نهاية القصة. واحد من المجرمان تاب و الأخر لم يتب.
لقد ركزت في معظم مقدمة في هذه العظة على المجرمين في هذا المشهد، ولكن كان هناك شخص ثالث، لقد كان يسوع المسيح. لنطلق أسم صليب التبرير و النعمة على صليب المسيح. في هذا اليوم سوف ننظر الى ثلاثة صلبان و ثلاثة أشخاص و ثلاثة قصص مختلفة.
في يوحنا 19: 18 نقرأ "حيث صلبوه وصلبوا اثنين آخرين معه من هنا ومن هنا ويسوع في الوسط". اليوم يا أخوتي سوف نتعمق بهذه القصة. سوف نتمعن بصليب الرفض و الخطيئة. سوف نتمعن بصليب القبول و التوبة. و أخيرا سوف نتمعن بصليب النعمة و التبرير.
أولا: لننظر الى صليب الخطيئة و الرفض:
في لوقا 23: 39 نقرأ ان واحد من المجرمين تكلم مع يسوع و قال:" وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا ان كنت انت المسيح فخلّص نفسك وإيانا."
هذا العدد من إنجيل لوقا ممكن ان يخبرنا الكثير عن هذا الشخص و صفاته، و لكن سأركز اليوم على ثلاثة أمور تخبرنا بها هذه الأعداد:
1) هذا المجرم لم يؤمن:
تمعن في الكلمات التي قالها هذا المجرم "ان كنت انت المسيح؟" أخوتي، الشيطان يتكلم هنا. هل تذكرون ما الذي يقوله انجيل متى4: 3 عندما قال الشيطان تقريبا نفس الكلمات عندما كان يجرب الرب يسوع :" فتقدم اليه المجرب وقال له ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا."
تذكر يا أخي و يا أخوتي عندما تجد شك و ارتياب في حياتك في امور تتعلق في علاقتك مع الله، ان الشيطان هو الذي يقوم بهذا العمل وهو الذي يحرك هذه الامور في حياتك. الشيطان هو مصدر التشويش. ان يحب و يتمنى وبل يشجع الناس على الشك و الارتياب وعدم الأيمان بكلام الله وخاصة فيما يتعلق بالخلاص عن طريق الرب يسوع.
اسمعوا ما الذي يقوله الكتاب المقدس في رسالة العبرانيين 11: 6 :" ولكن بدون ايمان لا يمكن ارضاؤه لانه يجب ان الذي يأتي الى الله يؤمن بانه موجود وانه يجازي الذين يطلبونه." أي شخص يريد ان يؤمن بالرب يسوع فيجب عليه ان يؤمن به بشكل كامل و لا يترك للشك مجال في حياته.
على الأغلب فأن هذا المجرم قد سمع الجنود و الأشخاص الذين كانوا تحت الصليب يهزئون من يسوع و يسخرون منه قائلين: "ان كنت ملك اليهود فخلص نفسك". لابد ان هذا اللص فكر بالأمر بشكل منطقي. انه من غير المعقول ان يكون يسوع ملك على اليهود او ملك على أي شيء اذا لم يكن بإمكانه ان ينقذ نفسه من الصليب.!! لو كان في الحقيقة ذلك الإنسان الذي يدعى انه "ابن الله" لماذا لا يطلب من اباه ان يرسل ملائكة تنقذه وتنقذ المجرمين معه من هذا الموت الفظيع؟
من المغري ان نذهب مع التيار كما فعل هذا المجرم. لكن في نفس الوقت فان هذه الأمور قد تجلب لنا دينونة عظيمة عندما يأتي يسوع مرة اخرى. أخوتي لنأخذ صليب الرفض و الخطيئة كتحذير لنا. يجب ان نأخذ الرب يسوع كمصدر و أساس الخلاص و ان لا نشك في كلامه او وعوده لنا.
كثير من البشر في هذا الوقت لا يختلفون عن الشخص المعلق على صليب الرفض. الكثير من الناس يقولون: ان يسوع كان إنسان جيد و انه فعل بعض المعجزات ولكنه لم يكن انسان يختلف عن غيره، انظروا انه حتى لم يخلص نفسه من الموت على الصليب.
الشيطان يفرح جداً لأن يسمع هذه الكلمات تخرج من أفواهنا. لكن يجب ان نتمهل قبل ان ننطق بهذه الكلمات التي سوف تجلب لنا الدينونة. الكتاب المقدس لم ينتهي بموت يسوع على الصليب. القصة لها تكملة، الرب يسوع قام من الموت قاهراً الشيطان و شوكة موته. هذا دليل واضح ان يسوع لو اراد ان يخلص نفسه لفعل ذلك بسهولة لكنه كان يريد ان يحقق هدف اعظم و أسمى و هو تخليص البشرية من تحت وطأة الخطيئة من خلال دمه المسفوك الذي سوف يعطي الأمل بالمستقبل المشرق بالشركة مع الله.
2) ملء الشك قلب هذا المجرم:
الشك الموجود في قلب هذا المجرم يذكرني بقصة توما، توما الشكاك. الكثير منا يعرف قصته عندما لم يصدق التلاميذ الآخرين عندا اخبروه انهم رأوا الرب يسوع بعد ان قام من بين الأموات. رفض التصديق حتى يرى يسوع بعينه و يعاين جراحه. الرب يسوع لم يكن غاضب منه عندما ظهر مرة اخرى و كان توما وقتها مع التلاميذ. لقد تفهم الرب يسوع وضع توما و أراده ان يعرف انه انسان غير كامل. قد يحدث ان يشك البشر بعض الاحيان. الامر العظيم في هذه القصة ان الرب يسوع تفهم الأمر.
الشك هو شيء طبيعي في الطبيعة البشرية الخاطئة. توما هو ليس الانسان الوحيد في العالم الذي يشك. أريد أن اقرأ لكم إحصائية نشرتها جريدة مسيحية بعد ان قامت بعمل استفتاء بين أعضاء إحدى الكنائس المعروفة في أمريكا:
22% غير متأكدين بشكل كامل ان الله موجود
31% غير مقتنعين بقصة الميلاد من مريم عذراء
38% غير مقتنعين ان يسوع مشى على الماء
43% لديهم شكوك ان الرب يسوع سوف يعود مرة اخرى
33% لديهم شكوك ان الشيطان موجود.
3)بدا هذا المجرم متكبراً
بدل ان يكون هذا المجرم متواضع يتطلع الى الرأفة و الرحمة نقرأ في الكتاب المقدس انه كان يجدف على الرب يسوع. كان لدى هذا المجرم مشكلة الكبرياء في حياته. الرب يسوع كان من الناحية النظرية على الأقل الشخص الوحيد الذي يمكن ان ينقذه في تلك اللحظة اذا كان لديه الأيمان انه ابن الله. لكن لا، لم يكن يريد ان يكون متواضع و يطلب من يسوع ان يساعده. لقد ضيع فرصة عظيمة لن تعود مرة أخرى. يجب ان نتعلم درس هذه اليوم من خلال هذا المجرم، هذا الدرس هو ان لا نكون متكبرين بل يجب ان تتميز حياتنا بالتواضع.
يوحنا المعمدان يعلمنا درس عظيم عن التواضع. اسمعوا ما يقول في إنجيل يوحنا 1: 27 "هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست بمستحق ان احل سيور حذائه." يوحنا المعمدان الذي كان نبي عظيم، شعر انه غير مستحق ان يفك رباط حذاء الرب يسوع. على الرغم ان الرب يسوع قال في لوقا 7: 28" لاني اقول لكم انه بين المولودين من النساء ليس نبي اعظم من يوحنا المعمدان". اذا كان يوحنا أعظم الأنبياء كان يعتبر نفسه غير مستحق حتى ان يمس حذاء الرب يسوع، فماذا عنا؟ يا أخوتي يجب علينا ان نضع الكبرياء جانباً.
أريد أن أخبركم بنكتة حدثت في الحقيقة ترينا كيف ان الانسان يحب التكبر:
كلكم تعرفون محمد على كلاي الملاكم المشهور. يوم من الأيام حجز مقعد في طائرة و وصعد جلس في مقعده بالطائرة لكنه لم يربط حزام الأمان. فطلبت منه المضيفة بأدب ان يربط حزامه فرد عليها ان سوبرمان لا يحتاج الى حزام أمان (يقصد نفسه) فردت عليه المضيفة: طبعا سوبرمان لا يحتاج الى حزام أمان لأنه لا يحتاج الى طائرة. فقام محمد على كلاي بربط حزامه بعد ان شعر بالحرج.
ثانيا: لنتكلم عن صليب القبول التوبة:
1) لقد خاف الله
في إنجيل لوقا العدد 40 نقرأ :" فاجاب الآخر وانتهره قائلا أولا انت تخاف الله اذ انت تحت هذا الحكم بعينه."
أسمعوا ما يقوله مزمور 111: 10: " رأس الحكمة مخافة الرب". مخافة الله يا أخوتي تعني ان نعرف من هو الله وبالتالي يكون لدينا نفس موقف الله من الخطية. وعندما يحصل هذا، نقدر ان نحصل على صورة أوضح عن أنفسنا و عن طبيعتنا الخاطئة. عندما نعرف من هو الله فمن من الطبيعي و المطلوب أنه في تلك اللحظة يجب علينا ان نركع تحت الصليب في تواضع. فقط في تلك اللحظة نقدر ان نذهب اليه و نطلب المغفرة، و ايضا ان نطلب البركة منه. هذا تماما الذي فعله المجرم على صليب التوبة.
هذا المجرم عرف ان الله هو المسيطر، و انه هو الذي سيحاكم العالم و البشرية عندما يعود. و أنه هو الشخص الوحيد الذي يمكن ان يساعده. ربما ليس مساعدة أرضية في تلك اللحظة بأن ينجيه من الصليب، بل مساعدة سماوية ان يكون معه في السماء. يا لها من مساعدة أتمناها لي و لكم.
2) اعترف بخطاياها:
انتبهوا الى العدد 40 و خاصة الجزء الثاني منه:" فاجاب الآخر وانتهره قائلا أولا انت تخاف الله اذ انت تحت هذا الحكم بعينه." و ايضا العدد 41 "اما نحن فبعدل لاننا ننال استحقاق ما فعلنا."
لقد أعترف هذا المجرم انه خاطئ، و هذه يا أخوتي أول خطوة في عملية الخلاص.لا يمكن يا أخوتي ان تكونوا على علاقة بالله مع الاحتفاظ بخطاياكم. ألهنا هو اله قدوس و لايقدر ان يقبل او يتحمل الخطية بأي طريقة.
يا أخوتي ان مجرد الاعتراف الشفهي بالخطية ليس كافي. يجب ان يكون هناك تغيير يميز نمط الحياة الجديدة التي سوف نحصل عليها عندما نقرر ان نمشي في الطريق الضيق مع الرب يسوع. يجب ان يحدث تغيير نحو الأفضل في حياتنا قبل ان نقدر ان نقول اننا نفهم و نطبق الرسالة التي جاء الرب يسوع لينشرها في عالمنا.
هذه نفس المشكلة التي كانت تواجه الفريسين في أيام السيد المسيح. لم يكن يريدون أن يتوبوا عن خطاياهم لأنهم كانوا يعتبرون أنفسهم مبررين و مخلصين بسبب أعمالهم و انهم لا يحتاجوا الى مساعدة أحد في ذلك.
عالمنا اليوم ليس أفضل حال من الأيام و التصرفات التي كان يقوم بها الفريسين. الخطية ما زالت نفسها، و الناس ما زالوا على نفس طبيعتهم. البشر اليوم يبحث عن طرق كثيرة ليخلص نفسه من صعاب هذا العالم. اليوجا ، و السحر، و الشعوذة والى غير ذلك لكن ليس عن طريق دم ربنا يسوع المسيح لأنه صعب جدا على الناس ان تقبل حقيقة ان يكون الخلاص بهذه السهولة المجانية التي يتكلم عنها الرب يسوع.
3) أعترف هذا المجرم انه يستحق العقاب الذي حصل عليه:
اسمعوا ما الذي يقوله العدد41: " اما نحن فبعدل لاننا ننال استحقاق ما فعلنا."
لقد عرف هذا المجرم تماما انه جنى ما حصد. و قبل العقاب الذي حصل له نتيجة أعماله. لقد أنبه ضميره بسبب خطاياه، لم يؤنبه ضميره لأنه القي القبض عليه و أنه لم يفعل كفاية لكي يهرب و لا يعتقل. و لكن ضميره كان يؤنبه لأن أخطأ باتجاه الناس و الله. لقد كان حزين حزن روحي و ليس حزن أرضي كالمجرم الاخر.
لم يكن لدى المجرم الرغبة ان ينجى من الصليب الذي هو معلق عليه. ها هو الان امام ابن الله الذي يعرف خباية القلوب، و لا يوجد مجالا بعد الان ليخبئ او ينكر خطاياه. هذا المجرم لم يعترف و يقر بأنه مخطئ و مذنب فقط، بل أيضا قبل العقاب الذي هو يستحقه، يا له من تصرف يجب ان تميز حياة كل شخص فينا.
4)اقر هذا المجرم ان الرب يسوع لا يستحق ان يصلب:
نقرأ في العدد 41: " واما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله." لقد أقر هذا المجرم ان الرب يسوع قدوس لا يوجد به خطية. و بنفس الوقت فأنه أقر انه هو و المجرم الأخر مخطئ.
كان هناك شيء واحد باقي لهذا المجرم ان يقوم به، وهللويا فلقد قام به. لقد تاب و طلب بركة الله. قلبي يمتلئ بالفرح اذا قمنا بنفس الشيء الذي فعله هذا اللص. لقد نظر الى الصليب في الوسط. صليب النعمة و التبرير و قال هذه الكلمات التي أتمنى ان يقولها كل واحد منا هذا اليوم :"ثم قال ليسوع اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك (العدد 42)."
على العكس من المجرم الاخر فأن هذا المجرم لم يكن لديه أي شك من هو الشخص المعلق على الصليب بجانبه. ولذلك ذهب بقلب متواضع معترف بخطاياه، راضي بحكم الموت نتيجة خطاياه، ولكن بنفس الوقت فلقد ذهب الى الرب يسوع صارخاً و طالباً الرحمة السماوية و ليس الرحمة الأرضية كالمجرم الاخر. لقد آمن هذا المجرم ان الرب يسوع هو الوحيد الذي ممكن ان يساعده في تلك اللحظة.
هل تصدقوني عندما أقول ان هذا المجرم كان لديه إيمان أكثر من كل التلاميذ مجتمعين مع بعضهم البعض، التلاميذ الذين شاهدوا يسوع يقيم الأموات، يفتح عيون العمي، يشفى البرص. نعم لقد احبوا يسوع ولكنهم فقدوا الأمل في يسوع لأنه ها هو معلق على الصليب. لقد نسوا كل ما قاله يسوع انه ابن الله و انه السيد على الحياة و الموت، كلهم هربوا و اختبئوا. حتى اسمعوا الى ما يقوله واحد من تلاميذه في الإصحاح 24: 21 " ونحن كنا نرجو انه هو المزمع ان يفدي اسرائيل.ولكن مع هذا كله اليوم له ثلاثة ايام منذ حدث ذلك." ولكن انظروا الى ايمان هذا المجرم المقبل على الموت. اسمعوا ما أحلى هذه الكلمات و ما اعظم و اقوى الكلمات التي تطلب من يسوع ان يذكره في السماء.
هذا الشخص كان سوف يموت في بضع ساعات ان لم يكن دقائق. ولكنه اتجه الى صليب الرب يسوع و طلب منه المغفرة، و الرب يسوع قبل هذه الكلمات و غفر له ذنبه. الذي نراه في هذه القصة ان أعمالنا لا تكفي لكي نخلص، و انه ليس على أعمالنا فقط سوف يعتمد دخولنا الى السماء او لا. يا أخوتي ما زال لديك الوقت في هذه اللحظة ان تطلب المغفرة من الرب يسوع. الرب يسوع على الرغم من العذاب و الآلام التي كانت تحصل له بسبب الصلب و لكنه رحم هذه النفس التائبة التي عرفت انها مخطئة و طلبت الرحمة.
ثالثا: لنتكلم عن أهم صليب في هذه القصة، صليب التبرير و النعمة:
يا أخوتي لقد كنا عبيد للخطية و لكن الرب يسوع اشترانا بدمه ليطلق سراحنا من سلاسل العبودية. ولم يفعل هذا فقط بل عيننا أبناء له. من الهلاك الأبدي الى البركات الإلهية. لكن يا أخوتي تذكروا ان هذا العمل لم يكن سهل، لقد كلف الرب يسوع سعر غالي، الا و هو حياته.
لنسمع ما يقوله الكتاب المقدس عن عمل يسوع الفدائي على الصليب: كما هو مكتوب في عبرانيين 9: 14 " فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح ازلي قدم نفسه للّه بلا عيب يطهر ضمائركم من اعمال ميتة لتخدموا الله الحي."
أخوتي دم يسوع المسيح عمل لنا الكثير من الأشياء. عن طريق دمه حررنا من لسعة الخطية، حررنا من قوة و سيطرة الشيطان. اذا شعرت يوم انك انسان خاطئ لا يمكن إصلاحه، إنسان لا يمكن ان يهتم به الله انظر فقط الى القصة الموجودة بين يديك.
نحن يا أخوتي لسنا أفضل من هؤلاء الخطاة المعلقين بجانب الرب يسوع. نحن نستحق نفس العقاب و نفس الآلام. نحن نستحق ان نموت روحياً وجسدياً في نار جهنم الأبدية بسبب خطايانا وجرائمنا بحق الله و الناس. ولكن يا أخوتي لدي لكم اليوم أخبار رائعة و مفرحة. اسمعوا ما يقوله الكتاب المقدس في رسالة كولوسي 1: 14" الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا."
أخيرا يا أخوتي لننتبه الى ما يقوله الرب يسوع في العدد 43: " فقال له يسوع الحق اقول لك انك اليوم تكون معي في الفردوس." الأخبار الرائعة يا أخوتي هي انه في يسوع لنا التأكيد اننا سوف نذهب الى السماء. كل ما عليك يا أخي و أختي ان تفعلوه هو ان تتوبوا و تقبلوا دم يسوع ليكون الأساس لينظف يغسل خطاياكم و يعطيكم حياة جديدة. لا يوجد إنسان على وجه هذا الأرض، و لا يوجد دين او طريقة لأن تتأكد من ذهابك الى السماء لتكون في شركة مع الله الا عن طريق الرب يسوع الذي من خلاله سوف تحصل على التأكيد السماوي من خلاصك. يسوع المعلق على الصليب في الوسط.
الخاتمة:
الأمر المثير للاهتمام في هذه القصة ان هذه الحادثة الوحيدة في الكتاب المقدس التي يسجل في أيمان ومغفرة في الدقائق الأخيرة من حياة أحد الأشخاص. الله لن يرفض الأشخاص الذين سوف يؤمنوا في لحظاتهم الأخيرة. البعض منكم سوف يفرح لهذه الحادثة لأن البعض منكم سوف يقول في نفسه سوف أخطئ طول عمري و قبل ان أموت بلحظات سوف أذهب الى الله بالصلاة ليسامحني و يعطيني الحياة الأبدية. لكن أنتظر لحظة، لا يوجد إنسان على وجه هذه الأرض يعرف متى سوف تأتي لحظة موته. الان هي اللحظة المناسبة لكم لتذهبوا الى الله بالصلاة التائبة و تطلبوا منه ان يسامحك و يذكركم امام الله في السماء.
في نهاية هذه العظة أريد ان اوجه إليكم سؤال وهو اين ترى نفسك في مشهد الصلب هذا؟ هل ترى نفسك معلق على صليب الرفض و الخطيئة ام صليب التوبة و القبول؟
اذا لم تطلب حتى الان من الرب يسوع ان يكون هو السيد على حياتك و ليذكرك أمام الله في السماوات الا تطلب منه ذلك الان؟ السماوات سوف تفرح بخاطئ واحد يتوب. المطلوب منك فقط هو ان تتوجه الى الصليب المعلق عليه يسوع وتطلب منه ان يستلم حياتك.
أريد ان ألخص هذه القصة في بعض كلمات: واحد من هاذين المجرمين حصل على الخلاص و الاخر لا. واحد منذ 2000 سنة يتمتع بالشركة مع الله في السماء، و الاخر في جهنم يتمتع بشيء أخر. أعيد و أقول هذه الجملة: المجرمين يمثلان القسمين اللذاين ينقسم بهما جنسنا البشري منذ ان حدثت الخطيئة الأصلية. أين تجد نفسك واقف هذا اليوم؟
البعض سوف يخلص و البعض الاخر سوف يهلك. البعض يريد ان يبادل الله نفس مشاعر المحبة التي يرسلها الله لنا والبعض الاخر لا يريد ذلك. البعض سوف يفدى بدم يسوع الغالي و البعض الاخر لن يفدى و يحرق بنار جهنم الملتهبة.
لدي شيء واحد أقوله في هذا اليوم : " لا تنتظر ان يأتي الوقت المناسب الذي سوف تسلم به حياتك للرب يسوع. الوقت المناسب هو اليوم الان.
Comment