العذراء مريم
المقدمة
المقدمة
أمام السيدة العذراء نذوب حباً وخجلاً من أنفسنا، ونشعر بالنورانية الحلوة التي تشع من وجهها، وننظر إلى سيرتها العطرة فنتمثل بإيمانها. السيدة العذراء كانت ممتلئة نعمة.. تحاور الله في دالة متواضعة، تسلم حياتها لله كل الأيام.
"طوبى للبطن التي حملت والثديين اللتين رضعتا... بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه" (لو 27:11،28). "طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو 45:1). طوبى لمريم العظيمة التي "كانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به فى قلبها" (لو 19:2). طوبى لمن تكلمت بالروح القدس معلنة "فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى" (لو 48:1). نطوبك يا ذات كل التطويب لأنك بالحقيقة ارتفعت على كل السمائيين وصرت سماء ثانية تحمل القدوس كالشاروبيم وأبهى. يا للعجب .. الأم الأعجوبة.. الأم والعذراء.. الأم والأمة.. الملكة العبدة كيف لعقلي الصغير أن يستوعب هذه الأعجوبة. فتاة صغيرة يهودية تحمل في حضنها (يهوه).. إخبرنى يا أمي كيف استوعب الخبر.. وكيف احتملت الخبرة .. من تخافه الملائكة وترتعب أمامه القوات.. من يقف الكهنة أمامه بكل احتشام ويتطهرون عندما يكتبون اسمه.. كيف حملتيه أنت في بطنك وحضنك وكف رضع من لبن ثدييك. أخبريني يا عروس المسيح الباهرة كيف كان (يحبو) يسوع.. ومتى تكلم.. وكيف نطق الحروف الأولى.. أخبريني عن أسرار الملك إذا أنه (شابهنا في كل شئ) وكان مثلنا "يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس" (لو 52:2) ولكنه كان "ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة وكانت نعمة الله عليه" (لو 40:2). أحكى يا أم النور عن النور والهاء الذي كان يحيط بطفلك العجيب.. وخبرينا عن المجد والوقار والرزانة والنعمة المنبعثة من شخصه القدوس طوباك يا مريم لأنك عاينت ما لم تره عين.. وخبرت ما لم يختبره إنسان وصدقت ما يفوق العقل.. وعقلت ما يصيب بالذهول. إنني أقف من بعيد يحجبني الزمان السحيق والمكان البعيد... أقف مذهولاً من الأمر نفسه الذي استوعبته أنت وعشته. قلبي ولساني وعقلي وحواسي يتيهون.. وقلمي يسبق الكلمات.. ومشاعري مختلطة ولا أستطيع الكلام أن أرتب العبارات.. لأنني مأخوذ ومشدود بسبب بهائك الكامل يا أم كل طهر واصل البتولية. العذراء عروس الله. "هاأنت جميلة يا حبيبتي. ها أنت جميلة عيناك حمامتان" (نش 15:1)، "كلك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة" (نش 7:4)، "قد سبيت قلبي يا أختي العروس.. قد سبيت قلبي ما أحسن حبك يا أختي العروس.. شفتاك يا عروس تقطران شهداً، تحت لشانك عسل ولبن ورائحة ثيابك كرائحة لبنان، أختي العروس جنة مغلقة عين مقفلة، ينبوع مختوم" (نش 9:4-12). لم تكن العذراء فقط أم الله "طوبى البطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما" (لو 27:11)، بل هي أيضاً عروس الله وصديقته التي كانت "تحفظ كلامه في قلبها" (لو 51:2)، لذلك فقد نالت الطوبتين "إن القديسة مريم استحقت التطويب من اجل إيمانها بالمسيح أكثر من ونها حبلت به، إن صلة أمومتها بالمسيح لم تعطها أى ميزة.. الميزة الحقيقية التي للقديسة مريم، هي في كونها حملت المسيح في قلبها ولى في بطنها" أغسطينوس. لقد خضعت العذراء في حي وفرح "هأنذا أمة الرب ليكن لى كقولك" (لو 38:1). واحتملت سيوفاً كثيرة "وأنت يجوز فى نفسك سيف لتعلن أفكا من قلوب كثيرين" (لو 35:2). ولكنها في هذه كها كانت أنموذجاً رائعاً للاحتمال والهدوء والوداعة.. صم صاغت هبرتها هذه في عبارة نصيحة لكل الأجيال "مهما قال لكم فافعلوه" (يو 5:2).
نعم يا أمي الطاهرة سأطيع أبنك واخضع لتدبيره.. هوذا أنا عبد للرب ليكن لي كقولك وكتدبيرك لحياتي وكخطتك لي قبل أن أولد وليتمجد اسمك القدوس في وفى كنيستك. وأنت يا أمي المحبوبة..
إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تكرم السيدة العذراء الإكرام اللائق بها دون مبالغة أو إقلال من شأنها. فهي القديسة المكرمة والدة الإله المطوبة من السمائيين والأرضيين, دائمة البتولية العذراء كل حين, الشفيعة المؤتمنة والمعينة, السماء الثانية الجسدانية أم النور الحقيقي التي ولدت مخلص العالم ربنا يسوع المسيح.
مريم العذراء هي الإنسانة الوحيدة التي أنتظر الله آلاف السنين حتى وجدها ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم "التجسد الإلهي" الشرف الذي شرحه الملاك جبرائيل بقوله" الروح القدس يحل عليكِ و قوة العلىّ تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يدعى أبن الله" (لو35:1). لهذا قال عنها الكتاب المقدس "بنات كثيرات عملن فضلاً أما أنت ففقتِ عليهن جميعاً " (أم29:31).
العذراء القديسة كانت في فكر الله وفى تدبيره منذ البدء ففي الخلاص الذي وعد به آدم وحواء قال لهما "أن نسل المرأة يسحق رأس الحية" (تك15:3) هذه المرأة هي العذراء ونسلها هو المسيح الذي سحق رأس الحية على الصليب.
فضائل العذراء مريم
1. الاتضاع والوداعة
لعل الفضيلة الأساسية والعظمى التي جعلت الرب ينظر إليها أنها كانت وديعة إذ قالت "لإنه نظر الى إتضاع أمته"(لو 48:1). عندما أعلن لها الملاك أنها ستكون أم لله كان ردها "هوذا أنا آمة الرب" آمة.. عبدة.. خادمة.. تواضع لا مثيل له من السيدة العذراء، تواضع حقيقي.. نعم فأنت تضع في يا رب وتعطيني من محبتك، ولكن ما أنا إلا خادمة.. هل عندنا هذا التواضع الذي يحول الأم إلى آمة؟ كلما أنكسر الإنسان أمام الله كلما أنتصر على التجارب، فالانكسار أمام الله، هو طريق الانتصار، من يتواضع يرفعه الله "أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتواضعين". وكانت السيدة العذراء كلها وداعة، وكلها تواضع، فهي سمة ظاهرة جداً في حياة السيدة العذراء.
وقد ظهرت وداعة العذراء مريم في عدة أمور
احتمال الكرامة
قد يظن البعض إن احتمال الآلام صعب ولكن يجب أن نعرف إن احتمال الكرامة يحتاج إلى مجهود أكثر من احتمال الآلام والإهانات وقد قال أحد القديسين:" هناك الكثيرون يحتملون الإهانات ولكن القليلين يحتملون الكرامات".
حينما صارت العذراء أماً لله لم تتكبر بل قالت "هوذا أنا أمة الرب" , واحتملت كرامة ومجد التجسد الإلهى منها.. مجد حلول الروح القدس فيها.. مجد ميلاد الرب منها.. ومجد جميع الأجيال التي تطوبها. احتملت كل ظهورات الملائكة لها و سجود المجوس أمام ابنها والمعجزات الكثيرة التي حدثت من ابنها في ارض مصر بل و نور هذا الابن في حضنها.
إنكار الذات
حينما كان الرب في الهيكل وهو طفل صغير وبحثت عنه العذراء و لم تجده مع الأقرباء والمعارف وكان معها يوسف النجار, وأخيراً وجدته في الهيكل جالساً وسط المعلمين (لو2: 44-49) قالت له العذراء".... هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين"
العذراء كانت تعرف إن ابنها ليس ابناً ليوسف ومع ذلك كانت تدعوه أباً له, والأفضل من ذلك أنها كانت تقدمه على نفسها فتقول" ... هوذا أبوك و أنا..." معطية له كرامة أكثر.
خدمة الآخرين
خدمة الآخرين تكون مبنية على المحبة والتواضع. القديسة مريم ذهبت إلى أليصابات لتخدمها عندما علمت أنها حبلى مع إنها أم المسيح, إلا إنها لم تمنعها كرامتها من تذهب إلى أليصابات في رحلة مضنية شاقة ومضنية عبر الجبال وتمكث عندها 3 شهور تخدمها حتى ولدت يوحنا (لو 1: 39-56), فعلت ذلك وهى حبلى برب المجد.
2. الإيمـان
قالت اليصابات للعذراء" ... طوبى للتي آمنت أن يتم لها ما قيل من قبل الرب.." (لو 45:1).
في بشارة الملاك للعذراء كشف لنا جوهر الإيمان العميق في حياتها, هذا الإيمان الذي تسلمته من أبويها وأزداد نمواً بوجودها في الهيكل وصلواتها وتضرعاتها المستمرة وحفظها لكلام الرب الذي كانت تخبئه داخل قلبها.ولكي ندرك مقدار وعظمة إيمان العذراء لنقارنه بإيمان زكريا الكاهن. إن الكاهن الشيخ لم يصدق كلام الله الذي يتم في حينه (لو 20:1) فلم تكن معجزة ولادة يوحنا من أم عاقر وأب شيخ, هي المعجزة الأولى في التاريخ إذ سبقتها معجزات, فهوذا إسحق قد وُلد من إبراهيم ذو المائة عام وسارة العاقر (تك 18), وآخرون كثيرون: صموئيل من حَنَة (1صم1), وشمشون من منوح وزوجته (قض13), ويعقوب وعيسو من رفقة (تك 25), و يوسف من راحيل (تك 31:29).ولكن المعجزة التي لم يسبق أن حدث مثلها في التاريخ من قبل هي معجزة ولادة المسيح من عذراء بدون زرع بشر, ولكن مع ذلك فان الأمر السهل لم يصدقه زكريا, والأمر الأصعب قبلته العذراء إذ كان لديها رصيد جبار من الإيمان.
كان إيمان العذراء يتصف بثلاث صفات
إيمان بلا شك
عندما بشر جبرائيل الملاك العذراء بميلاد المسيح قالت له مريم :"..ليكن لى كقولك..."( لو 38:1)، لقد فاقت العذراء الكثير من القديسين والقديسات فهوذا سارة عندما سمعت بشارة الملائكة بميلاد إسحق ضحكت وقالت" أبعد فنائى يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ"(تك12:18).
ليس سارة فقط لكن هذا توما الرسول يشك في قيامة السيد المسيح من بين الأموات, وبطرس الرسول الذي إشتهر بكلمة: "إن شك فيك الجميع فأنا لا أشك" قال له السيد المسيح: "يا قليل الإيمان لماذا شككت"مع أن العذراء مريم سألت الملاك: "كيف يكون هذا" إلا إنها حينما رد عليها الملاك "الروح القدس يحل عليك" لم تتساءل للمرة الثانية بل آمنت وقالت: "ليكن لي كقولك".
إيمان بلا جدال
هناك الكثير من النعم التي نفقدها إذا جادلنا و ناقشنا و سألنا بعقلنا الجسدى وحكمتنا البشرية.لم يكن غريباً أن عاقراً تلد ولكن الغريب إن تلد عذراء لهذا قال الرب على لسان أشعياء النبى العظيم: "يعطيكم السيد نفسه آية, ها العذراء تحبل وتلد ابناً" (أش14:7) ومعروفة قصة سمعان الشيخ وتفكيره في هذه الآية.
هناك الكثير من أنبياء العهد القديم قد طلبوا من الرب علامات:
¨ موسى النبى حين أرسله الله وأعطاه علامات تحويل العصا إلى حية وتحويل يده السليمة إلى برصاء (خر4).
¨ جدعون وعلامة جزة الصوف (قض6).
¨ حزقيا الملك ورجوع ظل الشمس 10 درجات (2مل 20: 9).
¨ زكريا الكاهن وعقوبته بالصمت.
¨ أما العذراء مريم فلم تطلب لا من الرب ولا من ملاك الرب أي علامة.
إيمان بلا خوف
كثيرون من الذين رأوا الرب أو تكلموا معه أصابهم الخوف مثال أشعياء النبى (أش 5:6), ومنوح وزوجته (قض 23:13).
أما العذراء فلم تؤمن لأنها خافت بل آمنت وهى في كامل ثباتها وقوتها. حقاً لقد اضطربت بعض الشئ. كان في قلب مريم خوف الله ولكن لم يكن في قلبها خوف من الله لأن المحبة الكاملة تطرد الخوف إلى خارج.
بين إيمان إبراهيم وإيمان العذراء مريم
لقد وعد الله إبراهيم بنسل في الوقت الذي كان فيه قد صار شيخاً, وزوجته سارة كانت عاقراً ولكن "آمن إبراهيم بالله فحسب له براً" (تك 6:15)."فهو على خلاف الرجاء آمن على الرجاء لكى يصير أباً لأمم كثيرة ولا بعدم إيمان إرتاب في وعد الله بل تقوى بالإيمان معطياً مجداً لله وتيقن أن ما وعد به الله قادر أن يفعله.."(رو 4: 18-21) فكان إبراهيم بهذا أعظم نموذج للإيمان في العهد القديم.
لقد وضع الملاك غبريال القديسة مريم في موقف مشابه للموقف الذي كان فيه إبراهيم وسارة حينما سمعا كلمة الله من فم الملاك.
v أخبر الملاك العذراء مريم عن حبل أليصابات التي كانت عاقراً فآمنت. والثلاث رجال أخبروا إبراهيم عن حبل سارة أمرأته التي كانت عاقراً فآمن.
v الملاك يقول لمريم:"ليس شئ غير ممكن عند الله"(لو37:1). وقال الرب لإبراهيم :"هل يستحيل على الرب شئ"(تك 14:18)
v على العكس تماماً سارة لم تؤمن بكلام الملاك وكذلك زكريا الكاهن حتى إن نفس الكلام الذي قالته سارة في (تك 18: 12) كرره زكريا في (لو 1: 18).
v كل بركات العهد القديم من إبراهيم حتى العذراء مريم كان بدايتها إيمان إبراهيم, و كل بركات العهد الجديد كان بدايتها إيمان العذراء مريم.
3. فضيلة النعمة
قال لها الملاك: "سلام لك أيتها الممتلئة نعمة" كلمة (نعمة = خاريس) أصل الكلمة يقصد "فعل الروح القدس"فعندما يملأ روح الله الإنسان يملأه من النعمة.
ما معنى يملأه نعمة؟
أي يفعل فيه فعلاً إلهياً مقدساً ومكرساً ومدشناً هذا الإنسان، فيصبح هذا الإنسان مكان وهيكل لسكنى الروح القدس. "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" إذن النعمة هي عمل الروح القدس.. فالعذراء وهى طفلة في الهيكل .. فتحت قلبها لعمل الروح القدس، لذا كان طبيعياً أن يحل فيها الروح القدس. وهنا أريد أن أسألكم أحبائى الشباب ما مدى شبعى بوسائط النعمة؟ فالسيدة العذراء: في الهيكل إما أن تصلى أو تقرأ.. أو تخدم الذبيحة بطريقة ما، هذه الثلاث وسائط التي تملأنا نعمة. نصلى كثير.. نقرأ الإنجيل كثير.. نتحد بذبيحة الأفخارستيا، هذه هي النعمة وسكنى الروح القدس والمصاحبة الربانية للإنسان. ألا يقال أنه: "يوجد صديق ألزق من الأخ" المسيح يحب أن يكون صديق لنا وساكن بداخلنا، والمسيح لا يسكن بداخلنا إلا بعد أن يملأنا بالنعمة أولاً.. ألم يسكن داخل العذراء بعد أن ملأها نعمة. وهكذا فأنت عندما تصلى تتغذى، لأن الصلاة تماماً كالحبل السري للجنين في بطن أمه، لولا هذا الحبل السري يموتالجنين.. وأيضاً يوجد بيننا وبين الله حبل سرى. فالله يسكب دمه الإلهى ويسكب نعمته في أحشائنا، الله يعمل فينا من خلال نسمة الحياة التى هى الصلاة، فالصلاة هي الأكسجين أو الغذاء. الجنين.. وأيضاً يوجد بيننا وبين الله حبل سرى. فالله يسكب دمه الإلهي ويسكب نعمته في أحشائنا، الله يعمل فينا من خلال نسمة الحياة التي هي الصلاة، فالصلاة هى الأكسجين أو الغذاء. يقول الكتاب: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.. بل بكل كلمة تخرج من فم الله". إذن الذى لا يقرأ الكتاب المقدس يجوع... ومن يجوع يموت... الخبز للجسد كالكتاب المقدس للنفس، ومثلما الخبز يشبع الجسد وأساسى لحياته، كذلك الكتاب المقدس أساسى لشبع النفس. في الصلاة نشبع بالسمائيات، وفى الكتاب المقدس نشبع بكلمة الله "وجد كلامك فأكلته فكان كلامك كالشهد في فمي". ونتغذى أيضاً من خلال الأسرار المقدسة "لأن من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فىّ وأنا فيه" الصلاة خبز والكتاب خبز والتناول خبز. والإنسان يشبع من خلال هذه الثلاثة أنواع من الخبز الروحاني.
4. فضيلة الحوار
لم يكن هناك تعامل مع الله على أنه ساكن بالسموات، ونحن هنا على الأرض وبيننا وبين الله مسافة كبيرة، ولكن السيدة العذراء أحست أن الله أباها، وبدأت تقيم حواراً معه، فحتى عند بشارة الملاك لها بأنها ستحبل وتلد أبناً كانت تستطيع أن تصمت على الأقل خوفاً ورهبة، ولكنها بدأت تسأل: "كيف يكون لي هذا؟" وكان رد الملاك لها محاولاً أن يوضح لها ويفسر ذلك... "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك..." وكان سؤال العذراء استفساري في حوار بنوى، وليس حوار فيه روح الشك، فالعذراء كان بينها وبين الله دالة، ما أحلى أن تكون موجودة بينك وبين ربنا يسوع هذه الدالة البنوية. نحن لا نريد أن نتكلم والله يسمع فقط، ولكن الله أيضاً يتكلم وأنت تسمع "تكلم يارب فإن عبدك سامع" بيننا وبين ربنا حوار.. مناجاة.. محادثة.
ولنتأمل يا أحبائي في قصة السامرية .. 8 مرات يسألها الرب يسوع وتجيبه هي، وتسأله السامرية ويجيبها رب المجد ... فالله لا يسكن في الأعالي ويتركنا، ولكن هو يريدنا أن نتحدث معه دائماً وأن نسمعه "هلم نتحاجج يقول الرب" نريد أن نتعلم الحوار مع الله، وداود يقول إني أسمع ما يتكلم به الرب الإله.
5. فضيلة التسليم
كانت هذه الفضيلة عجيبة ومؤثرة "ليكن لي كقولك"، تسبب لكِ متاعبِ.. يشك فيك يوسف.. لتكن مشيئتك يا رب، ربنا تدخل وأفهم يوسف. ولكن أين كانت الولادة؟ لا بيت ولا فندق ولا حتى غرفة حقيرة.. إنه مزود حيوانات.. لتكن مشيئتك يارب، وها هم المجوس فى زيارة المولود، يقدم المجوس ذهباً ولباناً ومراً.. إذن لماذا الألم يارب؟ إنها رحلة صليب.. لتكن مشيئتك يارب، ويأتى سمعان ويقول: "أنه وضع لقيام وسقوط كثيرين فى إسرائيل ولعلامة تقاوم" لتكن مشيئتك يارب إنه كنز العذراء، وحتى عند تعذيب اليهود له، وعند صعوده على الصليب.. كان التسليم عجيباً "أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائى فتلتهب عند نظري إلى صلبوتك، الذى أنت صابر عليه من أجل الكل يا أبنى وإلهى". هل سألته لمن تتركنى؟ من ينساها... إنه تسليم فى كل مراحل الحياة.. لتكن مشيئتك. هل نحن نفعل ذلك أن نقول: "ليكن لي كقولى" تأملوا في هذه العبارة "لست تفهم الآن ماذا اصنع ولكن ستفهم فيما بعد".
Comment