هذه القصة معروفة بين الآباء الرهبان في أديرة وادي النطرون و قد سمعتها من أحدهم ثم قرأتها في كتاب" أجراء وأبناء" و أردت مشاركتكم فيها
الراهب سيرابيون من النوع البسيط جدا لا يجادل و لا يخاصم لا يحقد و ليست له رغبات خاصة في الدير أو حتى في قلايته.
و على الرغم أنه يحب الكل فلا دالة له مع أحد... فإذا مدحته علت وجهه حمرة الخجل دون تعليق...... و إذا أسئ إليه عفوا أو حتى عمدا شعر و كأن الإساءة موجهه إلي شخص أخر يشفق هو عليه..... و يتعاطف معه.
هكذا عاش هانئ البال... و مستقر الحال...... الكل مقدس و طاهر في عينيه..... كان يشعر أنه هو الوحيد الذي يحتاج إلى نقاوة قلب و حب متدفق....!!!!!!!!.
كان خبيرا في الدفاع عن الآخرين و التماس الأعذار لهم.... لا يحب أن يكون طرفا في نزاع أو سببا في آلام الآخرين.
وكان من ذلك أن أحبه الآباء جدا وأعتبره أكثرهم مثلهم الأعلى...... يحاولون أن يرجعوا إليه كلما وضعوا في موقف غير عادى لكي يأنسوا برأيه .........و لكنه كان غالبا ما يركن إلى الصمت.... أو الاعتذار.....
و حرك الشيطان بعض الاخوة المتهاونين ليشيعوا أن أبونا سيرابيون به لوثة عقلية!!!!!!!... و إلا فكيف بينما يتكلم طبيعيا ينقطع عن الكلام شاخصا بعينيه إلى أعلى و فاغرا فاه و يظل هكذا بضع دقائق قد تصل إلى الساعة....!!!!!! و أحيانا اكثر..... ثم يعود معتذرا -و هو يمسح بعض قطرات الدموع من على لحيته الحمراء- بأنه شرد في أمر ما....!!!!!!!!
و كان ذلك بتدبير من الله......... لكي يرد عن أبونا ما يأتي عليه من ضربات يمينية......... و لكي يكون هناك موازنة بين ما يتمتع به من هبات روحية و يأتيه من محقرات لكي ينقذه من المجد الباطل..... أما الآباء الحاذقون في الدير فقد عرفوا حقيقة هذا السرحان......... و عللوه تعليلا سليما ......و لكن سرا فيما بينهم لان مثل هذه الأمور من الحكمة ألا تذاع خوفا عليه....... ولان"الفضيلة إذا اشتهرت فقدت"...... و لذلك اتفقوا فيما بينهم أن يتركوه و ينسحبوا في هدوء كلما عاوده هذا الاختطاف......!!!!!!!
يوم 21 بشنس سنة 1463 ش (1747 ميلادية)
قام أبونا سيرابيون مبكرا لحضور التسبحة و من بعدها القداس الإلهي ثم ذهب ليتابع عمله في المجمع مع أخوته الرهبان عند الغروب و بعد انتهاء تسبحة عشية الاحتفال بعيد نياحة الأنبا ارسانيوس (معلم أولاد الملوك) خرج الآباء كعادتهم من الكنيسة إلى باب الدير متجهين إلى البرية في نزهة روحية كل في ناحية مبتعدين عن الدير و معهم أبونا سيرابيون الذي أتجه شرقا و حل الظلام و عاد الآباء أدراجهم إلى الدير و لكن أبونا سيرابيون لم يعد !!!! و لم ينتبه الآباء إلى ذلك إلا عند ظهر اليوم التالي مما دعي الأب شيشوى أن يختار سبعة رهبان للبحث عن أبونا سيرابيون و هو يصلى ألا تكون الوحوش قد افترسته أو أن مكروها يكون قد ألم به و عند الغروب أمر رئيس الدير بضرب ناقوس الدير بلا انقطاع على أن يتناوب عليه بقية الآباء طوال الليل لعل أبونا يهتدي إلي الدير عن طريق الصوت!!!
طال غياب الآباء السبعة و عاقت الرياح مصابيحهم الزيتية و بدأوا في العودة إلى الدير و هم حاسرين الوجوه و نظر إليهم رئيس الدير و فهم !!!
استمر البحث طيلة شهر كامل دون جدوى!!! و بدا الوجوم واضحا على كل الوجوه في الدير و أقيمت صلوات و اصوام خاصة لاجل ذلك و لكنه لم يعد!!!!
و انصرفت سنوات طويلة على هذه الحادثة دون أن يوجد لها تفسير سوى ثلاث مرات ظهر فيها أبونا سيرابيون في رؤى لرئيس الدير و اثنان من الآباء ولكن الثلاثة لا يذكرون ماذا قال لهم بالضبط و لكنهم أجمعوا على شئ واحد و هو إحساسهم القوى بأنه لا يزال حيا !!!!!
و مع الوقت صارت قصة أبونا سيرابيون أشبه بالأسطورة تتناقلها أجيال الرهبان في الدير و كانت الأجيال الجديدة لا تصدق القصة بسهولة ربما لنقص الإيمان أو لقدم القصة نفسها .
في أول مسرى
أفاق أبونا سيرابيون على صوت أشبه بعواء الذئب فتنهد مسرورا و حدث نفسه بالرجوع إلى الدير قبلما يغلق الباب ولكن بينما هو في طريقه للدير لاحظ من بعد مائتي متر أن شكل الدير قد تغير فالمبنى الكبير الموجود من الناحية البحرية لم يكن موجودا منذ ساعتين !!!!! عندما خرج للخلوة كذلك ما هذا السور الجديد الذي لم يكتمل بناؤه بعد ؟!!! و هنا وجد نفسه في مواجهة باب الدير فهرع إلى حبل الناقوس يدقه في رجفة بينما تسابق دقات قلبه دقات الناقوس و من الداخل أسرع الراهب الذى يستقبل الزائرين قائلا : من بالباب؟
- أنا سيرابيون...... أفتح يا أبونا أيليا
و لكن لما فتح الباب لم يجد أبونا أيليا بل وجد راهبا لا يعرفه و لاحظ الراهب الذى فتح باب الدير حيرة و ذهولا في عين الزائر فقال له: تفضل يا أبونا .قدسك أول مرة تزور الدير؟
و لكن أبونا كان لا يزال مندهش لما يراه أمامه!!!
أين مبنى الضيوف ؟! أين صف القلالى القديم ؟!.. ما هذا المبنى العالي ؟؟!......أين .......كيف ........ما هذا.......؟؟؟!!!!
و عبثا حاول أبونا الذى فتح باب الدير أن يلفت نظر أبونا الزائر إليه و يكاد أبونا سيرابيون أن يصرخ من هول المفاجأة وتجمع حوله الآباء يرحبون به و يشكرون له زيارته لديرهم المتواضع !!!.
و صرخ أبونا: أنا سيرابيون خرجت منذ ساعتين فقط !!!! و لكنى لا أجد الدير و لا أخوتي الذين تركتهم هنا وبكى . و الآباء يهدءون من روعه و الكل في حيرة من أمره ينظرون إليه في دهشة و يقابل هو نظراتهم بالتعجب و التساؤل!!!
ولكن هذا لم يدم طويلا إذ الهم الله راهبا قديسا هذا أخذ أبونا من يده و صعد به إلى مكتبة الدير الأثرية و هناك قال له في هدوء شديد: ممكن تتعب معي في البحث عن أسمك في هذا السجل الضخم؟ وافق أبونا سيرابيون فراحوا يمرون على صفحاته واحدة تلو الأخرى و لكن دون أن يجدوا اسمه إلى مائة سنة و خمسون خلت لم يجدوا أسمه!!!
و أحتاج الأمر إلى قليل من الصبر و راح الراهب يقلب اكثر إلي أن قفز أبونا سيرابيون من موضعه!!! و يكاد إصبعه يثقب السجل مشيرا إلى أسمه في أحد السطور : هذا أنا .........!!!!!
+الاسم :جرجس حنين عبد المسيح
+تاريخ الرهبنة : 1451 للشهداء
+أسم الرهبنة : سيرابيون
+البلد : منف
و أما في خانة تاريخ النياحة فقد كتب فيها "خرج و لم يعد"!!!!!
ووسط كل الأسماء لا توجد مثل هذه العبارة سوى أمام أسمه !!
و نظر إلي التقويم المعلق على حائط المكتبة فإذا هو لعام 1619 للشهداء (1903 ميلادية) !!!!!
وبسرعة اتفقا أن يبقى هذا الأمر سرا بينهما و لكن النور لا يخبأ إذ عرف الأمر قبل مرور شهر واحد و لكن الله ضمه إليه في راحته.
أين كان ......و ماذا صنع ؟!!!!..... و كيف عاش إلى ذلك الوقت !!!!! و أسئلة أخرى غيرها لا يستطيع أحد الإجابة عليها ......و ستظل قصة أبونا سيرابيون لغزا سوف يحل في المجد الآسمى
الراهب سيرابيون من النوع البسيط جدا لا يجادل و لا يخاصم لا يحقد و ليست له رغبات خاصة في الدير أو حتى في قلايته.
و على الرغم أنه يحب الكل فلا دالة له مع أحد... فإذا مدحته علت وجهه حمرة الخجل دون تعليق...... و إذا أسئ إليه عفوا أو حتى عمدا شعر و كأن الإساءة موجهه إلي شخص أخر يشفق هو عليه..... و يتعاطف معه.
هكذا عاش هانئ البال... و مستقر الحال...... الكل مقدس و طاهر في عينيه..... كان يشعر أنه هو الوحيد الذي يحتاج إلى نقاوة قلب و حب متدفق....!!!!!!!!.
كان خبيرا في الدفاع عن الآخرين و التماس الأعذار لهم.... لا يحب أن يكون طرفا في نزاع أو سببا في آلام الآخرين.
وكان من ذلك أن أحبه الآباء جدا وأعتبره أكثرهم مثلهم الأعلى...... يحاولون أن يرجعوا إليه كلما وضعوا في موقف غير عادى لكي يأنسوا برأيه .........و لكنه كان غالبا ما يركن إلى الصمت.... أو الاعتذار.....
و حرك الشيطان بعض الاخوة المتهاونين ليشيعوا أن أبونا سيرابيون به لوثة عقلية!!!!!!!... و إلا فكيف بينما يتكلم طبيعيا ينقطع عن الكلام شاخصا بعينيه إلى أعلى و فاغرا فاه و يظل هكذا بضع دقائق قد تصل إلى الساعة....!!!!!! و أحيانا اكثر..... ثم يعود معتذرا -و هو يمسح بعض قطرات الدموع من على لحيته الحمراء- بأنه شرد في أمر ما....!!!!!!!!
و كان ذلك بتدبير من الله......... لكي يرد عن أبونا ما يأتي عليه من ضربات يمينية......... و لكي يكون هناك موازنة بين ما يتمتع به من هبات روحية و يأتيه من محقرات لكي ينقذه من المجد الباطل..... أما الآباء الحاذقون في الدير فقد عرفوا حقيقة هذا السرحان......... و عللوه تعليلا سليما ......و لكن سرا فيما بينهم لان مثل هذه الأمور من الحكمة ألا تذاع خوفا عليه....... ولان"الفضيلة إذا اشتهرت فقدت"...... و لذلك اتفقوا فيما بينهم أن يتركوه و ينسحبوا في هدوء كلما عاوده هذا الاختطاف......!!!!!!!
يوم 21 بشنس سنة 1463 ش (1747 ميلادية)
قام أبونا سيرابيون مبكرا لحضور التسبحة و من بعدها القداس الإلهي ثم ذهب ليتابع عمله في المجمع مع أخوته الرهبان عند الغروب و بعد انتهاء تسبحة عشية الاحتفال بعيد نياحة الأنبا ارسانيوس (معلم أولاد الملوك) خرج الآباء كعادتهم من الكنيسة إلى باب الدير متجهين إلى البرية في نزهة روحية كل في ناحية مبتعدين عن الدير و معهم أبونا سيرابيون الذي أتجه شرقا و حل الظلام و عاد الآباء أدراجهم إلى الدير و لكن أبونا سيرابيون لم يعد !!!! و لم ينتبه الآباء إلى ذلك إلا عند ظهر اليوم التالي مما دعي الأب شيشوى أن يختار سبعة رهبان للبحث عن أبونا سيرابيون و هو يصلى ألا تكون الوحوش قد افترسته أو أن مكروها يكون قد ألم به و عند الغروب أمر رئيس الدير بضرب ناقوس الدير بلا انقطاع على أن يتناوب عليه بقية الآباء طوال الليل لعل أبونا يهتدي إلي الدير عن طريق الصوت!!!
طال غياب الآباء السبعة و عاقت الرياح مصابيحهم الزيتية و بدأوا في العودة إلى الدير و هم حاسرين الوجوه و نظر إليهم رئيس الدير و فهم !!!
استمر البحث طيلة شهر كامل دون جدوى!!! و بدا الوجوم واضحا على كل الوجوه في الدير و أقيمت صلوات و اصوام خاصة لاجل ذلك و لكنه لم يعد!!!!
و انصرفت سنوات طويلة على هذه الحادثة دون أن يوجد لها تفسير سوى ثلاث مرات ظهر فيها أبونا سيرابيون في رؤى لرئيس الدير و اثنان من الآباء ولكن الثلاثة لا يذكرون ماذا قال لهم بالضبط و لكنهم أجمعوا على شئ واحد و هو إحساسهم القوى بأنه لا يزال حيا !!!!!
و مع الوقت صارت قصة أبونا سيرابيون أشبه بالأسطورة تتناقلها أجيال الرهبان في الدير و كانت الأجيال الجديدة لا تصدق القصة بسهولة ربما لنقص الإيمان أو لقدم القصة نفسها .
في أول مسرى
أفاق أبونا سيرابيون على صوت أشبه بعواء الذئب فتنهد مسرورا و حدث نفسه بالرجوع إلى الدير قبلما يغلق الباب ولكن بينما هو في طريقه للدير لاحظ من بعد مائتي متر أن شكل الدير قد تغير فالمبنى الكبير الموجود من الناحية البحرية لم يكن موجودا منذ ساعتين !!!!! عندما خرج للخلوة كذلك ما هذا السور الجديد الذي لم يكتمل بناؤه بعد ؟!!! و هنا وجد نفسه في مواجهة باب الدير فهرع إلى حبل الناقوس يدقه في رجفة بينما تسابق دقات قلبه دقات الناقوس و من الداخل أسرع الراهب الذى يستقبل الزائرين قائلا : من بالباب؟
- أنا سيرابيون...... أفتح يا أبونا أيليا
و لكن لما فتح الباب لم يجد أبونا أيليا بل وجد راهبا لا يعرفه و لاحظ الراهب الذى فتح باب الدير حيرة و ذهولا في عين الزائر فقال له: تفضل يا أبونا .قدسك أول مرة تزور الدير؟
و لكن أبونا كان لا يزال مندهش لما يراه أمامه!!!
أين مبنى الضيوف ؟! أين صف القلالى القديم ؟!.. ما هذا المبنى العالي ؟؟!......أين .......كيف ........ما هذا.......؟؟؟!!!!
و عبثا حاول أبونا الذى فتح باب الدير أن يلفت نظر أبونا الزائر إليه و يكاد أبونا سيرابيون أن يصرخ من هول المفاجأة وتجمع حوله الآباء يرحبون به و يشكرون له زيارته لديرهم المتواضع !!!.
و صرخ أبونا: أنا سيرابيون خرجت منذ ساعتين فقط !!!! و لكنى لا أجد الدير و لا أخوتي الذين تركتهم هنا وبكى . و الآباء يهدءون من روعه و الكل في حيرة من أمره ينظرون إليه في دهشة و يقابل هو نظراتهم بالتعجب و التساؤل!!!
ولكن هذا لم يدم طويلا إذ الهم الله راهبا قديسا هذا أخذ أبونا من يده و صعد به إلى مكتبة الدير الأثرية و هناك قال له في هدوء شديد: ممكن تتعب معي في البحث عن أسمك في هذا السجل الضخم؟ وافق أبونا سيرابيون فراحوا يمرون على صفحاته واحدة تلو الأخرى و لكن دون أن يجدوا اسمه إلى مائة سنة و خمسون خلت لم يجدوا أسمه!!!
و أحتاج الأمر إلى قليل من الصبر و راح الراهب يقلب اكثر إلي أن قفز أبونا سيرابيون من موضعه!!! و يكاد إصبعه يثقب السجل مشيرا إلى أسمه في أحد السطور : هذا أنا .........!!!!!
+الاسم :جرجس حنين عبد المسيح
+تاريخ الرهبنة : 1451 للشهداء
+أسم الرهبنة : سيرابيون
+البلد : منف
و أما في خانة تاريخ النياحة فقد كتب فيها "خرج و لم يعد"!!!!!
ووسط كل الأسماء لا توجد مثل هذه العبارة سوى أمام أسمه !!
و نظر إلي التقويم المعلق على حائط المكتبة فإذا هو لعام 1619 للشهداء (1903 ميلادية) !!!!!
وبسرعة اتفقا أن يبقى هذا الأمر سرا بينهما و لكن النور لا يخبأ إذ عرف الأمر قبل مرور شهر واحد و لكن الله ضمه إليه في راحته.
أين كان ......و ماذا صنع ؟!!!!..... و كيف عاش إلى ذلك الوقت !!!!! و أسئلة أخرى غيرها لا يستطيع أحد الإجابة عليها ......و ستظل قصة أبونا سيرابيون لغزا سوف يحل في المجد الآسمى