فصل في مقام السيدة العذراء في النصرانية
من الحقائق الراهنة أن لسيدتنا القديسة مريم العذراء والدة ربنا يسوع المسيح الإله المتجسد منزلة في النصرانية لا تسامى، تعلو على الملائك والأنبياء والرسل والشهداء وأئمة الدين، لأن الله اصطفاها وطهرها وقدّسها وفضّلها على نساء العالمين ـ فهي إكليل العذارى وتاج النصارى ـ وسجل المؤرخون والرواة الصادقون ما حازه المؤمنون بها من صنوف النعم والمعجزات، فملايين المؤمنين بأعذب النشائد يجلون وإلى شفاعتها المشفعة يلجأون.
والكنيسة تفتتح عبادتها كل يوم بتسبيح العزة الإلهية ثم تتلو دعوات خاصة لمديح السيدة العذراء والاستشفاع بها في صلوات الليل والصبح والمساء ـ ما عدا معظم أيام الصيام الأربعيني فضلاًَ عما تتلوه في أعيادها(1) ـ من دعوات منثورة، وتترنم به من نشائد فريدة وتصف فيها فضائلها السامية ومحاسنها الخالدة بما يخلب الألباب ويلذ الأسماع. شمل الله العالم بشفاعتها وخوّل الكنيسة المقدسة من مقبول دعواتها كنفاً وملاذا آمين.
زنار سيدتنا مريم العذراء
حمص ـ سوريا
الموقع :
مدينة حمص – كاتدرائية السيدة العذراء أم الزنار للسريان الأرثوذكس – بستان الديوان – شارع البطريرك أفرام برصوم – هاتف 222346ـ031 487316ـ031 482006ـ031
Email:zenar@mailsy
أوقات الزيارة
صيفا: من السابعة صباحا إلى الثامنة مساء
شتاء: من السابعة صباحا إلى السابعة مساء
فصل في سيرة مريم العذراء القديسة
أجمع نخبة من مؤرخي النصرانية أن سيدتنا مريم العذراء هي من سبط يهوذا وذرية داود الملك، ولدت وحيدة لأبويها البارين يوياقيم وحنة سنة 14 ق.م، ولما أتمت سنتها الثالثة أدخلاها هيكل الرب نذيرة له، ثم توفيا. فتولى تربيتها وإرشادها الكهنة والنساء التقيات، لقنوها العبادة والسيرة الفاضلة، وعلموها اللغة العبرانية والتوراة، وغزل الصوف وحبك الكتان والحرير حتى بلغت الرابعة عشرة. فخطبت لرجل صديق من أنسبائها اسمه يوسف بن يعقوب. فأقبل إليها رئيس الملائكة جبرائيل مبشراً إياها بحلول الروح القدس عليها، ومولد يسوع فادي العالم منها فحملت وولدته وهي عذراء بأعجوبة سماوية أدهشت العالم، وربته وعاش معها في بيت مربيه يوسف الصديق، وعاينت أولى معجزاته وسمعت إنذاره بالإنجيل وشهدت صلبه وموته بحسب الجسد، وآمنت بقيامته وأبصرت عروجه إلى السماء وحلول الروح الإلهي مع الرسل يوم العنصرة وأقامت في منزل مار يوحنا الرسول الذي أوصاه بها السيد المسيح حين صلبه، فعني بها، وواظبت على التعبد والتأمل في الأسرار السماوية حتى استوفت أجلها، فجنزها الرسل القديسون بحفاوة عظيمة ودفن جثمانها الطاهر في قرية الجسمانية بظاهر أورشليم، ونقلها الله إلى فردوسه السماوي وكان ذلك في أصح الروايات نحو سنة 56 للميلاد وقد ناهزت السبعين على الأرجح.
وعلى الأغلب أن الزنار الخاص بها قد رافقها في حياتها ودفن معها في القبر ثم جاءت الملائكة بعد وفاتها بثلاثة أيام وحملوا جسدها الطاهر الى السماء. وأثناء صعودهم رآهم القديس توما الرسول حيث كان يبشِّر في الهند ولم يشترك في تجنيز السيدة العذراء وتأخر وصوله الى هناك، وكان محمولا" على سحابة فرأى وهو في الطريق العذراء تصعد الى السماء محمولة في موكب ملائكي عجيب. فأخذ بركة الجسد الطاهر وطلب علامة يبرهن بها للأخوته التلاميذ عن حقيقة صعود العذراء بالجسد الى السماء، فأخذ الزنار المقدس منها.
وبعد وفاتها بثلاث أيام حمل الملائكة جسدها الطاهر إلى السماء عام 56 للميلاد حينذاك رآهم القديس توما الذي كان يبشر في الهند والذي لم يشترك في تجنبز العذراء مريم فطلب علامة يبرهن بها لإخوته التلاميذ عن حقيقة صعودها للسماء فأعطته زنارها المقدس .
تنقلات الزنار المقدس :
أخذ القديس مار توما الزنار معه عند رجوعه مرة ثانية إلى الهند، وصحبه في الأماكن التي كرز فيها حتى وفاته فحُفظ الزنار مع رفات هذا القديس طوال أربعة قرون، ثم في أواخر القرن الرابع الميلادي ( في 23/آب/394م ) نقل هذا الزنار المقدس من الهند الى الرها مع رفات القديس مار توما، ثم نقل الزنار وحده إلى كنيسة العذراء في حمص سنة 476م حيث أن راهبا" يدعى الأب داود الطورعبديني قد حلَّ في كنيسة العذراء بحمص ومعه رفات الشهيد مار باسوس وتركها فيها، وكان معه أيضا" زنار العذراء المقدس.
وقد دلَّ على ذلك أنه عند اكتشاف الزنار كانت معه بعض عظام هي رفات مار باسوس. وقد خَلَع الزنار المقدس اسمه على كنيسة العذراء فأصبحت تعرف من ذلك العهد باسم كنيسة الزنَّار أو كنيسة أم الزنَّار.
تجديد الكنيسة واكتشاف الزنار :
بعد ذلك بمدة غير معروفة، خاف الحمصيون على الزنار المقدس بسبب الأحوال الأمنية الغير مستقرة. فدفنوه داخل مذبح الكنيسة في وعاء معدني، وظل كذلك حتى سنة 1852م حيث أراد السريان هناك تجديد كنيستهم، فاستصدروا براءة سلطانية لعمارة الكنيسة في عهد المطران يوليوس بطرس مطران الأبرشية ( الذي صار فيما بعد بطريركا" باسم بطرس الرابع بين عامي 1872ـ1884م ) ، وحينما هدموا الكنيسة وجدوا زنار السيدة العذراء موضوعا" في وعاء وسط المذبح، ففرحوا جدا" وتباركوا منه. ثم أعادوه الى المذبح بالحالة التي وجدوه فيها ووضعوا فوقه حجرا" كبيرا" نقشوا عليه بالخط الكرشوني ( يعني أن الكتابة باللغة السريانية ولكن النطق باللغة العربية ) تاريخ تجديد البيعة عام 1852م وأن هذا تم في عهد المطران يوليس بطرس. ونقشوا أيضا" أسماء المتبرعين وذكروا أن الكنيسة ترجع لعام 59م في عهد القديس ميلآ الرسول.
ونتيجة لعوامل كثيرة أهمها الإضطهاد الذي وقع على الكنيسة، لجأ الآباء إلى إخفاء الزنار. ونُسِي أمره حوالي مائة عام تقريبا" حتى شاءت ارادة الله أن يظهر هذا الكنز الثمين الذي لايقدر بمال لينال المؤمنون بركته على الدوام. فكشف الله الأمر في الزمان المحدد لقداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الأول برصوم بعد أن نقل مقر البطريركية السريانية الأنطاكية من دير الزعفران الى هذه الكنيسة. فبينما هو يتفحص بعض المخطوطات القديمة ـ التي كان قد تبرع بها للبطريركية القس يوسف عسكر الحمصي ( المتوفي سنة 1916م ) ـ كُشِف له الأمر ويشرح قداسته هذا الأمر فيقول :
" في أواخر شهر نيسان 1953م لمَّا كنا نتفحص كتابا" كرشونيا" يتضمن قصصا" ومواعظ، ظهر لنا أنه مجلَّد بعدة أوراق كُدِّست بعضها فوق بعض ـ وكان الشرقيون منذ ثلاثمائة سنة يجلدون مخطوطاتهم بهذه الطريقة ـ أو بخشب سميك، ثم يغلفونها بجلد، أو قماش سميك، وذلك لقلة الكرتون. ولمَّا فتحنا جلد الكتاب وجدناه مؤلَّفا" من ست وأربعين رسالة بالكرشوني والعربي تخص أبرشية حمص وتوابعها مكتوبة منذ نيف ومائة سنة، وإحداها وهي كرشونية طولها 28سم وعرضها 20سم، كتبها سنة 1852م وجهاء أبرشية سوريا أعني حمص وحماة ودمشق وصدد وفيروزة ومسكنة إلى وجهاء مدينة ماردين المجاورة لدير الزعفران مقر الكرسي البطريركي، تتضمن أحوال أبرشيتهم ذكروا فيها أنهم حينما هدموا كنيستهم المسماة باسم سيدتنا العذراء ام الزنار في حمص بغية توسيعها وتجديد بناءها لقدمه وصغرها وتسقيفها بالخشب وذلك بأمر مطران أبرشيتهم بطرس الموصلّي، وجدوا زنار السيدة العذراء موضوعا" في وعاء وسط مائدة التقديس في المذبح فشملهم به فرح عظيم ".
بناء على هذه المعلومات كشف البطريرك أفرام برصوم المائدة المقدسة صباح اليوم العشرين من شهر تموز من عام 1953م فوجد رقيما" حجريا" طوله 46سم وعرضه 44سم وسمكه 2سم، مكتوباً عليه بالكرشوني بخط حسن ما يأتي:
"إنه في سنة 59 بنيت هذه الكنيسة المقدسة وذلك في زمان البشير ملاآ المدعو أيضاً إيليا ـ ثم ذكر تاريخ تجديد الكنيسة سنة 1852م في عهد المطران يوليوس بطرس ـ وأورد أسماء البلاد والقرى التي تبرع أهلها بنفقات العمارة. أصبنا تحته جرناً قديماً مغطى بصفحة نحاسية سميكة مدورة قديمة، وداخله الوعاء فاستدعينا سيادة الحبر الورع ألكسندروس مطران حمص للروم الأرثوذكس وأمامه فتحنا الوعاء الذي تكسر لعتقه، فظهر الزنار الشريف ملفوفاً بعضه على بعض وإمارات العتق بادية عليه، ووجدنا أنبوبة من معدن رقيق في طرف الوعاء الأعلى تنطوي على عظم مجوف يلوح أنه في داخله قطعة رقّ أو ورق ثخين تركناه على حالته، وجمعنا أجزاء الوعاء وحفظناه. وعاين سيادته ما ذكرناه شاهداً به وسرعان ما شاع الخبر في المدينة فتقاطر جمهور من جميع الملل المسيحية يبركون بالزنار الشريف".
الأشياء الأخرى التي اكتشفت مع الزنار:
ا ـ الرقيم الحجري :
طوله 46سم وعرضه 44سم وسمكه 2سم مكتوبا" عليه بالكرشونية " أنه في سنة 59م بنيت هذه الكنيسة وذلك في زمان البشير ميلآ المدعو أيضا" ايليا ثم ذكر تاريخ تجديد الكنيسة عام 1852م في عهد المطران يوليوس بطرس، وأورد أيضا" أسماء البلاد والقرى التي تبرع أهلها بنفقات العمارة. والجدير ذكره أن ليس للرقيم علاقة بالزنار لأن الغاية من وضعه تحديد تاريخ تجديد الكنيسة فقط.
2 ـ الجرن :
الجرن من الحجر البركاني على شكل تاج عمود بسيط، ارتفاعه 12سم وطول ضلع سطحه العلوي 24سم وطول ضلع قاعدته 29سم . فيه حفرة نصف بيضوية تقريبا" قطرها العلوي 16 سم . ويعود تاريخ هذا الجرن للعهد البيزنطي .
3 ـ القرص النحاسي :
يغطي الجرن البركاني قرص نحاسي قطره 15 سم مزين بدوائر متحدة المركز . يعود تاريخ هذا
4 ـ العلبة الاسطوانية :
العلبة الاسطوانية الشكل كانت في الجرن البركاني وهي من المعدن المتأكسد لدرجة أنه لم يبق من المعدن شيء وقد حفظ التأكسد شكل العلبة الاصلي وعلى الأصح أنها من الفضة الممزوجة بمعدن أخر ولما حاول قداسة البطريرك أفرام أخراجها من الجرن تحطمت بيده إلى أجزاء صغيرة وبقي قعر العلبة لاصقاً في حفرة الجرن فأخرجه محطماً إلى عدة قطع ووجد ضمن العلبة الزنار . يظهر أ، العلبة الأنفة الذكر كانت موضوعة في مذبح الكنيسة السابق منذ زمن بعيد ربما يبدأ مع البيعة السابعة كما يدل على ذلك تأكسد العلبة الشديد الناجم حتماً عن وجودها في أرض رطبة مدة طويلة وتأكل الزنار أثناء وجوده ضمن العلبة وحالة العظمة والرق الموضوع ضمنها .
5 ـ الزنار المقدس :
اكتشف الزنار المقدس ضمن العلبة الاسطوانية الشكل وكان ملفوفاً حوله قطع من الخيطان والقماش .
الزنار طوله ( 74 ) سم وعرضة ( 5 ) سم وسمكة ( 3 ) مم تقريباً لونه بيج فاتح وهو مصنوع من خيوط صوفية طويلانية في الداخل ربما من خيوط كتان وحرير ، وطرز الزنار بخيوط من الذهب على سطحه الخارجي وقد تأكل من أطرافه وظهرت عليه أملاح وتأثر بتأكسد العلبة المعدنية .
6 ـ اسطوانة نحاسية :
كانت معلقة في جانب العلبة ( رقم 4 ) من الاعلى هذه الاسطوانة النحاسية طولها 5،6 سم فتحت فظهر ضمنها قطعة عظمية من ساعد انسان بنفس الطول وظهر ضمنى العظمة مايشبه رقاً ملفوفاً .
جرن المعمودية :
قطعة حجرية واحدة يقال أنه يعود للقرن الخامس عشر بعد الميلاد .
بئر الماء في الكنيسة :
كان في الكنيسة القديمة يشرب منه المؤمنون وبعد بناء الكنيسة الحالية قاموا بتلبيس البــئر بقــميص من الحجر الأســود وهـــو حالياً في الجهة اليسارية للكنيسة بجانب المذبح ويتبارك منه المؤمنون بشكل دائم .
اسم كنيسة أم الزنار
لا غرو أن الزنار الذي استودع كنيسة السيدة في مدينة حمص منذ عصور قديمة جداً قد خلع على هذه الكنيسة اسم " كنيسة الزنار أو كنيسة ام الزنار" ودوِّن في كتبها الطقسية المخطوطة، كما أنه استفاض على ألسنة المؤمنين إلى وقتنا هذا.
ومما يؤسف له ضياع أو تفرق كثير من هذه الكتب بحسب تقلبات الزمن وصروف الليالي. ولا بد لنا أن نذكر ما تبقى منها مما هو مصون في الكنيسة ويرتقي إلى مطلع المائة السابعة عشرة، منها: إنجيل كنسي سرياني بخط الشماس يعقوب الحكيم سنة 1602 م ورد في آخره سنة 1716م حضر مار ساويرا مطران الرها في كنيسة الزنار وسام ثلاثة شمامسة، وفي أوله: ( نظر في هذا الكتاب الشماس برصوم ابن الخوري يغمور من مدينة حمص المحروسة في كنيسة الزنار).
والخوري يغور كان حيا سنة 1716م، وكتاب حسايات القيامة بخط الراهب كوركيس الونكي سنة 1608م ورد فيه: سنة 1855م في 16 حزيران لحظنا هذا الكتاب نحن المطران بطرس رئيس كرسي سوريا وكنا في تاريخه في بلد حمص في كنيسة العذراء أم الزنار. وكتاب جناز النساء والرجال والأطفال سرياني كرشوني بخط القس موسى ابن الكن، أوقفه الخوري يوحنا ابن المقدسي منصور الحمصي إلى كنيسة السيدة كنيسة الزنار بمحروسة حمص في 27 حزيران سنة 2021 يونانية (1701م)، وكتاب تجنيز الكهنة أوقفه الراهب عبد الله ابن القس حنا شدياق الحلبي أحد رهبان دير مار موسى الحبشي في النبك إلى كنيسة مريم العذراء في حمص إي كنيسة الزنار سنة 1762م وكتاب الرسامات الكهنوتية ورد في أوله ما يأتي: رسم باسيليوس بشارة مفريان (رئيس أساقفة المشرق) الشماس نعمة الله لكنيسة الزنار بمدينة حمص في 15 أيار 2102 يونانية (1791م)، وإنجيل كنائسي كرشوني بخط الأسقف ابراهيم يازجي الصددي لكنيسة ام الزنار بحمص سنة 1796م.
وكتاب تاريخ مار ميخائيل الكرشوني في كنيسة مار ثاودوروس في صدد، خطه القس ابراهيم سنة 1764م ورد فيه سنة 1852م اخرج أمر من الاستانة المطران بطرس وأرسله في عمارة كنيسة أم الزنار بحمص، وسنة 1855م حضر السيد بطرس مطران سوريا من الاستانة)(3).
من الحقائق الراهنة أن لسيدتنا القديسة مريم العذراء والدة ربنا يسوع المسيح الإله المتجسد منزلة في النصرانية لا تسامى، تعلو على الملائك والأنبياء والرسل والشهداء وأئمة الدين، لأن الله اصطفاها وطهرها وقدّسها وفضّلها على نساء العالمين ـ فهي إكليل العذارى وتاج النصارى ـ وسجل المؤرخون والرواة الصادقون ما حازه المؤمنون بها من صنوف النعم والمعجزات، فملايين المؤمنين بأعذب النشائد يجلون وإلى شفاعتها المشفعة يلجأون.
والكنيسة تفتتح عبادتها كل يوم بتسبيح العزة الإلهية ثم تتلو دعوات خاصة لمديح السيدة العذراء والاستشفاع بها في صلوات الليل والصبح والمساء ـ ما عدا معظم أيام الصيام الأربعيني فضلاًَ عما تتلوه في أعيادها(1) ـ من دعوات منثورة، وتترنم به من نشائد فريدة وتصف فيها فضائلها السامية ومحاسنها الخالدة بما يخلب الألباب ويلذ الأسماع. شمل الله العالم بشفاعتها وخوّل الكنيسة المقدسة من مقبول دعواتها كنفاً وملاذا آمين.
زنار سيدتنا مريم العذراء
حمص ـ سوريا
الموقع :
مدينة حمص – كاتدرائية السيدة العذراء أم الزنار للسريان الأرثوذكس – بستان الديوان – شارع البطريرك أفرام برصوم – هاتف 222346ـ031 487316ـ031 482006ـ031
Email:zenar@mailsy
أوقات الزيارة
صيفا: من السابعة صباحا إلى الثامنة مساء
شتاء: من السابعة صباحا إلى السابعة مساء
فصل في سيرة مريم العذراء القديسة
أجمع نخبة من مؤرخي النصرانية أن سيدتنا مريم العذراء هي من سبط يهوذا وذرية داود الملك، ولدت وحيدة لأبويها البارين يوياقيم وحنة سنة 14 ق.م، ولما أتمت سنتها الثالثة أدخلاها هيكل الرب نذيرة له، ثم توفيا. فتولى تربيتها وإرشادها الكهنة والنساء التقيات، لقنوها العبادة والسيرة الفاضلة، وعلموها اللغة العبرانية والتوراة، وغزل الصوف وحبك الكتان والحرير حتى بلغت الرابعة عشرة. فخطبت لرجل صديق من أنسبائها اسمه يوسف بن يعقوب. فأقبل إليها رئيس الملائكة جبرائيل مبشراً إياها بحلول الروح القدس عليها، ومولد يسوع فادي العالم منها فحملت وولدته وهي عذراء بأعجوبة سماوية أدهشت العالم، وربته وعاش معها في بيت مربيه يوسف الصديق، وعاينت أولى معجزاته وسمعت إنذاره بالإنجيل وشهدت صلبه وموته بحسب الجسد، وآمنت بقيامته وأبصرت عروجه إلى السماء وحلول الروح الإلهي مع الرسل يوم العنصرة وأقامت في منزل مار يوحنا الرسول الذي أوصاه بها السيد المسيح حين صلبه، فعني بها، وواظبت على التعبد والتأمل في الأسرار السماوية حتى استوفت أجلها، فجنزها الرسل القديسون بحفاوة عظيمة ودفن جثمانها الطاهر في قرية الجسمانية بظاهر أورشليم، ونقلها الله إلى فردوسه السماوي وكان ذلك في أصح الروايات نحو سنة 56 للميلاد وقد ناهزت السبعين على الأرجح.
وعلى الأغلب أن الزنار الخاص بها قد رافقها في حياتها ودفن معها في القبر ثم جاءت الملائكة بعد وفاتها بثلاثة أيام وحملوا جسدها الطاهر الى السماء. وأثناء صعودهم رآهم القديس توما الرسول حيث كان يبشِّر في الهند ولم يشترك في تجنيز السيدة العذراء وتأخر وصوله الى هناك، وكان محمولا" على سحابة فرأى وهو في الطريق العذراء تصعد الى السماء محمولة في موكب ملائكي عجيب. فأخذ بركة الجسد الطاهر وطلب علامة يبرهن بها للأخوته التلاميذ عن حقيقة صعود العذراء بالجسد الى السماء، فأخذ الزنار المقدس منها.
وبعد وفاتها بثلاث أيام حمل الملائكة جسدها الطاهر إلى السماء عام 56 للميلاد حينذاك رآهم القديس توما الذي كان يبشر في الهند والذي لم يشترك في تجنبز العذراء مريم فطلب علامة يبرهن بها لإخوته التلاميذ عن حقيقة صعودها للسماء فأعطته زنارها المقدس .
تنقلات الزنار المقدس :
أخذ القديس مار توما الزنار معه عند رجوعه مرة ثانية إلى الهند، وصحبه في الأماكن التي كرز فيها حتى وفاته فحُفظ الزنار مع رفات هذا القديس طوال أربعة قرون، ثم في أواخر القرن الرابع الميلادي ( في 23/آب/394م ) نقل هذا الزنار المقدس من الهند الى الرها مع رفات القديس مار توما، ثم نقل الزنار وحده إلى كنيسة العذراء في حمص سنة 476م حيث أن راهبا" يدعى الأب داود الطورعبديني قد حلَّ في كنيسة العذراء بحمص ومعه رفات الشهيد مار باسوس وتركها فيها، وكان معه أيضا" زنار العذراء المقدس.
وقد دلَّ على ذلك أنه عند اكتشاف الزنار كانت معه بعض عظام هي رفات مار باسوس. وقد خَلَع الزنار المقدس اسمه على كنيسة العذراء فأصبحت تعرف من ذلك العهد باسم كنيسة الزنَّار أو كنيسة أم الزنَّار.
تجديد الكنيسة واكتشاف الزنار :
بعد ذلك بمدة غير معروفة، خاف الحمصيون على الزنار المقدس بسبب الأحوال الأمنية الغير مستقرة. فدفنوه داخل مذبح الكنيسة في وعاء معدني، وظل كذلك حتى سنة 1852م حيث أراد السريان هناك تجديد كنيستهم، فاستصدروا براءة سلطانية لعمارة الكنيسة في عهد المطران يوليوس بطرس مطران الأبرشية ( الذي صار فيما بعد بطريركا" باسم بطرس الرابع بين عامي 1872ـ1884م ) ، وحينما هدموا الكنيسة وجدوا زنار السيدة العذراء موضوعا" في وعاء وسط المذبح، ففرحوا جدا" وتباركوا منه. ثم أعادوه الى المذبح بالحالة التي وجدوه فيها ووضعوا فوقه حجرا" كبيرا" نقشوا عليه بالخط الكرشوني ( يعني أن الكتابة باللغة السريانية ولكن النطق باللغة العربية ) تاريخ تجديد البيعة عام 1852م وأن هذا تم في عهد المطران يوليس بطرس. ونقشوا أيضا" أسماء المتبرعين وذكروا أن الكنيسة ترجع لعام 59م في عهد القديس ميلآ الرسول.
ونتيجة لعوامل كثيرة أهمها الإضطهاد الذي وقع على الكنيسة، لجأ الآباء إلى إخفاء الزنار. ونُسِي أمره حوالي مائة عام تقريبا" حتى شاءت ارادة الله أن يظهر هذا الكنز الثمين الذي لايقدر بمال لينال المؤمنون بركته على الدوام. فكشف الله الأمر في الزمان المحدد لقداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الأول برصوم بعد أن نقل مقر البطريركية السريانية الأنطاكية من دير الزعفران الى هذه الكنيسة. فبينما هو يتفحص بعض المخطوطات القديمة ـ التي كان قد تبرع بها للبطريركية القس يوسف عسكر الحمصي ( المتوفي سنة 1916م ) ـ كُشِف له الأمر ويشرح قداسته هذا الأمر فيقول :
" في أواخر شهر نيسان 1953م لمَّا كنا نتفحص كتابا" كرشونيا" يتضمن قصصا" ومواعظ، ظهر لنا أنه مجلَّد بعدة أوراق كُدِّست بعضها فوق بعض ـ وكان الشرقيون منذ ثلاثمائة سنة يجلدون مخطوطاتهم بهذه الطريقة ـ أو بخشب سميك، ثم يغلفونها بجلد، أو قماش سميك، وذلك لقلة الكرتون. ولمَّا فتحنا جلد الكتاب وجدناه مؤلَّفا" من ست وأربعين رسالة بالكرشوني والعربي تخص أبرشية حمص وتوابعها مكتوبة منذ نيف ومائة سنة، وإحداها وهي كرشونية طولها 28سم وعرضها 20سم، كتبها سنة 1852م وجهاء أبرشية سوريا أعني حمص وحماة ودمشق وصدد وفيروزة ومسكنة إلى وجهاء مدينة ماردين المجاورة لدير الزعفران مقر الكرسي البطريركي، تتضمن أحوال أبرشيتهم ذكروا فيها أنهم حينما هدموا كنيستهم المسماة باسم سيدتنا العذراء ام الزنار في حمص بغية توسيعها وتجديد بناءها لقدمه وصغرها وتسقيفها بالخشب وذلك بأمر مطران أبرشيتهم بطرس الموصلّي، وجدوا زنار السيدة العذراء موضوعا" في وعاء وسط مائدة التقديس في المذبح فشملهم به فرح عظيم ".
بناء على هذه المعلومات كشف البطريرك أفرام برصوم المائدة المقدسة صباح اليوم العشرين من شهر تموز من عام 1953م فوجد رقيما" حجريا" طوله 46سم وعرضه 44سم وسمكه 2سم، مكتوباً عليه بالكرشوني بخط حسن ما يأتي:
"إنه في سنة 59 بنيت هذه الكنيسة المقدسة وذلك في زمان البشير ملاآ المدعو أيضاً إيليا ـ ثم ذكر تاريخ تجديد الكنيسة سنة 1852م في عهد المطران يوليوس بطرس ـ وأورد أسماء البلاد والقرى التي تبرع أهلها بنفقات العمارة. أصبنا تحته جرناً قديماً مغطى بصفحة نحاسية سميكة مدورة قديمة، وداخله الوعاء فاستدعينا سيادة الحبر الورع ألكسندروس مطران حمص للروم الأرثوذكس وأمامه فتحنا الوعاء الذي تكسر لعتقه، فظهر الزنار الشريف ملفوفاً بعضه على بعض وإمارات العتق بادية عليه، ووجدنا أنبوبة من معدن رقيق في طرف الوعاء الأعلى تنطوي على عظم مجوف يلوح أنه في داخله قطعة رقّ أو ورق ثخين تركناه على حالته، وجمعنا أجزاء الوعاء وحفظناه. وعاين سيادته ما ذكرناه شاهداً به وسرعان ما شاع الخبر في المدينة فتقاطر جمهور من جميع الملل المسيحية يبركون بالزنار الشريف".
الأشياء الأخرى التي اكتشفت مع الزنار:
ا ـ الرقيم الحجري :
طوله 46سم وعرضه 44سم وسمكه 2سم مكتوبا" عليه بالكرشونية " أنه في سنة 59م بنيت هذه الكنيسة وذلك في زمان البشير ميلآ المدعو أيضا" ايليا ثم ذكر تاريخ تجديد الكنيسة عام 1852م في عهد المطران يوليوس بطرس، وأورد أيضا" أسماء البلاد والقرى التي تبرع أهلها بنفقات العمارة. والجدير ذكره أن ليس للرقيم علاقة بالزنار لأن الغاية من وضعه تحديد تاريخ تجديد الكنيسة فقط.
2 ـ الجرن :
الجرن من الحجر البركاني على شكل تاج عمود بسيط، ارتفاعه 12سم وطول ضلع سطحه العلوي 24سم وطول ضلع قاعدته 29سم . فيه حفرة نصف بيضوية تقريبا" قطرها العلوي 16 سم . ويعود تاريخ هذا الجرن للعهد البيزنطي .
3 ـ القرص النحاسي :
يغطي الجرن البركاني قرص نحاسي قطره 15 سم مزين بدوائر متحدة المركز . يعود تاريخ هذا
4 ـ العلبة الاسطوانية :
العلبة الاسطوانية الشكل كانت في الجرن البركاني وهي من المعدن المتأكسد لدرجة أنه لم يبق من المعدن شيء وقد حفظ التأكسد شكل العلبة الاصلي وعلى الأصح أنها من الفضة الممزوجة بمعدن أخر ولما حاول قداسة البطريرك أفرام أخراجها من الجرن تحطمت بيده إلى أجزاء صغيرة وبقي قعر العلبة لاصقاً في حفرة الجرن فأخرجه محطماً إلى عدة قطع ووجد ضمن العلبة الزنار . يظهر أ، العلبة الأنفة الذكر كانت موضوعة في مذبح الكنيسة السابق منذ زمن بعيد ربما يبدأ مع البيعة السابعة كما يدل على ذلك تأكسد العلبة الشديد الناجم حتماً عن وجودها في أرض رطبة مدة طويلة وتأكل الزنار أثناء وجوده ضمن العلبة وحالة العظمة والرق الموضوع ضمنها .
5 ـ الزنار المقدس :
اكتشف الزنار المقدس ضمن العلبة الاسطوانية الشكل وكان ملفوفاً حوله قطع من الخيطان والقماش .
الزنار طوله ( 74 ) سم وعرضة ( 5 ) سم وسمكة ( 3 ) مم تقريباً لونه بيج فاتح وهو مصنوع من خيوط صوفية طويلانية في الداخل ربما من خيوط كتان وحرير ، وطرز الزنار بخيوط من الذهب على سطحه الخارجي وقد تأكل من أطرافه وظهرت عليه أملاح وتأثر بتأكسد العلبة المعدنية .
6 ـ اسطوانة نحاسية :
كانت معلقة في جانب العلبة ( رقم 4 ) من الاعلى هذه الاسطوانة النحاسية طولها 5،6 سم فتحت فظهر ضمنها قطعة عظمية من ساعد انسان بنفس الطول وظهر ضمنى العظمة مايشبه رقاً ملفوفاً .
جرن المعمودية :
قطعة حجرية واحدة يقال أنه يعود للقرن الخامس عشر بعد الميلاد .
بئر الماء في الكنيسة :
كان في الكنيسة القديمة يشرب منه المؤمنون وبعد بناء الكنيسة الحالية قاموا بتلبيس البــئر بقــميص من الحجر الأســود وهـــو حالياً في الجهة اليسارية للكنيسة بجانب المذبح ويتبارك منه المؤمنون بشكل دائم .
اسم كنيسة أم الزنار
لا غرو أن الزنار الذي استودع كنيسة السيدة في مدينة حمص منذ عصور قديمة جداً قد خلع على هذه الكنيسة اسم " كنيسة الزنار أو كنيسة ام الزنار" ودوِّن في كتبها الطقسية المخطوطة، كما أنه استفاض على ألسنة المؤمنين إلى وقتنا هذا.
ومما يؤسف له ضياع أو تفرق كثير من هذه الكتب بحسب تقلبات الزمن وصروف الليالي. ولا بد لنا أن نذكر ما تبقى منها مما هو مصون في الكنيسة ويرتقي إلى مطلع المائة السابعة عشرة، منها: إنجيل كنسي سرياني بخط الشماس يعقوب الحكيم سنة 1602 م ورد في آخره سنة 1716م حضر مار ساويرا مطران الرها في كنيسة الزنار وسام ثلاثة شمامسة، وفي أوله: ( نظر في هذا الكتاب الشماس برصوم ابن الخوري يغمور من مدينة حمص المحروسة في كنيسة الزنار).
والخوري يغور كان حيا سنة 1716م، وكتاب حسايات القيامة بخط الراهب كوركيس الونكي سنة 1608م ورد فيه: سنة 1855م في 16 حزيران لحظنا هذا الكتاب نحن المطران بطرس رئيس كرسي سوريا وكنا في تاريخه في بلد حمص في كنيسة العذراء أم الزنار. وكتاب جناز النساء والرجال والأطفال سرياني كرشوني بخط القس موسى ابن الكن، أوقفه الخوري يوحنا ابن المقدسي منصور الحمصي إلى كنيسة السيدة كنيسة الزنار بمحروسة حمص في 27 حزيران سنة 2021 يونانية (1701م)، وكتاب تجنيز الكهنة أوقفه الراهب عبد الله ابن القس حنا شدياق الحلبي أحد رهبان دير مار موسى الحبشي في النبك إلى كنيسة مريم العذراء في حمص إي كنيسة الزنار سنة 1762م وكتاب الرسامات الكهنوتية ورد في أوله ما يأتي: رسم باسيليوس بشارة مفريان (رئيس أساقفة المشرق) الشماس نعمة الله لكنيسة الزنار بمدينة حمص في 15 أيار 2102 يونانية (1791م)، وإنجيل كنائسي كرشوني بخط الأسقف ابراهيم يازجي الصددي لكنيسة ام الزنار بحمص سنة 1796م.
وكتاب تاريخ مار ميخائيل الكرشوني في كنيسة مار ثاودوروس في صدد، خطه القس ابراهيم سنة 1764م ورد فيه سنة 1852م اخرج أمر من الاستانة المطران بطرس وأرسله في عمارة كنيسة أم الزنار بحمص، وسنة 1855م حضر السيد بطرس مطران سوريا من الاستانة)(3).
Comment