لنتبع النجم

[Karmah]

اليومٌ الأوَّل، عقبةٌ أولى: لقد اختفى النجم!!!




ولكنَّ السؤال البديهي:"هل حقًّا أنَّ النجم اختفى، أو أنني أنا لم أعُد أرى؟؟؟"
إخوتي، طريق الإنسان المؤمن، ليس بالطريق السَّهِل! خاصةً أنَّ طريقه، هو نحو شيءٍ أو شخصٍ لم يَرَهُ بعد، لم يتأكَّد من وجوده، ولم يتأكَّد أصلًا من أنّه موجود في نهاية المسير. ولكنّ، ما الذي يدفع كلُّ واحدٍ منّا على متابعة المسيرة؟ إنَّه الإيمان! نعم، إنّه الرجاء، والثقة، أنَّ من أسير نحوه، ينتظرني، ولا يزال ينتظرني في نهاية الطريق حتّى ولو تأخرّْت!

ولكن، لماذا يختفي الدليل؟ لماذا لم تّعُد النجمة هنا؟ إنّه اختبار بسيط، ليتأكَّد الدّاعي (أي من دعاكَ في الأصلِ إلى المسير نحوه)، أنَّكَ على الرغمِ من هذه العقبة، ستزال تمشي وتكمِل طريقَكَ نحوه. وأنَّك لن تسقط وتتوقَّف عند أقلّ وأصغر، لا بل أتفه عقبة تواجهك في المسير.
هل سألتم أنفسكم أحبّائي يومًا، كيف كان المجوس يتابعون مسيرتهم في النّهار؟ نعم، فالنّجوم لا تظهر مع نور الشَّمس. ما هي بوصلتهم يا تُرى؟ إنّها الثقة، إنّه الشوق للقيا يسوع... هذا ما دفعهم لإكمال المسير والبحث عن المغارة، وهذا ما سيدفعنا أيضًا، أنتم وأنا، أن نظلَّ على ثقة أننّا سنصل إليه في نهاية مسيرتنا.

وأنتَ، وأنتِ، ما هي البوصلة التي ستقود طريقَكم، في حال غياب النّجم –أو حقًا، عدم رؤيتنا فعلًا للنجم – لأنّه هنا، لا يزال حاضر، إلًا أنَّ الفرق هو أنّنا لا نراه!
عبرة اليوم:"كُنْ أنتَ، كوني أنتِ، البوصلة التي تقود الآخرين نحو يسوع".
صلاتي، أعطِنا يا ربّ، أن نكون علامات فارقة، تدلُّ الآخرين نحوكَ، وتوصِلُهُم إليك. آمين.

[Karmah]

رد: لنتبع النجم

يومٌ ثانٍ، عقبةٌ ثانية: ضللتُ الطّريق



أتذكَّرُ مرّةً، كنتُ فيها مع فرقة من الكشّافة، نسير في غابة الأرز في إحدى ليالي الشِّتاء، وتحت الثّلج، فقط على ضوء القناديل، نحو كنيسةٍ لمريم العذراء، ينتظرنا فيها كاهنٌ لنحتفل بقدّاس منتصف ليل الميلاد. وإذ نضِلُّ الطريق! بعد لحظات من الهلع والخوف، توقّفنا لحظةً وطلبنا من العذراء مريم أن ترشدنا إليها، وإذ نلمح من بعيد ضوءَ مصباح خافت وصوت الكاهن يقول:"أهلًا بكم في كنيسة سيّدة "الحقلة"! أحسستُ وكأنَّ العذراء تطلُبُ منّي أن أخرُجَ وأستقبلَكُم."

إنّها لنِعمة، أن تكون العذراء، "نجمة الصّبح" دليلة كلّ إنسان مؤمن! والعبرة من خبرتي الشخصيّة، أنّنا إذا ضللنا الطريق، أن نلجأ إلى مريم العذراء. نعم، فعندها الحلول! ألا تذكرون ماذا فعلت في عرس قانا الجليل. وكيف أنّها خلَّصت أهل العرس من الإحراج أمام المدعويين. إنّها حاضرة هنا، دائمًا أبدًا، لتدّلنا على يسوع. فتقول:"إفعلوا ما يأمركم به!" (يوحنّا 2:5).

وأدعو في هذه المناسبة، كلّ شخص، يشعر بأنّه أضلَّ الطريق، ولم يعُد يعرف ماذا يفعل، أن يلجأ إلى مريم العذراء، ليَكُن على ثقة، أنّها ستقوِّم طريقه، وتدلّه على يسوع.
عبرة اليوم:"مريم العذراء، حاضرة دائمًا، لترشِدَ أبناءَها نحو يسوع، وتساعدهم في شقِّ طريقهم نحوه!"

صلاتي، أيَّتُها العذراء مريم، ساعدينا كي نصِلَ إلى يسوع، وأخبرينا ماذا نفعل عندما نلقاه. رُدّي الضّالين إلى يسوع. وباركينا جميعًا. آمين.

[Karmah]

رد: لنتبع النجم

يومٌ ثالث، عقبةٌ ثالثة: لقد تَعِبتْ!!!



إنّه التعب، شعورٌ بشريٌّ طبيعيّ، ينتابنا بعد جٌهدٍ طويل. لا بأس! فنحنُ بشر! ولكن هل يعني أن أتوقَّف؟
أحبّائي، كما قلتُ لكم من قبل، طريق الإيمان، ليس بالطريق السّهل. ليس طريق مفروش بالورود، هَيِّن... فالمجوس مرّوا في الصّحارى،ـ وجازوا جبال، وعبروا وديان وأنهار. ولكنَّ هذا كلُّه لم يمنعم من الوصول إلى المغارة. لأنّهم عرفوا كيف ينظّموا رحلتهم، وظلَّت أعينهم شاخصة نحو الهدف السّامي: لُقيا الإله!

ونحنُ، عندما نتعب على طريقِ إيماننا، ماذا نفعل؟ الجواب بسيط: الكتاب المقدّس! ليست المرّة الأولى التي أعود وأتكلَّم فيها عن الكتاب المقدّس، بل إنّها المرة الثالثة. أتذكرون كيف أنَّ كلمة الله هي غذائي على الطرّيق؟ وكيف أنَّ كلمة الله هي النّور الذي يقود خطاي للوصول إلى يسوع. واليوم، ميزة ثالثة للكتاب المقدّس:إنّه واحة الرّاحة، بعد تعبِ المسير!
وهنا أدعوكَ أخي القارئ وأختي القارئة، أن تتجرَّؤوا وتفتحوا الكتاب المقدّس. لا بطريقةٍ عشوائيّة، ولكن بطريقة مدروسة. إختاروا نصًّا يلمسكم في عمقِقُم، ولا تحاولوا تفسيره والبحث عن شروحات لاهوتيّة له لفهمه، وتعقيد الجُمَلِ والكلمات، بل إسمحوا للنصّ، لا بل ليسوع أن يكشِفَ عن ذاته لكُم، و... يريحُكُم. واسمحوا لي هنا، أن أعطِيَكُم وصفةً من الآيات، أظنُّ حقًّا أنّها ستداوي أتعابكم، من بعد خبرة شخصيّة: متى 11: 28-30، إشعياء 14: 3-4، مزمور 6:55، 2 كورنثوس 2: 13-14، مرقس 31:6، مزمور 8:4، خروج 14:33، مزمور 23: 1-6، يوحنا 33:16، فيلبي 4: 6-7...

عبرة اليوم:"مع يسوع وحده، أجِدُ الرّأحة التي أنا بحاجة لها."
صلاتي، أعطِنا يا يسوع، أن نستريح فيك من خلال الكتاب المقدّس، ساعدنا كي نبني معكَ من خلاله علاقةً متينة. آمين.

[Karmah]

رد: لنتبع النجم

يوم رابع




كما عرض القدّيس لوقا بشارة الملاك لزكريّا، كما لمريم، يعرض القدّيس متّى بشارة الملاك ليوسف، سليل نسل داود. ويستهلّ الإنجيليّ خبر بشارة يوسف، مشيرًا إلى أنّ مريم قد وُجِدَت حبلى قبل أن تسكن في بيت خطيبها، وأنّ يوسف البار عزم أن يتركها سرًّا، دون أن يكشف أمرها.
غالبًا ما نستخلص من قراءتنا السّطحيّة لهذا الخبر، أنّ يوسف كان شهمًا ورحومًا؛ أشفق على مريم؛ أراد أن يحمي خطيبته التي أحبّها من عقوبة الرّجم حتى الموت.
لكنّ، ثمّة تساؤلات تسترعي انتباهنا، وتدعونا إلى التّأمّل في سرّ هذا الحدث الغريب: من جهة، يقول الإنجيليّ أنّ مريم قد وُجِدَت حبلى، ومن جهة أخرى، يقول أنّ يوسف لم يرد أن يكشف أمرها.

- فما هذا التّناقض ما بين "وُجِدَت" وبين "لم يرد أن يكشف أمرها"؟
- أمام من وُجِدَت مريم حبلى؟
- هل من أحد غير يوسف كان يعلم بأمر حبل مريم؟
- إن كان أحد ما قد علم بأمر مريم، فما فائدة تكتّم يوسف وانسحابه سرًّا؟
- تكتّم يوسف وانسحابه سرًّا، عوض إشهار واقع مريم، ألا يستتبعان اتّهامه من قبل مجتمعه بالتّورّط في هذا الحبل المبهم؟
- معلوم أنّ يوسف رجل بارّ، يعمل بحسب الشّريعة. والشّريعة تحكم على خطيبته الحبلى بالموت رجمًا. فهل يحقّ لمن هو بار أن يجنّب المذنب تنفيذ العقوبة، ويخالف بذلك الشّريعة، لمجرّد تعارض أحكامها مع مشاعره العاطفيّة؟
- هل البرارة استنسابيّة، نعيشها حين نشاء؟ نطبّق الشّريعة حينًا، وحينًا نهملها؟
عبرة اليوم:"على كلّ واحد منّأ أن يتمثّل بيوسف."

صلاتي، علِّمنا يا ربّ، أن نعرف كيف نعيش على مثال يوسف، بالصمت والبرارة والقداسة. آمين.