?الروح القدس?
ننطلق بحديثنا عن الروح القدس من عيد الظهور الإلهي الذي
نحتفل به في 6 كانون الثاني، والذي اسمه في الواقع عيد الدنح (بالسرياني
عيدو الدنحو) أي عيد الظهور. وهو أكثر، عيد ظهور الثالوث، كما يتجلّى في
الكشف الذي حقّقه يسوع المسيح في عالمنا. ومن الأحداث اعتماد يسوع.
دور الروح القدس في معموديّة يسوع:
نأخذه من منطلقين حسب ما ورد في نص الإزائّيين، وكما ورد
الكلام عن الروح في معموديّة يسوع في إنجيل يوحنا. ومن هذين المنطلقين
نتكلّم عن نقاط أخرى.
- كيف نحكي عن الروح القدس لاهوتياً و الروح القدس في عيشي المسيحي أو ما هوَ في حياتي اليوم؟
1- الروح ومعموديّة يسوع:
بحسب الإزائيين، (متى مرقس ولوقا)، بعد أن تعمّد يسوع، يقول الإنجيل، انفتحت السماء وأول ما حدث بعدها هو هبوط الروح، ثم صوت الآب:
- هبوط الروح: يقول الإنجيل عند الإزائيّن الثلاثة، أنّ
الروح هبط عليه بشبه جسد حمامة. أولاً نزل والشكل حمامة. الحمامة تهبط،
الروح آت من فوق من حيث أتى الإبن في الأصل. لهذا هوَ مثل الإبن آتٍ من
عند الآب، محام آخر معزٍّ آخر، مدافع آخر.
لماذا هبوطه على الإبن وفي شكل حمامة: إذا قرأنا نص
معموديّة يسوع في إنحيل لوقا، نلاحظ أنّ آخر مَن اعتَمَد كان يسوع: ?ولمّا
اعتَمدَ الشعب كلّه اعتمدَ يسوع ايضاً?. وسُجِنَ يوحنا، وانتهت حكايته
وبدأت حكاية يسوع. إذاً مع أنّه لم يصنع خطيئة، مشى مع الخطأة لا بل مشى
في آخر الموكب. ولأنّه حمل ما ليس له، واحتمل ما ليس له وتحمّل ما ليس له،
أي لأنّه حمل كلّ الإنسان بكلّ واقع الإنسان وبكل واقعيّة الإنسان، يكون نزول الروح على يسوع هوَ بذات الفعل نزول الروح على الإنسانية التي حملها يسوع. الإنسانيّة بالمعنيَين: الطبيعة البشريّة وبمعنى كل الناس l?humanité.
إذاً نزول الروح على يسوع هو بذات الفعل نزول الروح عليك
وعليّ، وبالمعموديّة أنا آخذ من الروح الذي هبط على يسوع. وقبل أن انتقل
الى يوحنا، الفت النظر إلى شيء. عند الإزائيّين وبالتحديد، عند لوقا كلام
ليسوع عن صبغة أخرى سيصطبغها، أي عن معموديّة أخرى سيعتمد بها، ومشتاق
إليها هيَ الصليب. على الصليب يسوع سيسلّم الروح. الروح الذي أتى من أبيه
سيسلّمه لأخوته، أي سيؤكّد على أنّه جاء ليجمع أبناء الله المشتّتين إلى
واحد. لكن بدون أن يأخذ من أي واحد منهم اسمه، سيبقى كل واحد منهم حامل
اسمه، لكنّه سيجمعهم إلى واحد. وهذا الذي سيُعَبَّر عنه في العنصرة لمّا
كل واحد عنده لغته وكل واحد يفهم لغة الآخر. بدون الروح أقول أنا لست انتَ
وانتَ لست أنا، وهذه الحقيقة لا ينفيها الروح. لكن أنتَ معي وأنا معك لأن
الذي هبط عليه الروح هو العمّانوئيل ?الله معنا?. إذاً بين معموديّة يسوع
بحسب الإزائيّين وصليب يسوع والعنصرة شيءٌ مشترك ومتكامل.
- في إنجيل يوحنا الروح هو علامة مسيحانيّة يسوع. أو الروح
هوَ علامة يسوع الخادم، أو هوَ علامة يسوع ابن الله. يوحنا المعمدان، كيف
عرف يسوع؟. ?الذي ارسلني لأعمّد بالماء هوَ قال لي أنّ الذي ترى الروح
ينزل ويستتقرّ عليه هو يعمّد بالروح القدس?. والذي ينزل عليه الروح ويستقر هو الذي يحمل الشهادة والحريّة للناس والشفاء من الأمراض، أي هوَ المخلّص.
يسوع سيستعين بنبوءة أشعيا في الفصل 61، وفي إنجيل لوقا الفصل 4، ليقول:
?روح الربّ عليَّ مسحني وارسلني لأبشر المساكين?. إذا هوَ علامة مسيحانيّة
يسوع.
- هو علامة أن يسوع هوَ ابنُ الله. قال الملاك لمريم
العذراء ?الروح القدس يأتي وقوّة العلي تظلّلك لذلك المولود منك قدّوس
وابن الله يدعى.?
الروح القدس يأتي، وبالتالي أنا أيضاً كيف أُعرَفَ مُتَّحداً
بيسوع المسيح، كيف أُعرَفَ ابناً لله، لا بدّ أن يشاهد العالمُ الروحَ
النازلَ عليَّ. وذلك لأنّ يسوع يؤكّد لي أنّي لَن أقدر أن أعي هذه البنوّة
للآب بدون عمل الروح القدس في حياتي. لا أقدر أن أقول أبّا أيها الآب إلاّ
ّإذا كان الروح يعمل فيَّ، لا أقدر أن أقول عن يسوع أنّه الربّ إلا إذا
كان روح يسوع يعمل فيَّ. لهذا هناك تأكيد أنّي لا أقدر أن أكون مسيحي بدون المسيح، صحيح، لكن لا اقدر أن أكون مسيحي بدون الروح القدس.
إنجيل يوحنّا يركز كثيراً بكلامة على الروح القدس، خاصة في القسم الثاني
من إنجيله، مثلاً مع نيقوديموس، لكن يركّز كثيراً على الروح، البارقليط،
المعزّي المنبثق من الآب، الذي ارسله الآب باسم الإبن، الذي يعلّمنا كلّ
شيء ويذكّرنا بكل ما قاله لنا يسوع. هذا الروح القدس. نلاحظ في الفصول 14،
15 و 16 أنّ الكلام عن الروح القدس يقود إلى الكلام عن الوحدة في الفصل
17، ويقود لكلام عن الحبّ في الفصل13، 14، 15 و16. لن أدخل هنا في تفاصيل
العلاقة بين الروح والحبّ، والروح والوحدة، لكن الذي أقوله أنّ الروح لا
ينفي واقعكَ البشري. لا ينفي حبّك البشريّ، حب! الزوج والزوجة لا ينفي
الحبّ الجسدي والعاطفي، لا ينفي الحبّ البشري. لكن في نفس الوقت يوجّه
الحبّ البشري نحو صورة أخرى للحبّ. بمعرض هذه الفصول 14، 15و 16، يتكلّم
يسوع في إنجيل يوحنا عن الوصيّة الجديدة. وصيّة الحبّ، أن نحبّ بعضنا
بعضاً كما هوَ احبّنا. مع أن وصية الحب قديمة جدّاً، لكن بالنسبة ليسوع هي
وصيّة جديدة لأنّها تُعاش جديدة في الروح القدس، أي أنتَ تختبر حبّ الله
في حياتك ويصير ينبع منك حب منطلق من اختبارك لحب الله. ولهذا يصير يسوع
قادر أن يتجرّأ ويقول لك، أحبّوا بعضكم بعضاً كما أنا احببتكُم. صرتم
اليوم قادرين لأنّكم أخذتم روح التبنّي.
إذاً بما أنه صار عندك روح الرب، صرتَ قادر أن تحبّ مثل الربّ،
صار مفروض أن يكتشف العالم بحبّك نكهة تختلف عن حبّه، وهذه النكهة مهّمة
جدّاً، لأنّه في زاوية من زوايا الحبّ الجديد مكان للحب البشري. الإنسان
الممتلئ من الروح القدس ما زال قادراً أن يحبّ البشر ومن هذا الحبّ الذي
يشبه أي حبّ رجل وأمرأة في الكون لكنه يحمل نكهة أخرى، نكهة مختلفة. يوسف ومريم الذين يحبان بعضهما، لا
فرق بينهما وبين أي اثنين غيرهما، لكن العهد الذي بين يوسف ومريم لا يُكسر
لأن عندهم روح الله والله لا يكسر العهد حتى ولو كسر الإنسان العهد. هذا الذي في الواقع يعطي النكهة الجديدة المختلفة.
منطقي جدّاً أن أبقى معك طالما الحبّ موجود لكن ممكن أن يتوقف هذا الحب
البشري، لكن حبّ الله لا يتوقف ولو كلّف الله إبنه، ولو كلّف يسوع حياته.
هذا كلّه يعطيكم إياه الروح القدس.
في المسيحيّة الأولى كانوا يقولون، أنظروا كيف يحّبون بعضهم
البعض. لم يكن حبّاً مختلفاً لكنه كان بكيفيّة مختلفة، حبّ قادر أن يحتوي
الحبّ البشريّ ويتسامى فيه. لهذا وحدها المسيحيّة قادرة أن تعيش شيء أسمهُ
البتوليّة المكرّسة، لأنّها تؤمن أن الإنسان أعطى طاقة حبّ أقوى من الموت،
لأنّ من أهم غايات الحبّ البشريّ أن يستمرّ الإنسان، ولأن المسيحيّة تومن
بأن الحبّ يستمر لا يموت.
الروح يعلّمكُم كل شيء ويذكّركم بكل ما قلته لكم: قلته لكم قولاً وعملاً. يعلّم ويذكّر. ما معنى الروح يعلّمكم أو يذكّركم.
يعلمكم: فيها بُعد فصحي. لأنّ بإنجيل يوحنّا كلام أساسي عن الظلام والنور.
البعد الفصحي هو أن الروح يخرجك من الظلمة إلى النور بمعنى
يعلّمك كل شيء. أن يجعل كل شيء في حياتك مُضاءاً، يخرجك من عالم الظلمة.
فصح، Passage، Pâques.
يذكّركم:
Mémorial، في المفهوم البيبلي للكلمة ما معنى التذكير. عادة عندما نقول
تذكّر، نفكّر بالماضي. لكن إذا وقعت مشكلة بيني وبين الذي أحبّه، لأطرّي
الأجواء وأشعل الحبّ أبدأ بالتذكّر وأذكّر، وما معنى هذا. يعني لما حدث
هذا البارحة ولا يحدث الآن، الروح يذكّركم بكل ما قلته لكم، أي يجعلكم
قادرين أن تسعوني اليوم، أن تحقّقوا مشيئتي اليوم، أن تعملوا عمل الخلاص
اليوم، Actualisation، التأوين والتأويل. التأويل أي الأول والتأوين أي
الآن. الروح القدس يجعل المسيح حاضراً الآن فيك عبر الذكرى. لهذا القداس،
أنه يمكنه أن يكون حاضراً قال: ?أصنعوا هذا لذكري.
2- الروح القدس في حياتي اليوم:
أنا لا أدّعي أنّي قادر أن اتكّلم في هذا الموضوع، هنا كل
واحد يحكي عن ذاته، عن خبرته مع الروح، كيف عاش وماذا اختبر وكيف عمل فيه
الروح.
أنا أستطيع الكلام عن بعض الأمور العمليّة.
1- ليس من الممكن أن يكون هناك تناقضاً بين الروح والكنيسة.
2- لا بدّ من تمييز الروح من الأرواح.
3- هل الإنقياد للروح هو هروب من الواقع؟
4- هل الإنقياد للروح هو استسلام أم تسليم؟
5- الروح يهبّ حيث يشاء وأنا اطلب الاستقرار.
إذا لا أحد يستطيع أن يتكلّم عن الروح في حياتك اليوم إلاّ أنت. أنا أعطي بعض الكوادر لضبط الأشياء وليس لضبط الروح.
الروح لا يناقض الكنيسة، لأنّ الكنيسة تعيش في الروح ولأن
الروح يعمل في الكنيسة ويتكلّم فيها. من هنا مهما كنت مؤمنا بأن ما نعيشه
هوَ عمل الروح، هذا لا ينفي بأي شكل من الأشكال طاعتك للكنيسة.
الخطر يكمن أن تنسب أنتَ للروح القدس قناعَتك ومزاجكَ وأحكامكَ وحكمتك وتقول الروح كشف لي.
كلام يسوع واضح والروح أتى يذكرّ بكلام يسوع. البشارة
الرسولية لا تقدر أن تكون بتناقض مع الروح، لهذا أساسيّ جدّاً أن أتعاطى
مع الروح في علاقة بالجماعة، الروح يجمعنا أبناء الله. والذي اقوله على
مستوى الكنيسة ككل اقوله على مستوى الجماعات التي شاء الروح أن يبعثها في
الكنيسة، ومن هذه الجماعات عيلة مار شربل، فلننتبه أنّ هذه العيلة عليها
أن تكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالكنيسة كي تقدر أن تعيش موهبتها الخاصة
التي هي عمل الروح فيها. عندكم روحانيتكم واختباراتكم. ومن الممكن أنّ
أشخاص قلائل بينكم عبرهم الروح اطلق هذه الجماعة. هذه أشياء أساسيّة مرحلة
التأسيس مثل ال embryon في بطن أمّه يحمل كلّ امكانيات الإنسان الذي يكبر،
لكن تتحول هذه الجماعة، تجاري العصر. لكن أساسي جدّاً العودة إلى الجذور
وهنا فرق كبير بين العودة إلى الجذور التي هيَ النفخة الأولى للروح القدس،
وبين الانحباس بالجذور، وكأن الروح عملَ من الجذور خيطان عنكبوت ينحبس به
العنكبوت للأبد. الروح يقول لك، انفتح إذهب كُلْ عند الجيران وكن وقحاً كل معهم ولا تأكلهم. الخطر أن تصبح الجماعة قابعة في بيتها تنتظر من يأتيها لتلتهمه. الأساس ليس عيلة مار شربل، الأساس كنيسة يسوع المسيح. إبن عيلة مار شربل أخوته في كل الجماعات، وعندما تكون هكذا تكون جماعة تُصغي إلى الروح.
مثل الدعوات الرهبانية، كل دعوة لها اسلوب حياة رهبانية
معيّن، لكن المكان الأساسي لكل الناس، هو الكنيسة، ثم كل واحد يجد نسفه في
مكان ما عبرَ موهبته.
تمييز الروح: إختبار عمل الروح.
يسوع يعطينا مقياس أساسي. يقول تعرفونهم من ثمارهم. إذا
أخذنا ما يقوله بولس عن ثمار الروح وأعمال الجسد نفهم شيء مهم أنّ الروح
يثمر فينا. الجسد هوَ ما نعمله نحن، الروح يثمر. لا نقدر أن نميّز الروح
من الأرواح بسهولة. انتبه عليك في الأساس أن تعاشر الروح حتى إذا سمعت كل
الأرواح تقدر أن تقول هذا هوَ صوت الحبيب.
قاعدة أساسية ذهبيّة: أن
تختبر وحي الروح عبر تأملك بكلمة الله، الكتاب المقدّس. يصعب تمييز الروح
من الأرواح، أو روح الله من روح العالم، إذا لم تكن أنسان تتعاطى بكثير من
الواقعية في حياتك اليومية مع كلمة الله، وإذا لم تعجن ذاتك كل يوم من
الإنجيل وتعجن الإنجيل بذاتك.
تمييز الروح يكون صعب.
ثاني قاعدة ذهبية:
الروح الذي لا يقدّم لك الأشياء حسب رغتبك، عادة الأرواح التي ليست الروح
القدس تقدم لك الأشياء بحسب رغبتك وبالتحديد رغبتك الآنية. الروح الذي ليس
روح الله فيك يصوّر لكَ توافق العالم مع رغباتكَ.
روح الله هو روح يرافقك في مسيرة ويقول لك، انتبه أنتَ لستَ
الضوء، انتبه ستمشي وستقع، انتبه. أمّا روح العالم فيقول لك، الدنيا بألف
خير، وانتبهوا أرواح العالم تستعمل كلمات روح الله. أنت مشتاق للسعادة،
هيا فرّح نفسك، روح العالم يؤكّد لكَ صوابية الخطيئة، بينما روح الله
يبكّت على الخطيئة، على العدل وعلى البر.
على الخطيئة، واضحة.
على العدل: العالم يعتبر نفسه عادلاً لأنّه صلبَ يسوع أمّا الروح فيقول لا هذا ليس عدلاً، هذه خطيئة.
البرّ: روح الله يبكّت، ليس كما تفكّر عليك أن تدخل حكمة
الله، حكمة الصليب وإذا كان الروح الذي تتعاطى معه لم يحرّك لك ضميرك
مرّة، ويقول لك كلّ مرّة عظيم، قل له: إذهب عنّي يا شيطان لأن أفكارك ليست
أفكار الله. وأحياناً بنية سليمة لكن بتمييز خاطئ للروح بتصرفات بعض
المسؤولين في الكنيسة نظن بأنه كم يجاري الشباب كم نجذبهم ليسوع. ما معنى
أجاري الشباب. إذا لبست مثلهم لا مشكلة، لكن انتبه هناك حالات عليك أن
تقول له لا! هذا ليس صحيحاً. لأنّه بعد عدة سنوات سيقول لكَ أنتَ مثلي،
لكن ما هوَ الجديد الذي أتيتني به؟ تقول له، انا معك. الروح القدس يقول لك
مثلما أنا أبكّتك عليك أنتَ أن تبكّت العالم.
البابا يوحنّا بولس الثاني، في حياته جال العالم، وأي خطاب
له كان يحمل التبكيت ومع هذا لا أحد من كلّ المسايرين يقدر أن يجمع كما
جمع قداسة البابا. وهذا الذي يبكّت كل العالم، غريب كل العالم يتبعنه،
لأنّهم في العمق يعرفون أين هوَ جرحهم.
اختصار للنقاط الباقية:
الروح القدس يهبّ حيث يشاء، وأنتَ تطلب الاستقرار.
مسيحية واستقرار: لا مجال.
إلاّ إذا فهمنا بالاستقرار الثبات على الإيمان الذي يعطيك
ثبات داخلي. إنّي مسيحي في كل الحالات. في صحّتي وفي مرضي، أنا قدّيس
بغناي وأنا قديس إن كنتُ أعيش بفتات خبز عن مائدة الأغنياء. هذا هوَ
الاستقرار أن تقبل أن تقول أنا بألف خير، طالما أنّك تنقاد إلى الروح الذي
يهّب حيث يشاء وأن تعتبر أنّ كل استقرار خارج الروح هو كاستقرار الجثث في القبور.
وإذا كان الآب يعمل والإبن يعمل مثله، كذلك يعمل مَن ينقاد للروح، لا يمكنه إلاّ أن يعمل عمل الإبن.
والله معكم.
(الحمامة تذكّرنا بنوح عندما عادت مع غصن زيتون علامة بداية الحياة بعد زوالها. وهنا ليقول أنّه بدأت الحياة الجديدة مع المسيح).
نحتفل به في 6 كانون الثاني، والذي اسمه في الواقع عيد الدنح (بالسرياني
عيدو الدنحو) أي عيد الظهور. وهو أكثر، عيد ظهور الثالوث، كما يتجلّى في
الكشف الذي حقّقه يسوع المسيح في عالمنا. ومن الأحداث اعتماد يسوع.
دور الروح القدس في معموديّة يسوع:
نأخذه من منطلقين حسب ما ورد في نص الإزائّيين، وكما ورد
الكلام عن الروح في معموديّة يسوع في إنجيل يوحنا. ومن هذين المنطلقين
نتكلّم عن نقاط أخرى.
- كيف نحكي عن الروح القدس لاهوتياً و الروح القدس في عيشي المسيحي أو ما هوَ في حياتي اليوم؟
1- الروح ومعموديّة يسوع:
بحسب الإزائيين، (متى مرقس ولوقا)، بعد أن تعمّد يسوع، يقول الإنجيل، انفتحت السماء وأول ما حدث بعدها هو هبوط الروح، ثم صوت الآب:
- هبوط الروح: يقول الإنجيل عند الإزائيّن الثلاثة، أنّ
الروح هبط عليه بشبه جسد حمامة. أولاً نزل والشكل حمامة. الحمامة تهبط،
الروح آت من فوق من حيث أتى الإبن في الأصل. لهذا هوَ مثل الإبن آتٍ من
عند الآب، محام آخر معزٍّ آخر، مدافع آخر.
لماذا هبوطه على الإبن وفي شكل حمامة: إذا قرأنا نص
معموديّة يسوع في إنحيل لوقا، نلاحظ أنّ آخر مَن اعتَمَد كان يسوع: ?ولمّا
اعتَمدَ الشعب كلّه اعتمدَ يسوع ايضاً?. وسُجِنَ يوحنا، وانتهت حكايته
وبدأت حكاية يسوع. إذاً مع أنّه لم يصنع خطيئة، مشى مع الخطأة لا بل مشى
في آخر الموكب. ولأنّه حمل ما ليس له، واحتمل ما ليس له وتحمّل ما ليس له،
أي لأنّه حمل كلّ الإنسان بكلّ واقع الإنسان وبكل واقعيّة الإنسان، يكون نزول الروح على يسوع هوَ بذات الفعل نزول الروح على الإنسانية التي حملها يسوع. الإنسانيّة بالمعنيَين: الطبيعة البشريّة وبمعنى كل الناس l?humanité.
إذاً نزول الروح على يسوع هو بذات الفعل نزول الروح عليك
وعليّ، وبالمعموديّة أنا آخذ من الروح الذي هبط على يسوع. وقبل أن انتقل
الى يوحنا، الفت النظر إلى شيء. عند الإزائيّين وبالتحديد، عند لوقا كلام
ليسوع عن صبغة أخرى سيصطبغها، أي عن معموديّة أخرى سيعتمد بها، ومشتاق
إليها هيَ الصليب. على الصليب يسوع سيسلّم الروح. الروح الذي أتى من أبيه
سيسلّمه لأخوته، أي سيؤكّد على أنّه جاء ليجمع أبناء الله المشتّتين إلى
واحد. لكن بدون أن يأخذ من أي واحد منهم اسمه، سيبقى كل واحد منهم حامل
اسمه، لكنّه سيجمعهم إلى واحد. وهذا الذي سيُعَبَّر عنه في العنصرة لمّا
كل واحد عنده لغته وكل واحد يفهم لغة الآخر. بدون الروح أقول أنا لست انتَ
وانتَ لست أنا، وهذه الحقيقة لا ينفيها الروح. لكن أنتَ معي وأنا معك لأن
الذي هبط عليه الروح هو العمّانوئيل ?الله معنا?. إذاً بين معموديّة يسوع
بحسب الإزائيّين وصليب يسوع والعنصرة شيءٌ مشترك ومتكامل.
- في إنجيل يوحنا الروح هو علامة مسيحانيّة يسوع. أو الروح
هوَ علامة يسوع الخادم، أو هوَ علامة يسوع ابن الله. يوحنا المعمدان، كيف
عرف يسوع؟. ?الذي ارسلني لأعمّد بالماء هوَ قال لي أنّ الذي ترى الروح
ينزل ويستتقرّ عليه هو يعمّد بالروح القدس?. والذي ينزل عليه الروح ويستقر هو الذي يحمل الشهادة والحريّة للناس والشفاء من الأمراض، أي هوَ المخلّص.
يسوع سيستعين بنبوءة أشعيا في الفصل 61، وفي إنجيل لوقا الفصل 4، ليقول:
?روح الربّ عليَّ مسحني وارسلني لأبشر المساكين?. إذا هوَ علامة مسيحانيّة
يسوع.
- هو علامة أن يسوع هوَ ابنُ الله. قال الملاك لمريم
العذراء ?الروح القدس يأتي وقوّة العلي تظلّلك لذلك المولود منك قدّوس
وابن الله يدعى.?
الروح القدس يأتي، وبالتالي أنا أيضاً كيف أُعرَفَ مُتَّحداً
بيسوع المسيح، كيف أُعرَفَ ابناً لله، لا بدّ أن يشاهد العالمُ الروحَ
النازلَ عليَّ. وذلك لأنّ يسوع يؤكّد لي أنّي لَن أقدر أن أعي هذه البنوّة
للآب بدون عمل الروح القدس في حياتي. لا أقدر أن أقول أبّا أيها الآب إلاّ
ّإذا كان الروح يعمل فيَّ، لا أقدر أن أقول عن يسوع أنّه الربّ إلا إذا
كان روح يسوع يعمل فيَّ. لهذا هناك تأكيد أنّي لا أقدر أن أكون مسيحي بدون المسيح، صحيح، لكن لا اقدر أن أكون مسيحي بدون الروح القدس.
إنجيل يوحنّا يركز كثيراً بكلامة على الروح القدس، خاصة في القسم الثاني
من إنجيله، مثلاً مع نيقوديموس، لكن يركّز كثيراً على الروح، البارقليط،
المعزّي المنبثق من الآب، الذي ارسله الآب باسم الإبن، الذي يعلّمنا كلّ
شيء ويذكّرنا بكل ما قاله لنا يسوع. هذا الروح القدس. نلاحظ في الفصول 14،
15 و 16 أنّ الكلام عن الروح القدس يقود إلى الكلام عن الوحدة في الفصل
17، ويقود لكلام عن الحبّ في الفصل13، 14، 15 و16. لن أدخل هنا في تفاصيل
العلاقة بين الروح والحبّ، والروح والوحدة، لكن الذي أقوله أنّ الروح لا
ينفي واقعكَ البشري. لا ينفي حبّك البشريّ، حب! الزوج والزوجة لا ينفي
الحبّ الجسدي والعاطفي، لا ينفي الحبّ البشري. لكن في نفس الوقت يوجّه
الحبّ البشري نحو صورة أخرى للحبّ. بمعرض هذه الفصول 14، 15و 16، يتكلّم
يسوع في إنجيل يوحنا عن الوصيّة الجديدة. وصيّة الحبّ، أن نحبّ بعضنا
بعضاً كما هوَ احبّنا. مع أن وصية الحب قديمة جدّاً، لكن بالنسبة ليسوع هي
وصيّة جديدة لأنّها تُعاش جديدة في الروح القدس، أي أنتَ تختبر حبّ الله
في حياتك ويصير ينبع منك حب منطلق من اختبارك لحب الله. ولهذا يصير يسوع
قادر أن يتجرّأ ويقول لك، أحبّوا بعضكم بعضاً كما أنا احببتكُم. صرتم
اليوم قادرين لأنّكم أخذتم روح التبنّي.
إذاً بما أنه صار عندك روح الرب، صرتَ قادر أن تحبّ مثل الربّ،
صار مفروض أن يكتشف العالم بحبّك نكهة تختلف عن حبّه، وهذه النكهة مهّمة
جدّاً، لأنّه في زاوية من زوايا الحبّ الجديد مكان للحب البشري. الإنسان
الممتلئ من الروح القدس ما زال قادراً أن يحبّ البشر ومن هذا الحبّ الذي
يشبه أي حبّ رجل وأمرأة في الكون لكنه يحمل نكهة أخرى، نكهة مختلفة. يوسف ومريم الذين يحبان بعضهما، لا
فرق بينهما وبين أي اثنين غيرهما، لكن العهد الذي بين يوسف ومريم لا يُكسر
لأن عندهم روح الله والله لا يكسر العهد حتى ولو كسر الإنسان العهد. هذا الذي في الواقع يعطي النكهة الجديدة المختلفة.
منطقي جدّاً أن أبقى معك طالما الحبّ موجود لكن ممكن أن يتوقف هذا الحب
البشري، لكن حبّ الله لا يتوقف ولو كلّف الله إبنه، ولو كلّف يسوع حياته.
هذا كلّه يعطيكم إياه الروح القدس.
في المسيحيّة الأولى كانوا يقولون، أنظروا كيف يحّبون بعضهم
البعض. لم يكن حبّاً مختلفاً لكنه كان بكيفيّة مختلفة، حبّ قادر أن يحتوي
الحبّ البشريّ ويتسامى فيه. لهذا وحدها المسيحيّة قادرة أن تعيش شيء أسمهُ
البتوليّة المكرّسة، لأنّها تؤمن أن الإنسان أعطى طاقة حبّ أقوى من الموت،
لأنّ من أهم غايات الحبّ البشريّ أن يستمرّ الإنسان، ولأن المسيحيّة تومن
بأن الحبّ يستمر لا يموت.
الروح يعلّمكُم كل شيء ويذكّركم بكل ما قلته لكم: قلته لكم قولاً وعملاً. يعلّم ويذكّر. ما معنى الروح يعلّمكم أو يذكّركم.
يعلمكم: فيها بُعد فصحي. لأنّ بإنجيل يوحنّا كلام أساسي عن الظلام والنور.
البعد الفصحي هو أن الروح يخرجك من الظلمة إلى النور بمعنى
يعلّمك كل شيء. أن يجعل كل شيء في حياتك مُضاءاً، يخرجك من عالم الظلمة.
فصح، Passage، Pâques.
يذكّركم:
Mémorial، في المفهوم البيبلي للكلمة ما معنى التذكير. عادة عندما نقول
تذكّر، نفكّر بالماضي. لكن إذا وقعت مشكلة بيني وبين الذي أحبّه، لأطرّي
الأجواء وأشعل الحبّ أبدأ بالتذكّر وأذكّر، وما معنى هذا. يعني لما حدث
هذا البارحة ولا يحدث الآن، الروح يذكّركم بكل ما قلته لكم، أي يجعلكم
قادرين أن تسعوني اليوم، أن تحقّقوا مشيئتي اليوم، أن تعملوا عمل الخلاص
اليوم، Actualisation، التأوين والتأويل. التأويل أي الأول والتأوين أي
الآن. الروح القدس يجعل المسيح حاضراً الآن فيك عبر الذكرى. لهذا القداس،
أنه يمكنه أن يكون حاضراً قال: ?أصنعوا هذا لذكري.
2- الروح القدس في حياتي اليوم:
أنا لا أدّعي أنّي قادر أن اتكّلم في هذا الموضوع، هنا كل
واحد يحكي عن ذاته، عن خبرته مع الروح، كيف عاش وماذا اختبر وكيف عمل فيه
الروح.
أنا أستطيع الكلام عن بعض الأمور العمليّة.
1- ليس من الممكن أن يكون هناك تناقضاً بين الروح والكنيسة.
2- لا بدّ من تمييز الروح من الأرواح.
3- هل الإنقياد للروح هو هروب من الواقع؟
4- هل الإنقياد للروح هو استسلام أم تسليم؟
5- الروح يهبّ حيث يشاء وأنا اطلب الاستقرار.
إذا لا أحد يستطيع أن يتكلّم عن الروح في حياتك اليوم إلاّ أنت. أنا أعطي بعض الكوادر لضبط الأشياء وليس لضبط الروح.
الروح لا يناقض الكنيسة، لأنّ الكنيسة تعيش في الروح ولأن
الروح يعمل في الكنيسة ويتكلّم فيها. من هنا مهما كنت مؤمنا بأن ما نعيشه
هوَ عمل الروح، هذا لا ينفي بأي شكل من الأشكال طاعتك للكنيسة.
الخطر يكمن أن تنسب أنتَ للروح القدس قناعَتك ومزاجكَ وأحكامكَ وحكمتك وتقول الروح كشف لي.
كلام يسوع واضح والروح أتى يذكرّ بكلام يسوع. البشارة
الرسولية لا تقدر أن تكون بتناقض مع الروح، لهذا أساسيّ جدّاً أن أتعاطى
مع الروح في علاقة بالجماعة، الروح يجمعنا أبناء الله. والذي اقوله على
مستوى الكنيسة ككل اقوله على مستوى الجماعات التي شاء الروح أن يبعثها في
الكنيسة، ومن هذه الجماعات عيلة مار شربل، فلننتبه أنّ هذه العيلة عليها
أن تكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالكنيسة كي تقدر أن تعيش موهبتها الخاصة
التي هي عمل الروح فيها. عندكم روحانيتكم واختباراتكم. ومن الممكن أنّ
أشخاص قلائل بينكم عبرهم الروح اطلق هذه الجماعة. هذه أشياء أساسيّة مرحلة
التأسيس مثل ال embryon في بطن أمّه يحمل كلّ امكانيات الإنسان الذي يكبر،
لكن تتحول هذه الجماعة، تجاري العصر. لكن أساسي جدّاً العودة إلى الجذور
وهنا فرق كبير بين العودة إلى الجذور التي هيَ النفخة الأولى للروح القدس،
وبين الانحباس بالجذور، وكأن الروح عملَ من الجذور خيطان عنكبوت ينحبس به
العنكبوت للأبد. الروح يقول لك، انفتح إذهب كُلْ عند الجيران وكن وقحاً كل معهم ولا تأكلهم. الخطر أن تصبح الجماعة قابعة في بيتها تنتظر من يأتيها لتلتهمه. الأساس ليس عيلة مار شربل، الأساس كنيسة يسوع المسيح. إبن عيلة مار شربل أخوته في كل الجماعات، وعندما تكون هكذا تكون جماعة تُصغي إلى الروح.
مثل الدعوات الرهبانية، كل دعوة لها اسلوب حياة رهبانية
معيّن، لكن المكان الأساسي لكل الناس، هو الكنيسة، ثم كل واحد يجد نسفه في
مكان ما عبرَ موهبته.
تمييز الروح: إختبار عمل الروح.
يسوع يعطينا مقياس أساسي. يقول تعرفونهم من ثمارهم. إذا
أخذنا ما يقوله بولس عن ثمار الروح وأعمال الجسد نفهم شيء مهم أنّ الروح
يثمر فينا. الجسد هوَ ما نعمله نحن، الروح يثمر. لا نقدر أن نميّز الروح
من الأرواح بسهولة. انتبه عليك في الأساس أن تعاشر الروح حتى إذا سمعت كل
الأرواح تقدر أن تقول هذا هوَ صوت الحبيب.
قاعدة أساسية ذهبيّة: أن
تختبر وحي الروح عبر تأملك بكلمة الله، الكتاب المقدّس. يصعب تمييز الروح
من الأرواح، أو روح الله من روح العالم، إذا لم تكن أنسان تتعاطى بكثير من
الواقعية في حياتك اليومية مع كلمة الله، وإذا لم تعجن ذاتك كل يوم من
الإنجيل وتعجن الإنجيل بذاتك.
تمييز الروح يكون صعب.
ثاني قاعدة ذهبية:
الروح الذي لا يقدّم لك الأشياء حسب رغتبك، عادة الأرواح التي ليست الروح
القدس تقدم لك الأشياء بحسب رغبتك وبالتحديد رغبتك الآنية. الروح الذي ليس
روح الله فيك يصوّر لكَ توافق العالم مع رغباتكَ.
روح الله هو روح يرافقك في مسيرة ويقول لك، انتبه أنتَ لستَ
الضوء، انتبه ستمشي وستقع، انتبه. أمّا روح العالم فيقول لك، الدنيا بألف
خير، وانتبهوا أرواح العالم تستعمل كلمات روح الله. أنت مشتاق للسعادة،
هيا فرّح نفسك، روح العالم يؤكّد لكَ صوابية الخطيئة، بينما روح الله
يبكّت على الخطيئة، على العدل وعلى البر.
على الخطيئة، واضحة.
على العدل: العالم يعتبر نفسه عادلاً لأنّه صلبَ يسوع أمّا الروح فيقول لا هذا ليس عدلاً، هذه خطيئة.
البرّ: روح الله يبكّت، ليس كما تفكّر عليك أن تدخل حكمة
الله، حكمة الصليب وإذا كان الروح الذي تتعاطى معه لم يحرّك لك ضميرك
مرّة، ويقول لك كلّ مرّة عظيم، قل له: إذهب عنّي يا شيطان لأن أفكارك ليست
أفكار الله. وأحياناً بنية سليمة لكن بتمييز خاطئ للروح بتصرفات بعض
المسؤولين في الكنيسة نظن بأنه كم يجاري الشباب كم نجذبهم ليسوع. ما معنى
أجاري الشباب. إذا لبست مثلهم لا مشكلة، لكن انتبه هناك حالات عليك أن
تقول له لا! هذا ليس صحيحاً. لأنّه بعد عدة سنوات سيقول لكَ أنتَ مثلي،
لكن ما هوَ الجديد الذي أتيتني به؟ تقول له، انا معك. الروح القدس يقول لك
مثلما أنا أبكّتك عليك أنتَ أن تبكّت العالم.
البابا يوحنّا بولس الثاني، في حياته جال العالم، وأي خطاب
له كان يحمل التبكيت ومع هذا لا أحد من كلّ المسايرين يقدر أن يجمع كما
جمع قداسة البابا. وهذا الذي يبكّت كل العالم، غريب كل العالم يتبعنه،
لأنّهم في العمق يعرفون أين هوَ جرحهم.
اختصار للنقاط الباقية:
الروح القدس يهبّ حيث يشاء، وأنتَ تطلب الاستقرار.
مسيحية واستقرار: لا مجال.
إلاّ إذا فهمنا بالاستقرار الثبات على الإيمان الذي يعطيك
ثبات داخلي. إنّي مسيحي في كل الحالات. في صحّتي وفي مرضي، أنا قدّيس
بغناي وأنا قديس إن كنتُ أعيش بفتات خبز عن مائدة الأغنياء. هذا هوَ
الاستقرار أن تقبل أن تقول أنا بألف خير، طالما أنّك تنقاد إلى الروح الذي
يهّب حيث يشاء وأن تعتبر أنّ كل استقرار خارج الروح هو كاستقرار الجثث في القبور.
وإذا كان الآب يعمل والإبن يعمل مثله، كذلك يعمل مَن ينقاد للروح، لا يمكنه إلاّ أن يعمل عمل الإبن.
والله معكم.
(الحمامة تذكّرنا بنوح عندما عادت مع غصن زيتون علامة بداية الحياة بعد زوالها. وهنا ليقول أنّه بدأت الحياة الجديدة مع المسيح).