حوار الملاك ومريم (1) - مار افرام السرياني
من كتاب مريم العذراء في فكر القديس افرام السرياني - للأب بيار نجم
قالَ الملاكُ للبتولِ
"السّلامُ عليكِ يا أمَّ الربِّ
مباركةٌ أنتِ يا بتولُ ومباركةٌ الثمرةُ التي فيكِ"
مريم
قالت مريمُ "مَن أنتَ يا سيّدي
وما معنى الذي قلتَه
فغريبٌ عنّي ما قلتَه
ولستُ أُدرك معنى كلامِكَ"
ملاك
"يا مباركةَ النّساءِ قد ارتضى فيكِ
أن يَحِلَّ العَليُّ، فلا تخافي
وإليكِ النّعمةُ قدِ انحدرتْ
لتغدقَ (2) الرّحمة على العالم"
مريم
"عفوًا سيّدي لا تُقْلِقْني
يا لابسًا جمرًا، لا تَحرقْني
غريبٌ عنّي ما أنتَ تقولُ
ولستُ قادرةً على فهمِه"
ملاك
"قد جَلا لي الآبُ وأنا جلوتُ لكِ
السرَّ الذي كان مكتومًا
بينه وبين ابنِه حين أرسَلَني
أنْ منكِ يشرقُ (الابنُ) على العالم"
مريم
"لهيبٌ أنتَ، فلا تُخِفْني
معتطفٌ بالجمرِ لا تُرجِفني
أيُّها النّاريُّ لماذا أصدّقُ
الأخبارَ التي تقولُها لي؟"
ملاك
"سيحلُّ فيكِ العجبُ إنْ رَجعتِ
وصدّقتِ البشارةَ التي حملتُها لكِ
عن حَبَلكِ بالعليّ
الذي ارتضى أن يَحِلَّ فيكِ"
مريم
"خائفةٌ من قبولِ كلامِك يا سيّدُ
فحوّاءُ أمّي أيضًا حين قبِلَتِ
الحيّةَ المتكلّمةَ مثلَ صدّيقٍ
قد حُرمَتْ فورًا من مجدِها (3) "
ملاك
"قد أضلّتْ ضَلالاً يا ابنتي
الحيّةُ بأمِّك حوّاءَ حين بشّرَتْها
وأنا لستُ بمُضِلٍّ لكِ
لأنّي أُرسلتُ من (الله) الحقِّ"
مريم
"هذه القصّة التي أخبَرْتَها
صعبةٌ جدًّا عليَّ فلا تَلمْني
إذ لا يَخرجُ من البتولِ ابنٌ
كما لا تخرجُ إلهةٌ من ثمرةٍ (4) "
ملاك
"قد أرسلَني الآبُ إلى هنا
لأجلبَ لكِ سلامًا وأبشّرَكِ
أنّ ابنَه يُشرقُ من حشاكِ
فأمامَ هذا لا تتردَّدي"
مريم
"جميلٌ هو لقاؤُك وقدومُكِ
لو لم يكن (ناموسُ) الطّبيعةِ يحيّرُني
ويحذّرُني ممّا تقولُ
إذ كيفَ يولدُ طفلٌ من بتولٍ (5)؟"
ملاك
"من كَلمتِه صفوفُ الملائكةِ ترتعدُ
ولا تعترضُ إذا ما أمرَ
وأنتِ فكيف لا ترتعدين
في البحث في ما قد شاءَهُ الآبُ (6) "
مريم
"بلى خِفتُ، سيّدي، وارتعَدتُ
ورُغمَ خوفي لستُ أُصدّقُ
فالطّبيعةُ أيضًا تُقنعني
أنّ العذارى لا تَلِدنَ"
ملاك
"هكذا شاءَ حُبّ الآبِ
أن في البتوليّة تلدين ابنًا
فاهْدأي إذًا وصدّقي
أنّ مشيئة الآبِ لا تُعصى"
مريم
"منظَرُكَ وَقورٌ وطبعُكَ مخيفٌ
ولهيبُكَ يتّقِدُ
وشخصُ سيّدكَ لا يُسبرُ
وصعبٌ عليّ أن أُصدّقَ"
ملاك
"قد جلبتُ إليكِ بُشرى سارّةً
وأظهرتُ أنّكِ ستلدين ربّكِ
فاشكُري يا صبيّةُ مَن أهّلكِ
لأن تكوني أُمّ الذي خلقكِ (7) "
مريم
"طفلةٌ أنا ولستُ أقدرُ
أن أقبلَ (كلامكَ) يا رجلَ النّارِ
إذ هو خفيٌّ ما تقولُ
وصعبٌ عليّ أن أفهمه"
ملاك
"اليومَ قد صارَ الرّجاءُ لآدمَ
إذ بكِ ارتضى سيّدُ الكُلّ
أن ينزلَ ليفُكّ قيودهُ ويحرّرهُ
فاقبلي كلماتي وكوني شاكرةً"
مريم
"قد ذُهلتُ اليومَ وتعجّبتُ
بكُلّ الكلمات التي قُلتها لي
وخائفَةٌ يا سيّدُ أن أُصدّقكَ
لعلّ بين كلماتِكَ غِشًّا"
ملاك
"حينما أُرسِلت لأُبشِّرَكِ
سمِعتُ سلامًا جلبته لكِ
فصادِقٌ هو السيّد إذ هكذا شاءَ
أن مِنكِ سوف يُشرقُ على العالَم"
مريم
"كلماتُكَ كلّها تجعَلُني أعجَبُ
فعفوًا سيّدي لا تَلُمني
إذ لا يظهَرُ في البتولِ طِفلاً
وأنا ما عرفتُ بعد زواجًا"
ملاك
"قد جاءَ إليكِ فلا تخافي
وحلَّ في حشاكِ فلا تسألي
يا مليئةً طوبى رنّمي مجدًا
للذي حَسُنَ لديه أن يظهَر منكِ"
مريم
"ما عرفني قبلاً يا سيّدي رجلٌ
وأنا ما تزوّجتُ بعدُ
فكيف يكون إذًا كما قُلتَ
أن مِن دون زواجٍ يكون طفلاً؟"
ملاك
"قد أُرسِلت من عند الآب لأجلُب لكِ
بشارةً دفعهُ حبّه إليها
أن ابنُهُ يحلّ في حشاكِ
والرّوح القُدس يحلّ عليكِ"
مريم
"إذًا أيّها الملاكُ لستُ أعترضُ
إن كان الروح القُدس يأتي إليّ
فآمَتهُ أنا وهو سيّدي
فليكُن لي يا سيّدُ بحسبِ كلمتكَ (8) "
ملاك
"فليرتَفِع رأسكِ يا صبيّةُ
وليفرح قلبُكِ يا بتولُ
فالسّماءُ العليا بكِ تُسَرُّ
والأرضُ بابنِك تنالُ الأمانَ"
مريم
"فليرتفع رأسي يا سيّدُ كما قلتَ أنت
وأعترفَ باسمهِ بابتهاجًا
فإن كنتَ، أنت عبدهُ، بهيًّا هكذا
فهل لهُ مِن شبيهٍ هو؟ هل تعرِفُ؟"
ملاك
"صفوفُ الملائكةِ لا تَقدِرُ
مِن رهبته أن تنظُر إليه
وفي لهيبِ أبيهِ مُحتَجِبٌ
والجموعُ (السماويّة) منه ترتَعدُ"
مريم
"قد أخفتني الآن جدًّا
فإن كان لهيبًا هو كما قُلتَ
فكيف إذًا يسلَمُ حشاي
مِن اللهيب الذي يحلُّ فيه"
ملاك
"إنّ حشاكِ مملوءُ قداسةً
ومختومٌ بالأُلوهةِ الخفيّة (9)
والمكانُ المقدّس حبيبٌ جدًّا
على قلب الله كي يظهرُ منه"
مريم
"أيُّها الملاكُ أخبِرني لماذا حَسُنَ
لدى سيِّدِكَ أن يَحِلَّ في الفقيرةِ
فها بناتُ الملوكِ مِلءُ العالمِ
فلماذا ارتضاني أنا المُعدمةَ؟"
ملاك
"سهلٌ عليهِ أن يحلّ في غنيّةٍ
أنّما قد احبّ فِقركِ
ليكون للفقراءِ صديقًا
ويُغنيهِم ساعة يُعتلَنُ"
مريم
"فسِّر لي يا سيّد إن كنت تَعلمُ
متى يشاءُ أن ياتي إليّ؟
أخبِرني إن كلهبٍ سيظهَرُ لي
ساعةَ يحلُّ فيّ كما قُلتَ؟"
ملاك
"قد شاء وأتى وها هو حالٌّ فيكِ
ولِئلاّ يُخيفكِ لم تَشعري به
ولست أجسر أنا أن أنظر إليكِ
يا مليئةً نارًا ولستِ تحترقين (10)"
مريم
"أُريد أيضًا أن أسألكَ
إشرح لي أيضًا عن طبائع إبني
الذي حلَّ فيَّ، فلستُ أعرفُ
ماذا أصنعُ لهُ لِئلاّ أُنقّص من كرامته"
ملاك
" "قدّوسٌ قدّوسٌ قدّوسٌ" إهتفي لهُ
فطغماتنا ليست تضيف شيئًا آخرَ
وليس لنا قدّوسٌ آخرُ
إلاّ ابنُكِ لنقول لهُ قدّوسٌ"
مريم
"قدّوسٌ وممجّدٌ ومباركٌ اسمُهُ
إذ نظرَ إلى تواضعِ آمتهِ
فلهذا سوف تطوّبني
جميعُ قبائل المسكونة (11)"
ملاك
"العُلى والعُمق له تُرتّلان،
الملائكةُ والبشر إيّاه يسبّحون
إذ قد نزل وحلّ في البتولِ
ليجدّد كلّ شيء هو سيّد الكلّ"
مريم
"حنانه عظيمٌ وليس يُقاسُ
وبالشّفتَين ليس يوصفُ
الذي لا تَسَعهُ أعالي السّماواتِ
قد كفاه على الأرضِ حشا السُّفليّة"
ملاك
"تباركهُ السماواتُ والأرضُ
والملاكُ أيضًا والبتولُ
وبَنو لبشر كلّهم يقدّسونه
إذ نزل بحُبّه وصار بشرًا"
مريم
"السّماء والملائكة يشكرون في العُلى
والأرض تبتهجُ بالبتولِ
وبفرحٍ يتلو الجانبان
المجدَ لابنِ سيّدهم"
ملاك
"كِلا الجانبين يختلطان
الملائكةُ والبشر يسبّحون
الإبنَ الّذي أمّن بينهم
وقَد كانوا غاضبين ومستائين"
مريم
"تشكركَ يا ربّ الطّغماتُ
وملائكةُ النّار اللامَنظورةُ
وبواسطة أفواهِ العالمِ
ترتّل الأرض لكَ التّمجيدَ"
من كتاب مريم العذراء في فكر القديس افرام السرياني - للأب بيار نجم
قالَ الملاكُ للبتولِ
"السّلامُ عليكِ يا أمَّ الربِّ
مباركةٌ أنتِ يا بتولُ ومباركةٌ الثمرةُ التي فيكِ"
مريم
قالت مريمُ "مَن أنتَ يا سيّدي
وما معنى الذي قلتَه
فغريبٌ عنّي ما قلتَه
ولستُ أُدرك معنى كلامِكَ"
ملاك
"يا مباركةَ النّساءِ قد ارتضى فيكِ
أن يَحِلَّ العَليُّ، فلا تخافي
وإليكِ النّعمةُ قدِ انحدرتْ
لتغدقَ (2) الرّحمة على العالم"
مريم
"عفوًا سيّدي لا تُقْلِقْني
يا لابسًا جمرًا، لا تَحرقْني
غريبٌ عنّي ما أنتَ تقولُ
ولستُ قادرةً على فهمِه"
ملاك
"قد جَلا لي الآبُ وأنا جلوتُ لكِ
السرَّ الذي كان مكتومًا
بينه وبين ابنِه حين أرسَلَني
أنْ منكِ يشرقُ (الابنُ) على العالم"
مريم
"لهيبٌ أنتَ، فلا تُخِفْني
معتطفٌ بالجمرِ لا تُرجِفني
أيُّها النّاريُّ لماذا أصدّقُ
الأخبارَ التي تقولُها لي؟"
ملاك
"سيحلُّ فيكِ العجبُ إنْ رَجعتِ
وصدّقتِ البشارةَ التي حملتُها لكِ
عن حَبَلكِ بالعليّ
الذي ارتضى أن يَحِلَّ فيكِ"
مريم
"خائفةٌ من قبولِ كلامِك يا سيّدُ
فحوّاءُ أمّي أيضًا حين قبِلَتِ
الحيّةَ المتكلّمةَ مثلَ صدّيقٍ
قد حُرمَتْ فورًا من مجدِها (3) "
ملاك
"قد أضلّتْ ضَلالاً يا ابنتي
الحيّةُ بأمِّك حوّاءَ حين بشّرَتْها
وأنا لستُ بمُضِلٍّ لكِ
لأنّي أُرسلتُ من (الله) الحقِّ"
مريم
"هذه القصّة التي أخبَرْتَها
صعبةٌ جدًّا عليَّ فلا تَلمْني
إذ لا يَخرجُ من البتولِ ابنٌ
كما لا تخرجُ إلهةٌ من ثمرةٍ (4) "
ملاك
"قد أرسلَني الآبُ إلى هنا
لأجلبَ لكِ سلامًا وأبشّرَكِ
أنّ ابنَه يُشرقُ من حشاكِ
فأمامَ هذا لا تتردَّدي"
مريم
"جميلٌ هو لقاؤُك وقدومُكِ
لو لم يكن (ناموسُ) الطّبيعةِ يحيّرُني
ويحذّرُني ممّا تقولُ
إذ كيفَ يولدُ طفلٌ من بتولٍ (5)؟"
ملاك
"من كَلمتِه صفوفُ الملائكةِ ترتعدُ
ولا تعترضُ إذا ما أمرَ
وأنتِ فكيف لا ترتعدين
في البحث في ما قد شاءَهُ الآبُ (6) "
مريم
"بلى خِفتُ، سيّدي، وارتعَدتُ
ورُغمَ خوفي لستُ أُصدّقُ
فالطّبيعةُ أيضًا تُقنعني
أنّ العذارى لا تَلِدنَ"
ملاك
"هكذا شاءَ حُبّ الآبِ
أن في البتوليّة تلدين ابنًا
فاهْدأي إذًا وصدّقي
أنّ مشيئة الآبِ لا تُعصى"
مريم
"منظَرُكَ وَقورٌ وطبعُكَ مخيفٌ
ولهيبُكَ يتّقِدُ
وشخصُ سيّدكَ لا يُسبرُ
وصعبٌ عليّ أن أُصدّقَ"
ملاك
"قد جلبتُ إليكِ بُشرى سارّةً
وأظهرتُ أنّكِ ستلدين ربّكِ
فاشكُري يا صبيّةُ مَن أهّلكِ
لأن تكوني أُمّ الذي خلقكِ (7) "
مريم
"طفلةٌ أنا ولستُ أقدرُ
أن أقبلَ (كلامكَ) يا رجلَ النّارِ
إذ هو خفيٌّ ما تقولُ
وصعبٌ عليّ أن أفهمه"
ملاك
"اليومَ قد صارَ الرّجاءُ لآدمَ
إذ بكِ ارتضى سيّدُ الكُلّ
أن ينزلَ ليفُكّ قيودهُ ويحرّرهُ
فاقبلي كلماتي وكوني شاكرةً"
مريم
"قد ذُهلتُ اليومَ وتعجّبتُ
بكُلّ الكلمات التي قُلتها لي
وخائفَةٌ يا سيّدُ أن أُصدّقكَ
لعلّ بين كلماتِكَ غِشًّا"
ملاك
"حينما أُرسِلت لأُبشِّرَكِ
سمِعتُ سلامًا جلبته لكِ
فصادِقٌ هو السيّد إذ هكذا شاءَ
أن مِنكِ سوف يُشرقُ على العالَم"
مريم
"كلماتُكَ كلّها تجعَلُني أعجَبُ
فعفوًا سيّدي لا تَلُمني
إذ لا يظهَرُ في البتولِ طِفلاً
وأنا ما عرفتُ بعد زواجًا"
ملاك
"قد جاءَ إليكِ فلا تخافي
وحلَّ في حشاكِ فلا تسألي
يا مليئةً طوبى رنّمي مجدًا
للذي حَسُنَ لديه أن يظهَر منكِ"
مريم
"ما عرفني قبلاً يا سيّدي رجلٌ
وأنا ما تزوّجتُ بعدُ
فكيف يكون إذًا كما قُلتَ
أن مِن دون زواجٍ يكون طفلاً؟"
ملاك
"قد أُرسِلت من عند الآب لأجلُب لكِ
بشارةً دفعهُ حبّه إليها
أن ابنُهُ يحلّ في حشاكِ
والرّوح القُدس يحلّ عليكِ"
مريم
"إذًا أيّها الملاكُ لستُ أعترضُ
إن كان الروح القُدس يأتي إليّ
فآمَتهُ أنا وهو سيّدي
فليكُن لي يا سيّدُ بحسبِ كلمتكَ (8) "
ملاك
"فليرتَفِع رأسكِ يا صبيّةُ
وليفرح قلبُكِ يا بتولُ
فالسّماءُ العليا بكِ تُسَرُّ
والأرضُ بابنِك تنالُ الأمانَ"
مريم
"فليرتفع رأسي يا سيّدُ كما قلتَ أنت
وأعترفَ باسمهِ بابتهاجًا
فإن كنتَ، أنت عبدهُ، بهيًّا هكذا
فهل لهُ مِن شبيهٍ هو؟ هل تعرِفُ؟"
ملاك
"صفوفُ الملائكةِ لا تَقدِرُ
مِن رهبته أن تنظُر إليه
وفي لهيبِ أبيهِ مُحتَجِبٌ
والجموعُ (السماويّة) منه ترتَعدُ"
مريم
"قد أخفتني الآن جدًّا
فإن كان لهيبًا هو كما قُلتَ
فكيف إذًا يسلَمُ حشاي
مِن اللهيب الذي يحلُّ فيه"
ملاك
"إنّ حشاكِ مملوءُ قداسةً
ومختومٌ بالأُلوهةِ الخفيّة (9)
والمكانُ المقدّس حبيبٌ جدًّا
على قلب الله كي يظهرُ منه"
مريم
"أيُّها الملاكُ أخبِرني لماذا حَسُنَ
لدى سيِّدِكَ أن يَحِلَّ في الفقيرةِ
فها بناتُ الملوكِ مِلءُ العالمِ
فلماذا ارتضاني أنا المُعدمةَ؟"
ملاك
"سهلٌ عليهِ أن يحلّ في غنيّةٍ
أنّما قد احبّ فِقركِ
ليكون للفقراءِ صديقًا
ويُغنيهِم ساعة يُعتلَنُ"
مريم
"فسِّر لي يا سيّد إن كنت تَعلمُ
متى يشاءُ أن ياتي إليّ؟
أخبِرني إن كلهبٍ سيظهَرُ لي
ساعةَ يحلُّ فيّ كما قُلتَ؟"
ملاك
"قد شاء وأتى وها هو حالٌّ فيكِ
ولِئلاّ يُخيفكِ لم تَشعري به
ولست أجسر أنا أن أنظر إليكِ
يا مليئةً نارًا ولستِ تحترقين (10)"
مريم
"أُريد أيضًا أن أسألكَ
إشرح لي أيضًا عن طبائع إبني
الذي حلَّ فيَّ، فلستُ أعرفُ
ماذا أصنعُ لهُ لِئلاّ أُنقّص من كرامته"
ملاك
" "قدّوسٌ قدّوسٌ قدّوسٌ" إهتفي لهُ
فطغماتنا ليست تضيف شيئًا آخرَ
وليس لنا قدّوسٌ آخرُ
إلاّ ابنُكِ لنقول لهُ قدّوسٌ"
مريم
"قدّوسٌ وممجّدٌ ومباركٌ اسمُهُ
إذ نظرَ إلى تواضعِ آمتهِ
فلهذا سوف تطوّبني
جميعُ قبائل المسكونة (11)"
ملاك
"العُلى والعُمق له تُرتّلان،
الملائكةُ والبشر إيّاه يسبّحون
إذ قد نزل وحلّ في البتولِ
ليجدّد كلّ شيء هو سيّد الكلّ"
مريم
"حنانه عظيمٌ وليس يُقاسُ
وبالشّفتَين ليس يوصفُ
الذي لا تَسَعهُ أعالي السّماواتِ
قد كفاه على الأرضِ حشا السُّفليّة"
ملاك
"تباركهُ السماواتُ والأرضُ
والملاكُ أيضًا والبتولُ
وبَنو لبشر كلّهم يقدّسونه
إذ نزل بحُبّه وصار بشرًا"
مريم
"السّماء والملائكة يشكرون في العُلى
والأرض تبتهجُ بالبتولِ
وبفرحٍ يتلو الجانبان
المجدَ لابنِ سيّدهم"
ملاك
"كِلا الجانبين يختلطان
الملائكةُ والبشر يسبّحون
الإبنَ الّذي أمّن بينهم
وقَد كانوا غاضبين ومستائين"
مريم
"تشكركَ يا ربّ الطّغماتُ
وملائكةُ النّار اللامَنظورةُ
وبواسطة أفواهِ العالمِ
ترتّل الأرض لكَ التّمجيدَ"
----------------------------------------------------------
1 نوع أدبيّ سريانيّ قديم ورائج يقوم على سرد طويل وحوار بين شخصيّتين حقيقيّتين أو رمزيتيّن، استعمله الشعراء الكنسيّون السريان لإيصال التعاليم الصحيحة بقالب شعريّ عاميّ. هذا النوع الأدبيّ لا يخلو أحيانًا من السرد المملّ والإعادة للفكرة نفسها، بهدف الإحاطة بالفكرة من جميع نواحيها. نجد اليوم في الليتورجيّات السريانيّة، وخاصّة الشرقيّة منها، عدّة قصائد من هذا النوع كالحوار بين السماء والكنيسة، أو بين ميخائيل والّلصّ اليمين. وفي الأناشيد النصيبيّة التي كتبها أفرام نجد حوارًا مماثلاً بين الموت والصوم.
2 في بعض المخطوطات: لتغدقي.
3 يشدّد أفرام على أنّ تردّد مريم أمام الملاك سببه طاعتها ورفضها الوقوع في خطيئة أمّها حوّاء، وما ذلك إلاّ ليظهر شخص مريم، حوّاء الجديدة، التي تتمّم ما وجب على حوّاء القديمة تتميمه. وبدل حوّاء التي عصت وصيّة الربّ وسمعت همس الموت من فم الحيّة فأورثت بنيها الموت، جاءت مريم تسمع بشرى الحياة من فم جبرائيل وتحمل حياة وتهبها لبنيها لتصبح الأمّ الجديدة وأمّ الحياة.
4 إشارة إلى شجرة معرفة الخير والشرّ التي أرادت حوّاء قطفها كيما تنال الألوهة. ومريم تقول إنّه يستحيل أن يخرج من الشجرة إلهة ومن العذراء طفل، إلاّ أنّ إرادة الله شاءت أن يتجسّد المسيح من الصبيّة ليضحي ثمرة الحياة التي تعطي الألوهة لحوّاء ونسلها.
5 في حبل العذراء الفريد لا يقدر ناموس الطبيعة على الفهم، فأفرام يردّد دومًا الكلام على أهميّة الإيمان وعجز العقل من دون النعمة الإلهيّة عن فهم مخطّط الله.
6 فكرة سوف تتوالى أيضًا غير مرّة؛ فإزاء عجز العقل عن فهم هذا الحدث الفريد يتجلّى دور الإيمان. إنّ أفرام لا يبتغي إظهار حيرة العذراء وتردّدها بل يريد إيصال رسالته بوجوب وضع حدّ للعلم والعمل العقليّ في إدراك أسرار الله. ترداد يميّز هذا النوع الأدبيّ.
7 يظهر بوضوح وعي أفرام لأمومة العذراء لكلتا الطبيعتين الإلهيّة والإنسانيّة في المسيح، وإدراكه للعذراء ال theotokos أي والدة الله، الذي سيعطى لاحقًا لها في مجمع أفسس سنة 431 كردّ على نسطور القائل بأمومة مريم للمسيح الإنسان فقط.
8 راجع لوقا 1: 34-35؛ نجد بوضوح في هذا المقطع المفهوم الذي كان لدى أفرام وهذه الجماعة المسيحيّة السريانيّة الأولى عن دور الروح القدس في فهم أسرار الله. ففقط بالروح القدس فهمت مريم وقبلت أن تكون أمًّا للكلمة المتجسّد. حوار طويل لا يخلو من الترداد المملّ لإظهار عجز العقل عن الوصول إلى حقيقة إلهيّة، وفجأةً، بذكر الروح القدس تتمَ نعم مريم، وينتهي النقاش وكأنّ أفرام ينوّه بطريقة غير مباشرة بأهميّة الروح القدس في إفهامنا الحقائق الإلهيّة.
9 مريم البريئة من وصمة الخطيئة لم يطلها دنس، بل ختمت بالألوهة، وبنعمة من السيّد حفظت نقيّة لتكون مسكنًا لله الحيّ.
10 مريم المتألّهة، باتّحادها بالله وحلوله فيها، أشعّت بالأنوار الإلهيّة حتى أنّ رئيس الملائكة لم يعد قادرًا على التحديق فيها. ونجد إشارة أيضًا إلى مريم علّيقة موسى التي أمسكت بها النار الإلهيّة ولما تحترق.
11 راجع لوقا 1: 48.
Comment