القى القديس هذه العظه للاخوات في دير سوهوفو
ب14/ايلول/1860
إننا مقيمون التذكار المجيد لرفع صليب ربنا المقدس المحيي . يعرف الجميع لماذا لزم رفعه وكيف تم ذلك ولأي هدف تعيّد له الكنيسة المسيحية بهذا القدر من الإجلال تذكرن ذلك كله :بعد أن أُنزل ربًنا يسوع المسيح عن الصليب ووضع في القبر بقي الصليب المعطي الحياة عند الجلجلة ثم رمي مع الصليبين الآخرين في جبّ عميق جدا من موضع الصلب ومع الوقت امتلأ هذا المكان كم شتى النفايات ونسي . وعندما اهتدى قسطنطين الكبير إلى المسيحية عزمت هيلانه أمه في قلبها بناء كنيسة القيامة في موضع القيامة نفسه تم العثور على صليب مخلصنا بإرشاد الهي خاصّ . ورغب الجمهور الغفير الذي حضر في مشاهده الصليب . وأمرت الملكة بالنزول عند رغبة الشعب فرفعه رئيس الكهنة وأراه للجميع . وحادثة إعلاء الصليب أو رفه تتويجا للإعمال السابقة, هي لم يزل يُعيد له وفق رسم الكنيسة المقدسة كعلامة لرحمه الله الخاصّة على كنيسته المقدسة.
فلنشكر الله على عنايته بنا ولنتعلم في الوقت نفسه ما يفترضه علينا هذا الأمر من الواجبات. تذكرن أن كلا منا له صليب عليه أن يحمله استجابةً لدعوه الله إلى إتباعه وينبغي أن يُصلب عليه شأن المسيح نفسه بحسب المثل الذي يعطيه الرسول (بولس 20:2) " مع المسيح صلبت فلا أحيا أنا بل المسيح يحيا فيّ " . بواسطة عزم متحمس على العيش بحسب روح الله . وهو مكّون من استعدادات قلبية مختلفة , تنشا وتجري في الحياة’ المسيحية وكما أن خلاص العالم هو بصليب الإله كذلك خلاصنا بانصلابنا على صليبنا الخاص . لكن كما رمي صليب ربنا الواهب الحياة في حفرة وطمر بالنفايات , كذلك يمكننا أن ننبذ صليبنا ونغطيه بإهمالنا وعدم اكتراثنا . إذاك نُلقي أنفسنا لا بين الخالصين بل بين الهالكين . من هنا علينا أن نفهم جيدا ماهية صلينا لكي نتعلم علم اليقين إن كان منتصبا في قلبنا شامخا أو مقصيا عنه مرميا وان كنا نتبع المسيح بصليبنا أو قد خرجنا عن هذه الطريق ونفضنا عنا نير المسيح الصالح وبتنا نهيم على وجهنا غير عالمين إلى أين ولا إلامَ نسعى .
اللواتي قدر الله لي أن أعيد معكن لرفع صليبه الكريم اليوم وإن صليبكن الصليب ألرهباني لشبيه بالصلبان المسيحية العادية إلا أن له بنيه خاصة وبعض الميزات الخاصة في بعض أجزائه . لئن كان أثقل بقليل أو بكثير إلا انه لهذا السبب عينه أوفر ثمرا . وإذا كانت الحياة من شجره الصليب تصدر عامه فإن مجاري الحياة الغزيرة من تحت الصليب ألرهباني .
لن أتبسط طويلا في الشرح وإنما اكتفي بالاشاره إلى تلك المشاعر والاستعدادات التي من دونها لا تستطعن أن تخطون خطوه واحده في الرهبنة ومن دونها يستحيل العيش رهبانيا في الدير بل من دونها لا تعود الرهبنة حياة رهبانيّّة بل حياه عاديه داخل أسوار الدير فأنصتن !
الجزء الأدنى من الصليب ذاك الذي بغوص في باطن الأرض يمثل من الصليب الداخليّ إنكار الذات الذي يشق أرض القلب ويغرس الصليب إنكار الذات معناه أن يعامل الإنسان نفسه كما يعامل الآخرون أولئك الذين ينبذونهم وفي الحياة الرهبانية يتخذ هذا النشاط وجها جديداً هو أماته الذات عن العالم بأسره الراهب إذاً أشبه بالميت الدفين في الثرى أسوار الدير قبره وأكفانه الأثواب يترك كل ما في خارج أسوار الدير ولا يعود له علاقة بأي كان .غريب عن كل شئ وكل شئ غريب عنه حتى ليتم فيه قول الرسول " صلب العالم لي وانأ صُلبتُ للعالم " إن من بلغ هذه الحال قد وضع أساسا متينا لصليبه الداخلي وحياته الرهبانية .
والجزء الأعلى من الصليب الداخلي واعني بهذا الجزء الذي يتجه صعودا وينتصب مستويا ويمتد فارغا فهو يمثل الصبر واعني توطيد النية في ما عزمتن عليه بحيث لا تزعزعكن العوائق وعدم الرضى ومشقه الجهاد . من دون الصبر لا احد يثابر على عمل الصلاح فما حال الراهب في ديره ؟ أن الصبر للعلماني هو الثبات في احتمال شتى الجهادات لإتمام واجبه أما للراهب فهو علاوة على ذلك الثبات في المحافظة على رتبته ومكانته ولذلك تغدو كل خطوه ممارسه الصبر ووحده من أمات نفسه عن العالم يستطيع أن يتحمل كما ينبغي كل ما هو مطلوب في هذا المجال .
أما الجزء الأفقي للصليب الداخلي فيمثل الطاعة : إنها حاله ذلك الإنسان الذي لا يبدأ عملا ولا يخطط له من تلقاء نفسه بل يستمع بكل بساطه إلى أوامر الآخرين ويتممها بلا مناقضه . والمطيع أشبه بكره تتدحرج من غير صوت نحو الجهة التي تدفع إليها . يتخلى الإنسان طوعا عن استقلاليته ويسلم نفسه كآله لشخص آخر . يتبع نصيحة آخر أو أوامره , غير معتمد على أفكاره الخاصة وتمنياته . لذلك يكون منفتحا بالكلية . وإذا لم ير الآخرون كل ما في نفسه تراه ينفتح بنفس أمام الذي اختاره هو او الذي عين للاهتمام به حتى لا يبقى فيه أمر رديء متستر تحت قناع الإصلاح .
وألان اجمعن هذه كلها ترين أن الموت عن كل شئ يمنح لنا أن ندخل الدير والصبر يؤمن لنا المكوث فيه والطاعة تشتمل على كل أنشطه ساكنيه ها هو الصليب المثلث الأجزاء الذي تنبع منه الحياة الرهبانية الحقيقة .
هكذا فالصبر يسنده ويحيه الرجاء في أن تعب الرهبنة ليس باطلا وإذا تذوق الرجاء البركات المنتظرة تذوقا مسبقا راح يغذي الصبر ويجعله غير ناقد أن الرجاء يملا القلب من فرح الاقتناء الأكيد لما نحن في انتظاره وهذا الفرح يخفف وطأة جهد الصبر الأليم الذي تولده الجهادات . لهذا يفرح المحتمل ولا يعود يشعر بالألم بقدر ما يتذوق الحلاوة ولو رآه الآخرون في ألم رهيب .
والطاعة تحركها المحبة فالطاعة تخلي الإنسان عن أعماله وأفكاره الخاصة حتى الأعز منها إليه على المرء أن يتمتع بقوه عظيمه ليضبط نفسه ويحرمها تلك الأمور بالطبع يستطيع المرء ان يتجاوز نفسه بقوه الاراده كما ان العزم العنيد ينجح في هذا المجال لكن طالما يعمل هذا العزم بمفرده تشبه اعمال الطاعة خشخشة الأغصان الجافة وحدها المحبه تضفي مرونه سليمة على الطاعه والمحبه استعداد دائم للتضحيه الكامله وليست توفيراً للعمل ولا تحسب حسابا لهدر الوقت والجهود والوسائل فحيث المحبه يسير كل عمل بسهوله ورشاقه وبملء الاراده وحدها الطاعه الناشئه عن المحبه تستطيع ان تلون بالفرح كافه الاعمال التي تولك اليها
أخيرا ان الموت عن العالم يحييه ويسببه الايمان بانه هذا ما ينبغي ان يكون وليس سواه اللهم اذا اراد من يبتغي هذه الحياة ان يحياها كما يجب ويقول لنا الايمان المقدس اننا خلقنا لنحيا في الله ولكننا سقطنا بعيدا عنه في قيود الانانيه ومفاتن الدنيا ولهذا السبب كل من رغب في النهوض من جديد الى الحياه بالله تعين عليه ان يموت عن نفسه وعن العالم وما دام الانسان تحركه رغبه حيه في ما هو خير لنفسه يظل هذا اليقين بحتميه تلك المسيره يغذي الموت عن الامور كلها ويمنح الحياه ولا سيما ان ارتبط بيقين الانسان بان هذا الاستعداد وحده يخوله ان يدنو من المسيح وينهل منه ملء الحياة إذ يشاركه في الصليب
يمكنكم ان ترين ذلك بأنفسكم يا اخواتي ان كانت الفضائل التي ذكرتها جميعا حقا في قلوبكن ّ , فصليبكنّ إذا منتصب مستقيما والا فاعلمن انه دفين المشاعر والاستعدادات السيئه ولن افصّل هذه لانها واضحه من ذاتها لكني لا استطيع الا ان اضيف امنيةً لدي بل طلباً انه اذا وجدتن صليبكن مائلا او واقعا بالكليه او اسوا من ذلك مغطى بغبار ونفاوات من الافكار والشهوات الرديئه هلا تحاولن كسف النقاب عنه وتنظيفه بالتوبه ورفعه وتثبيته في قلوبكن من جديد موطنات النفس على التحلي بالغيره الالهيه حتى الموت لاجل خلاص نفوسكن .
صدقنني انه من دون هذا الصليب لا خلاص ولا حياه روحيه ولا ايه تعزيه في الحياه الرهبانيه ,من غير الصليب لم يخلص احد ولن يخلص وكما دخل الرب مجده بعدما تألم على الصليب كذلك جميع الذين يتبعونه سوف يدخلون في المجد من خلال صليبهم الخاص افترغبن في مشاركه هذا المجد ؟ إذا فاصعدن على الصليب أولا ومن الصليب تدخلن الى السماء آمين .
ب14/ايلول/1860
إننا مقيمون التذكار المجيد لرفع صليب ربنا المقدس المحيي . يعرف الجميع لماذا لزم رفعه وكيف تم ذلك ولأي هدف تعيّد له الكنيسة المسيحية بهذا القدر من الإجلال تذكرن ذلك كله :بعد أن أُنزل ربًنا يسوع المسيح عن الصليب ووضع في القبر بقي الصليب المعطي الحياة عند الجلجلة ثم رمي مع الصليبين الآخرين في جبّ عميق جدا من موضع الصلب ومع الوقت امتلأ هذا المكان كم شتى النفايات ونسي . وعندما اهتدى قسطنطين الكبير إلى المسيحية عزمت هيلانه أمه في قلبها بناء كنيسة القيامة في موضع القيامة نفسه تم العثور على صليب مخلصنا بإرشاد الهي خاصّ . ورغب الجمهور الغفير الذي حضر في مشاهده الصليب . وأمرت الملكة بالنزول عند رغبة الشعب فرفعه رئيس الكهنة وأراه للجميع . وحادثة إعلاء الصليب أو رفه تتويجا للإعمال السابقة, هي لم يزل يُعيد له وفق رسم الكنيسة المقدسة كعلامة لرحمه الله الخاصّة على كنيسته المقدسة.
فلنشكر الله على عنايته بنا ولنتعلم في الوقت نفسه ما يفترضه علينا هذا الأمر من الواجبات. تذكرن أن كلا منا له صليب عليه أن يحمله استجابةً لدعوه الله إلى إتباعه وينبغي أن يُصلب عليه شأن المسيح نفسه بحسب المثل الذي يعطيه الرسول (بولس 20:2) " مع المسيح صلبت فلا أحيا أنا بل المسيح يحيا فيّ " . بواسطة عزم متحمس على العيش بحسب روح الله . وهو مكّون من استعدادات قلبية مختلفة , تنشا وتجري في الحياة’ المسيحية وكما أن خلاص العالم هو بصليب الإله كذلك خلاصنا بانصلابنا على صليبنا الخاص . لكن كما رمي صليب ربنا الواهب الحياة في حفرة وطمر بالنفايات , كذلك يمكننا أن ننبذ صليبنا ونغطيه بإهمالنا وعدم اكتراثنا . إذاك نُلقي أنفسنا لا بين الخالصين بل بين الهالكين . من هنا علينا أن نفهم جيدا ماهية صلينا لكي نتعلم علم اليقين إن كان منتصبا في قلبنا شامخا أو مقصيا عنه مرميا وان كنا نتبع المسيح بصليبنا أو قد خرجنا عن هذه الطريق ونفضنا عنا نير المسيح الصالح وبتنا نهيم على وجهنا غير عالمين إلى أين ولا إلامَ نسعى .
البنية الخارجية للصليب الداخلي :
سوف أوضح بنيه صليبنا الداخلي ولا سيما كيف يتصل بحياتكن الروحية يا أخواتياللواتي قدر الله لي أن أعيد معكن لرفع صليبه الكريم اليوم وإن صليبكن الصليب ألرهباني لشبيه بالصلبان المسيحية العادية إلا أن له بنيه خاصة وبعض الميزات الخاصة في بعض أجزائه . لئن كان أثقل بقليل أو بكثير إلا انه لهذا السبب عينه أوفر ثمرا . وإذا كانت الحياة من شجره الصليب تصدر عامه فإن مجاري الحياة الغزيرة من تحت الصليب ألرهباني .
لن أتبسط طويلا في الشرح وإنما اكتفي بالاشاره إلى تلك المشاعر والاستعدادات التي من دونها لا تستطعن أن تخطون خطوه واحده في الرهبنة ومن دونها يستحيل العيش رهبانيا في الدير بل من دونها لا تعود الرهبنة حياة رهبانيّّة بل حياه عاديه داخل أسوار الدير فأنصتن !
الجزء الأدنى من الصليب ذاك الذي بغوص في باطن الأرض يمثل من الصليب الداخليّ إنكار الذات الذي يشق أرض القلب ويغرس الصليب إنكار الذات معناه أن يعامل الإنسان نفسه كما يعامل الآخرون أولئك الذين ينبذونهم وفي الحياة الرهبانية يتخذ هذا النشاط وجها جديداً هو أماته الذات عن العالم بأسره الراهب إذاً أشبه بالميت الدفين في الثرى أسوار الدير قبره وأكفانه الأثواب يترك كل ما في خارج أسوار الدير ولا يعود له علاقة بأي كان .غريب عن كل شئ وكل شئ غريب عنه حتى ليتم فيه قول الرسول " صلب العالم لي وانأ صُلبتُ للعالم " إن من بلغ هذه الحال قد وضع أساسا متينا لصليبه الداخلي وحياته الرهبانية .
والجزء الأعلى من الصليب الداخلي واعني بهذا الجزء الذي يتجه صعودا وينتصب مستويا ويمتد فارغا فهو يمثل الصبر واعني توطيد النية في ما عزمتن عليه بحيث لا تزعزعكن العوائق وعدم الرضى ومشقه الجهاد . من دون الصبر لا احد يثابر على عمل الصلاح فما حال الراهب في ديره ؟ أن الصبر للعلماني هو الثبات في احتمال شتى الجهادات لإتمام واجبه أما للراهب فهو علاوة على ذلك الثبات في المحافظة على رتبته ومكانته ولذلك تغدو كل خطوه ممارسه الصبر ووحده من أمات نفسه عن العالم يستطيع أن يتحمل كما ينبغي كل ما هو مطلوب في هذا المجال .
أما الجزء الأفقي للصليب الداخلي فيمثل الطاعة : إنها حاله ذلك الإنسان الذي لا يبدأ عملا ولا يخطط له من تلقاء نفسه بل يستمع بكل بساطه إلى أوامر الآخرين ويتممها بلا مناقضه . والمطيع أشبه بكره تتدحرج من غير صوت نحو الجهة التي تدفع إليها . يتخلى الإنسان طوعا عن استقلاليته ويسلم نفسه كآله لشخص آخر . يتبع نصيحة آخر أو أوامره , غير معتمد على أفكاره الخاصة وتمنياته . لذلك يكون منفتحا بالكلية . وإذا لم ير الآخرون كل ما في نفسه تراه ينفتح بنفس أمام الذي اختاره هو او الذي عين للاهتمام به حتى لا يبقى فيه أمر رديء متستر تحت قناع الإصلاح .
وألان اجمعن هذه كلها ترين أن الموت عن كل شئ يمنح لنا أن ندخل الدير والصبر يؤمن لنا المكوث فيه والطاعة تشتمل على كل أنشطه ساكنيه ها هو الصليب المثلث الأجزاء الذي تنبع منه الحياة الرهبانية الحقيقة .
البنية الداخلية للصليب الداخلي :
رُب سائل , " لكن " ما هذه الحياة ؟"انقطاع عن أي رباط وإنكار للمشيئة الذاتية بالطاعة وإلغاء أي شعور تقريبا بواسطة الاحتمال أهذه حياة ؟ ! لكن لا تتوقفن عند الخارج وحسب فهذه الفضائل الرهبانية المذكورة أعلاه لها جميعا بالإضافة إلى الناحية الخارجية القاسية , ناحية داخليه حيه وفرحه من شأنها أن تعد الإنسان للناحية الخارجية أو أن تتولد عنها .هكذا فالصبر يسنده ويحيه الرجاء في أن تعب الرهبنة ليس باطلا وإذا تذوق الرجاء البركات المنتظرة تذوقا مسبقا راح يغذي الصبر ويجعله غير ناقد أن الرجاء يملا القلب من فرح الاقتناء الأكيد لما نحن في انتظاره وهذا الفرح يخفف وطأة جهد الصبر الأليم الذي تولده الجهادات . لهذا يفرح المحتمل ولا يعود يشعر بالألم بقدر ما يتذوق الحلاوة ولو رآه الآخرون في ألم رهيب .
والطاعة تحركها المحبة فالطاعة تخلي الإنسان عن أعماله وأفكاره الخاصة حتى الأعز منها إليه على المرء أن يتمتع بقوه عظيمه ليضبط نفسه ويحرمها تلك الأمور بالطبع يستطيع المرء ان يتجاوز نفسه بقوه الاراده كما ان العزم العنيد ينجح في هذا المجال لكن طالما يعمل هذا العزم بمفرده تشبه اعمال الطاعة خشخشة الأغصان الجافة وحدها المحبه تضفي مرونه سليمة على الطاعه والمحبه استعداد دائم للتضحيه الكامله وليست توفيراً للعمل ولا تحسب حسابا لهدر الوقت والجهود والوسائل فحيث المحبه يسير كل عمل بسهوله ورشاقه وبملء الاراده وحدها الطاعه الناشئه عن المحبه تستطيع ان تلون بالفرح كافه الاعمال التي تولك اليها
أخيرا ان الموت عن العالم يحييه ويسببه الايمان بانه هذا ما ينبغي ان يكون وليس سواه اللهم اذا اراد من يبتغي هذه الحياة ان يحياها كما يجب ويقول لنا الايمان المقدس اننا خلقنا لنحيا في الله ولكننا سقطنا بعيدا عنه في قيود الانانيه ومفاتن الدنيا ولهذا السبب كل من رغب في النهوض من جديد الى الحياه بالله تعين عليه ان يموت عن نفسه وعن العالم وما دام الانسان تحركه رغبه حيه في ما هو خير لنفسه يظل هذا اليقين بحتميه تلك المسيره يغذي الموت عن الامور كلها ويمنح الحياه ولا سيما ان ارتبط بيقين الانسان بان هذا الاستعداد وحده يخوله ان يدنو من المسيح وينهل منه ملء الحياة إذ يشاركه في الصليب
خلاصة :
وهكذا يشكل الايمان وانكار الذات او بالاحرى الموت عن كل شئ قاعده الصليب الداخلي والجزء المنتصب هو الصبر المدعوم بالرجاء فيما ذراعا الصليب هما الطاعة التي تستوحي من المحبة ولو تصورنا الصليب شجره تكون الجذور منها الايمان الذي يفرع اولا انكار الذات والعزم على الزهد بكل الامور والتركيز على عمل وحيد هو خلاص النفس , مع الانسحاب من كل أمر آخر . ومن انكار الذات تتولد المحبه المتأهبه للاصغاء والطاعة . ومن الطاعة او بمحاذاتها ينمو الصبر المكلل بالرجاء الذي يرقى بالانسان الى السماء والى القدس الداخلي خلف الحجاب , كما يقول الرسول فحيث جميع هذه المواقف لا تنتصب شجرة الصليب وحيدة عاريه إنما تتفرّع الى افنان كثيرة من الفضائل المتنوعه فتكتسي بأوراق جمال السيره وتنتج ثمار الاعمال الصالحه بوفره . هناك نلقى نسيان العالم وعاداته , هناك نلقى مكوثا مستمرا في الدير لا يعرف الرحيل هناك محبة الوحده هناك جهاد مصحوب بالصلاة في القلاية والكنيسه هناك الصوم هناك عدم التعب في العمال اليدوي هناك الاستعداد لمساعدة بعضنا بعضاً هناك الغفران المتبادل هناك التشجيع المتبادل في اللاة هناك السلام هناك ضبط العينين واللسان والاذنين وما الى ذلك طوبى لنفس إذا اختلت وجدت هذا كله في قلبها ! هذه هي العلامه البينه ان شجره الصليب نصبت هناك وطيده الأساسات تزخر بقوه داخليه حيه حتى ليمكن ان ندعوها شجره واهب الحياه ليس بشكل عام فحسب بل لذلك القلب نفسه بشكل خاص .يمكنكم ان ترين ذلك بأنفسكم يا اخواتي ان كانت الفضائل التي ذكرتها جميعا حقا في قلوبكن ّ , فصليبكنّ إذا منتصب مستقيما والا فاعلمن انه دفين المشاعر والاستعدادات السيئه ولن افصّل هذه لانها واضحه من ذاتها لكني لا استطيع الا ان اضيف امنيةً لدي بل طلباً انه اذا وجدتن صليبكن مائلا او واقعا بالكليه او اسوا من ذلك مغطى بغبار ونفاوات من الافكار والشهوات الرديئه هلا تحاولن كسف النقاب عنه وتنظيفه بالتوبه ورفعه وتثبيته في قلوبكن من جديد موطنات النفس على التحلي بالغيره الالهيه حتى الموت لاجل خلاص نفوسكن .
صدقنني انه من دون هذا الصليب لا خلاص ولا حياه روحيه ولا ايه تعزيه في الحياه الرهبانيه ,من غير الصليب لم يخلص احد ولن يخلص وكما دخل الرب مجده بعدما تألم على الصليب كذلك جميع الذين يتبعونه سوف يدخلون في المجد من خلال صليبهم الخاص افترغبن في مشاركه هذا المجد ؟ إذا فاصعدن على الصليب أولا ومن الصليب تدخلن الى السماء آمين .
Comment