مخافة الموت
غالبية الناس أيضًا يخافون من الأذى، ومن الموت ومسبباته...
يندر أن يوجد إنسان لا يخاف من الموت. وربما يكون هذا الخوف هو أيضًا خوف من المجهول.
فالموت شيء مجهول، لم يجربه الخائف وكذلك ما وراء الموت شيء مجهول أيضًا.
والإنسان يخاف هذا الموت كيف يموت كيف تخرج روحه من جسمه كل هذه السباب تخيف الكثيرين...
أما الذي يضمن مصيره بعد الموت، فإنه لا يخافه، بل يشتهيه.
وهكذا يقول القديس بولس الرسول: "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدًا" (في1: 23) ولاشك أن اللص اليمين ما كان يخاف الموت، بعد سماعه وعد الرب له: "اليوم تكون معي في الفردوس" (لو23: 43). ولا سمعان الشيخ كان يخاف الموت، لأنه طلبه من الرب: "الآن يا رب تطلق عبدك بسلام حسب قولك، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك" (لو3: 29، 30).
إنما يخاف الموت غير التائب، وغير المستعد له. ويخافه من يحب العالم الحاضر.
وكل هذا يدل على أن في الأمر خطية. حتى إن كان خوف الموت شيئًا طبيعيًا، إلا أن الأسباب التي دعت هنا إلى هذا الخوف، تحمل معنى الخطية.
وبعض القديسين المشهورين بالاتضاع كانوا يخافون الموت قائلين إنهم خطاة.
وخوف الموت إما يجعل الإنسان يستعد له، أو يهرب منه.
الإنسان الروحي يستعد للموت بالتوبة والسلوك في محبة الله، وحينئذ يختفي الخوف منه، يمنحه الله اطمئنانا.
ولكن الشيطان قد يستغل خوف الموت، ليلقي بضحيته في اتجاه عكسي.
يجعله يهرب من الموت، ومن سيرته ومن أخباره، وينهمك في ملاذ الحياة فلا يسمع عن هذا الموضوع المتعب!
وللأسف نجد مرضي في حالة خطيرة وعلى حافة الموت، بينما أقاربهم يبعدون عنهم هذا الاسم المخيف وكذلك أطباؤهم، بأكاذيب، وطمأنة خادعة، ويشغلونهم في أحاديث وسمر ولهو وتسلية، لكي ينسوا.
وهكذا يريحونهم من خوف الموت، إلى أن يدهمهم فجأة بدون استعداد.
أو قد يغري الشيطان ضحيته قائلًا: ما دمت ستموت. تمتع إذن بالدنيا على قدر استطاعتك، قبل أن تتركها. مثال ذلك قول الابيقوريين: "فلنأكل ونشرب لأننا غدًا نموت" (1كو15: 32).
وهكذا نجد الخوف من الموت سلاحًا والبعد عن خوف الموت سلاح آخر.
والشيطان يحارب بالاثنين كليهما فإذا تأكد الإنسان أنه سيموت، قد يحاربه الشيطان بطريقة أخري تمنع عنه التوبة والاستعداد للموت، وهي:
يجعل خوف الموت يشل تفكيره فيحصره في الخوف، وليس في الاستعداد لأبديته.
لا يجعل أمامه سوي رعب الموت، بحيث هو الصورة الوحيدة القائمة أمامه، بكل ما تحوي من ترك الحياة وترك الأحباء وترك الملاذ. وما في هذه الصورة من يأس وألم.. دون التفكير في الأبدية والاستعداد لها.
وفي حالات أخري، قد يتخذ الشيطان خوف الموت، ليلقي بالإنسان في خطايا مميتة، كإنكار الإيمان مثلًا.
وهنا نقول إن الشهداء والمعترفين ما كانوا يخافون الموت إطلاقًا، بل كانوا يشتهونه ليصلوا إلى الحياة الأفضل، في عشرة الله وملائكته وقديسيه.
إن محبة الأبدية، تنجي القلب من خوف الموت، وتعطيه روح الاستعداد.
الحديث عن الأبدية، وعن أورشليم السمائية، وعن القيامة الممجدة والحياة بالروح.. كلها من الموضوعات الجميلة التي يلزم لأولاد الله أن يتأملوها، ويتركوا تأثيرها يتعمق في قلوبهم وفي أفكارهم وأحاسيسهم.
الذي يخاف الموت، يخاف العدوى والجراثيم، وضعف الصحة. وقد يحاول الوقاية من كل هذه السلبيات بطريقة مرضية أيضًا قوامها الخوف الزائد عن الحد، الذي يشك في كل شيء..
وقد يتخذ الشيطان خوف المرض، ليلقي بالإنسان، في ملاذ الحياة..
في الأكل والشرب والمقويات، حتى تتحسن صحته... وفي الرياضة وتغيير الجو وعدم حمل الهموم، والتخفيف من العمل، من النشاط الزائد والكد والجهد.. بطريقة مبالغة جدًا، وخائفة جدًا، حتى يهمل ضروريات روحية هامة، ويهمل الإخلاص لواجبه، ويبتعد عن زيارة المرضي. وتصبح صحة الجسد هي هدفه، وليس نشاط الروح..!
على أن المرض ليس هو السبب الوحيد للموت. فقد يموت الإنسان نتيجة لشجاعته وبسالته، كالجندي مثلًا...
فإذا زحف خوف الموت إلى قلب إنسان، قد يسلبه الشجاعة والجرأة ويحوله إلى مخلوق جبان، مهلهل النفسية، ينتزع الخوف منه كل مقومات الشخصية. ولذلك حسنًا قال القديس أوغسطينوس:
[جلست على قمة العالم، حينما أحسست في نفسي أني لا أخاف شيئًا ولا أشتهي شيئًا].
وهذه النقطة تنقلنا إلى عنصر آخر من عناصر الخوف وهو: الخوف من الناس
غالبية الناس أيضًا يخافون من الأذى، ومن الموت ومسبباته...
يندر أن يوجد إنسان لا يخاف من الموت. وربما يكون هذا الخوف هو أيضًا خوف من المجهول.
فالموت شيء مجهول، لم يجربه الخائف وكذلك ما وراء الموت شيء مجهول أيضًا.
والإنسان يخاف هذا الموت كيف يموت كيف تخرج روحه من جسمه كل هذه السباب تخيف الكثيرين...
أما الذي يضمن مصيره بعد الموت، فإنه لا يخافه، بل يشتهيه.
وهكذا يقول القديس بولس الرسول: "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدًا" (في1: 23) ولاشك أن اللص اليمين ما كان يخاف الموت، بعد سماعه وعد الرب له: "اليوم تكون معي في الفردوس" (لو23: 43). ولا سمعان الشيخ كان يخاف الموت، لأنه طلبه من الرب: "الآن يا رب تطلق عبدك بسلام حسب قولك، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك" (لو3: 29، 30).
إنما يخاف الموت غير التائب، وغير المستعد له. ويخافه من يحب العالم الحاضر.
وكل هذا يدل على أن في الأمر خطية. حتى إن كان خوف الموت شيئًا طبيعيًا، إلا أن الأسباب التي دعت هنا إلى هذا الخوف، تحمل معنى الخطية.
وبعض القديسين المشهورين بالاتضاع كانوا يخافون الموت قائلين إنهم خطاة.
وخوف الموت إما يجعل الإنسان يستعد له، أو يهرب منه.
الإنسان الروحي يستعد للموت بالتوبة والسلوك في محبة الله، وحينئذ يختفي الخوف منه، يمنحه الله اطمئنانا.
ولكن الشيطان قد يستغل خوف الموت، ليلقي بضحيته في اتجاه عكسي.
يجعله يهرب من الموت، ومن سيرته ومن أخباره، وينهمك في ملاذ الحياة فلا يسمع عن هذا الموضوع المتعب!
وللأسف نجد مرضي في حالة خطيرة وعلى حافة الموت، بينما أقاربهم يبعدون عنهم هذا الاسم المخيف وكذلك أطباؤهم، بأكاذيب، وطمأنة خادعة، ويشغلونهم في أحاديث وسمر ولهو وتسلية، لكي ينسوا.
وهكذا يريحونهم من خوف الموت، إلى أن يدهمهم فجأة بدون استعداد.
أو قد يغري الشيطان ضحيته قائلًا: ما دمت ستموت. تمتع إذن بالدنيا على قدر استطاعتك، قبل أن تتركها. مثال ذلك قول الابيقوريين: "فلنأكل ونشرب لأننا غدًا نموت" (1كو15: 32).
وهكذا نجد الخوف من الموت سلاحًا والبعد عن خوف الموت سلاح آخر.
والشيطان يحارب بالاثنين كليهما فإذا تأكد الإنسان أنه سيموت، قد يحاربه الشيطان بطريقة أخري تمنع عنه التوبة والاستعداد للموت، وهي:
يجعل خوف الموت يشل تفكيره فيحصره في الخوف، وليس في الاستعداد لأبديته.
لا يجعل أمامه سوي رعب الموت، بحيث هو الصورة الوحيدة القائمة أمامه، بكل ما تحوي من ترك الحياة وترك الأحباء وترك الملاذ. وما في هذه الصورة من يأس وألم.. دون التفكير في الأبدية والاستعداد لها.
وفي حالات أخري، قد يتخذ الشيطان خوف الموت، ليلقي بالإنسان في خطايا مميتة، كإنكار الإيمان مثلًا.
وهنا نقول إن الشهداء والمعترفين ما كانوا يخافون الموت إطلاقًا، بل كانوا يشتهونه ليصلوا إلى الحياة الأفضل، في عشرة الله وملائكته وقديسيه.
إن محبة الأبدية، تنجي القلب من خوف الموت، وتعطيه روح الاستعداد.
الحديث عن الأبدية، وعن أورشليم السمائية، وعن القيامة الممجدة والحياة بالروح.. كلها من الموضوعات الجميلة التي يلزم لأولاد الله أن يتأملوها، ويتركوا تأثيرها يتعمق في قلوبهم وفي أفكارهم وأحاسيسهم.
الذي يخاف الموت، يخاف العدوى والجراثيم، وضعف الصحة. وقد يحاول الوقاية من كل هذه السلبيات بطريقة مرضية أيضًا قوامها الخوف الزائد عن الحد، الذي يشك في كل شيء..
وقد يتخذ الشيطان خوف المرض، ليلقي بالإنسان، في ملاذ الحياة..
في الأكل والشرب والمقويات، حتى تتحسن صحته... وفي الرياضة وتغيير الجو وعدم حمل الهموم، والتخفيف من العمل، من النشاط الزائد والكد والجهد.. بطريقة مبالغة جدًا، وخائفة جدًا، حتى يهمل ضروريات روحية هامة، ويهمل الإخلاص لواجبه، ويبتعد عن زيارة المرضي. وتصبح صحة الجسد هي هدفه، وليس نشاط الروح..!
على أن المرض ليس هو السبب الوحيد للموت. فقد يموت الإنسان نتيجة لشجاعته وبسالته، كالجندي مثلًا...
فإذا زحف خوف الموت إلى قلب إنسان، قد يسلبه الشجاعة والجرأة ويحوله إلى مخلوق جبان، مهلهل النفسية، ينتزع الخوف منه كل مقومات الشخصية. ولذلك حسنًا قال القديس أوغسطينوس:
[جلست على قمة العالم، حينما أحسست في نفسي أني لا أخاف شيئًا ولا أشتهي شيئًا].
وهذه النقطة تنقلنا إلى عنصر آخر من عناصر الخوف وهو: الخوف من الناس
كتاب الحروب الروحية لقداسة البابا شنودة الثالث
للامانه منقول
للامانه منقول
Comment