أكيد أن هذا التصريح غريب عجيب لأننا نعرف بأن كل شيء ثنائي فهناك الليل والنهار والنور والظلام والفرح والحزن والابيض والاسود والطويل والقصير والحرية والعبودية والنعمة والخطيئة والرجل والمرأة الجسد والروح المادة الحياة والموت والخير والشر.. صحيح فهذه الاوصاف هي من فئة الأضداد أي لكل ضد ضده.
أما انا فأزعم بأن كل شيء ثالوثي في الحياة وسأبرهن على ذلك:
أولا: الانسان ليس ثنائي مكون من المادة والروح كما كان يقول اليونان بأن "الجسد هو سجن الروح".. بل ثلاثي اذ أنه مكون من العقل والروح والجسد ، والبرهان على ذلك من الانجيل عندما نقرأ بأن يسوع "كان ينمو بالحكمة والنعمة والقامة أمام الله والناس" فالحكمة هي العقل والنعمة هي الروح والقامة هي الجسد. أي أن يسوع كان ينمو نموا متكاملا. وان الوحدة في الانسان عندما يكون الانسجام بين العقل والروح والجسد والا يحدث ما نسميه بانفصام الشخصية.
ثانيا: الشمس هي دائرية الشكل وتشع النور وتعطي الحرارة وهي في نهاية الامر شمس واحدة وليست ثلاثة شموس.
ثالثا: السر الفصحي: مكون من الألم والموت والقيامة اذ أن السيد المسيح مرَّ من آلام النزاع والجلد واكليل الشوك وحمل الصليب والصلب والطعن بالحربة الى الموت اذ اختبر ظلمة القبور ورطوبتها ولكن الكلمة الاخيرة لم تكن للموت بل للحياة والقيامة في اليوم الثالث.
رابعا: الثالوث الفلسطيني الذي لا ينفصل شبيه بالثالوث الفصحي وهو مكون من الاحتلال بما برافقه من ألم السجن والجدار والعزل والفقر والظلم والذي قد يؤدي الى الموت والاستشهاد ولكن النتيجة الحتمية ستكون الحرية والاستقلال. وقد عبر عن هذه الحقيقة الشاعر الفلسطيني بكلمات بسيطة "وسنبلة قمح تموت ستملأ الوادي سنابل" تماما كما قال السيد المسيح "ان حبة الحنطة ان لم تقع في الارض وتمت لا تعطي ثمرا". وقد قال أيضا الاب رفيق خوري بأن الثالوث الفلسطيني مكون من الارض والانسان والزيتون.
خامسا: وهنا نصل الى الثالوث الاقدس في ايماننا المسيحي اذ اننا نؤمن باله واحد من ثلاثة اقانيم متساوين في الجوهر الالهي ومتمايزين في الوظائف والصفات. وهذا لا يعني على الاطلاق بأننا مشركين أو نعبد ثلاثة آله. وهذا لا يعني كما يفهم اخواننا المسلمين بأن الثالوث تناسلي: بأن الله تزوج من امرأة وهي مريم وانجبا ابنا اسمه يسوع، كما الثالوث المصري الذي تكلم عن الاله ايزيس الذي تزوج من الالهة اوزريس وانجبا الاله حورس.. كلا على الاطلاق. بل نتكلم عن علاقة روحية بين الاب والابن والروح القدس اذ أن الاب وظيفته الخلق وصفته الأبوة وأن الابن وظيفته الفداء وصفته البنوة والروح القدس وظيفته الاحياء وصفته الانبثاق.
ولكي نفهم هذه الحقيقة نستطيع أن نأخذ مثل الرجل الواحد الذي يمكن أن يكون زوجا وأبا وابنا بنفس الوقت: فهو زوج بالنسبة لزوجته وهو أب بالنسبة لأبنائه وهو ابن بالنسبة لوالديه، وبالتالي فان صفته ووظيفته تتغير بحسب علاقاته المختلفة بالرغم من أنه يبقى نفسه ولا يتغير فهو ليس ثلاثة اشخاص بل شخص واحد.
وما قلته عن الرجل أقوله أيضا عن الزواج والعائلة:فلكي تكون عائلة واحدة متحدة فيجب أن يكون بين افرادها تناغم وانسجام تام بين الاب والام والاولاد، فالرجل يجب أن يقوم بدور الرجل والزوج والاب؛ والمرأة يجب أن تقوم بدور المرأة والزوجة والام؛ والاولاد أيضا يجب أن يقوموا بدور الأخوة والابناء، وفي الوقت التي تختلط فيه الادوار أو تهمل تدب الفوضى في العائلة التي قد تؤدي الى الانحلال والتشتت.
هذه محاولة لفهم هذا السر العظيم من اسرار ايماننا المسيحي وهي كثيرة ولكن اهمها ثلاثة: سر الثالوث الاقدس، سر التجسد وسر الفداء. وكلمة سر هنا معناها: حقائق ايمانية تفوق ادراكنا العقلي والحسي ولكن لا تتناقض مع عقلنا وحواسنا. فبالنسبة للثالوث الاقدس: كيف يمكن أن يكون الله الها واحدا في ثلاثة اقانيم؟. وبالنسبة لسر التجسد: فكيف يمكن لله وهو روح محض ان يتخذ طبيعة بشرية ويصير واحدا منا؟. أما بالنسبة لسر الفداء: فكيف لله خالق السماء والارض أن يموت وعلى يد الانسان الذي خلقه؟ هذه اسرار تفوق ادراكنا العقلي اي اننا لا نستطيع فهمها بعقلنا المحدود، وتفوق ادراكنا الحسي لانها لا تقع تحت حواسنا البشرية، لذلك فهي بحاجة الى نعمة الايمان لأن الايمان هو عكس العيان، فمتى حصل العيان بطل الايمان.
هناك أعياد كنسيّة لا يمكن فهمها بالعقل المجرّد فهي أسرار إلهيّة، ومن يسبر أسرار الله؟ إنّه لغير مطلوب منّا فهمها بل يكفي الإيمان بها، كما يقول لنا القديس توما الأكويني: "الإيمان وحده يكفي". ومن لا يخطر على باله القصّة الطّريفة الّتي تناقلها التّاريخ لنا عن القدّيس أغسطينس؟ فهو قد أمضى أياماً وليال منشغلاً بالتفكير في حلّ سر الثّالوث الأقدس، محاولا فهمه عقلياً، فخرج إلى الشّاطىء القريب من مدينة قرطاجة الجزائريّة يتنزّه، وإذا بفتى صغير يلعب هناك. هذا الفتى كان قد فتح جورة في الرّمل ويحاول نقل ماء البحر بصدفة صغيرة ليضعها في الجورة - ماذا تفعل؟ سأل أغسطينس الفتى مستغرباً، أريد نقل ماء البحر بهذه الصدفة ووضعه في الجورة الرّمليّة هذه! فانفجر أغسطينس بالضحك على فكرة الفتى الجنونيّة وقال له: أنت تحاول المستحيل، إذ لا يمكن أن تسع هذه الحفرة الصّغيرة كلّ مياه البحر!. فأجابه الطفل أيضا بسخرية: وهل تفتكر أنّك تستطيع وضع أسرار الله العظيمة في عقلك الصّغير؟ من له أذنان سامعتان فليسمع!. فكما قلت، لا يمكن، وأيضا لا ضرورة لفهم أسرار الله بل يكفي الإيمان بها.
أما انا فأزعم بأن كل شيء ثالوثي في الحياة وسأبرهن على ذلك:
أولا: الانسان ليس ثنائي مكون من المادة والروح كما كان يقول اليونان بأن "الجسد هو سجن الروح".. بل ثلاثي اذ أنه مكون من العقل والروح والجسد ، والبرهان على ذلك من الانجيل عندما نقرأ بأن يسوع "كان ينمو بالحكمة والنعمة والقامة أمام الله والناس" فالحكمة هي العقل والنعمة هي الروح والقامة هي الجسد. أي أن يسوع كان ينمو نموا متكاملا. وان الوحدة في الانسان عندما يكون الانسجام بين العقل والروح والجسد والا يحدث ما نسميه بانفصام الشخصية.
ثانيا: الشمس هي دائرية الشكل وتشع النور وتعطي الحرارة وهي في نهاية الامر شمس واحدة وليست ثلاثة شموس.
ثالثا: السر الفصحي: مكون من الألم والموت والقيامة اذ أن السيد المسيح مرَّ من آلام النزاع والجلد واكليل الشوك وحمل الصليب والصلب والطعن بالحربة الى الموت اذ اختبر ظلمة القبور ورطوبتها ولكن الكلمة الاخيرة لم تكن للموت بل للحياة والقيامة في اليوم الثالث.
رابعا: الثالوث الفلسطيني الذي لا ينفصل شبيه بالثالوث الفصحي وهو مكون من الاحتلال بما برافقه من ألم السجن والجدار والعزل والفقر والظلم والذي قد يؤدي الى الموت والاستشهاد ولكن النتيجة الحتمية ستكون الحرية والاستقلال. وقد عبر عن هذه الحقيقة الشاعر الفلسطيني بكلمات بسيطة "وسنبلة قمح تموت ستملأ الوادي سنابل" تماما كما قال السيد المسيح "ان حبة الحنطة ان لم تقع في الارض وتمت لا تعطي ثمرا". وقد قال أيضا الاب رفيق خوري بأن الثالوث الفلسطيني مكون من الارض والانسان والزيتون.
خامسا: وهنا نصل الى الثالوث الاقدس في ايماننا المسيحي اذ اننا نؤمن باله واحد من ثلاثة اقانيم متساوين في الجوهر الالهي ومتمايزين في الوظائف والصفات. وهذا لا يعني على الاطلاق بأننا مشركين أو نعبد ثلاثة آله. وهذا لا يعني كما يفهم اخواننا المسلمين بأن الثالوث تناسلي: بأن الله تزوج من امرأة وهي مريم وانجبا ابنا اسمه يسوع، كما الثالوث المصري الذي تكلم عن الاله ايزيس الذي تزوج من الالهة اوزريس وانجبا الاله حورس.. كلا على الاطلاق. بل نتكلم عن علاقة روحية بين الاب والابن والروح القدس اذ أن الاب وظيفته الخلق وصفته الأبوة وأن الابن وظيفته الفداء وصفته البنوة والروح القدس وظيفته الاحياء وصفته الانبثاق.
ولكي نفهم هذه الحقيقة نستطيع أن نأخذ مثل الرجل الواحد الذي يمكن أن يكون زوجا وأبا وابنا بنفس الوقت: فهو زوج بالنسبة لزوجته وهو أب بالنسبة لأبنائه وهو ابن بالنسبة لوالديه، وبالتالي فان صفته ووظيفته تتغير بحسب علاقاته المختلفة بالرغم من أنه يبقى نفسه ولا يتغير فهو ليس ثلاثة اشخاص بل شخص واحد.
وما قلته عن الرجل أقوله أيضا عن الزواج والعائلة:فلكي تكون عائلة واحدة متحدة فيجب أن يكون بين افرادها تناغم وانسجام تام بين الاب والام والاولاد، فالرجل يجب أن يقوم بدور الرجل والزوج والاب؛ والمرأة يجب أن تقوم بدور المرأة والزوجة والام؛ والاولاد أيضا يجب أن يقوموا بدور الأخوة والابناء، وفي الوقت التي تختلط فيه الادوار أو تهمل تدب الفوضى في العائلة التي قد تؤدي الى الانحلال والتشتت.
هذه محاولة لفهم هذا السر العظيم من اسرار ايماننا المسيحي وهي كثيرة ولكن اهمها ثلاثة: سر الثالوث الاقدس، سر التجسد وسر الفداء. وكلمة سر هنا معناها: حقائق ايمانية تفوق ادراكنا العقلي والحسي ولكن لا تتناقض مع عقلنا وحواسنا. فبالنسبة للثالوث الاقدس: كيف يمكن أن يكون الله الها واحدا في ثلاثة اقانيم؟. وبالنسبة لسر التجسد: فكيف يمكن لله وهو روح محض ان يتخذ طبيعة بشرية ويصير واحدا منا؟. أما بالنسبة لسر الفداء: فكيف لله خالق السماء والارض أن يموت وعلى يد الانسان الذي خلقه؟ هذه اسرار تفوق ادراكنا العقلي اي اننا لا نستطيع فهمها بعقلنا المحدود، وتفوق ادراكنا الحسي لانها لا تقع تحت حواسنا البشرية، لذلك فهي بحاجة الى نعمة الايمان لأن الايمان هو عكس العيان، فمتى حصل العيان بطل الايمان.
هناك أعياد كنسيّة لا يمكن فهمها بالعقل المجرّد فهي أسرار إلهيّة، ومن يسبر أسرار الله؟ إنّه لغير مطلوب منّا فهمها بل يكفي الإيمان بها، كما يقول لنا القديس توما الأكويني: "الإيمان وحده يكفي". ومن لا يخطر على باله القصّة الطّريفة الّتي تناقلها التّاريخ لنا عن القدّيس أغسطينس؟ فهو قد أمضى أياماً وليال منشغلاً بالتفكير في حلّ سر الثّالوث الأقدس، محاولا فهمه عقلياً، فخرج إلى الشّاطىء القريب من مدينة قرطاجة الجزائريّة يتنزّه، وإذا بفتى صغير يلعب هناك. هذا الفتى كان قد فتح جورة في الرّمل ويحاول نقل ماء البحر بصدفة صغيرة ليضعها في الجورة - ماذا تفعل؟ سأل أغسطينس الفتى مستغرباً، أريد نقل ماء البحر بهذه الصدفة ووضعه في الجورة الرّمليّة هذه! فانفجر أغسطينس بالضحك على فكرة الفتى الجنونيّة وقال له: أنت تحاول المستحيل، إذ لا يمكن أن تسع هذه الحفرة الصّغيرة كلّ مياه البحر!. فأجابه الطفل أيضا بسخرية: وهل تفتكر أنّك تستطيع وضع أسرار الله العظيمة في عقلك الصّغير؟ من له أذنان سامعتان فليسمع!. فكما قلت، لا يمكن، وأيضا لا ضرورة لفهم أسرار الله بل يكفي الإيمان بها.
الأب رائد ابو ساحلية
Comment