أين أنتَ يا يسوع؟
سؤالٌ لا ننفكُ نطرحهُ في معظم لحظاتِ حياتنا، نسألهُ دائماً وننتظر الجواب أن يأتينا على لسان أشخاص، أو بحدثٍ حسيٍ ملموس.. وقد يبلغُ الأمرُ فينا حدّ التحدي بقولنا "إن كنتَ موجوداً فأظهر لي نفسك"!! نعم هذه حالُ معظمنا، ننتظرُه ولا نبحث عنهُ، نريدهُ وننتظر من الغير أن يأتينا بما يرشدنا الى مكانهِ. فحالنا هنا كحالِ أُمٍ فقدت طفلها، وتنتظرُ ان يعودَ إليها، أو يرشدها الناسُ الى مكانِ وجودهِ!! بينما هيّ جالسةٌ تندبُ حالها، تشكي أمرها للغير، وتساورها الشكوكُ عن حقيقة وجودهِ أو لقائه مجدداً...
كيفَ السبيل إلى لقياهُ؟
يحدثنا الكتاب المقدس في أكثر من حادثةٍ عن أشخاصٍ التقوا بيسوع، وعلى الرغم من اختلاف طريقة اللقاء بهِ من شخصٍ الى آخر إلا أنّ النتيجة واحدة، لقائه والتحدث اليه وخلاص الروح والجسد.. إنّ لقاء يسوع ليست بالتمني فقط وليست بالانغلاق على ذواتنا واستدعائه للمثول أمامنا، إنّ لقائه ليس بهذه السهولة، كما انها ليست بعيدةً عنا، فالسبيل الى لقائه يتطلبُ منا أن نُبادرَ نحنُ للبحثِ عنهُ وفي داخلنا إيمانٌ وثقةٌ بلقياهُ، وعندها سيَظهر لنا وسيكشف لنا عن أن رغبتهُ بلقائنا تفوق رغبتنا. وهنا بعض الاحداث التي تُبين لنا أنّ من يستهوي يسوع سيدرك فعلاً لا فكراً أن يسوع في انتظاره ليحرره من كل القيود الروحية والدنيوية.
النَص الأول: المرأة السامرية (يوحنا 4/7-28)
في همها اليومي التقاها، كلُ همها أن تؤمن الماء، وهناكَ عند البئر التقاها. سألها أن تسقيه ماءً، فاستحضرت أمامهُ كلّ العادات والعداوات التي تُعيقُ تلبيةَ طلبهِ.. بداءّ يكشفُ لها عن حقيقته، طارحاً عليها تساؤلاً عجيباً "لو كنتِ تعرفين عطيّة الله". وبدأ الحوار التاريخي، فلم يكتفي بأن يكشف لها عن حقيقتهِ ويجعلها تعترف بإرادةٍ كُليةٍ عن حقيقتها وضعفها وخطيئتها. ومنذُ تلكَ اللحظة أصبحت السامريةُ شاهدةً ورسولةً للماء الحي. وفي نفسها سؤالٌ كيف يلتقيني من تنتظرهُ أمتنا! ويكشف لي عن ذاتهِ، ويجعلني أعترفُ بحقيقتي، ويُحررني من كلِ قيودي؟؟
النَص الثاني: زكا العشار (لوقا 19/ 1-10)
حِشريةُ زكا لم تتعدّ رغبتهُ في مشاهدة، ولم يكن يعلم بان رغبةَ السيد كانت أبعد من الحشرية، فكافاْ يسوع حشرية زكا بأن يحِلَ ضيفاً على بيتهِ، لقد تحدى زكا كل العوائق التي تحولُ بينهُ وبين لقاء يسوع: زاحمَ الجمع، صعدَ على الجُميزة، سارع لتهيئة بيته للقاء يسوع. والتحدي الأكبر كانَ بأن يتخلى زكا عن خطيئته ويوزِّعَ أمواله وينصِفَ مَنْ ظَلَمَ، نعم من مُبادرةٍ ولو من باب الحشرية، إلى خلاصٍ أبدي "اليوم حدث الخلاص لهذا البيت". هل نحن على استعداد لتحدي ضعفنا وعجزنا، هل نملك الرغبة الحقيقة بأن نحبهُ ونستهويه لننال الخلاص.
النص الثالث: شفاء الأعمى (مرقس 10/ 46-52)
كم كانت العوائق كبيرةٌ امام هذا الرجل للقاء يسوع، زحامٌ شديد، أصواتٌ متداخلة متعالية ومنها من يحاول منعهُ عن مناجاة يسوع (يا اَبنَ داودَ، اَرحَمني!)، ورغم كل ذلكَ نجدهُ يتناسى نعمة البصر المفقودة، ليطلق العنان لإيمان البصيرة، في الحقيقة، أعمى أريحا كان مبصراً بإيمانه، هذا ما أراد قوله الرّبّ بعبارة "إيمانك شفاك". ألأعمى رأى يسوع بإيمانه ولذلك أعطاه الرّبّ البصر بعيونه. وأدرك يسوع أنّ الأعمى مبصر، عندما بدأ يصرخ: "يا ابن داوود، ارحمني". لم يقل له "يا يسوع النّاصري"، والفرق كبير بين الاثنين. فهذا الأعمى مدرك تماماً لما يقول، ويعترف أنّ يسوع هو مخلّصه، أنّه المسيح الملك، المرسل من الله والّذي يحمل الرّحمة الإلهيّة.
دعوا المسيح يستهويكم... فأكثر من أحبّهم يسوع هم الخطأة والمساكين، فقراء كانوا أم أغنياء. لا يحقد على الخاطئين بل يحبهم بقدر غضبه من خطيئتهم. لقد أحبّ النّفوس المسكينة المسجونة في الظلمة، المشتاقة إلى النّور. اندفع نحوها بطبيعة الإله المتأنّس الفائق الحبّ شافيًا منها الجسد والروح. لقد حَضَنَ تلك النّفوس الّتي قبِلت أن تضع خطاياها، هفواتها ودنسها، في نور الله، آتية كما هي، بضعفها ودموع توبتها، بصفاء نواياها مستودعة قلوبها أمامه كي يطهّرها. هذا هو حبّ الله الصّادق لتلك النّفوس.
حكمت ميشيل بدر
سؤالٌ لا ننفكُ نطرحهُ في معظم لحظاتِ حياتنا، نسألهُ دائماً وننتظر الجواب أن يأتينا على لسان أشخاص، أو بحدثٍ حسيٍ ملموس.. وقد يبلغُ الأمرُ فينا حدّ التحدي بقولنا "إن كنتَ موجوداً فأظهر لي نفسك"!! نعم هذه حالُ معظمنا، ننتظرُه ولا نبحث عنهُ، نريدهُ وننتظر من الغير أن يأتينا بما يرشدنا الى مكانهِ. فحالنا هنا كحالِ أُمٍ فقدت طفلها، وتنتظرُ ان يعودَ إليها، أو يرشدها الناسُ الى مكانِ وجودهِ!! بينما هيّ جالسةٌ تندبُ حالها، تشكي أمرها للغير، وتساورها الشكوكُ عن حقيقة وجودهِ أو لقائه مجدداً...
كيفَ السبيل إلى لقياهُ؟
يحدثنا الكتاب المقدس في أكثر من حادثةٍ عن أشخاصٍ التقوا بيسوع، وعلى الرغم من اختلاف طريقة اللقاء بهِ من شخصٍ الى آخر إلا أنّ النتيجة واحدة، لقائه والتحدث اليه وخلاص الروح والجسد.. إنّ لقاء يسوع ليست بالتمني فقط وليست بالانغلاق على ذواتنا واستدعائه للمثول أمامنا، إنّ لقائه ليس بهذه السهولة، كما انها ليست بعيدةً عنا، فالسبيل الى لقائه يتطلبُ منا أن نُبادرَ نحنُ للبحثِ عنهُ وفي داخلنا إيمانٌ وثقةٌ بلقياهُ، وعندها سيَظهر لنا وسيكشف لنا عن أن رغبتهُ بلقائنا تفوق رغبتنا. وهنا بعض الاحداث التي تُبين لنا أنّ من يستهوي يسوع سيدرك فعلاً لا فكراً أن يسوع في انتظاره ليحرره من كل القيود الروحية والدنيوية.
النَص الأول: المرأة السامرية (يوحنا 4/7-28)
في همها اليومي التقاها، كلُ همها أن تؤمن الماء، وهناكَ عند البئر التقاها. سألها أن تسقيه ماءً، فاستحضرت أمامهُ كلّ العادات والعداوات التي تُعيقُ تلبيةَ طلبهِ.. بداءّ يكشفُ لها عن حقيقته، طارحاً عليها تساؤلاً عجيباً "لو كنتِ تعرفين عطيّة الله". وبدأ الحوار التاريخي، فلم يكتفي بأن يكشف لها عن حقيقتهِ ويجعلها تعترف بإرادةٍ كُليةٍ عن حقيقتها وضعفها وخطيئتها. ومنذُ تلكَ اللحظة أصبحت السامريةُ شاهدةً ورسولةً للماء الحي. وفي نفسها سؤالٌ كيف يلتقيني من تنتظرهُ أمتنا! ويكشف لي عن ذاتهِ، ويجعلني أعترفُ بحقيقتي، ويُحررني من كلِ قيودي؟؟
النَص الثاني: زكا العشار (لوقا 19/ 1-10)
حِشريةُ زكا لم تتعدّ رغبتهُ في مشاهدة، ولم يكن يعلم بان رغبةَ السيد كانت أبعد من الحشرية، فكافاْ يسوع حشرية زكا بأن يحِلَ ضيفاً على بيتهِ، لقد تحدى زكا كل العوائق التي تحولُ بينهُ وبين لقاء يسوع: زاحمَ الجمع، صعدَ على الجُميزة، سارع لتهيئة بيته للقاء يسوع. والتحدي الأكبر كانَ بأن يتخلى زكا عن خطيئته ويوزِّعَ أمواله وينصِفَ مَنْ ظَلَمَ، نعم من مُبادرةٍ ولو من باب الحشرية، إلى خلاصٍ أبدي "اليوم حدث الخلاص لهذا البيت". هل نحن على استعداد لتحدي ضعفنا وعجزنا، هل نملك الرغبة الحقيقة بأن نحبهُ ونستهويه لننال الخلاص.
النص الثالث: شفاء الأعمى (مرقس 10/ 46-52)
كم كانت العوائق كبيرةٌ امام هذا الرجل للقاء يسوع، زحامٌ شديد، أصواتٌ متداخلة متعالية ومنها من يحاول منعهُ عن مناجاة يسوع (يا اَبنَ داودَ، اَرحَمني!)، ورغم كل ذلكَ نجدهُ يتناسى نعمة البصر المفقودة، ليطلق العنان لإيمان البصيرة، في الحقيقة، أعمى أريحا كان مبصراً بإيمانه، هذا ما أراد قوله الرّبّ بعبارة "إيمانك شفاك". ألأعمى رأى يسوع بإيمانه ولذلك أعطاه الرّبّ البصر بعيونه. وأدرك يسوع أنّ الأعمى مبصر، عندما بدأ يصرخ: "يا ابن داوود، ارحمني". لم يقل له "يا يسوع النّاصري"، والفرق كبير بين الاثنين. فهذا الأعمى مدرك تماماً لما يقول، ويعترف أنّ يسوع هو مخلّصه، أنّه المسيح الملك، المرسل من الله والّذي يحمل الرّحمة الإلهيّة.
دعوا المسيح يستهويكم... فأكثر من أحبّهم يسوع هم الخطأة والمساكين، فقراء كانوا أم أغنياء. لا يحقد على الخاطئين بل يحبهم بقدر غضبه من خطيئتهم. لقد أحبّ النّفوس المسكينة المسجونة في الظلمة، المشتاقة إلى النّور. اندفع نحوها بطبيعة الإله المتأنّس الفائق الحبّ شافيًا منها الجسد والروح. لقد حَضَنَ تلك النّفوس الّتي قبِلت أن تضع خطاياها، هفواتها ودنسها، في نور الله، آتية كما هي، بضعفها ودموع توبتها، بصفاء نواياها مستودعة قلوبها أمامه كي يطهّرها. هذا هو حبّ الله الصّادق لتلك النّفوس.
حكمت ميشيل بدر
Comment