يتمّ في هذه الأيّام انتخاب بطريرك جديد لأشقّائنا الأقباط الأرثوذكس الّذي يحمل لقب "بابا" أو "بطريرك الكرازة المرقسيّة" والخلافة صعبة – وهذا أقلّ ما يمكن أن يقال – بعد مثلّث الرّحمات الانبا شنودة الثّالث المتألّق بعبقريّته ومواهبه الروحانية والإنسانية وحنكة قداسته وما إلى ذلك من مزايا وشيم جعلته يتخطّى المصاعب والتحدّيات والإهانات حتّى التّنحية، مرافقا شعب مصر الحبيب كلّه وليس المسيحيّين فقط وذارفا الدّمع السّخين لما كان يلمّ برعيّته من شدائد ومحن. وكانت الكنيسة القبطيّة متّحدة بكرسي روما الرسوليّ الذي يصفه القديس صفرونيوس بطريرك القدس القدّيس بأنه "بمثابة منارة جميع الكنائس تحت الشّمس" إلى أن استقلّ عنها أي عن روما بقرار أحادي الجانب البطريرك ذيوسقوروس الإسكندري سنة 449 م. وهنالك أيضا كنيسة قبطية كاثوليكية تحافظ على الطقس القبطي واللغة القبطية –التي هي الفرعونية بأحرف يونانية ما خلا سبعة– وهي لسان أهل مصر القديم.
ينتخب الأمريكيّون في هذه الفترة رئيسا لهم وليس سرّا أنّ الولايات المتّحدة –ناهيكم عن مواقفها السياسية المعروفة– منبت معظم البدع التي ابتليت بها حتّى شرائح من فلسطين والأردنّ وسائر بلدان الشّرق الأوسط مع أن هذه الأقطار هي موطن السيد المسيح والسيدة العذراء والرسل والتلاميذ الأوّلين ومع أنها تحوي المقدّسات وتحفظ اللغات القديمة من آرامية وسريانية وقبطية وأرمنية ويونانية ولاتينية وحبشيّة وسواها. ولا شكّ أن شمال أمريكا ولا سيّما الولايات في عصرنا ومنذ ما لا يقلّ عن خمسة قرون هي "أمّ البدع" كما كانت "أرابيا ماتر هيريزياروم" على حدّ قول مؤرّخي الكنيسة. ويأمل المرء بعد سينودس إعادة إعلان الإنجيل الذي انتهت أعماله في حاضرة الفاتيكان أن يعود إلى حضن الكنيسة الأمّ أي الكاثوليكية الجامعة المقدّسة الرسولية وإلى شقيقتها الكنيسة الأرثوذكسية – في الولايات المتحدة وغيرها – كثير من الذين تركوها عن جهل بحسن نيّة، أو عن مصلحة (والمصلحة هنا ضرب آخر من الجهل) ليرجعوا إلى "الكنيسة التي هي بيت الله الحيّ وعمود الحقّ وركنه" (تيموثاوس الأولى 3 : 15).
انطلاقة سنة الإيمان في الأبرشيّات الكاثوليكيّة في الأراضي المقدّسة
انطلقت "سنة الإيمان" بحضور لفيف من الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات وسائر المؤمنات والمؤمنين الفلسطينيين مع عدد من السيّاح يوم الأحد الماضي في مزار "سيّدتنا مريم العذراء سلطانة فلسطين" في دير رافات وهي بلدة هُجّر سكّانها كما هُجّرت جارتها بلدة "صرعا" سنة 1948 مَثَلها مَثَل العشرات بل المئات من المدن والقرى الفلسطينيّة التي إمّا أزيلت عن الوجود (مثل عمواس ويالو وبيت نوبا) أو شُرّد سكّانها ! ومع المسافات والحدود والحواجز ، تضمّ هذه المناسبة وتحضن كل أبناء الأبرشيات الكاثوليكية في فلسطين والأردنّ وجزيرة قبرص. ومزار "سلطانة فلسطين" من تأسيس البطريرك اللاتيني المقدسي لويس برلسينا – المعروف بورعه وغيرته – سنة 1927.
يضيق هنا المقام لتذكير المسيحيّين الفلسطينيين والأردنيين وسواهم بانتمائهم إلى السيّد المسيح والكنيسة والوطن. ولعلّ هذه الأسطر صدى –من غير ادّعاء– لرسالة الأساقفة الكاثوليك الذين سألوا المؤمنات والمؤمنين أن يجدّدوا بالرب إيمانهم وللكنيسة انتماءهم وللوطن.
ومن ناحية إدارات المدارس الكاثوليكية هنالك عزم على التركيز على الإيمان لدى الهيئات التدريسية والطلابية بالتنسيق مع أولياء الأمور.
ويحلو للمرء في هذا المقام أن يدعو إلى انتعاش الإيمان واليقظة من سبات الإلحاد والمادية والدهريّة الذي "خدّر" بعض القوم فصاروا يحسبون المادّة أول اهتماماتهم والمقررة لخياراتهم. وبهذه المناسبة تحزن الكنيسة الرسولية لتوجّه نفر إلى أصحاب الجماعات الدخيلة ولا سيّما الأمريكية طلبا ل "تصاريح عمل" في القدس الشرقية أو أراضي سنة 1948. ويدرك معظم المتوجهين إلى تلك البدع أنها تستطيع استصدار تلك "التصاريح" لأنها "على علاقات طيّبة" (بل ممتازة) مع سلطات عسكرية معيّنة ... ويعرف الكلّ أنّ الكنيسة ترفض الظلم في كل أشكاله ولا سيّما الاحتلال. ويلجأ آخرون إلى تلك الجماعات الحديثة المستحدثة المحدثة سائلين مساعدتها لنيل تأشيرات الهجرة، مع ان الكنيسة الرسولية تقاوم الهجرة وترى في تهجير العرب من ديارهم ولا سيّما المسيحيّين خصوصا في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان ومصر والعراق وسواها أفضل طريقة لاستئصال المسيحيّة من أوطانها الأاصليّة الأولى ولخدمة أعداء هذه الشعوب كلّها والأمّة العربيّة وقضاياها بأسرها.
وإذا تذرّع قوم بالعبارة "أكل عيش يا أفندم" أي أنهم يطلبون رزقهم من تلك الجماعات، فيجدر أن يسأل المرء: هل كلّ المتوجهين إلى تلك الفئات الدخيلة فعلا بحاجة؟ ومن المحزن جدّا أنّ نفرا من العاملين في الكنيسة نفسها – في مدارسنا أو مستشفياتنا أو مستوصفاتنا والقاطنين في إسكاناتنا (التي كلّفت أبرشياتنا وحراسة الأراضي المقدسة للآباء الفرنسيسكان غاليا) – ينكرون الجميل ويتجاهلون أفضال الكنيسة وفضائل خدّامها ويذهبون إلى تلك الفئات إمّا طمعا بثلاثين من الفضّة أو من باب التمرّد. ولا منطق عند بعض البشر الذين يشتغلون ويرتزقون من الكنيسة وهم يعلنون أنها "شيطانية". منطقيا، ليس من المفروض أن "يشرّفهم" العمل فيها، ولكنّهم يبقون "لغاية في نفس يعقوب".
خاتمة
لنقولنّ لله: "يا رب نحن نؤمن، زدنا إيمانا"، وإذا ضعفنا لنقولنّ: "إنني أومن يا رب، أعن قلّة إيماني!".
الأب د. بيتر حنّا مدروس
ينتخب الأمريكيّون في هذه الفترة رئيسا لهم وليس سرّا أنّ الولايات المتّحدة –ناهيكم عن مواقفها السياسية المعروفة– منبت معظم البدع التي ابتليت بها حتّى شرائح من فلسطين والأردنّ وسائر بلدان الشّرق الأوسط مع أن هذه الأقطار هي موطن السيد المسيح والسيدة العذراء والرسل والتلاميذ الأوّلين ومع أنها تحوي المقدّسات وتحفظ اللغات القديمة من آرامية وسريانية وقبطية وأرمنية ويونانية ولاتينية وحبشيّة وسواها. ولا شكّ أن شمال أمريكا ولا سيّما الولايات في عصرنا ومنذ ما لا يقلّ عن خمسة قرون هي "أمّ البدع" كما كانت "أرابيا ماتر هيريزياروم" على حدّ قول مؤرّخي الكنيسة. ويأمل المرء بعد سينودس إعادة إعلان الإنجيل الذي انتهت أعماله في حاضرة الفاتيكان أن يعود إلى حضن الكنيسة الأمّ أي الكاثوليكية الجامعة المقدّسة الرسولية وإلى شقيقتها الكنيسة الأرثوذكسية – في الولايات المتحدة وغيرها – كثير من الذين تركوها عن جهل بحسن نيّة، أو عن مصلحة (والمصلحة هنا ضرب آخر من الجهل) ليرجعوا إلى "الكنيسة التي هي بيت الله الحيّ وعمود الحقّ وركنه" (تيموثاوس الأولى 3 : 15).
انطلاقة سنة الإيمان في الأبرشيّات الكاثوليكيّة في الأراضي المقدّسة
انطلقت "سنة الإيمان" بحضور لفيف من الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات وسائر المؤمنات والمؤمنين الفلسطينيين مع عدد من السيّاح يوم الأحد الماضي في مزار "سيّدتنا مريم العذراء سلطانة فلسطين" في دير رافات وهي بلدة هُجّر سكّانها كما هُجّرت جارتها بلدة "صرعا" سنة 1948 مَثَلها مَثَل العشرات بل المئات من المدن والقرى الفلسطينيّة التي إمّا أزيلت عن الوجود (مثل عمواس ويالو وبيت نوبا) أو شُرّد سكّانها ! ومع المسافات والحدود والحواجز ، تضمّ هذه المناسبة وتحضن كل أبناء الأبرشيات الكاثوليكية في فلسطين والأردنّ وجزيرة قبرص. ومزار "سلطانة فلسطين" من تأسيس البطريرك اللاتيني المقدسي لويس برلسينا – المعروف بورعه وغيرته – سنة 1927.
يضيق هنا المقام لتذكير المسيحيّين الفلسطينيين والأردنيين وسواهم بانتمائهم إلى السيّد المسيح والكنيسة والوطن. ولعلّ هذه الأسطر صدى –من غير ادّعاء– لرسالة الأساقفة الكاثوليك الذين سألوا المؤمنات والمؤمنين أن يجدّدوا بالرب إيمانهم وللكنيسة انتماءهم وللوطن.
ومن ناحية إدارات المدارس الكاثوليكية هنالك عزم على التركيز على الإيمان لدى الهيئات التدريسية والطلابية بالتنسيق مع أولياء الأمور.
ويحلو للمرء في هذا المقام أن يدعو إلى انتعاش الإيمان واليقظة من سبات الإلحاد والمادية والدهريّة الذي "خدّر" بعض القوم فصاروا يحسبون المادّة أول اهتماماتهم والمقررة لخياراتهم. وبهذه المناسبة تحزن الكنيسة الرسولية لتوجّه نفر إلى أصحاب الجماعات الدخيلة ولا سيّما الأمريكية طلبا ل "تصاريح عمل" في القدس الشرقية أو أراضي سنة 1948. ويدرك معظم المتوجهين إلى تلك البدع أنها تستطيع استصدار تلك "التصاريح" لأنها "على علاقات طيّبة" (بل ممتازة) مع سلطات عسكرية معيّنة ... ويعرف الكلّ أنّ الكنيسة ترفض الظلم في كل أشكاله ولا سيّما الاحتلال. ويلجأ آخرون إلى تلك الجماعات الحديثة المستحدثة المحدثة سائلين مساعدتها لنيل تأشيرات الهجرة، مع ان الكنيسة الرسولية تقاوم الهجرة وترى في تهجير العرب من ديارهم ولا سيّما المسيحيّين خصوصا في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان ومصر والعراق وسواها أفضل طريقة لاستئصال المسيحيّة من أوطانها الأاصليّة الأولى ولخدمة أعداء هذه الشعوب كلّها والأمّة العربيّة وقضاياها بأسرها.
وإذا تذرّع قوم بالعبارة "أكل عيش يا أفندم" أي أنهم يطلبون رزقهم من تلك الجماعات، فيجدر أن يسأل المرء: هل كلّ المتوجهين إلى تلك الفئات الدخيلة فعلا بحاجة؟ ومن المحزن جدّا أنّ نفرا من العاملين في الكنيسة نفسها – في مدارسنا أو مستشفياتنا أو مستوصفاتنا والقاطنين في إسكاناتنا (التي كلّفت أبرشياتنا وحراسة الأراضي المقدسة للآباء الفرنسيسكان غاليا) – ينكرون الجميل ويتجاهلون أفضال الكنيسة وفضائل خدّامها ويذهبون إلى تلك الفئات إمّا طمعا بثلاثين من الفضّة أو من باب التمرّد. ولا منطق عند بعض البشر الذين يشتغلون ويرتزقون من الكنيسة وهم يعلنون أنها "شيطانية". منطقيا، ليس من المفروض أن "يشرّفهم" العمل فيها، ولكنّهم يبقون "لغاية في نفس يعقوب".
خاتمة
لنقولنّ لله: "يا رب نحن نؤمن، زدنا إيمانا"، وإذا ضعفنا لنقولنّ: "إنني أومن يا رب، أعن قلّة إيماني!".
الأب د. بيتر حنّا مدروس
Comment