من هو اله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه. لا يحفظ إلى الأبد غضبه فانه يسر بالرأفة. يعود يرحمنا يدوس آثامنا وتطرح في أعماق البحر جميع خطاياهم. (ميخا7: 18-19)
معجبة جداً أنا بهذا الاختراع الذي اسمه الكمبيوتر، علماً أنني بادرته للوهلة الأولى حين تعارفنا بعدائية مقصودة. فبغض النظر عن طاقاته الخدماتية الهائلة ، ودون الخوض الآن في مجال الكم الهائل من الأذى الذي يمكن أن يتأتى من هذه الآلة نفسها، ظللت ولفترة طويلة رافضة لفكرة حلول هذه الآلة مكان القلم والكتاب. ولا أظن الأسباب كانت عقلانية وإنما مجرد صداقة حميمة ربطت بيني وبين القلم والكتاب منذ زمن لا اذكر بدايته، جعلتني دائماً ارفض التخلي عنهما لصالح دخيل كل ما في أمره انه عجائبي القدرة في مضاعفة قيمة الوقت خدمة للفكر البشري وتواصله. ولكن لا بد لي أن اعترف بتقديري الصارخ لخاصة محددة من خصائص هذا الجهاز(الكمبيوتر) عندما يستخدم كآلة كاتبة.
تندرج هذه الخاصة على شاشة الكمبيوتر تحت قائمة التحرير أي في اللغة الإنكليزية: Edit
وهي تسمى :
the undo function
وإذا أردنا ترجمتها إلى العربية بشكل دقيق فهي لا يمكن أن تترجم إلا بهذه العبارة " إرجاع الحالة إلى ما قبل الفعل أو ما قبل حدوث الفعل" أو ربما بتعبير اكثر تبسيطاً كأن شيئاً لم يكن. فأنت عندما تستخدم جهاز الكمبيوتر للكتابة بإمكانك أن تكتب وتمحي في المساحة ذاتها ملايين المرات، وكلما محوت تعود المساحة بيضاء من جديد، لا اثر عليها خلافاً للكتابة على الورق. فأنت إن محيت الكتابة على الورق تركت وراءها ظلاً، وان شطبتها تبقى محتلة مساحة. فإما أن تخسر مساحة الكتابة نقاوتها وتبقى ملوثة بآثار الماضي وإما أن تصير مساحتها الاستيعابية إلى تناقص مستمر.
كم أتمنى أحياناً لو كان في تركيبتنا نحن البشر مثل هذه الخاصة، "إعادة الحالة إلى ما قبل الفعل" ولربما كانت موجودة ولكننا لم نستخدمها قط عن قصد أو سهواً فتآكلها الصدأ. ولو أعاد الناس استكشاف هذه الخاصة فيهم وتأهيلها لعاشوا بسعادة اكبر وحب اكثر وسلام مهما كبرت قضاياهم وعظمت أخطاؤهم أو عظم ظلم الآخرين لهم.
كم من الأفعال لو خيرنا استرجاعها لما احتجنا إلى التفكير مرتين؟ وكم من الأقوال لو خيرنا استرجاعها لمحوناها كلياً من قاموس لغتنا؟ قد نكون على كثير من الحق إذا فكرنا أن خاصة "إرجاع الحالة إلى ما قبل حدوث الفعل" تسقط فاعليتها في كثير من الأحيان أمام فظاعة أفعالنا، ولكن الحق الأقوى الذي لا يمكننا الهروب منه هو أن هذه الخاصة لا يمكن أن تقف أبداً عاجزة أمام آثار أي فعل أياً كان حجمه. والفعل يؤذي مرة واحدة وينتهي وإنما تبقى آثاره تكوينا إلى الأبد وهي قد تكوي على السواء فاعلها ومن تقع عليه.
the undo function أو إرجاع الحالة إلى ما قبل حدوث الفعل
إذا مارسها الخاطئ صادقاً هي " التوبة " إذ نحن نطلب من الله أن يمحو ما صدر عنا فلا يحسب علينا، وكأنه لم يكن.
والله قادر ويشاء أن يغفر لنا كل خطايانا. والكتاب المقدس لا يستثني إلا خطيئة واحدة هي التجديف على الروح القدس. إذ نقرأ في الإصحاح الثالث من
(مرقس العدد 28-29 ) : " الحق أقول لكم إن جميع الخطايا تغفر لبني البشر والتجاديف التي يجدفونها. ولكن من جدف على الروح القدس فليس له مغفرة إلى الأبد بل هو مستوجب دينونة أبدية ".
وليس المجال هنا للخوض في هذا العدد وإنما الدعوة هنا هي للتأمل كم عظيمة هي رحمة الله وكم هي بلا حدود محبته لنا إذ يعطينا حرية التحكم بإمكانية " إرجاع الحالة إلى ما قبل حدوث الفعل".
نحن حين نتوب وكأننا نحرك بأيدينا تلك الخاصة لدى الله. "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم"(1يوحنا1: 9 )
وتعود صفحتنا بيضاء من جديد أمامه. وإذا مارس من ارتكب الخطأ أو الخطيئة ضده هذه الخاصة ذاتها، "إرجاع الحالة إلى ما قبل الفعل"، فهي تصبح "الغفران". هي الغفران الذي لا يقبله الله منا إلا هكذا كاملاً. فنحن عندما نغفر علينا أن نقطع آثار الفعل الذي ارتكب بحقنا أياً كانت قباحته. نحن لا نستطيع أن نتأكد أننا غفرنا للآخر إلا إذا عادت المحبة تعمل فينا تجاهه من جديد. والمحبة عندما تعمل فينا يراها الجميع، يرافق المحبة عطر يغني عن التعريف بها فلا نعود نحتاج أن نثبت لأي كان صدق محبتنا لان المحبة تحكي عن ذاتها والمحبة الصادقة دائماً لها ثمار.
الغفران لا يمكن أن يكون صادقاً ما لم يسمح للمحبة أن تثمر كما أن المحبة لا تشهد لذاتها إلا إذا رافقها الغفران حينما تدعو الحاجة إليه. أحبنا الله فغفر لنا من خلال موت ابنه الوحيد، وهو يفتح لنا باب المغفرة أبدا كي لا نسقط من محبته. والتوبة والغفران ليستا خيارين وإنما شرطان مطلوبان من المؤمن. فنحن من دون التوبة لا نحصل على المسيح إذ دم المسيح هو وحده القادر على غسل خطايانا
" لان هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (متى26: 28 ).
ومن دون المسيح لا عبور إلى الحياة الأبدية فهو الطريق الوحيد"... ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يوحنا14: 6.)
ومن دون الغفران للآخرين نحن أيضاً أموات في الخطايا " ما لم تغفروا للناس زلاتهم لن يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم" .
إن تمسكنا بأخطاء الآخرين تجاهنا امسك الله عنا غفران خطايانا. ومن منا حين يقف أمام قدسية الله وبهاء مجده لا ينحني خجلاً من معصيات وحده الله يعلم بها فنقول كما قال داود:
" ارحمني يا الله حسب رحمتك. حسب كثرة رأفتك امح معاصي. اغسلني كثيراً من إثمي ومن خطيتي طهرني. لأني عارف بمعاصي وخطيتي أمامي دائماً. إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت..." (مزامير 51: 1-4)
الله يغفر لنا جميع خطايانا وليس فقط يغفر، فهو " يطرح جميع خطايانا في أعماق البحار" وما يطرح في أعماق البحار إما أن يتحلل ويذوب وإما أن يطمره قاع البحر وفي كلتي الحالتين هو غير منظور. خطايانا أمام الله، عندما نتوب عنها، كأنها لم تحدث، كلها، ومهما تكررت!! وهو لا يقبل منا بأقل من ذلك عندما نغفر للآخرين.
معجبة جداً أنا بهذا الاختراع الذي اسمه الكمبيوتر، علماً أنني بادرته للوهلة الأولى حين تعارفنا بعدائية مقصودة. فبغض النظر عن طاقاته الخدماتية الهائلة ، ودون الخوض الآن في مجال الكم الهائل من الأذى الذي يمكن أن يتأتى من هذه الآلة نفسها، ظللت ولفترة طويلة رافضة لفكرة حلول هذه الآلة مكان القلم والكتاب. ولا أظن الأسباب كانت عقلانية وإنما مجرد صداقة حميمة ربطت بيني وبين القلم والكتاب منذ زمن لا اذكر بدايته، جعلتني دائماً ارفض التخلي عنهما لصالح دخيل كل ما في أمره انه عجائبي القدرة في مضاعفة قيمة الوقت خدمة للفكر البشري وتواصله. ولكن لا بد لي أن اعترف بتقديري الصارخ لخاصة محددة من خصائص هذا الجهاز(الكمبيوتر) عندما يستخدم كآلة كاتبة.
تندرج هذه الخاصة على شاشة الكمبيوتر تحت قائمة التحرير أي في اللغة الإنكليزية: Edit
وهي تسمى :
the undo function
وإذا أردنا ترجمتها إلى العربية بشكل دقيق فهي لا يمكن أن تترجم إلا بهذه العبارة " إرجاع الحالة إلى ما قبل الفعل أو ما قبل حدوث الفعل" أو ربما بتعبير اكثر تبسيطاً كأن شيئاً لم يكن. فأنت عندما تستخدم جهاز الكمبيوتر للكتابة بإمكانك أن تكتب وتمحي في المساحة ذاتها ملايين المرات، وكلما محوت تعود المساحة بيضاء من جديد، لا اثر عليها خلافاً للكتابة على الورق. فأنت إن محيت الكتابة على الورق تركت وراءها ظلاً، وان شطبتها تبقى محتلة مساحة. فإما أن تخسر مساحة الكتابة نقاوتها وتبقى ملوثة بآثار الماضي وإما أن تصير مساحتها الاستيعابية إلى تناقص مستمر.
كم أتمنى أحياناً لو كان في تركيبتنا نحن البشر مثل هذه الخاصة، "إعادة الحالة إلى ما قبل الفعل" ولربما كانت موجودة ولكننا لم نستخدمها قط عن قصد أو سهواً فتآكلها الصدأ. ولو أعاد الناس استكشاف هذه الخاصة فيهم وتأهيلها لعاشوا بسعادة اكبر وحب اكثر وسلام مهما كبرت قضاياهم وعظمت أخطاؤهم أو عظم ظلم الآخرين لهم.
كم من الأفعال لو خيرنا استرجاعها لما احتجنا إلى التفكير مرتين؟ وكم من الأقوال لو خيرنا استرجاعها لمحوناها كلياً من قاموس لغتنا؟ قد نكون على كثير من الحق إذا فكرنا أن خاصة "إرجاع الحالة إلى ما قبل حدوث الفعل" تسقط فاعليتها في كثير من الأحيان أمام فظاعة أفعالنا، ولكن الحق الأقوى الذي لا يمكننا الهروب منه هو أن هذه الخاصة لا يمكن أن تقف أبداً عاجزة أمام آثار أي فعل أياً كان حجمه. والفعل يؤذي مرة واحدة وينتهي وإنما تبقى آثاره تكوينا إلى الأبد وهي قد تكوي على السواء فاعلها ومن تقع عليه.
the undo function أو إرجاع الحالة إلى ما قبل حدوث الفعل
إذا مارسها الخاطئ صادقاً هي " التوبة " إذ نحن نطلب من الله أن يمحو ما صدر عنا فلا يحسب علينا، وكأنه لم يكن.
والله قادر ويشاء أن يغفر لنا كل خطايانا. والكتاب المقدس لا يستثني إلا خطيئة واحدة هي التجديف على الروح القدس. إذ نقرأ في الإصحاح الثالث من
(مرقس العدد 28-29 ) : " الحق أقول لكم إن جميع الخطايا تغفر لبني البشر والتجاديف التي يجدفونها. ولكن من جدف على الروح القدس فليس له مغفرة إلى الأبد بل هو مستوجب دينونة أبدية ".
وليس المجال هنا للخوض في هذا العدد وإنما الدعوة هنا هي للتأمل كم عظيمة هي رحمة الله وكم هي بلا حدود محبته لنا إذ يعطينا حرية التحكم بإمكانية " إرجاع الحالة إلى ما قبل حدوث الفعل".
نحن حين نتوب وكأننا نحرك بأيدينا تلك الخاصة لدى الله. "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم"(1يوحنا1: 9 )
وتعود صفحتنا بيضاء من جديد أمامه. وإذا مارس من ارتكب الخطأ أو الخطيئة ضده هذه الخاصة ذاتها، "إرجاع الحالة إلى ما قبل الفعل"، فهي تصبح "الغفران". هي الغفران الذي لا يقبله الله منا إلا هكذا كاملاً. فنحن عندما نغفر علينا أن نقطع آثار الفعل الذي ارتكب بحقنا أياً كانت قباحته. نحن لا نستطيع أن نتأكد أننا غفرنا للآخر إلا إذا عادت المحبة تعمل فينا تجاهه من جديد. والمحبة عندما تعمل فينا يراها الجميع، يرافق المحبة عطر يغني عن التعريف بها فلا نعود نحتاج أن نثبت لأي كان صدق محبتنا لان المحبة تحكي عن ذاتها والمحبة الصادقة دائماً لها ثمار.
الغفران لا يمكن أن يكون صادقاً ما لم يسمح للمحبة أن تثمر كما أن المحبة لا تشهد لذاتها إلا إذا رافقها الغفران حينما تدعو الحاجة إليه. أحبنا الله فغفر لنا من خلال موت ابنه الوحيد، وهو يفتح لنا باب المغفرة أبدا كي لا نسقط من محبته. والتوبة والغفران ليستا خيارين وإنما شرطان مطلوبان من المؤمن. فنحن من دون التوبة لا نحصل على المسيح إذ دم المسيح هو وحده القادر على غسل خطايانا
" لان هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (متى26: 28 ).
ومن دون المسيح لا عبور إلى الحياة الأبدية فهو الطريق الوحيد"... ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يوحنا14: 6.)
ومن دون الغفران للآخرين نحن أيضاً أموات في الخطايا " ما لم تغفروا للناس زلاتهم لن يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم" .
إن تمسكنا بأخطاء الآخرين تجاهنا امسك الله عنا غفران خطايانا. ومن منا حين يقف أمام قدسية الله وبهاء مجده لا ينحني خجلاً من معصيات وحده الله يعلم بها فنقول كما قال داود:
" ارحمني يا الله حسب رحمتك. حسب كثرة رأفتك امح معاصي. اغسلني كثيراً من إثمي ومن خطيتي طهرني. لأني عارف بمعاصي وخطيتي أمامي دائماً. إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت..." (مزامير 51: 1-4)
الله يغفر لنا جميع خطايانا وليس فقط يغفر، فهو " يطرح جميع خطايانا في أعماق البحار" وما يطرح في أعماق البحار إما أن يتحلل ويذوب وإما أن يطمره قاع البحر وفي كلتي الحالتين هو غير منظور. خطايانا أمام الله، عندما نتوب عنها، كأنها لم تحدث، كلها، ومهما تكررت!! وهو لا يقبل منا بأقل من ذلك عندما نغفر للآخرين.
كاتيا سلامة
Comment