حقيقــة الشيطــان
وظاهرة عبادته في المجتمع المعاصر
تُعنى بطبعه ونشرهجمعيّة «جنود مريم»
يوزّع مجانًا
يشهد العالم اليوم، ومنذ سنوات عديدة، ظهورًا واسعًا لبدع وهرطقات، وتيّارات فكريّة وروحيّة غريبة وخطيرة. تزعزع أركان المجتمعات البشريّة، وتجرف معها الكثيرين من ضعفاء النفوس والإيمان، ومن مختلف الأجناس والأديان والاتجاهات والطبقات والأعمار. هذه التيّارات المنحرفة والمشبوهة تتسلّل إلى مجتمعاتنا ورعايانا عبر بعض الوسائل الإعلاميّة خصوصًا التلفزيون والسينما، وبعض المجلاّت، بالإضافة إلى الإنترنت.
تبثّ سمومها في كلّ مكان، وتهدّد بسقوط ما بقي من قيم روحيّة وأخلاقيّة واجتماعيّة. بعدما مهّد لذلك قلّة الإيمان، والاستهتار بالروحانيّات، وعدم العيش الصحيح لوصايا الله وتعليم الكنيسة. ممّا أدى إلى تعاظم الشرّ والفساد في عالم المصلحة والشهوات الرديئة والأهواء الفاسدة.
من هذه الظواهر، وهي موضوع كتابنا، ظاهرة عبادة الشيطان التي نشأت في الولايات المتحدة الأميركيّة، ومنها انتشرت في كثير من دول العالم. والملفت هو أن أكثر المنتمين إليها هم من فئة الشباب، ينضوون تحت راية الشيطان أفرادًا وجماعات منظّمة، يرفضون الله ويمارسون طقوسًا وشعائر غريبة، يستحضرون أرواحًا شريرة، يدنّسون القدسيّات ويعلنون بجهارة، وبشكل علني في بعض الأحيان، عن انتمائهم الشيطاني هذا.
إنّ نشاط هذه البدع والظواهر، هو بالحقيقة امتداد لعمل إبليس أي الشيطان ومخططاته، والحرب الكبيرة التي أعلنها على الله منذ إسقاطه إلى أسفل الجحيم مع ملائكته المتمرّدين . لمّا ظنّ لكبريائه أنّه يتساوى مع الله؛ كما جاء في سفر رؤيا يوحنّا الفصل 12.
هنا كانت بداية معركته ضدّ الله والخير، ومشروعه باختصار هو إغاظة الله وبلبلة كنيسته ودكّ أساساتها، وبالتالي تضليل وهلاك أكبر عدد من النفوس المفتداة بدم المسيح. فهو الذي دفع آدم الأوّل منذ بدء الخليقة، إلى ارتكاب المعصية الأولى (سفر التكوين)، التي جرّت على العالم وما تزال المآسي والشرّ والحروب، بسبب التمرّد على الخالق وتجاهل وجوده وتعاليمه لا بل نكرانه.
جيّش إبليس الكثيرين من ضعفاء النفوس إلى تحقيق أهدافه وتنفيذ أوامره، فبإيحاءاته دخل الفساد إلى كلّ بيت. خصوصًا بواسطة بعض الوسائل الإعلاميّة التي سبق وذكرنا، وعبر بعض الأفلام التي تبشّر بتيّارات تمرّديّة وإلحاديّة مبطّنة، إلى المشاهد الإباحيّة والبرامج الفاسدة والأزياء الخلاعيّة وأفلام القتل والعنف.
كلّ هذا يفسد الأخلاق، ويدعو إلى التفلّت من كلّ القيم، ويحطّم أسس التماسك في العائلات وهي الأكثر تهديدًا اليوم. ممّا أدى إلى هذا الفلتان المستشري في مختلف بقاع الأرض، فضلّ الكثيرون وشرّدوا عن الإيمان الصحيح.
ورغم كلّ هذا، ما تزال فئة من الناس تقول بأنّه لا وجود للشيطان ككائن، وبالتالي هو رمز للشرّ فقط أي نقيض الخير. إنّنا لسنا هنا بوارد الدخول في جدل حول هذا الموضوع، ولكنّنا بكل بساطة نكتفي بتعليم كنيستنا المقدّسة، التي نخضع لها خضوعًا تامًّا. فكتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة"،
والذي هو ملخّص لكلّ الحقائق الإيمانيّة المتبّعة في الكنيسة، وثمرة أعمال المجمع الـﭭـاتيكاني الثاني الشهير (1962 – 1966) الذي دعا إليه "البابا يوحنّا الثالث والعشرون"، ينهي الجدل في هذا الموضوع بشكل نهائيّ وحاسم. هو الذي استوحى تعليمه من الكتاب المقدّس الغني بالبراهين الساطعة. ونستشهد هنا بما جاء في خطاب السعيد الذكر البابا بولس السادس الذي قال:
"الشيطان عنصر فاعل وكائن حيّ وروحيّ، مفسود، فاسد ومُفسد".
وأضاف "فإذا رفضنا هذا الواقع نكون قد عارضنا تعاليم الكتاب المقدّس والكنيسة".
وباختصار، إنّ تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة صريح ثابت وواضح، ولا يجوز لأحد مهما علا شأنه أن ينقضه ببعض الاجتهادات والفلسفات والتحليلات الخاصة. وما انجرار الكثيرين وراء هذه التيّارات الفكريّة وهذه البدع والهرطقات والظواهر الشيطانيّة للأسف، إلاّ دليلٌ ساطعٌ على عدم مناعتنا الروحيّة، وعدم وعينا لمفهوم الإيمان الحقيقي والعيش المسيحيّ الصحيح.
واستهتارنا بالقيم المسيحيّة وفلسفتنا لبعض الأمور الروحيّة، وتفصيلها على قياس مبادئنا وأهوائنا ومسلكنا ورغباتنا. بالإضافة إلى عدم الممارسة الصحيحة والواعية لواجباتنا وفرائضنا الدينيّة. فأعطينا بذلك المثال السيء للعيش المسيحيّ. بعدما أصبحت أعيادنا مناسبات وثنيّة لعبادات الجسد والشهوات، واحتفالات للأكل والشرب والسكر. فقدت جوهرها، لذلك فبدل أن تكون مناسبات لتمجيد الرب وشكره على عطاياه الكثيرة، ومصدرًا للنعمة، أصبحت مصدر نقمة علينا، يُهان فيها الله ويُنكر ويُشتم.
كلّ ذلك أدّى إلى فراغ روحيّ كبير، وسطحيّة مفرطة في التعاطي بالأمور الروحيّة، وفقدان إيماننا وروحانيّاتنا وتاريخنا وتقاليدنا. فتركنا بذلك الأبواب مشرّعة أمام تلك الحضارات الفاسدة، والتيّارات العلمانيّة الجاحدة التي دخلت بدون رادع إلى مجتمعاتنا ورعايانا وبيوتنا ومدارسنا، بعدما أصبحت ساعات التعليم المسيحيّ فيها ضئيلة، إن لم تكن معدومة.
فهلاّ وقفنا، أيّها الإخوة، وقفة ضمير حيّ وواعٍ، أمام مسوؤلياتنا تجاه هذه التغيّرات الخطيرة التي تعصف بالعالم، وهذا الانهيار المريع في الأخلاق!؟ وهلاّ فكّرنا وبموضوعيّة بمستقبل أولادنا والعالم، من دون أن نلقي التّهم واللوم على أحد!؟ كلّنا مسؤولون، إكليريكيّين كنّا أم علمانيّين. ولا سبيل لمقاومة الشرّ وإحلال المحبّة والسلام، إلاّ بالعودة إلى الله كما يقول القدّيس بولس في رسالته إلى أهل أفسس (6/10-12):
"... أيّها الإخوة تشدّدوا في الربّ وفي قدرة قوّته. البسُوا سلاح الله، لتستطيعوا مقاومة مكايد إبليس، فإنّ مصارعتنا ليس ضدّ اللحم والدم بل ضدّ الرئاسات والسلاطين وولاة هذا العالم، عالم الظلمة والأرواح الشريرة في السماويّات".
إذن فلنسرع بعودتنا إلى الله، وإلى أحضان كنيسته المقدّسة، فهي "الأم والمعلّمة" نحتمي بكنفها، هي ضمانتنا الوحيدة، وملجأنا الأمين، وحصننا المنيع ضدّ كلّ قوى الشرّ. هي التي أعطت قوافل القدّيسين عبر الأجيال، أدلّة ساطعة لا شكّ فيها على صحّة إيمانها وعقائدها وقداسة رسالتها. فلنَصعد جميعًا على متنها، نُبحر معها نحو الألفيّة الثالثة.
هي سفينة الخلاص التي تقلّنا بأمان إلى شاطئ السلام والمحبّة، حيث ملكوت الله والحياة الأبديّة، إلى جانب آبائنا الأبرار والقدّيسين.
ولا شكّ في أنّ العودة إلى الله، تترافق مع خطوات عمليّة، تبدأ بالخضوع الكامل لتعاليم الكنيسة والكتاب المقدّس، وعيش الأسرار المقدّسة. والتقدّم خصوصًا من سرّ الاعتراف، وهو سرّ المصالحة مع الله، وسرّ القربان المقدّس، وهو الغذاء الأبديّ للنفوس، وفي اشتراك فاعل وعميق في الذبيحة الإلهيّة. هكذا فقط نكون دائمًا برفقة الله، مسلّمين إليه نفوسنا وحياتنا، مستقبل أولادنا ووطننا والعالم.
ونتّخذ من العذراء مريم "أم النور" و"سيّدة جميع الشعوب"، شفيعة دائمة لنا، نكرّس لها حياتنا، ونوكل إليها كلّ شيء. فهي القديرة المجيبة، تطلب لنا من الله، بالإضافة إلى النعم الزمنيّة الموافقة لخلاصنا، النعم الروحيّة، خصوصًا نعمة السلام والمحبّة والغفران.
فنصمد أمام مكايد الأشرار، ونقوى أمام التجارب والمصائب، وأمام الظروف الصعبة والكوارث، وكلّ التغيرات التي يمرّ بها العالم اليوم. فنكرّمها بتلاوة ورديّتها كلّ يوم،
لأنّها "السلاح الأقوى لمقاومة الأعداء المنظورين وغير المنظورين"؛ كما قالت هي نفسها للقدّيس عبد الأحد.
فهي الأم السماويّة التي تجوب كلّ أصقاع الأرض، تظهر هنا وهناك، ذارفة الدموع لأجل أولادها، تحثّهم على التوبة، وتدعوهم إلى المحبّة والصلاة ونبذ الشرّ وعدم إهانة الله، الذي ينتظر توبة كلّ خاطئ ليستقبله بفرح عظيم كما استقبل "الابن الضال".
كما أنّها لا تكفّ عن الشهادة لحنان الله ورحمته للبشر، هي التي خصّها وملأها بالنعم. فكلّ رسائلها للعالم تعكس محبّته لنا. فلنبادله هذا الحبّ، ولنكن أمينين له، ورسلاً حقيقيّين نبشّر بحبّه ورحمته في العالم أجمع، هو السبيل الوحيد إلى السلام، هو وحده "الطريق والحقّ والحياة".
القسم الأول
الشيطان يكشف عن حقيقته
وما يزال حتّى الآن، رغم الفداء الذي أنجزه يسوع على الصليب، سافكًا دمه حتّى آخر نقطة، مشتريًا هكذا صكّ الخطيئة ليخلّصنا ويصالحنا مع الله الآب؛ إنّ لوسيفورس هذا، والذي أصبح له أربعة أسماء بعد طرده من السماء، أطلقها عليه رئيس الملائكة ميخائيل العظيم وهي:
التنين العظيم - الحيّة القديمة - إبليس - الشيطان، يقوم في هذه الأزمنة الأخيرة لملكه، مُلك الخطيئة وعصيان وصايا الله ومخالفة شرائعه الإلهيّة، ببلبلة الأرض كلّها، زارعًا الحقد والخلاف والانقسام، والتمرّد على الله والكنيسة،
منتهكًا الأقداس ومدنّسًا القدسيات، متحدّيًا الله بأعماله الشريرة، بحيثُ تخترقُ كلّ يوم قهقهاتهُ الضاحكة الساخرة عنان السماء،
وتصل إلى عرش الله وهي تقول: إنّ البشر الذي خلقتهم على صورتك ومثالك، لا يعملون حسب وصاياك وتعليمك، بل يعملون كما أُوحي إليهم أنا، فهم يتبعونني أنا ولا يتبعونك أنتَ، فمن حقّي أنا أن أكون إلههم وليس أنتَ.
أمام هذا الواقع المؤلم والمأساوي، ونظرًا لمعرفة الله لضعفنا البشريّ الذي سبّبته الخطيئة الأصليّة، يرسل الله العذراء مريم أم إبنه يسوع إلهنا وفادينا ومخلّصنا، وأمّ الكنيسة والبشريّة جمعاء، لتظهر هنا وهناك في أرجاء المعمورة كلّها، تذرف دموعًا ودمًا كي تُليّن قلوب البشر أبنائها، التي أصبحت من حجر بسبب العيش في الخطيئة والابتعاد عن الله، طالبة منهم الصلاة، وتغيير سيرة حياتهم، والعودة مجدّدًا إلى الله من خلال الكنيسة التي هي جسده السرّي، وطاعة نائب ابنها المسيح على الأرض قداسة البابا، والالتفاف حوله، لتجنّب الوقوع في فخاخ الشيطان والضياع.
من جهة ثانية، لقد سمح الله أيضًا للشيطان بأن يكشف عن أعماله مرغمًا لا مختارًا، بواسطة كاهن إيطالي مقسّم اسمه "دومينيكو موندروني"، أثناء قيامه بطرده من نفس استولى عليها. فلنسمع الاعترافات المرعبة التي أدلى بها، علّنا نتّعظ ونعود إلى صوابنا وسلوكنا المسيحيّ، الذي رسمه لنا الله بواسطة كنيسته المقدّسة.
فمـن يتّعـظ!؟
عهدتْ السلطة الكنسيّة في إيطاليا إلى الكاهن الشهير "دومينيكو موندروني" (D. Mondrone) بمهمّة طرد الشياطين ممّن يعترونهم، أي يسكنون فيهم. وقد نشر هذا الكاهن ما مرّ عليه من خبرات إبّان ممارسة وظيفته الخطيرة هذه.
ومن ضمنها رأي الشيطان في البشر أبناء آدم. وقبل ن نأتي على حديث الشيطان، أي عن رأيه في البشر، لا نجد بدًّا من إيراد ما يقوله هو نفسه عن ذاته، ليزيدنا معرفة به، ويساعدنا على فهم شغله الشاغل مع البشر.
يقول الشيطان عن نفسه:
"أنا فتنة العالم، وأعدى أعدائي، هم بنوا آدم. أنا الشيطان الرجيم، وإبليس الذميم. أنا رأس العفاريت المتمرّدين، ومحلّ غضب ربّ العالمين... دعوتُ إلى عبادة العجل، قوم موسى. وساعدت في التفريق والإضلال، بين أمّة عيسى. بي تكثر البدع، ويظهر من الفتن ما بطُنَ، وكم أفريت من بلدان، بما زخرفت من أوثان، وأضللت كثيرًا من الناس، بالمكر والخداع والوسواس..."
يكفينا هذا القدر من وصف الشيطان لذاته. ونأتي الآن إلى بعض ما يقوله للبشر بلسان الذين يسكنهم. وقد وجّه كلامه إلى الكاهن الذي كان يحاول طرده، قال:
"ليس في استطاعتك أبدًا أنت الكاهن، فهم مقدار بغضي لكم أنتم البشر. إنّي أكرهكم أشدّ الكره، لأنّكم تستحقّون الكره والبغضة. تعتزّون بأنّ منـزلتكم هي فوق مستوى الحيوانات، مع أنّكم أنتم الحيوانات الأكثر نجاسة وقباحة. وكونوا على يقين، أنكم تثيرون فيّ القرف والتقزّز أشدّ ما يكون قرف وتقزّز، لأنّكم في اعتباري، أحطّ من خنازيركم.
"تعتقدون أيّها البشر أنّكم على جانب كبير من الذكاء، ومع ذلك تُظهرون بتصرّفاتكم أنّكم في غاية البلاهة والحماقة. ويكفيكم برهانًا على ما أقول، أن تنظروا إلى ما أقدّمه لكم لكي تبتعلوه، من آراء هؤلاء المثقفين الذين يعملون في خدمتي، وأهديكم إيّاهم منتفخين هراءً وخرقًا (الكتّاب الملحدون وناشرو الصحافة الخلاعيّة).
تأمّلوا مجرّد تأمّل لا غير في الذي أهيّئه لكم لتشربوه وتهضموه من المطبوعات الخاضعة لرقابتي، أنتم يا أنبل خليقة له (أي المسيح)! يكفي قليل من الفحش والحيوانيّة الخنـزيريّة لأشتريكم، وتستسلمون بسهولة وبلاهة لإغواء الذي أرسلهم إليكم في سبيل لا شيء، يزخرفونه لكم ويغرّونكم به.
فتقولون: رضينا بذلك، أي بلعنة الله وسخطه وعذابه.
فيقول إبليس: أريد أن أربح عليكم فيها.
فتقولون: نعم!
فيبيعكم إيّاها، ثمّ يقول: بِئْسَ التجارة".
أ – الوسائل التي تخيف الشيطان
1.سرّ الاعتراف: "سرّ الاعتراف... يا له من اختراع بليد، سخيف... ما أكثر ما يزعجني ويؤلمني... بل يضرّني... يعذبني... وهذا الدمّ ، دم إلهكم الكاذب... هذا الدم يطردني من نفوس الذين أسكنهم... يدمّرني... يغسل نفوسكم، ويدفعني إلى الهرب... (يُسمَع بكاء الشيطان... وَلْولَته...) يا له من دم... يا له من دم... إنّه عذابي الأكثر هولاً..."
"لكنّي وجدت كهنةً ما عادوا يؤمنون بسرّ الاعتراف، وينصحون المسيحيّين بالتقدّم إلى تناول هذا الإله الكاذب، وهم في حالة الخطيئة...
"حسنًا... حسنًا... أيّها الكهنة الأبطال... وكم من مناولات نفاقيّة يعمل المسيحيّون بتشجيع كهنتي هؤلاء..."
2. سرّ القربان: "المائدة (المناولة) التي تأكلون فيها وتشربون جسد ودم هذا المصلوب الذي أنا قتلته... بواسطة عملائي... هنا في هذه المائدة، أنا أخسر معركتي... وأمام هذه المائدة، أجد نفسي مجرّدًا من كلّ سلاح... ولا أعود أجد القوّة لمواصلة الكفاح...
لأنّ الذين يتغذّون من هذا الجسد، ويشربون من هذا الدم، يصبحون أقوياء جدًّا ضدّي... ويستحيل عليّ التغلّب عليهم بواسطة حِيَلي البارعة وأساليب إغوائي...
يبدو أنّهم يصبحون مختلفين عن الذين لا يتناولون... كأنّ عندهم أنوارًا خاصّة، و ذكاء خارقًا، فيشعرون حالاً بوجودي، ويشتمّون رائحتي... ويبتعدون عني.. ويطردونني كأنّي أحدُ الكلاب...
يا لحزني.. وآلامي... في معاطاتي مع مثل هذه النفوس (هنا يُسمَع زعيق الشيطان... وعويله...). ولهذا السبب أنا أحاربهم بضراوة... حتّى أنّ بعضًا منهم يتقدّم إلى المناولة وضميره مثقلٌ بالخطيئة (ها ها ها... قهقهة الشيطان). ما أعظم سروري بهذه المناولات النفاقيّة... يا لغبطتي... إنّهم يبغضون ربّهم بارتكابهم الخطيئة، ويتناولون بنفاق. النصر لي... النصر لي... مرحى لهذه النفوس... مرحى".
3. السجود أمام القربان: "ما أشدّ غباوة هؤلاء الذين يضيّعون الساعة تلو الساعة في الليل والنهار، وهم يعبدون قطعة من الخبز (القربان) مخبّأة في علبة على هيكل هذا الإله الكاذب (يتكلّم الشيطان عن ساعات السجود أمام القربان التي يمارسها المسيحيّون في المزارات العالميّة، أو تمارسها النفوس المكرّسة في الأديار، والمؤمنون في الكنائس).
مثل هؤلاء الأشخاص يجعلونني أتمزّق غيظًا وحنقًا... إنّهم يدمّرون كلّ الأعمال التي أحصل عليها من المسيحيّين المنافقين، وبعض الكهنة والرهبان والراهبات والأساقفة... ما أكثر الأعمال النفاقيّة التي أحصدها باستمرار... وهذا هو انتصاري المتواصل... آه... آه... كم تؤلمني ساعات السجود هذه الخرقاء... وتجعلني أتحرّق غيظًا وكمدًا..."
4. المسبحة الورديّة: "إنّي أبغض المسبحة الورديّة... هذه السخافة العفنة الفاسدة... التي يتلونها لهذه "المرأة" (لا يجرؤ الشيطان على لفظ اسم العذراء) المسبحة هي بمثابة مطرقة تحطّم رأسي... (أخ ... أخ...) إنّها اختراع مسيحيّين منافقين لا يطيعونني، لأنّهم يتبعون هذه "النُسيّة" .
"إنّهم منافقون، كـذّابون... فبدل أن يسمعوا منّي، أنا الذي أسيطر على العالم كلّه، يذهب هؤلاء المسيحيّون الكّذابون ليصلّوا إلى تلك "النُسيّة"، أكبر عدوّة لي... وكم يوجعونني بهذه السخافة (المسبحة)، أنا الذي يدعونني شيطانًا ... أخ... أخ..."
5. ظهورات العذراء في العالم: "وأكبر الشرور بالنسبة إليّ في هذا الزمن، كما يُعلن الشيطان، هي ظهورات هذه "النُسيّة"... في أنحاء العالم... تتراءى في كلّ البلدان، وتحاربني... وتنتزع من يدي نفوسًا كثيرة... مئات وألوفًا... لكي يسمعوا رسائلها الكاذبة... لكن ومن حسن حظّي أنّ هناك أساقفة يدافعون عني... وكهنتي الذين لا يؤمنون بظهورات هذه "السيدة البغيضة"...
مرحى لهؤلاء الذين لا يؤمنون... إنّهم رسلي إلى الهراطقة... لكن أهمّ ما يدمّرني، هي تلك الطاعة، طاعة الحمير، لذلك الرجل المتّشح بثوب الأبيض (البابا)، الذي يعطي الأوامر باسم الفادي المزيّف، والمخلّص الكاذب...
يا لهم من حمير... أغنام... أرانب... يطيعون إنسانًا يحبّ هذه "النسيّة" (العذراء)... التي تضطهدني دائمًا... يا لخجلي...
لكني نفحتُ روح الثورة في مئات الكهنة وأرباب اللاهوت والأساقفة، وكلّ الذين يحاربونه حربًا بلا هدنة، ضدّ هذا "المبلبل" المتّشح بالبياض... أنا سأغلب... نعم... سأغلب... ها ها ها... سوف أميته، وأدافع عمَّن يغتاله، وأهيّئ له نهاية مظلمة فظّة... إنّه بغيض لأتباعي الذين يأتمرون بأوامري،
هذا "البولندي" (البابا)، الذي يحبّ تلك النُسيّة (العذراء)... إنّه ينشر تلاوة المسبحة، مسبحة تلك المرأة البغيضة (العذراء)، على اعتبار أنها صلاتها المميّزة المفضّلة... يا له من جبان... حمار... يطردني... يطاردني... أوّاه... أخ (ولولة وعويل)".
ويتابع الشيطان حديثه فيتكلّم عن الأمور التيترضيه...
ب – "ما يرضيني أنا إبليس"
ملاحظة :
- قديما كانت العادة هي التناول باليد، ولكن في عصرنا هذا الافضل التناول في الفم كي لا يتعرض فتات القربان للملامسة أثناء المصافحة او الدخان او اي شيء.
- البابا بندكتوس السادس عشر يناول المؤمنين ركوعاً.
2. "الكهنة: الذين يستبدلون ثيابهم الكهنوتيّة، ليتخفّوا ويتنكّروا بثياب الرعاع (أي الثياب التي لا تليق بالكهنة) وهكذا أدفعهم إلى الأمكنة التي أريدها... (ننـزّه القلم عن إيراد الكلمات البذيئة التي لفظها الشيطان)، وأحملهم على ارتكاب الخطايا التي تخرق القدسيات، وكم من هؤلاء الكهنة المتخفّين بثياب أهل العالم، هم تحت سيطرتي، ولن يفلتوا أبدًا مني... (وهنا تُسمَع قهقهة الشيطان الساخرة)".
3. "الكهنة والأساقفة الذين أغريتهم بالانضواء تحت لواء "الماسونيّة" أو الانضمام إلى شيع دينيّة لتهديم الكنيسة... أو أحزاب سياسيّة بأهداف ملحدة... وكم منهم أغويهم بالمال و... (نعفّ عن إيراد ما قاله الشيطان)... وكم منهم أصبحوا أصدقائي الأمناء... وأختار منهم مقدار ما أشاء، وأجعلهم تحت سيطرتي، يأتمرون بأوامري، لا بأوامر الكنيسة..."
4. "التنانير القصيرة والثياب الشفّافة التي تفضح أكثر ممّا تستر... أنا الذي اخترعتها بواسطة عملائي أصحاب دور الأزياء... لكي أغري بها النساء الغبيّات، وهكذا أصطاد الرجال بهذه الثياب الفاضحة فيصبح عدد كبير من الرجال والنساء تحت سيطرتي... آه... آه... آه (قهقهات ساخرة)".
"يا لفرحتي... وكم أن راضٍ عن اللواتي يلبسن هذه الثياب، لأنّهن يعملنَ بدلاً منّي ولحسابي الخاص، في إفساد الأخلاق وإهلاك النفوس..."
5. "التلفزيون: آه... آه... التلفزيون هو الجهاز الخاص الذي اخترعته... نعم أنا اخترعته... لكي أدمّر أخلاق الأفراد والعائلات... أمزّقها... أفسد أخلاقها... بواسطة البرامج المغرية التي أوحي بها، ولا أحد يقاوم سحرها... التلفزيون هو أيضًا شبكة أصطاد بها الكثيرين وما أكثر ساعات الفراغ بسبب البرامج... فلا يعودون يتفرّغون للصلاة... آه... آه... (قهقهات ساخرة وتشفّي).
في لحظة واحدة تنتشر برامجي ومسلسلاتي على شاشات التلفزيون في أنحاء العالم... فيسمح الكبار والصغار ما ألقي عليهم من مبادئي... الكلّ يتزاحم لمشاهدة برامجي ولا سيّما التي يسمّونها "شيطانيّة" فيتفرّجون بلذّة حيوانيّة على ما هيّأته لهم. وهكذا يُصبحون عونًا لي في اجتذاب سواهم وإغوائهم...
ويساعدني أيضًا في إغواء النفوس كلّ خدّامي الأمناء الذين يتعاطون الأعمال السحريّة، ويبصّرون بورق اللعب، ويقرأون الكفّ، ويستشيرون "الأبراج" بدل أن يتوجّهوا إلى ربّهم..."
6. "عُلب الليل حيث أدفع الشباب والصبايا إلى الالتقاء في جوّ صاخب بالموسيقى والرقص الشهواني، والحركات الهستيريّة... وهكذا أقضي على المجتمع البشري، لأنّ الشباب هم أمل المستقبل... أدمّر أجسادهم وأرواحهم... وكم أجرّ ورائي من ضحايا بواسطة المسكرات والمخدّرات والأعمال الجنسيّة الحيوانيّة... ما أكثر الحصاد في حقولي، حصاد النفوس الهالكة...
لقد عهدتُ بنشر هذه المفسدات والانحلال الأخلاقي... إلى كثيرين من أرباب الحكم، بتسامحهم، بحجّة أنّهم يحترمون حريّة الشباب... ليس هناك من حريّة، بل تحرّر وانفلات... ويعمل أيضًا لحسابي بعض المكرّسين والمكرّسات، بسكوتهم وتغاضيهم عن القباحات والأعمال الحيوانيّة، من باب التساهل والشفقة... أنا السيّد المطلق لهذا العالم، وليس إلههم الذي صلبته على الجلجلة بواسطة أعواني".
7. "افتراق المزوّجين والطلاق... أنا الذي اخترعتهما، وهما ملكي وحدي لأعمل ما أشاء بالمزوّجين... وهذا من بين اختراعاتي الأكثر ذكاء ورواجًا لتهديم لحياة العائليّة... وهكذا أدمّر المجتمع البشري الذي أصبح يعبدني أنا، بصفتي السلطان الحقيقي لهذا العالم. والأعمال الجنسيّة الحيوانيّة التي أنشرها بواسطة كاسيتات الفيديو... أصبحت اللّذة الوحيدة للكثيرين... وهذه اللّذة، أنا وحدي أعطيكم إيّاها بواسطة الحبّ بلا زواج كما يفعل شباب اليوم ورجاله...
والمعاشرة بلا رباط، وذلك باسم الصداقة والزمالة... والتحرّر من كلّ القيود... ووسائل منع الحمل على اختلافها التي ابتدعتها، أصبحت في متناول الجميع... أنا ابتدعتها، وكلّ يوم أُنزل منها إلى الأسواق كلّ جديد، لكثرة الطلب والإقبال عليها... لإشباع اللذات الحيوانيّة... واستعباد المرأة وامتهانها.
إن سلطاني الحقيقيّ الذي به أسيطر على العالم، هو الانفلات الجنسيّ والأعمال الحيوانيّة... فلا تسمعوا لأقوال هذا الإنسان الذي علّقته على الصليب (المسيح)، لأنّه لا يمنحكم شيئًا... أنا وحدي أمنحكم أن تعملوا ما تريدون...
8. "الإجهاض... أي القتل بالجملة... قتل الجنين البريء... يا لفرحتي... ويا لسعادتي...
عمليّات الإجهاض هي أجمل اختراعاتي... قتل الأجنّة الأبرياء، بدل قتل المجرمين... وأعضاء المافيا وسائر المنظّمات الإرهابيّة وحوادث الإجرام... التي اخترعتها وأدفع إلى ارتكابها. وهكذا بواسطة الإجهاض يموتون قبل أن يولدوا، كلّ الذين سيتعبّدون لإلههم المزيّف (قهقهات شيطانيّة ساخرة)..."
9. "المخدّرات هي الغذاء الأكثر شهيّة الذي أقدّمه للكبار والصغار، لأصيّرهم مجانين... فأعمل منهم ما أريد... لصوصًا... قتلة... زناة... شاذين جنسيًّا... وحوشًا بشريّة... كائنات بلا فهم يتحكّمون في من حولهم... إنّهم خدّامي الذين يعملون تحت إمرتي..."
10. "ويعجبني بنوع خاص، هؤلاء الكهنة والأساقفة الذين ينكرون وجودي، أنا الشيطان، ويضحكون ممّن يؤمن بأعمالي الشيطانيّة... ما أكثرهم في هذه الأيّام... يا للفرح... يا للغبطة... وهكذا بواسطتهم أشتغل مرتاح البال، متأكّدًا من نجاحي...
حتّى بعض أساتذة اللاهوت، لا يؤمنون بوجودي... يا للجمال... يا للفرح... وهكذا ينكرون قدرة الله الذي جاء ليدمّر سلطاني على البشر... أنا بواسطتهم انتصرتُ عليه... وسمّرته على الصليب... ها... ها... ممتازون هؤلاء الكهنة...
وأكثر امتيازًا منهم... هؤلاء الأساقفة وأساتذة اللاهوت... كلّهم خدّامي الأمناء... أعمل بواسطتهم ما أريد... وأوحي إليهم... ما يعلّمونه... ها... ها... لقد أصبحوا لي... خاصّتي... أرسلهم حيث أشاء... متخفّين بثياب عمّال البلديّة سيجارة في فمهم دائمًا... وتفوح منهم العطور كأنهم مراهقون... يفتّشون عن... سيّارات آخر موديل...
جيوبهم محشوّة بأوراق النقد... يتمرّدون على عقائد إلههم الكاذب... وعلى الكنيسة الكاذبة التي أسّسها هذا المصلوب ضحّيتي...
إنّهم جنودي... في مملكتي المليئة بأمثالهم... وبواسطتهم أضع البلبلة في الشعب... فيبتعد أكثر فأكثر عن عبادة الإله الكاذب (المسيح)... وأحملهم معي إلى مملكتي (جهنم) مملكة البغض واليأس... ليكونوا معي إلى الأبد... ها... ها... ها...
وكم دفعتُ منهم إلى الشيع التي اخترعتها... وأناأموّلها بواسطة أعواني... ما أسهل اشتراءهم بالمال... وبالـ ... (نمتنع عن ذكر مالفظه) وهكذا توصّلت إلى ردّهم عن محبّة إلههم الكاذب... وعن التعبّد لهذه المرأةالتي تزعم أنّها غلبتني (العذراء)...."
خاتمة القسم الأول:
إنّها لائحة طويلة مرعبة، لائحة الوسائل التي ترعب الشيطان وتحطّم رأسه" حسبما أقرّ هو نفسه. وحريّ بكلّ نفس مخلصة في حبّها للعذراء أن تتّخذ من هذه اللائحة، موضوعًا لفحص ضمير صادق ودقيق وتحاول ما أمكنها أن تلجأ إلى هذه الوسائل التي تدفع عنّا سطوة الشطيان ونفاقه.
وهناك مثل يقول: أعذر من أنذر، أي من حذّرك ممّا سيحلّ بك، فقد صار معذورًا عندك. وقد سمع الله للشيطان، بل أرغمه على أن ينذرنا، أي يُطلعنا على وسائل إغوائه للنفوس، على أمل أن نتجنّبها.
ولن يتجنّبها إلاّ المخلصون الصادقون في محبّتهم لله والعذراء. أمّا الذين يستخفّون بهذه الوسائل،
فاستحفافهم ليس إلاّ دليلاً على أنهم سقطوا في حبائل إبليس وأصبحوا أعداء المسيح القائل: "من ليس معي، فهو علي". ويكفي بهذه العداوة أن يستحقّوا القضاء عليهم: "إذهبوا عني... إنّي لا أعرّفكم".
وسهل جدًا على المحبّين لله والعذراء، الانتصار على إبليس، ما دام هو نفسه وضع بين أيديهم مرغمًا لا مخيّرًا، السلاح الذي به يدحرونه ويتخلّصون من أذاه، أعني الوسائل التي يكرهها وترعبه، ونخصّ بالذكر "سرّ القربان" و"سرّ الاعتراف" اللذان يدمّران إبليس على حدّ قوله.
وتكريمنا للعذراء بتلاوة المسبحة، إنّما يقودنا في نهاية الأمر إلى "كرسي الاعتراف".
وكذلك الطاعة لتوجيهات الحبر الأعظم المنتصب وسط هذاالعالم المهدَّد بالفساد،والمستلسم لقوى الشرّ، جبّارًا ماردًا فيوجه الفساد وفاعلي الشرّ.
مقدمة القسم الثاني
ظاهرة عبادة الشيطان في المجتمع المعاصر
- مقدّمـة
إنّ الإنضمام إلى الشيع الشيطانيّة والمشاركة في الطقوس التي يمارسونها، واستحضار الأرواح الشيطانيّة، والتعبُّد الشخصيّ والمنفرد للشيطان، وتوكيد الأفكار المتأتيّة عن الأوساط الشيطانيّة، تتّخذ جميعها في مجتمعنا الحاضر، بُعدًا غير مُتوقَّع.فقبل أن نحاول رسم هذه الظاهرة الشيطانيّة المركَّبة في خطوطها الكبرى، يَحْسُن بنا أن نحاول تحديدها. ويمكن أن يتمَّ ذلك بالعموم أو بصورة خاصّة، أو بحصرها ببعض مظاهرها اللاهوتيّة، والنفسانيّة، والقانونيّة أم الاجتماعيّة.
وبما أنّنا نركّز الانتباه على تحديدٍ عمومي، يمكننا أن نُدقّق فنُعلن أنّنا نتكلّم عن الظاهرة الشيطانيّة بالنسبة إلى أشخاص وجماعات أو حركات تمارس نوعًا من العبادة (كالسجود والتكريم، والاستحضار).
إنّها عبادة الكائن الذي يسمّيه الكتاب المقدّس الشيطانأو إبليس، وذلك بطريقة منعزلة ومنفردة يرافقها شيء من التنظيم والترتيب وإنّ أتباعالشيطان هؤلاء يَرَوْن في هذا الكائن نوعًا من القوّة الميتافيزيقيّة أو عنصرًاعجيبًا كامنًا في الكيان الإنساني، أو طاقةً طبيعيّة مجهولة تُستَحضَر تحت أسماءخاصّة مختلفة (مثل لوسيفوروس)، ومن خلال ممارسات طقوسيّة مختصّة.
أولا - الشيع الشيطانية
نجد العدد الأكبر من هذه الجماعات الشيطانيّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة؛ إنّها تعمل هناك علنًا،
وأهمّها: "كنيسة الشيطان"، "هيكل Set"، "منظّمة الكبش الأسود"، "كنيسة الحرب"...، (« Worlwide Church of Satanie Liberation »)... وقد توقّف من هذه المجموعات "كنيسة الأخوَّة الشيطانيّة"، "الكنيسة الشيطانيّة" وغيرهما...
ولا ندري إذا كانت "منظّمة هيكل الشيطان" قد توقّفت عن نشاطها أم لا، وهي المعروفة بنشر تآليفها على شبكة "الأنترنيت".
وهناك جماعات نشأت في إنكلترا سنـة 1965، مثل
(« The Process Church of The Final Judjment »). وهي متواجدة في عدّة بلدان وخصوصًا في الولايات المتّحدة الأميريكيّة. وهناك أخريات نشأت في "نيوزيلاندا الجديدة" مثل: « Dark Lily » و « Order of The Nine Angels » (منظّمة الملائكة التسعة)، وكذلك نشأت في إيطاليا أخريات مثل: « Bambini de Satana » (أبناء الشيطان) وغيرها...
ثانيا- الطقوس والرموز والممارسات الشيطانية
فإذا أرادوا مثلاً أن يُهيّجوا فتنةً أو إرسال لعنة على شخص معيّن، يظنّون أن أفضل وقت لذلك هو زمن الليل في حين يكون نائمًا (مثلاً قبل قيامه من النوم بساعتين). وهذا هو السبب الذي يجعلهم يمارسون طقوسهم عادةً في الليل. أمّا المكان المحدّد لهذه الممارسات - في المدينة أو الريف – فيتعلّق، في غالب الأحيان،
بإمكانيّة الاحتفال مع شيء من الكتمان، وأحيانًا بقرب المقابر والكنائس غير المكرّسة وليس من المُستبعَد، أثناء قيامهم بهذه الطقوس، أن تحاول بعض الجماعات منهم اقتراف أفعال من انتهاك حرمة أو تدنيس جُثث أو اغتصاب جسدي لأشخاص قاصرين، وحتّى القيام بقتل طقسي (Homicides Rituels).
أمّا الجماعة التي يستوحي منها عدد كبير من الشيع الشيطانيّة الأكثر حداثة، فهي "كنيسة الشيطان" التي أسّسها في الولايات المتّحدة الأميركيّة، سنة 1966 « Anton Szandor La Vey ». وتمتاز هذه الشيعة برمز يُسمّى « Sceau de Baphomet » أي برأس تَيْس موضوع في داخل "نجمة خُماسيّة الأجنحة" (Pentacle)، مقلوبة، متداخلٍ في دائرة، ويحمل في آخِر كلّ شُعبة من النجمة خمسة أحرف عبريّة، ومن ثمّ فإنّ كلّ ذلك متضمّن في دائرة أخرى.
إنّ La Vey هو صاحب مؤلّفات ثلاثة، مَرجعيّة في الحقل الشيطاني المعاصر، وهي الآتية: "التوراة الشيطانيّة"، و« Compleat Witch »، و"الطقوس الشيطانيّة". وإنّ هذا المؤلَّف الأخير يحتوي على طقوس مختلفة باللغة اللاتينيّة والإنكليزيّة والفرنسيّة والألمانيّة.
وإنّ الاحتفال الأساسي الذي يشمل تقريبًا جميع المجموعات الشيطانيّة والذي هو القدّاس الأسود، هو واضح الشروحات في كتابَي La Vey: "التوراة الشيطانيّة" و"الطقوس الشيطانيّة".
وإنّ المجموعات الشيطانيّة المختلفة تُدخِل تغييرات في الطقوس التي يقول بها La Vey، والذي ينقلها هو عن أقدم القدّاسات الأوروبيّة السوداء، مستوحيًا من مؤلّفات الشاعر الفرنسيّ شارل بودلير (1821 – 1867) ومن الكاتب شارل – جورج هُوِيسْمَانْس (1848 – 1907).
يقوم بهذه الطقوس الشخص المحتفل، وشمّاس إنجيليّ، وشمّاس رسائليّ. يستعملون في الاحتفال بعض الشموع العسليّة، و"النجمة الخماسيّة الأجنحة" المقلوبة، وكأسًا مملوءًا من الخمر أو المشروب الروحيّ (Liqueur)، وجرسًا صغيرًا، وسيفًا، ومِرَشّة، وصليبًا مُنكِّسًا المصلوب، كما يستعملون أيضًا بُرشانة مقدّسة حقًّا. أمّا مذبح القدّاس الأسود فهو امرأة عريانة.
فيرتدي المشتركون ثيابًا سوداء مع أساكيم (Capuchons)، ويتبعون طقوسًا هي تقريبًا طقوس القدّاسالكاثوليكيّ ذاتها، مع تلاوة صلوات باللاتينيّة، والإنكليزيّة، والفرنسيّة.
وبدل أن يدعوا اسم الله، يدعون اسم الشيطان؛ ويلجأون إلى أسماء عدّة شياطين،ويتلفّظون بصلاة "الأبانا" في معنى معاكس وسلبيّ فيقولون مثلاً: "أبانا الذي فيجهنّم...".
ويرشقون المسيح بالمسبّات، ويدنّسون القربانة بجميع الطرقالممكنة (فيستعملونها لممارسات جنسيّة، أو يضربونها بحقدوانتقام).
ثالثا - المعتقدات الشيطانية
وهناك بعض أتباع الشيطان الذين يجدون نفوسهم في هذا الاتجاه فيؤكّدون أنّ "عبادة الشيطان هي ديانة الجسد، بمعنى أنّ السعادة بالنسبة إلى تابعها ينبغي أن يُفتّش عنها الآن وهنا. فلا سماء موجودة يذهب إليها بعد الممات، ولا جهنّم نار كقصاص للخاطئ".
وهناك أيضًا أولئك الذين يرون في الشيطان، بعكس ذلك، كائنًا حقيقيًّا هو رئيس الظلمات ويمكن اللجوء إليه من خلال طقوس سحريّة إبتغاء للنعم على أنواعها. وبالإضافة إلى هؤلاء كلّهم، هناك الذين يرون في الشيطان، وخصوصًا لوسيفورس، وجهًا إيجابيًّا يعاكس عمل الله المتبّع في التقليد اليهودي – المسيح، والمنظور إليه من وجهة سلبية.
فبالعموم، يصعب إعطاء تحديد موحّد للمعتقدات التي تلجأ إليها شيعة شيطانيّة معيّنة. فعلى سبيل المثل، إنّ عبادة الشيطان التي أنشأها (La Vey)، تعتبر في بعض مظاهرها، أنّ الشرّ قوّة حيويّة مألوفة يمكننا السيطرة على قدرتها الهدّامة بواسطة طقوس معيّنة.
وفي بعض المظاهر الأخرى، يتّضح أنّ (La Vey) يتّجه نحو الشيطان كما إلى كائن شخصيّ، حتّى وإن كان ذلك بصورة تشبيهيّة؛ الأمر الذي يخلق هذا الغموض الأساسيّ الذي هو نموذجيّ في أوساط عُبّاد الشيطان.
وهناك تناقض آخر يظهر عند أولئك الذين يلجأون إلىكتب الطقوس العبثيّة المستعملة في "كنيسة الشيطان"، والمتميّزة بتناقض منهجيّ وحادّمع الإنجيل والكنيسة وليتورجيّتها: فلسنا نعرف لماذا ينبغي أن ينصَبّ على ممارسةالقدّاسات السوداء بصورة تعصّبيّة، ذاك الذي لا يؤمن بالشيطان، ولا بالله، ولابالكنيسة ولا بذبيحة القربان المقدّس.
رابعا-الدخول في الوسط الشيطاني
وهكذا اللجوء إلى مجوس للتصدّي إلى قضايا من كلّ جنس: فعلى المدى الطويل، ومن أجل إيجاد حلّ لكلّ هذه الأمور، لن يُهمل اللجوء إلى ما يسمّونه السحر الأسود الذي يوصل بصورة شبه أكيدة، إلى عالم الطقوس الشيطانيّة التي يحتفل بها أشخاص فريدون أو مجموعات منظّمة نوعًا،
وكذلك الانجذاب الوثنيّ الذي يظهر عند بعض المغنين وجماعة رقص الروك (Rock) الذين يُسمَح لهم، من خلال رسالات أغانيهم، بأن يُجدِّفوا ويدفعوا إلى الانتحار والقتل والعنف والانحراف الجنسيّ، وتعاطي المخدّرات، والعلاقات الجنسيّة مع الجثث، والالتزام بعبادة الشيطان.
إنّ الحوافز التي تدفع إلى ممارسة الطقوس الشيطانيّة هي الأكثر تنوّعًا: ففيها نجد الاقتناع بنيل الفوائد الماديّة المختلفة، وحتّى على حساب أشخاص آخرين؛
ونجد فيها الرغبة في التنكّر للمجتمع بطريقة شاذّة ومفرطة، كما ونجد فيها الانجذاب المرَضي نحو ما هو مخيف وشنيع والذي تمليه عليهم الرغبة اللاواعية في إبعاد هلعهم الخاصّ المتعدّد الأوجه. ونجد أيضًا في هذه الحوافز،
الجواب العنيف على الصدمات النفسيّة التي لاقوها في مرحلة طفولتهم، وإرادة اكتساب السلطات الخصوصيّة التي يحسبون امتلاكها ممكنًا بواسطة الأساليب الخفيّة والسحريّة والمشاركة في طقوس معيّنة؛ ويجدون فيها أيضًا الإشباع لنـزواتهم الجنسيّة عبرَ اختبارات غير معهودة مرتكزة على أمور خفيّة وطقسيّة.
وإنّ هناك مختلف قضايا المجتمع المعاصر التي تُسهم بالتأكيد في تهيئة المجال تهيئة أوفر للبذار الشيطاني. ولنعدّد من هذه القضايا: عزلة الفرد في داخل الجماهير اللاشخصانيّة والعديمة التنظيم (Amorphe)؛ ومنها أيضًا صدمة الأوساط التي تصيب المسيحيّة وتحاول إتلافها في نظرتهم الخاصّة إلى العالم؛ ومنها تفكّك العائلة بسبب ضعف الإيمان بالله (إذا لم يكن فقدانه) الذي يستطيع وحده أن يوفّر لها المحبّة والانسجام والوحدة.
وهناك مواقف تحقّق لعبة التعبّد للشيطان، ونعطي من خلالها، بنوع من الوعي، دفعًا لنشره في المجتمع المعاصر. ويمكننا أن نتمثّل الموقف الأوّل في نقص تقدير هذه الظاهرة التي نحوّلها إلى حدث هامشيّ، لا أهميّة له ولا معنى، كنوع من الألاعيب الاجتماعيّة أو من التمثيل، والذي قد يُسمَح بها كانحراف ممكن في النظرة الاجتماعيّة.
وهناك موقف آخر هو عكس الأوّل، ويقوم بالإفراط في تقدير هذه الظاهرة المعتبرة منتشرة للغاية. ونرى عندئذٍ في المجموعات الشيطانيّة منظّمات معدّة دائمًا وبكلّ حال، لنشاطات جنائيّة (حتّى وإن لم توجد البراهين المحسوسة للتكلّم عن جرائم اقترفوها)، وهي قادرة أن تؤثّر على المجتمع بنوع خطر للغاية حتّى على استقراره.
ولذلك فإنّ ردّات الفعل الخوفيّة من عبادة الشيطان أو محاولة إقتناص عبّاد الشياطين تبدو ممكنة في النتيجة.
أمّا الموقف الثالث فهو الذي يمكننا أن نحدّدهبالتخوّف المناوئ لعبادة الشيطان والذي هو صادر عن انتشار نقد مفرط ومنظّمللمؤسّسات التي تعاكس حركة التعبّد للشيطان. وعندما تنتفض المنظّمات إزاء هذهالظاهرة وبنوع صحيح، من الناحية العلميّة، والثقافيّة والدينيّة، فإنّ هذهالمنظّمات تُعرف كمؤسّسات مؤثّرة للغاية وقادرة أن تثير مواقف مؤذية على المستوىالاجتماعيّ.
خامسا – بعض الإعتبارت الختامية
حقيقة الشيطان وظاهرة عبادته
إنّ حالات الاستحواذ الشيطاني التي قد تحصل بين أولئك المشاركين برضاهم في العمل الشيطاني، تمثّل في الصيغة الفعليّة لا الانفعاليّة فقط، نتيجة الحدث أنّ هؤلاء الأشخاص هم يقدّمون ذواتهم بملء حريّتهم إلى الشيطان.
ومهما كان الأمر، إنّ المعضلة الاجتماعيّة الأخلاقيّة والثقافيّة المتعلّقة بقبول التفكير والممارسات الشيطانيّة، هي أنّنا نصل منها إلى الموافقة على قلب كامل للقيم: وهكذا يكون الأمر المغلوط موضوعيًّا، والعاطل وغير المرتّب أخلاقيًّا، قد قُبِل بمثابة المثال الصحيح والمحرّر المطروح على الآخرين.
وبالإضافة إلى ذلك، إنّ تبنّي الشعار القائل: "اصنع ما تريد تكن قد وفيت كلّ الشريعة"، يقود الإنسان ضرورة إلى الإيمان بأنّ حريّته لا تتوقّف حيث تبدأ حريّة الآخرين. ويمكننا أن نستنتج بعد ذلك، أنّ الإنسان – الذي يؤلّه المادة ويعتبر ذاته إلهًا، واضعًا شخصه محل الخالق – هو ضرورة مدفوع إلى الاصطدام بواقع محدوديّته وعجزه البشريّ المرير والمحتّم، وإلى تحمّل صدمات تقود إلى نتائج نفس – فيزيائيّة (Psycho-Physiques) خطيرة، مع مخارجها الضعيفة والواهنة.
إنّ التعبّد للشيطان يكشف عن شحنة عاطفيّة قويّة، وعن هروب في اللامعقول؛ شحنةٍ مُتخفيّةٍ تحت بعض المظاهر بغطاء شبه عقلانيّ ومبرّر. ويبدو فيها شرّ عميق تحت مظاهر ودوافع شخصيّة وغامضة. ويعبّر عن ذاته متجسّدًا في الخطايا الشخصيّة، وهو يضيع من خلال طقوسه ورموزه ومعتقداته المتعدّدة، مفهوم الاستقامة والبرارة إلى جانب الجرح العميق في نزاهة الشخص الإنسانيّ.
إنّه جرح يظهر في الشذوذ الجنسيّ، في التعطّش إلى السلطة، والتفتيش المفرط عن المال والنجاح في مآربه، وفي حبّ ذاتي نرسيسيّ صاخب. إنّها عناصر متعدّدة تخدم الهرب من محبّة الله والقريب، وتسعى إلى الابتعاد عن الصالح الفرديّ والعام.
أمّا في هذا العالم حيث يبدو الشرّ وكأنّه انتصرعلى الخير، فتبقى الضرورة الملحّة أشدّ الإلحاح، في ترداد إرشاد الأب الأقدس القائلإلى جميع البشر:
"لا تخافوا!" وإنّ هذا الاطمئنان لا يستطيع أن يصدر إلاّ عنمعرفتنا بأنّ التحرّر من الشرّ، وإنّ عمل الخلاص، يمرّان في قلب العمل الفدائي الذيحقّقه يسوع المسيح، المخلّص الوحيد للإنسان.
مخاطر الهارد روك
لقد انتشرت المخدّرات في زمن "الروك أند رول" (Rock and Roll) مع نجوم فرقة "البيتلز" الذين كتبوا أغنية "يللو سَبْمارين" (Yellow Submarine) وهي بمثابة هلوسة نفسيّة؛ وقد تبعتها في هذا المضمار فرقة "الرولينغ ستونز" (Rolling Stones) بأغانيها المعروفة بـ "السُكَّر الأسمر" (Brown Sugar) (كوكايين) و"الأخت مورفين" (Sister Morphin).
لقد أوقِف كلّ من "ميك جاغِرْ"(Mick Jagger) و"كيث ريتشاردس"(Keith Richards) وهما نجمان مُنتميان إلى هذه الفرقة، لحيازتهما على مخدّرات. كما توفّي نجمان يدعيان "بريان جونز(Biran Jones) و"جيمي هندريكس"(Jimmi Hendrix) بسبب إفراطهما في تعاطي المخدِّرات.
وفي سنة 1978، إتُّهم "جون سايمُنْ ريتشي"(John Simon Richie) وهو لاعب غيتار في فرقة "السكس بيستولز"
(Sex Pistols) بقتل صديقته "نانسي سبونجنْ"(Nancy Spungen) وتوفّي سنة 1979، وهو في الحادية والعشرين من عمره، وذلك أيضًا بسبب كثرة تعاطيه الهيرويين.
ولكن، في إطار "الهارْد روك"، تطوّرت المشكلة حتّى بلغت أبعادًا مخيفة. لقد أصبح "الهارْد روك" طريقة حياة، وبالأكثر، دعوةً إلى الحياة مع المخدّرات. في الحفلات، يُعلّم الفنّانون مُعجَبيهم طريقة حقن أنفسهم بالمخدّرات تحت الجلد. كما أنّ أحد النجوم جَذبَ أعدادًا كبيرة من المُستمعين وذلك لأنّه وعد بإعطائهم الكوكايين إذا حضروا حفلته الموسيقيّة.
ولكن المخدّرات لم تكن إلاّ بدءًا؛ أتى العنف لاحقًا. أعلن أخصائي فرنسي يُدعى الدكتور "فرنسوا ريبن"(François Rieben) أنّ إحصاءاتٍ وأبحاثًا طبيّة أثبتتْ أنّ سماع موسيقى "الهارْد روك" يُغيّر من الشخصيّة ويسبّب الغضب والعصبيّة والعنف. إذ إنّها تضع المستمعين في حالة عداء حيث لا يكون للعداء داعٍ أو سبب، وهذا العداء يقودهم إلى الانفراد والعزلة.
وقد كشف "أوزي أسبورْن"(Ozzy Osbourne) أحد نجوم هذه الموسيقى، أنّهم يسعون جاهدين من أجل السيطرة على عقول مستمعيهم. والبراهين على ذلك متوفّرة وواضحة: إذْ أقدم صبيّ على الانتحار بعد سماعه إحدى أغاني "أوزي أسبورن" المعروفة باسم "التخلّص بالانتحار" (Suicide Solution).
وأعلنت أيضًا فرقة "الـﭭينوم"(Venom group) ، وهي إحدى فرق موسيقى "الهارد روك"، أنّ شعارها هو "إعمل ما تشاء وحيثما تشاء".
إن انعكاسات هذا الأسلوب الرخيص على النّشء واضحة جدًا، إذْ في سنة 1969، أثناء تأدية فرقة(Rolling Stones) العرض المعروف باسم "التعاطف مع الشيطان" ، قُتل شابٌّ من السود أمام أعين الحاضرين. والأفظع من ذلك هو عدم اكتراث الناس بهذه الجريمة: استمرّ العرض وكأنّ شيئًا لم يكن.
وفي سنة 1979 وخلال إحدى الحفلات الصاخبة لفرقة "هو"(Who) في بلدة "سِنسِناتي"(Cincinatti) في أميركا، تسبّب هرعٌ هستيري لمجموعة كبيرة من الناس بقتل أحد عشر شخصًا.
إنّ إدخال رسائل تدعو إلى إنكار الله والتكريس للشيطان في أغاني نجومٍ عديدين من "الهارد روك" هو من أخطر الممارسات، فهم يتبعون طريقتين:
- الطريقة الأولى هي تسجيل رسائل خفيّة. والمقصود منها نقل رسالة خفيّة غايتها أن تَبلُغ إلى السامع "تحت عتبة وعيه تمامًا". وهذه الرسالة لا تستوعبها الحواس الخارجيّة، بل تدخل في عمق لاوعي السامع الذي يبدو أعزل تمامًا أمام هذا التأثير.
فإذا أخذنا مثلاً أغنية "الطريق إلى الجنّة"(Stairway to Heaven) لفرقة "لِدْ زيبلينْ"(Led Zeppelin) ، نجد أنّ المقطع الثالث من هذه الأغنية يتضمّن رسالة خفيّة لا يستطيع الوعيُ أن يلتقطها إلاّ إذا أدار الأسطوانة بالطريقة العكسيّة عند هذا المقطع، وعندئذٍ نسمع بوضوح:
"يجب أن أعيش من أجل الشيطان"(I’ve got to live for Satan) .
أمّا أغنية "الثورة رقم 9"(Revolution Number 9) لفرقة "البيتِلز" (Beatles) سنة 1968، فهي تحتوي على رسالة خفيّة، إذ إنّ المغنّي "جون لينون"(John Lennon) يردّد في آخر الكلمات التالية "نمبر نين، نمبر نين..."(Number Nine, Number Nine…) . فعندما ندير الأسطوانة بالطريقة العكسيّة، عند هذا المقطع، نسمع هذه الكلمات: هيّجني، أيّها الرجل الميت (Turn me on, dead man) (والرجل الميت في الأغنية هو المسيح).
أمّا أغنية "شخص آخر يلحس التراب"(Anohter on Bites the Dust) لفرقة "الكوين" (Queen) فهي تحتوي على رسالة خفيّة يمكن أن نسمعها في موضع جملة عنوان الأسطوانة. عندما ندير الأسطوانة بالطريقة العكسيّة، نسمع الرسالة تقول: إبدأوا بتدخين الماريجوانا"(Start to smoke Marijuana) .
ويؤكّد الدكتور فرنسوا ريبنْ أنّ هذه الرسائل حتّى ولو لم تُدرك تمامًا، فإنّها تصل إلى لاوعي السامع. ورويدًا رويدًا يقتنع بها.
ومن المهمّ أن نشير إلى أنّ السامع يجهل تمامًا أنّه يخضع لغزو وعيه ولاوعيه العميق.
- الطريقة الثانية هي: اختيار أسماء ذات مغزى للفرق وللأغاني تهدف إلى إنكار الله والتكريس للشيطان. فمثلاً حروف اسم فريق الـ(AC/DC)
تعنيAnti Christ/Death to Christ) أي "المسيح الدجّال/ الموت للمسيح". وأمّا اسم فرقة (Kiss)
فيعني: (Knignts in Satan’s Service) أيّ "فرسان في خدمة الشيطان". وهناك أسماء لفرق غيرها كـ "إبن الشيطان"(Son of Satan) و"كاهن يهوذا"(Judas Priest) و"جواكر الشيطان"(Satan Jokers) .
إنّ أغاني الفريق(AC/DC) تحمل أسماء مثل: طريق واسع إلى جهنّم"(Highway to Hell) و"أجراس جهنّم"(Hell’s Bells) و"أطلق لتقتل"(Shout to Kill) وأغنية فريق (Kiss) تدعى "خلائق الليل". أمّا فريق "آيرون مايدن"(Iron Maiden) فقد غنى "رقم الوحش (666)(The Number of the Beast « 666 ») (إنّ الرقم 666 هو وسمُ الشيطان على الذين يكرّسون أنفسهم له، راجع رؤيا يوحنّا فصل 13 عدد 18).
هكذا نرى أنّ لكلّ أغنية هدفها الخبيث المبطّن؛ فأغنية(Hell’ Bells) أي "أجراس جهنّم" تمدح عظمة الشيطان. وأغنية "الطريق إلى الجنّة"(Stairway to Heaven) هي دعوة للاستسلام للشيطان إذ تقول: "قلْ نعم للشيطان، لا تخف من الشيطان، أنا أريد الإله أن يجثو على ركبتيه أمام الشيطان".
إنّهم يذهبون أبعد من ذلك؛ فمثلاً أعلن النجم المعروف باسم "أليس كوبر"(Alice Cooper) أنّه في أثناء جلسة تحضير أرواح (Spiritism Sitting) قدّمت له روح من الأرواح الشريرة العظمة والمال وذلك مقابل بيع جسده وروحه إليها وهكذا فعل.
إنّ إلهامات نجوم عديدين من "الهارد روك" تعني الكثير أيضًا؛ فيقولون إنّهم لا يستطيعون التأليف إلاّ في الليل ويمارسون جلسات التنجيم للقيام بهذا التأليف.
لقد أصبح واضحًا أنّ المواضيع الأكثر إلفة لهم هي: الجنس، الموت، العنف والمخدّرات، إنكار الله والتكريس للشيطان؛ وإنهم يفرضون دائمًا وجود ساحر في جلساتهم، وأنّ الموسيقى التي يقدّمونها هي نتيجة كلّ هذه الممارسات.
أمّا الأخطر في كلّ هذا فهو تأثير نجوم هذه الموسيقى على المعجبين بهم. إنّهم يعملون للسيطرة عليهم، ولا يحاولون حتّى أن يكتموا ذلك عنهم؛ أمّا الوقائع فكلّها تشير إلى أنّهم تمكّنوا من النجاح حتّى الآن. لذلك فلقد آن للمجتمع أن يباشر بإزالة هذا الوباء الخطر.
ملاحظة: للمزيد من المعلومات، يمكنكم أن تجدوا أشرطة مسجّلة وأشرطة فيديو، عن "خطر الروك"، وكذلك في الكتاب "الروك أند رول: اغتصاب الوعي بالرسائل الخفيّة"، للمؤلّف
(Jean-Paul Régimbal) وفريق من المعاونين، "طبعة كروازاد"
(Ed. Croisade) التي تعالج الموضوع ذاته.
جمعيّة "جنود مريم"
Comment