يدخلنا يوم الخميس العظيم في السر الفصحي. نقرأ في صلاة السحر الإنجيل الذي يسرد الأحداث التي حصلت ابتداءً من حديث يهوذا مع اليهود إلى الوقت الذي ترك فيه يسوع العلية ليذهب إلى جبل الزيتون. في الساعة الأولى تُقرأ قراءة من سفر أرميا, حيث نسمع "أنا خروف بريء من الشر مسوق إلى الذبح...رعاة كثيرون أفسدوا كرمي ودنّسوا نصيبي...فأرحمهم وأسكنهم كلاً في مورثه وكلاً في أرضه".
ثم تقام خدمة الغروب حيث نتابع قراءة سفر الخروج: يهبط الله على حبل سيناء وسط النار والدخان, لكنه لا يعطي وصاياه بعد. وكان موسى قد أوصى الشعب: "كونوا مستعدين لليوم الثالث". وكان أفراد الشعب قد غسلوا ثيابهم وتطهروا. كل هذه الأمور بمثابة صور عن قيامة المسيح في اليوم الثالث, وعن ظهوره للبشر بعد الفصح, وعن الطهارة التي علينا أن نتحلى بها. في اقترابنا من السر الفصحي, نتابع أيضاً قراءة سفر أيوب. يكلم الله أيوب ويسأله بعض الأسئلة قائلاً: "إني أسألك فأخبرني". ثم يتكلم أيوب ويقول لله العبارة نفسها: "فأتكلم أسألك فأخبرني". هذا هو نموذج الحوار العجيب الذي يجب أن يتم بين الله والإنسان. لقد وصل أيوب إلى نهاية مصاعبه وبقي أميناً. نقرأ أخيراً بعض الآيات من بداية سفر أشعيا النبي, حيث يوبخ الله اسرائيل, لأنه "أمة خاطئة, شعب ثقيل الإثم". ويعلن أنه ملّ من الذبائح المقدمة.
إن خدمة الأناجيل الاثني عشر التي يعتبرها الشعب من خصائص الخميس العظيم, هي بالفعل تتعلق بيوم الجمعة العظيم. تبرز نصوص الخميس العظيم ثلاثة أوجه: الغسل, مائدة الرب, وخيانة يهوذا. لكن قبل أن نرى ما يحدث في العلية, فلنلتفت إلى العلية نفسها. أرسل يسوع تلاميذه ليقولوا لصاحب البيت: "عندك أصنع الفصح...." فأين هو المكان الذي يمكنني أن آكل فيه الفصح مع تلاميذي؟. إن هذه الجملة موجهة إلى كل منا. يرغب يسوع, في كل عيد فصح, أن يأتي بصورة خاصة إلينا و"يصنع الفصح" روحياً في أنفسنا. وخارج زمن الفصح, وفي كل مرة يوزع الرب يسوع علينا, من مائدته الخاصة, الخبز الذي هو شركة جسده, والخمر الذي هو شركة دمه, فإنه يقيم الفصح في عليتنا الداخلية, وفي نفس الوقت الذي يتم فيه السر الخارجي. ولكن هذا ليس بكل شيء. فعلاوة على عيد الفصح وعلاوة على سر الشكر, بإمكاننا أن نقيم كل يوم في علية أنفسنا فصحاً غير منظور وفي الصمت. يمكننا أن نتقبل كلما شئنا, الرب يسوع بالإيمان والمحبة, وأن نجعل منه, بالروح غذاءنا. ويقول لنا يسوع عن هذه المائدة الداخلية الروحية: "اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم....". لكن أين هي العلية التي سنستقبله فيها؟ أكل شيء جاهز؟ لا توجد في نفسي غرفة مؤهلة بنظافتها وزينتها لزيارة كهذه. على كل لن يكفي أن أهيء زاوية في نفسي متجاهلاً الفوضى التي تعم الأجزاء البقية في داخلي. إذ لا بد من أن أغسل نفسي كلها وأن أقوم بتنظيفها. ليس لدي القوة الذاتية للقيان بهذا العمل, لذا تعال يا سيد وهيئ أنت لنفسك فيَّ عليةً.
يكمن سر العلية الرئيسي في سر الشكر, حيث يعطي الرب يسوع, الحاضر حقاً كموزِّع وموزَّع, ذاته لنا في الإفخارستيا. نحصل على خبز الحياة, أعني جسد المسيح ودمه الكريمين. فالإفخارستيا قبل أن تكون حضوراً للمسيح فينا, هي ذبيحة المسيح من أجلنا. يجد بنا أن نتذكر الصلة التي أرادها السيد بين عشاء العلية والفصح اليهودي, وبيه هذا العشاء والآلام. كل افخارستيا هي شفاء وتقدمة وذبيحة. وفي كل مرة نتناول فيها جسد المسيح ودمه, فإننا نشترك بآلامه, نشاركه ذبيحته, لذلك يجب علينا أن نذبح كياننا بالذات ونقدمه مع رغباتنا الأنانية وإرادتنا إن قبول الله للضحية هو جزء لا يتجزأ من كل ذبيحة. يشكل العشاء في العلية وكذلك خدمنا الإفخارستية ليس فقط سر آلام السيد لكن سر تمجيده واستجابة الآب الظاهر في القيامة والصعود أيضاً . إن إفخارستياتنا المقامة على الأرض تجعلنا في صلة مع الإفخارستيا الأبدية السماوية. توجد ناحية أخرى في سر الشكر, هي أن المسيحيون يتناولون المسيح الكلي فيه, أي أنهم يشتركون ليس فقط بالرأس بل بكل أعضاء الجسد السري. باشتراكنا في جسد ودم المسيح, نشترك مع كل الناس بقدر ما يشتركون, بالطبيعة والنعمة, بالإله المتأنس. لأنه يدمجنا بشخص يسوع, يدمجنا سر الشكر, أيضاً في الكنيسة, بكل أخوتنا وأخواتنا. يوجد علاوة على الفصح المنظور والذبيحة والمناولة الأسرارية, فصح غير منظور, ذبيحة ومناولة روحيتان يمكننا أن نقدمهما ونتقبلهما في خفاء نفوسنا. وبإمكان هذه الإفخارستيا الداخلية التي نحن خدامها والمستفيدون منها في آن, أن تجني لنا ثماراً كثيرة, يمكن أن نغتذي بالروح من الخبز الحيّ النازل من السماء وأن نأكل جسد المسيح ودمه الكريمين. يقول لنا كاهننا الأبدي يسوع المسيح, في كل لحظة, كما يقول الكاهن في قداديسنا الأرضية: "بخوف الله وإيمان ومحبة تقدموا". يدعونا يوم الخميس العظيم لتأمل خيانة يهوذا. إن هذه الخيانة كانت قد تمت عندما اتفق يهوذا مع كهنة اليهود على أن يسلمهم السيد, لكنها ظهرت بصورة أشد فظاعة في العلية, أثناء العشاء الأخير. اللقمة المقدمة من يسوع! إننا لا شك نقمت عمله هذا, لأنه دنس مائدة الرب. لكن كم من مرة جلسنا نحن أيضاً إلى هذه المائدة بدون أن نطهر قلبنا كما يليق؟ كم من مرة سقطنا في الخطيئة بملء إرادتنا وبعد اشتراكنا في عشاء الرب؟ خان يهوذا سيده مرة واحدة, ونحن نخونه باستمرار. كان الظلام يعم كل مكان خارج العلية وفي قلب الخائن. يشتمل كلام يسوع هذا, داعياً يهوذا للخروج لإتمام جرمه, على عمق ورحمة أوسع بكثير مما يبدو لأول وهلة. يقول لنا الإنجيلي الرابع إن الرسل اعتقدوا أن يسوع كان قد كلف يهوذا بشراء بعض الأشياء, أو باعطاء بعض النقود للفقراء لكي يقيموا العيد. وكان هذا الاعتقاد صحيحاً بمعنى لم يتوقعه الرسل, إذ أرسل يسوع يهوذا لشراء الحمل الفصحي بثلاثين من الفضة, لأنه بعمله هذا –أي بتسليمه السيد- أعطى يهوذا العالم ضحية الفصح المزمعة أن ترفع كل خطيئة. إن معنى يوم الخميس العظيم يختصر في ترتيلة"اقبلني اليوم شريكاً لعشائك السري, يا ابن الله, لأني لست أقول سرك لأعدائك ولا لأعطيك قبلة غاشة مثل يهوذا, لكنني كاللص اعترف لك هاتفاً: اذكرني يا رب متى أتيت في ملكوتك".
ثم تقام خدمة الغروب حيث نتابع قراءة سفر الخروج: يهبط الله على حبل سيناء وسط النار والدخان, لكنه لا يعطي وصاياه بعد. وكان موسى قد أوصى الشعب: "كونوا مستعدين لليوم الثالث". وكان أفراد الشعب قد غسلوا ثيابهم وتطهروا. كل هذه الأمور بمثابة صور عن قيامة المسيح في اليوم الثالث, وعن ظهوره للبشر بعد الفصح, وعن الطهارة التي علينا أن نتحلى بها. في اقترابنا من السر الفصحي, نتابع أيضاً قراءة سفر أيوب. يكلم الله أيوب ويسأله بعض الأسئلة قائلاً: "إني أسألك فأخبرني". ثم يتكلم أيوب ويقول لله العبارة نفسها: "فأتكلم أسألك فأخبرني". هذا هو نموذج الحوار العجيب الذي يجب أن يتم بين الله والإنسان. لقد وصل أيوب إلى نهاية مصاعبه وبقي أميناً. نقرأ أخيراً بعض الآيات من بداية سفر أشعيا النبي, حيث يوبخ الله اسرائيل, لأنه "أمة خاطئة, شعب ثقيل الإثم". ويعلن أنه ملّ من الذبائح المقدمة.
إن خدمة الأناجيل الاثني عشر التي يعتبرها الشعب من خصائص الخميس العظيم, هي بالفعل تتعلق بيوم الجمعة العظيم. تبرز نصوص الخميس العظيم ثلاثة أوجه: الغسل, مائدة الرب, وخيانة يهوذا. لكن قبل أن نرى ما يحدث في العلية, فلنلتفت إلى العلية نفسها. أرسل يسوع تلاميذه ليقولوا لصاحب البيت: "عندك أصنع الفصح...." فأين هو المكان الذي يمكنني أن آكل فيه الفصح مع تلاميذي؟. إن هذه الجملة موجهة إلى كل منا. يرغب يسوع, في كل عيد فصح, أن يأتي بصورة خاصة إلينا و"يصنع الفصح" روحياً في أنفسنا. وخارج زمن الفصح, وفي كل مرة يوزع الرب يسوع علينا, من مائدته الخاصة, الخبز الذي هو شركة جسده, والخمر الذي هو شركة دمه, فإنه يقيم الفصح في عليتنا الداخلية, وفي نفس الوقت الذي يتم فيه السر الخارجي. ولكن هذا ليس بكل شيء. فعلاوة على عيد الفصح وعلاوة على سر الشكر, بإمكاننا أن نقيم كل يوم في علية أنفسنا فصحاً غير منظور وفي الصمت. يمكننا أن نتقبل كلما شئنا, الرب يسوع بالإيمان والمحبة, وأن نجعل منه, بالروح غذاءنا. ويقول لنا يسوع عن هذه المائدة الداخلية الروحية: "اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم....". لكن أين هي العلية التي سنستقبله فيها؟ أكل شيء جاهز؟ لا توجد في نفسي غرفة مؤهلة بنظافتها وزينتها لزيارة كهذه. على كل لن يكفي أن أهيء زاوية في نفسي متجاهلاً الفوضى التي تعم الأجزاء البقية في داخلي. إذ لا بد من أن أغسل نفسي كلها وأن أقوم بتنظيفها. ليس لدي القوة الذاتية للقيان بهذا العمل, لذا تعال يا سيد وهيئ أنت لنفسك فيَّ عليةً.
يكمن سر العلية الرئيسي في سر الشكر, حيث يعطي الرب يسوع, الحاضر حقاً كموزِّع وموزَّع, ذاته لنا في الإفخارستيا. نحصل على خبز الحياة, أعني جسد المسيح ودمه الكريمين. فالإفخارستيا قبل أن تكون حضوراً للمسيح فينا, هي ذبيحة المسيح من أجلنا. يجد بنا أن نتذكر الصلة التي أرادها السيد بين عشاء العلية والفصح اليهودي, وبيه هذا العشاء والآلام. كل افخارستيا هي شفاء وتقدمة وذبيحة. وفي كل مرة نتناول فيها جسد المسيح ودمه, فإننا نشترك بآلامه, نشاركه ذبيحته, لذلك يجب علينا أن نذبح كياننا بالذات ونقدمه مع رغباتنا الأنانية وإرادتنا إن قبول الله للضحية هو جزء لا يتجزأ من كل ذبيحة. يشكل العشاء في العلية وكذلك خدمنا الإفخارستية ليس فقط سر آلام السيد لكن سر تمجيده واستجابة الآب الظاهر في القيامة والصعود أيضاً . إن إفخارستياتنا المقامة على الأرض تجعلنا في صلة مع الإفخارستيا الأبدية السماوية. توجد ناحية أخرى في سر الشكر, هي أن المسيحيون يتناولون المسيح الكلي فيه, أي أنهم يشتركون ليس فقط بالرأس بل بكل أعضاء الجسد السري. باشتراكنا في جسد ودم المسيح, نشترك مع كل الناس بقدر ما يشتركون, بالطبيعة والنعمة, بالإله المتأنس. لأنه يدمجنا بشخص يسوع, يدمجنا سر الشكر, أيضاً في الكنيسة, بكل أخوتنا وأخواتنا. يوجد علاوة على الفصح المنظور والذبيحة والمناولة الأسرارية, فصح غير منظور, ذبيحة ومناولة روحيتان يمكننا أن نقدمهما ونتقبلهما في خفاء نفوسنا. وبإمكان هذه الإفخارستيا الداخلية التي نحن خدامها والمستفيدون منها في آن, أن تجني لنا ثماراً كثيرة, يمكن أن نغتذي بالروح من الخبز الحيّ النازل من السماء وأن نأكل جسد المسيح ودمه الكريمين. يقول لنا كاهننا الأبدي يسوع المسيح, في كل لحظة, كما يقول الكاهن في قداديسنا الأرضية: "بخوف الله وإيمان ومحبة تقدموا". يدعونا يوم الخميس العظيم لتأمل خيانة يهوذا. إن هذه الخيانة كانت قد تمت عندما اتفق يهوذا مع كهنة اليهود على أن يسلمهم السيد, لكنها ظهرت بصورة أشد فظاعة في العلية, أثناء العشاء الأخير. اللقمة المقدمة من يسوع! إننا لا شك نقمت عمله هذا, لأنه دنس مائدة الرب. لكن كم من مرة جلسنا نحن أيضاً إلى هذه المائدة بدون أن نطهر قلبنا كما يليق؟ كم من مرة سقطنا في الخطيئة بملء إرادتنا وبعد اشتراكنا في عشاء الرب؟ خان يهوذا سيده مرة واحدة, ونحن نخونه باستمرار. كان الظلام يعم كل مكان خارج العلية وفي قلب الخائن. يشتمل كلام يسوع هذا, داعياً يهوذا للخروج لإتمام جرمه, على عمق ورحمة أوسع بكثير مما يبدو لأول وهلة. يقول لنا الإنجيلي الرابع إن الرسل اعتقدوا أن يسوع كان قد كلف يهوذا بشراء بعض الأشياء, أو باعطاء بعض النقود للفقراء لكي يقيموا العيد. وكان هذا الاعتقاد صحيحاً بمعنى لم يتوقعه الرسل, إذ أرسل يسوع يهوذا لشراء الحمل الفصحي بثلاثين من الفضة, لأنه بعمله هذا –أي بتسليمه السيد- أعطى يهوذا العالم ضحية الفصح المزمعة أن ترفع كل خطيئة. إن معنى يوم الخميس العظيم يختصر في ترتيلة"اقبلني اليوم شريكاً لعشائك السري, يا ابن الله, لأني لست أقول سرك لأعدائك ولا لأعطيك قبلة غاشة مثل يهوذا, لكنني كاللص اعترف لك هاتفاً: اذكرني يا رب متى أتيت في ملكوتك".