هناك رموز مختلفة في الكتاب المقدس: الحمام، غصن الزيتون، الحمل، فلماذا استخدمت المسيحية السمك وانتشر رسمها بالقرون الاربعة الاولى للمسيحية انتشارا واسعا؟ وبما اننا نعيش الان في فترة الصوم الكبير، والكثير من الناس يأكلون السمك في الصوم، ارتأينا ان نقدم هذه المقالة عن اهمية السمك في الانجيل المقدس وفي تاريخ المسيحية المبكرة.
اولا - السمك في العهد القديم:
في قصة الخلقة، كما في قصة طوفان نوح وغيرها يأتي ذكر اسم السمك الى جانب حيوانات اخرى، حتى لا يوجد تمييز بين اصناف السمك الا في كتب ايوب وطوبيا حيث يشار صراحة الى نوع "الحوت".
استعماله عند اليهود: كان اليهود ياكلون السمك وهم عبيد بمصر، واذ يتذمرون على موسى في البرية يقولون له: "كنا ناكل السمك مجانا" (عدد 11/5).
وفي اسرائيل راجت تجارته بحيث سمي احد ابواب اورشليم: باب السمك. حيث كان الجليليون والفينيقيون يصطادون السمك ثم يجففونه ليباع في المدن البعيدة عن البحر كاروشليم مثلا، بسبب بعدها نسبيا عن البحر وبسبب عدم وجود ثلاجات او مواد تحفظ كائن "نازوك" مثل السمك من التلف بسرعة.
معناه الروحي اليهودي: لم يكن له اي معنى بسبب تحريم الشريعة اليهودية رسم اي صورة او منحوت (تث 4/8)، واحد اسباب الخلافات الكبيرة او الثورات بين اليهود والاستعامر الروماني كان بسبب استعمال الرومان للتماثيل والصور والرموز وغيرها، وهذا كان شيئا محرما عند اليهود.
ثانيا - السمك في العهد الجديد:
في العهد الجديد نرى مكانة هامة جدا للسمك. فالجليل منطقة بحرية، ونعرف على الاقل 4 من تلاميذ يسوع مهنتهم كانت صيد السمك وهؤلاء الاربعة الاوائل هم (بطرس واندراوس اخوه، ويعقوب ويوحنا اخوه) (متى 4: 18- 22). كما ان يوحنا يخبرنا عن 7 منهم ذهبوا للصيد مع بطرس حينما ظهر لهم المسيح بعد القيامة (يو 21: 2-3)، بمعنى ان اكثر من نصف فريق تلاميذ المسيح كانوا من الصيادين!
استعمال السمك في الجليل: يبدو انه الطعام اليومي لاهل الجليل. فمرتان يجوع الناس في البرية وهم يستمعون الى خطابات يسوع، ويسال يسوع التلاميذ، ماذا عندكم للاكل، فيقولون بضع سمكات وخبز.. فاذن كان الناس يحملون السمك معهم حتى في النتقل البسيط او عند الخروج في النزهات.
يسوع يعمل اعاجيب من السمك: كالصيد العجائبي (يوحنا21: 1-8). تكثير الخبز والسمك (مر6: 30-44) ودفع جزية الهيكل عنه وعن بطرس (متى17: 27).
معناه الرمزي: يرمز الى الاوخارستيا (مع الخبز طبعا). ويرمز الى الرسالة ساجعلكم صيادي بشر (سمك وشبكة).
اوغسطينوس يفسر معنى رمز السمكة من الاصل اليوناني لجملة: (يسوع المسيح ابن اللـه المخلص). فجمع الحروف الخمسة الاولى من هذه الكلمات نحصل على كلمة "اكتوس" وباليوناني اكتوس هي"سمكة" وبالتالي تصبح كلمة "سمكة" كلمة سرية لاسم المسيح المخلص.
لماذا استعمال الرموز وكلمات السر في بداية القرون الاولى للمسيحية؟ بسبب وطأة الاضطهادات حيث كانت الامبراطورية الرومانية في عموم اوروبا مضطهدة للمسيحية، وكان الناس في روما مثلا يعيشون في "الدياميس" وهي مدن تحت الارض عبارة عن مقابر رومانية كان يتخفى بها المسيحيون بعيدا عن الاضطهادات والقتل البشع. ففضلوا استعمال رمز ورسم السمكة اشارة الى المسيح المخلص.
اباء الكنيسة ورمز السمكة: علق اباء الكنيسة في القرون المسيحية الاولى على رمز السمكة ومعناه لدى المؤمنين، نستقطب بعضا من كتاباتهم الاكثر اهمية وفائدة:
1-ترمز السمكة الى طبيعة المسيح البشرية: يقول الاباء بان حياتنا وعالمنا يشبه البحر، والبشر سمك يعوم فيه. والمسيحيون "سلالة سماوية للسمك الالهي". حينما اخذ يسوع جسدنا صار (سمكة خرجت من نهر الاردن). ولهذا لم يدفع الجزية لان إله، بل دفعها كضريبة لانسانيته على الارض، في بحر العالم، ولهذا اخذت الجزية من فم السمكة.
2- ترمز الى عمل اللـه الخلاصي: قلنا كلمة (اكتوس) هي مختصر لجملة (يسوع المسيح ابن اللـه مخلص العالم). سال يسوع اليهود: "من منكم اذا ساله ابنه سمكة يعطيه حية؟" المسيح هو سمكة للمؤمن، ولكنه اصبح حية بالنسبة لليهود (عصى موسى صارت حية لتشفي الامراض) فالعين الكافرة لا تستطيع ان ترى اللـه والتقوى.
اما السمك المشوي فهو رمز الى المسيح المتالم! "لانه صار كالمشوي في محنة الامه" (غريغوريوس الكبير). (واعطوه سمك مشوي وشهد عسل) فاكل معهم؟ تعبير عن الام وقيامة المسيح. وفيه تعبير كامل لحياتنا، لاننا نتألم لالامه، ونفرح لقيامته.
3-السمكة ترمز الى المسيح في الاوخارستيا: رأى الاباء في معجزة تكثير الخبز والسمك، خصوصا عند يوحنا رمزا الى الاوخارستيا. "فاعد للتلاميذ سمكا مشويا على الشاطي، اي اعطاهم من ذاته، فهو خبز النازل من السماء، والكنيسة تنتمي اليه جسديا، لتنال الحياة الابدية" (اوغسطينوس).
4-ترمز السمكة للمسيح مؤسس المعمودية: اقليمس الاسكندري من اباء الكنيسة الكبار يقول.... هكذا ارتبطت السمكة في المسيحية بالصيادين-الرسل، والسمك هم المعمدون. "كما يخرج الصياد السمكة من البحر، تخرجنا كلمة اللـه من الظلمة" (اوريجين). ان السمكة المولودة من الماء اسست المعمودية، وكلنا نولد اسماك من نفس الماء الروحي، ولهذا تزخرف اجران المعمودية وتنمق في الكثير من الكنائس، وعمل من احجار الرخام، او من الذهب والحجارة الكريمة، لانها مهد الحياة المسيحية.
من السمك الى الصليب: تطورت المسيحية مع مرور الوقت، وكانت الرموز وسيلة للتعبير عن الايمان. فبعد انتهاء الاضطهادات اختفى رمز السمكة من المسيحية، ومنع رؤساء الكنيسة استعمال الرموز بعد، وحددوا قوانين للايقونات. فجاء رمز الصليب الفارغ، تعبيرا عن المسيح المنتصر والقائم. وبقي رمز الصليب الى يومنا مستعملا في الكنائس وفي البيوت.. بعد زوال الخوف ومجيء الحرية.
اولا - السمك في العهد القديم:
في قصة الخلقة، كما في قصة طوفان نوح وغيرها يأتي ذكر اسم السمك الى جانب حيوانات اخرى، حتى لا يوجد تمييز بين اصناف السمك الا في كتب ايوب وطوبيا حيث يشار صراحة الى نوع "الحوت".
استعماله عند اليهود: كان اليهود ياكلون السمك وهم عبيد بمصر، واذ يتذمرون على موسى في البرية يقولون له: "كنا ناكل السمك مجانا" (عدد 11/5).
وفي اسرائيل راجت تجارته بحيث سمي احد ابواب اورشليم: باب السمك. حيث كان الجليليون والفينيقيون يصطادون السمك ثم يجففونه ليباع في المدن البعيدة عن البحر كاروشليم مثلا، بسبب بعدها نسبيا عن البحر وبسبب عدم وجود ثلاجات او مواد تحفظ كائن "نازوك" مثل السمك من التلف بسرعة.
معناه الروحي اليهودي: لم يكن له اي معنى بسبب تحريم الشريعة اليهودية رسم اي صورة او منحوت (تث 4/8)، واحد اسباب الخلافات الكبيرة او الثورات بين اليهود والاستعامر الروماني كان بسبب استعمال الرومان للتماثيل والصور والرموز وغيرها، وهذا كان شيئا محرما عند اليهود.
ثانيا - السمك في العهد الجديد:
في العهد الجديد نرى مكانة هامة جدا للسمك. فالجليل منطقة بحرية، ونعرف على الاقل 4 من تلاميذ يسوع مهنتهم كانت صيد السمك وهؤلاء الاربعة الاوائل هم (بطرس واندراوس اخوه، ويعقوب ويوحنا اخوه) (متى 4: 18- 22). كما ان يوحنا يخبرنا عن 7 منهم ذهبوا للصيد مع بطرس حينما ظهر لهم المسيح بعد القيامة (يو 21: 2-3)، بمعنى ان اكثر من نصف فريق تلاميذ المسيح كانوا من الصيادين!
استعمال السمك في الجليل: يبدو انه الطعام اليومي لاهل الجليل. فمرتان يجوع الناس في البرية وهم يستمعون الى خطابات يسوع، ويسال يسوع التلاميذ، ماذا عندكم للاكل، فيقولون بضع سمكات وخبز.. فاذن كان الناس يحملون السمك معهم حتى في النتقل البسيط او عند الخروج في النزهات.
يسوع يعمل اعاجيب من السمك: كالصيد العجائبي (يوحنا21: 1-8). تكثير الخبز والسمك (مر6: 30-44) ودفع جزية الهيكل عنه وعن بطرس (متى17: 27).
معناه الرمزي: يرمز الى الاوخارستيا (مع الخبز طبعا). ويرمز الى الرسالة ساجعلكم صيادي بشر (سمك وشبكة).
اوغسطينوس يفسر معنى رمز السمكة من الاصل اليوناني لجملة: (يسوع المسيح ابن اللـه المخلص). فجمع الحروف الخمسة الاولى من هذه الكلمات نحصل على كلمة "اكتوس" وباليوناني اكتوس هي"سمكة" وبالتالي تصبح كلمة "سمكة" كلمة سرية لاسم المسيح المخلص.
لماذا استعمال الرموز وكلمات السر في بداية القرون الاولى للمسيحية؟ بسبب وطأة الاضطهادات حيث كانت الامبراطورية الرومانية في عموم اوروبا مضطهدة للمسيحية، وكان الناس في روما مثلا يعيشون في "الدياميس" وهي مدن تحت الارض عبارة عن مقابر رومانية كان يتخفى بها المسيحيون بعيدا عن الاضطهادات والقتل البشع. ففضلوا استعمال رمز ورسم السمكة اشارة الى المسيح المخلص.
اباء الكنيسة ورمز السمكة: علق اباء الكنيسة في القرون المسيحية الاولى على رمز السمكة ومعناه لدى المؤمنين، نستقطب بعضا من كتاباتهم الاكثر اهمية وفائدة:
1-ترمز السمكة الى طبيعة المسيح البشرية: يقول الاباء بان حياتنا وعالمنا يشبه البحر، والبشر سمك يعوم فيه. والمسيحيون "سلالة سماوية للسمك الالهي". حينما اخذ يسوع جسدنا صار (سمكة خرجت من نهر الاردن). ولهذا لم يدفع الجزية لان إله، بل دفعها كضريبة لانسانيته على الارض، في بحر العالم، ولهذا اخذت الجزية من فم السمكة.
2- ترمز الى عمل اللـه الخلاصي: قلنا كلمة (اكتوس) هي مختصر لجملة (يسوع المسيح ابن اللـه مخلص العالم). سال يسوع اليهود: "من منكم اذا ساله ابنه سمكة يعطيه حية؟" المسيح هو سمكة للمؤمن، ولكنه اصبح حية بالنسبة لليهود (عصى موسى صارت حية لتشفي الامراض) فالعين الكافرة لا تستطيع ان ترى اللـه والتقوى.
اما السمك المشوي فهو رمز الى المسيح المتالم! "لانه صار كالمشوي في محنة الامه" (غريغوريوس الكبير). (واعطوه سمك مشوي وشهد عسل) فاكل معهم؟ تعبير عن الام وقيامة المسيح. وفيه تعبير كامل لحياتنا، لاننا نتألم لالامه، ونفرح لقيامته.
3-السمكة ترمز الى المسيح في الاوخارستيا: رأى الاباء في معجزة تكثير الخبز والسمك، خصوصا عند يوحنا رمزا الى الاوخارستيا. "فاعد للتلاميذ سمكا مشويا على الشاطي، اي اعطاهم من ذاته، فهو خبز النازل من السماء، والكنيسة تنتمي اليه جسديا، لتنال الحياة الابدية" (اوغسطينوس).
4-ترمز السمكة للمسيح مؤسس المعمودية: اقليمس الاسكندري من اباء الكنيسة الكبار يقول.... هكذا ارتبطت السمكة في المسيحية بالصيادين-الرسل، والسمك هم المعمدون. "كما يخرج الصياد السمكة من البحر، تخرجنا كلمة اللـه من الظلمة" (اوريجين). ان السمكة المولودة من الماء اسست المعمودية، وكلنا نولد اسماك من نفس الماء الروحي، ولهذا تزخرف اجران المعمودية وتنمق في الكثير من الكنائس، وعمل من احجار الرخام، او من الذهب والحجارة الكريمة، لانها مهد الحياة المسيحية.
من السمك الى الصليب: تطورت المسيحية مع مرور الوقت، وكانت الرموز وسيلة للتعبير عن الايمان. فبعد انتهاء الاضطهادات اختفى رمز السمكة من المسيحية، ومنع رؤساء الكنيسة استعمال الرموز بعد، وحددوا قوانين للايقونات. فجاء رمز الصليب الفارغ، تعبيرا عن المسيح المنتصر والقائم. وبقي رمز الصليب الى يومنا مستعملا في الكنائس وفي البيوت.. بعد زوال الخوف ومجيء الحرية.
المصدر:
كتاب"رمز السمكة عند المسيحيين"، سلسلة "موسوعة المعرفة المسيحية".
كتاب"رمز السمكة عند المسيحيين"، سلسلة "موسوعة المعرفة المسيحية".
Comment