موقع هذا النّص في إنجيل يوحنّا
يختتم هذا المقطع القسم الأوّل من إنجيل يوحنّا، إي ما تعارف شرّاح الكتاب المقدّس على تسميته: "من قانا والى قانا"، فالممعجزة الأولى التي افتتح بها يسوع عمله التبشيريّ كانت تحويل الماء الى خمر في عرس قانا الجليل. بعدها انطلق يسوع في زيارته الأولى نحو أورشليم، زيارة سوف تختتم برفض اليهود له، إذ يقول يوحنّا:
"وعرف الرب يسوع أن الفريسيـين سمعوا أنه تلمذ وعمد أكثر مما تلمذ يوحنا وعمد، مع أن يسوع نفسه ما كان يعمد بل تلاميذه، فترك اليهودية ورجع إلى الجليل." (يو ٤، ١-٣). إنطلق نحو السامرة، حيث تكلّم والسامريّة عند بئر يعقوب (راجع الشرح)، "فآمن به الكثير من السامريّين في تلك المدينة، لأن المرأة شهدت فقالت: "ذكر لي كل ما عملت" (يو ٤، ٣٩). فمكث عندهم يومين، "وزاد كثيرا عدد المؤمنين به عندما سمعوا كلامه، وقالوا للمرأة: "نحن نؤمن الآن، لا لكلامك، بل لأننا سمعناه بأنفسنا وعرفنا أنه بالحقيقة هو مخلص العالم" (٤، ٤٢).
هذا الحدث هو أساسيّ جدّاً في انجيل يوحنّا، فبينما رفض اليهود شخص المسيح في أورشليم، آمن السامريّون وأعلنوا أنّه "مخلّص العالم". يختتم يوحنّا القسم الأول من إنجيله بإيمان السامرييّن، أوّلاً، وبإيمان الضابط الملكيّ الرومانيّ، أي الرجل الوثنيّ الّذي لم يكن ينتمي الى شعب إسرائيل.
تكمن أهميّة ذهاب يسوع الى قانا من جديد في حقيقة أنّه لم يذهب هرباً من الرومان، بل تحقيقاً لنبوءات العهد القديم: "الشعب السالك في الظلمة أبصر نوراً عظيماً". لقد جاء يسوع يعلن الخلاص للأمم بآسرها، ويفتتح مشروع الخلاص الشامل.
بعد آية قانا الثانية، سوف ينطلق يسوع من جديد نجو أورشليم، لإتمام مشروع الخلاص.
آية قانا الثانية:
وكَانَ لِضَابِطٍ مَلَكِيٍّ ابْنٌ مَرِيضٌ في كَفَرْنَاحُوم: إن هذه الرتبة العسكريّة لا تفترض بالمطلق أن يكون حاملها رومانيّاً، ففي فترة الإنتشار الرومانيّ، بدأت السلطة تسمح لسكان الأماكن المحتلّة بالإنخرط في الجيش الرومانيّ، والوصول الى درجات عليا نسبيّاً. لذلك فقد يكون هذا الرجل يهوديْاً. ولكن عناصر متعدّدة تجعلنا نميل الى الظنّ أنّه وثنيّ: فيوحنّا يشدّد في هذا القسم من الإنجيل على العناصر غير اليهوديّة، كالسامريّين، والجليليّين، وذكره للرومان وللجيش الرومانّي، وخاصة كون هذا الضابط من كفرناحوم. كفرناحوم هي المدينة الحدوديّة، في أقصى الشمال، وقد سكنتها في عهد الرومان جالية كبيرة من الجنود الأغراب، من رومان وكنعانيين وفينيقيينّن.
هذه العناصر تشير الى أن هذا الرّجل كان وثنيّا. وما يجعلنا نتأكّد من هذا، هو استعمال يوحنّا لعبارة "ولَمَّا سَمِعَ بِمَجِيءِ يَسُوعَ"
ولَمَّا سَمِعَ: هذا العبارة تتخطّى بمعناها مجرّد السماع الحسيّ، إذ تأخد معنى بشارة الوثنييّن، هي الدافع الأوّل للذهاب نحو يسوع والدخول في علاقة معه. في النصّ الّذي يسبق هذا النّص، نرى السامريّين ينطلقون نحو يسوع بعد أن "سمعوا به" بواسطة السامرّية. وبعد أن تعرفوا، آمنوا وأعلنوا "نحن نؤمن الآن، لا لكلامك، بل لأننا سمعناه" (يو ٤، ٤٢). لقد كان كلام السامرّية الحافز الأوّل للإنطلاق نحو يسوع، وبعد الدخول في علاقة التتلمذ والصداقة معه، لا يعود كلام الآخرين أساسيّا، فالآن جاء دور العلاقة الشخصيّة.
هو اختبارنا نحن أيضاً مع يسوع: لقد آمنّا بعد أن سمعنا عنه من أهلنا، من كاهن الرعّية، من ساعات التعليم الدينيّ، من التقاليد والعادات، من قدّاس الأحد والصلوات. ولكن كلّ هذا السماع من الآخرين ما هو إلاّ خطوة أولى، وبعد أن التقي بيسوع، لا بدّ من أن أنمّي علاقة شخصيّة معه. لا بدّ من أن يكون لي اختباري الخاصّ، يجب أن أسمح له بلمس قلبي، بالدخول الى حياتى. لا بدّ من أن أقبل بحريّتي الآن، بعد أن قبلته بسبب الآخرين حين كنت صغير. هذا هو اختبار السامريّين الّذين جاؤوا نحو يسوع بسبب كلام ابنة شعبهم، وعندما لمس يسوع قلبهم، آمنوا وأعلنوا شخصيّاً أن يسوع هو المخلّص.
هو أيضاً الإختبار الّذي سوف يحياه هذا الجندي الوثنيّ، الّذي سمع عن يسوع، ففتّش عنه لحاجته اليه، لأنّه يريد شفاء طفله. هي حالتنا نحن أيضاً، نفتّش عن يسوع حين نحتاج اليه، نتبعه لأنّنا نريد الشفاء، أو الخلاص من المشاكل، أو الحماية أو النجاح… هي كلّها خطوة أولى، كخطوة هذا الرّجل الوثنيّ، فلا بدّ من أن نسمع يسوع يقول لنا كما له: "أنتم لا تؤمنون إلا إذا رأيتم الآيات والعجائب" (٤، ٤٨). أحياناً نكون مثل التجّار مع يسوع، نقول له بشكل غير مباشر: "أتبعك إذا شفيتني"، "اؤمن بك إذا أعطيتني النجاح"، لا نذكره إلاْ حين نحتاج اليه. ولكنه يقبلنا، ينتظرنا، يحبّنا، ويريدنا أن ننطلق معه الى ما هو أعمق، الى منطق المجّانيّة. يريدنا أن نصبح أصدقاء له لا تجّار يسعون خلفه. يريدنا أن ندخل في علاقة حبّ وصداقة،أن نتبعه لأنّنا نحبّه.
مِنَ اليَهُودِيَّةِ إِلى الـجَلِيل: إن هذه العبارة لا تعبّر عن الإنتقال الجغرافيّ من مكان الى آخر فحسب، بل انتقال من حالة الى حالة، ومن واقع قديم الى واقع جديد، لا بالنسبة ليسوع، بل بالنسبة لسكّان الجليل. هم الّذين كانوا محتقرين، مهمّشين، بسبب احتكاكهم الدائم بالوثنيّين، كان يهود الجنوب يهزأون بهم: ألم يقولوا عن يسوع نفسه: "أيخرج من الناصرة شيئ صالح؟"، لأنّها مدينة جليليّة. قول الإنجيليّ هنا أن لما سمع أن يسوع قد جاء من اليهوديّة الى الناصرة، تعني أن هذا الرجل بدأ يعي أن الخلاص سوف يصل اليه أيضاً، وأن يسوع، مسيح الرّب والمخلّص كما أعلنه السامريون في اليوم السابق، قد أتّى ليخلّص البشريّة بأسرها، جاء يبحث عن الخاطيء، وعن البعيد وعن المهمّش ليقول له: أنا معك.
ونحن كم من مرّات نشعر أنّنا منسيّون على هامش الخلاص بسبب خطيئتنا، بسبب ضعفنا، بسبب خوفنا، بسبب عدم كمالنا؟ هو الضابط الملكيّ يأتي اليوم ليقول لنا: أنت لست وحدك. لقد أتى يسوع ليخلّصني، لم يأت ليحبّ نخبة من القدّيسين، بل فتّش عن الخروف الجريح، الضائع، المتألّم، الشريد، أتي ليعيده الى بيت الآب.
ومن ناحية أخرى، كم من المرّات نضع نحن على هامش حياتنا إخوة لنا وأخوات، ننظر اليهم بتعال، بسبب خطيئة اقترفوها يوماً، أو بسبب مسلك سيئ، بسبب صيت ما أو بسبب نظرة المجتمع لهم. نشارك في التهكّم، نقسو عليهم، نعتبر أنفسنا أكثر فضيلة وتقوى، وننسى أن هويّتنا المسيحيّة تدعونا لأن نتشبّه بالمعلّم الّذي عاد من اليهوديّة الى الجليل حبّاً بمن هم على هامش المجتمع، فيعلموا أن المسيح قد مات من أجلهم أيضاً.
أتى إليه: لم يكن الرجل صاحب المبادرة، مجيئه هذا كان جواباً على مجيء المسيح نحوه: سَمِعَ بِمَجِيءِ يَسُوعَ - أَتَى إِلَيْه. يسوع هو المبادر الأوّل دوماً، وكلّ عمل صالح نقوم به هو نتيجة لعمل الرّوح الّذي يقودنا. ولكن جوابنا، كما جواب هذا الرجل، هو عمل حرّ نقوم به، كجواب شخصيّ وحرّ لمبادرة الله نحونا. يسوع يأتي نحونا، ولكنّه لا يقتحم حياتنا دون أن نفتح له باب قلبنا ووجودنا. هو يبادر، وينتظر جوابنا، ينتظر أن نأتي نحن إيضاً نحوه، أن ندخل في علاقة شخصيّة معه، أن نطلب منه أن يشفي قلبنا كما طلب منه هذه الرّجل شفاء ابنه.
فَقَالَ لَهُ يَسُوع: "أَلا تُؤْمِنُونَ مَا لَمْ تَرَوا آيَاتٍ وعَجَائِب؟: من الضروريّ أن نلاحظ الشبه بين هذا النّص ونصّ آية قانا الأولى:
- شرح الوضع والمشكلة (نقص الخمر في قانا ١- و مرض الإبن في قانا ٢)
- الطلب من يسوع (مريم تطلب في قانا ١- والأب في قانا ٢)
- يسوع يرفض بقسوة ليرى متانة الإيمان (ما لي ولك في قانا ١ - أَلا تُؤْمِنُونَ مَا لَمْ تَرَوا آيَاتٍ في قانا ٢).
- إصرار طالب المعجزة وبروز إيمانه (إفعلوا ما يأمركم به في قانا ١- إصرار الأب في قانا ٢).
- يسوع يقوم بالآية.
- النتيجة: أظهر مجده في قانا واحد، آمنوا به في قانا ٢.
أمّا سؤال يسوع: أَلا تُؤْمِنُونَ مَا لَمْ تَرَوا آيَاتٍ. فيبدو جواباً مبالغاً به، وشديد القسوة. فإزاء طفل يموت، لا بد للأب من طلب المعجزة. ولكن لا بدّ أن نفهم أن الرّب لا يتكلّم مع الضابط فحسب، بل يستعمل صيغة الجمع، يتكلّم مع الجمع الحاضر. هذا الإعتراض، كما في معجزة قانا الأولى حيث يقول: ما لي ولك يا امرأة، هو اعتراض يهدف الى امتحان عمق إيمان الساعي الى المعجزة، وهكذا يقلب يسوع المعايير: بدل أن تكون الآية سبب الإيمان، يصبح إيمان الطالب هو سبب تتميم الآية. بهذه الطريقة يخرج يسوع الضابط الملكي من منطق التاجر، الساعي الى يسوع حبّاً بالإستفادة، ويجعله يعلن فعل إيمان شخصيّ، جعله يعلن "يَا سَيِّد، إِنْزِلْ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ فَتَاي". تحتوي هذه العبارة على بعد ليتورجيّ، فالرجل يدعو يسوع "يا سيّد"، وهو ليس لقب الإحترام، بل هي الصفة التي تعطى لله ولمسيحه (kyrios ). ومن ناحية أخرى، يقول الضابط ليسوع: "إنزل"، داعياً إيّاه للذهاب الى كفرناحوم، وهي مدينة تقع شمال قانا، وبالتالي، فعلى يسوع إن يصعد لو أراد الذهاب معه. ولكن قوله "إنزل" ينطوي على بعد الصلاة والتضرّع: الطلب من الله أن يتنازل، أن يمدّ يده ويلمس حقارتنا .
إِذْهَبْ، إِبْنُكَ حَيّ : لقد طلب الرّجل من يسوع "النزول" لشفاء ابنه، ولكن يسوع لم ينتقل الى كفرناحوم، بقي حيث هو، قال كلمته فشفي الصبيّ: يشدّد يوحنا على دور كلمة الله في الشفاء، وفي نقلنا من حالة عدم معرفة الله الى حالة الإيمان. ما بدأ الإنجيليّ بإعلانه في بداية إنجيله عن "الكلمة التي سكنت بيننا… إلى بيته جاء، فما قبله أهل بيته، أما الذين قبلوه، المؤمنون باسمه، فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أبناء الله". إن قبول الكلمة هو قبول الخلاص، والإنتقال من حالة الموت الى الحياة، من الظلمة الى النور، من العداوة مع الله الى حالة التبنّي. هذا ما تمّ في حياة هذا الضابط الوثنيّ اليوم: يسوع قال الكلمة، فآمن الرّجل وانطلق. لم يصرّ على حضور يسوع الجسدّي، بل آمن أن لكلمة يسوع نفس قيمة حضوره الجسدّي ولها الفعاليّة ذاتها.
نحن أيضاً اليوم، نسعى للتعرّف الى يسوع، نطلب منه أن يلمسنا، أن يبدّل حياتنا، أن يشفي أمراض الجسد والنفس فينا وفي من هم حولنا، ولكنّنا ننسى أحياناً حضوره الحقّ في الكلمة: الكلمة الموحاة أي في الكتاب المقدّس، وفي الكلمة الإفخارستيّة، خبز الحياة. هو يسوع نفسه حاضر معنا وبيننا، وهو قادر، من خلال هذه الكلمة أن يبدّل حياتنا كما بدّل حياة هذا الرّجل إذ أعاد ابنه الصغير اليه.
لاقَاهُ عَبِيدُهُ وقَالُوا لَهُ إِنَّ فَتَاهُ حَيّ: قد نظنّ لأوّل وهلة أن العبيد يعيدوا كلمات يسوع، ولكن لا بدّ من ملاحظة الفارق بين ما قاله يسوع وما يمكن للعبد أن يقوله. يسوع يقول: "ابنك"، العبد يقول: "فتاك". "الفتى" في اليونانيّة قد تعني الإبن، إنما هي تعني أيضاً الفتي العامل في بيت نبيل يونانيّ، هو العبد الصغير السنّ. هو الفرق بين منطق الرّب ومنطق البشر: جاء يسوع يحرّرنا، لقد شفانا بعمل خلاصه كما شفى ابن الضابط الملكيّ، ونقلنا من حالة "الأجراء الى حالة البنين"، "وجعلنا أبناء لله بالتبنّي"، "فصرنا قادرين على أن ننادي الله أبّا، أيّها الآب". هو الّذي قال "لا أدعوكم بعد اليوم عبيداً بل أصدقاء". هي نتيجة الخلاص الّذي اتمّه بدمه، ومن خلال دمه الّذي غسل كياننا، دخلنا في بنوّة مع الله. من عنده منطق العبد لا يقدر أن يفهم هذه الحقيقة، وهؤلاء العبيد الّذين يحيون علاقتهم مع الله بمنطق عبد وسيّد لا يمكنهم أن يفهموا حقيقة انتقال بشريّتنا من حالة العبوديّة الى حالة الإبن، الكائن المحرّر والداخل في علاقة بنوّة مع الله الآب. شفاء ابن الوثنّي، هي صورة عن الفداء الّذي اتّمه المسيح في حياة كلّ واحد منّا، فكانت النتيجة أن أصبحنا أبناء لله وتحرّرنا من حالة العبوديّة.
هذه الصورة تكتمل في هذا الإنجيل باستعمال يوحنّا لكلمة "الأب"، "فعرف الأب". حتى الآن، كان يوحنّا قد استعمل "الضابط الملكىّ" أو "الرّجل"، ولكنّه الآن صار أب، دخل في منطق الأبوّة الإلهيّة، صار لوجوده بعد آخر. الى جانب تاريخيّة هذا النصّ، يحمّله يوحنّا إيضاً ابعاداً رمزيّة قيّمة: لأنّنا صرنا أبناء لله، صار بامكاننا أن نحيا منطق الأبوّة، صار بامكاننا أن نلد الآخرين للحياة وللخلاص.
فَآمَنَ هُوَ وكُلُّ أَهْلِ بَيْتِهِ: في الحقيقة لم ينتظر هذا الرّجل شفاء ابنه ليؤمن، فانطلاقه نحو يسوع، وإصراره على الذهاب اليه، واعلانه "يا سيّد، إنزل"، رغم رفض يسوع الأوّلي الّذي يهدف من خلاله الى إظهار إيمان هذا الرّجل، كلّها عناصر تظهر لنا أن الرّجل قد آمن، وأن الآية لم تكن لكي يؤمن الرجّل، بل بسبب إيمان هذا الرّجل. ولكن الآية هذه، نعمة الشفاء التي صنعها يسوع، قد طالت العائلة كلّها. لم يقتصر الأمر على شفاء الولد، فالله بحنانه لمس قلوب جميع أفراد العائلة.
وعائلاتنا، كم هي بحاجة لهكذا لمسة؟ لقد بدأت الحياة المادّية اليوميّة تنهك عائلاتنا، وبدأت المشاكل تدمّر العائلة من الداخل. مثل عائلة الضابط الملكيّ، تشكو عائلاتنا من مرض ما، يتعبها، ينهكها، يجعلها تحيا حزينة ويبعدها عن منطق الرّجاء. هي بحاجة لكلمة يسوع تشفيها كما شفت الصبيّ في هذا النّص ومن خلاله شفيت العائلة كلّها. عائلاتنا بحاجة للفرح، ووحده منطق يسوع يعطي الفرح الحقّ: منطق السلام والمسامحة والمحبّة. عائلاتنا بحاجة لأن تعى أن وجودها ليس مادّي فحسب، بل هو روحيّ بدرجة أولى، وعلينا أن نحافظ على حياتنا الرّوحيّة لئلاْ تموت، ويموت معها الرّجاء الّذي يجعل من عائلتنا مكان صلاة ومحبّة وتعاضد. إذا فقدنا المسيح في عائلاتنا، تتفككه، تمتلىء خصاماً، أنانيّة، وقلّة رجاء.
هذا النّص هو دعوة لنا للكفّ عن التفتيش عن الآيات والمعجزات، بل الإنطلاق من أجل اكتشاف وجه يسوع الحقيقيّ، وشخصه وحضوره الّذي يعطي معنى لحياتي. هي دعوة للثقة في كلمة يسوع القادرة على تغيير واقعي وعلى إعطاء حياتي معنى جديد. هي دعوة للتلمذ، والسعى الى اكتشاف حضور يسوع الى جانبي. هي دعوة الى ثقة القلب، "وثقة القلب لا تعني أن أرى المعجزات أينما حللت، إنما أن أعرف يسوع بشكل أعمق. فهو تجلّي حبّ الله لنا".
Comment