مقدمة
تفقد الحياة معناها لو عاش الإنسان دون هدف. والهدف يخلق الانتظار. فنسير على دروب الحياة متوجهين في كلّ مراحل نموّنا نحو أهداف نصبو لتحقيقها. وما إن نحقّق إحداها حتى نتطلّع إلى الآخر.. هكذا حتى نبلغ الأبدية، حيث الهدف منفتح إلى لانهائية الله. يقول القديس غريغوريوس النيصي (القرن الرابع): "المسيحي هو الإنسان المنطلق من بداية إلى بداية، إلى بداية لا تنتهي".
تاريخ الخلاص زمن الانتظار
إن حدث يسوع المسيح هو محور "تاريخ الخلاص". فالأناجيل، تظهر أن يسوع هو علامة تحقيق الله لمواعيده بأن يرسل مخلصاً "لن يكون لملكه انقضاء" (لو1/33).
إن العهد القديم بجملته هو تاريخ انتظار للحدث المسيحاني الذي به يفتقد الله شعبه. ولقد تميّز هذا العهد بتنوّع اختباراته وامتداد زمنه وتعدد شخصياته. ويستطيع المسيحي أن يعيد قراءة جميع نصوصه، بتنوّع فنونها، مشاهِداً المسيح فيها. فيسوع هو آدم الجديد ، ونوح المخلص، واسحق الذبيحة ، وموسى المحرِّر، وإيليا الحي، و"عبد يهوه" المتألم ، و"ابن البشر"، و"ابن داود"، و"ابن الله" وبكلمة شاملة هو "المسيح" المنتظر.
العهد القديم .. عهد الانتظار
يظهر العهد القديم للمسيحي مشدوداً لحدث يسوع، وكأنه بجملته عهد انتظار وترقب. لن نستطيع قراءة كل شيء سنكتفي بفهم معاني ثلاثة ألاقب أُطلقت على يسوع تدلّ بشكلٍ واضح أنَّه هو المُنتَظَر!..
أ- يسوع هو "المسيح":
إن لفظة "مسيح" (مَشيح) في العهد القديم هي صفةٌ للنبي والكاهن والملك، لأنهم كانوا يمسحون بالزيت دلالة على تكريسهم لخدمة الله وخدمة شعب الله. والمسحة بالزيت هي رمز منح الروح القدس. فموسى مسح هارون وبنيه ليكونوا كهنة الله (خروج 30/30)، وصموئيل مسح داود ليكون ملكاً (1صموئيل16/1-13،2صموئيل12/7). وأشعيا مسحه الروح القدس ليعلن اقتراب الملكوت (61/1-2). ولقد وعد الله داود على لسان ناتان النبي أنه سيُقيم من نسله ملكاً "وسيقرُّ عرش ملكه إلى الأبد" (2صموئيل7/13).
عاش اليهود على مدى أجيال العهد القديم وهم ينتظرون تحقيق تلك النبوءة بمجيء ملك من نسل داود "يُمسَح" ولا يكون لملكه انقضاء. وازداد رجاؤهم إلحاحاً بعد تدمير مملكتهم وسبيهم إلى بابل. وراح الأنبياء يصفون ملامح هذا المسيح. واشتد الانتظار فيما يسمى "الأزمنة المسيحانية"، خصوصاً في ظل الحكم الروماني قبيل الميلاد، وقامت حركات مسيحانية تُأجج روح الانتظار عند الشعب.
وجاء يسوع أخيراً، وهو المسيح المُنتَظَر، ولكن بخلاف توقعات اليهود، لأنَّ مملكته ليست من هذا العالم (يو18/36). وكانت صدمتهم الكبرى في أن هذا المُنتَظَر يبشِّر بملكوت يناقض توقعاتهم . ويفسِّرُ اللاهوتيون أن تجارب يسوع، التي اختبرها ربما طيلة حياته حتى بلوغه الصليب، هي صراع الاختيار بين الملكوت المُنتَظَر عند معاصريه وطيلة أزمنة الترقب، المبني على القوة والخوارق والسلطة والمجد الأرضي، وملكوت الله القائم في تتميم مشيئة الآب، في الحق والبرارة والمحبة والعدل. ربما نستطيع الآن فهم التناقض في طلب صلب يسوع بعد المناداة به ملكاً!..
ب- يسوع هو "ابن البشر":
إنَّ لقب "ابن البشر" (بَرناشا) الذي استعمله يسوع للدلالة على نفسه هو من أقدم الألقاب المطلقة على المخلِّص في العهد الجديد، كما يقول مفسرو الكتاب المقدَّس. ويرجع هذا اللقب إلى نبوءة دانيال التي تقول: "ورأيت في رؤى الليل فإذا بمثل ابن البشر آتياً على سحاب السماء، فبلغ إلى القديم الأيام وقُرِّب أمامه، وأُوتي سلطاناً ومجداً وملكاً. فجميع الأُمم والألسنة يعبدونه، وسلطانه سلطان أبديّ لا يزول، وملكه لا ينقرض (7/13-14).
تشير هذه النبوءة إلى مجيء إنسان ملكي وسماوي يظهر في آخر الأزمنة، فيزيل سلطان سائر الملوك، ويملك إلى الأبد. ورغم أن هذا اللقب يشير إلى آخر الأزمنة ( أُنظر: لو12/8-9 ومت16/28 ومت24/30 ومت25/31-33 ومت13/40-43 ومر14/61-62 )، إلاّ أنه يدلّ أيضاً، بحسب مفهوم يسوع، إلى تحقيق الملكوت منذ الآن، والعلامة في ذلك: مغفرة الخطايا، وشفاء المرضى، والسيادة على الشريعة ( أُنظر: مر2/10 ولو19/10 ومر2/28 ). وسلطة ابن البشر ليست سلطة سيادة بل خدمة (مت8/20 و20/28 ). وكلّ مرة كان يسوع يتحدَّث عن آلامه كان يدعو نفسه بهذا اللقب ( مر8/31 و9/31 و10/33 ومر14/21و41 ويو3/14 و13/31 ). وهنا كانت تكمن الدهشة عند معاصريه من اليهود، حيث أن انتظارهم لابن البشر هو مختلف عمَّا حققه يسوع، تماماً كما حدث لهم في انتظارهم للـ"مسيح" ( أُنظر: يو12/31-36).
ج- يسوع هو "ابن الله":
إن الأناجيل الإزائية تظهر أن يسوع منذ الحبل به، كما يعلن المبشّر، هو " قدوسٌ وابن الله يدعى"، وفي اعتماده يُسرّ الآب بمناداته "ابنه الحبيب"، كذلك في تجليه. ويشهد تلاميذه والجموع ببنوّته لله لفعالية كلامه، ولما رأوا من الآيات. وهو أيضاً يصرّح بأنه ابن الله، ولكن بعد تحفظ طويل!.. فلِمَ هذا التحفظ؟.. ألأنه كان يخشى الفهم الخاطئ لحقيقة بنوّته الإلهية كما حصل لمعنى لقبَي " المسيح" و"ابن البشر"؟..
"إن فكرة تبنّي الله للإنسان فكرة قديمة نجدها في أسفار الكتاب المقدس الأولى. وقد كان شعب العهد القديم بجملته يعتبر نفسه ابناً لله". ففي سفر الخروج نقرأ قول الله لموسى: "قل لفرعون: كذا قال الرب.. أطلق ابني ليعبدني" (4/22). وكذلك يقول النبي هوشع عن شعب الله: "من مصر دعوت ابني" (11/1).
وكان الملك بنوع فائق "ابن الله"، فهو يمثّل الشعب كلّه، وفي شخصه تتجمّع وعود الله لشعبه، يقول ناتان النبي باسم الله لدواد الملك: "متى تمّت أيامك واضّجعت مع آبائك، سأقيم من يليك من نسلك الذي يخرج من صلبك وأقرّ ملكه.. أنا أكون له أباً، وهو يكون لي ابناً" (2صموئيل7/12-14). ويقول المزامير في ذلك: "وجدت داود عبدي، بدهن قداستي مسحته... يدعوني: انك أبي وإلهي وصخرة خلاصي". إن "في انتقال لقب "ابن الله" من العهد القديم إلى العهد الجديد نلاحظ تغييراً جذرياً في المدلول والمعنى، مماثلاً للتغيير الذي حصل للقَبي "المسيح" و "ابن البشر". فهذه الألقاب، بانتقالها من عهد التهيئة إلى عهد الكمال، ومن عهد الرمز إلى عهد التحقيق، قد تحوّل معناها من الملك المادي البشري المحصور في بقعة ضيقة من الأرض، الأرض المقدسة، إلى الملك الروحي الإلهي الذي يتخطّى حدود الممالك الأرضية ويمتدّ امتداد الله في الكون بأسره".
أما إنجيل يوحنا فيوضح بشكل صريح عن علاقة الآب بالابن والابن بالآب. ويرى مفسرو الكتاب المقدس صلة وثيقة بين لفظة "الابن" المطلقة على يسوع، في الإنجيل الرابع خصوصاً، ونداء "أبّا" الذي كان يسوع ينادي به الله. لقد تفرّد يسوع باستعمال هذه الكلمة عن العهد القديم وعن جميع معاصريه للدلالة على فرادة العلاقة بينه وبين الله أبيه. ويرى اللاهوت المسيحي، فيما بعد، أن هذه العلاقة، تحمل معنى "الجوهر الواحد"، أي أن الآب والابن ، وبالتالي الروح القدس أيضاً، "من ذات الكيان " كما نقول في قانون الإيمان النيقاوي : "المساوي في الجوهر" (HOMO-OUSIOS).
فإذا كانت الأناجيل الإزائية تظهر بطريقة "تصاعدية" أن يسوع الإنسان هو ابن الله، فإنجيل يوحنا، وكذلك رسائل بولس، تسير بخط "تنازلي" للتعريف عن هذه الحقيقة: ابن الله، "الكلمة"، "الحياة"، "النور"، "الحق".. يصير "بشراً"، لينال مَنْ يؤمن به "التبني".
إن بنوّة يسوع الإلهية، في كل الأحوال، هي كشفٌ عن محبة الله لخلاص البشر، لكي لا يبقى الله الإله البعيد المتسيِّد في نظر مَنْ حاولوا النظر إليه، بل ليكون "الله معنا" الـ"عمانوئيل"، القريب والمحب، و"الذي يخلّص" (وهذا تفسير لفظة يسوع) وبمعنى واضح كما كشفه الابن، ليكون " أبانا".
فغاية التجسّد إذاً: تأليه الإنسان.. يقول الآباء: لقد صار ابن الله إنساناً ليجعل الإنسان ابناً لله .
يسوع بين القبول والرفض
"إن الله، بعدما كلَّم آباءنا قديماً مرّات كثيرة بلسان الأنبياء كلاماً مختلف الوسائل ، كلّمنا في هذه الأيام ، وهي آخر الأيام، بلسان الابن الذي جعله وارثاً لكلّ شيء وبه أنشأ العالمين. هو شعاع مجده وقوّة جوهره، يحفظ كلّ شيء بقوّة كلامه" (عب1/1-3).
جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله. أما الذين قبلوه فقد أولاهم أن يصيروا أبناء الله، هم الذين آمنوا باسمه... ومن ملئه نلنا بأجمعنا نعمة على نعمة.." (يو1/11-..).
انتظار الأُمم .. عهدٌ قديم للأمم
إن الانتظار لا يقتصر فقط على شعب العهد القديم بل يشمل كلَّ الأمم والشعوب. يقول جون هُوْ: "ما من بلدٍ في العالم أجمع إلاّ أقام الله له فيه منادين يبشرون مواطنيه بقدومه. لم يتلقوا وحياً خاصاً لهذا الغرض، غير أنهم كانوا ممتلئين حكمة خاصة وجرأة غريبة تجعلانهم يهيئون العقول عفواً لقبول الكلمة الإلهي الأزلي المزمع أن يتجسَّد ليهدي العالم إلى الخلاص".
حتى الشعراء أدركوا حقيقة الانتظار هذه ولو بشكلٍ ظليّ،
يقول أفلاطون: "يجب أن ننتظر شخصاً يعلمنا كيف ينبغي أن نتصرَّف مع الله ومع البشر"..
يقول الشاعر الروماني فيرجيلوس: "لقد حانت الأيام الموعودة ، ونظام الكون اللامحدود ها هو ذا قيد التجدد، طفل صغير مرسل من السماء إلينا. وعلى عهده ستُمحى آثار جريمتنا. والأرض لن تعرف الخوف فيما بعد، ولسوف يتخذ له مقراً مع الآلهة ويحكم العالم الهادئ بقوَّة فضائل أبيه.
فهلمَّ أيها الابن العزيز، يا ابن جوبيتر انظر إلى المسكونة فهي خاشعة باحترام أمامك ، تسلِّم عليك . وانظر فكل إنسان قد سُرَّ وابتهج بقدوم هذا العهد الجديد".
يقول باسكال: "كم يسرنا أن نعاين بعين الإيمان أن داريوس وكسرى والاسكندر وقيصر.. كانوا يعملون عن غير علم منهم لمجد الإنجيل".
الانتظار الناضج يتوقّع المفاجآت!..
إن مشكلة شعب العهد القديم، ومعاصري يسوع، وبقية الشعوب، ربما نحن أيضاً، تكمن في انتظار مخلّص يحمل توقعات مرسومة على صورة حاجاتنا ومثال طموحاتنا (أنظر: ابني زبدى مت20/20-.. وتلميذي عماوس لو24/13-.. وتساءَل أيضاً لماذا صُلب يسوع بعد المناداة به ملكاً). الدهشة في أن يسوع يعرّف بأمانة عن "غَيريّـة" الله، فهو غير ما نتوقعه، وإن اتخذ لغة البشر وثقافتهم، وحتى لو تجسّد. أن ظهور الله في الإنسان يسوع لم يلغِ فيه اختلافه عن خليقته حتى التي هي على صورته ومثاله، العكس هو الصحيح: أنسنة الله هي دعوة لتأله الإنسان، والسير حسب مشيئته المقدسة. يقول الرب بلسان أشعيا: "بمقدار بعد المغرب عن المشارق هكذا أفكاري بعيدة عن أفكاركم وطرقي بعيدة عن طرقكم".
إن تعريف يسوع عن نفسه أنه "الطريق" يحمل هذا المعنى، ليس لمعاصريه فحسب بل لكل إنسان يؤمن به.
يسوع الطريق، ليس أي طريق، إنه طريق إلى الله ، والطريق إلى الله مسيرة طويلة، الله سرّ! الإنسان أيضاً سرّ!.. و"السرّ" نحتاج الحياة كلّها للتعرف عليه، فكم بالأحرى لو كان الله والإنسان واحد؟!
فمهما توقعنا أو اكتشفنا في شخصية يسوع علينا القبول باتضاع أننا لا نزال نسير في درب الاكتشاف بغية اللقاء المتواصل. لذلك لم يكن هدف الكتاب المقدّس وكل من عرّف عن الله وعن يسوع سوى مدخل للقاء يستغرق الزمن بأسره، وربما الأبدية أيضاً بغية تواصل اللقاء في الحق واليقين.
المسيح حي .. والانتظار مستمّر
إن تاريخ الخلاص لم ينتهِ بقدوم يسوع. فحدث المسيح، وإن كان ملء التاريخ، هو أيضاً محوره. لذلك بعد قيامة يسوع وصعوده إلى السماء ينطلق الإيمان بانتظار جديد لمسيح نهاية الأزمنة. فالملكوت قد دُشّن بحضور يسوع وحياته وموته وقيامته وحلول الروح القدس، لكي يستمر عبر الزمان منهمراً نحو الأبدية.
لذلك يأخذ الانتظار بعدين لابدّ لكل مسيحي من عيشهما:
تحقيق الملكوت في كل زمان ومكان،
والسهر وترقب مجيء المسيح الثاني في نهاية الأزمنة :
آ- انتظار تحقيق ملكوت الله في عالم اليوم
المسيحي الحق هو من ينتظر كل يوم التعرف على مشيئة الله لتفعيل حياته بموجبها، ويفتح الرجاء أمامه في الالتفات إلى المستقبل ورفض الانحصار في تقصير الحاضر.
لقد سلّم يسوع رسالته ونشر ملكوته لتلاميذه وللكنيسة، لكي يُتابع عمل الخلاص في كل إنسان. فالمسيحي مسؤول عن تحقيق حضور الله في كل زمان ومكان.
إن هذه المسؤولية، وبالنظر إلى واقع الشر المنتشر في العالم من جهة، وضعفنا من جهة أخرى، يحملنا الروح القدس فيها على انتظار الله لكي يعمل في التاريخ دائماً لتحقيق ملكوته بنفسه. ولكن هذا الانتظار لا يعفينا من مسؤوليتنا في إعلان هذا الملكوت، بل على العكس : نحن شركاء الله في هذا التحقيق. وانتظارنا هو رجاء في البلوغ معاً نحو تميم مشيئته. فكلما ساهمنا في بناء الملكوت على الأرض أطلّ علينا ما ننتظره في نهاية الأزمنة، حيث العدالة والحق والمحبة والسلام .
ب- انتظار نهاية الأزمنة
المجيء الثاني للمسيح هو العمل الأخير الذي سيقوم به الله خاتماً به سلسلة أعمال محبة بدأت بخلق العالم وتتالت عبر التاريخ وبلغت ذروتها في حياة يسوع المسيح وموته وقيامته.. انتظارنا للمجيء الثاني هو تأكيد أن العالم لن يجد ملئه بقوّته الذاتيّة. ولو ساهمنا فيه بشكل أكثر ما يمكن من الفعالية. فمهما تطوّر التاريخ والعلم وتنوّعت مباهج الحياة، هناك حدود لكل شيء. أن الله وحده لا يحد. أما كيف يكون المجيء الثاني؟.. ومتى؟.. علّمنا المسيح أن ننتظر ونسهر ونكون مستعدين له في كلّ لحظة (ابحث عن النصوص الإنجيلية التي تتحدّث عن ذلك).
يقول اللاهوتي المعاصر بَلْتَسار: "إن الذي ينتقل من نطاق حياته الضيق المستكين إلى رحاب إمكانية دخول حياة الله (أي انتظار الأبدية)، أشبه بمن تنفتح أمامه مساحات شاسعة لا يحدها النظر بل تقطع على المرء أنفاسه. وإنها لمساحات على أكمل ما تكون الحرية، وهذه المسافات نفسها هي حريات تجذب حبنا وتستقبله وتستجيب له. أما في هذه الدنيا فمن يستطيع أن يدخل أعماق حرية أخرى؟ إنه لأمر مستحيل! وهكذا تتكدس، بشركة القديسين في الله، وإلى أبعد ما يمكن إحصاؤه، مغامرات الحب الخلاّق المبدع، فتصبح الحياة أعجوبة مطلقة، ولن يُعطى أيُّ شيء يقضي على إمكانية القبول ، وعملية العطاء تنتشر لا تحدّها حدود".
خاتمة
لو نظرنا بجدية إلى العالم المعاصر لهتفنا مع بولس الرسول: "الخليقة تنتظر بفارغ الصبر تجلي أبناء الله.. إنّا نعلم أن الخليقة جمعاء تئن إلى اليوم من آلام المخاض، وليست وحدها، بل نحن الذين لنا باكورة الروح نئنّ في الباطن منتظرين التبني وافتداء أجسادنا، لأننا نلنا الخلاص، ولكن في الرجاء، فإذا شوهد ما يرجى بطل الرجاء، وكيف يرجو المرء ما يشاهده؟ ولكن إذا كنّا نرجو ما لا نشاهده فبالصبر ننتظره. وإن الروح أيضاً يأتي لنجدة ضعفنا لأنا لا نحسن الصلاة كما يجب، ولكن الروح يشفع فينا بأنّات لا توصف" (رو8/19و22-26).
إن عمق الانتظار هو في حسن الصلاة: "ماران أتا" .. تعالَ أيها الرب .
Comment