الوصية الثانية
بقلم نيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا غريغوريوس
عن موسوعة الأنبا غريغوريوس المجلد رقم 21
اللاهوت الادبى " الجزء الثانى "
لاتصنع لك تمثالا منحوتا ولا صنما,صورة ما في السموات من فوق,وما في الأرض من تحت,وكما في الماء من تحت الأرض,لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك إله غيور,أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيلين الثالث والرابع من مبغضي,وأصنع إحسانا إلي ألوف من محبي وحافظي وصاياي.
في هذه الوصية الثانية أراد الله أن يلقي نظرة علي ما هو جار في حياة الناس,وهو تعدد الآلهة الذي هو في صميمه يتعارض مع وحدانية الإله,ولكن إذ تذرع الناس بأن هذه صفات للإله الواحد,فالله إشفاقا علي الإنسان من أن ينحدر إلي عبادة هذه الصفات كآلهة مستقلة,أراد أن يدخل معهم دخولا عمليا فيما نزلوا إليه,وما انساقوا إليه في تعدد الآلهة وهو مبدأ الشرك,فأراد أن يردهم إلي عبادته وإلي عبادة الإله الواحد.
لكن الفرق بين الوصية الأولي والوصية الثانية,أن الوصية الأولي تتكلم من جهة المبدأ أن هناك إلها واحدا ولاتكن هناك آلهة أخري.
لكن الوصية الثانية تنزل إلي واقع ما انسحب إليه الناس,وهو أنهم عددوا صور الإله فصارت هذه الصور آلهة,وصنعوا لهذه الصفات تماثيلا وأصناما وأصبح كل صفة لها صنم يمثلها ويبرزها.
في مبدأ الأمر لم يكن لهذه الآلهة تماثيل,أو لهذه الصفات تماثيل,إنما كانت هناك صور في الطبيعة تنم عن هذه الآلهة,فمثلا الشمس إله واضح بدون أن يصنع لها تمثال,الشمس موجودة,النيل موجود,الثور موجود,البقرة التي عبدت فيما بعد باسم حتحور موجودة,لأنها تمثل الخصوبة,وتمثل الخيرلأنها تعطي اللبن ومنتوجاته فهي مظهر من مظاهر عناية الإله بالخليقة.
ففي مبدأ الأمر لم تصنع التماثيل,إنما رأت كل قبيلة صورة من صور الطبيعة الحية,ثم شيئا فشيئا اضطر الإنسان عند غيبة الصورة الحية أن يجسدها في حجر,أو في خشب أو في حديد أو في مادة النحاس,عندما تغيب الصورة الحية,فالشمس تشرق ولكن في أيام تغيب أو بالليل لاتظهر,فانتقلوا شيئا فشيئا إلي فكرة تمثيل هذا الإله في صورة حجرية أو خشبية أو معدنية.تلاحظوا أنه يوجد تطور مع الزمن ومع عقليات الناس,ومع الجهل ومع اختلاف الفكر البشري,ومع اختلاف ظروف الإنسان في المكان وفي الزمان شيئا فشيئا حدث تدرج إلي أن وصلنا إلي ما يعرف بالتماثيل والأصنام,وهي عبارة عن أخشاب أو حجر أو معادن تمثل الصورة الحية.
لذلك الوصية الثانية بدأت تدخل دخولا ماديا لأن الوصية الأولي تتكلم عن المبدأ,لا يكن لك آلهة أخري أمامي,ثم في الوصية الثانية تدخل في تفصيلات,هذه التفصيلات موجودة في واقع الإنسان,دخلت في واقع الحياة الإنسانية,وهي تعدد الآلهة هذا التعدد تمثل في صور حية,ثم تمثل بعد ذلك في صور مادية من أحجار أو من أخشاب أو من معادن.
لذلك قاللاتصنع لك...,هنا لايتكلم عن الوحدانية,إنما دخل في النهي عن المظاهر التي تتعارض مع مبدأ الوحدانية.لاتصنع تمثالا منحوتايوجد علم نسميه علم النحت لأنه يصنع تمثالا مطابقا لصورة ذهنية,لاتصنع لك تمثالا منحوتاولماذا قال:منحوتا؟لأنه لو قال تمثالا فقط ربما تكون كلمة تمثال تفيد نوعا من الصورة الذهنية إنما هنا التمثال منحوت من مادة ,لاتصنع لك تمثالا منحوتا ولا صنما.
نحن نقرأ الوصية علي صيغتها الأصلية لأن إخوتنا البروتستانت مع الأسف من أجل حاجة عقائدية معينة في أذهانهم,يريدوا أن ينتقدون المسيحيين الأرثوذكسيين لأنهم يعملون صورا ويحترمون هذه الصور
ففي الترجمة شوهوا النص,فالترجمة العربية المتداولة يقول:لاتصنع لك تمثالا منحوتا ولا صورةوعندما نرجع للعبري نجدها كتبت كما نقول الآنلاتصنع لك تمثالا منحوتا ولا صنما,صورة ما في السموات من فوقوالمنع ليس للصورة,لا..المنع للصنم الذي هو صورة ما في السموات من فوق.
لاتصنع لك تمثالا منحوتا ولاصنما صورة ما في السموات,الصنم هو صورة ما يجسد صورة ما في السموات مثل الشمس أو القمر أو النجوم,وهناك شعب من الشعوب انسلخ منه إبراهيم أبو الآباء,عندما قال لهاذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلي الأرض التي أريكتكوين12:1هذا الشعب كان يعبد النجوم ويسموهم الصابئة والصابئة عبدة الكواكب,فعندما يقوللا تصنع لك تمثالا منحوتا ولاصنما صورة ما في السموات من فوقفالصنم يعطي صورة الشمس أو القمر أو النجوم,مثل ما حدث في الواقع العملي,لاتصنع لك تمثالا منحوتا ولاصورة
فكلمة صورة هنا فيها مغالطة في الترجمة البيروتية,لأنه يريد أن يلغي فكرة الصور كما تحترمها الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية وما إليها,فلكي يوهم الناس أن هناك نصا في الكتاب المقدس يمنع الصور,فقال لاتصنع لك صنما ولا صورة,لكن النص الأصلي كما جاء في اللغة العبرية,لا تصنع لك تمثالا منحوتا ولاصنما صورة ما في السموات من فوقوهو الصنم الذي يعطي صورة الشمس أو القمر أو النجوم أو ما إليها.أو ما في الأرض من تحتوهي الحيوانات لأن الإنسان صنع أصناما جسد فيها أو مثل فيها أو صور فيها الثور أو البقرة أو التمساح أو القرد أو ما إلي ذلك من حيوانات علي الأرض أو في النيل,وما في الماء من تحت الأرضوهي الحيوانات المائية مثل التمساح وما إليها من حيوانات بحرية إنما لاحظ أن التمساح هو صورة أخيرة من التنانين العظام كثيرا نري في صور القديسين مثل مارجرجس وبعض القديسين يوجد تنين مارجرجس يضرب التنينما هو التنين؟
هو من الحيوانات المتقدمة قبل التمساح,والتنانين مذكورة في سفر التكوين في ااأصحاح الأول يقولالتنانين العظاموالذين درسوا الحيوانات,يجدون أنواعا كثيرة من جهة الحيوانات البحرية,توجد تنانين برية وتوجد تنانين بحرية,تنانين البرية قد تكون من عائلة الديناصور,فهي عائلات وحسب العصور المختلفة وتوجد تنانين بحرية وآخر صورة لها التمساح وهناك بعض الحيوانات أشار إليها أيوب الصديق غير موجودة حاليا أو انقرضت,المهم أن التمساح هو صورة متأخرة أو متطورة من صور التنانين فالحيوانات البحرية أيضا من بينها التماسيح والتنانين,ونظرا لرعب الإنسان منها فلكي يتقي شرها ولكي يتقرب إليها,كان في القديم بعض الشعوب ترمي لها ذبيحة وأحيانا كانوا يقدمون لها إنسانا أو بنتا لكي تأخذ هذه الذبيحة وتبعد لكي يتقوا شرها.فمن هنا اعتبرت هذه الذبيحة ضحية يضحي بها في سبيل خلاص القبيلة كلها من هذا الحيوان ومن هنا جاءت فكرة الضحية وعروس البحر وما إلي ذلك.
وفي اللغة العربية كلمة التقوي ما التقوي في العربي؟هي إتقاء شر الإله هذه هي الصورة الموجودة في اللغة العربية,لأنه توجد آلهة للشر كان الناس يخافون منها ويتقربون لها بالذبائح لكي تبعد عنهم ويسترضونها بهذا الأسلوب وقد يسترضونها بذبيحة إنسانية وليس فقط بذبيحة حيوانية,إتقاء لشرها ومن هنا جاءت التقوي في العربية لاتجد هذا المعني أو هذا الاشتقاق في لغات أخري لكن نجده في أثر من آثار عبادة هذا الشعب في القديم لآلهة شريرة,كانوا يتقونها بمعني يتقون شرها أو يسترضونها حتي يتخلصوا من شرها.مرة في أوغندا دخلت معبدا ضخما جدا وعالي جدا من المعابد الوثنية لونه أبيض ومبني سامق وعظيم جدا في طوله وفي عرضه وفي حجمه,ضخم,رأيت تماثيل مرعبة جدا فلو كان طفل أو إنسان أعصابه ضعيفة,لا يحتمل أن يري المناظر الفظيعة لهذه الآلهة لا أدري كيف يعبدوها كآلهة,أشكال بشعة حيوانات في أشكال ضارية ومفترسة ومناظر شنيعة هي غير موجودة الآن فلا أدري كيف تعبد كآلهة؟
إنما قد تكون هذه صورة آلهة شريرة فهم يعبدونها لابمعني أنهم يحبونها ولكن لكي يتقوا شرها,عن طريق ترضيتها بالعبادة أو بالذبائح التي يقدمونها لها.
فأولاد آدم عندما تشعبوا أصبح عندهم آلهة خيرة وأيضا آلهة شريرة وبلاد اليونان عرفت أكثر من مصر صور الآلهة الشريرة وعندهم الآلهة تتقاتل فيما بينها ثم لها رغبات وشهوات وتفسق هذه صور الآلهة عند بلاد اليونان,كانت آلهة تفسق وبينها عشق وبينها شر وبينها قتال وحرب,لدرجة أن الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو في العصر المسيحي يشير للعصور القديمة فيقولنزلت الرذيلة إلي العالم متوجة بسلطة إلهية ومع ذلك وجدت في قلب الإنسان غريزة تمجها وتتحداها.يقصد بذلك الضمير يقول الرذيلة نزلت متوجة بسلطة إلهية خصوصا في بلاد اليونان والرومان وما إليها أي إذا كانت الآلهة تزني وتفسق وتتقاتل وتغضب وشرسة,إذن هذه الرذيلة منسوبة إلي الآلهة هنا الرذيلة تكون مقبولة مادام الآلهة تعملها ولكن علي الرغم من أن الرذيلة متوجة بسلطة إلهية وأن الآلهة نفسها تتقاتل وتزني وتفسق إنما وجدت في قلب الإنسان غريزة تمجها وتتحداها في بعض المعابد الوثنية في أيام اليونان مثلا في معبد أبوللو كان يوجد ألف عذراء وقفن أنفسهن علي الزنا حسب تفكيرهن ترضية للإله أو للآلهة أي تبتل لا للفضيلة كما هو في مفهومنا المسيحي,ولكن الناس يوقفون أنفسهم علي الزنا ويعتقدون أن في هذا إرضاء للآلهة فجان جاك روسو يقول نزلت الرذيلة متوجة بسلطة إلهية أي قالوا لهم إن الآلهة تعمل ذلك الآلهة ترضي بهذا والآلهة تريد هذا,فلابد أن تعملوا ذلك إرضاء للآلهة,لكن علي الرغم من أن الرذيلة نزلت متوجة بسلطة إلهية وجدت في قلب الإنسان غريزة تمجها وتتحداها.
وهنا يشير إلي أنه في طبيعة الإنسان الضمير وهي شريعة طبيعية بموجبها يميز الإنسان بين الخير والشر ويعرف أنه لايمكن أن يكون الزنا يرضي الإله,وإذن هو شر,فعلي الرغم من أنهم قالوا له إن الزنا ترضي به الآلهة أو تريده,لكن قلب الإنسان يقول لا...وجدت في قلب الإنسان غريزة تمجها وتتحداهالأن جان جاك روسو كان يقيم في فلسفته أهمية ضخمة جدا للضمير,ويعتبر الضمير أهم ما في الإنسان وهو الذي يجعل الإنسان إنسانا,وكان يقول إن الإنسان العاقل حيوان سافل,بمعني أنه العقل بدون الضمير ممكن أن يجعل الإنسان أكثر ذكاء وفي هذا يمكن أن يحتال بالذكاء وبالعقل في طرق الشر,فالعقل بدون الضمير يجعل الإنسان يتردي في شرور ومآسي كثيرة جدا,فلو كان غير عاقل ما كان يتردد علي هذه الرذائل إنما عقله أعطاه قدرة علي ابتكار الوسائل الشريرة وأعطاه ذكاء,بحيث استطاع الإنسان أن يبتدع طرقا مثلا في السرقة,اليوم تجد أشخاصا لصوص عظماء الناس تذهل وتعجب بهذه المهارة التي يظهرها هذا اللص,عنده إمكانية ابتكار طريقة يغطي بها علي رجال الأمن ويغطي بها علي الناس جميعا,وهذا يدل علي ذكاء غير عادي,مثلا مرة واحد في أمريكا لص مجوهرات ومعه قرد مدرب هذا الرجل جاء إلي جواهرجي مشهور بملابس فاخرة لكي يشعر الرجل أنه قادر علي أن يدفع المبالغ التي يشتري بها,وطلب من الجواهرجي طلبات ثمنها غال جدا علي اعتبار أنه مليونير وأثناء رؤيته هذه المجوهرات افتعل أن واحدا يحضر له ويخبره بخبر مزعج فيخرج منزعجا من عند الجواهرجي بعد أن طلب منه أن لايدخل هذه المجوهرات التي اختارها وأنه سيترك الشنطة كنوع من الاطمئنان حتي يحضر,وفي آخر النهار عندما تأخر الرجل اضطر الجواهرجي غلق المحل وخرج القرد من الشنطة وأخذ الأشياء الثمينة وهو مدرب علي ذلك ووضعها في الشنطة ودخل وأغلق علي نفسه من الداخل وفي اليوم التالي جاء الرجل في حالة انزعاج شديد جدا وأخذ الشنطة واعتذر أنه سيأتي لاحقا وبعد ذلك اكتشف الجواهرجي أن الأشياء الثمينة جدا سرقت.لا شك أن قصة مثل هذه تدل علي ذكاء غير عادي في القدرة علي ابتكار وسيلة للسرقة.
ولذلك جان جاك روسو يقول إن الإنسان العاقل-يقصد العاقل بدون ضمير-حيوان سافل,فالعقل يجعل الإنسان قادرا علي أن يبتكر وسائل ضد الفضيلة فالعقل يكون أداة جبارة في خدمة الإنسان عندما يريد أن يرتكب الشر أو يرتكب الخطيئة ولكن الضمير فقط هو الذي يمنع الإنسان من أن يمد يده ليعمل الخطيئة ويقول لهذا الإنسان إن الفقر مع الشرف أفضل من الغني مع السرقة,وقد يكون هذا الإنسان محتاجا لهذا المال في حل مشاكله,ولذلك قال شكسبير عبارة جميلةإن ضمائرنا هي التي تجعلنا دائما جبناءطبعا يقصد الجبن بالمعني الحسن وليس بالمعني السيء الجبن الذي يجعل الإنسان يحجم عن أن يرتكب خطأ فضمائرنا هي التي تجعلنا دائما جبناء,فمثلا في موقف معين أنت كنت تقدر أن ترد علي واحد ردا شديدا ,وتقدر أن تضربه كما هو أهانك تقدر أن تعمل فيه حاجات كثيرة جدا لكن ضميرك يرفض ويقول لا..فأنت في هذه الحالة تجد ضميرك يجعلك تجبن عن أن تتخذ الإجراء العنيف,هذا معني كلمة شكسبيرأن ضمائرنا هي التي تجعلنا دائما جبناء.
بقلم نيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا غريغوريوس
عن موسوعة الأنبا غريغوريوس المجلد رقم 21
اللاهوت الادبى " الجزء الثانى "
لاتصنع لك تمثالا منحوتا ولا صنما,صورة ما في السموات من فوق,وما في الأرض من تحت,وكما في الماء من تحت الأرض,لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك إله غيور,أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيلين الثالث والرابع من مبغضي,وأصنع إحسانا إلي ألوف من محبي وحافظي وصاياي.
في هذه الوصية الثانية أراد الله أن يلقي نظرة علي ما هو جار في حياة الناس,وهو تعدد الآلهة الذي هو في صميمه يتعارض مع وحدانية الإله,ولكن إذ تذرع الناس بأن هذه صفات للإله الواحد,فالله إشفاقا علي الإنسان من أن ينحدر إلي عبادة هذه الصفات كآلهة مستقلة,أراد أن يدخل معهم دخولا عمليا فيما نزلوا إليه,وما انساقوا إليه في تعدد الآلهة وهو مبدأ الشرك,فأراد أن يردهم إلي عبادته وإلي عبادة الإله الواحد.
لكن الفرق بين الوصية الأولي والوصية الثانية,أن الوصية الأولي تتكلم من جهة المبدأ أن هناك إلها واحدا ولاتكن هناك آلهة أخري.
لكن الوصية الثانية تنزل إلي واقع ما انسحب إليه الناس,وهو أنهم عددوا صور الإله فصارت هذه الصور آلهة,وصنعوا لهذه الصفات تماثيلا وأصناما وأصبح كل صفة لها صنم يمثلها ويبرزها.
في مبدأ الأمر لم يكن لهذه الآلهة تماثيل,أو لهذه الصفات تماثيل,إنما كانت هناك صور في الطبيعة تنم عن هذه الآلهة,فمثلا الشمس إله واضح بدون أن يصنع لها تمثال,الشمس موجودة,النيل موجود,الثور موجود,البقرة التي عبدت فيما بعد باسم حتحور موجودة,لأنها تمثل الخصوبة,وتمثل الخيرلأنها تعطي اللبن ومنتوجاته فهي مظهر من مظاهر عناية الإله بالخليقة.
ففي مبدأ الأمر لم تصنع التماثيل,إنما رأت كل قبيلة صورة من صور الطبيعة الحية,ثم شيئا فشيئا اضطر الإنسان عند غيبة الصورة الحية أن يجسدها في حجر,أو في خشب أو في حديد أو في مادة النحاس,عندما تغيب الصورة الحية,فالشمس تشرق ولكن في أيام تغيب أو بالليل لاتظهر,فانتقلوا شيئا فشيئا إلي فكرة تمثيل هذا الإله في صورة حجرية أو خشبية أو معدنية.تلاحظوا أنه يوجد تطور مع الزمن ومع عقليات الناس,ومع الجهل ومع اختلاف الفكر البشري,ومع اختلاف ظروف الإنسان في المكان وفي الزمان شيئا فشيئا حدث تدرج إلي أن وصلنا إلي ما يعرف بالتماثيل والأصنام,وهي عبارة عن أخشاب أو حجر أو معادن تمثل الصورة الحية.
لذلك الوصية الثانية بدأت تدخل دخولا ماديا لأن الوصية الأولي تتكلم عن المبدأ,لا يكن لك آلهة أخري أمامي,ثم في الوصية الثانية تدخل في تفصيلات,هذه التفصيلات موجودة في واقع الإنسان,دخلت في واقع الحياة الإنسانية,وهي تعدد الآلهة هذا التعدد تمثل في صور حية,ثم تمثل بعد ذلك في صور مادية من أحجار أو من أخشاب أو من معادن.
لذلك قاللاتصنع لك...,هنا لايتكلم عن الوحدانية,إنما دخل في النهي عن المظاهر التي تتعارض مع مبدأ الوحدانية.لاتصنع تمثالا منحوتايوجد علم نسميه علم النحت لأنه يصنع تمثالا مطابقا لصورة ذهنية,لاتصنع لك تمثالا منحوتاولماذا قال:منحوتا؟لأنه لو قال تمثالا فقط ربما تكون كلمة تمثال تفيد نوعا من الصورة الذهنية إنما هنا التمثال منحوت من مادة ,لاتصنع لك تمثالا منحوتا ولا صنما.
نحن نقرأ الوصية علي صيغتها الأصلية لأن إخوتنا البروتستانت مع الأسف من أجل حاجة عقائدية معينة في أذهانهم,يريدوا أن ينتقدون المسيحيين الأرثوذكسيين لأنهم يعملون صورا ويحترمون هذه الصور
ففي الترجمة شوهوا النص,فالترجمة العربية المتداولة يقول:لاتصنع لك تمثالا منحوتا ولا صورةوعندما نرجع للعبري نجدها كتبت كما نقول الآنلاتصنع لك تمثالا منحوتا ولا صنما,صورة ما في السموات من فوقوالمنع ليس للصورة,لا..المنع للصنم الذي هو صورة ما في السموات من فوق.
لاتصنع لك تمثالا منحوتا ولاصنما صورة ما في السموات,الصنم هو صورة ما يجسد صورة ما في السموات مثل الشمس أو القمر أو النجوم,وهناك شعب من الشعوب انسلخ منه إبراهيم أبو الآباء,عندما قال لهاذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلي الأرض التي أريكتكوين12:1هذا الشعب كان يعبد النجوم ويسموهم الصابئة والصابئة عبدة الكواكب,فعندما يقوللا تصنع لك تمثالا منحوتا ولاصنما صورة ما في السموات من فوقفالصنم يعطي صورة الشمس أو القمر أو النجوم,مثل ما حدث في الواقع العملي,لاتصنع لك تمثالا منحوتا ولاصورة
فكلمة صورة هنا فيها مغالطة في الترجمة البيروتية,لأنه يريد أن يلغي فكرة الصور كما تحترمها الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية وما إليها,فلكي يوهم الناس أن هناك نصا في الكتاب المقدس يمنع الصور,فقال لاتصنع لك صنما ولا صورة,لكن النص الأصلي كما جاء في اللغة العبرية,لا تصنع لك تمثالا منحوتا ولاصنما صورة ما في السموات من فوقوهو الصنم الذي يعطي صورة الشمس أو القمر أو النجوم أو ما إليها.أو ما في الأرض من تحتوهي الحيوانات لأن الإنسان صنع أصناما جسد فيها أو مثل فيها أو صور فيها الثور أو البقرة أو التمساح أو القرد أو ما إلي ذلك من حيوانات علي الأرض أو في النيل,وما في الماء من تحت الأرضوهي الحيوانات المائية مثل التمساح وما إليها من حيوانات بحرية إنما لاحظ أن التمساح هو صورة أخيرة من التنانين العظام كثيرا نري في صور القديسين مثل مارجرجس وبعض القديسين يوجد تنين مارجرجس يضرب التنينما هو التنين؟
هو من الحيوانات المتقدمة قبل التمساح,والتنانين مذكورة في سفر التكوين في ااأصحاح الأول يقولالتنانين العظاموالذين درسوا الحيوانات,يجدون أنواعا كثيرة من جهة الحيوانات البحرية,توجد تنانين برية وتوجد تنانين بحرية,تنانين البرية قد تكون من عائلة الديناصور,فهي عائلات وحسب العصور المختلفة وتوجد تنانين بحرية وآخر صورة لها التمساح وهناك بعض الحيوانات أشار إليها أيوب الصديق غير موجودة حاليا أو انقرضت,المهم أن التمساح هو صورة متأخرة أو متطورة من صور التنانين فالحيوانات البحرية أيضا من بينها التماسيح والتنانين,ونظرا لرعب الإنسان منها فلكي يتقي شرها ولكي يتقرب إليها,كان في القديم بعض الشعوب ترمي لها ذبيحة وأحيانا كانوا يقدمون لها إنسانا أو بنتا لكي تأخذ هذه الذبيحة وتبعد لكي يتقوا شرها.فمن هنا اعتبرت هذه الذبيحة ضحية يضحي بها في سبيل خلاص القبيلة كلها من هذا الحيوان ومن هنا جاءت فكرة الضحية وعروس البحر وما إلي ذلك.
وفي اللغة العربية كلمة التقوي ما التقوي في العربي؟هي إتقاء شر الإله هذه هي الصورة الموجودة في اللغة العربية,لأنه توجد آلهة للشر كان الناس يخافون منها ويتقربون لها بالذبائح لكي تبعد عنهم ويسترضونها بهذا الأسلوب وقد يسترضونها بذبيحة إنسانية وليس فقط بذبيحة حيوانية,إتقاء لشرها ومن هنا جاءت التقوي في العربية لاتجد هذا المعني أو هذا الاشتقاق في لغات أخري لكن نجده في أثر من آثار عبادة هذا الشعب في القديم لآلهة شريرة,كانوا يتقونها بمعني يتقون شرها أو يسترضونها حتي يتخلصوا من شرها.مرة في أوغندا دخلت معبدا ضخما جدا وعالي جدا من المعابد الوثنية لونه أبيض ومبني سامق وعظيم جدا في طوله وفي عرضه وفي حجمه,ضخم,رأيت تماثيل مرعبة جدا فلو كان طفل أو إنسان أعصابه ضعيفة,لا يحتمل أن يري المناظر الفظيعة لهذه الآلهة لا أدري كيف يعبدوها كآلهة,أشكال بشعة حيوانات في أشكال ضارية ومفترسة ومناظر شنيعة هي غير موجودة الآن فلا أدري كيف تعبد كآلهة؟
إنما قد تكون هذه صورة آلهة شريرة فهم يعبدونها لابمعني أنهم يحبونها ولكن لكي يتقوا شرها,عن طريق ترضيتها بالعبادة أو بالذبائح التي يقدمونها لها.
فأولاد آدم عندما تشعبوا أصبح عندهم آلهة خيرة وأيضا آلهة شريرة وبلاد اليونان عرفت أكثر من مصر صور الآلهة الشريرة وعندهم الآلهة تتقاتل فيما بينها ثم لها رغبات وشهوات وتفسق هذه صور الآلهة عند بلاد اليونان,كانت آلهة تفسق وبينها عشق وبينها شر وبينها قتال وحرب,لدرجة أن الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو في العصر المسيحي يشير للعصور القديمة فيقولنزلت الرذيلة إلي العالم متوجة بسلطة إلهية ومع ذلك وجدت في قلب الإنسان غريزة تمجها وتتحداها.يقصد بذلك الضمير يقول الرذيلة نزلت متوجة بسلطة إلهية خصوصا في بلاد اليونان والرومان وما إليها أي إذا كانت الآلهة تزني وتفسق وتتقاتل وتغضب وشرسة,إذن هذه الرذيلة منسوبة إلي الآلهة هنا الرذيلة تكون مقبولة مادام الآلهة تعملها ولكن علي الرغم من أن الرذيلة متوجة بسلطة إلهية وأن الآلهة نفسها تتقاتل وتزني وتفسق إنما وجدت في قلب الإنسان غريزة تمجها وتتحداها في بعض المعابد الوثنية في أيام اليونان مثلا في معبد أبوللو كان يوجد ألف عذراء وقفن أنفسهن علي الزنا حسب تفكيرهن ترضية للإله أو للآلهة أي تبتل لا للفضيلة كما هو في مفهومنا المسيحي,ولكن الناس يوقفون أنفسهم علي الزنا ويعتقدون أن في هذا إرضاء للآلهة فجان جاك روسو يقول نزلت الرذيلة متوجة بسلطة إلهية أي قالوا لهم إن الآلهة تعمل ذلك الآلهة ترضي بهذا والآلهة تريد هذا,فلابد أن تعملوا ذلك إرضاء للآلهة,لكن علي الرغم من أن الرذيلة نزلت متوجة بسلطة إلهية وجدت في قلب الإنسان غريزة تمجها وتتحداها.
وهنا يشير إلي أنه في طبيعة الإنسان الضمير وهي شريعة طبيعية بموجبها يميز الإنسان بين الخير والشر ويعرف أنه لايمكن أن يكون الزنا يرضي الإله,وإذن هو شر,فعلي الرغم من أنهم قالوا له إن الزنا ترضي به الآلهة أو تريده,لكن قلب الإنسان يقول لا...وجدت في قلب الإنسان غريزة تمجها وتتحداهالأن جان جاك روسو كان يقيم في فلسفته أهمية ضخمة جدا للضمير,ويعتبر الضمير أهم ما في الإنسان وهو الذي يجعل الإنسان إنسانا,وكان يقول إن الإنسان العاقل حيوان سافل,بمعني أنه العقل بدون الضمير ممكن أن يجعل الإنسان أكثر ذكاء وفي هذا يمكن أن يحتال بالذكاء وبالعقل في طرق الشر,فالعقل بدون الضمير يجعل الإنسان يتردي في شرور ومآسي كثيرة جدا,فلو كان غير عاقل ما كان يتردد علي هذه الرذائل إنما عقله أعطاه قدرة علي ابتكار الوسائل الشريرة وأعطاه ذكاء,بحيث استطاع الإنسان أن يبتدع طرقا مثلا في السرقة,اليوم تجد أشخاصا لصوص عظماء الناس تذهل وتعجب بهذه المهارة التي يظهرها هذا اللص,عنده إمكانية ابتكار طريقة يغطي بها علي رجال الأمن ويغطي بها علي الناس جميعا,وهذا يدل علي ذكاء غير عادي,مثلا مرة واحد في أمريكا لص مجوهرات ومعه قرد مدرب هذا الرجل جاء إلي جواهرجي مشهور بملابس فاخرة لكي يشعر الرجل أنه قادر علي أن يدفع المبالغ التي يشتري بها,وطلب من الجواهرجي طلبات ثمنها غال جدا علي اعتبار أنه مليونير وأثناء رؤيته هذه المجوهرات افتعل أن واحدا يحضر له ويخبره بخبر مزعج فيخرج منزعجا من عند الجواهرجي بعد أن طلب منه أن لايدخل هذه المجوهرات التي اختارها وأنه سيترك الشنطة كنوع من الاطمئنان حتي يحضر,وفي آخر النهار عندما تأخر الرجل اضطر الجواهرجي غلق المحل وخرج القرد من الشنطة وأخذ الأشياء الثمينة وهو مدرب علي ذلك ووضعها في الشنطة ودخل وأغلق علي نفسه من الداخل وفي اليوم التالي جاء الرجل في حالة انزعاج شديد جدا وأخذ الشنطة واعتذر أنه سيأتي لاحقا وبعد ذلك اكتشف الجواهرجي أن الأشياء الثمينة جدا سرقت.لا شك أن قصة مثل هذه تدل علي ذكاء غير عادي في القدرة علي ابتكار وسيلة للسرقة.
ولذلك جان جاك روسو يقول إن الإنسان العاقل-يقصد العاقل بدون ضمير-حيوان سافل,فالعقل يجعل الإنسان قادرا علي أن يبتكر وسائل ضد الفضيلة فالعقل يكون أداة جبارة في خدمة الإنسان عندما يريد أن يرتكب الشر أو يرتكب الخطيئة ولكن الضمير فقط هو الذي يمنع الإنسان من أن يمد يده ليعمل الخطيئة ويقول لهذا الإنسان إن الفقر مع الشرف أفضل من الغني مع السرقة,وقد يكون هذا الإنسان محتاجا لهذا المال في حل مشاكله,ولذلك قال شكسبير عبارة جميلةإن ضمائرنا هي التي تجعلنا دائما جبناءطبعا يقصد الجبن بالمعني الحسن وليس بالمعني السيء الجبن الذي يجعل الإنسان يحجم عن أن يرتكب خطأ فضمائرنا هي التي تجعلنا دائما جبناء,فمثلا في موقف معين أنت كنت تقدر أن ترد علي واحد ردا شديدا ,وتقدر أن تضربه كما هو أهانك تقدر أن تعمل فيه حاجات كثيرة جدا لكن ضميرك يرفض ويقول لا..فأنت في هذه الحالة تجد ضميرك يجعلك تجبن عن أن تتخذ الإجراء العنيف,هذا معني كلمة شكسبيرأن ضمائرنا هي التي تجعلنا دائما جبناء.
Comment