مكتبة لتوزيع الكتاب المقدس بالصين
عن موقع اذاعة هولندا العربية
http://arabic.rnw.nl/currentaffairs/cur23050702
كارن مايرك
23-05-2007
ترجمة محمد الأيوبي
china.jpg
لم يعد الدين من الممنوعات في الصين الشيوعية، ففكرة الدين أفيون الشعوب لم تعد سيدة الموقف. يعيش في الجمهورية الشعبية الملحدة رسميا، حوالي 100 مليون بوذي، وعشرات الملايين من المسلمين والتاويين. لكن المجموعة الأكثر إثارة للانتباه هم المسيحيون. هؤلاء القادمون الجدد إلى الصين يزداد عددهم باضطراد كبير في السنوات الأخيرة، فحسب الإحصائيات الرسمية قد يصل عددهم إلى 60 مليونا وغالبيتهم من البروتستانت.
تعترف الصين بخمسة أديان رسميا، تحت مراقبة مكتب الشؤون الدينية. يعترف هذا المكتب بالبوذيين، والتاويين، والمسلمين، والبروتستانت والكاثوليك، وكل هؤلاء يسجلون من قبل مؤسسة رسمية للدولة. لكن في السنوات الأخيرة يمارس المواطنون شعائرهم الدينية بحرية خارج الدوائر الرسمية أيضا. وتستغل هذه الفرصة بالخصوص المجموعات المسيحية.
دائم الاخضرار
يقول فين تورييسن، مؤسسEvergreen وهي منظمة بروتستانتية مسيحية في إقليم شانكسي الفقير: "يمكنك القول، بقليل من التفاؤل، أن الصين ستصبح أكبر بلد مسيحي في العالم خلال السنوات العشر أو الخمسة عشر القادمة." تحاول افرغرين استقطاب آلاف الصينيين للتعرف على المسيحية واعتناقها خارج كنائس الدولة. فالمسئولون المحليون هم الذين وجهوا دعوة عام 1993 إلى تورييسن لإنشاء مشاريع تنموية للفلاحين الفقراء بالمنطقة. ويؤكد تورنيسن أن هناك طلبا في العديد من المناطق الأخرى على خدمات منظمات الإغاثة والتنمية المسيحية. وهذا بالرغم من أن العديد من الأشخاص لا يزالون يقبعون في معسكرات العمل الإجباري بسبب تمسكهم بديانتهم.
وغالبا ما تكون علاقة بين الملاحقة الامنية الحكومية والطموحات السياسية للمجوعات الدينية. فحركة فالون غونغ المثيرة للجدل خير مثال على ذلك. قد بدأت الحكومة التصدي لهذه المجموعة البوذية عام 1999 حين تظاهر 10 آلاف شخص علنا أمام مقر الحكومة في بكين. ويُعتبر الزعيم الروحي الدالاي لاما زعيما عالميا يناضل من أجل استقلال التبت عن الصين في عيون كثير من التيبتيين. ويكافح جزء من مسلمي الأيغور في إقليم كسينيانغ من أجل الاستقلال عن الصين أيضا. وبالنسبة للمسيحيين، كان اعتراف البابا والفاتكان بمسيحيي الصين موضوعا شائكا، لكن يبدو أن الفاتيكان وبكين يحاولان الوصول إلى حل ما خلال الفترة الماضية.
الكنيسة غير الشرعية
تعتبر عائلة الفلاح تانغ كاثوليكية منذ خمسة أجيال كما هو شأن العديد من أبناء القرى الآخرين في المنطقة يانغو (شانكسي) التي تعاني من الجفاف المديد. لا يريد تانغ أن تكون له علاقة بالكنيسة الرسمية ذات الميول القومية الصينية لذا فهو تابع للكنيسة "غير الشرعية". يقول تانغ: "السماء هي السماء، وهي ليست ملكا للحكومة! فربما تسيطر الحكومة على الجسد الأرضي، لكنها لا تتحكم في أرواحنا."
اعتقل تانغ مرتين في بداية التسعينات، لكن لم تعد له مشاكل مع السلطات في السنوات الأخيرة. لكنه قلق على مصير الكاثوليك في إقليم هيبي المجاور، الذين يعانون من مشاكل مع المسئولين المحليين. وغالبا ما لا تتعلق هذه المشاكل بالمسائل الدينيةفي ذاتها بل هي خلافات حول ملكية الأراضي. ولم تعد الكنائس البروتستانتية المقامة في المنازل تعمل في الخفاء.
حسب توريسين، يتعمد بعض رجال الكنائس إعطاء الانطباع بأن كنيستهم تعمل في الخفاء لكسب التعاطف الدولي. فحكاياتهم حول الاعتقالات والملاحقة الحكومية تعود إلى 15 أو 20 سنة مضت، عندما كان الحزب الشيوعي يتوجس من الدور الذي قد يلعبه الدين في الإطاحة بالشيوعية كما حدث في المعسكر الشرقي.
الانسجام
ويبدو الآن أن الحكومة بدلت من موقفها الماركسي التقليدي الذي يري أن الدين أفيون الشعوب. ففي وثيقة صدرت في أكتوبر من العام الماضي تؤكد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني أن الدين يمكن أن يلعب دورا في خلق وتنمية الوئام والانسجام الاجتماعي الذي أصبحت احدي الأولويات الجديدة في عهد الرئيس هو ينتاو. فمنذ 2004 بدأت الصين تشجع المعاهد الكونفوشية في جميع أنحاء العالم بما في ذلك المهد الذي فتح أبوابه في لاهاي السنة الماضية. وذلك في الوقت الذي رفض فيه ماو تسي تونغ الفلسفة الصينية التقليدية الكونفوشية التي تحمل الكثير من ملامح الأديان واعتبرها عقيدة إقطاعية. وينظر الزعماء الشيوعيون بجدية إلى المسيحية التي تعتبر عنصرا مهما في "نجاح الغرب".
يقول تورييسن: "عملت مع مجموعة من مؤسسات الشرطة حيث يحاول رجال الشرطة الالتزام بالقيم المسيحية في تعاملهم مع المواطنين." ويضيف" والآن بعد أن صار المجتمع أكثر تعقيدا، لم يعد الناس يكتفون بالتطلع إلي الثروة والنجاح بل يبحثون أيضا عن أشياء أخرى أكثر عمقا."
ويفسر الاهتمام بالدين وبالخصوص في المدن التي تتزايد فيها الطبقة الوسطى بالفراغ الروحي الذي يسود في اوساطها. لكن في القرى يلعب فراغ خزانة الدولة دورا مهما أيضا. ففي المناطق الصينية الفقيرة، يدير العديد من الراهبات والرهبان من المنظمات البروتستانتية والمسيحية المستشفيات المحلية، ودور الأيتام وغيرها مثل افرغرين التي تهتم بالتعليم والمشاريع الزراعية، والصحة، ناهيك عن عشرات الآلاف من معلمي اللغة الإنجليزية الذين يمول أغلبهم منظمات بروتستانتية.
المال
"يرى الصينيون أنه من الصعب القول أنهم ليسوا مهتمين بالمال حيث يرتبط صنع القرار في الصين بالقضايا الاقتصادية بالدرجة الأولى. لكن كلما ارتقيت في السلم القيادي في الصين كلما ازداد عدد الذين يقولون "يجب أن نعمل على بعث القيم الصينية، وأن نحدد معالم وهوية الصيني."
يتحدث الذين اعتنقوا ديانة جديدة في إقليم شانكسي بطريقة برغماتية مثيرة حول ديانتهم. تثمن الفلاحتان غاو ليزهن وسونغ بيرونغ التأثير الكبير للدين على تغيير طباعهن. تؤكد غاو أن والديها الذين لا يعتنقان المسيحية يشجعانها ويقولان لها: "الإيمان بالمسيح جيد بالنسبة لك!
عن موقع اذاعة هولندا العربية
http://arabic.rnw.nl/currentaffairs/cur23050702
كارن مايرك
23-05-2007
ترجمة محمد الأيوبي
china.jpg
لم يعد الدين من الممنوعات في الصين الشيوعية، ففكرة الدين أفيون الشعوب لم تعد سيدة الموقف. يعيش في الجمهورية الشعبية الملحدة رسميا، حوالي 100 مليون بوذي، وعشرات الملايين من المسلمين والتاويين. لكن المجموعة الأكثر إثارة للانتباه هم المسيحيون. هؤلاء القادمون الجدد إلى الصين يزداد عددهم باضطراد كبير في السنوات الأخيرة، فحسب الإحصائيات الرسمية قد يصل عددهم إلى 60 مليونا وغالبيتهم من البروتستانت.
تعترف الصين بخمسة أديان رسميا، تحت مراقبة مكتب الشؤون الدينية. يعترف هذا المكتب بالبوذيين، والتاويين، والمسلمين، والبروتستانت والكاثوليك، وكل هؤلاء يسجلون من قبل مؤسسة رسمية للدولة. لكن في السنوات الأخيرة يمارس المواطنون شعائرهم الدينية بحرية خارج الدوائر الرسمية أيضا. وتستغل هذه الفرصة بالخصوص المجموعات المسيحية.
دائم الاخضرار
يقول فين تورييسن، مؤسسEvergreen وهي منظمة بروتستانتية مسيحية في إقليم شانكسي الفقير: "يمكنك القول، بقليل من التفاؤل، أن الصين ستصبح أكبر بلد مسيحي في العالم خلال السنوات العشر أو الخمسة عشر القادمة." تحاول افرغرين استقطاب آلاف الصينيين للتعرف على المسيحية واعتناقها خارج كنائس الدولة. فالمسئولون المحليون هم الذين وجهوا دعوة عام 1993 إلى تورييسن لإنشاء مشاريع تنموية للفلاحين الفقراء بالمنطقة. ويؤكد تورنيسن أن هناك طلبا في العديد من المناطق الأخرى على خدمات منظمات الإغاثة والتنمية المسيحية. وهذا بالرغم من أن العديد من الأشخاص لا يزالون يقبعون في معسكرات العمل الإجباري بسبب تمسكهم بديانتهم.
وغالبا ما تكون علاقة بين الملاحقة الامنية الحكومية والطموحات السياسية للمجوعات الدينية. فحركة فالون غونغ المثيرة للجدل خير مثال على ذلك. قد بدأت الحكومة التصدي لهذه المجموعة البوذية عام 1999 حين تظاهر 10 آلاف شخص علنا أمام مقر الحكومة في بكين. ويُعتبر الزعيم الروحي الدالاي لاما زعيما عالميا يناضل من أجل استقلال التبت عن الصين في عيون كثير من التيبتيين. ويكافح جزء من مسلمي الأيغور في إقليم كسينيانغ من أجل الاستقلال عن الصين أيضا. وبالنسبة للمسيحيين، كان اعتراف البابا والفاتكان بمسيحيي الصين موضوعا شائكا، لكن يبدو أن الفاتيكان وبكين يحاولان الوصول إلى حل ما خلال الفترة الماضية.
الكنيسة غير الشرعية
تعتبر عائلة الفلاح تانغ كاثوليكية منذ خمسة أجيال كما هو شأن العديد من أبناء القرى الآخرين في المنطقة يانغو (شانكسي) التي تعاني من الجفاف المديد. لا يريد تانغ أن تكون له علاقة بالكنيسة الرسمية ذات الميول القومية الصينية لذا فهو تابع للكنيسة "غير الشرعية". يقول تانغ: "السماء هي السماء، وهي ليست ملكا للحكومة! فربما تسيطر الحكومة على الجسد الأرضي، لكنها لا تتحكم في أرواحنا."
اعتقل تانغ مرتين في بداية التسعينات، لكن لم تعد له مشاكل مع السلطات في السنوات الأخيرة. لكنه قلق على مصير الكاثوليك في إقليم هيبي المجاور، الذين يعانون من مشاكل مع المسئولين المحليين. وغالبا ما لا تتعلق هذه المشاكل بالمسائل الدينيةفي ذاتها بل هي خلافات حول ملكية الأراضي. ولم تعد الكنائس البروتستانتية المقامة في المنازل تعمل في الخفاء.
حسب توريسين، يتعمد بعض رجال الكنائس إعطاء الانطباع بأن كنيستهم تعمل في الخفاء لكسب التعاطف الدولي. فحكاياتهم حول الاعتقالات والملاحقة الحكومية تعود إلى 15 أو 20 سنة مضت، عندما كان الحزب الشيوعي يتوجس من الدور الذي قد يلعبه الدين في الإطاحة بالشيوعية كما حدث في المعسكر الشرقي.
الانسجام
ويبدو الآن أن الحكومة بدلت من موقفها الماركسي التقليدي الذي يري أن الدين أفيون الشعوب. ففي وثيقة صدرت في أكتوبر من العام الماضي تؤكد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني أن الدين يمكن أن يلعب دورا في خلق وتنمية الوئام والانسجام الاجتماعي الذي أصبحت احدي الأولويات الجديدة في عهد الرئيس هو ينتاو. فمنذ 2004 بدأت الصين تشجع المعاهد الكونفوشية في جميع أنحاء العالم بما في ذلك المهد الذي فتح أبوابه في لاهاي السنة الماضية. وذلك في الوقت الذي رفض فيه ماو تسي تونغ الفلسفة الصينية التقليدية الكونفوشية التي تحمل الكثير من ملامح الأديان واعتبرها عقيدة إقطاعية. وينظر الزعماء الشيوعيون بجدية إلى المسيحية التي تعتبر عنصرا مهما في "نجاح الغرب".
يقول تورييسن: "عملت مع مجموعة من مؤسسات الشرطة حيث يحاول رجال الشرطة الالتزام بالقيم المسيحية في تعاملهم مع المواطنين." ويضيف" والآن بعد أن صار المجتمع أكثر تعقيدا، لم يعد الناس يكتفون بالتطلع إلي الثروة والنجاح بل يبحثون أيضا عن أشياء أخرى أكثر عمقا."
ويفسر الاهتمام بالدين وبالخصوص في المدن التي تتزايد فيها الطبقة الوسطى بالفراغ الروحي الذي يسود في اوساطها. لكن في القرى يلعب فراغ خزانة الدولة دورا مهما أيضا. ففي المناطق الصينية الفقيرة، يدير العديد من الراهبات والرهبان من المنظمات البروتستانتية والمسيحية المستشفيات المحلية، ودور الأيتام وغيرها مثل افرغرين التي تهتم بالتعليم والمشاريع الزراعية، والصحة، ناهيك عن عشرات الآلاف من معلمي اللغة الإنجليزية الذين يمول أغلبهم منظمات بروتستانتية.
المال
"يرى الصينيون أنه من الصعب القول أنهم ليسوا مهتمين بالمال حيث يرتبط صنع القرار في الصين بالقضايا الاقتصادية بالدرجة الأولى. لكن كلما ارتقيت في السلم القيادي في الصين كلما ازداد عدد الذين يقولون "يجب أن نعمل على بعث القيم الصينية، وأن نحدد معالم وهوية الصيني."
يتحدث الذين اعتنقوا ديانة جديدة في إقليم شانكسي بطريقة برغماتية مثيرة حول ديانتهم. تثمن الفلاحتان غاو ليزهن وسونغ بيرونغ التأثير الكبير للدين على تغيير طباعهن. تؤكد غاو أن والديها الذين لا يعتنقان المسيحية يشجعانها ويقولان لها: "الإيمان بالمسيح جيد بالنسبة لك!
Comment