. ما نجده في أحداث الأسفار المقدسة يكشف عن قصص تاريخية مرتبطة بالأرض، أرض محددة وشعب معين،أرض اختارها الله لشعبه تدور في ربوعها قصص العهد القديم كله
. وتقع الأرض المقدسة في منطقة الهلال الخصيب الذي يضم فلسطين وسوريا والفرات ويمتد حتى الخليج الفارسي ويحدها من الشرق الصحراء العربية الواسعة ومن الغرب البحر المتوسط أو البحر الكبير (يشوع 1 : 4)، وبسبب موقعها كانت أهم الأقاليم الجغرافية ومنطقة التنافس بين الإمبراطوريات العظيمة، فطبيعة موقعها كانت حلقة اتصال بين مدنيات عظمى في مصر وما بين النهرين، ولعدة قرون لعبت دوراً مؤثراُ وهاماً في عبور الجيوش الفاتحة لممالك عظمى قامت وسقطت، فموقع الأرض يعتبر ممر أكثر مما يعتبر مكان استيطان، فكانت مكان مرور العديد من البشر، وبهذه الخاصية كانت أنسب مكان لانتشار المعرفة عن الله الخالق المبدع في أزمنة العهد القديم وعن ابنه الفادي والمخلص في العهد الجديد
. فلم تكن أفضلية الأرض في ثرواتها، أو في أفضلية ذلك الشعب العنيد الذي كثيراً ما كان يتذمر علي الله، وليست أهميتها بسبب جغرافيتها أو امتيازاتها السياسية، لكنها هي الأرض التي التقى فيها الله مع الإنسان بعد طرده من جنة عدن، ففيها تحدث الله مع إبراهيم عند بلوطات ممرا وأصعد موسى علي "جبل نبو " ليريه الأرض، ودخلها يشوع وامتلكها، فيها صار المذبح والهيكل، بل فيها عاش السيد المسيح وصارت مكان الشروق الذي ظهر فيها شمس البر، ومنها انتشر المسيحية إلى العالم
. وإذا تأملنا طبيعة الأرض نجدها ملائمة جداً لمعاملات الله مع شعبه ففيها الأمطار وآبار المياه والمجاعة، وفيها المراعي والحقول، ومحاطة بشعوب كثيرة، لذلك فهي تدفع بالشعب أن يعتمد علي الله دائماً، وبتلك الظروف كانت الأرض مناسبة لإتمام القصد الإلهي. وبالرغم من أن مساحة الأرض صغيرة إلا أنها تتميز بمفارقات شديدة بين برية مخيفة جرداء إلى تلال مغطاة بالعشب والأشجار، فيها وديان وسهول خصبة إلي غور الأردن ويشقها نهر الأردن، وبين بحيرات تنخفض بمئات الأقدام تحت سطح البحر إلي جبال ترتفع آلاف الأقدام، وبين منخفضات إلي جبال حرمون المغطاة بالثلج
وكان أول وصف لأرض الميعاد ، في الكتاب المقدس ، هو ما أخبر الجواسيس به موسى وقالوا "قد ذهبنا إلي الأرض التي أرسلتنا إليها وحقاً إنها تفيض لبناً وعسلاً" (عدد 13 : 27)، وكان هذا التقرير هو الذي زود العبرانيين بقوة وحماس في نضالهم ليمتلكوا الأرض خلال تاريخ عنيف ونضال عاصف.
. أما المدنيات القديمة التي تصارعت في الأرض فلم تترك لنا أي وصف أو خرائط عنها ولم نعرف عنها كثيراً إلا من خلال قصص العهد القديم الذي زودتنا بمعلومات كثيرة عن الإقليم وأسماء المدن وطبيعة الأرض وجغرافيتها، وفي القرن الثاني قبل الميلاد جددت أماكن بعض المدن، وفي أيام السيد المسيح كان لدى اليهود فكرة غاية في الدقة عن الإقليم كله، فأورشليم تقع في قلب القطر في اليهودية وهي محط الأنظار والجليل في الشمال ومركزه بحر الجليل الذي تحيطه المدن وبين الجليل واليهودية تقع للسامرة، أما الشرق فهو منطقة بيرية. وفي القرن الرابع للميلاد ترك لنا يوسابيوس أسقف قيصرية قائمة بأسماء لمدن قديمة
. وكانت أول الخرائط العلمية تلك التي رسمها علماء نابليون أثناء حملته علي مصر سنة 1798م، ومن هذا الوقت بدأ الاهتمام برسوم خرائط أكثر دقة للأرض المقدسة وتطورت رسومات الخرائط لتكون غاية في الدقة بعد التقدم في صناعة آلات التصوير وأجهزة المساحة والقياس، وزيادة المعرفة عن الأرض المقدسة بدراسة دقيقة للتاريخ والآثار
أولاً : المواقع الجغرافية البارزة
. استولي العبرانيون علي الأرض التي تمتد من قادش برنيع ووادي العريش جنوباً إلى جبال حرمون شمالاً ومن البحر المتوسط في الغرب إلى الصحراء في الشرق باستثناء سهل الفلسطينيين وأرض موآب، وكان العبرانيون يذكرون أن بلادهم امتدت من دان إلى بئر سبع وهي مسافة حوالي (15. ميلاً = 24. كم) طولاً و (5. ميلاً = 8. كم) عرضاً، وكانت لهم فكرة في غاية الدقة عن الأرض وحدودها فالجغرافية الإقليمية لديهم كانت تقوم على أساس أقدس الأماكن متدرجة إلى أقلها قدسية وكانت أورشليم هي قدس الأقداس منذ عصر داود النبي
: وهناك عدة اقتراحات لدراسة جغرافية الأرض وهناك أكثر من وصف للأرض ولكن أكثرها سهولة ما اقترحه جورج آدم سميث سنة 1931 حيث يمكن تقسيم الأرض من الغرب إلي الشرق إلي ستة أقسام طبيعية كبرى هي
: [1] السهل الساحلي The Coastal Plain
. ويمتد جنوبي صور بطول الإقليم من الشمال إلى الجنوب مكوناً شريطاً ضيقاً يحده ساحل البحر المتوسط من جانب والتلال من الجانب الآخر. ويمتد السهل من الشرق حتى يندمج في وادي يزرعيل المتسع، ومن الغرب يكون خليجاً بين عكا (بتولمايس (أعمال 21 : 7) وحيفا، وهنا يعترض جبل الكرمل امتداد السهل، وشمال جبل الكرمل كان السهل يسمى سهل أشير وجنوب جبل الكرمل كان السهل يسمى فلسطين وسهل شارون في شمال الكرمل يضيق السهل إلا أن المرافئ الطبيعية تكثر به ومن هذا الإقليم خرج الفينيقيون للتجارة، وفي جنوبي الكرمل لم يكن هناك مرافئ طبيعية سوى مرفأ يافا الذي سافر منه يونان وهو هارب (يونان 1 : 3). ولم يقم ميناء بحري عظيم إلا في عصر هيرودس الكبير حيث أقام ميناء قيصرية (أعمال 21 : 7)، والفلسطينيون استوطنوا القسم الجنوبي من يافا ولم يقم به موانئ فلم يكونوا بحارة، وكانت أهمية هذا الجزء بسبب موقعه علي الطريق بين مصر وسورية وكان يسمى طريق البحر (أشعياء 8 : 23). وفي أزمنة العهد القديم لم تكن أرض الشواطئ جذابة فلم تكن سوي بعض من التلال الرملية التي تحيط بها الغابات والمستنقعات أحياناً وكانت تكثر فيها غابات الصنوبر ولكنها اختفت الآن، وآخر ما قطع منها كان بواسطة الأتراك سنة 1914م يتبع ...
. وتقع الأرض المقدسة في منطقة الهلال الخصيب الذي يضم فلسطين وسوريا والفرات ويمتد حتى الخليج الفارسي ويحدها من الشرق الصحراء العربية الواسعة ومن الغرب البحر المتوسط أو البحر الكبير (يشوع 1 : 4)، وبسبب موقعها كانت أهم الأقاليم الجغرافية ومنطقة التنافس بين الإمبراطوريات العظيمة، فطبيعة موقعها كانت حلقة اتصال بين مدنيات عظمى في مصر وما بين النهرين، ولعدة قرون لعبت دوراً مؤثراُ وهاماً في عبور الجيوش الفاتحة لممالك عظمى قامت وسقطت، فموقع الأرض يعتبر ممر أكثر مما يعتبر مكان استيطان، فكانت مكان مرور العديد من البشر، وبهذه الخاصية كانت أنسب مكان لانتشار المعرفة عن الله الخالق المبدع في أزمنة العهد القديم وعن ابنه الفادي والمخلص في العهد الجديد
. فلم تكن أفضلية الأرض في ثرواتها، أو في أفضلية ذلك الشعب العنيد الذي كثيراً ما كان يتذمر علي الله، وليست أهميتها بسبب جغرافيتها أو امتيازاتها السياسية، لكنها هي الأرض التي التقى فيها الله مع الإنسان بعد طرده من جنة عدن، ففيها تحدث الله مع إبراهيم عند بلوطات ممرا وأصعد موسى علي "جبل نبو " ليريه الأرض، ودخلها يشوع وامتلكها، فيها صار المذبح والهيكل، بل فيها عاش السيد المسيح وصارت مكان الشروق الذي ظهر فيها شمس البر، ومنها انتشر المسيحية إلى العالم
. وإذا تأملنا طبيعة الأرض نجدها ملائمة جداً لمعاملات الله مع شعبه ففيها الأمطار وآبار المياه والمجاعة، وفيها المراعي والحقول، ومحاطة بشعوب كثيرة، لذلك فهي تدفع بالشعب أن يعتمد علي الله دائماً، وبتلك الظروف كانت الأرض مناسبة لإتمام القصد الإلهي. وبالرغم من أن مساحة الأرض صغيرة إلا أنها تتميز بمفارقات شديدة بين برية مخيفة جرداء إلى تلال مغطاة بالعشب والأشجار، فيها وديان وسهول خصبة إلي غور الأردن ويشقها نهر الأردن، وبين بحيرات تنخفض بمئات الأقدام تحت سطح البحر إلي جبال ترتفع آلاف الأقدام، وبين منخفضات إلي جبال حرمون المغطاة بالثلج
وكان أول وصف لأرض الميعاد ، في الكتاب المقدس ، هو ما أخبر الجواسيس به موسى وقالوا "قد ذهبنا إلي الأرض التي أرسلتنا إليها وحقاً إنها تفيض لبناً وعسلاً" (عدد 13 : 27)، وكان هذا التقرير هو الذي زود العبرانيين بقوة وحماس في نضالهم ليمتلكوا الأرض خلال تاريخ عنيف ونضال عاصف.
. أما المدنيات القديمة التي تصارعت في الأرض فلم تترك لنا أي وصف أو خرائط عنها ولم نعرف عنها كثيراً إلا من خلال قصص العهد القديم الذي زودتنا بمعلومات كثيرة عن الإقليم وأسماء المدن وطبيعة الأرض وجغرافيتها، وفي القرن الثاني قبل الميلاد جددت أماكن بعض المدن، وفي أيام السيد المسيح كان لدى اليهود فكرة غاية في الدقة عن الإقليم كله، فأورشليم تقع في قلب القطر في اليهودية وهي محط الأنظار والجليل في الشمال ومركزه بحر الجليل الذي تحيطه المدن وبين الجليل واليهودية تقع للسامرة، أما الشرق فهو منطقة بيرية. وفي القرن الرابع للميلاد ترك لنا يوسابيوس أسقف قيصرية قائمة بأسماء لمدن قديمة
. وكانت أول الخرائط العلمية تلك التي رسمها علماء نابليون أثناء حملته علي مصر سنة 1798م، ومن هذا الوقت بدأ الاهتمام برسوم خرائط أكثر دقة للأرض المقدسة وتطورت رسومات الخرائط لتكون غاية في الدقة بعد التقدم في صناعة آلات التصوير وأجهزة المساحة والقياس، وزيادة المعرفة عن الأرض المقدسة بدراسة دقيقة للتاريخ والآثار
أولاً : المواقع الجغرافية البارزة
. استولي العبرانيون علي الأرض التي تمتد من قادش برنيع ووادي العريش جنوباً إلى جبال حرمون شمالاً ومن البحر المتوسط في الغرب إلى الصحراء في الشرق باستثناء سهل الفلسطينيين وأرض موآب، وكان العبرانيون يذكرون أن بلادهم امتدت من دان إلى بئر سبع وهي مسافة حوالي (15. ميلاً = 24. كم) طولاً و (5. ميلاً = 8. كم) عرضاً، وكانت لهم فكرة في غاية الدقة عن الأرض وحدودها فالجغرافية الإقليمية لديهم كانت تقوم على أساس أقدس الأماكن متدرجة إلى أقلها قدسية وكانت أورشليم هي قدس الأقداس منذ عصر داود النبي
: وهناك عدة اقتراحات لدراسة جغرافية الأرض وهناك أكثر من وصف للأرض ولكن أكثرها سهولة ما اقترحه جورج آدم سميث سنة 1931 حيث يمكن تقسيم الأرض من الغرب إلي الشرق إلي ستة أقسام طبيعية كبرى هي
: [1] السهل الساحلي The Coastal Plain
. ويمتد جنوبي صور بطول الإقليم من الشمال إلى الجنوب مكوناً شريطاً ضيقاً يحده ساحل البحر المتوسط من جانب والتلال من الجانب الآخر. ويمتد السهل من الشرق حتى يندمج في وادي يزرعيل المتسع، ومن الغرب يكون خليجاً بين عكا (بتولمايس (أعمال 21 : 7) وحيفا، وهنا يعترض جبل الكرمل امتداد السهل، وشمال جبل الكرمل كان السهل يسمى سهل أشير وجنوب جبل الكرمل كان السهل يسمى فلسطين وسهل شارون في شمال الكرمل يضيق السهل إلا أن المرافئ الطبيعية تكثر به ومن هذا الإقليم خرج الفينيقيون للتجارة، وفي جنوبي الكرمل لم يكن هناك مرافئ طبيعية سوى مرفأ يافا الذي سافر منه يونان وهو هارب (يونان 1 : 3). ولم يقم ميناء بحري عظيم إلا في عصر هيرودس الكبير حيث أقام ميناء قيصرية (أعمال 21 : 7)، والفلسطينيون استوطنوا القسم الجنوبي من يافا ولم يقم به موانئ فلم يكونوا بحارة، وكانت أهمية هذا الجزء بسبب موقعه علي الطريق بين مصر وسورية وكان يسمى طريق البحر (أشعياء 8 : 23). وفي أزمنة العهد القديم لم تكن أرض الشواطئ جذابة فلم تكن سوي بعض من التلال الرملية التي تحيط بها الغابات والمستنقعات أحياناً وكانت تكثر فيها غابات الصنوبر ولكنها اختفت الآن، وآخر ما قطع منها كان بواسطة الأتراك سنة 1914م يتبع ...
Comment