لقد غلبت العالم
يوحنا : 33:16
إذا نظرت إليك يا يسوع بأعين الجسد الضعيفة ، أو من خلال عدسات العالم المشوهة الكليلة ، فأنت إنسان مغلوب على أمره .
لقد عشت فقير و حفيت قدماك و انت تسعى من قرية إلى قرية ، بين مواطنيك و شعبك الذى احببته و أحسنت إليه بشتى الطرق فما الذى جنيته من وراء مسعاك ؟ ...إن خاصتك لم تعرفك و لم تقبلك .
لقد جندت تعبك اليومى ، و عقلك السامى ، و كلمتك الحلوة القوية لكسب الناس إلى تعاليمك و دعواك إلى الحق ... لقد كرست لرسالتك هذه كل ذاتك و قواك ، دون ما تردد و فى كثير من البذل و التضحية ، فما كانت النتيجة ؟
إنهم لم يؤمنوا بك ، و لم يتبعوك و قد أصروا على رفضك .
لقد إخترت لك بطانة من المساعدين و المعاونين و قمت بإعدادهم بعناية ساهرة و رعاية فائقة ، و لكنهم كيف كافؤك ؟ بالهرب و الهجران و الخيانة و النكران ، لقد باعوك بثمن بخس ، ثمن عبد ذليل لا أكثر و لا أقل .... و تقول انت : لقد غلبت العالم ؟
فى الزمن المحدد قبض عليك أعداؤك ، و عاملوك معاملة مجرم فحاكموك و ادانك القضاة و شتمك الشعب و صلبك الجلادون وسط اثنين من اللصوص السفاحين و دفنوك و ختموا قبرك ... و انت تعلن انك قد غلبت العالم ؟
لقد أعلنت انك ملك ، إلا أن تتويجك كان ملهاة وحشية ... و أعلنت أنك أبن الله فحكموا عليك أنك مجدف ، و قلت أنك المسيح فقضوا عليك بأنك تثير الأمة و قدمت نفسك كمخلص للعالم و لم تستطع أن تخلص نفسك ... و تقول أنك قد غلبت العالم ؟
ألا أنى إذا نظرت إليك بعين الإيمان النقية و بعين التاريخ المدققة الفاحصة ، فأنت فى الحقيقة الغالب الأوحد ، لأنه فى حيت يبحث العالم و الجسد عن النجاح الوقتى و السريع ، يتطلع الروح و التاريخ إلى النجاح الكامل و الأخير .
أن العالم و الجسد يلهثان جريا" وراء النصر الباهر ، و لكن الروح وحده و التاريخ هما اللذان يصلان إليه بالفعل .
لقد بدأت مسيرتك منذ ألفى عام من بلاد اليهودية ...و إن أحدا" من ذلك الزمن لم يستطع أن يوقف مسيرتك ، فى المكان و فى الزمان ، أما خطواتك فقد تكاثرت من الشمال إلى الجنوب و من مشارق الأرض إلى مغاربها بتكاثر مرسليك الذين لا يحصرهم عد .
كان أتباعك فى البداية بضع عشرات و أما اليوم فهم ملايين النفوس . كانوا قطيعا" صغيرا" و هم اليوم جيش جرار لا يملك نظيره عاهل أو دولة عظيمة .
أن كل الجيوش حتى الأقوى و الأحسن زادا" و سلاحا" طالما لحقها عار الهزيمة و الدمار ، أما جيشك أنت الأعزل و المسالم فلا ..... و قد باد جيل الجبابرة و ذريات الأرض القوية ... أما ذريتك أنت فتزداد يوما" بعد يوم كنجوم السماء و رمل البحر .
أما تعليمك فقد وصل إلينا سالما" نقيا" ، من غير أن يعتريه تغيير أو تبديل وسط شتى التيارات الفكر المتناقضة المتدافعة ، وسط شطحات الفلسفة و إلتوائها ، وسط إنحراف الأخلاق و إنحطاطها و أخيرا" وسط أفول النجم الساطع لكل السفسطات و الدعاوى المزيفة الباطلة .
إن نقد الفلاسفة الأكثر غطرسة ، و تأويلات الهراطقة الأكثر وقاحة ، لم تنل شيئا" من تعليمك الذى عبثا تحدوه و هاجموه و هددوه و سبوه و لا غرو ، فالسماء و الأرض تزولان و كلامك لا يزول .
كان أنجيلك و لا زال اليوم كأمس ، الكتاب المقروء من الناس أكثر ، فى كل الأرض ، فى حين أن مجلدات الجاحدين و قد طال عليها الزمن و هى على رفوف المكتبات مهملة ، يدب فيها النتن و الفساد شهادة صارخة على قصر نظر واضعيها و قلة حيلتهم .
و أما أنجيلك الذى سبى الإنسان على عهد الرومان فلا يزال يسبى الناس ، اليوم فى عصر الذرة و غزو الفضاء ، أنه الكتاب الذى يرضاه عقل المرأة العجوز البسيط .. و الذى يرضاه على حد سواء عقول العلماء الأكثر رجاحة و ذكاء .
هو الكتاب الذى يرضى تعليمه طبيعة الشرقيين النسكية كما يرضى تعليمه طبيعة الغربيين المتحررة الديناميكية .
ذلك لأن كلمتك أيها المسيح ، الكلمة المتجسد ، هى فى الحقيقة الكلمة الكلية ، الأولى و الأخيرة ، فى الزمان و المكان .
إن رفاق الساعة الأولى و إن خانك بعضهم إلا أن اتباعك اليوم كأمس يفدونك بالمهج و الروح و إن هجرك بعضهم ، إلا إن عبادك من النساك يحبسون متطوعين أنفسهم فى الأديرة و القلالى ليكونوا بالقرب منك .
لقد كللك الجند بأكليل من الشوك و أما قديسوك فيكللونك كل يوم ألف مرة و مرة بأكاليل من حبهم و هيامهم .
أما حانوتية كل الدهور فأنهم يحاولون ، المرة تلو المرة حبسك فى القبر ، إلا أن القبر كان و لا يزال فى كل مرة يتفجر من فوره ، تحت ضغط حياتك الهائل و الذى لا يقاوم ، أن ناكريك و الملحدين و الكفرة يطردونك كما لو كنت وهما" أو خيالا" و المرائين و الجبناء و عباد المال و عباد الشخصية و الشهوانيين و السكارى يرفضونك .
أما وميض العبقرية .. و تنهد القديسين المضطرم .. و طهر العذارى .. و ضمير أهل الإستقامة ...و صلاة الأطفال ...و دموع الأمهات .. و عبرات الثكالى ...و عويل اليتامى ... و نداء الضالين و الخطاة المنبوذين ... و أقدام الأبطال ...و روح كل البشرية فتشهد انك أنت المخلص الوحيد و غالب العالم الأوحد ، لأنك و إن مت لم تحفظ فى قبر ... و لم تحنط فى تابوت بل قمت منتصرا" على الموت و شوكته و لذا تقول لى :
" لا تخف أنا الأول و الآخر و الحى ، لقد كنت ميتا" و ها أنا ذا حى إلى دهر الدهور ، و بيدى مفاتيح الموت و الجحيم " (رؤ :17 و 18)
و أيضا" ثق و أصبر لقد غلبت العالم (يو :33:16)
يوحنا : 33:16
إذا نظرت إليك يا يسوع بأعين الجسد الضعيفة ، أو من خلال عدسات العالم المشوهة الكليلة ، فأنت إنسان مغلوب على أمره .
لقد عشت فقير و حفيت قدماك و انت تسعى من قرية إلى قرية ، بين مواطنيك و شعبك الذى احببته و أحسنت إليه بشتى الطرق فما الذى جنيته من وراء مسعاك ؟ ...إن خاصتك لم تعرفك و لم تقبلك .
لقد جندت تعبك اليومى ، و عقلك السامى ، و كلمتك الحلوة القوية لكسب الناس إلى تعاليمك و دعواك إلى الحق ... لقد كرست لرسالتك هذه كل ذاتك و قواك ، دون ما تردد و فى كثير من البذل و التضحية ، فما كانت النتيجة ؟
إنهم لم يؤمنوا بك ، و لم يتبعوك و قد أصروا على رفضك .
لقد إخترت لك بطانة من المساعدين و المعاونين و قمت بإعدادهم بعناية ساهرة و رعاية فائقة ، و لكنهم كيف كافؤك ؟ بالهرب و الهجران و الخيانة و النكران ، لقد باعوك بثمن بخس ، ثمن عبد ذليل لا أكثر و لا أقل .... و تقول انت : لقد غلبت العالم ؟
فى الزمن المحدد قبض عليك أعداؤك ، و عاملوك معاملة مجرم فحاكموك و ادانك القضاة و شتمك الشعب و صلبك الجلادون وسط اثنين من اللصوص السفاحين و دفنوك و ختموا قبرك ... و انت تعلن انك قد غلبت العالم ؟
لقد أعلنت انك ملك ، إلا أن تتويجك كان ملهاة وحشية ... و أعلنت أنك أبن الله فحكموا عليك أنك مجدف ، و قلت أنك المسيح فقضوا عليك بأنك تثير الأمة و قدمت نفسك كمخلص للعالم و لم تستطع أن تخلص نفسك ... و تقول أنك قد غلبت العالم ؟
ألا أنى إذا نظرت إليك بعين الإيمان النقية و بعين التاريخ المدققة الفاحصة ، فأنت فى الحقيقة الغالب الأوحد ، لأنه فى حيت يبحث العالم و الجسد عن النجاح الوقتى و السريع ، يتطلع الروح و التاريخ إلى النجاح الكامل و الأخير .
أن العالم و الجسد يلهثان جريا" وراء النصر الباهر ، و لكن الروح وحده و التاريخ هما اللذان يصلان إليه بالفعل .
لقد بدأت مسيرتك منذ ألفى عام من بلاد اليهودية ...و إن أحدا" من ذلك الزمن لم يستطع أن يوقف مسيرتك ، فى المكان و فى الزمان ، أما خطواتك فقد تكاثرت من الشمال إلى الجنوب و من مشارق الأرض إلى مغاربها بتكاثر مرسليك الذين لا يحصرهم عد .
كان أتباعك فى البداية بضع عشرات و أما اليوم فهم ملايين النفوس . كانوا قطيعا" صغيرا" و هم اليوم جيش جرار لا يملك نظيره عاهل أو دولة عظيمة .
أن كل الجيوش حتى الأقوى و الأحسن زادا" و سلاحا" طالما لحقها عار الهزيمة و الدمار ، أما جيشك أنت الأعزل و المسالم فلا ..... و قد باد جيل الجبابرة و ذريات الأرض القوية ... أما ذريتك أنت فتزداد يوما" بعد يوم كنجوم السماء و رمل البحر .
أما تعليمك فقد وصل إلينا سالما" نقيا" ، من غير أن يعتريه تغيير أو تبديل وسط شتى التيارات الفكر المتناقضة المتدافعة ، وسط شطحات الفلسفة و إلتوائها ، وسط إنحراف الأخلاق و إنحطاطها و أخيرا" وسط أفول النجم الساطع لكل السفسطات و الدعاوى المزيفة الباطلة .
إن نقد الفلاسفة الأكثر غطرسة ، و تأويلات الهراطقة الأكثر وقاحة ، لم تنل شيئا" من تعليمك الذى عبثا تحدوه و هاجموه و هددوه و سبوه و لا غرو ، فالسماء و الأرض تزولان و كلامك لا يزول .
كان أنجيلك و لا زال اليوم كأمس ، الكتاب المقروء من الناس أكثر ، فى كل الأرض ، فى حين أن مجلدات الجاحدين و قد طال عليها الزمن و هى على رفوف المكتبات مهملة ، يدب فيها النتن و الفساد شهادة صارخة على قصر نظر واضعيها و قلة حيلتهم .
و أما أنجيلك الذى سبى الإنسان على عهد الرومان فلا يزال يسبى الناس ، اليوم فى عصر الذرة و غزو الفضاء ، أنه الكتاب الذى يرضاه عقل المرأة العجوز البسيط .. و الذى يرضاه على حد سواء عقول العلماء الأكثر رجاحة و ذكاء .
هو الكتاب الذى يرضى تعليمه طبيعة الشرقيين النسكية كما يرضى تعليمه طبيعة الغربيين المتحررة الديناميكية .
ذلك لأن كلمتك أيها المسيح ، الكلمة المتجسد ، هى فى الحقيقة الكلمة الكلية ، الأولى و الأخيرة ، فى الزمان و المكان .
إن رفاق الساعة الأولى و إن خانك بعضهم إلا أن اتباعك اليوم كأمس يفدونك بالمهج و الروح و إن هجرك بعضهم ، إلا إن عبادك من النساك يحبسون متطوعين أنفسهم فى الأديرة و القلالى ليكونوا بالقرب منك .
لقد كللك الجند بأكليل من الشوك و أما قديسوك فيكللونك كل يوم ألف مرة و مرة بأكاليل من حبهم و هيامهم .
أما حانوتية كل الدهور فأنهم يحاولون ، المرة تلو المرة حبسك فى القبر ، إلا أن القبر كان و لا يزال فى كل مرة يتفجر من فوره ، تحت ضغط حياتك الهائل و الذى لا يقاوم ، أن ناكريك و الملحدين و الكفرة يطردونك كما لو كنت وهما" أو خيالا" و المرائين و الجبناء و عباد المال و عباد الشخصية و الشهوانيين و السكارى يرفضونك .
أما وميض العبقرية .. و تنهد القديسين المضطرم .. و طهر العذارى .. و ضمير أهل الإستقامة ...و صلاة الأطفال ...و دموع الأمهات .. و عبرات الثكالى ...و عويل اليتامى ... و نداء الضالين و الخطاة المنبوذين ... و أقدام الأبطال ...و روح كل البشرية فتشهد انك أنت المخلص الوحيد و غالب العالم الأوحد ، لأنك و إن مت لم تحفظ فى قبر ... و لم تحنط فى تابوت بل قمت منتصرا" على الموت و شوكته و لذا تقول لى :
" لا تخف أنا الأول و الآخر و الحى ، لقد كنت ميتا" و ها أنا ذا حى إلى دهر الدهور ، و بيدى مفاتيح الموت و الجحيم " (رؤ :17 و 18)
و أيضا" ثق و أصبر لقد غلبت العالم (يو :33:16)
Comment