الشماس يوسف درغام
المعمودية هي سر من أسرار الكنيسة السبعة مؤسسها السيد المسيح بذاته بقوله لتلاميذه "اذهبوا وعمِّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر"(متى28: 19-20)
إن كلمة معمودية كلمة سرّيانية تعني (الاغتسال أو الغوص)، وإن معنى العماد هو أن البشرية قد غطست في حدث الخلاص الذي هو يسوع المسيح، وقد اشتركت في بشريته التي ماتت وقامت من الموت؛ والمعمودية أو الغطاس نسميها أيضًا عيد الدِّنْح (دِنحُا- دِنْحو) كلمة سرّيانية معناها الظهور، لأن المعمودية حدث إلهي عظيم ظهرَ فيه سر الثالوث الأقدس، أي الابن الذي بُعثَ من قِبَل الآب بقوة الروح القدس.
إن أيقونة العماد نسخة صادقة لما كتب في الكتاب المقدس عن معمودية يسوع في نهر الاردن، وكل إيماننا واضح وجليّ فيها وكما يقول القديس جرمانوس: "ففي ميلاده ظهر خفيًا، وفي عماده ظهر جليًا".
أما القديس يوحنا فم الذهب فيقول: "بعماده وليس بميلاده ظهر علنيًا للعالم، فقبل عماده لم يكن معروفًا من الشعب"؛ وإن كان السيد قد ظهر صاعدًا من المياه، إنما ليعلن أنَّه منطلقٌ بشعبه الجديد المتحد فيه ليهبه "البنوة للآب السماوي" ، هذه هي أرض الموعد التي يحملنا إليها يسوع بعبوره بهم نهر الأردن.
وإن أتينا إلى شرح أيقونة العماد لوجدنا أنفسنا أمام سر عظيم؛ فأولوية عماد المسيح الهادفة لتطهير الجنس البشري ورفعه لكثرة محبته اللامتناهية للبشر لنكون أخوة له وأبناء لله بمحبة الروح القدس، ويقول القديس أمبروسيوس في تفسيره لإنجيل لوقا: "اعتمد الربّ ذاته... لم يُعَمَّدْ ليُطَهَّرْ، وإنما ليطهِّر الماء، فإذ نزل إليها المسيح الذي لم يعرف خطيئةً صار لها سلطان على التطهير، بهذا كل من يُدفن في جرن المسيح يترك فيه خطاياه".
وفي أعلى الأيقونة نرى نصف دائرة تمثل السماء يَنْبَعِثُ منها شعاع ومنه حمامة يَنْبَعِثُ منها ثلاثة أشعة لتستقر فوق هامة المسيح الواقف في نهر الأردن الذي لم يصوَّر كأنه نهر بل بالأحرى كأنه مغارة، وعلى الجهة اليسرى على كتف النهر نرى يوحنا المعمدان لابسًا جلدًا واضعًا يده على رأس المخلص؛ والملائكة على الجهة الأُخرى، وعددهم يختلف بحسب الأيقونة، وغالبًا ما يصوَّر في المياه شَخْصٌ يغرف المياه من النهر المقدس ممثلاً بذلك الكنيسة وأبناءها تنهل من هذه المياه؛ والمشهد الكامل مصوَّر على خلفية جبلٍ يمثِّل الأرض.
وكما لكلِّ حدث إنجيلي أو مَثل عدة قراءات، فهذه الأيقونة تمثِّل قراءتَيْنِ:
القراءة الأولى: هي تصوير المعنى الحقيقي الواقعي للعماد، الذي هو شرط أساسي للخلاص، وهذا السر أي سر المعمودية المؤسس من المسيح الذي ليس بحاجة إلى أن يتعمَّد، فبإنسانيته أظهر لنا بطريقة تبشيرية أن الإنسان يجب أن يتعمَّد ويتطهَّر ليستحقَّ الخلاص (إنه الخلاص وأظهر لنا طريق الخلاص)، فبداية دعوته الخلاصية على هذه الأرض كانت بالعماد ليدخلنا في سر الكنيسة، وبتعليمه الإلهي صار الإنسان عضوًا يستحقُّ الخلاص في الكنيسة.
أما القراءة الثانية: فهي المعنى اللاهوتي، وهو الظهور الإلهي لعقيدة الثالوث، ففي معمودية السيد المسيح ظهر الثالوث القدوس متمايزًا لكنه غير منفصل، الابن المتجسد صاعدًا من المياه لكي يهبنا الخروج من خطايانا لندخل به وفيه إلى شركة أمجاده، والروح القدس نازلاً على شكل حمامة ليقيم كنيسة المسيح الحمامة الروحية الحاملة سمات سيدها، وصوت الآب صادرًا من السماء يعلن بنوتنا له في ابنه، ويقيم منا حجارة روحية ترتفع خلال السماوات المفتوحة لبناء الكنيسة الأبدية؛ هكذا ظهر الثالوث القدوس لبنياننا بالله، لذا دعي عيد عماد يسوع المسيح بعيد الظهور الإلهي.
والروح القدس بشكل حمامة هي حركة الآب تجاه الابن هي تلك الحركة الأبوية التي تشمل كل إنسان ليحميه بحبه وأبوته، وبتنازل الابن بميلاده وعماده وصلبه وقيامته نموت ونقوم معه .
أما نهر الأردن في هذه الأيقونة يظهر كأنه مغارة أوكهف مملوء بالماء وهنا تذكير لمغارة الميلاد، ونرى أيضًا في بعض أيقونات العماد يسوع واقفًا على أبواب الجحيم كالتي نراها في أيقونة القيامة حيث نزل إلى أعماق الجحيم ليفتدي الإنسان ويقيمه إلى المجد الأبدي، وفي كتابات الآباء تسمى مياه الأردن "القبر السائل"، وهو تصوير مسبق للقبر الذي وُضع فيه المسيح.
والشخصيات التي نراها غالبًا في المياه عند أقدام يسوع غالبًا ما يكون رجلاً، (يرمز الى نهر الأردن) وهو يغرف من المياه ويعطيها، ويمثل الكنيسة الحاضرة التي تغرف من محبة الآب لتعطي من حولها، وشخصًا آخر وغالبًا ما يكون امرأة وهي تمثل البحر عندما رآه هرب (مز 114: 3).
أخيرًا على ضفة النهر نرى الملائكة، تختلف أعدادهم حسب الأيقونة ولم يُذكروا في الإنجيل، لكن في الكتابات الليتورجية، بلا شك دورهم هو الصلاة والتسبيح والخدمة، ويحملون على أياديهم ألبسة أو منشفة لخدمة المسيح، ودائمًا أياديهم مغمورة بثيابهم علامة الاحترام والسجود والإكرام وأيضًا لعدم لمس الثياب المقدسة بأيادٍ عارية؛ وغالبية أيقونات العماد تصوِّر الفأس على جذع شجرة على إحدى ضِفَّتَيْ النهر علامة لما جاء في أنجيل متى: "ها هي ذي الفأس على أصول الشجر، فكلُّ شجرةٍ لا تُثمرُ ثمرًا طيّبًا تُقطع وتُلقى في النار" (3: 10).
والأسماك التي هي مخلوقات مائية باتت علامة للإفخارستيا لدى المسيحيين.
وهكذا "الله صار إنسانا ليصيرَ الإنسان إلهًا" هذه الجملة التي استعملها كثير من آباء الكنيسة، وهذا ما يظهر في الأيقونة: السماء تفتح لأن معصية آدم قد أغلقتها، ومجيء المسيح وظهور الثالوث هدفه إعادة الإنسان إلى سابق عهده مع الله ومشاركته الفرح السرمدي، وهذا يظهر في نصف الدائرة في الأعلى حيث السماء والملكوت، والشعاع الأول هو أن الله واحد والأشعة الثلاثة هي ثالوثية الله، ولم يبقَ حاجز بين السماء والارض.
لنأخذ المسيح مثلنا الأعلى، ولنقترب إلى نعمة العماد الأقدس... فيفتح لنا الله الآب كوى السماوات ويرسل لنا الروح القدس، الذي يقبلنا كأبناء له، فإن الله الآب خاطب المسيح في وقت عماده المقدس كأنه به وفيه قد قبل الإنسان الساكن الأرض، معلنًا بنوة الجنس البشري بالصوت الحلو القائل: "أنت ابني الحبيب بك سررت" (لو 3: 22).
لنذهب بهذا الروح "روح الرب عليَّ لأنه مسحني لأبشِّر الفقراء، وأرسلني لأعلن للمأسورين تخلية سبيلهم...." (لو4: 18)، الذي أعطانا إياه الرب الإله حاملين ثمارًا طيبة تليق بأبناء الله وأخوة يسوع، صارخين هاتفين على غرار الملائكة قدوس قدوس قدوس أنت الرب الإله الصباؤوت السماء والأرض مملوءتان من مجدك أوشعنا في العلى.
إن كلمة معمودية كلمة سرّيانية تعني (الاغتسال أو الغوص)، وإن معنى العماد هو أن البشرية قد غطست في حدث الخلاص الذي هو يسوع المسيح، وقد اشتركت في بشريته التي ماتت وقامت من الموت؛ والمعمودية أو الغطاس نسميها أيضًا عيد الدِّنْح (دِنحُا- دِنْحو) كلمة سرّيانية معناها الظهور، لأن المعمودية حدث إلهي عظيم ظهرَ فيه سر الثالوث الأقدس، أي الابن الذي بُعثَ من قِبَل الآب بقوة الروح القدس.
إن أيقونة العماد نسخة صادقة لما كتب في الكتاب المقدس عن معمودية يسوع في نهر الاردن، وكل إيماننا واضح وجليّ فيها وكما يقول القديس جرمانوس: "ففي ميلاده ظهر خفيًا، وفي عماده ظهر جليًا".
أما القديس يوحنا فم الذهب فيقول: "بعماده وليس بميلاده ظهر علنيًا للعالم، فقبل عماده لم يكن معروفًا من الشعب"؛ وإن كان السيد قد ظهر صاعدًا من المياه، إنما ليعلن أنَّه منطلقٌ بشعبه الجديد المتحد فيه ليهبه "البنوة للآب السماوي" ، هذه هي أرض الموعد التي يحملنا إليها يسوع بعبوره بهم نهر الأردن.
وإن أتينا إلى شرح أيقونة العماد لوجدنا أنفسنا أمام سر عظيم؛ فأولوية عماد المسيح الهادفة لتطهير الجنس البشري ورفعه لكثرة محبته اللامتناهية للبشر لنكون أخوة له وأبناء لله بمحبة الروح القدس، ويقول القديس أمبروسيوس في تفسيره لإنجيل لوقا: "اعتمد الربّ ذاته... لم يُعَمَّدْ ليُطَهَّرْ، وإنما ليطهِّر الماء، فإذ نزل إليها المسيح الذي لم يعرف خطيئةً صار لها سلطان على التطهير، بهذا كل من يُدفن في جرن المسيح يترك فيه خطاياه".
وفي أعلى الأيقونة نرى نصف دائرة تمثل السماء يَنْبَعِثُ منها شعاع ومنه حمامة يَنْبَعِثُ منها ثلاثة أشعة لتستقر فوق هامة المسيح الواقف في نهر الأردن الذي لم يصوَّر كأنه نهر بل بالأحرى كأنه مغارة، وعلى الجهة اليسرى على كتف النهر نرى يوحنا المعمدان لابسًا جلدًا واضعًا يده على رأس المخلص؛ والملائكة على الجهة الأُخرى، وعددهم يختلف بحسب الأيقونة، وغالبًا ما يصوَّر في المياه شَخْصٌ يغرف المياه من النهر المقدس ممثلاً بذلك الكنيسة وأبناءها تنهل من هذه المياه؛ والمشهد الكامل مصوَّر على خلفية جبلٍ يمثِّل الأرض.
وكما لكلِّ حدث إنجيلي أو مَثل عدة قراءات، فهذه الأيقونة تمثِّل قراءتَيْنِ:
القراءة الأولى: هي تصوير المعنى الحقيقي الواقعي للعماد، الذي هو شرط أساسي للخلاص، وهذا السر أي سر المعمودية المؤسس من المسيح الذي ليس بحاجة إلى أن يتعمَّد، فبإنسانيته أظهر لنا بطريقة تبشيرية أن الإنسان يجب أن يتعمَّد ويتطهَّر ليستحقَّ الخلاص (إنه الخلاص وأظهر لنا طريق الخلاص)، فبداية دعوته الخلاصية على هذه الأرض كانت بالعماد ليدخلنا في سر الكنيسة، وبتعليمه الإلهي صار الإنسان عضوًا يستحقُّ الخلاص في الكنيسة.
أما القراءة الثانية: فهي المعنى اللاهوتي، وهو الظهور الإلهي لعقيدة الثالوث، ففي معمودية السيد المسيح ظهر الثالوث القدوس متمايزًا لكنه غير منفصل، الابن المتجسد صاعدًا من المياه لكي يهبنا الخروج من خطايانا لندخل به وفيه إلى شركة أمجاده، والروح القدس نازلاً على شكل حمامة ليقيم كنيسة المسيح الحمامة الروحية الحاملة سمات سيدها، وصوت الآب صادرًا من السماء يعلن بنوتنا له في ابنه، ويقيم منا حجارة روحية ترتفع خلال السماوات المفتوحة لبناء الكنيسة الأبدية؛ هكذا ظهر الثالوث القدوس لبنياننا بالله، لذا دعي عيد عماد يسوع المسيح بعيد الظهور الإلهي.
والروح القدس بشكل حمامة هي حركة الآب تجاه الابن هي تلك الحركة الأبوية التي تشمل كل إنسان ليحميه بحبه وأبوته، وبتنازل الابن بميلاده وعماده وصلبه وقيامته نموت ونقوم معه .
أما نهر الأردن في هذه الأيقونة يظهر كأنه مغارة أوكهف مملوء بالماء وهنا تذكير لمغارة الميلاد، ونرى أيضًا في بعض أيقونات العماد يسوع واقفًا على أبواب الجحيم كالتي نراها في أيقونة القيامة حيث نزل إلى أعماق الجحيم ليفتدي الإنسان ويقيمه إلى المجد الأبدي، وفي كتابات الآباء تسمى مياه الأردن "القبر السائل"، وهو تصوير مسبق للقبر الذي وُضع فيه المسيح.
والشخصيات التي نراها غالبًا في المياه عند أقدام يسوع غالبًا ما يكون رجلاً، (يرمز الى نهر الأردن) وهو يغرف من المياه ويعطيها، ويمثل الكنيسة الحاضرة التي تغرف من محبة الآب لتعطي من حولها، وشخصًا آخر وغالبًا ما يكون امرأة وهي تمثل البحر عندما رآه هرب (مز 114: 3).
أخيرًا على ضفة النهر نرى الملائكة، تختلف أعدادهم حسب الأيقونة ولم يُذكروا في الإنجيل، لكن في الكتابات الليتورجية، بلا شك دورهم هو الصلاة والتسبيح والخدمة، ويحملون على أياديهم ألبسة أو منشفة لخدمة المسيح، ودائمًا أياديهم مغمورة بثيابهم علامة الاحترام والسجود والإكرام وأيضًا لعدم لمس الثياب المقدسة بأيادٍ عارية؛ وغالبية أيقونات العماد تصوِّر الفأس على جذع شجرة على إحدى ضِفَّتَيْ النهر علامة لما جاء في أنجيل متى: "ها هي ذي الفأس على أصول الشجر، فكلُّ شجرةٍ لا تُثمرُ ثمرًا طيّبًا تُقطع وتُلقى في النار" (3: 10).
والأسماك التي هي مخلوقات مائية باتت علامة للإفخارستيا لدى المسيحيين.
وهكذا "الله صار إنسانا ليصيرَ الإنسان إلهًا" هذه الجملة التي استعملها كثير من آباء الكنيسة، وهذا ما يظهر في الأيقونة: السماء تفتح لأن معصية آدم قد أغلقتها، ومجيء المسيح وظهور الثالوث هدفه إعادة الإنسان إلى سابق عهده مع الله ومشاركته الفرح السرمدي، وهذا يظهر في نصف الدائرة في الأعلى حيث السماء والملكوت، والشعاع الأول هو أن الله واحد والأشعة الثلاثة هي ثالوثية الله، ولم يبقَ حاجز بين السماء والارض.
لنأخذ المسيح مثلنا الأعلى، ولنقترب إلى نعمة العماد الأقدس... فيفتح لنا الله الآب كوى السماوات ويرسل لنا الروح القدس، الذي يقبلنا كأبناء له، فإن الله الآب خاطب المسيح في وقت عماده المقدس كأنه به وفيه قد قبل الإنسان الساكن الأرض، معلنًا بنوة الجنس البشري بالصوت الحلو القائل: "أنت ابني الحبيب بك سررت" (لو 3: 22).
لنذهب بهذا الروح "روح الرب عليَّ لأنه مسحني لأبشِّر الفقراء، وأرسلني لأعلن للمأسورين تخلية سبيلهم...." (لو4: 18)، الذي أعطانا إياه الرب الإله حاملين ثمارًا طيبة تليق بأبناء الله وأخوة يسوع، صارخين هاتفين على غرار الملائكة قدوس قدوس قدوس أنت الرب الإله الصباؤوت السماء والأرض مملوءتان من مجدك أوشعنا في العلى.
Comment