عندما نتحدث عن الأردن، فنحن فى الحقيقة لا نتحدث عن جولوجيا، بل نهر النعمة الذى يملأ كنائسنا، ويصب مياهه المقدسة فى أجران معمودياتنا.
وهذا النهر لا ينبع فى فلسطين وحدها، بل يُغطّى كل العالم، ويدخل إلى الفردوس، ويفيض عليه بأُناس مولودين بالروح.
فى ميلاد المسيح، قبلت الخليقة الخالق من بطن البتول! وفى يوم عماده تقبل العروس العريس من بطن الأردن، بدل من ذراعى العذراء تقبله أمواج الأردن، وبدل من الركبتين تحمله أمواج السيول، وعوض القمط تلفه الأمواج المبللة !
إن الطفل الذى سكن بطن البتول، ليقدس المولودين الجدد يذهب إلى الأردن، ويتقدم إلى يوحنا المعمدان ليفتح باب العماد، لكى يقدس المولودين منه، لقد ولد فى مغارة بيت لحم ولداً، ويوم عماده تقبله الأردن رباً، وبدلاً من المذود الذى قبله طفلاً، تقبله الأردن رجلاً بالغاً فاهماً..
فى الطريق إلى أرض كنعان، عبر يشوع بن نون نهر الأردن، ومعه الكهنة حاملين تابوت العهد، الذى كان فى داخله لوحى الشريعة، وكأننا فى مياه المعمودية، نلتقى بيسوعنا المخلص كلمة الله، واهب الحياة ليقودنا إلى كنعان السماوية.
وعندما حاول أبشالوم اغتصاب المُلك من داود أبيه، عبر داود نهر الأردن، ومعه رجاله إلى مدينة للاويين اسمها محنايم (2صم8:2) ولكن داود يعود إلى ملكه ويهلك أبشالوم! وهذا إنما يشير إلى أن من يعتمد وإن تألم فسوف يعود إلى مسكنه، إن لم يكن الأرضى فسوف يعود إلى المسكن السماوى، الذى أعده له ابن الله، لكل الذين أحبوه، وعاشوا بحسب وصاياه المقدسة..
وقبل صعود إيليا النبى إلى السماء (2مل2)، اجتاز نهر الأردن، وفى هذا إشارة إلى أن كل من يعتمد بالروح والحق، يصعد من الأرض إلى السماء، نستطيع أن نقول: إن المعمودية جسر نعبر عليه من حياة إلى حياة.
كان للأردن عينان، إحداهما تُدعى (نون) لرى أراضى الشعوب، والأُخرى (دنان) ومنها يشرب شعب إسرائيل، فاعتماد السيد المسيح فى الأردن، دليل على اجتماع الأمم الوثنية مع شعب الله فى نعمته المخلصة، وهكذا بالعماد لم يعد هناك " فَرْقَ بَيْنَ الْيَهُودِيِّ وَ الْيُونَانِيِّ لأَنَّ رَبّا ًوَاحِداً لِلْجَمِيعِ" (رو10: 12).
من المعروف أن نهر الأردن يمر فى بحيرة طبرية، ولكن دون أن يختلط ماؤه العذب بمائها المالح، وهذا إنما يدل على أن كل من يعتمد بالروح، يحيا فى العالم دون أن يحيا فيه العالم، فيكون كالسفينة التى تحيا فى الماء دون أن يحيا الماء فيها، لأن تسرب الماء إلى السفينة يعنى غرقها، أى هلاكها.
ولكننا نتساءل: لماذا اختار الله الماء بالذات، لكى يكون مادة سر المعمودية ألا توجد مواد أُخرى تصلح أن تكون مادة لهذا السر على هذا السؤال يُجيب ذهبى الفم قائلاً:
إن المعمودية تحمل عدة رموز: كالدفن، الموت، الحياة.. وكل ذلك يتم بفعل واحد ألا وهو: التغطيس، فتغطيس الرأس فى الماء يمثل القبر، الذى ندفن فيه إنساننا العتيق لكى نخرج منه إنسان جديد، وبهذه الطريقة البسيطة يدفن الله الإنسان القديم ويُلبسنا الجديد.
لا تتعجبوا !! ففى مياه البحر الأحمر قد مات الإنسان الشرير (فرعون وجنوده)، ونجا الإنسان الحر الخارج من الماء (موسى وشعب إسرائيل)، وإن كانت مياه الطوفان قد أهلكت البشرية كلها، إلا أن نوحاً وبنيه قد نجوا من خلالها، ولكن عن طريق الفلك الذى هو فى الحقيقة من أبرز رموز المعمودية.
والحق أن للماء علاقة بالحياة منذ بداية الخليقة، يقول الكتاب المقدس: " وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمـْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ " (تك1: 2) وقال الله "لِتَفِضِ الْمِيَاهُ زَحَّافَاتٍ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ " (تك20:1) وهكذا خرجت الحياة من الماء، وفى نفس الوقت نجد ربطاً بين ثلاثة ألا وهم: الماء والحياة وروح الله.
هذا وقد شبه الله نفسه بمصدر المياه التى يقصد بها مصدر الحياه، فيقول فى تبكيته لشعبه: " تَرَكُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّـةِ لِيَنْقُرُوا لأَنْفُسِهِمْ آبَاراً آبَاراً مُشَـقَّقَةً لاَ تضْبُطُ مَاءً " (إر2: 13).
وفى حديثه مع المرأة السامرية، يُعطى المسيح الماء واهب الحياة، إذ قال للمرأة: " مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ، يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ " (يو4: 4).
من صفات الماء تليين الأحجار، والروح القدس أيضاً يلين القلوب الحجرية، ويحولها إلى قلوب لحمية تشعر بالآخرين وتتفاعل معهم، أتذكرون قول الرب فى سفر حزقيال النبى: " وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْم ٍ" (حز36: 26).
كما أن الماء يُطفئ النار، وهكذا أيضاً الروح القدس، يُطفئ نيران الخطايا والشهوات.. ولهذا يجب أن نقول مع القديس بولس الرسول: " َلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ " (أف4: 30).
وإن كانت أهم صفات الماء أنه يروى ويغسل وينظف ويُطهر.. فالروح القدس يعمل أيضاً هذه الأشياء فى النفس المعمدة، بالإضافة إلى تعزياته الروحية " وَأَرُشُّ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِراً فَتُطَهَّرُونَ مِنْ كُلِّ نَجَاسَتِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَصْنَامِكُمْ أُطَهِّرُكُمْ " (حز6: 25).
إن الماء ينزل من السماء مادة واحدة، ولكنه يُرى أحمر فى الورود، وأخضر فى الأعشاب، وأبيض فى السوسن، والروح القدس، على الرغم من أنه واحد فى طبيعته، إلا أنه يُعطى لكل مؤمن مواهب خاصة به وهى تختلف عن غيره، حسب روحانية كل إنسان.
ألا يُروى النبات بالماء، ليثمر أثماراً..! والروح القدس أيضاً ما أكثر مواهبه فى المؤمنين.. (غل 22:5).
وهذا النهر لا ينبع فى فلسطين وحدها، بل يُغطّى كل العالم، ويدخل إلى الفردوس، ويفيض عليه بأُناس مولودين بالروح.
فى ميلاد المسيح، قبلت الخليقة الخالق من بطن البتول! وفى يوم عماده تقبل العروس العريس من بطن الأردن، بدل من ذراعى العذراء تقبله أمواج الأردن، وبدل من الركبتين تحمله أمواج السيول، وعوض القمط تلفه الأمواج المبللة !
إن الطفل الذى سكن بطن البتول، ليقدس المولودين الجدد يذهب إلى الأردن، ويتقدم إلى يوحنا المعمدان ليفتح باب العماد، لكى يقدس المولودين منه، لقد ولد فى مغارة بيت لحم ولداً، ويوم عماده تقبله الأردن رباً، وبدلاً من المذود الذى قبله طفلاً، تقبله الأردن رجلاً بالغاً فاهماً..
فى الطريق إلى أرض كنعان، عبر يشوع بن نون نهر الأردن، ومعه الكهنة حاملين تابوت العهد، الذى كان فى داخله لوحى الشريعة، وكأننا فى مياه المعمودية، نلتقى بيسوعنا المخلص كلمة الله، واهب الحياة ليقودنا إلى كنعان السماوية.
وعندما حاول أبشالوم اغتصاب المُلك من داود أبيه، عبر داود نهر الأردن، ومعه رجاله إلى مدينة للاويين اسمها محنايم (2صم8:2) ولكن داود يعود إلى ملكه ويهلك أبشالوم! وهذا إنما يشير إلى أن من يعتمد وإن تألم فسوف يعود إلى مسكنه، إن لم يكن الأرضى فسوف يعود إلى المسكن السماوى، الذى أعده له ابن الله، لكل الذين أحبوه، وعاشوا بحسب وصاياه المقدسة..
وقبل صعود إيليا النبى إلى السماء (2مل2)، اجتاز نهر الأردن، وفى هذا إشارة إلى أن كل من يعتمد بالروح والحق، يصعد من الأرض إلى السماء، نستطيع أن نقول: إن المعمودية جسر نعبر عليه من حياة إلى حياة.
كان للأردن عينان، إحداهما تُدعى (نون) لرى أراضى الشعوب، والأُخرى (دنان) ومنها يشرب شعب إسرائيل، فاعتماد السيد المسيح فى الأردن، دليل على اجتماع الأمم الوثنية مع شعب الله فى نعمته المخلصة، وهكذا بالعماد لم يعد هناك " فَرْقَ بَيْنَ الْيَهُودِيِّ وَ الْيُونَانِيِّ لأَنَّ رَبّا ًوَاحِداً لِلْجَمِيعِ" (رو10: 12).
من المعروف أن نهر الأردن يمر فى بحيرة طبرية، ولكن دون أن يختلط ماؤه العذب بمائها المالح، وهذا إنما يدل على أن كل من يعتمد بالروح، يحيا فى العالم دون أن يحيا فيه العالم، فيكون كالسفينة التى تحيا فى الماء دون أن يحيا الماء فيها، لأن تسرب الماء إلى السفينة يعنى غرقها، أى هلاكها.
ولكننا نتساءل: لماذا اختار الله الماء بالذات، لكى يكون مادة سر المعمودية ألا توجد مواد أُخرى تصلح أن تكون مادة لهذا السر على هذا السؤال يُجيب ذهبى الفم قائلاً:
إن المعمودية تحمل عدة رموز: كالدفن، الموت، الحياة.. وكل ذلك يتم بفعل واحد ألا وهو: التغطيس، فتغطيس الرأس فى الماء يمثل القبر، الذى ندفن فيه إنساننا العتيق لكى نخرج منه إنسان جديد، وبهذه الطريقة البسيطة يدفن الله الإنسان القديم ويُلبسنا الجديد.
لا تتعجبوا !! ففى مياه البحر الأحمر قد مات الإنسان الشرير (فرعون وجنوده)، ونجا الإنسان الحر الخارج من الماء (موسى وشعب إسرائيل)، وإن كانت مياه الطوفان قد أهلكت البشرية كلها، إلا أن نوحاً وبنيه قد نجوا من خلالها، ولكن عن طريق الفلك الذى هو فى الحقيقة من أبرز رموز المعمودية.
والحق أن للماء علاقة بالحياة منذ بداية الخليقة، يقول الكتاب المقدس: " وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمـْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ " (تك1: 2) وقال الله "لِتَفِضِ الْمِيَاهُ زَحَّافَاتٍ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ " (تك20:1) وهكذا خرجت الحياة من الماء، وفى نفس الوقت نجد ربطاً بين ثلاثة ألا وهم: الماء والحياة وروح الله.
هذا وقد شبه الله نفسه بمصدر المياه التى يقصد بها مصدر الحياه، فيقول فى تبكيته لشعبه: " تَرَكُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّـةِ لِيَنْقُرُوا لأَنْفُسِهِمْ آبَاراً آبَاراً مُشَـقَّقَةً لاَ تضْبُطُ مَاءً " (إر2: 13).
وفى حديثه مع المرأة السامرية، يُعطى المسيح الماء واهب الحياة، إذ قال للمرأة: " مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ، يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ " (يو4: 4).
من صفات الماء تليين الأحجار، والروح القدس أيضاً يلين القلوب الحجرية، ويحولها إلى قلوب لحمية تشعر بالآخرين وتتفاعل معهم، أتذكرون قول الرب فى سفر حزقيال النبى: " وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْم ٍ" (حز36: 26).
كما أن الماء يُطفئ النار، وهكذا أيضاً الروح القدس، يُطفئ نيران الخطايا والشهوات.. ولهذا يجب أن نقول مع القديس بولس الرسول: " َلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ " (أف4: 30).
وإن كانت أهم صفات الماء أنه يروى ويغسل وينظف ويُطهر.. فالروح القدس يعمل أيضاً هذه الأشياء فى النفس المعمدة، بالإضافة إلى تعزياته الروحية " وَأَرُشُّ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِراً فَتُطَهَّرُونَ مِنْ كُلِّ نَجَاسَتِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَصْنَامِكُمْ أُطَهِّرُكُمْ " (حز6: 25).
إن الماء ينزل من السماء مادة واحدة، ولكنه يُرى أحمر فى الورود، وأخضر فى الأعشاب، وأبيض فى السوسن، والروح القدس، على الرغم من أنه واحد فى طبيعته، إلا أنه يُعطى لكل مؤمن مواهب خاصة به وهى تختلف عن غيره، حسب روحانية كل إنسان.
ألا يُروى النبات بالماء، ليثمر أثماراً..! والروح القدس أيضاً ما أكثر مواهبه فى المؤمنين.. (غل 22:5).
Comment