القدّيسة مونيكا والدة القديس أغسطينوس
ولدة القديسة مونيكا عام 331 في تاغوستا في شمالي إفريقيا من والدين مسيحييّن تربت على الفضيلة والإمساك وكانت مطيعة لوالديها .
تزوجت مونيكا من بايكيوس ، وهو من أصحاب الأملاك الصغيرة في تاغوستا ، وكان لايزال عابداً للأوثان، غضوباً متكبراً ، ولكن حنوناً في الوقت نفسه ، وكانت له أم على شبهه شرسة الطّباع ، مهذارة ، غيورة ، حسودة . وكان الخدم في ذلك البيت على لون أسيادهم . أنجبت مونيكا ثلاثة أولاد البكر أغسطينوس ثم نافيغيوس وابنة واحدة لم يترك التاريخ لنا اسمها ، أضحت رئيسة دير للراهبات في إيبونا.
وهاكم مادونه القديس أغسطينوس عن زوجها وحماتها :
كان أبي يتمتّع بطيبة كبيرة ولكنه كان غضوباً جداً. أما تلك فقد عرفت كيف تواجه غضبه فكانت لاترد له جواباً لا قولاً ولافعلاً . بل تنتظر عبور الأزمة وسكون حدّته ، فتشكو له تصرفه نحوها أثناء ثورة غضبه . نساء كثيرات كانو يستنكرن تصرف أزواجهن معهنّ .
أما أمي فكانت تنصحهنّ بأن يذكرن دوماً مرتبتهن ولا يتشامخن على أزواجهن . فكن ينذهلن من كلامها عالمات أي زوج قاس تحتمل ومع ذلك لم يسمع قط بأن باتريكيوس قد ضرب امرأته أو أنه قد حصل بينهما ولو ليوم واحد شجار ما .
أما بالنسبة الى حماتها فقد كانت هذه الأخيرة ضدها في البداية وذلك بسبب تهامس بعض الخادمات ذوات النية السيئّة . ولكن مونيكا عرفت كيف تربح حماتها الى جانبها بلطفها وصبرها عليها وعنايتها بها . حينئذ شكت حماتها نفسها هؤلاء الخادمات الى ابنها بما أنهن يخلقن خلافاً عائلياً بينها وبين كنتها وطالبته بمعاقبتهن ّ . ولكي تنال الحماة نعمة في عيني كنتها تهددت بالعقاب نفسه كل من يجرؤ فيقول السوء في مونيكا ظناً منها بأن ذلك يرضيها . ومنذ ذلك الوقت عاشت المرأتان بانسجام غريب فيما بينهما .
توفي باتريكيوس عام 371 ، ولكن مونيكا التقية كانت قد استطاعت أن تكسبه للرب بصلواتها وتضرعاتها . فقبل سرّ العماد قبل وفاته بعام واحد . لقد تغير مسلك باتريكيوس جذرياً بعد أن أصبح مسيحياً فلم يعد يأتي بقباحة واحدة كما كان يفعل من قبل .
أما العمل العظيم الذي به وصلت مونيكا الى قمم الكمال المسيحي فهو ظفرها بابنها أغسطينوس ، ولن نجد سرداً يلذّ للقارئ أبلغ من سرد القديس أغسطينوس نفسه وهو يعرض لنا واقع اهتدائه :
لحقت بي أمي معتمدة على تقواها الصحيحة في البرّ والبحرّ متوكلة على الله ، في كل المخاطر وجدتني مشرفاً على الغرق ، يائساً من الوصول الى الحقيقة . لكن حين أخبرتها عن تركي للمانوية غمرتها موجة من الفرح ، وقالت لي وبقلب يطفح ثقة : لقد وعدني يسوع المسيح بأن أراك مؤمناً قبل موتي . ولكنها ازدادت صلاة وبكاء إليك ياينبوع الرحمة ، لتسرع الى إغاثتي ، وتبدد ظلامي بنورك .
لم تفتأ مونيكا تسدي أقوالها ونصائحها لأغسطينوس الذي كان قد رجع الى الله ولكنه لم يعتمد بعد ، تلك الأقوال المملوءة إيماناً وحكمة وفلسفة روحية:
ليس للنفس إلا غذاء واحد وهو معرفة الحقيقة والتعلق بها .
من رغب في الخير وناله فذاك هو المرء السعيد .
وأخيراً وبغبطة كبيرة رأته مع حفيدها ذيوذاتوس وصديقه أليبيوس يعتمدون على يد الأسقف القديس أمبروسيوس أسقف ميلان في 24 نيسان عام 387 .
وبعد عماد أوغسطينوس ورجوعه الى الله بعقله وقلبه وإرادته وكل جوارحه ، أراد أن يترك إيطاليا ويعود الى وطنه . فرافقته والدته واصحابه . وكانت مونيكا في غبتطها تقول لولدها : يابني ، إن بقائي على الإرض أضحى فضولياً ، ولا أدري لماذا لاأزال حية . لأنه لم يبقى لي شهوة أطمع فيها ، فإن رغائبي قد تحققت كلها . لم تمض خمسة أيام على هذا الكلام حتى اعتراها المرض الذي أوصلها الى أبولب الأبدية . فالتفتت الى ابنها وقالت له بحنان وحب لايوصف:
يابني ادفن جسدي أينما شئت . أسألك فقط أن تذكرني دائماً أمام هيكل الرب أينما كنت وحيثما توجهتَ . وكان أغسطينوس جاثياً أمامها كما يجثو في الكنيسة أمام الأيقونات المقدسة ، الى أن فاضت روحها النقية بين يدي خالقها ، وكان ذلك عام 387 عن عمر ناهز ستاً وخمسين سنة .
ولدة القديسة مونيكا عام 331 في تاغوستا في شمالي إفريقيا من والدين مسيحييّن تربت على الفضيلة والإمساك وكانت مطيعة لوالديها .
تزوجت مونيكا من بايكيوس ، وهو من أصحاب الأملاك الصغيرة في تاغوستا ، وكان لايزال عابداً للأوثان، غضوباً متكبراً ، ولكن حنوناً في الوقت نفسه ، وكانت له أم على شبهه شرسة الطّباع ، مهذارة ، غيورة ، حسودة . وكان الخدم في ذلك البيت على لون أسيادهم . أنجبت مونيكا ثلاثة أولاد البكر أغسطينوس ثم نافيغيوس وابنة واحدة لم يترك التاريخ لنا اسمها ، أضحت رئيسة دير للراهبات في إيبونا.
وهاكم مادونه القديس أغسطينوس عن زوجها وحماتها :
كان أبي يتمتّع بطيبة كبيرة ولكنه كان غضوباً جداً. أما تلك فقد عرفت كيف تواجه غضبه فكانت لاترد له جواباً لا قولاً ولافعلاً . بل تنتظر عبور الأزمة وسكون حدّته ، فتشكو له تصرفه نحوها أثناء ثورة غضبه . نساء كثيرات كانو يستنكرن تصرف أزواجهن معهنّ .
أما أمي فكانت تنصحهنّ بأن يذكرن دوماً مرتبتهن ولا يتشامخن على أزواجهن . فكن ينذهلن من كلامها عالمات أي زوج قاس تحتمل ومع ذلك لم يسمع قط بأن باتريكيوس قد ضرب امرأته أو أنه قد حصل بينهما ولو ليوم واحد شجار ما .
أما بالنسبة الى حماتها فقد كانت هذه الأخيرة ضدها في البداية وذلك بسبب تهامس بعض الخادمات ذوات النية السيئّة . ولكن مونيكا عرفت كيف تربح حماتها الى جانبها بلطفها وصبرها عليها وعنايتها بها . حينئذ شكت حماتها نفسها هؤلاء الخادمات الى ابنها بما أنهن يخلقن خلافاً عائلياً بينها وبين كنتها وطالبته بمعاقبتهن ّ . ولكي تنال الحماة نعمة في عيني كنتها تهددت بالعقاب نفسه كل من يجرؤ فيقول السوء في مونيكا ظناً منها بأن ذلك يرضيها . ومنذ ذلك الوقت عاشت المرأتان بانسجام غريب فيما بينهما .
توفي باتريكيوس عام 371 ، ولكن مونيكا التقية كانت قد استطاعت أن تكسبه للرب بصلواتها وتضرعاتها . فقبل سرّ العماد قبل وفاته بعام واحد . لقد تغير مسلك باتريكيوس جذرياً بعد أن أصبح مسيحياً فلم يعد يأتي بقباحة واحدة كما كان يفعل من قبل .
أما العمل العظيم الذي به وصلت مونيكا الى قمم الكمال المسيحي فهو ظفرها بابنها أغسطينوس ، ولن نجد سرداً يلذّ للقارئ أبلغ من سرد القديس أغسطينوس نفسه وهو يعرض لنا واقع اهتدائه :
لحقت بي أمي معتمدة على تقواها الصحيحة في البرّ والبحرّ متوكلة على الله ، في كل المخاطر وجدتني مشرفاً على الغرق ، يائساً من الوصول الى الحقيقة . لكن حين أخبرتها عن تركي للمانوية غمرتها موجة من الفرح ، وقالت لي وبقلب يطفح ثقة : لقد وعدني يسوع المسيح بأن أراك مؤمناً قبل موتي . ولكنها ازدادت صلاة وبكاء إليك ياينبوع الرحمة ، لتسرع الى إغاثتي ، وتبدد ظلامي بنورك .
لم تفتأ مونيكا تسدي أقوالها ونصائحها لأغسطينوس الذي كان قد رجع الى الله ولكنه لم يعتمد بعد ، تلك الأقوال المملوءة إيماناً وحكمة وفلسفة روحية:
ليس للنفس إلا غذاء واحد وهو معرفة الحقيقة والتعلق بها .
من رغب في الخير وناله فذاك هو المرء السعيد .
وأخيراً وبغبطة كبيرة رأته مع حفيدها ذيوذاتوس وصديقه أليبيوس يعتمدون على يد الأسقف القديس أمبروسيوس أسقف ميلان في 24 نيسان عام 387 .
وبعد عماد أوغسطينوس ورجوعه الى الله بعقله وقلبه وإرادته وكل جوارحه ، أراد أن يترك إيطاليا ويعود الى وطنه . فرافقته والدته واصحابه . وكانت مونيكا في غبتطها تقول لولدها : يابني ، إن بقائي على الإرض أضحى فضولياً ، ولا أدري لماذا لاأزال حية . لأنه لم يبقى لي شهوة أطمع فيها ، فإن رغائبي قد تحققت كلها . لم تمض خمسة أيام على هذا الكلام حتى اعتراها المرض الذي أوصلها الى أبولب الأبدية . فالتفتت الى ابنها وقالت له بحنان وحب لايوصف:
يابني ادفن جسدي أينما شئت . أسألك فقط أن تذكرني دائماً أمام هيكل الرب أينما كنت وحيثما توجهتَ . وكان أغسطينوس جاثياً أمامها كما يجثو في الكنيسة أمام الأيقونات المقدسة ، الى أن فاضت روحها النقية بين يدي خالقها ، وكان ذلك عام 387 عن عمر ناهز ستاً وخمسين سنة .
Comment