اللطف
اللطف استقبال القلب للقلب. يتجاوز الحديث المهذب أو الراقي اذ قد يكون نتيجة انضباط لا يدوم. وفن الحديث يكتسب ويصقل لكن العمق في مكان آخر فأنت لا تولد لطيفًا من بطن أمك ولكن تولد من أحشاء الله على ما قاله بولس الرسول: في رسالته الى أهل غلاطية فبعد ان يكون عدّد "أعمال الجسد" بصورة الجمع يصل الى القول: "اما ثمر الروح فهو المحبة والفرح والسلام واللطف" أي ما هناك من هبات إلهيّة ولكنه استعمل صيغة المفرد "ثمر الروح" وكأنه يقول ان هذه الفضائل التي يذكر منها المحبة اولا إنّما هي واحدة، ويربطها جميعا بمصدرها وهو الله. لطيفا وٌلدتَ من مشيئة الله ورحمته.
ينسب الكتاب اللطف اولا الى الله واذا تكلّم على الإنسان يتبيّن ان لطفه آتٍ من فوق ويعطفه الكتاب على التواضع والوداعة وكأنهما مكونان أو ينبوعان للطف. فإذا كان التواضع ان تعتبر نفسك لا شيء ولا تفتخر بعطاياك ولا تستعظمها فما ذلك الا لكونك ترى الانسان الآخر كل شيء. واذا كانت الوداعة ان تزيل كل نتوء منك في معاملة الآخر فإيحاء ذلك انك ترفض صدامه وتجريحه خشية ان يخسر رقته. تريده مثل نفسك أي مقتنعا انه هو ايضا يجب ان يفرح برقّتك ويأخذ منها وانت تعيها اذا وصلت اليه.
في القرآن الله هو اللطيف الخبير (الأنعام،٣). وتلازم هاتين الصفتين الإلهيّتين وارد في غير آية. اما عن الإنسان فلا يطلق عليه هذه الصفة بالاسم وان ورد معناها بمفردات أخرى.
اللطف لا يأتي من ميوعة أو ضعف لكنه يأتي من قوة داخلية لا يستكبر الإنسان بها لكون الاستكبار إلغاء للآخر وانت حريص على وجوده واستمراره لإيمانك بأن الإنسانية واحدة ولا تشفيها الا به. هو اذًا طلب للعافية الروحية عند الجميع. وهذه شرطها ان تكف عن الصراخ والغضب في كل حين لأنهما مناوأة للإنسان اية كانت نيّتك.
في هذا رأيت مشهدا لافتا منذ أيام حيث لم يرضِ كلام أحدنا أحد المجتمعين وانا أعرفه على تهذيب نادر فاذا به يعلي نبرته في الدفاع عن موقفه فأجابه واحد بصوت يكاد يُسمع فزال الصراخ. هذا لا ترد عليه بالصراخ لئلا يقع الآخر في الغضب فيجرحك ويجرح نفسه.
هذا لا يعني انه عليك ان تقمع الحماسة في كلامك ولا سيما في الخطابة. ولكن عليك السهر على صوتك لئلا تقودك الحماسة الى الغضب وتاليا الى ايذاء الآخر. والحماسة ان يتحكّم عقلك بما فيك من شهوة لئلا تقودك الشهوة الى البغض. فبين الحماسة والغضب خيط دقيق. والأفضل ان يصدر عنك صوت رتيب لكنه مقنع اذ غاية الحديث ان تقنع لا ان تظهر حمسا. المضمون الكلامي الدسم والمليء بالمعنى يصل الى المستمع ومن شأنك ان تكسبه الى طرحك اذ هي غاية كل حديث. الصوت المرتفع حجر تضرب به الناس ولا يقبلون موقفك بسببه بل يرونك منفعلا ويضعف طرحك كثيرا. ان تتكلّم وكأنك تشتم فريقا آخر لا يقنع احدا بمنطقك.
طبعا هناك أسلوب كلام وتربية بالكلام ولكن ليس هناك ضرب لهذا الغائب الذي تصرخ في الكلام عليه وكأنك تريد القضاء عليه. هذا يذكر بأننا، تلاميذ، كنا نساق الى حفلة خطابية ضد وعد بلفور وهذا قبل ان يحتل اليهود فلسطين، فبتّ أعتقد اننا في الساحة التي كنا فيها قضي على مطامعهم. ويكرر الكلام كل سنة وما قال لنا خطيب من هو بلفور وما هي قدرات أهلنا في فلسطين ليمنعوا تحقيق هذا الوعد وكيف يجب ان نتربّى على حب فلسطين. اجتماع هادئ سلامي كان من شأنه ان يربينا على فهم الحق.
•••
القاعدة هي هدوء العقل في كل خطاب أو حديث لأن السبيل الوحيد الى خفض الاخر صوته وأن يستأصل شراسته واياه والآخر في مخاطبة العقل والعقل. انظر الى الطبيعة. كل عناصرها في انسجام فلا تضرب نجمة نجمة ولا تأكل شجرة شجرة ولا تفترس بعضها بعضا الا الوحوش. واما الحيوانات المدجّنة أي التي فيها اثر للإنسان فلا تفعل ذلك وقد درس الفلاسفة اليونانيون نظام الطبيعة وفهموا ان المواطنين اذا اجتمعوا فيؤلّفون المدينة ثم ادركوا ان تخاطبهم وتفاعلهم يكون بالعقل. وما كانت الآلهة تتنافس الا لأن شيئا من الحيوانية كان فيها حتى تأنسنت الآلهة كلها اذ كان الإله الواحد يجمعها.
الإنسان صورة هذا الكون البديع المتسالمة أجزاؤه فيجمع عقله الى قلبه المستنير بالله فيهدأ العقل ليتمكن من جمع أجزائه و يخرجها لمنفعة العقول الأخرى وهذا لا يتم الا بعد ان يكون العقل تطهّر بالقلب ويكون القلب قد استقام بالعقل وكأن الإنسانية جمعاء باتت عقلا واحدا. الحب طريق الى اتحاد العقول والعقل والقلب يتلاحمان للاعتراف بالحقيقة.
هنا أود ان أذكر حادثة جرت معي. كان المجمع المقدس عندنا برئاسة السيّد اغناطيوس الرابع وتغدينا بعد جلسة الصباح وذهبنا الى البهو لنتناول القهوة ونوافذ القاعة مشرعة وكان رجل مغترب جاء لزيارة الدير فسمع احد الأساقفة يتكلّم بصوت عالٍ فسأل عنه فقيل له هذا هو المطران خضر. ثم بعد يومين أو ثلاثة اصطحبني هذا الرجل الى قريته لأزوّج ابنه. فقال لي اذا لفظت كلمة طريق بصوت عال أو صوت منخفض هل يتغيّر المعنى؟ فقلت لا. ثم قال اذا لفظت كلمة سيارة بهذه الطريقة أو تلك هل يتبدّل المعنى قلت لا. فقال لي: لماذا كنت تصرخ في حضرة المطارنة؟ فصمتّ واتخذت كلام هذا الرجل درسا الى الأبد. هذا الإنسان جعل فيّ عبرة اعتبرتها إلهية. وحاولت هدوء الصوت بعد ذلك.
اللطف لا يمنع التأديب لكونك حريصا على تقويم الآخر. ولكن للتأديب شروط وأداء. غير ان احدا لا يسلم اذا احس ان من شرع في تقويمه انما يقوم بعمل تقويم خالصة نيته لوجه الله وليس في الأمر شدّة وبأن لا بد ان نعلم ان تصحيح الخطأ لا تجوز فيه الدينونة. انه محاولة تصحيح من أجل الحقيقة وخلاص النفس ومن أحبّك يقوّمك.
هناك قواعد تربوية قائمة لا تنفصل عن القيمة المطلقة للإنسان الآخر. فالقسوة ليست قاعدة تربوية لأنها تتضمّن ما يبدو تمسكا بالفضيلة وحقيقتها انك تضرب الاخر ضربا شديدا ظنا منك انك تحفظ فضائله. السؤال الوجيه هو هل يصح لك ان تقوّم انسانا اذا كان شرط التقويم تجريحه أم انك تنتقل من النبرة الشديدة الى الحقيقة كمضمون في الوقت المطلوب للوم وذلك بلا رد الغضب بالغضب. اللطف بالخاطئ هو تصحيحه لئلا تقع في الانتقام أو ما يفهمه ذاك انتقاما.
طبعا يجب ان تحذر ان يفسّر الآخر هدوءك على انك لا تبالي بالخطيئة ولا تهمّك سلامته الروحية فتحيد عن كره الخطأ. هذا مؤذٍ كثيرا ويعني انك لا تبالي الا بنفسك أو راحتك وكأنك بالصمت شريك بالمعصية أو الأذى الذي ارتكب.
• • •
اللطف إحساسنا ان الآخر كل شيء وانه هو الذي يجب ان يعظم ونتوارى نحن وان لهذا روحانية وأساليب. الصوت هو الإنسان. كيف تنفذ الى الآخر بلا اقتحامه، تلك هي المسألة. اللطف هو إقرارك بوجود نفسك اذا انسكبت، بمقدار ما تنسكب. لفتني ان القرآن كثيرا ما يقرن اللطيف بالخبير اذا تكلّم على الله. هل يعني ذلك ان الرب لطيف بعباده لأنه يعرفهم ويعرف حاجتهم الى الحنان وجمال معونته؟
أظن اننا نستطيع ان نطبّق هذا الكلام عن الله على تعامل البشر في ما بينهم. فإن خبرتك للناس تجعلك حاسا بأنهم يحتاجون الى رحمتك والى احتضانك. وفي الحقيقة لست في حاجة الى ان تكون بهم خبيرا لأن أكثرهم ساقط وقررت انت ان تكون بهم لطيفا.
اللطف تشبّه بالله وبأخلاقه. هو عطف الله على قوم قليل. هو رفع من تلطف بهم الى رؤيته في صفاته، في أسمائه الحسنى حتى تردم الهوّة التي أقامها البشر بينهم وبين ربّهم. هذه هي صورة الله وحركة الى التمثّل به. هذا دخول القلب الى القلب لتمحى السيئات، لنرتفع الى السماء ونحن في هذه الدنيا. هذا معراجنا جميعا الى الملكوت حتى تبدو الدنيا قد دخلت الآخرة منذ اليوم الى ان يصير الله الكل في الكل فتتحقق، اذ ذاك، بنوّتنا له.
آمين
اللطف استقبال القلب للقلب. يتجاوز الحديث المهذب أو الراقي اذ قد يكون نتيجة انضباط لا يدوم. وفن الحديث يكتسب ويصقل لكن العمق في مكان آخر فأنت لا تولد لطيفًا من بطن أمك ولكن تولد من أحشاء الله على ما قاله بولس الرسول: في رسالته الى أهل غلاطية فبعد ان يكون عدّد "أعمال الجسد" بصورة الجمع يصل الى القول: "اما ثمر الروح فهو المحبة والفرح والسلام واللطف" أي ما هناك من هبات إلهيّة ولكنه استعمل صيغة المفرد "ثمر الروح" وكأنه يقول ان هذه الفضائل التي يذكر منها المحبة اولا إنّما هي واحدة، ويربطها جميعا بمصدرها وهو الله. لطيفا وٌلدتَ من مشيئة الله ورحمته.
ينسب الكتاب اللطف اولا الى الله واذا تكلّم على الإنسان يتبيّن ان لطفه آتٍ من فوق ويعطفه الكتاب على التواضع والوداعة وكأنهما مكونان أو ينبوعان للطف. فإذا كان التواضع ان تعتبر نفسك لا شيء ولا تفتخر بعطاياك ولا تستعظمها فما ذلك الا لكونك ترى الانسان الآخر كل شيء. واذا كانت الوداعة ان تزيل كل نتوء منك في معاملة الآخر فإيحاء ذلك انك ترفض صدامه وتجريحه خشية ان يخسر رقته. تريده مثل نفسك أي مقتنعا انه هو ايضا يجب ان يفرح برقّتك ويأخذ منها وانت تعيها اذا وصلت اليه.
في القرآن الله هو اللطيف الخبير (الأنعام،٣). وتلازم هاتين الصفتين الإلهيّتين وارد في غير آية. اما عن الإنسان فلا يطلق عليه هذه الصفة بالاسم وان ورد معناها بمفردات أخرى.
اللطف لا يأتي من ميوعة أو ضعف لكنه يأتي من قوة داخلية لا يستكبر الإنسان بها لكون الاستكبار إلغاء للآخر وانت حريص على وجوده واستمراره لإيمانك بأن الإنسانية واحدة ولا تشفيها الا به. هو اذًا طلب للعافية الروحية عند الجميع. وهذه شرطها ان تكف عن الصراخ والغضب في كل حين لأنهما مناوأة للإنسان اية كانت نيّتك.
في هذا رأيت مشهدا لافتا منذ أيام حيث لم يرضِ كلام أحدنا أحد المجتمعين وانا أعرفه على تهذيب نادر فاذا به يعلي نبرته في الدفاع عن موقفه فأجابه واحد بصوت يكاد يُسمع فزال الصراخ. هذا لا ترد عليه بالصراخ لئلا يقع الآخر في الغضب فيجرحك ويجرح نفسه.
هذا لا يعني انه عليك ان تقمع الحماسة في كلامك ولا سيما في الخطابة. ولكن عليك السهر على صوتك لئلا تقودك الحماسة الى الغضب وتاليا الى ايذاء الآخر. والحماسة ان يتحكّم عقلك بما فيك من شهوة لئلا تقودك الشهوة الى البغض. فبين الحماسة والغضب خيط دقيق. والأفضل ان يصدر عنك صوت رتيب لكنه مقنع اذ غاية الحديث ان تقنع لا ان تظهر حمسا. المضمون الكلامي الدسم والمليء بالمعنى يصل الى المستمع ومن شأنك ان تكسبه الى طرحك اذ هي غاية كل حديث. الصوت المرتفع حجر تضرب به الناس ولا يقبلون موقفك بسببه بل يرونك منفعلا ويضعف طرحك كثيرا. ان تتكلّم وكأنك تشتم فريقا آخر لا يقنع احدا بمنطقك.
طبعا هناك أسلوب كلام وتربية بالكلام ولكن ليس هناك ضرب لهذا الغائب الذي تصرخ في الكلام عليه وكأنك تريد القضاء عليه. هذا يذكر بأننا، تلاميذ، كنا نساق الى حفلة خطابية ضد وعد بلفور وهذا قبل ان يحتل اليهود فلسطين، فبتّ أعتقد اننا في الساحة التي كنا فيها قضي على مطامعهم. ويكرر الكلام كل سنة وما قال لنا خطيب من هو بلفور وما هي قدرات أهلنا في فلسطين ليمنعوا تحقيق هذا الوعد وكيف يجب ان نتربّى على حب فلسطين. اجتماع هادئ سلامي كان من شأنه ان يربينا على فهم الحق.
•••
القاعدة هي هدوء العقل في كل خطاب أو حديث لأن السبيل الوحيد الى خفض الاخر صوته وأن يستأصل شراسته واياه والآخر في مخاطبة العقل والعقل. انظر الى الطبيعة. كل عناصرها في انسجام فلا تضرب نجمة نجمة ولا تأكل شجرة شجرة ولا تفترس بعضها بعضا الا الوحوش. واما الحيوانات المدجّنة أي التي فيها اثر للإنسان فلا تفعل ذلك وقد درس الفلاسفة اليونانيون نظام الطبيعة وفهموا ان المواطنين اذا اجتمعوا فيؤلّفون المدينة ثم ادركوا ان تخاطبهم وتفاعلهم يكون بالعقل. وما كانت الآلهة تتنافس الا لأن شيئا من الحيوانية كان فيها حتى تأنسنت الآلهة كلها اذ كان الإله الواحد يجمعها.
الإنسان صورة هذا الكون البديع المتسالمة أجزاؤه فيجمع عقله الى قلبه المستنير بالله فيهدأ العقل ليتمكن من جمع أجزائه و يخرجها لمنفعة العقول الأخرى وهذا لا يتم الا بعد ان يكون العقل تطهّر بالقلب ويكون القلب قد استقام بالعقل وكأن الإنسانية جمعاء باتت عقلا واحدا. الحب طريق الى اتحاد العقول والعقل والقلب يتلاحمان للاعتراف بالحقيقة.
هنا أود ان أذكر حادثة جرت معي. كان المجمع المقدس عندنا برئاسة السيّد اغناطيوس الرابع وتغدينا بعد جلسة الصباح وذهبنا الى البهو لنتناول القهوة ونوافذ القاعة مشرعة وكان رجل مغترب جاء لزيارة الدير فسمع احد الأساقفة يتكلّم بصوت عالٍ فسأل عنه فقيل له هذا هو المطران خضر. ثم بعد يومين أو ثلاثة اصطحبني هذا الرجل الى قريته لأزوّج ابنه. فقال لي اذا لفظت كلمة طريق بصوت عال أو صوت منخفض هل يتغيّر المعنى؟ فقلت لا. ثم قال اذا لفظت كلمة سيارة بهذه الطريقة أو تلك هل يتبدّل المعنى قلت لا. فقال لي: لماذا كنت تصرخ في حضرة المطارنة؟ فصمتّ واتخذت كلام هذا الرجل درسا الى الأبد. هذا الإنسان جعل فيّ عبرة اعتبرتها إلهية. وحاولت هدوء الصوت بعد ذلك.
اللطف لا يمنع التأديب لكونك حريصا على تقويم الآخر. ولكن للتأديب شروط وأداء. غير ان احدا لا يسلم اذا احس ان من شرع في تقويمه انما يقوم بعمل تقويم خالصة نيته لوجه الله وليس في الأمر شدّة وبأن لا بد ان نعلم ان تصحيح الخطأ لا تجوز فيه الدينونة. انه محاولة تصحيح من أجل الحقيقة وخلاص النفس ومن أحبّك يقوّمك.
هناك قواعد تربوية قائمة لا تنفصل عن القيمة المطلقة للإنسان الآخر. فالقسوة ليست قاعدة تربوية لأنها تتضمّن ما يبدو تمسكا بالفضيلة وحقيقتها انك تضرب الاخر ضربا شديدا ظنا منك انك تحفظ فضائله. السؤال الوجيه هو هل يصح لك ان تقوّم انسانا اذا كان شرط التقويم تجريحه أم انك تنتقل من النبرة الشديدة الى الحقيقة كمضمون في الوقت المطلوب للوم وذلك بلا رد الغضب بالغضب. اللطف بالخاطئ هو تصحيحه لئلا تقع في الانتقام أو ما يفهمه ذاك انتقاما.
طبعا يجب ان تحذر ان يفسّر الآخر هدوءك على انك لا تبالي بالخطيئة ولا تهمّك سلامته الروحية فتحيد عن كره الخطأ. هذا مؤذٍ كثيرا ويعني انك لا تبالي الا بنفسك أو راحتك وكأنك بالصمت شريك بالمعصية أو الأذى الذي ارتكب.
• • •
اللطف إحساسنا ان الآخر كل شيء وانه هو الذي يجب ان يعظم ونتوارى نحن وان لهذا روحانية وأساليب. الصوت هو الإنسان. كيف تنفذ الى الآخر بلا اقتحامه، تلك هي المسألة. اللطف هو إقرارك بوجود نفسك اذا انسكبت، بمقدار ما تنسكب. لفتني ان القرآن كثيرا ما يقرن اللطيف بالخبير اذا تكلّم على الله. هل يعني ذلك ان الرب لطيف بعباده لأنه يعرفهم ويعرف حاجتهم الى الحنان وجمال معونته؟
أظن اننا نستطيع ان نطبّق هذا الكلام عن الله على تعامل البشر في ما بينهم. فإن خبرتك للناس تجعلك حاسا بأنهم يحتاجون الى رحمتك والى احتضانك. وفي الحقيقة لست في حاجة الى ان تكون بهم خبيرا لأن أكثرهم ساقط وقررت انت ان تكون بهم لطيفا.
اللطف تشبّه بالله وبأخلاقه. هو عطف الله على قوم قليل. هو رفع من تلطف بهم الى رؤيته في صفاته، في أسمائه الحسنى حتى تردم الهوّة التي أقامها البشر بينهم وبين ربّهم. هذه هي صورة الله وحركة الى التمثّل به. هذا دخول القلب الى القلب لتمحى السيئات، لنرتفع الى السماء ونحن في هذه الدنيا. هذا معراجنا جميعا الى الملكوت حتى تبدو الدنيا قد دخلت الآخرة منذ اليوم الى ان يصير الله الكل في الكل فتتحقق، اذ ذاك، بنوّتنا له.
آمين
Comment