قال السيد المسيح له المجد:"أعط ما لقيصر لقيصر ... وما لله لله"( مت21:22). فما المقصود بذلك؟ هل هو فصل بين الحياة الأرضية المادية، والحياة الروحية الأبدية؟ هذا انفصام مرفوض، فالمقصود فقط هو الأمانة فى المسئوليتين، فالإنسان المؤمن أرضه تنفتح على السماء، وزمنه يمتد إلى الأبدية.1:المسيحى... وقيصر:
قيصر هو العالم، وانشغالات الأرض، ومسئوليات الحياة اليومية، والواجبات المطلوبة من المؤمن، نحو الدولة والوطن. والسيد المسيح حدد لنا مفهوم العالم فى يوحنا (17) كما يلى:
"لستم من العالم" ... أى أن طبيعتنا التى تجددت بالإيمان بالمسيح
والمعمودية، والأسرار المقدسة، والأعمال الصالحة كثمار للإيمان، تظهر الإنسان المسيحى بأنه يملك رؤية مختلفة للأمور، ويرى الحياة بنظرة جديدة. فهو يحيا بأسلوب مختلف عن "أهل العالم" ... وقد أوضح لنا الرسول يوحنا ذلك بقوله "لأن كل ما فى العالم شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة" (1يو16:2 )... ولذلك فإن من يحب العالم – كشهوات ومقتنيات – إنما يفقد محبته لله.. بل يصير فى عداوة معه... "أن محبة العالم عداوة لله" (يع 4:4)..."لأن اهتمام الجسد موت" (رو6:8).. أى أن المشغول بالأرضيات والحسيات فقط، إنما يسير فى طريق الموت الأبدى.
"لست اسأل أن تأخذهم من العالم" أى أن السيد المسيح لا يريد من أتباعه أن يتركوا العالم، ويعتزلوه، ويمضوا جميعاً إلى البرارى والصحارى.. بل هو يقصد أن نستمر فى العالم لنؤدى دورنا فيه، ولنجاهد ضد الدنايا والسلبيات. وهذا الجهاد لا يمكن أن ينجح بدون مؤازرة وعمل النعمة، أى عمل روح الله القدوس، فى طبيعتنا البشرية الساقطة، لتصير مقدسة بنعمته. إن القلة القليلة التى تتخذ من الرب عريساً نهائياً لها، فى طريق الرهبنة والبتولية، لها منهجها الخاص، ولكن الأغلبية المدعوة للزواج المقدس، واستمرار النوع الإنســانى، وتقديم كثيرين إلى الملكوت من أبنائهم وبناتهم، لا ش،ك أن لهم دور جبار وهام فى بناء ملكوت الله العتيد.
"كما أرسلتنى إلى العالم... أرسلهم أنا إلى العالم"...
وهنا يبرز سبب استمرارنا فى الأرض، وسط الناس، لكى نقدم شهادة أمينة للرب،ونخدم إخوتنا فى المسيح خدمة مقدسة، ونعطى نماذج للمجتمع تظهر مدى وجود الله فينا، فيمجد الناس أبانا الذى فى السموات. إنها – إذن – إرسالية خدمة، شبهها الكتاب المقدس بتشبيهات عديدة مثل:
- "النور"..."أنتم نور العالم" (مت14:5) الذى يهزم حلول الظلمة
- "الملح" ..."أنتم ملح الأرض" (مت13:5) الذى حفظ العالم من الفساد
- "السفير" ... "إذ نسعى كسفراء عن المسيح" (2كو20:5) نقدم صورة المسيح للناس، فيتعرفوا عليه من خلالنا، ويصطلحون مع السماء.
- "الخميرة" ..."خميرة صغيرة تخمر العجين كله" (غل9:5) والخميرة تحتوى على بكتريا حية تتكاثر فتخمر العجين الميت، تماماً كالمؤمن الذى يشرق بالمسيح الساكن فيه، فيرى الناس نور المسيح من خلاله.
_ "الرسالة" ... "أنتم رسالتنا مكتوبة فى قلوبنا معروفة ومقروءة من جميع الناس " (2كو2:3) فسلوكيات المسيحى الحقيقى، إنجيل متحرك ومعاش.
- "والرائحة الزكية""أنتم رائحة المسيح الزكية"، فالمسيح رب المجد عطر وناردين، جمال روحى، وإنعاش يومى، للنفس المؤمنة.
2-بين قيصر... والله:
لا انفصام إذن، بل تكامل، فالإنسان المؤمن المهتم بخلاص نفسه وحياته الأبدية، هو بعينه المواطن الأمين الملتزم بكل الواجبات الأرضية والزمنية، لا يهرب من عمل صالح، ولا من محبة حقيقية، ولا من خدمة الآخرين، ولا من مسئوليات وظيفته، ولا من واجبه الوطنى المدنى والعسكرى، ولا من أداء الضرائب، ولا من دوره فى بناء المجتمع من خلال الأحزاب والنقابات والجمعيات واتحادات الطلاب وكافة مؤسسات المجتمع المدنى.
من هنا فأفضل إنسان أمين على قيصر، هو ذلك الإنسان الأمين فى جهاده الروحى، واهتمامه الأبدى. فالمستقبل الأبدى يبدأ من الزمنى، وهو امتداد له. وما أخطر أن ينشغل الإنسان بشئون قيصر دون شئون الله، فهذا أقصر طريق إلى الهلاك. وكذلك ما أخطر أن ينشغل الإنسان بأمور الروح ويهمل واجبه الأرضى والعائلى والمجتمعى، فهذا إنسان معثر، قال عنه الرسول بولس: "إن كان أحد لا يعتنى بخاصته، ولا سيما أهل بيته، فقد أنكر الايمان، وهو شرّ من غير المؤمن" (1تى8:5) ما أقسى حكم الله علينا، إذا أهملنا التزامنا الدنيوى، بدعوى اهتمامنا الدينى. وما أخطر أن ننشغل بالدنيا عن الآخرة. إن "التوازن" هو الكلمة الفاصلة فى هذا الأمر. أو قل "التكامل"، فالزمنى هو بداية الأبدى، والأمانة لقيصر هى ضمن الأمانة لله.
علينا إذن أن نؤدى كل واجباتنا الأرضية، كمسيحين نحب الجميع، لا ننحصر فى أسر الطائفة الضيق، بل يمتد أفقنا إلى الوطن الواسع، بل حتى إلى البشرية جمعاء!
قيصر هو العالم، وانشغالات الأرض، ومسئوليات الحياة اليومية، والواجبات المطلوبة من المؤمن، نحو الدولة والوطن. والسيد المسيح حدد لنا مفهوم العالم فى يوحنا (17) كما يلى:
"لستم من العالم" ... أى أن طبيعتنا التى تجددت بالإيمان بالمسيح
والمعمودية، والأسرار المقدسة، والأعمال الصالحة كثمار للإيمان، تظهر الإنسان المسيحى بأنه يملك رؤية مختلفة للأمور، ويرى الحياة بنظرة جديدة. فهو يحيا بأسلوب مختلف عن "أهل العالم" ... وقد أوضح لنا الرسول يوحنا ذلك بقوله "لأن كل ما فى العالم شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة" (1يو16:2 )... ولذلك فإن من يحب العالم – كشهوات ومقتنيات – إنما يفقد محبته لله.. بل يصير فى عداوة معه... "أن محبة العالم عداوة لله" (يع 4:4)..."لأن اهتمام الجسد موت" (رو6:8).. أى أن المشغول بالأرضيات والحسيات فقط، إنما يسير فى طريق الموت الأبدى.
"لست اسأل أن تأخذهم من العالم" أى أن السيد المسيح لا يريد من أتباعه أن يتركوا العالم، ويعتزلوه، ويمضوا جميعاً إلى البرارى والصحارى.. بل هو يقصد أن نستمر فى العالم لنؤدى دورنا فيه، ولنجاهد ضد الدنايا والسلبيات. وهذا الجهاد لا يمكن أن ينجح بدون مؤازرة وعمل النعمة، أى عمل روح الله القدوس، فى طبيعتنا البشرية الساقطة، لتصير مقدسة بنعمته. إن القلة القليلة التى تتخذ من الرب عريساً نهائياً لها، فى طريق الرهبنة والبتولية، لها منهجها الخاص، ولكن الأغلبية المدعوة للزواج المقدس، واستمرار النوع الإنســانى، وتقديم كثيرين إلى الملكوت من أبنائهم وبناتهم، لا ش،ك أن لهم دور جبار وهام فى بناء ملكوت الله العتيد.
"كما أرسلتنى إلى العالم... أرسلهم أنا إلى العالم"...
وهنا يبرز سبب استمرارنا فى الأرض، وسط الناس، لكى نقدم شهادة أمينة للرب،ونخدم إخوتنا فى المسيح خدمة مقدسة، ونعطى نماذج للمجتمع تظهر مدى وجود الله فينا، فيمجد الناس أبانا الذى فى السموات. إنها – إذن – إرسالية خدمة، شبهها الكتاب المقدس بتشبيهات عديدة مثل:
- "النور"..."أنتم نور العالم" (مت14:5) الذى يهزم حلول الظلمة
- "الملح" ..."أنتم ملح الأرض" (مت13:5) الذى حفظ العالم من الفساد
- "السفير" ... "إذ نسعى كسفراء عن المسيح" (2كو20:5) نقدم صورة المسيح للناس، فيتعرفوا عليه من خلالنا، ويصطلحون مع السماء.
- "الخميرة" ..."خميرة صغيرة تخمر العجين كله" (غل9:5) والخميرة تحتوى على بكتريا حية تتكاثر فتخمر العجين الميت، تماماً كالمؤمن الذى يشرق بالمسيح الساكن فيه، فيرى الناس نور المسيح من خلاله.
_ "الرسالة" ... "أنتم رسالتنا مكتوبة فى قلوبنا معروفة ومقروءة من جميع الناس " (2كو2:3) فسلوكيات المسيحى الحقيقى، إنجيل متحرك ومعاش.
- "والرائحة الزكية""أنتم رائحة المسيح الزكية"، فالمسيح رب المجد عطر وناردين، جمال روحى، وإنعاش يومى، للنفس المؤمنة.
2-بين قيصر... والله:
لا انفصام إذن، بل تكامل، فالإنسان المؤمن المهتم بخلاص نفسه وحياته الأبدية، هو بعينه المواطن الأمين الملتزم بكل الواجبات الأرضية والزمنية، لا يهرب من عمل صالح، ولا من محبة حقيقية، ولا من خدمة الآخرين، ولا من مسئوليات وظيفته، ولا من واجبه الوطنى المدنى والعسكرى، ولا من أداء الضرائب، ولا من دوره فى بناء المجتمع من خلال الأحزاب والنقابات والجمعيات واتحادات الطلاب وكافة مؤسسات المجتمع المدنى.
من هنا فأفضل إنسان أمين على قيصر، هو ذلك الإنسان الأمين فى جهاده الروحى، واهتمامه الأبدى. فالمستقبل الأبدى يبدأ من الزمنى، وهو امتداد له. وما أخطر أن ينشغل الإنسان بشئون قيصر دون شئون الله، فهذا أقصر طريق إلى الهلاك. وكذلك ما أخطر أن ينشغل الإنسان بأمور الروح ويهمل واجبه الأرضى والعائلى والمجتمعى، فهذا إنسان معثر، قال عنه الرسول بولس: "إن كان أحد لا يعتنى بخاصته، ولا سيما أهل بيته، فقد أنكر الايمان، وهو شرّ من غير المؤمن" (1تى8:5) ما أقسى حكم الله علينا، إذا أهملنا التزامنا الدنيوى، بدعوى اهتمامنا الدينى. وما أخطر أن ننشغل بالدنيا عن الآخرة. إن "التوازن" هو الكلمة الفاصلة فى هذا الأمر. أو قل "التكامل"، فالزمنى هو بداية الأبدى، والأمانة لقيصر هى ضمن الأمانة لله.
علينا إذن أن نؤدى كل واجباتنا الأرضية، كمسيحين نحب الجميع، لا ننحصر فى أسر الطائفة الضيق، بل يمتد أفقنا إلى الوطن الواسع، بل حتى إلى البشرية جمعاء!
Comment