ما تطلبه النفس ان تبقى مشدودة الى الفصح بعد إقامته حتى لا تفقد فرحه، ولهذا يبقى الموسم الفصحي عندنا حتى خميس الصعود ونرتل في هذه الفترة، باستمرار، المسيح قام. على هذا المنوال نقرأ اليوم من بشارة يوحنا عن ظهورين للسيد، اولهما عشية القيامة، وثانيهما في الأحد اللاحق، هذا الذي نحن فيه اليوم .
مساء الفصح يبدو السيد لتلاميذه مجتمعين ويلقي عليهم السلام "ولما قال هذا، اراهم يديه وجنبه". كان هذا ليتيقنوا ان الرؤية صحيحة وان ما رأوه ليس شبحًا. الاستنتاج المنطقي من هذا الظهور ان هذا الذي يشاهدونه الآن انما هو هو الذي عُلق على الخشبة. نحن امام واقعة الصلب التي شهد لها الإنجيليون الأربعة وتحدث عنها بولس في رسالته الاولى الى اهل كورنثوس حوالى عشر سنين بعد الحادثة اي كانت يقينا عند المسيحيين الذين تتلمذ عليهم الرسول.
عند هذا المشهد كان توما غائبا، عند عودته الى العلية التي كانوا فيها مجتمعين أخبره الرسل بالأمر فقال: "ان لم أعاين أثر المسامير في يديه واجعل اصبعي في موضع المسامير وأضع يدي في جنبه لا اؤمن". شك توما طبيعي ويدل على ان التلاميذ لم يكونوا مهووسين وان توما بخاصة لم يكن مهووسا ، التصديق السريع لم يكن عند أحد.يسوع نفسه لم يسعَ الى ان يصدقوه فورا، ولذلك "أراهم يديه وجنبه". فلما كان توما معهم في الأحد اللاحق، ظهر لهم الرب وقال لتوما "هات اصبعك الى ههنا وعاين يديّ، وهات يدك وضعها في جنبي"، هل تلمّس الرسول جسد الرب كما طلب اليه ان يفعل ام اكتفى بكلام يسوع ولم يجسّه، ليس هذا الأمر المهم. لعل السيد لما قال له: "لا تكن غير مؤمن" أراد ان يوحي اليه ان شهادة إخوته الرسل كافية. لعل هذا دعوة الينا ان نؤمن بما قالته الأجيال الاولى عن المعلم.
مهما يكن من أمر تبقى شهادة توما شهادة عظيمة، هناك ظهورات اخرى عديدة تتلى علينا كلها في انجيل السَحَر يوم الأحد لأن الكنيسة تريدنا ان نؤمن بناء على ما جاء في الكتب.ولهذا اعتمدت الأناجيل الأربعة فقط لأنها من التراث الرسولي.
تقف العقلية الشعبية عند توما شاكاً ولكن حقيقة توما الكاملة انه آمن من بعد شك.والحقيقة الأعمق انه الشاهد الأقوى على ان الذي ظهر له وللتلاميذ المرة الثانية هو نفسه الذي صلبوه، اذ كان من الممكن لولا توما ان يقال ان هذا الذي تراءى لهم عشية الفصح كان شبحا. ولكن بعد ان قال يسوع لتوما "هاتِ اصبعك الى ههنا وعاين يديّ وهاتِ يدك وضعها في جنبي" لم يبق مجال للشك ان هذا الذي ظهر بعد اسبوع هو نفسه الذي مات على الصليب اذ لا يزال يحمل آثار الصلب.
اجاب توما: "ربي وإلهي". كما هي واردة في الأصل اليوناني تعني انت الرب وانت الإله (لي) اي انه استعمل ال التعريف المطلقة. لا يمكن لغويا ان تعني انت رب من الأرباب وإله من الآلهة. هذا لم يكن معروفا عند اليهود، اي انت نفسك "يهوه" إله العهد القديم الذي كلَّم ابراهيم وموسى والأنبياء.
مما نقرأه في إنجيل اليوم وغيره ان القيامة هي الدعامة الوحيدة لإيماننا بيسوع. يؤسس بولس الرسول المعمودية على موت المسيح وقيامته (الرسالة الى اهل رومية) ويؤسس سر القرابين الإلهية عليها ايضا (الرسالة الاولى الى اهل كورنثوس). كذلك يصدمه في جماعة كونثوس ان بعضا من المؤمنين لا يؤمنون بقيامة الأموات اذ يقول: "فاذا أعلن ان المسيح قام من بين الأموات، فكيف يقول بعضكم انه لا قيامة للأموات"... "وان كان المسيح لم يقم، فتبشيرنا باطل وايمانكم ايضا باطل".
هنا يذهلني ما سمعته مرارا من اشخاص قليلي الايمان قالوا لي ما مفاده اننا لا نعرف شيئا عن القيامة، من ذهب وعاد ليخبرنا؟ الآن اقول لهم: "ان واحدا ذهب واخبرنا وهو المسيح"، وشهادته كافية.
إيمان الشهداء بقيامة المخلص هي وحدها التي تفسر انهم ذهبوا الى الموت بهذه الشجاعة المذهلة، منها وحدها استمدوا قوتهم "قام المسيح فليس في القبور من ميت" قالها القديس يوحنا الذهبي الفم مع انه شاهد ناسا يموتون غير انه استبق القيامة الأخيرة ورأى ان الذين رقدوا بالمسيح ينتظرونه، فرآهم كأنهم نهضوا اليوم.
القيامة وحدها تجعلنا اقوياء في المحنة، في المرض، غالبين للخطيئة، متعزين عن موت الأحبة. نحن بفضلها نحتمل كل صعوبة ونصبر على الاوجاع صبرا مذهلا، وبسبب فرحنا الفصحي نسلّم بعضنا على بعض بقولنا: المسيح قام؛ وجواب الآخر: حقا قام. انا حزين لأن الكثيرين أهملوا هذه التحية، عودتها اجتماعيا الينا والى أفواهنا كشف لإيماننا امام الناس .
الإيمان يتطلب أن يتجاوز كل واحد عناده وانغلاقه على نفسه وتمسكه برأيه الخاص. لا شيء يقتل مثل الرأي الذي يتحجر به الإنسان ليرفض الآخرين. لا شيء أساسي فينا إلا الاعتقاد بأننا عابرون إلى الموت وإن كل واحد يُستغنى عنه في حياته ومماته وتبقى الأرض تدور حول الشمس والنبات ينبت والحيوان يعيش والإنسان يسمو.لا شيء أساسي مثل قبولنا الآخر بجراحه, بنقائصه, ببهائه وسقوطه معا. لا شيء مهم مثل اعترافنا بحقه في الاختلاف. لا شيء مهم مثل المحبة. إنها هي القيامة الدائمة. المحبة وحدها تمكننا من تناول الرب كلمة وجسدا ودما وإن نتناول الأخ في سره.
أن تحب هو أن تمد المسيح في نفسك وفي نفس الآخرين. وإذا يسوع دخل إليهم – وأبواب النفس مغلقة – فإنه يكسر هذه الأبواب ويقيم هناك بالروح القدس.
مساء الفصح يبدو السيد لتلاميذه مجتمعين ويلقي عليهم السلام "ولما قال هذا، اراهم يديه وجنبه". كان هذا ليتيقنوا ان الرؤية صحيحة وان ما رأوه ليس شبحًا. الاستنتاج المنطقي من هذا الظهور ان هذا الذي يشاهدونه الآن انما هو هو الذي عُلق على الخشبة. نحن امام واقعة الصلب التي شهد لها الإنجيليون الأربعة وتحدث عنها بولس في رسالته الاولى الى اهل كورنثوس حوالى عشر سنين بعد الحادثة اي كانت يقينا عند المسيحيين الذين تتلمذ عليهم الرسول.
عند هذا المشهد كان توما غائبا، عند عودته الى العلية التي كانوا فيها مجتمعين أخبره الرسل بالأمر فقال: "ان لم أعاين أثر المسامير في يديه واجعل اصبعي في موضع المسامير وأضع يدي في جنبه لا اؤمن". شك توما طبيعي ويدل على ان التلاميذ لم يكونوا مهووسين وان توما بخاصة لم يكن مهووسا ، التصديق السريع لم يكن عند أحد.يسوع نفسه لم يسعَ الى ان يصدقوه فورا، ولذلك "أراهم يديه وجنبه". فلما كان توما معهم في الأحد اللاحق، ظهر لهم الرب وقال لتوما "هات اصبعك الى ههنا وعاين يديّ، وهات يدك وضعها في جنبي"، هل تلمّس الرسول جسد الرب كما طلب اليه ان يفعل ام اكتفى بكلام يسوع ولم يجسّه، ليس هذا الأمر المهم. لعل السيد لما قال له: "لا تكن غير مؤمن" أراد ان يوحي اليه ان شهادة إخوته الرسل كافية. لعل هذا دعوة الينا ان نؤمن بما قالته الأجيال الاولى عن المعلم.
مهما يكن من أمر تبقى شهادة توما شهادة عظيمة، هناك ظهورات اخرى عديدة تتلى علينا كلها في انجيل السَحَر يوم الأحد لأن الكنيسة تريدنا ان نؤمن بناء على ما جاء في الكتب.ولهذا اعتمدت الأناجيل الأربعة فقط لأنها من التراث الرسولي.
تقف العقلية الشعبية عند توما شاكاً ولكن حقيقة توما الكاملة انه آمن من بعد شك.والحقيقة الأعمق انه الشاهد الأقوى على ان الذي ظهر له وللتلاميذ المرة الثانية هو نفسه الذي صلبوه، اذ كان من الممكن لولا توما ان يقال ان هذا الذي تراءى لهم عشية الفصح كان شبحا. ولكن بعد ان قال يسوع لتوما "هاتِ اصبعك الى ههنا وعاين يديّ وهاتِ يدك وضعها في جنبي" لم يبق مجال للشك ان هذا الذي ظهر بعد اسبوع هو نفسه الذي مات على الصليب اذ لا يزال يحمل آثار الصلب.
اجاب توما: "ربي وإلهي". كما هي واردة في الأصل اليوناني تعني انت الرب وانت الإله (لي) اي انه استعمل ال التعريف المطلقة. لا يمكن لغويا ان تعني انت رب من الأرباب وإله من الآلهة. هذا لم يكن معروفا عند اليهود، اي انت نفسك "يهوه" إله العهد القديم الذي كلَّم ابراهيم وموسى والأنبياء.
مما نقرأه في إنجيل اليوم وغيره ان القيامة هي الدعامة الوحيدة لإيماننا بيسوع. يؤسس بولس الرسول المعمودية على موت المسيح وقيامته (الرسالة الى اهل رومية) ويؤسس سر القرابين الإلهية عليها ايضا (الرسالة الاولى الى اهل كورنثوس). كذلك يصدمه في جماعة كونثوس ان بعضا من المؤمنين لا يؤمنون بقيامة الأموات اذ يقول: "فاذا أعلن ان المسيح قام من بين الأموات، فكيف يقول بعضكم انه لا قيامة للأموات"... "وان كان المسيح لم يقم، فتبشيرنا باطل وايمانكم ايضا باطل".
هنا يذهلني ما سمعته مرارا من اشخاص قليلي الايمان قالوا لي ما مفاده اننا لا نعرف شيئا عن القيامة، من ذهب وعاد ليخبرنا؟ الآن اقول لهم: "ان واحدا ذهب واخبرنا وهو المسيح"، وشهادته كافية.
إيمان الشهداء بقيامة المخلص هي وحدها التي تفسر انهم ذهبوا الى الموت بهذه الشجاعة المذهلة، منها وحدها استمدوا قوتهم "قام المسيح فليس في القبور من ميت" قالها القديس يوحنا الذهبي الفم مع انه شاهد ناسا يموتون غير انه استبق القيامة الأخيرة ورأى ان الذين رقدوا بالمسيح ينتظرونه، فرآهم كأنهم نهضوا اليوم.
القيامة وحدها تجعلنا اقوياء في المحنة، في المرض، غالبين للخطيئة، متعزين عن موت الأحبة. نحن بفضلها نحتمل كل صعوبة ونصبر على الاوجاع صبرا مذهلا، وبسبب فرحنا الفصحي نسلّم بعضنا على بعض بقولنا: المسيح قام؛ وجواب الآخر: حقا قام. انا حزين لأن الكثيرين أهملوا هذه التحية، عودتها اجتماعيا الينا والى أفواهنا كشف لإيماننا امام الناس .
الإيمان يتطلب أن يتجاوز كل واحد عناده وانغلاقه على نفسه وتمسكه برأيه الخاص. لا شيء يقتل مثل الرأي الذي يتحجر به الإنسان ليرفض الآخرين. لا شيء أساسي فينا إلا الاعتقاد بأننا عابرون إلى الموت وإن كل واحد يُستغنى عنه في حياته ومماته وتبقى الأرض تدور حول الشمس والنبات ينبت والحيوان يعيش والإنسان يسمو.لا شيء أساسي مثل قبولنا الآخر بجراحه, بنقائصه, ببهائه وسقوطه معا. لا شيء مهم مثل اعترافنا بحقه في الاختلاف. لا شيء مهم مثل المحبة. إنها هي القيامة الدائمة. المحبة وحدها تمكننا من تناول الرب كلمة وجسدا ودما وإن نتناول الأخ في سره.
أن تحب هو أن تمد المسيح في نفسك وفي نفس الآخرين. وإذا يسوع دخل إليهم – وأبواب النفس مغلقة – فإنه يكسر هذه الأبواب ويقيم هناك بالروح القدس.
Comment